📌 روايات متفرقة

رواية غريب يدور في طرف عينها حضن ووطن الفصل الثالث عشر 13

رواية غريب يدور في طرف عينها حضن ووطن الفصل الثالث عشر 13 بقلم شروق عبدالله

رواية غريب يدور في طرف عينها حضن ووطن pdf الفصل الثالث عشر 13 هى رواية من اجمل الروايات الرومانسية السعودية رواية غريب يدور في طرف عينها حضن ووطن pdf الفصل الثالث عشر 13 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية غريب يدور في طرف عينها حضن ووطن الفصل الثالث عشر 13 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية غريب يدور في طرف عينها حضن ووطن الفصل الثالث عشر 13
رواية غريب يدور في طرف عينها حضن ووطن الفصل الاول 1 بقلم شروق عبدالله

رواية غريب يدور في طرف عينها حضن ووطن الفصل الثالث عشر 13 بقلم شروق عبدالله


مسك راجح راسه يحس بالصداع: تذكرت! اعذرني يا ولدي ما أكلت حبة الضغط، عطني إياها يا بتّال
فزّ بتّال يجيب علاج أبوه و تقدم عناد يجلس بجنب راجح اللي التفت يناظره بابتسامه: وشلونك مع الدوام؟ ما رضيت يحطون العشاء لين تجي
هز راسه عناد بابتسامه يطمنه رغم شعوره بحرقة دواخله و تحشرج صوته و عبراته اللي تخنقه

نزلت تهاني على صوت أبوها العالي اللي يناديها والتفتت وتين تناظرهم بصمت
ونطقت حصة باستغراب: وش فيك يا حاتم!
حاتم بحدّه: نادوا لي تهاني
فاطمة تقدمت لزوجها بقلق: اهدأ وفهّمني وش صاير؟
حاتم ناظرها بغضب: وش صاير؟ اسألي بنتك اللي ما عرفنا نربيها
شهقت حصة وأنّبته: لا تقول عن بنتك كذا
هاجر ناظرتهم بقلق والتفتت لتهاني اللي طاحت دموعها تشوف نظرات الغضب من أبوها اللي تقدم يصفعها
وصرخت فاطمة تنزل لمستوى تهاني اللي اختل توازنها وطاحت
وتقدم حاتم بيضربها ومسكته حصة: ما تمد يدك على بنتي!
بكت تهاني والتفت حاتم لأمه: بنتك تتواصل مع زوجة شدّاد
فاطمة غمضت عيونها بتعب من فهمت إن تهاني ما زالت تلاحق عناد و حبها له
حاتم ناظر هاجر: بتعلموني كل شيء بالتفصيل
بكت تهاني ونفت بخوف وتقدم حاتم يضربها وابتعد يحس بيدين حصة تبعده عنها
ونطقت فاطمة: وش سويتي! وش سويتي يا تهاني
تهاني ببكاء: ما سويت
قاطعها حاتم يكرّر ضرباته لها: لا تكذبين
بكت تهاني بدون رد ونطقت حصة بقلّ صبر: وش صاير فهّموني!
حاتم ناظر تهاني بغضب: عطيني جوالك
نفت تهاني ببكاء وارتفع صوت حاتم: اعطيني اياه!
تهاني صرخت تدافع عن نفسها: ما سويت شيء غلط! كل اللي سويته إني علمت عناد الشيء اللي كلكم ما قدرتوا تعلمونه
دخل تميم وجنبه حنين اللي متسنده على العكّاز تناظرهم باستغراب من أصواتهم العالية
وعقدت حاجبها تشوف انهيار تهاني اللي كملت: علمته عن أمه و خالته اللي ماتوا بالحريق علمته عن علاقته بالتوأم اللي خبيتوها عنه! زوجتوه وتين وانتم تدرون انها تصير بنت خالته!
شهقت حصة بصدمه ولانت ملامح وتين تزامن مع دخول عناد اللي وقف مكانه من سمع انهيار تهاني
هاجر تقدمت تسحب تهاني من بينهم وصرخت تدفعها عنه: وخري! خليني أعلمهم ليش سويت كذا
و التفتت تهاني لأبوها: خليتنا نعامل عناد وكأنه غريب و يتيم ماله أهل وانتم مخبّين الحقيقه عنه!
التفتت حصة تناظر وقوف عناد وحنين ووتين اللي يناظرون بصدمه
وتين تقدمت من بينهم ووقفت قدام تهاني: وش قاعده تقولين؟
عناد نطق: وتين ناظريني
وتين ناظرته بذهول: كنت تدري!
سكت عناد و تقدم حاتم يضرب تهاني بعصبية مع محاولات فاطمة بإنها تبعده وتسحب تهاني اللي تبكي بألم ومشت معها مبتعده عنهم تحت نظرات حاتم و حصة اللي ما زالت تحت تأثير الصدمه
تراجعت حصة وناظرت عناد تفهم سبب تأخيره و ذبول ملامحه اللي انتبهت له من أول ما دخل
ونطقت: عناد وليدي
صدّ عناد وتقدمت وتين تناظره وتكرّر سؤالها: كنت تدري؟
اختل توازن حنين وطاحت دموعها تزامن مع سقوط عكّازها وفزّ تميم يسندها بخوف
وتين ناظرت الفراغ تستوعب الكلام اللي سمعته، وناظرها عناد بتعب وتقدم: وتين اسمعيني
تراجعت تبتعد عنه والتفتت تسرع بخطواتها تطلع من المكان
ومشى خلفها يناديها بتكرار يشوفها تطلع من المزرعة و تتجه لمزرعتهم
بنفس الوقت مسكت حصة راسها واختل توازنها وفزّت غالية تمسكها: يمه بسم الله عليك!
تنهد حاتم يشوف حالة أمه و يسمع صوت فاطمة العالي اللي تأنب تهاني، يوصله صوت بكاء تهاني و ترجّيها لأمها مثل بكاء حنين اللي سحبها تميم يسند راسها على كتفه وبكت بانهيار

فتحت باب المستودع ووقفت مكانها تشوف الفوضى اللي عاثت بالمكان بسبب تنبيش عناد بالصناديق
تقدمت بين الركام و بقايا الرماد ومسكت الصندوق تفرّغ اللي جواته بيدين مرتجفة
دخل عناد يشوفها تفرّغ كل الصناديق وتنثرها بالأرض وتناظرها بانهيار، تستوعب إنها بقايا أهلها، ويرتعش جسدها من فكرة إن بعضها كانت أغراض لأمها اللي تجهلها، تشم ريحتها بين الرماد وتتلمّس أشياءها بين أصابعها تحت نظرات عناد
نزّلت وتين راسها وبكت باستسلام وأسرع عناد بخطواته لها
ومسكها يلفها باتجاهه وصرخت وتين تدفعه: وخر! كنت تدري عن هذا كله
عناد ناظرها بقلّ حيله: توني دريت، اليوم دريت والله اليوم
بكت وتين تناظره بعدم استيعاب، كان ناوي يعلمها من يوم طاحت عينه بعينها بعد رجوعه من المقبرة لكن الظروف سبقته
تقدم يمسك يدينها يحس بارتجافها وشهقت وتين وغمضت عيونها بألم وسحبها يحضنها بكل قوته يسمعها تبكي بعلوّ صوتها
رفع نظراته للسقف يمنع نزول دموعه ويشدّها لحضنه كل ما اشتد بكاءها
تبكيها فكرة إنها تجهل ماضيها و تجهل أهلها، فكرة إنها فقدت أمها للمرة الثانية، أمها اللي ماتت بين ألسنة النيران وهي ما تدري، كيف كان حالها في آخر لحظاتها؟ آخر حضن لها؟ آخر كلمة و آخر نظرة منها؟
تبكيها فكرة إنها عاشت مع أوهام شدّاد اللي أخفى عنها الحقيقة
ناظرت المستودع تتذكر اشتعاله وهي وسطه، تتذكر منظر النار و حرارتها، ناظرت الصناديق اللي تحمل داخلها ذكريات أمها وانهارت تحس بثقل رجولها اللي ما تقوى تشيلها، ونزل عناد لمستواها يجلس معها على الأرض بدون ما يبعدها عن حضنه
تراجع من حس فيها تدفعه بعيد عنها وقامت تشيل الصناديق و ترميها على الأرض وينتثر الخشب حولها يتبعه صوت صرخاتها
التفتت تاخذ و ترمي كل شيء تطيح عينها عليه، وتسند عناد بتعب يناظر انهيارها اللي ما كان أقل من انهياره
وقف من طاحت وتين بتعب ومشى لها يمسك يدينها يحس بحرارتها لأول مره وهو اللي اعتاد برودتها، يحس باجتماع نارها مع ناره
عناد مسك فكّها و نطق: وتين، ناظريني
رفعت نظراتها له تزامن مع انهمار دموعها اللي مسحها بطرف اصبعه، وكمّل: قلت لك إني غريب و عيونك لي وطن؟ ما عدت أنا الغريب يا بنت سلطان هذا أنا لقيت أهلي، و لقيتك
بكت وتين تأشر على الصناديق: أمي كانت هنا، بقايا أمي كانت قريبة مني طول الوقت وما كنت أدري، رتبت الصناديق بيديني، شفتها كل صبح وما كنت أدري
سكتت من حست باختناق أنفاسها وتأوهت بتعب وبكاء
مرّ شريط ذكرياتها و طفولتها و مراهقتها مع اختها، عاشوا سنين عمرهم يتمنون وجود أم و أب بحياتهم و أخ يسندهم
وكبرت وتين عشرين عام بعد ما قتل شدّاد أمنيتها و حرمها منها و صارت تجهل معنى الأهل و السند
الأهل اللي شافتهم في راجح و حصة و السند اللي شافته في عناد
وتين ضربت صدرها بتكرار: ما كنت أدري طول هالوقت وانت كنت موجود حولي
مسك يدينها يسحبها لحضنه: ما فاتنا شيء، ما زلتِ بنت خالتي قبل تصيرين زوجتي
وتين نفت بين دموعها: فاتنا كثير يا عناد فاتنا كثير
فاتها عُمر كامل، عشرين ربيع وعشرين صيف و عشرين شتاء و خريف
نفى عناد: ما فاتني شيء، طول عمري وأنا ميت قلبي وما عشت إلا يوم ضخيتي الدم في وتيني
يعلمها إنه نسى حياته قبل يعرفها، يعلمها إنها ما بدأ يعيش ويشوف الحياة إلا معها
وتين ناظرته بصمت ثواني ونطقت: علمني كل شيء عن الحريق وعن أمي

بنفس الوقت دخلت حصة بيت الشعر بقلق: راجح!
راجح رفع نظراته لها يشوف حاتم اللي دخل يحاول يمنع أمه اللي نطقت تكمل كلامها: عناد عرف عن كل شيء!
راجح عقد حاجبه: عرف عن وش؟
حصة ارتفع حسّها: عن الحريق يا راجح! عن التوأم
راجح فزّ بخوف: يدري عن كل شيء؟ التوأم؟
التفت بتّال باستغراب يشوف حالة أبوه الغريبة
و هزت راسها حصة بالإيجاب تشوف راجح يقوم على حيله ومشى يردّد: حريق، حريق
حاتم مشى خلفه: يبه وين بتروح؟
راجح بدون وعي: المزرعة تحترق، عناد داخلها
حاتم ناظر باتجاه المزرعة والتفت لأبوه يفهم إن الورم بعقله ينسج له ذكريات اندفنت تحت الرماد، لكن راجح ما زال يعيشها وكأنها صارت اليوم
يردّد وهو يمشي باتجاه المزرعة: حريق، عناد لا يجيه شيء
حاتم: يبه عناد مافيه إلا العافية ومافيه حريق حولنا
ارتفع صوت راجح من وصل لباب المزرعة: عناد!
طلع عناد من المستودع يشوف راجح اللي يناظر حوله برعب ويناديه
عناد اسرع بخطواته باتجاهه: أنا هنا يبه! أنا هنا اهدأ
راجح مد يدينه يسحب عناد لحضنه: اطلع عن النار يا وليدي
دمعت عيون وتين اللي ناظرت حالة راجح و فقدانه الواضح للإدراك بسبب الضغط على عقله الضعيف
حاتم مسك ذراع راجح: يبه انت تعبان، خلنا نرجع
نفى راجح: ماني طالع من هنا إلا وعناد معي
عناد بلع ريقه يمسك راس راجح ويبوسه وغمض عيونه يبلّل دمعه شماغ أبوه وتراجع وصدّ يمسح دموعه تحت نظرات وتين اللي تقدمت تمسك يد عناد بهمس: خلنا نطلع من هنا
مشى عناد يشد على يد وتين ويمسك ذراع أبوه بيده الثانية
والتفت راجح يناظر ندوب الحروق بذراع عناد: انحرقت!
نفى عناد: حروق قديمه يا يبه
راجح بقلق: توجعك؟
سكت عناد ومسك راجح راسه يحس بالصداع
ونطق حاتم بضيق: لا تفكر وتتكلم واجد وتتعب راسك اهدأ يبه تكفى
وقفت حصة عند باب المزرعة تنتظرهم بقلق وفزّت من لمحت عناد ومشت باتجاهه: وليدي
عناد مد ذراعه يستقبل حضنها ويطمنها بدون رد رغم إن الكلام يملأ صدره والعتاب واضح بعيونه لكنه يمتنع عن الكلام لأجل أبوه اللي يقاوم تعبه، و لأجل وتين اللي ما زال يلمس رجفتها بين يدينه

وقفت وجد عند باب غرفة التوأم وتسندت تناظر حنين اللي غفت بتعب بعد ما انهكت نفسها بالبكاء، وجنبها تميم اللي يمسح على جبينها بهدوء يناظر آثار الدموع على رمشها و عُقدة حواجبها
وجد تقدمت بهدوء وهمست بضيق: ما يستاهلون اللي يصير معهم
تميم بتنهيده: كيف يخبون هالشيء عنهم! ماني مستوعب
وجد: العتب على خالهم اللي رباهم و عاشوا عنده طول هالسنين وما يعلمهم عن أمهم واللي صار لها!
تميم ناظر حنين اللي تحركت بانزعاج ومسك يدها يطمنها، يحسسها بوجوده جنبها رغم إنها ماهي بوعيها لكنه يهمس لها بـ"أنا هنا، أنا جنبك"
نزل لمستواها يثبت خده على طرف السرير بدون ما يبعد عيونه عنها ولا يترك يدينها، ما يدري كم مرّ من الوقت وهو يتأملها
يتذكر انهيارها بحضنه و صوت بكاءها بعد ما اكتشفت الحقيقة المُرة، يتذكر كلماتها اللي ردّدتها "أمي يا تميم أمي"
أمها اللي كرهتها طول عمرها و عاشت على أوهام شدّاد اللي أوهمهم إنها تركتهم بينما هي ضحّت بحياتها عشانهم بوسط النار
قطع عليه أفكاره صوت وجد: تميم، وتين جت
قام بهدوء بعد ما لحّف حنين ومشى مع وجد يطلع من الغرفة يترك مجال لوتين اللي دخلت تدل دربها لتوأمها
شالت عبايتها تتركها تطيح على الأرض ومشت بثقل خطواتها و جلست على طرف السرير، نزلت لمستوى حنين تحط راسها على صدرها ودفنت نفسها بحضنها بتعب، غمضت عيونها تتناسى كل شيء وترمي حزنها و ثقلها بحضن اختها النايمة
ناظرتهم وجد بقلّ حيلة وتنهدت تسكر الباب بهدوء ومشت للصالة تسمع صوت الهدوء، ناظرت حولها تشوف الفراغ وعرفت إنهم في مكتب راجح من وصلتها أصواتهم
غيرت طريقها للمطبخ ودخلت تشوف تميم ومشاري جالسين على الطاولة بهدوء والتفتت تناظر الإبريق على النار
وجد رفعت حاجبها: شاهي؟
مشاري هز راسه: ساده مثل ما يحبه عناد
وجد تسندت على الجدار بتنهيده: ظنكم بيشتهي يشربه بهالحاله؟
تميم ثبت راسه على الطاولة بتعب وتأفف مشاري يناظر الإبريق بدون رد

بتّال عقد حاجبه: كيف ذا النكره يصير خالك! ماهو خالك ويخسي يربطك به دم
راجح قاطعه بتعب: بتّال خلاص وأنا أبوك
بتّال نفى: إذا اصبح الصبح نروح للمحكمه ونطلب إثبات قرابة! هو حتى ما عنده خوات
حاتم: أم عناد و أم وتين اخواته من أب ثاني
بتّال قاطعه والتفت لعناد: لا يهمك كلامهم!
حصة التفتت لعناد اللي من دخلوا وهو على نفس وضعه، شارد و يمتنع عن الكلام، يسرق نظره لراجح ثواني ويصدّ بشرود
ما زال الفضول يملأ صدره، والاسئلة تفيض بعقله بدون ما ينطقها
"ليش؟ و كيف؟ و متى"
حصة نطقت بضيق: لا تسكت يا وليدي، تكلم قول أي شيء لا تعور لي قلبي
عناد نطق بعد صمت: ودي اتكلم مع أبوي راجح لوحدنا
و رفع نظراته لحصة يكمل: ارتاحي يمه لا تشيلين همي
تقدمت حصة تجلس بجنبه ومسكت يدينه: قبل اطلع ابيك تعرف شيء واحد يشهد الله إني ما قصدت أخبي عنك! ما قويت أعلمك لا أنا ولا راجح
ناظرها عناد بصمت، وتقدم بتّال لحصة يمسك ذراعها ومشى معها يطلعون من المكتب يلبّون طلب عناد
وتقدم حاتم يهمس لعناد: أبوي تجيه نوبات ينسى و يتشتت عقله مع الضغط والتوتر، لا تضغطه أكثر
هز راسه عناد بهدوء و طلع حاتم من المكتب يقفل الباب خلفه
و التفت راجح لعناد بصمت، ما زال يحس بالشتات و الصداع ينهش راسه، يدرك إنه بدأ ينسى و تفوته بعض التفاصيل، يدري إن الورم ياكل من عقله و ذاكرته لكنه مازال يتذكر الحقيقة
يتذكر جلوسه بجنب سرير عناد بعد ما طلّعه من وسط النار، يتذكر أول كلمة نطق فيها عناد بعد سنين من الصمت واللي كانت "يبه"
عناد نطق يقطع حبل أفكاره: يبه
ناظره راجح، وكمّل عناد: من متى وانت تعرف؟
راجح سكت ثواني يجمع كلماته اللي تهرّب منها كثير
ونطق يجاوبه: في اليوم اللي عزمت فيه شدّاد عندي سألت عنه و دريت إنه خالك
عناد بضياع: وشداد يدري عني؟ كيف ما دوّر علي طول هالسنين؟ كيف أخذ البنات من الحريق؟
سكت راجح، ومسح عناد على صدره من حس باختناقه: وأمي؟ و خالتي؟ كان معهم في المزرعة؟
راجح عقد حاجبه من حس بصداعه: شدّاد مافيه خير لبنات اخته ظنك بيصير فيه خير لولد اخته؟ من يوم دريت عن معاملته للبنات وافقت على زواجك عشان أبعده عنهم
سكت عناد وكمّل راجح: عرفت أبوك سيف و سلطان سنين طويلة وما عمرهم جابوا طاري شدّاد، عقب الحادث ووفاة سيف و سلطان نقلوا أمك واختها بالمزرعة وكل اللي أعرفه إن لهم أخو من أب ثاني وبينهم مشاكل
نزل عناد راسه يلمّه بين يدينه بعدم استيعاب يسمع راجح يسرد له الحقيقة كاملة
راجح بضيق: عاشوا وقت طويل بالمزرعة لين الله أراد وشبّت النار، ركضت وقتها للمزرعة وما سمعت فيها صوت غير صوتك وانت تنادي، وعقب ما شلتك للمستشفى ما عاد سمعت طاري عن أحد ثاني، كل اللي كنت أعرفه إن عايشة و جميلة ماتوا وتصرّف بجثثهم فاعل خير
عناد باستهزاء: فاعل الخير شدّاد، دفنهم بنفسه وضيّع قبورهم
عقد راجح حاجبه و مسك راسه يحس بالصداع يزيد
وفزّ عناد من سمع أبوه يتأوه بألم: يبه
رفع راجح راسه يحس بيدين عناد حول كتفه: ما كان ودي تدري عن الموضوع، ما كنت أبيك تعرف إن بينك و بين الكلب شدّاد علاقة
نفى عناد: لا تفكر بالموضوع وتتعب نفسك، ارتاح
قام عناد بيطلع ونطق راجح يناديه: عناد
التفت له عناد، وكمّل راجح: مهما صار ما فيه شيء يغير حقيقة إنك ثالث عيالي، ولو جاء يوم و نسيت ذكّرني
انقبض قلب عناد وبلع ريقه، تقدم لراجح يبوس راسه بدون رد
وابتسم راجح بخفوت: أبو السيف وولد عايشة

بنفس الوقت همست حصة: بنات جميلة
وتين اللي مسحت على راس حنين والتفتت لحصة اللي تسولف لها عن أمها، بعد ما تخيلتها سنين طويلة ودوّرتها بالمرايا بين ملامحها، بين أحلامها و خيالاتها، اليوم عرفت إن أمها جميلة، على اسمها، تشبهها وماخذه منها لون عيونها و شامة خد حنين
حصة ابتسمت: كانت هادية مثل هدوء حنين و قوية مثل قوتك، أخذها سلطان بعناد مثل ما أخذك عناد، اتذكر جيّتهم للمزرعة وكأنها أمس! كانت مفجوعة بموت سلطان وحامل فيكم في أخر شهر و ملامح الحزن واضحه عليها و على اختها عايشة
حنين اللي كانت تسمعها من البداية: عايشة خالتي؟
حصة ناظرتها تشوف النعاس بعيونها: ايه خالتك، أم عناد
وتين عقدت حاجبها: مات أبوي مع أبو عناد بحادث واحد؟
هزت راسها حصة: وماتت أمك مع خالتك في ليلة وحدة، راحوا للي أرحم منا
طال وقتهم مع حصة وحنّيتها اللي يلمسونها من كلماتها و مواساتها لهم، تشد على يد وتين وتمسح على راس حنين بكل رقّه وهدوء، كانت الملجأ لهم وسط كل هالعواصف و كانت لهم الدفء بعد الصقيع و الملاذ الآمن بعد الخوف
أما عند عناد اللي طلع من مكتب راجح ومشى بشرود
التفت لجهة غرفة التوأم يلمح نورها الخافت يدري إنها ما نامت، وقف ثواني يتحرّاها تطلع له والتفت من وصله صوت الرساله من تميم وابتسم بخفوت من قرأ محتواها ومشى يدل طريقه لدكّة العيال اللي اجتمعوا فيها تتوسطهم شبة النار و إبريق الشاهي
أخذ بتّال من النعناع يحطه في كوبه بتنهيده: يا طول هالليلة ما طاعت تخلص
التفت مشاري من وصلهم صوت عناد ورحّب: أبو السيف، تعال لا يبرد الشاهي
مشى عناد يجلس معهم ياخذ كوبه من يدين مشاري
بتّال التفت يناظره: اسمعني، شدّاد ماهو خالك
قاطعه تميم بصوت عالي: خلاص! ارحمنا
بتّال ناظره بحده: اسكت انت! تحسبني بمشّي الموضوع بسهوله؟ الحرامي ذاك ما يربطه بنا شيء وعناد أخوي وما لنا خوال غير اخوان أمي
عناد ابتسم يشرب الشاهي بدون رد ويسمع انفعال بتّال وغضبه اللي ما زال ولا راح يزول
بتّال سكت ثواني ونطق: اعرف محامي ممتاز، بعطيك رقمه و تكلم معه عن القضية وموضوع الورث اللي سرقه و كذباته على البنات
عناد مدّ يده ياخذ من النعناع يحطه في كوبه بدون رد
ناظروه العيال ينتظرون ردّه، ونطق بتال: بتكلم المحامي ولا أكلمه؟
عناد رفع نظراته للنار: قضيتي مع شدّاد ماهي ورث وفلوس، قضيتي معه قضية غُربة، أوهام و حرمان، قضيتي معه نار ما طفت
تميم بضيق: و قضية البنات معه أصعب، كذب عليهم بحقيقة موت أمهم بحريق الله أعلم وش أسبابه
صدّ عناد ورفع راسه للسماء يناظر لمعة نجومها بصمت
و وصلهم صوت وجد العالي: أمي حصوص تناديكم للعشاء

ناظرت وتين طاولة الطعام والتفتت لحصة اللي نطقت تجمعهم حول الطاولة: يالله لا يبرد الأكل
تأملتها وتين بصمت، كانت تغمرهم باهتمامها وحرصها، تقرّب صحون الأكل لهم، تملأ صحن حنين و تحرص إنها تذوق من كل صنف
حصة التفتت لهاجر اللي مشت باتجاههم: وينها أختك!
فاطمة ببرود: لا تشوفها عيني، صحنها يروح لغرفتها
هاجر سكتت تحط لتهاني من الأكل والتفتت حصة لوتين
حصة: وتين ليش ما تاكلين؟
صحت من شرودها وناظرتها: باكل يمه
و التفتت وتين تشوف راجح يطلع من المكتب مع حاتم وراقبتهم يطلعون باتجاه بيت الشعر عند العيال اللي التمّوا حول السفره
حنين قربت لوتين بهمس: ابغى ارجع للغرفة، فيني لُوعة
وتين ناظرتها بقلق: لازم تاكلين
حنين نفت تحس باختناق صوتها: ما اشتهي شيء، تكفين
وتين ناظرتها ثواني وقامت تاخذ عكّازها تجذب أنظارهم لها
ونطقت حصة: ما اكلتوا شيء
عضت حنين شفايفها بدون رد، وتنهدت غالية تناظر حالهم
ونطقت: بحط لكم الأكل بالثلاجة
فزّت وجد من شافت حنين تحاول تقوم وساعدتها وتين تمشي معها لغرفتهم
عقدت حنين حاجبها من حست بألم برجلها و انسدحت بتنهيده ورفعت راسها للسقف تاخذ نفس، دمعت عيونها من حسّت بعجزها، تحس إنها مكسورة جناح، مكسورة قلب و روح
وجد جلست جنبها: تبين مسكن؟
هزت راسها حنين بالإيجاب تحت نظرات توأمها، بلعت وتين ريقها وصدّت تطلع من الغرفة بهدوء
مشت باتجاه مكتب راجح اللي تدري إنه فارغ، ناظرت خلفها تسمع أصواتهم في الصالة والتفتت تدخل المكتب ومشت تدل طريقها لدروجه، تذكر مكان سلاحه وتحفظه من بعد آخر مره لمست يدينها السلاح
فتحت الدرج وطاحت عينها على السلاح وسطه، ناظرت خلفها ثواني والتفتت تاخذ السلاح تتلمّسه بين يدينها، حاولت تفتحه بعدم خبره تنوي تعبّيه بالرصاص غافله عن اللي دخل يناظرها بصمت
تقدم بهدوء وجمدت يدينها من وصلتها ريحة عطره وغمضت عيونها تاخذ نفس
ونطقت بتنهيده: عناد
عناد تقدم يحط ذقنه على كتفها: اسحبيه يمين، ينفتح المخزن
سكتت تحس بقربه لها، والتفتت له: ما عرفت
مسك السلاح بين يدينها بدون ما يبعد ذقنه عن كتفها، فتحه ببراعه يملأه بالرصاص تحت نظرات وتين
أخذت السلاح والتفتت تحاول تبتعد ومسكها يمنعها: ما عبّيته عشان تاخذينه
وتين نفت: أخذته قبلك
عناد مسك السلاح يحاول ياخذه وشدّت عليه وتين تمنعه
ونطق ما يبعد عينه عنها: كررتيها، وأخذتيه من وراء ظهري
وتين هزت راسها بالايجاب: هالمرة بنثرها على راسه ومحد بيوقفني
مسك السلاح يوجّهه على صدره: انثريه هنا قبل تسوينها
وتين بقلّ صبر: وخر عناد
نفى بعناد: اتركيه أول
وتين امتلت عيونها بدموعها وناظرته بقهر: مالك حق تمنعني بعد اليوم، كذب شدّاد علينا وكذبتوا علي كلكم، و خبّيت عني
قاطعها: ما دريت إلا اليوم
وتين رصت على أسنانها: وخر
تقدم يعدم المسافه بينهم ونزل لمستوى اذنها: بنروح له مع بعض، بنروح له بس السلاح يرجع مكانه
طاحت دموعها وناظر عيونها يضعفه حزنها ويوجعه، مد يده يتلمّس أسفل عيونها بأصابعه ومسح دموعها
ونطق: ما تنام عيني الليلة قبل أشوف لمعة العسل وهي تعوّد لعيونك، يحرم علي النوم قبل أشوفك تضحكين
نزّلت راسها بتعب وبكت تترك السلاح يطيح من يدها وحضنها يمسح على ظهرها بتنهيده، يدري بضياعها و يضيع معها، يدري بقهرها و ينقهر معها، يدري بكل شعورها لأنه يعيشه معها
غمضت حنين عيونها تحاول تهرب من كل شيء حولها بالنوم
سمعت صوت الباب اللي تقفل تدري إن وجد طلعت
تحركت تناظر حولها، والتفتت لجوالها وأخذته تناظر محادثة تميم اللي ما وقف يرسل لها، يتطمن عليها كل دقيقة، يعلمها إنها ما غادرت تفكيره وسط الضجة والانشغال، ما تهنّى بلقمته ولا هدأ له بال
فز من وصله ردّها "بخير"
تميم وقف يطلع من بيت الشعر وهو يكتب لها "بشوفك"
حنين عدّلت جلستها تناظر جبيرتها، ورفعت نظراتها لباب الغرفة
وكتبت له "بروح الاسطبل"
قامت تاخذ عكّازها و مشت بصعوبة ووقفت قدام التسريحه تطرد ملامح التعب عنها، أخذت عبايتها ومشت تفتح الباب ووسعت عيونها من لمحت وقوف تميم نهاية الممر ينتظرها
التفت وطاحت عينه عليها، ونطقت حنين: قلت لك الاسطبل
نفى يمسك ذراعها ويسندها: هذاك أول، الحين دروبي تاخذني لك انتِ مو للاسطبل
حنين ناظرت حولها باحراج ما ودّها أحد يشوفها معه
ناظرها تميم يفهم احراجها: محد حولنا، يتعشون
مسك يدها يمشي معها للاسطبل ورفعت راسها تحس بنسيم الهواء البارد
سحبها يجلّسها على عتبة الاسطبل وجلس قدامها يمد رجلها باتجاهه
أبعدت حنين رجلها باحراج ومسكها يمنعها: خليك
تسندت تناظره يمرّر يده على جبيرتها و سأل: توجعك؟
حنين ناظرت رجلها: شوي
عض شفايفه وناظرته حنين ونطقت من فهمت إنه يحس بتأنيب الضمير: بتطيب، أخذت مسكن
تميم هز راسه: لازم نراجع المستشفى عشان يشوفون التئام الكسر ونبدأ علاج طبيعي
حنين ناظرته بدون رد، كان يسولف لها عن كل شيء إلا اللي صار اليوم، يرتّب شتاتها بلمساته، يخفّف روعتها بكلماته
تأملت حنين جلوسه قدامها وابتسمت بخفوت تسمعه يسولف لها، التفتوا من وصلهم صوت السيارة
وعقدت حنين حاجبها تشوف سيارة عناد تغادر المزرعة
ونطق تميم: وين بيروح بهالليل؟
حنين بقلق: معه وتين!
تميم تنهد ياخذ جواله: والله كنت داري! ماني مرتاح لهدوءه
حنين ناظرته يحاول يتصل على عناد وتأفف من وصله عدم الرد

بنفس الوقت تأففت فريدة تترك جوالها: تهاني ما ترد
شدّاد سكت وقام يمشي باتجاه مكتبه ومشت خلفه فريده تكمل: حتى يوم علمناهم الحقيقة ما فاد شيء
شدّاد دخل المكتب يجلس على كرسيه بصعوبه وعقد حاجبه يناظر رجله بغضب: فريده اسكتي
فريده ناظرته بقهر: اذا تظن حرّتي على بنتي بردت بعد هذا كله فأنت غلطان شدّاد! ما يبرد حرتي الا شوفة وتين تخسر كل شيء وتبكي قدامي
شدّاد احمرت عيونه و رفع نظراته لها: الورث و أخذناه، عيشه و حرمانهم، حلم و حرقناه، وش نسوي أكثر؟
فريدة سكتت ثواني و نطقت: عناد يطلقها
صد شدّاد بتفكير، يتذكر غضب عناد وقت معرفته بالحقيقة، يتذكر وقوفه قدامه بصورة أمه و خالته
ونطق: يدري إنها بنت خالته، بيتركها بهالسهوله؟
فريدة شدت على يدها بقهر والتفتت تناظر الفراغ، ثواني وطلعت من المكتب تترك شدّاد غارق بأفكاره، ناظر الشاش على رجله
ما زال يحس بعجزه ويعد الأيام عشان يوقف على حيله و يواجه عناد ووتين بنفسه، يدري إن وتين ما تستسلم ولا توقفها حقيقة موت أمها وسط النار
مرّت دقايق طويلة غارق فيها وسط شرور أفكاره وحقد قلبه
التفت من وصله الصوت عند الباب وعقد حاجبه: فريدة؟
ما وصله رد و قام يعرج باتجاه الباب وطاحت عينه على كومة الصور اللي طايحه تحته، نزل لمستواها وأخذها باستغراب
جمدت ملامحه من تعرّف على الأشخاص اللي بالصور، يعرفهم تمام المعرفة رغم تشوّه الصور بالرماد وبقايا الحريق
رفع نظراته للباب من استوعب وجود شخص غيره بالمكان يدري إن فريدة راحت تنام
تقدم يفتح الباب ووقف بصدمه يشوف الصناديق المتراكمه تسد عليه طريق الخروج، نقل نظراته بينهم كانت الأغراض شبه محترقه، كتب و جرايد و خشب وحطام، ووتين
رفع نظراته يشوفها واقفه خلف الصناديق اللي تفصله بينه وبينها
شدّاد: وتين! كيف دخلتي
وتين رفعت المفتاح باستهزاء: بيت خالي و أدلّه
شدّاد تقدم يرفس الصندوق برجله السليمه يبعده عن طريقه
يحاول يوصل لوتين اللي رفعت الولاعه بيدها
وقف مكانه يناظرها بصدمه، ونطقت وتين: عرفت هالصناديق لمين ولا أعلمك؟
ناظرها يفهم إنها تهدده، تقرّب الولاعه لمحتوى الصناديق ويراقبها بحذر
ونطق: اتركي الولاعه
نفت وتين تناظر الصناديق: ما عاد أحتاجها، نبشت فيها الليل كله وما لقيت ريحة وحدة لأمي، بحرقها
شدّاد أشر لها بتهديد: وتين
قاطعته وتين بقهر: ترجيتك يا شدّاد، بكيت قدامك تاخذني لأمي تذكر وش قلت؟ قلت لي أمك رمتك عندي و راحت تعيش حياتها
رفع شدّاد نظراته لعناد اللي مشى باتجاههم شايل آخر صندوق
تركه على الأرض ونفض يده تحت نظرات الغضب من شداد اللي تقدم يحاول يرمي الصناديق عن طريقه المسدود
وصرخت وتين تكمل كلامها: أمي ماتت وما تركت خلفها إلا رماد، رماد يا حقير! خليتني أعيش وانا اخاف من طاري أمي واشتاقها! خليتني أعيش أدورها في مراياتي وأحلامي ما دريت إني فقدتها للأبد
ناظرها عناد بصمت يشوف انفجارها بوجه شدّاد ومسك كتفها يذكّرها بخطتهم وهمس: الولاعه
تقدم شداد يبعد الصناديق بنفس اللحظة ولّعت وتين في الجرايد برجفه وتراجعت مع عناد تراقب انتشار النار
وصرخ شدّاد بجنون: وتين!
ناظره عناد ببرود: لا تخاف ما راح تموت، بس جرّب تعيش الشعور اللي أخفيته عنهم
صدت وتين ومشت تعطي ظهرها لشدّاد اللي يناديها و ينادي عناد بصوت عالي، رفس الصناديق المشتعله وتراجع يحس بالحرارة واختل توازنه و طاح على الأرض يناظر النار اللي اشتعلت قدام باب المكتب تمنعه يهرب منه، كان يدري إن وتين ما يوقفها شيء لكنه ما توقع إنها تواجهه بهالسرعه، ناظر الصور المنتثره على الأرض تحمل بين أوراقها ملامح أخواته، عايشة و جميلة اللي لفظوا آخر أنفاسهم وسط الدخان، تراجع يدخل المكتب يبتعد عن النار ويفتح الشباك
و رفع صوته ينادي: فريدة!
بنفس الوقت نفضت وتين يدها تتجه لمخرج البيت بجنبها عناد اللي طلع سيجارته يحطها بين شفايفه بدون ما يشعلها
التفت لها: هاتي الولاعه
وتين نفت: دق على الدفاع المدني
تقدم يقرب لها يأشر على السيجاره: ولّعتي في مصنع كامل، ولّعتي في مكتب شدّاد، صعب عليك تولّعين زقاره؟
وتين تقدمت تأشر على صدره: ما تولّع جوا صدرك وأنا فيه، طلّعني منه أول
ابتسم يناظرها بذهول من ردّها، شال السيجاره وطلّع جواله بدون ما يفصل نظراتهم و دق يرفع الجوال لإذنه
نطق من وصله الرد: عليكم السلام، بيت خالي يحترق
كتمت ضحكتها من كلمة "خالي" وصدّت وقفل عناد المكالمه
وناظرها: خمس دقايق ويجون
مشت وتين باتجاه السياره: خمس دقايق يعني ما يمديه ينلسع من النار
عناد ركب بجنبها يناظر جواله: بس يمدينا نسمع مخاوي الليل وهو يقول ما تدري انك بنار الحب كاويني، ما تدري انه عليك الشوق غنّيته
ابتسمت تسمع صوت الأغنية يصدح بسيارته والتفتت تسمعه يدندن مع كلماتها، تأملته ثواني تستوعب فكرة إنه منها و فيها، تشوف فيه أهلها وعائلتها بعد ما كانت حنين عائلتها الوحيدة، اليوم تحس عائلتها تكبر و يقوى ترابطها رغم الشتات والضياع
نزّلت نظراتها ليدينهم المتشابكه ولمعت عيونها اللي لاحظها عناد وابتسم برضى يتأمل لمعة العسل اللي يحبها
ثواني و التفتوا لصوت الدفاع المدني اللي صدح بالحي بصوته العالي
ونطقت وتين بتنهيده: فكرة السلاح كانت أحلى
ضحك عناد و قرّب منها يردد كلمات الأغنية: ما تدري انه عليك الود طاويني، و ما تدري إني عليك الليل ما أمسيته؟
ضحكت وتين وحرّك عناد سيارته يبتعد عن بيت شدّاد براحه بعد ما تأكد من وصول الدفاع المدني بالوقت المناسب
لف الدركسون يتجه لطريق المزرعة غافل عن جواله اللي يدق بإسم تميم
تأفف تميم: ما يرد
التفتت وجد لحنين: دقي على وتين
حنين نفت: ما ترد
تسند مشاري على سياج الاسطبل: وين راحوا! عناد ما عنده دوام بكره جمعه
بتّال بتفكير: يمكن لقوا حل أو تواصلوا مع محامي
قاطعه مشاري: محامي بهالليل؟ عناد ما طلع هالوقت إلا عشان شيئين، يا يعزف يا يحرق
بتّال عقد حاجبه: وش يحرق وهو بالاطفاء؟
تميم باستهزاء: لا هو كذا عنده وظيفتين، في النهار يطفي وفي الليل يحرق
ضحكت حنين بخفوت والتفت تميم بذهول من سمع ضحكتها
تميم ابتسم يناظرها: اعجبتك؟
ابتسمت حنين وصدّت، والتفتوا من انفتحت بوابة المزرعة يشوفون سيارة عناد وتنهدت حنين براحه ومشى بتّال باتجاه السياره يشوف عناد ينزل مع وتين
عقد عناد حاجبه يشوفهم مجتمعين عند الاسطبل: وش فيكم!
تميم ناظره ثواني ونفى: ولا شيء، انتم بخير؟
هز راسه عناد بالإيجاب والتفت لوتين اللي مشت باتجاه حنين وفتحت ذراعها تحضنها بصمت
حنين همست: ريحتك حطب، وش سويتي؟
وتين ابتسمت بهمس: ولا شيء، طفيت نارنا

وقفت فريدة بذهول تناظر مكان الصناديق المحترقه والتفتت لصوت الباب اللي قفله شدّاد بعد ما راحوا الدفاع المدني
فريدة: ليش خليتهم يروحون! ليش ما بلّغت على وتين و عناد!
مشى يعرج وعقد حاجبه بغضب وجلس يناظر الصور على الأرض
وصرخت فريدة بجنون: كنت بتموت! ولّعوا بالمكتب وانت داخله وقدام عينك! ما خافوا من شيء لأنك ساكت لهم!
شدّاد ناظرها: مين قال لك إني بسكت لهم؟
فريدة: واللي قاعد تسويه وش؟
شدّاد نزل نظراته لرجله والشاش اللي تلطّخ بالدم بسبب جرحه
وهز راسه: قاعد أخذ وقتي
فريدة جلست بتعب: إلى متى؟
شدّاد بهدوء: لين تبرد حرّتهم وتطيب جروحهم
ناظرته فريدة بترقّب: وبعدها؟
شدّاد: نفتح جرح جديد

تنهدت من حطت راسها على الوسادة بعد يومها المُتعب
غمضت عيونها تفكر بكل اللي عاشته الليلة، ليلة وحدة وكأنها عن عشرين عام، عشرين جرح، التهب و نزف وانتشر ألمه مثل انتشار النار في الهشيم، تحس بالتصدّع في كل جسدها والحرارة تطفح من جوفها ولا كأنها ترجف من صقيع الجو و بلَل راسها
التفتت من حست بجلوسه جنبها على السرير وعدّلت جلستها تتسند على ظهرها تشوفه ينفض البلَل عن شعره بعد ما أنهى استحمامه
التفت بجسده لها واقترب يشوفها شارده، نزل لمستواها وابتسم يترك قطرات المويه تطيح على وجهها من شعره
ابتسمت تمسح المويه عن خدها، ونطق عناد: عشان تصحصحين
ناظرته قريب منها تنقل نظراتها بين ملامحه، رسمة حاجبه، لمعة عيونه، غمازة خده، ومدت يدها تمرّرها على طرف فكّه
وتين: فيك مني، كيف ما لاحظتك؟
عناد اللي ما زال منحني بجسده يسند يدينه حولها: ما لاحظتي انعكاسك في عيني؟ تشرّبتك مثل شرب النعناع و زرعتك في جوفي ما شميتي ربيعك؟
لمعت عيونها بدموعها تناظره بصمت، وكمّل: اعتادت يديني الزقاير قبل أمسك يدينك، طفيت نيران و اشعلتي فيني نار ما تطفي ولا ودي تطفي
طاحت دموعها ونزل لها يعدم المسافة ويبوس عيونها يمنع دمعها بطريقته…

-
اكتفينا صقيع؟
طاحت دموعها ونزل لها يعدم المسافة ويبوس عيونها يمنع دمعها بطريقته
وناظرها يسرد لها شعوره: أصعب ليلة عشتها، بكت عيني وأنا اتلوّى عند قبر ماهو لأمي، بكيت أمي و بكيتك وأنا اتحسّر على عشرين عام مضت ما عرفتك فيها
سكت ثواني يرتب حروفه، يحاول يشرح لها إنها أصعب وأبرد ليالي عمره لكنها أعذبها وأدفاها، الليلة اللي عرف فيها حقيقة قُربها له مثل قُرب حبل الوتين في جوفه، حقيقة إنها عائلته وبنت خالته
نطق يكمل: وأجمل ليلة، تدرين ليه؟ عشت غريب أدور في عينك وطن، والليلة ما عادني الغريب وصرنا واحد، صرتي لي وطن وصرت لك شعب، صرتي لي حرب و صرت لك سيف
حاوطت وتين رقبته بذراعينها تقربه أكثر و بكت تستسلم لمشاعرها اللي فاضت بسبب كلماته لها
ونطقت بين عبراتها: ما يهمني لو ينهار داخلي وطن و يتشرّد شعب و تنهزم حربي وينكسر سيفي، لأنك تبقى عنادي مني و فيني
حضنها يشدّها له وغمض عيونه يسمع شهقاتها، صارت تبكي بسهوله بعد ما كانت تحبس عبراتها بكل قوة، كانت في عز ضعفها ويعيش هو ضعفه معها، يقوى بها و تقوى به، لأنه عنادها و سيفها الحاد ولأنها وتينه ووريده النابض للأبد.

انتهت ليلة طويلة، اشتعلت و طفت فيها نار، هب فيها صقيع و ذاب ثلج ونبت مكانه ورد وربيع، ليلة وحدة غابت شمسها حارقة و أشرقت عقبها شمس دافية
ارتفع صوت أذان الجمعة يوصل لمسامع حصة اللي نثرت الخزامى وسط الإبريق تسمع ضجة العيال في الصالة لكنها تفقد حس عناد بينهم، ما شافته من ليلة أمس و تشيل همه ويشغلها هدوءه
طلعت للصالة تسمع غاليه تأنب بتّال: استح على وجهك انت أكبرهم و تخلي البزران يصحون للصلاة قبلك و يصحونك!
تميم ومشاري بتزامن: من هم البزران؟
بتّال تجاهلهم ونطق: نمت متأخر أمس بسبب أشغال الفندق
حصة مشت تشوف شنطة بتّال: بتمشي للبحرين؟
هز راسه بالإيجاب: ماني مطول أسبوع ان شاءالله
قاطعه تميم: خذ راحتك يا أبو الشموخ لو تقعد شهر
مشاري ضحك: و سلم لنا على الشموخ
بتّال ناظره بحده: تستظرف؟ ترا وراك دوام الاحد لا تنسى من هو مديرك
سكت مشاري يتذكر بداية وظيفته في فرع الخبر مع وجد وابتسم بخفوت
التفتت حصة حولها تتحرّى عناد اللي لف شماغه بعد ما تجهز لصلاة الجمعة وناظر وتين من انعكاس المرايا يشوفها تلفلف خصلاتها بجنبه
تقدم يتلمس الكيرلي بطرف أصابعه وابتسمت وتين تشم ريحة عطره تفوح حولها، وابتسم يتأملها يدري إنها تتماسك و توقف على حيلها و ترجع لطبيعتها، تسقي النعناع عند شبّاكه، تحط الأكل للقطاوه، تلف شعرها وتنثره على أكتافها، وتكثّف الماسكرا بتركيز
سمعته يتنهد وناظرته بفضول، ونطق عناد: بيشبهك
وتين عقدت حاجبها: مين؟
عناد التفت ياخذ مفتاحه يستعد لخروجه: سيف، بيشبهك
سكتت تحاول تستوعب مقصده، وضحك من لاحظ تورّد ملامحها
ورفعت صوتها قبل يطلع: معتوه!
طلع والابتسامه ما زالت مرسومه بوجهه ووصله صوت حصة اللي فزّت من شافته: يا جعلها دايمة يا وليدي
تقدم يبوس راسها وغمضت عيونها حصة تحس بالعبره تخنقها
ومشت معه لبيت الشعر: تعال، راجح يتحراك ما نامت عينه ولا ارتاح له بال لين يتطمن عليك
سكت عناد، وناظرته حصة: وين كنت ليلة أمس؟
عناد ابتسم يطمنها: قريب ما ابعدت
حصة هزت راسها: لا تبعد يا وليدي، لا تغيب عن عيني
وقف مكانه بتردد من وصل لباب بيت الشعر يوصله صوت راجح اللي يكح بتعب
وتنهدت حصة تدخل: شيّب الشايب ما عاد يتحمل البرد
دخل عناد يسمع رد راجح: عاد اليوم دفى
تقدم عناد يبوس راسه: جعله آخر التعب يبه
راجح مسك ذراعه يسحبه: اجلس جنبي و سولف لي قبل يقيم الإمام
مد يده عناد يشرب من الخزامى، ونطق راجح يناظره بترقّب: عسى ما شلت بخاطرك علي؟ انت تدري ليش ما علمتك…
قاطعه عناد: ما شلت بخاطري إلا كل خير
راجح بضيق: رحت لشدّاد صح؟ عسى ما ضايقك؟
وصلهم صوت بتّال اللي دخل: قلت له يكلم محامي ما طاوعني
نفى عناد: ماله داعي محامي
بتّال أشر عليه: غيّروا اسمه ما صار عنيد إلا من عناد
ضحكوا، ونطق حاتم بتردد: عناد اعذرني على اللي سوته تهاني ما دريت
قاطعه عناد يمنعه يكمل اعتذاره: ماهو ذنبك ولا ذنبها
صدت حصة بتنهيده، والتفت عناد يكمل: ولا تقسون عليها، بالنهايه هي بنيّه، ولا يا يبه؟
ابتسم راجح يفهم إن عناد يقلد أسلوبه يذكّره بإنصافه و حبه لبناته و حفيداته
وبنفس الوقت نطقت فاطمة: هاجر، خذي لتهاني من اللافندر
رفعت تهاني راسها من انفتح الباب ودخلت هاجر شايله بيدها كوب اللافندر، وتقدمت تحطه على الطاولة
وناظرتها بتنهيده: عاجبك الوضع؟ يقفلون الموضوع كل ما مر طاريك ويمتنعون عن شوفتك؟ وش استفدتي؟
دمعت عيون تهاني ونزلت راسها تحت نظرات هاجر اللي كملت كلامها تعاتبها: قلت لك وقفي اللي تسوينه ماراح يفيدك شيء! عناد ماهو لك ولا راح يصير لك بهالأفعال
بكت تهاني بتعب، وجلست هاجر قدامها تمسك يدينها: طلعي هالعناد من راسك و حبي نفسك بدال ما تحبين لك سراب! اصحي من غفلتك و عيشي حياتك من جديد
قطع عليهم صوت مشاري اللي طق الباب ودخل: هاجر، أبي شاحن
هاجر قامت تلبّي طلبه، وتقدم مشاري يناظر تهاني اللي تمسح دموعها وتسند على الجدار بصمت
مشاري نطق بشرود: ما كنت أحس إنك أبعد من إنك تصيرين اختي إلا ليلة أمس يوم دريت عن اللي سويتيه، كنت أقرب لهاجر منك وما استوعبت مدى بُعدك إلا أمس
غطت تهاني ملامحها تحس بالاختناق، وكمل مشاري: مدري هو انتِ انطويتي على نفسك ولا أنا اهملتك؟
شهقت تهاني تمسك قلبها بألم، وختم مشاري كلامه: ماني مهاجمك ولا كاسر عظامك مثل اللي سواه أبوي، بس ودي أكسر الحاجز اللي بيني وبينك و اللي يمنعني أعرف وش اللي يصير مع اختي
هاجر دخلت بيدها الشاحن ومدّته له: أقامت الصلاة لا تتأخر
هز راسه ياخذ الشاحن، وناظر تهاني: تراك اختي وأغليك مثل ما هاجر غالية عندي، لا تزعّليني
طلع مشاري والتفتت هاجر لتهاني تناظرها بعتاب ونفت تهاني براسها تكرر بين شهقاتها: اسفه، والله اسفه
تقدمت هاجر تحضن تهاني بتنهيده وطبطبت على ظهرها تهدّيها

البحرين - ٣:٠٠ م
وقف سيارته قدام مدخل الفندق ونزل شايل شنطته على ظهره
مشى والتفت خلفه يناظر بالسيارات يدوّر سيارتها بينهم بدون ما ينتبه لخطواته وتراجع من ضرب كتفه بكتفها وشهقت شموخ من طاح جوالها من يدها
ناظرها تنزل لمستوى جوالها بحسره: انكسر!
و رفعت راسها له بعصبية: أثوَل ما تش…
سكتت من انتبهت إنه بتّال و لانت ملامحها: استاذ بتّال
بتّال ناظر جوالها اللي تهشمت شاشته: كل من شفتيه تنادينه أثوَل كذا؟
شموخ بقهر: اللي ما يشوف طريقه و يعدم سيارتي ويكسر جوالي أناديه أثوَل
بتّال ناظرها ثواني ونزل نظراته لساعة يده: طالعه قبل نهاية الدوام
شموخ توترت تناظر حولها: خلصنا شغل
بتّال نفى: ما خلصنا توني جيت، و باقي ساعه على نهاية الدوام
شموخ شدت على يدها يستفزها أسلوبه و عدم مبالاته
مشت تدخل للفندق تتلمّس شاشة جوالها بضيق وخلفها بتّال اللي ابتسم لاستقبال الموظفين له
اجتمعوا في مكتب بتّال يعلمونه بآخر تطورات الشغل
كان لاهي يناظر جواله و يسمع كلمات الموظف اللي نطق يختم كلامه: باقي نصمم شعار الفندق الجديد وحاليًا تشتغل عليه استاذة شموخ
بتّال سأل باندماج: أسود ولا بنفسجي ولا كحلي؟
شموخ عقدت حاجبها: شنو؟
بتّال رفع نظراته لها: لون الشعار، اختاري واحد منهم
شموخ بتفكير: الأسود كئيب والكحلي غامق، البنفسجي أحلى
هز راسه و قام: ما قصرتوا، أشوفكم بكره تقدرون تطلعون بيوتكم
التفتت شموخ بتطلع، ونطق بتّال: استاذة شموخ بتجلسين تشتغلين على الشعار
وقفت مكانها وغمضت عيونها تهدّي نفسها وابتسم بتّال يدري إنها في قمة غضبها منه
التفتت ترسم الابتسامه غصب: برسله لك على الايميل
هز راسه بتّال يأكّد: بنفسجي، زي ما تحبين
هزت راسها شموخ: بنفسجي
قربت شمسهم تغيب و تزيّنت سماءهم بألوان الغروب
تلاطمت الأمواج و انتشر نسيم البحر اللي استنشقته وتين بتنهيده
مشت على الرمل وبجنبها عناد اللي ماسك يدها و بيده الثانيه شايل العود بابتسامه
وتين ناظرت باتجاه المزرعة خلفهم: سحبنا عليهم
عناد ناظرها: ما سحبنا عليهم، سبقناهم
لفّت عبايتها الكُحلية حولها وجلست ترفع خصلاتها خلف إذنها من حرّكها الهواء والتفتت لعناد اللي جلس بجنبها يحط العود بحضنه
ونطقت بتردّد: تكلمت مع أبوي راجح؟
عناد حرّك أصابعه على الأوتار و هز راسه بالإيجاب
وتين بتساؤل: زعلان منه؟
عناد التفت لها ثواني وأشّر على مكان جلوسهم: في هالمكان بالضبط سألتيني عن أبوي راجح، و قلت لك إنه شخص عظيم و ما ينصفه كلام
هزت راسها وتين تتذكر حوارهم بهالمكان وقت معرفتهم بمرض راجح
وابتسم عناد يكمل كلامه: ما زال عظيم بعيوني، هو وأمي حصوص
وتين تقدمت تبوس غمّازته برقّه و تراجعت تناظر البحر بابتسامه
سمعته يتنهد وضحكت من نطق بهمس: يا عذابي
وتين حوّلت نظراتها لأصابعه على الأوتار تشوفه يعزف ببراعة
ونطقت بذهول: كيف عرفت تعزف كذا؟
عناد قرّب منها يحاوط كتفها بذراعه يترك العود بينهم وهو حاضنها بذراعه، وابتسمت وتين من مسك كفّها يحطه على كفّه على الأوتار
وضحكت من عزف بأصابعها تحس بخشونة الأوتار وقوّتها بين أصابعها الناعمة
مسك أصابعها يعلمها: عدّلي الوزنية بهالطريقة
ما كانت منتبهه للشرح، شردت تحس بقربه وتشم ريحة عطره
تحس بلمسات يدينه على يدينها و تسمع نبرة صوته من بدأ يغني
"يا عذابي، كيف أنا بقوى عذابك
لا صار في بعدك عذاب، وفي قربك عذاب
يا شبابي، زينة أيامي شبابك
لك في حياتي حساب، و نسيانك حساب"
رفعت نظراتها لملامحه القريبة و ابتسم عناد يناظرها ويكمل عزفه ويغني لها
"ما تصدق لو أقول إنك حياتي
في كل شيء، سمعي و شوفي انت
بإسم الهوى لا زلت، فكري و هوجاسي
و تدري علي، بعدك عذاب
و في قربك عذاب"
نزّلت نظراتها ليدها بيده اللي يعزف بها وسنّدت راسها على كتفه
بنفس الوقت اللي نزّل عناد راسه قريب لإذنها و طرف خدها
"يا حب، مالي فيك غير الشقى
يا حب، أخذ من حياتي ما بقى
عشته بإحساسي ولا به شكّ
يبدّل شعوري، حبك جرى بدمي و ذاب"
مسك فكّها يلفّها باتجاهه و يبوسها برقّه وغمضت عيونها تحس بسُكون جسدها، لمّت وجهه بين كفوفها تتلمس خشونة ذقنه
تستريح قربه و يطمئن هو بقربها، يسافرون لعالم من السُكون
يركد الموج، يخضرّ اليَباس، يرتوي ظمأ و تطفي نار و يهدأ عاصوف لأنه بقربها، يده بيدها و قلبهم واحد.
التفتت وجد لتميم اللي بيطلع مع حنين يتجهون للبحر مثل ما اتفقوا
وجد أشرت لهم: خذوا معكم القهوه وبلحقكم انا و هاجر بباقي الأغراض
مشت حنين بعكّازها وابتسم تميم يشوفها تحاول تتوازن على الرمل، وتقدم يوقف قدامها يسحبها تصعد على ظهره
وشهقت حنين تناظر خلفها: لا تشيلني!
قاطعها يمسك أغراض القهوه وعكّازها: تمسّكي لا تطيحين
حنين حاولت تنزل وصرخت من ركض بها بين النخيل وضحك تميم من تحوّلت صرخاتها لضحكات عالية، تمسّكت تحاوط رقبته بذراعينها ورفعت راسها تحس بارتفاعها على ظهره و تنهدت تشوف ارتفاع النخيل و زُرقة السماء اللي بدأ الظلام يغطيها
ضربت حنين كتفه بتكرار من وصلوا للبحر: نزلني، وتين وعناد هناك
ناظر تميم باتجاه البحر و غيّر طريقه يرجع وسط النخيل: آخر لفه و نروح لهم
ضحكت حنين وتنهدت تتمسك فيه وابتسم تميم يمشي بهدوء
ونطقت حنين: ثقيلة عليك؟
تميم: ثقيله بقلبي؟ ايه
عضت شفايفها بابتسامه، وكمّل تميم: يبي لي قلبين، قلب واحد ما يكفيك
ارتبكت نبضات حنين اللي غمضت عيونها من فرط شعورها من تصير معه، يربكها بكلماته و يعترف لها بشعوره بدون تردّد
يعلمها إنها استوطنت قلبه، و امتلكت شعوره، يحس بها في جوفه مثل ما يحس بدبلته بين أصابعه

مشت هاجر شايله الأغراض وتسمع توصيات الجدة لهم
حصة: لا تنسون البسبوسه وانتبهوا لنفسكم
مشت وجد شايله صينية البسبوسه: تهاني ما بتجي؟
نفت هاجر بدون رد وناظرت وجد حولها تدوّر مشاري اللي لبس البلوفر الأزرق بابتسامه، رش من عطره وأخذ جواله وطلع
أسرع بخطواته من شافها عند بوابة المزرعة و ركض يتعداها
ورفع صوته: سباق!
وجد صرخت تترك الصينية وركضت خلفه: غشاش!
ضحك مشاري من اقتربت وجد منه وأسرع يحاول يسبقها
تلاشت ضحكاته من سمعها تطيح و رجع يركض لها يشوفها تتألم
نزل لمستواها بخوف: جاك شيء؟
وجد نفضت الغبار عن كفوفها وعقدت حاجبها تمسك رجلها
وناظرها مشاري بقلق: وش يوجعك؟
وجد ناظرته ثواني تشوف الخوف الواضح بعيونه وقامت
وقام مشاري يناظرها بترقّب وينقل نظراته بين يدينها يتطمن باله إنها ما تعوّرت: تقدرين تمشين؟
وجد استغلت انشغاله وضحكت تتعداه و تركض تكمل سباقهم
وسع عيونه من فهم إنها مثّلت عليه وركض خلفها: يا الغشاشه!
لقطت وجد أنفاسها من وصلت للبحر وناظرت تميم وحنين اللي جلسوا مع وتين و عناد والتفتت لهاجر اللي شايله الأغراض وتتحلطم بصوت عالي: محد فكّر يشيل معي و يساعدني
مشاري ضحك يمشي باتجاهها وشال معها الأغراض واجتمعوا يزيّنون جلستهم و يلتمّون حول بعض وترتفع أصواتهم مع ارتفاع صوت الأمواج حولهم
تقدم عناد يشعل الحطب وسط الجلسة وملأ مشاري إبريق الشاهي يسمع سوالف وجد مع حنين و تميم
حنين ناظرت جبيرتها: بكره موعد المراجعة
وجد: بيشيلون لك الجبيرة؟
حنين رفعت أكتافها: حسب الأشعة إذا تمام بيشيلونها وابدأ علاج طبيعي
وتين ناظرتها: إن شاء الله إنها تمام
التفتت حنين من حست بالجاكيت اللي انحط على أكتافها
ورفعت راسها تشوف تميم واقف خلفها وابتسمت له بامتنان
قطعت وجد من البسبوسه توزّعها عليهم وتأملت وتين جلوس عناد عند النار يشيّك على إبريق الشاهي، تشوفه يأخذ من أوراق النعناع وينثرها وسطه
وشهقت وجد: ما تبيه ساده!
تميم بضحكة: بدري عليك، صار يشربه بنعناع
وتين ابتسمت من ناظرها عناد وغمز لها بصمت
ونطق مشاري يقلد صوت عناد: الشاهي ينشرب ساده
ضحكت وتين وناظرت حولها تتذكر جلوسها بهالمكان لأول مره، تتذكر وقوفها مع عناد قدام البحر وقت شافته ينفث دخّان سيجارته لأول مرة، وقت سمعت أول معزوفاته و نبرة صوته وتأثيره عليها، جدالهم المستمر على اختلاف تايلور ومخاوي الليل، اختلاف مُرّ الشاهي و حلاوة النعناع، جدالهم على أوهام أحلامهم، ريش جَناحها، ولّاعاته و غصن البابونج.
انتبه عناد لشرودها ومدّ كوب النعناع لها يلفت انتباهها من فاحت ريحته وناظرته تاخذه منه بابتسامه
بنفس الوقت التفت مشاري يسرق نظراته لوجد يشوفها تضحك و تسولف بعفوية، يدرك تأثيرها عليه يوم عن يوم و يلاحظ تضخّم حبه لها في قلبه، أخفاها في جوفه سنين لين بانت في ملامحه، تصرّفاته، كلماته و ابتساماته
أخذ مشاري العود يعزف بعشوائية ويدندن مع عناد اللي يتلمّس الرمل بأصابعه تحت نظرات وتين اللي جالسه بجنبه تتأمله
ابتسم من حس بنظراتها له، وكتب على الرمل "أحبك" واتسعت ابتسامتها من قرأتها والتفت عناد يناظر انعكاس اللهب بعيونها ولمعة العسل فيها
حرّكت وتين شفايفها بدون صوت: أحبك
كانت الأصوات صاخبة، مع تلاطم الأمواج و اهتزاز أوتار العود، فرقعة الحطب و ضحكاتهم العالية
لحظة حنونة و دافية وكأنها احتياج بعد القسى و البرد، كأنها لقطة ختام من قصه و الأسى فيها مُستحيل، لحظة كأنها منظر ساحر لعيون أبصرت بعد العمى، لحظة كأنها بَر النجاة لغريق، ونسمة الوطن للغريب، و أُلفة الجماعة لوحيد.
يوم الأحد - ٩:٠٠ ص
انتشر صوت الهدوء في المزرعة ما عدا ضحكات حصة و راجح في الصالة ومعهم غالية المبتسمه
حصة ناظرت حولها بتنهيده: فضت المزرعة يوم راحوا! يا سرع ما يكبرون توهم أمس يلعبون قدامنا والحين كل واحد فيهم موظف
غالية نفت: ما فضت يا يمه بس كلٍ راح يشوف شغله وبيرجعون، الله يوفقهم
التفتوا لصوت تميم ماسك ذراع حنين اللي بدأت تمشي بدون العكاز وابتسمت غالية تتأملهم
ونطق راجح: وين بتروحون؟
تميم: عندي مشوار سريع مع حنين
حنين تورّدت ملامحها باحراج من شافت نظرات الفضول: عندي موعد بالمستشفى بيشيلون لي الجبيرة
حصة بفرحة: الحمدلله! روحي يا بنتي و طمنيني
تميم ناظر حوله: خالي حاتم مشى لبيته؟
هزت غاليه راسها بالايجاب: تهاني عندها دوام بالجامعه
و مشى تميم بعد ما ودّعهم ومسك يدها وطلع يتجه لسيارته
وناظرها بابتسامه: هذا أول مشوار لنا بعد الملكة
والتفتت له حنين باحراج: بس ما شفت كيف نظراتهم؟ قلت لك بروح مع وجد
تميم ابتسم يفهم إنها ما زالت تستحي منه و التفت لها
وتقدم يوقف قدامها و قاطعها: انتِ حلالي، كل دروبي تودّيني لك و كل مشاويري أولها و آخرها معك انتِ وبس
حنين ابتسمت له ونطق تميم يأكّد لها: انتِ حلالي و حنيني و محد يقدر يقول كلمة وحدة
حنين ضحكت باحراج ومسكت ذراعه تسحبه: طيب لا نتأخر
ضحك تميم والتفت يفتح باب السيارة يساعدها تركب و ركب جنبها ومشى متجهين للمستشفى

في البحرين
أسرعت بخطواتها بالممر الطويل تناظر الساعة بتأفف
وهمست: تأخرت!
وقفت عند جهاز البصمة وناظرته بذهول من شافته متعطّل
وصدّت تغطي ملامحها: شنو هالحظ!
مشت لمكتبها تترك شنطتها والتفتت تشوف الكيس على مكتبها وعقدت حاجبها تناظر محتواه و لانت ملامحها من استوعبت إنه جوال
شموخ ناظرت البوكس بذهول وفتحته ووسعت عيونها بصدمه
وهمست: بنفسجي!
تذكرت سؤال بتّال عن الألوان ورفعت راسها تناظر حولها بعدم استيعاب
الموظف التفت يشوف وقوف شموخ بحيره: جيتي! ورقة تسجيل الحضور أعطيناها استاذ بتّال
شموخ تنهدت وأخذت الكيس ومشت بخطوات متسارعه لمكتب بتّال اللي كان في اجتماع اونلاين و مندمج في اللابتوب مو منتبه لصوت الباب و دخولها
مشت شموخ تلفت انتباهه وناظرها يأشر لها على الساعه بمعنى "تأخرتي"
شموخ رفعت الكيس وأشرت له بهمس "مينون؟"
بتّال ابتسم وصدّ والتفت للابتوب من سمع اسمه
ونطق: معكم، تكلمنا عن الأسهم بالاجتماع الماضي و
شموخ قاطعته تأشر له وتحط الكيس على المكتب تبيّن له رفضها للجوال
سكت بتّال وأشر لها تاخذه باصرار ونفت شموخ والتفتت تطلع
ضرب بتّال المكتب بتكرار والتفتت له
ونطق بتّال يستأذنهم: عذرًا، دقايق وأجيكم
قفل اللابتوب وناظرها: يا تاخذين الجوال يا تاخذين لفت نظر بتأخيرك المتكرر
شموخ هزت راسها قبل تطلع: عطني لفت نظر و خذ الجوال لك
بتّال ناداها: شموخ
وقفت مكانها تسمعه يناديها بدون رسميات، تسمع اسمها بصوته لأول مره
بتّال بتنهيده: خذي الجوال، تعويض عن اللي انكسر
شموخ طلّعت جوالها من شنطتها: ما يحتاج تعويض الجوال يشتغل
طلعت قبل يرد وقفلت الباب خلفها تاركته يناظر مكان وقوفها
وابتسم يدري إنها تعانده، تصدّه في كل مره يقترب منها، رغم استفزازه لها لكنه يحاولها، يحس بشيء يجذبه ناحيتها مثل شموخ اللي مسحت على قلبها تاخذ نفس ،ما تنكر ارتجاف قلبها من شافت وجود الجوال على مكتبها، هو فعلًا سألها عن اللون كان ناوي يعوّضها واشتراه لها بدون تردّد
تنهد بتّال والتفت للمكالمة اللي وصلته و رد يوصله صوت الموظف: استاذ بتّال، وجد و مشاري ما حضروا للآن
غمض بتّال عيونه بتعب من مشاري ووجد اللي وقفت بوسط الكوفي قدام المرايا الطويلة ورفعت جوالها تتصوّر و بيدها قهوتها
والتفتت لصوت مشاري: بتّال يدق
وجد ناظرت الساعة وشهقت: تأخرنا
مشاري مشى بخطوات متسارعه شايل كوب قهوته: كله منك!
وجد مشت خلفه: انت الملقوف جيت معي ولا كنت باخذ قهوه واطلع على طول
ركب مشاري سيارته والتفت يشوف وجد تركب سيارتها وابتسم بخفوت
يحب وقته معها، يحب فكرة إنه بدأ صباحه معها، دربهم واحد و شغلهم واحد، ما يهمه تأخير أو فشل دام وجد معه و جنبه
رد على بتّال وغمض عيونه يسمعه يصرخ: ربع ساعه لو ما دريت إنكم في الفندق لأفصلك انت وياها
دقايق ووقفت وجد سيارتها ونزلت تركض لمدخل الفندق وخلفها مشاري اللي ركض شايل قهوته بيده و يثبّت شماغه بيده الثانيه
و ضحكت وجد من شافت حالته و ضحك مشاري يسبقها للمدخل وأخذ نفس من وصلوا قبل مرور الربع ساعة
ناظروا بعض ثواني و انفجروا يضحكون على وضعهم

بنفس الوقت ضحكت حنين من حسّت بالخفّة في رجلها بعد ما شالت الدكتورة الجبيرة
وابتسم تميم لضحكتها، ونطقت الدكتورة: حاولي تمشين عليها بدون عكّاز لكن لا تضغطين عليها، راح أسجل لك موعد علاج طبيعي بإذن الله اسبوع و ترجعين تمشين طبيعي
تميم مسك يد حنين يشدّ عليها: ان شاء الله
ابتسمت حنين تناظر رجلها وأخذت جوالها تبشّر توأمها
وتين اللي مندمجه بين أقمشتها بعد طول غياب، ترجع تستقبل طلباتها و تنفذها بكل شغف و حب، و شردت ثواني تناظر المحل حولها، المحل اللي اكتمل تصميمه بمساعدة عناد لها و صارت تقدر تستقبل زبائنها فيه
التفتت لجوالها تشوف رسالة حنين في قروبهم وابتسمت بفرحة من قرأت رسائلها و كتبت تتحمّد لها بالسلامة
ناظرت حولها ثواني و أرسلت "تعالوا عندي في المحل اذا خلصتوا!"
تنهدت براحه و التفتت ترتب الفوضى، و تجهّز جلستهم على الكنبه اللي تتوسط المكان
التفتت للمانيكان خلفها وتأملت القماش الأبيض اللي بدأت تشتغل عليه، تقدمت تغطّيه و تخبيه في زاوية المحل وابتسمت برضى.

في مكان جديد
رمى الكوره يصوّبها داخل السلّة، وارتفع صوت الصفاره يعلن نهاية المباراة والتفت يشوف الشاشه اللي تعرض النتيجة واتسعت ابتسامته يستقبل حضن أعضاء فريقه من اعلن الحكم فوزهم
ووصله الصوت العالي: فواز!
ضحك فواز من شاف أخوانه راكان و علي
وأسرع بخطواته يسلم عليهم بذهول: جيتوا!
راكان هز راسه: ما عندي شغل قلت أجي أنا و علاوي نشوف المباراة! و مثل ما توقعت دايم فوّاز على اسمك
فواز ابتسم و ناظر علي: و علاوي ما عندك مدرسة!
علي ضحك و أخذ الكورة من يد فواز: تحسبني بفوّت المتعه!
راكان ضحك يشوف علي يركض باتجاه السلة و يرمي الكورة داخلها
والتفت لفواز: متى النهائي؟
فواز بتنهيده: الأسبوع الجاي، في الخُبر
راكان طبطب على كتفه: فالك الفوز يا وحش
ابتسم ومشى معه يناظر جواله: بتّال في البحرين
هز راسه راكان بالإيجاب، ونطق فواز: ظنك يجي لو أكلمه يحضر النهائي؟
راكان: يجي ليش ما يجي؟ كلم الشباب كلهم مالهم عذر والمباراة في أرضهم و دارهم

مرّ الوقت سريع على وتين اللي تنتظر وصول البنات و فزّت من وصلها صوت الباب ومشت تفتحه لوجد اللي دخلت وخلفها هاجر
وتين بصدمه: مو وقت خروجك من الدوام!
وجد ناظرت حولها بذهول: طلعت بدري و مرّيت هاجر
وتين بشكّ: طلعتي بدري ولا هربتي؟ فيه فرق
وجد التفتت تغيّر الموضوع وتعطيها بوكيه الورد
و ابتسمت هاجر تمد لها صينية الحلا: شيء بسيط بمناسبة الافتتاح
وتين أخذتها و ناظرتهم بامتنان: ليش تكلّفون على نفسكم
وجد نفت: مافيها كلافه بكره تصممين لي فساتين و عبايات مجانًا
ضحكت وتين والتفتت لصوت الباب وفتحته تستقبل حضن حنين اللي صرخت و صرخت وتين معها من شافت وقوفها بدون جبيرة
حنين سكتت وناظرت وجد بصدمه: جايين قبلي!
وجد ناظرت خلفها: وين تميم؟
حنين مشت تجلس معهم: قال بيروح عند مشاري بالفندق
وجد ضحكت من جابوا طاري مشاري وناظروها بفضول
وجد حكت جبينها: مشاري هرب مثلي
شهقت هاجر: يا ويلكم من بتّال! وين راح؟
وجد رفعت أكتافها: أكيد رجع للمزرعة أو بيكلم تميم
وتين بتنهيده: وش هالفوضى! أول يوم دوام استحوا على وجيهكم
حنين ناظرت حولها تتأمل المكان: ما علينا، ورينا ابداعاتك
وتين قامت بحماس: تعالوا أوريكم
حنين ناظرت حولها تتأمل المكان: ما علينا، ورينا ابداعاتك
وتين قامت بحماس: تعالوا أوريكم
مشت معهم تورّيهم تفاصيل المكان، من مكتبها وتصاميمها، رفوف الأقمشة و أجهزة التصميم والتطريز
وصعدت الدور الثاني معهم تورّيهم الغرفة اللي جهّزتها مع عناد
وجد ناظرت بذهول: حبيت الفكرة! كأنه بيتك بنفس الوقت مكان شغلك
وتين هزت راسها بابتسامه تسمع عبارات المدح من البنات وتشجيعهم لها، وتنهدت تحس بالامتنان لعناد اللي كان السبب الأول بعد الله بوقوفها بهالمكان ووصولها لحلمها
وصلهم صوت الإنذار وفزّت هاجر من الصوت
وضحكت وتين: تعودت عليه، هذا الدفاع المدني
حنين عقدت حاجبها: يخوّف
وجد: بس حلو شغلك قدام شغل عناد ما تشيلون هم شيء

مسك اللاسلكي يردّد: تصادم سيارتين واحتراق شاحنه
ركبوا الفريق بالسيارة و توجهوا بسرعه باتجاه موقع الحادث
دقايق ونزل عناد يشوف تجمع الناس و اشتعال الشاحنه اللي مكتوب عليها "قابل للاشتعال"
ورفع صوته: ابعدوا التجمهر يمكن في أي لحظة يصير انفجار!
دخل بين الحشد مع فريقه يحاوطون النار ويحاولون يخففون شدّتها
التفت عناد يناظر مكان الحادث وجمدت ملامحه من شاف السيارة اللي يحفظها و يعرفها تمام المعرفة
همس: تميم!
التفت لصراخ واحد من الفريق: تراجعوا، بتنفجر
عناد ترك اللي بيده يبتعد عن الشاحنة والتفت حوله يدوّر تميم
ما كان الضرر قوي بالسيارة و يدري إن تميم مو داخلها
نزل ومسك راسه من ارتفع صوت الانفجار، غمض عيونه يحس بالصداع من شدّة الصوت، ناظر الفراغ من مرّ عليه طيف من ذكرياته، تكرّر عليه صوت الانفجار وهو بالغرفة بجنب أمه النايمة يبكي بخوف وألم وينادي "خالتي جميلة، خالي شدّاد"
يدرك إن ذكرياته بدأت ترجع له و صار يسمع أصوات جديدة عليه و يسمع صوته ينادي و يحس بالنار و كأنها حقيقية بعد ما كان يتخيلها كابوس
رفع راسه من وصله صوته: عناد!
عناد فز و قام يشوف مشاري يناظره برعب: وين تميم!
عناد ناظر حوله ومشى يشوف الازدحام وتجمع الناس حول السيارات
مشاري مشى معه برعب: دقيت عليه رد علي عسكري يقول إنه مسوي حادث! بس وينه! جواله صار مغلق
عناد ناظره: اهدأ ما عليه إلا العافية يمكن نقلوه للاسعاف
مشاري التفت يشوف سيارة تميم وتقدم يناظر الدم على الباب
ووصله صوت العسكري: عائلة تميم؟
عناد فز وتقدم: أخوانه
العسكري أشّر باتجاه سيارة الاسعاف: شالوه هناك، طيّب إن شاء الله
ركض مشاري يقاطع العسكري وركض خلفه عناد ووقف مكانه يشوف تميم وحوله المسعفين
مشاري تقدم ينادي برعب: تميم!
تميم قام ومسكه المسعف: ما خلصت لا تتحرك
مشاري صعد السياره رغم محاولات المسعفين يمنعونه ودفعهم يدخل بينهم: تميم!
تعليقات