📌 روايات متفرقة

رواية غريب يدور في طرف عينها حضن ووطن الفصل الثاني 2 بقلم شروق عبدالله

رواية غريب يدور في طرف عينها حضن ووطن الفصل الثاني 2 بقلم شروق عبدالله

رواية غريب يدور في طرف عينها حضن ووطن pdf الفصل الثاني 2 هى رواية من اجمل الروايات الرومانسية السعودية رواية غريب يدور في طرف عينها حضن ووطن pdf الفصل الثاني 2 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية غريب يدور في طرف عينها حضن ووطن الفصل الثاني 2 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية غريب يدور في طرف عينها حضن ووطن الفصل الثاني 2
رواية غريب يدور في طرف عينها حضن ووطن الفصل الاول 1 بقلم شروق عبدالله

رواية غريب يدور في طرف عينها حضن ووطن الفصل الثاني 2 بقلم شروق عبدالله


اتسعت ابتسامات التوأم بامتنان لوجد ومبادرتها ولُطفها معهم
ونطق تميم اللي ما زال منصدم من هدوء الرعد: شكله حبّك
حنين التفتت وابتسمت من فهمت انه يقصد الخيل
تميم: الرعد مثل اسمه، يرعد ويعصف اذا لمسته يد غير يدي
وجد ناظرت حنين: يمكن شمّ فيها ريحة الحب وحبّها
ابتسمت حنين، وتقدمت وتين بتلمس الرعد: بجرّب أجل
تراجع الرعد عن يد وتين اللي كشّرت تسمع صهيله وارتفعت ضحكاتهم
وتين تكلّم الرعد: ما اعجبتك ريحتي؟ من زين ريحتك
عناد ضحك بعلوّ صوته والتفتت وتين له تمنع ابتسامتها على ضحكاته اللي أول مره تسمعها
تميم ناظر عناد: لك وجه تضحك والرعد ما يطيقك؟ تعال ألمسه نشوف يحبك ولالا
ضحك مشاري: والله ان يرفسه
ابتسم عناد ينزل لمستوى المهر: مابي من الحب غير حب العناد
وتين ناظرت ابتسامة عناد الواسعة، عكس ذبول ملامحه اللي شافته ليلة أمس، كان يضحك، يبتسم كثير، ويناظرها
يطوّل نظراته عليها وحدها رغم زحمة المكان وضجّته

طلعوا من الاسطبل يتركون الخيول ترتاح، والتفتت حنين لوتين: نروح؟ تأخرنا
هزت راسها وتين والتفتت تودّع وجد اللي سلمت عليهم: لحظة ما عطيتوني أرقامكم!
مدّت حنين جوالها لوجد تسجل رقمها عندها ومشى عناد يطلع من الاسطبل ويتعداهم بصمت
وابتسمت وجد بعد ما سجلته: نشوفكم بكره عند البحر لا تنسون
وتين: أكيد!
ومشت مع حنين متجهين لبوابة المزرعة بتنهيده
طلعت وتين وانتبهت للسيارة السوداء اللي عند المدخل
وسعت عيونها وتين: جي كلاس!
عناد اللي كان يناظرهم من مراية سيارته لاحظ وقوف وتين خلف سيارته تناظرها باعجاب
وتين مدّت يدها تتلمّس السيارة بأطراف أصابعها: حلم الأيام الشداد
حنين: تعالي قبل يجي الشداد الحقيقي
وتين نفت، ومشت حول السياره تناظرها وانتبهت لوجود عناد داخلها وتراجعت باحراج من عرفت انها سيارته
عناد فتح الشباك: ابعدي عن السياره بحرّكها
وتين رفعت حاجبها: كنت راح ابعد بدون ما تقول
التفتت وتين بتمشي وسأل عناد يلفت انتباهها: وش اخبار نعناعاتك؟
حنين كتمت ضحكتها، وناظرته وتين: بخير لو ما تجلس جنبهم
عناد سنّد ذراعه على حافة الشباك: زرعت بابونج عشان لو ماتوا يصير عندك بديل، شفتيه؟
وتين عقدت حاجبها تهدّد: والله لو ماتوا نعنا…
ونادتها حنين: وتين خلاص
عناد أشّر لها بمعنى روحي، وخزّته وتين بطرف عينها تمشي مع حنين وتهمس: معتوه
ضحكت حنين والتفتت وتين من سمعت صوت سيارة عناد تمشي خلفهم بمسافه بعيدة ويشغّل نور سيارته ينوّر طريقهم
حنين تنهدت براحه من وصلوا لباب مزرعتهم اللي ما زال شبه مفتوح
حنين: الحمدلله ما جاء شدّاد
وتين قفلت الباب بعد ما سرقت نظره لسيارة عناد اللي مشى من تأكد انهم دخلوا المزرعة
تحركت ستارة الغرفة من الرياح الهادية، وانتشر صوت هدوء الفجر بالمكان
نايمة على رجل وتين اللي تلعب بشعر حنين النعسانه تراقب عقارب الساعة على الجدار
ابتسمت حنين: الوقت بطيء متى يمر
وتين: راح يمرّ، وبنلمس الموج
حنين ناظرت باطن يدها: ونلمس الخيل
وتين سألت: ظنك المعتوه راعي الجي كلاس راح يجي؟
حنين: قصدك هو ولا الجي كلاس؟
وتين: الجي كلاس!
غمضت حنين عيونها بنعاس: نامي وتجيك بالحلم
ضربت وتين جبين حنين بخفّه ورفعت راسها تناظر الساعة
مرّت الساعات، تمايل سعف النخيل وتلاطم موج البحر ينتشر نسيمه بسماء الخبر الصافية
ما عدا الدخان اللي عكّر صفوها بثواني، ارتفع صوت جرس الإنذار
و ركض عناد مع رجال فريقه اللي شغّلوا سيارات الاطفاء ومشوا متجهين لمكان الحريق يلبّون النداء كعادتهم
دخل عناد للبيت الملتهب بالنيران اللي يحاولون يطفّونها بصعوبه
طاحت عينه على الطفل اللي كان حاضن نفسه بالزاويه ويبكي
تقدّم وشاله يبعده عن الدخان وطلع لرجال الاسعاف اللي اخذوا الطفل يسعفونه وابتعد عناد يشيل قناع الاكسجين ويسمع بكاء الطفل
شرد فيه ثواني، كان يشوف نفسه بملامحه المرتعبه، أخذته ذاكرته لحريق المزرعة
رغم تشوّش ذكرياته إلا إنه يتذكر صرخاته وهو يحاول يسحب جسد أمه النايمة، يتذكر منظر الغرفة اللي امتلت بالدخان
و ملمس النار على جلده، و الحضن اللي لمّه وغاب عن وعيه باستسلام.
صحى عناد من شروده والتفت للطفل اللي يمسح دموعه
كيف يواسيه؟ وهو يعرف شعوره تمام المعرفه
كيف يقدر ينسى وما زال عناد الطفل محبوس وسط الحريق من سنوات
تذكّر الجد راجح، اللي وقف معه وحضنه عن النيران، والجدة حصة اللي عالجت حروقه وسهرت سنين تداريه وتهدّي روعته.
وبعد عشرين عام، ما هدَت روعته ولا أنصفته ذكرياته
غير ذكرى أمه و مشهدها الأخير، ملمس يدينها واسمها
"عايشة" اللي ماتت وعاشت بقلب عناد

أما عند التوأم اللي تجهزوا لموعدهم مع وجد والبنات
حنين باستغراب: ما جاء شداد للحين
وتين: كالعاده يغيب أيام ويرجع ليلة وحدة
حنين بسخرية: ليلة وحدة ينكد علينا فينا ويروح
لبست وتين عبايتها اللي من تصميمها وابتسمت برضى تناظر شكلها بانعكاس المرايا
ناظرت حنين تصميم وتين: العباية تجنن!ً
ابتسمت وتين بفخر وتلمّست شعرها تتركه ينساب على أكتافها وعدّلت غرّتها بطرف اصبعها
وطلعت مع حنين المتحمسه، تتخيل ملمس الخيل بين كفوفها
و ريحة النسيم اللي يحرّك خصلاتها
عند البحر الهادي، وفي أخر ساعات النهار، وبدايات الشتاء
رتّبت وجد الكراسي بشكل دائري بمساعدة هاجر وتهاني
يتوسطها طاولة امتلت بالقهوه والحلويات اللي جهزتها لهم الجدة حصة
وعند أطراف البحر مشى تميم ماسك لجام الرعد يتحسّس برودة الأمواج برجوله الحافيه
و قدامه مشاري اللي أنهى مكالمته مع عناد وسكّر جواله بتنهيده
والتفت مشاري: صوت عناد ما عجبني، ضايق خاطره
تميم عقد حاجبه: ما قال لك بيجي ولالا؟
مشاري هز راسه: قال بيبدّل ثيابه ويجي
التفت تميم لأصوات البنات وعرف ان التوأم وصلوا
جلسوا التوأم مع البنات يتقهوون ويسولفون عن جمال المكان واللي أول مره يزورونه
تلفتت وتين حولها تدوّر عليه جاهله السبب اللي يخليها تدوّره
و تقدم تميم ماسك لجام الرعد ومشى جهة البنات
رفعت هاجر صوتها: تميم لا تخليه يقرب
ضحك تميم وفزّت حنين من حست بخطوات الخيل قريب منها
وجد بضحكة: لا تخافين بعدين تخوّفينه
حنين نفت: ما خفت، فزّيت
وجد ناظرت الحماس الواضح بعيون حنين، وقامت: تعالي ناخذ لك جوله مع الرعد
مشت حنين تشوف تميم يمسح على راس الرعد بابتسامه
والتفت لهم: على حظكم الرعد اليوم مروق
وقفت حنين جنب الرعد وساعدتها وجد تصعد على ظهره
وصرخت حنين بفرحه من حسّت بخطوات الخيل وتمسّكت باللجام
وتين تسندت على الكرسي تتأمل اختها بابتسامه وشردت تتأمل تواجدهم بهالمكان، تتأمل البحر والخيل والجلسة الهاديه
ثواني ووصلهم صوت مشاري العالي: عناد!
فزّت تهاني والتفتت من سمعت اسمه وابتسمت بخفوت
والتفتت وتين تشوفه ينزل من سيارته ويرفع قبعة الهودي الأسود على راسه ومشى باتجاههم يحشر يدينه بجيوبه
حاوط مشاري أكتافه بابتسامه: حي الله بطل المطافي!
عناد ناظر خطواته على الرمل بدون ردّ
مشاري كمّل: جبت العود اليوم مالك عذر ما تخاوي الليل معنا!
عناد ابتسم بخفّه وهز راسه ورفع نظراته وطاحت عينه على وتين اللي صدّت من ناظرها

دقايق و زانت جلستهم واشتعل الحطب يستمدون منه دفاهم
وتحمست وجد من شافت العود بيدين عناد: جلسة طرب! تكفى اعزف ل
عناد رفع اصبعه يقاطعها: مخاوي الليل غيره لا
وجد التفتت للتوأم: طيب عشان ضيوفنا، نخليهم يختارون الأغنية
عناد ناظر وتين اللي حكت جبينها: ما أعرف
حنين كتمت ضحكتها، وسألت وجد: مافي أغنية تحبينها؟
وتين: احب اغاني تايلور سويفت
عناد صدّ للبحر وابتسم بخفوت، وعقد حاجبه مشاري: من هو ذا؟
وتين انتبهت لابتسامة عناد الساخره، وردّت: مغنية تغني أحسن من مخاوي الليل
عناد التفت لها: وش تغني تايلور؟
وتين نطقت بترد وعزف عناد الأوتار يستقصد يقطع كلامها
وتين سكتت، وسأل عناد: ليش سكتي؟ ما جاوبتي
ونطقت وتين: ت
كمّل عناد عزفه يسكّتها ويستفزّها بطريقته ورفعت حاجبها وتين تناظره يعزف بإتقان
بلّل شفايفه وغنّى الكلمات اللي انحبست بصدره على هيئة أغنية…
يا دنيتي مجروح من وين ما أروح
ما راحت جروحي والأيام راحت
يا ليت لي نفسٍ إذا ضاقت تبوح
إن كان من هم الليالي استراحت
وتين راقبت نظراته المتشتته تحاول تقرأ ملامحه
عناد رفع عيونه لها من انتبه لنظراتها وكمل يعزف و يغني:
صوت الحزن من كثرة النوح مبحوح
يشكي الجروح اللي مع الوقت لاحت
لمعت عيون وتين بحزن وانعكس نور اللهب يزيد لمعتها
حضنت كفوفها تحس بالقشعريره وسكت عناد ينهي أغنيته
وصفّق تميم: الله عليك
ترك عناد العود يمدّه لمشاري: دورك اعزف
قام عناد يترك الجلسة ويبتعد عنهم يحس باختناق أنفاسه والتفتت حنين من انتبهت لوتين اللي شارده تحس بتشوّش رؤيتها، ما تدري بسبب دخان النار ولا عزف عناد
وهمست حنين: وتين؟
وتين قامت: شويات واجي انكتمت من النار
ناظرتها حنين باستغراب تمشي مبتعده عنهم ووقفت عند البحر
تسمع عزف مشاري من بعيد، وتناظر ارتطام الأمواج بهدوء
ما تدري عن سبب ارتفاع نبضاتها لكن صوت عناد كان الشرارة اللي بدأت كل هذا التخبّط، وتين اللي ما يهز جفونها ريح اهتزّت بسبب صوت وأغنية
سمعت صوت الولّاعه والتفتت تشوف وقوف عناد بمسافه بعيدة عنها، يشعل سيجارته ويتركها بين اصابعه تحترق كعادته
عناد ناظر البحر بهدوء: تبكين كذا حتى من صوت تايلور؟
وتين عقدت حاجبها: ما بكيت!
عناد ناظرها يكذّبها: البلل برموشك
وتين: ما أبكي وما انولد اللي يبكّيني
عناد ابتسم، وناظرت وتين السيجارة بيده: طفّها بتحرق أصابعك
عناد رفعها يناظر رمادها: دامها ما تحرق نعناعك ماني مطفّيها
وتين صدّت: معتوه
ابتسم عناد بخفوت ونزّل نظراته للسيجاره بشرود
وتين التفتت تشوف الدخان:هذا وانت بطل المطافي، تطفّي الحريق وتولّعه بصدرك ليه؟
عناد سكت ثواني والتفت يشوف نظرات الاستغراب والفضول منها
و سأل: ليش جيتوا لهذي المزرعة بعد ما كانت مهجوره سنين؟
وتين استغربت سؤاله: خالي قرر فجأة وانتقلنا هنا
عناد التفت للبحر بشرود: انتم أول من سكنها بعد الحريق اللي صار فيها
وتين عقدت حاجبها من طاري الحريق: سمعنا عنه
عناد ناظرها: تعرفين شيء عنه؟
وتين التفتت له تشوف الضيق بملامحه
ونفت: ما اعرف شيء، بس اعرف ان فيه عائلة ماتت بسببه، شفت اغراضهم بالمستودع
بلع ريقه عناد و رمى سيجارته على الرمل: وش شفتي؟
وتين راقبت ملامحه: اغلبها محترقه، صور وكتب وألعاب
سكت عناد، وسألت وتين: ليش تسأل عن الحريق؟ تعرف شيء؟
ناظرها بدون ردّ، حتى هو ما يعرف، يمتلي صدره بالأسئلة
ويخاف ينبّش في جوف النار وتلسعه الأجوبة، يخاف الحقيقة وودّه يعرفها
ودّه يشعل فتيل ذكرياته مثل ما يشعل سيجارته ويتذكّر
يتذكّر طفولته الضايعة وحياته قبل الحريق وعائلته المجهولة
ناظرت وتين شروده والتفتت تناظر البحر تسمع صوت الأمواج وعزف مشاري من بعيد
تحس بغرابة وقوفها بجنبه، وغرابة حوارهم ونظراته المتشتته
كانت تشوفه مجرد شخص يملك سيارة أحلامها و يعزف صمته في أغنية
لكنها صارت تشوفه أغمض وأعمق من البحر اللي قدامها
مشت وتين تتركه واقف لوحده، وتقدمت لجلسة البنات وجلست بجنب حنين اللي ناظرتها وهمست: بخير؟
وتين هزت راسها: بخير
ناظرتها تهاني بجمود والتفتت تناظر عناد اللي ما زال واقف بمكانه
دقايق قليلة وغابت خيوط الشمس و تغطّت السماء بالظلام الداكن
والتفتت وجد للعيال: يلا نرجع؟
تميم مشى للخيل يمسك اللجام: أنا و الرعد بنرجع سوا
وتين قامت: انا وحنين بنمشي للمزرعة
قاطعتهم وجد: مجانين! ما بخليكم تمشون بهالظلام
عناد قام شايل العود بيده: معي سياره للي بيجي
مشاري أشّر لخواته: وانا معي سيارتي
مشى مع هاجر وتهاني اللي ركبوا سيارة مشاري
بنفس الوقت مشى عناد لسيارته ووراه وجد والتوأم
حنين نفت باحراج: أنا ووتين بنمشي
وجد التفتت: بلا استهبال!
عناد اللي يركّب الأغراض بالسيارة التفت لهم: محد بيمشي
حاوطت وجد كتف حنين اللي ركبت باستسلام
وركبت جنبها وتين اللي ناظرت السيارة تتأمل تفاصيلها، تشم ريحة عطر عناد اللي اختلط مع ريحة دخّانه
رفع عناد نظراته للمرايا اللي تعكس عيون وتين، وانتبهت وتين لنظراته وصدّت تتلمّس المقعد
والتفتت لحنين اللي ابتسمت من فهمت شعورها، تقرأ ملامحها وتفهم نظراتها، وتين اللي يا ما تكلمت وحلمت عن هالسياره بكل ليلة يتكلمون فيها عن أحلامهم
اليوم لمستها، ركبتها و شافتها واقع بعد ما كانت بالنسبة لها خيال
وقف السيارة من وصلوا والتفتت وجد: بتجون بكره ونشوفكم؟
سكتت حنين باحراج وابتسمت وتين بدون رد
ورفعت حاجبها وجد: بتجون! يا ويلكم تخلوني مع هالمجانين لحالي
عناد التفت لوجد: أي مجانين؟
وجد رفعت أصابعها تعدّد: تميم ومشاري وهاجر وتهاني المايعه
هز راسه عناد، وهمست حنين: ثقّلنا عليكم
وجد قاطعتها: مو على كيفك تعلّقين الرعد فيك وتروحين
ابتسمت حنين من جابت طاري الرعد: بنجي
وتين سألت قبل تنزل: و نعزف زي اليوم؟
وجد ناظرت عناد بتساؤل، و نطق عناد: ما نعزف لتايلور
ضحكوا البنات ونفت وتين: اقصد مخاوي الليل
قفلت باب السياره قبل تسمع ردّ عناد اللي ابتسم يناظرها تمشي مع حنين لمدخل المزرعة
وضحكت وجد: لقينا من يحب مخاوي الليل غيرك
بنفس الوقت عند حنين اللي قفلت الباب وضحكت تقلد صوت اختها بسخرية: اقصد مخاوي الليل، من متى تعرفينه أصلًا!
وتين مشت لغرفتهم: من اليوم
حنين تكتفت: بعدين لك ساعه واقفه عند البحر تسولفين معه عن وش؟ مخاوي الليل؟
وتين سكتت ثواني وشردت تتذكر حوارهم وكلماته الغامضة
والتفتت لحنين: سألني عن الحريق واغراض المستودع
عقدت حاجبها حنين: ليش يسأل؟
وتين رمت نفسها على السرير بتنهيده: ما ادري، ما جاوبني بس استغربت حالته
انسدحت حنين جنبها تسنّد خدها على كفّها وتناظر اختها بصمت
وتين ناظرتها: وش تفكرين فيه؟
حنين ابتسمت: تذكرت لما كنا رافضين فكرة اننا ننقل للمزرعة
وتين ضحكت، وكمّلت حنين بعدم تصديق: شوفي حالنا! قاعدين نعيش أحلامنا ونتعرف على صديقات غير بنات الجامعة
وتين غمضت عيونها بتنهيده: قاعدين نعيش مشاعر جديدة
حنين بابتسامه: أي مشاعر؟ اشرحي لي
وتين تعدّلت تسنّد خدها على كفّها: مشاعر الادرينالين اللانهائية! اخر مره حسيت بالحماس هذا كان لما سقت سيارة شدّاد
ضحكت حنين بصوت عالي من تذكرت الموقف القديم واللي ما نسوه رغم مرور اكثر من سنه
وتين كملت بضحكه: تذكرين شعورنا واحنا نسرق مفتاحه وهو نايم؟ شعورنا واحنا نسوق بشوارع الدمام لأول مره
حنين رفعت حاجبها: بغينا نودع الملاعب وللحين تقولين حماس؟ شدّاد قطّع شعرك شعره شعره ذا اليوم
وتين تلمّست خصلاتها: نبتت
حنين ضحكت، وتنهدت وتين: هذا الشعور اللي احتاجه، ودي أحس إني أعيش، ودي ألمس السحاب، وأركض في البرَاحات، ودي بالزحام واللمّات، ودي أضحك، وأغني وينسمع لحسّك وحسّي صدى
حنين سألت: مثل اليوم؟
وتين هزت راسها: مثل اليوم
تثاوبت حنين وغمضت: أنا ودي بدنيا مافيها شدّاد، بكل بساطه
ضحكت وتين و مدّت يدها تحاوط خصر اختها وحطت راسها على كتفها وغمضت عيونها وابتسامتها باقية مرسومة بملامحها
اليوم تحدّوا أبسط أحلامهم وعاشوها، بعد سنين من الحرمان والجفاء
بعد ما عاشوا الإهمال والقسوة من أقرب ناسهم، من خالهم اللي قسى وتجبّر وحرمهم من أصغر أمنياتهم
اليوم عاشوا الاهتمام والحنان من الغرباء، ذاقوا طعم الشاهي الحُلو والنعناع، لمسوا برودة الموج، سمعوا صهيل الخيول و أوتار العود.

يوم جديد
تركت جوالها على المكتب بعد ما شغّلت أغنية تايلور اللي صدح صوتها بالغرفة
والتفتت لصوت الباب ودخول حنين بيدها صينية الأكل اللي جهزتها يسدّون بها جوعهم
وتنهدت: هذي اخر كيسة مكرونه!
وتين مسكت دفتر تصاميمها والتفتت للمانيكان تجهّز أقمشتها
وتنهدت: اكتبي الاغراض اللي ناقصتنا واكلم مندوب يوصلها
حنين رفعت حاجبها: بيوصلها لهنا؟ بياخذ علينا مبلغ أكثر من الأغراض نفسها
وتين اللي لاهيه بتصاميمها: معنا فلوس المكافأة تكفينا
حنين بدأت تاكل وناظرت جوالها تشيك على حسابها في البنك
والتفتت: وش بنسوي اذا خلصت الإجازة وبدأت الجامعة؟ بتنقطع المكافأة لو ما داومنا
وتين مسكت الخيوط تلفها حول أصابعها تختار ألوانها باندماج
وابتسمت: راح نداوم، وراح نتخرج
وأشّرت على أقمشتها تكمل: راح أصمم عبايات التخرج وأخيطها بنفسي
حنين ابتسمت تسمع موّال أحلامهم اللي عايشين على قيدها
ومشت وتين تجلس بجنبها تشاركها صحن المكرونه ويسمعون صوت الأغنية الهادية
نفس الصوت اللي اشتغل بجوال عناد الفضولي
متسنّد على سريره ويده خلف رقبته ويده الثانية ماسك جواله بعقدة حاجبه، لقى نفسه يبحث عن اسم المغنية واللي كان جديد عليه
عدّل جلسته يسمع صوتها وغرابة كلماتها بالنسبة له
وقفّل جواله يكلم نفسه: وش تسوي!
يقنع نفسه انه فضولي يسمع صوت غير الصوت اللي اعتاده وانطرب عليه
ينكر فضوله عن وتين وتفضيلاتها، فضوله عن الأشياء اللي تحبها، الأشياء اللي تفرّحها وتزعّلها
فضوله عن وجودها بين جدران المزرعة اللي هرب منها من صغره
المزرعة اللي احترقت داخلها طفولته، ذكرياته وأحلامه.
صحى من شروده وابتسم من وصلته الريحة المألوفة
قام وطلع من الغرفة يتبع مصدر الريحة ويسمع صوت الجدة حصة وضجة وجد وتميم بالمطبخ اللي جنب غرفته
حصة ابتسمت تردّد: هب نسناس الهواء لي من شمال، حاملٍ معه ريح الخزامى والنفل
وجد ضحكت: أي شمال يا يمه وحنا في شرق! ما تشمين ريحة البحر
نفت حصة تستنشق ريحة الخزامى من الابريق اللي على النار: أشم ريح الخزامى
تميم اللي يطلّ بالابريق: ما جهز اللافندر؟
حصة ناظرته: اسمه خزامى بلا فلندر بلا خرابيط
وجد بضحكة: لافندر يمه مو فلندر
حصة سفهتها والتفتت لتميم: روح شوف عناد صاحي؟
التفتوا لصوت عناد: صاحي وأشم ريحة اللافندر من غرفتي
حصة فزّت ومدت يدها: وليدي! تعال ذوق الفلندر
ضحك عناد ومشى ياخذ كوبه من يد الجدة، و يشرب من الخزامى اللي يحبه
يحبه من يدها خصيصًا، يشرب ويستمتع بطعم الأعشاب اللي تسويها من صغره، من البابونج للخزامى، اليانسون والزنجبيل والكركديه
يحب كل شيء تلمسه يدينها، تفوح ريحته وتعطّر زوايا البيت، ويترك طعمه أثر حلو ودافي بصدر عناد وأحفادها
وتنهد: جعل هاليدين تسلم
ابتسمت حصة تتأمله، والتفتوا لصوت مشاري اللي دخل: قالوا تتوب؟
ضحكت حصه تسمعه يكمل قصيدته: قلت لي قلب ما طاع، عيّا يتوب القلب عن حب حصه
تقدم يبوس راسها ويأشر على قلبه: وشلون اتوب وخافقي بين الاضلاع، ينبض لها نصّه ويشتاق نصّه
حصة طبطبت على كتفه: الله يرضى عليك
و مدّت الجده كوبه: خذ اشرب فلندر
وجد وتميم بتزامن: لافندر يمه
مشاري ناظرهم: ماهو على كيفك انت وياها، اسمه فلندر
مشت الجدة بعصاها تطلع من المطبخ تستغفر وتهلّل بصوت عالي
عناد أشّر: اذا سوت فيكم كذا يعني عطتكم ميوت
ارتفعت ضحكاتهم بالمطبخ، وزانت سوالفهم العشوائية
ملتمّين حول الطاولة اللي لمّتهم وهم صغار
والتمّوا حولها وهم كبار، يتشاركون فيها نفس المشروب و نفس الضحكات
رفع تميم كوبه من شاف مشاري يحاول ياخذه وضحكت وجد تشوفهم يتهاوشون على الكوب كعادتهم
مثل التوأم اللي كانوا يتهاوشون على اللقمة الأخيرة من المكرونة
ضحكت وتين تاخذ الصحن وتهرب وهي تاكل لقمتها تسمع صرخات حنين: يا مشفوحه!
التفتت حنين لصوت جوالها والاشعار اللي من وجد
"انقذوني من هالمجانين اللي عندي وتعالوا"
ضحكت حنين وقامت تتجهز مع وتين بحماس
يحبون روتينهم الجديد، رغم غرابة المكان عليهم وتغيّر حياتهم المُفاجئ وغياب خالهم المُهمل، كانوا يعيشون أسعد لحظاتهم
أسعد لحظاتهم يوم تستقبلهم الجدة حصة بابتسامه وتغمرهم بالتهاليل والتراحيب، وتسلّم عليهم غاليه بابتسامه
غاليه: وجد من اليوم وهي تهذري فيكم
وجد بضحكة: أنلام؟
نفت غاليه: لا والله ما تنلامين
ابتسمت وتين بامتنان وسحبتهم وجد: تعالوا نجلس بالحديقة امي حصوص مسويه لنا لافندر
مشت وتين للحديقة اللي جالسين فيها تهاني وهاجر
والتفتت هاجر تناظرها بإعجاب: وتين! من وين عبايتك؟
ابتسمت وتين من اطراء هاجر: تصميمي
وجد بذهول: انتِ مصممتها!
هزت راسها وتين، وابتسمت حنين: وتين تحب تصمم من لما كنا صغار
وجد: صممي لي عباية بالله
تهاني هزت راسها: حتى أنا
هاجر بضحكة: سوي لك براند على هالحالة واستفيدي
وتين ضحكت، وسألت وجد بجدية: ما فكرتي تسوين لك براند؟
وتين سكتت ثواني تتلمّس اغصان الخزامى بجنبها وتقطفها
ونفت: مو الحين
هزت راسها وجد: عمومًا تخصصي إدارة أعمال وافهم هالامور لو صملتي على البراند كلميني
ابتسمت وتين بامتنان وقطع عليهم صرخة تهاني من حست بالقطوة اللي تمشي خلفها
وشهقت وتين: نعناعه!
ناظرتها تهاني باستغراب: نعناعه؟
وتين شالت القطوة تحضنها: هذي الحلوه جت عند باب مزرعتنا قبل كم يوم
وجد بضحكة: خوفتنا عليها اخر شيء طلعت رايحه عندك!
و التفتت لجهة الاسطبل من لمحت النور اللي اشتغل
وقامت وجد: تميم عنده تدريب للبطوله الجايه، تبون نروح نشوف؟
قامت وتين شايله بحضنها القطوه، وقامت حنين: هذا سؤال الله يهديك؟
ضحكت وجد ومشت مع التوأم يدلّون طريقهم للاسطبل
التفت تميم اللي كان يجهّز الرعد لتدريباته يشوف حنين تتسند على السياج وجنبها وجد اللي صفّقت بحماس تشجعه
أما وتين اللي ناظرت حولها وهربت القطوه منها تركض خارج الاسطبل ومشت وراها: لا نعناعه!
أسرعت وتين بخطواتها تشوفها تدخل بين الأشجار
ومشت خلفها بهمس: نعناعه وين بتروحين!
ناظرت وتين حولها تحس بابتعادها عن الاسطبل، التفتت تتأمل النخيل وتشم ريحة الطبيعة اللي تحبها
و تشوف الدكّه الصغيره والمرجيحه الخشبيه على طرفها
التفتت لصوت القطوه: نعناع…
سكتت من شافت عناد واقف وشايل قطوته ويناظر وتين
ونطق عناد يمسح على راس القطوة: اسمها كاتي اذا ما تدرين
وتين قاطعته: نعناعه
عناد رفع راسه لها: كاتي
سكتت والتفتت تمشي بالمكان باعجاب وانتبه عناد لغصن الخزامى اللي طاح من يدها
وتقدّم ياخذه: يا ويلك! قطفتي من لافندر أمي حصوص
وتين ناظرت الغصن بيده ومدّت يدها: هاته بزرعه
نفى عناد يحطه بجيبه: يكفيك النعناع والبابونج
تنهدت وصدّت، والتفتت تناظر المكان وأشرت على الدكّه بفضول: ليش بعيده؟
عناد: هذا مكاننا انا وتميم ومشاري لا جينا بنسهر ونعزف، عشان ما نزعج النايمين
وتين هزت راسها والتفتت تناظر المرجيحه وأشّرت: عادي؟
ناظرها وفهم إنها تستأذنه بجلوسها على مرجيحتهم
عناد: لو قلت لا؟
وتين هزت راسها ومشت تجلس على المرجيحه
عناد ضحك يتسنّد على الدكّه: ليش استأذنتي أجل؟
وتين اللي حرّكت المرجيحه بهدوء: احترامًا لنعناعه
عناد رفع راسه يضحك، وناظرت وتين اتساع مبسمه وخطوط خدّه اللي تبان من يضحك
سكت عناد لكن ابتسامته باقيه، يمسح على قطوته ويناظر وتين اللي رفعت راسها تتأمل نجوم السماء
يجهل سبب جلوسه وتواجده معها بهالمكان، عقله يأمره يقوم وجوارحه تعانده بالجلوس، ودّه يقوم لكن رجوله ما ودّها، وقلبه ودّه إنه يعرفها أكثر، يقراها، و يصنع معها ألف سالفه وضحكه جديدة
صحى من شروده من حس بالفراغ بحضنه والتفت يشوف قطوته تمشي مبتعده
و قامت وتين ومشت تشيلها بضحكه: دوري، باخذها معي
واسرعت بخطواتها ترجع لجهة الحديقة تجلس مع هاجر وتهاني ومشى عناد وراها، يحشر يده بجيبه يتلمّس غصن الخزامى
و جلس بجنب مشاري اللي يعزف ويدندن وابتسم من مدّ له العود

أما في الاسطبل
نزلت حنين من على ظهر الخيل ومشت لوجد اللي صفقت لها: شفتي كيف الرعد صار يحبك
سمعها تميم اللي كان يربط لجام الخيل: الرعد ما يحب إلا اللي يحبه
ابتسمت حنين له ومشت تجلس بالحديقة مع البنات بعد جولة الخيول وتدريبات تميم الممتعة
وارتفع عزف عناد اللي مرّر أصابعه على أوتار العود يلفت انتباههم
وتسنّد تميم بابتسامه يسمع صوت عناد اللي يعزف ويغني:
يا صبح لا تقبل، عط الليل من وقتك
و أمهل سهارى الليل
نزّلت وتين راسها للقطوه اللي بحضنها تمسح عليها وتسمع صوته وتركّز بكلماته اللي ينثرها حولها ويربك دواخلها
وعزف عناد يكمل غناءه:
عمرنا ليلة، وحبنا ليلة، وكلها ليلة
رفع عناد عيونه لوتين: غريبة كانت الليلة
دندن تميم وهو يزيد الحطب على النار: غريبة كانت الليلة
وتنهدت حنين تحط راسها على كتف وتين
كانت الليلة فعلًا غريبة، تستشعر وجودها بهالمكان بوسط ناس ما توقعت بيوم تكون معهم
تسمع عزف عناد ودندنة تميم وصوت تصفيق مشاري المتزامن مع لحن الأغنية
تشوف ابتسامات وجد اللي انعكس لون اللهب على ملامحها
وتحس بيد حنين الدافية اللي شدّت على يدها وابتسمت
التفتوا للجدة حصة اللي طلعت لهم بعصاها وضحكت تشوف ترحيبهم لها
عناد عزف يغني: أهلًا هلا بك يا بعد كل من لي
ورفع صوته مشاري يغني: يا أغلى من الغالين يا روح روحي
جلست الجدة تلمّهم حولها ولحقتها بنتها غاليه اللي طلعت لهم
شايله بيدها صينية القهوة ووراها فاطمة اللي جلست جنب بناتها
التفتت فاطمه لبنتها: هاجر اقربي للنار لا تبردين
وتين تأملتهم بابتسامه خافته، تسمع نبرة الحنّيه وتشوف نظرة الاهتمام وتشم ريحة الحب حولها، والتفتت لحنين تبتسم لها بصمت
غالية جلست جنب التوأم: بردتوا؟
وتين فزّت من انتبهت لها ونفت: المكان دافي
عناد رفع عيونه لوتين يشوفها تبتسم وتسولف مع غالية
رغم المسافة بينه وبينها إلا إنه يلاحظ ابتساماتها الواسعة
يلاحظ غرّتها اللي تبعدها عن عيونها بطرف اصبعها، وبيدها الثانية تتلمّس فرو القطوة اللي نايمة بحضنها
صدّ من التفتت وتين لجهته ونزّل نظراته لنار الحطب قدامه
غافل عن نظرات تهاني اللي شدّت على يدها تناظرهم

مرّت الثواني تتبعها دقايق ينغمسون فيها بحكايات الجدة اللي جالسه بصدر مجلسهم، يسكتون من يرتفع حسّها
حسّها اللي عاشوا على قيده سنين طويلة، وحبّوه وتين وحنين بأيام قليلة، حبّوا حنانها وعطفها على أحفادها، هيبتها الواضحة ولمساتها الدافية، و حبّها الكبير لعيالها بالذات عناد
فزّت حصة من شافته يقوم من جلستهم، وسألت: بتمشي للخبر يا وليدي؟
هز راسه عناد: بمشي، عندي دوام الصبح
غالية بقلق: ما نمت، خذ لك غفوه ومن أصبح أفلح
مشاري بمزح: وش دعوه يا عمتي! كل هذا عشانه بيروح
تميم يمثّل الضيق: وانا اذا مشيت للخبر محد يسأل عني
مشاري نفى: انا حتى وانا موجود محد يسأل عني
ارتفعت ضحكاتهم، ونزل عناد لمستوى حصه يبوس راسها
ومشى يدخل لغرفته يتجهز لدوامه والتفتوا التوأم لصوت فاطمه
اللي سألت: ايوه حنين ووتين ما علمتونا وش تدرسون؟ تخرجتوا ولا باقي؟
حنين: باقي لنا اخر سنة، أنا أدب إنجليزي ووتين تصميم أزياء
وجد التفتت لوتين: طلع التصميم تخصصك مو بس هوايتك، مبدعه!
ابتسمت وتين تسمع عبارات المدح تحت نظرات تهاني اللي ناظرت عباية وتين
ونقلت نظراتها لخصلات شعر وتين، وابتساماتها، رمش عينها، ورسمة فكّها وارتباك يدينها اللي تفركها ببعض وهي تسولف.
دقايق وقامت حنين من حست بتأخر الوقت والتفتت لوتين
و سألت الجدة: بترجعون؟
وتين تقدمت تسلم عليها: تأخرنا لازم نرجع
حصة ناظرت التوأم بابتسامه: انتبهوا لدربكم وردّوا الزيارة عاد
وجد بضحكة: بيردّونها مالهم فكه مني!
وتين مشت تمدّ القطوه لوجد وهمست: ارسلي لي مقاساتك انتِ والبنات
وجد شالت القطوه وابتسمت: لا تتعبين نفسك كنت أمزح
وتين نفت: ودّي أصمم لكم
ابتسمت وجد بامتنان، وطلع عناد شايل شنطته على ظهره ومشى متجه لبوابة المزرعة
وأشّرت غاليه: عناد جابك الله، اطلع مع التوأم لا يمشون للمزرعة لحالهم
هز راسه عناد ومشى بعد ما ودّعهم ومشت حنين وبجنبها وتين تشوف عناد يفتح باب سيارته يركّب أغراضه
وانتبهت وتين للولاعة اللي طاحت منه وتقدمت تشيلها من الأرض
ونادته: راعي الجي كلاس
التفت عناد يصحّح اسمه: عناد
وتين مدّتها له: راعي الجي كلاس
تقدم بياخذ الولاعة وابعدت وتين يدها: غيرت رأيي
رفع عناد حاجبه يشوفها تحط الولاعه بشنطتها: وش تبين بها؟
وتين مشت تتعدّاه: بولّع بها شمعاتي
ابتسم عناد وركب السيارة وعينه على وتين اللي التفتت تشوفه
يشغّل أنوار سيارته ينوّر لهم طريقهم
وغمضت وتين عيونها من رفع النور بوجهها بتكرار وصدّت
ومشت تناظر حنين اللي سبقتها كم خطوه والتفتت من حست باقتراب سيارة عناد اللي يمشي جنبها بهدوء يجاري خطواتها
فتح الشباك يمد يده: ولّاعتي
وتين مدّت يدها: اللافندر أول
ضحك عناد من فهم انها تقصد غصن الخزامى اللي في جيبه
و نفى: الشيء اللي أخذته ما يرجع
وتين هزت راسها: وانا بعد
سكت عناد يناظر طريق المزرعة اللي قرّبوا لها
والتفتت له بتردّد تأشر على سيارته: كيف جبتها؟ الجي كلاس
عناد ناظرها ورفع أكتافه: اشتغلت و جبتها
وتين: يعني ما كانت حلمك؟
عناد ناظرها بغرابة: لازم تكون حلمي عشان أجيبها؟
وتين خفّفت خطواتها وسألت: أجل وش حلمك؟
صدّ عناد يتكرّر سؤالها بعقله، يناظر طريقه بشرود يجهل إجابته
يجهل حلمه، يجهل ماضيه وحاضره ومستقبله، يجهل حتى نفسه
كل اللي يعرفه إنه دفن نفسه وأحلامه وسط رماد ذاكرته
نفى عناد: ما اعترف بالأحلام
ناظرته وتين بصدمه: ليه؟
عناد ناظرها: الأحلام كذبه مالها واقع ولا حقيقه، عباره عن أوهام…
وتين بإنفعال: لما يصير عندك حلم تعيش عشانه مو وهم
سألها عناد: وش حلمك؟ الجي كلاس؟
وتين لمست نبرة الاستهزاء بصوته: أكيد، تحسب كل الناس ما عندهم حلم مثلك؟
وقف عناد سيارته ووقفت وتين تزامن مع وقوفه تناظر جموده
ناظرها ثواني، ومشى يتعداها تاركها واقفه تناظر ابتعاد سيارته عن المكان
عقدت حاجبها ومشت لباب المزرعة: معتوه!
كان معتوه بالنسبة لوتين اللي عاشت حياتها على قيد الأحلام
كانت تحلم عشان تعيش، أحلامها هي الدافع اللي يخليها تعيش
و نبرة الاستهزاء من عناد كانت مُستفزة، باردة ومُحطمة لها
تنهدت والتفتت لصوت حنين: وتين! سيارة شدّاد موجودة
وتين أسرعت بخطواتها تدخل ووقفت مكانها تشوف سيارة شدّاد واقفه داخل المزرعة

أما عند عناد اللي مسك طريق الخبر بشرود
تردّد صدى آخر كلماتها براسه وشدّ على الدركسون بيده
كلامها كان مثل الصفعة اللي خلّته يستوعب مدى فراغه
فارغ من الذكريات، فارغ من الأحلام، فارغ حتى من الشعور
كل اللي يشعر فيه إن صدره امتلأ بحروق مجهوله، يحس بلهيبها
نار تشتعل فيه وما قدر يطفّيها، يمكن لو ودّه يحلم
بيحلم إنه يقدر يطفّيها و تبرد دواخله.

مشت وتين تفتح باب البيت تسمع صوت الهدوء ووراها حنين اللي تناظر حولها بقلق، تقلقهم فكرة وجود شدّاد بالبيت في غيابهم، تمرّ في بالهم مليون فكرة أولها إن هدوء شدّاد هو هدوء ما قبل العاصفة
دخلت وتين ووقفت مكانها تشوفه جالس بالصالة وبيده ايباده
يعقد حواجبه يدري بوصولهم للمزرعة ويسمع صوت خطواتهم
ناظرته وتين بجمود ومشت بتصعد غرفتهم ومشت وراها حنين
شدّاد بهدوء: على وين؟
وتين التفتت له: انت جيت؟ ما انتبهت لك
شدّاد رفع عيونه لها، يشوفها تتصنّع اللامبالاة بملامحها
ترك ايباده بهدوء، ورفس الطاولة اللي قدامه ينثر زجاجها على الأرض
وتقدم لها بعصبية: والحين؟ انتبهتي؟
وتين ناظرت الزجاج تبعد عيونها عن نظرات الحدّة منه
شدّاد صرخ: وين كنتوا؟
حنين ردّت باندفاع: كنا نتمشى بالبحر
شدّاد رفع حاجبه: تتمشون بهالليل؟
ناظرته وتين بدون ردّ، وتقدم شدّاد يعدم المسافة بينهم
و مسك ذراعها يغرس اصابعه: اروح وارجع اخر الليل ألاقيكم طالعين؟ انا ما قلت لا تتعدون باب المزرعة؟
حنين تقدمت تبعد وتين عنه، ودفعها بصرخه: نسيتوا مين أنا وتمرّدتوا، خليتكم يومين وحسبتوا الدنيا على كيفكم
وتين تجاهلت ألم ذراعها: دقيقه، مين انت؟
صفعها وشدّ شعرها ينفث سمومه: أنا اللي ضفّيتك انتِ واختك ولا كان عشتوا عيشة شوارع
وتين قاومته تبعد يده عنها: عيشة الشوارع أرحم من العيشه معك
شدّاد تقدم بيضربها ووقفت حنين تمنعه ونطق شدّاد: أنا ما عرفت أربيكم
وتين بحدّه: مين انت؟ مين انت؟
شدّاد دفع حنين عنه ومسك وتين من ذراعها يرميها على الزجاج
قاومت وتين الألم ورفعت راسها تكمل كلامها: مالك وجود بحياتنا، ولا لك سُلطة علينا، ما شفنا منك خير ولا لنا عندك حاجة
شدّاد نزل لمستواها يناظرها بجنون، ويسمع جنونها اللي تسرده بدون خوف منه
ناظرته وتين بتحدّي، تلقط أنفاسها وتحس بلسعة الزجاج على كفوفها اللي متسنّده عليها
تقدم شدّاد يمدّ يده لخدها بهدوء، يطبطب على خدها بتكرار: لكم عندي حاجة، وبدون خيري ما تعيشون، محد معيشكم ويأكّلكم ويقضي حاجاتكم غيري
كرّرها يصفع خدها: حاجاتكم
ناظرته وتين بحدّه وقام شدّاد والتفت لحنين اللي واقفه تناظر بعيون دامعه، تحس باختناق أنفاسها وخمول أطرافها
ووقف شدّاد يهدد: هذي اخر مره أحذّر، لا تتعدون باب المزرعة
ومشى لغرفته يصفع الباب خلفه، وانهارت حنين اللي تقدمت تحضن اختها
وتين رفعت يدينها عن الزجاج تبعد حنين: انتبهي لا تنجرحين
حنين ناظرت الدم بيدين اختها وقطع الزجاج المنغرسه بجلدها الناعم
وطاحت دموع حنين: انجرحتي!
وشهقت حنين بين دموعها تكمل كلامها: يدينك كلها دم
وتين عقدت حاجبها تشوف انهيار حنين، شهقاتها المتكرره وصوتها المكتوم
وتقدمت وتين تهدّيها: خذي نفس! حنين تنفسي
حنين تنفست بين دموعها وقامت وتين تنفض الزجاج عنها
و مشت تلمّ الزجاج بيدينها، وفزّت حنين: انتبهي!
وتين شالت الزجاج ومشت تنثره قدام باب غرفة شدّاد، تحرص إنها تكون على درب رجوله متأمّله يذوق المرّ منها مثل ما ذاقته
و تقدمت تحضن حنين اللي ما زال الغضب ينهش جوفها ونار قهرها ما طفت
مثل نار وتين اللي تحس بلسعاتها مو بس بقلبها حتى بيدها
جلست على سريرها تنتف الزجاج من يدها بجمود ملامحها وبجنبها حنين اللي مسحت المعقم على جروح وتين
وتين نطقت بشرود: مالنا عنده حاجة
حنين ناظرتها بصمت، وكملت وتين كلامها: عشنا عمرنا ندوّر حاجتنا، حاجتنا اللي هو حارمنا منها
لمعت عيون حنين تسمع اختها تلفظ آلامها على هيئة حروف
حروف انحبست بصدرها سنين، حروف انقالت بعد ما طابت نفسهم وانهارت جبال تراكماتهم
وتين نطقت بقهر: حرمنا من الحياة، ما عرفنا معه طعم الحنية والحب لين صرنا ندوّره عند الغريب
وتين وقفت ترمي الشاش اللي بيدها: كسر أجنحتنا، كسرها عشان نحتاجه!
طاحت دموع حنين تستوعب مدى خيبتهم وتعاستهم
وتين رفعت كفوفها المجروحه تناظرها بصمت، وكملت كلامها بقهر: بس ما يدري إني راح أخيط الجناح ولو إن يديني داميه، و بنطير لأبعد مدى ولو عكّر سكون السماء ريح
مشت وتين لمكتبها تنثر خيوطها وأقمشتها على الطاولة وختمت كلامها: إذا ما صار لهالوضع نهايه، أنا نهايته!
مرّت ساعات الليل الموحشه بكل ثقل، ينتشر السكون بزوايا المزرعة ما عدا صوت المقص اللي قصّت فيه وتين القماش
تركت المقص بهدوء والتفتت تسرق نظره لحنين اللي استسلمت للنعاس ونامت بتعب بجنب اختها
وتين تنهدت والتفتت تناظر رسوماتها والتصاميم اللي سهرت عليها
والتفتت تفتح جوالها تناظره بتركيز، تنفّذ اللي ببالها رغم النعاس والصداع، ورغم لسعات جروحها وحريق جوفها، ما رفّ لها جفن ولا هدأ لها بال، تتكرّر سموم شدّاد بمسامعها ويشتد غضبها
مثل عناد اللي فتح باب بيته وقفل الباب بكل قوته ومشى يدخل يشد على المفتاح بيده يعبّر عن غضبه رغم هدوء ملامحه
شغل الأنوار والتفت يناظر الأثاث اللي ما زال جديد والصناديق اللي بكل زاوية، يناظر بيته اللي تعب واشتغل عشان يشتريه بعد ما عاش أغلب سنين عمره بمزرعة راجح
رمى مفتاحه ومشى يفتح الصناديق وينثر أغراضه، ما زال داخله يحترق من أخر كلمات وتين له، ما زال يفكر بأحلامه المجهوله
رفس الصندوق بغضب، شال بدلة الدفاع المدني ورماها، مشى للرفوف اللي تراكمت عليها أوراقه وكتبه بعشوائيه ومد ذراعه يطيّحها على الأرض
رمى نفسه على السرير بتعب يناظر السقف ويلقط أنفاسه
بنفس الوقت اللي كانت وتين ترسم وتخيط أحلامها بوسط ظُلمة غرفتها، كان عناد ينثر خيباته و ينبذ أحلامه الضايعه وحياته المجهوله

يوم جديد ونهار جديد، بعد قسوة الليلة الماضية على قلوبهم
حنّت الشمس ونوّرت ظلام الغرفة اللي امتلت بالأقمشة
تحركت حنين بانزعاج والتفتت لضجة اختها اللي ما نامت
فزّت حنين وشهقت: وتين ما نمتي من أمس؟
وتين اللي لاهيه تعلّق العبايه وتحطها داخل الكيسه المخصّصه لها
هزت راسها: ما جاني نوم
حنين التفتت تناظر العبايات الثلاث اللي علّقتهم وتين، وناظرت الساعه بصدمه: قرّب يأذن الظهر
وتين رفعت العبايه بشرود: تحسين ذوق وجد؟
حنين ناظرت العبايه وابتسمت: حتى لو مو ذوقها بتحبها
علّقتها وتين وتراجعت تناظر انجازها بتفكير، و أخذت جوالها تشيّك عليه تحت نظرات حنين اللي استغربت حال توأمها وانشغالها
قامت حنين للحمام تاركه وتين شارده بتصاميمها
وصلها صوت شداد اللي ينادي، تسمع ضجته تحت وشتايمه
مشت وتين تفتح باب الغرفه ونزلت تتبع صوت شداد المعصب
ابتسمت وتين تشوفه جالس على الأرض ينتف الزجاج من رجوله الحافية
رفع راسه شداد يشوف ابتسامتها: تبين اكسر وجهك؟
نفت وتين: تنكسر اليد اللي تكسرني
شداد قام بيهاجمها وعقد حاجبه بألم من حس بالزجاج برجوله
وصرخ: ليش ما نظفتوا الأرض عقب أمس
وتين: كنت مشغوله انتف الزجاج من يديني
تأفف شدّاد ووصله صوت جواله اللي يرن: انا طالع بعد شوي! لا اشوفكم طالعين من المزرعة تفهمين؟
وتين سفهته والتفتت تصعد وقفلت باب الغرفة بانزعاج من صراخه، ورجعت تنشغل في تصاميمها وعباياتها
ووصلها صوت حنين اللي تنشف شعرها: وش يبي شداد يصارخ
وتين: وطت رجله على زجاج أمس
حنين ضحكت، والتفتت تناظر انشغال اختها وسألت: وش ناويه عليه؟
وتين سكتت ثواني وابتسمت: بسوي لي براند
جمد وجه حنين بصدمه: صادقه؟
وتين هزت راسها: ما هو براند وبس، هذي الأجنحة اللي راح نطير بها من هنا
ناظرت حنين توأمها بعدم تصديق، تشوف الاصرار بعيونها الناعسه وتشوف اثار السهر والتعب المرسوم بملامحها
وقرّبت تلم وجه وتين بين كفوفها: اثق فيك
وتين ابتسمت تناظر لمعة عيون حنين: الأحلام اللي تسمعيني أردّدها لك كل ليلة بدون ملل، بنعيشها
حنين طاحت دموعها، وحضنتها وتين: طال الزمن أو قصر بنعيشها
حنين ابتعدت تمسح دموعها واخذت نفس تهز راسها: ان شاء الله
والتفتت تسمع صوت سيارة شدّاد يغادر أسوار المزرعة كعادته
وتنهدت حنين تطلع من الغرفة: بسوي لنا فطور
وتين التفتت تلمّ عباياتها وأغراضها وطلعت من الغرفة، تدلّ طريقها للمستودع الخارجي، دخلت تترك الأغراض على الأرض وتكتفت تناظر المكان بتفكير
شمّرت أكمامها ترتب المكان وتسحب الصناديق للزاوية، الصناديق اللي تحمل جواتها صور وكتب، ألعاب وتماثيل ثمينة، جرائد وأشرطة مُسجلة
تقدمت تناظر الجريدة القديمة وقرأت عنوانها بفضول واللي كان "خالد عبدالرحمن: خاويت الليل من أجل الحب"
رفعت وتين حاجبها تاخذها: مخاوي الليل!
مسحت الغبار عن الجريدة ومشت تحطها مع أغراضها
وانشغلت بتنظيف المكان، شالت المانيكان تحطه بجنب مكتبها اللي رتّبت فوقه دفاترها وألوانها، تخطط بإنه يكون مكانها ومكان أحلامها مع توأمها، بين بقايا الحريق وتراكم الرماد، بين شقوق جدران المستودع راح تنسج خيوط آمالهم، وتنثر الثلج على حروقهم، و تمسح الغبار عن رفوف حياتهم القاسية
التفتت لصوت حنين اللي دخلت شايله بيدها صحن العسل وكيسة الخبز
وناظرت المكان بذهول: بتسوين تصاميمك هنا؟
هزت راسها وتين: شدّاد نادر يدخل المستودع وباخذ راحتي هنا اكثر من الغرفة وعشان ما ازعجك وانتِ نايمه
نفت حنين وتقدمت تجلس: ما تزعجيني، تدرين وش كثر أحب اتأملك وانتِ تصممين لين يغلبني النعاس
ابتسمت وتين وناظرت صحن العسل ورفعت عيونها لحنين بتساؤل: عسل؟
حنين رفعت أكتافها: المطبخ فاضي، شدّاد شال كل شيء
وتين ضحكت: يسوي كذا عشان نضطر نحتاجه ونطلب منه
حنين غطّت قطعة الخبز بالعسل ورفعتها لوتين: نحتاجه؟
وتين جلست قدامها تأكل من يد اختها: حلم ابليس بالجنة!
ضحكت حنين وشاركت اختها صحن العسل، مو بس صحن العسل
تشاركوا أحلامهم، آلامهم، وأفكارهم، تشاركوا الضحكة والدمعة، الجرح والعلاج، تشاركوا حتى الملامح والأطباع
التفتت حنين لرسالة وجد اللي صوّرت لهم جلستها بحديقة المزرعة وابتسمت تقرأ كلماتها لوتين "تجون تفطرون معي أنا وكاتي؟ هاجر وتهاني نايمين وسحبوا علي"
وقفت وتين بحماس والتفتت تشيل العبايات اللي صمّمتها: قومي نروح، لازم أعلمها عن فكرة البراند
تلاشت ابتسامة حنين من تذكرت شدّاد وجنونه وتهديده لهم ليلة أمس
حنين بتردّد: و شدّاد؟
وتين سألت: شدّاد مين؟
ابتسمت حنين ومشت مع وتين يتجهزون مثل وجد اللي فزّت من قرأت ردّ حنين "سخّني الخبز"
مشت للمطبخ بابتسامه، سخّنت الخبز وجهزت إبريق الشاهي والتفتت تدوّر النعناع تدري بحُب وتين له
مشت تنبّش بالثلاجة تدوّره وتأففت بهمس: خلّص!
وصلها صوت مشاري العالي: يا وجد حالي!
وجد فزّت ومسكت قلبها: الله لا يبارك بعدوك
مشاري تسنّد على الثلاجة يدندن: يا وجد حالي على اللي صار لي مده ما شفت زوله
وجد سفهته، وسأل مشاري: وش تدوّرين؟
وجد ناظرته: نعناع بس ما لقيت، بالله مشاري اقطف لي من زرع أمي حصوص
مشاري بضحكه: عشان تزرعني جنب النعناع
وجد عقدت حاجبها: بالله ميشو بس غصن واحد
نفى مشاري وتقدم يناظر صينية الفطور ومشت وجد تشيلها قبل لا توصلها يده: وخر! التوأم بيجون
سبقها يسرق قطعة الخبز من الصينية وهرب يختفي عن أنظارها
و طلع مشاري يمشي بين أشجار المزرعة يناظر حوله
ثبّت قطعة الخبز بين أسنانه ونزل لمستوى الزرع يقطف من النعناع
أما وجد رتّبت السفرة وقامت من وصلها صوت الباب ومشت تفتح الباب للتوأم اللي حضنوها
وشهقت وجد تشوف وتين شايله بيدها أكياس العبايات: سويتيها!
وتين مشت بضحكه: تعالي عندي لك موضوع!
مشوا متجهين لجلستهم في الحديقة ووقفت وجد بصدمة تناظر كومة أغصان النعناع على السفره
فتحت حنين فمها بصدمه: وجد!
وضحكت وتين: قلت أحب النعناع بس مو كذا!
وجد تلفتت حولها: والله مو أنا
حنين: أجل مين؟
وجد حكت جبينها: مشاري

مشاري اللي نفض يده و مشى لبيت الشعر يجهّز شبة النار
يدري بقومة الجد راجح هالوقت وجلسته فيها كالعاده، أخذ دلة القهوة بعد ما ملأها بالمويه وثبّتها فوق النار وتسنّد ينتظر غليانها
والتفت لصوت الجد: مشاري
مشاري فزّ: سم
راجح دخل ومشى يجلس: مين اللي مع وجد في الحديقة
مشاري: بنات المزرعة اللي جنبنا
هز راسه راجح بتفكير والتفت له: لا جاء بكره أبيك تروح للمزرعه وتعزم أبوهم عندي
مشاري نفى: ماهو أبوهم، سمعت انه خالهم
راجح: ما يخالف وأنا أبوك المهم نوجّب الجار، نتقهوى معه ونعرف وش هو من رجّال…
مشاري: أبشر
تسنّد راجح بتنهيده: وين اخوانك؟
ابتسم مشاري من فهم انه يقصد تميم وعناد: تميم نايم وعناد في الخبر
راجح: مشى ما وادعني!
مشاري نفى: بيرجع اليوم
راجح سأل: متى؟
مشاري ناظر ساعته: ظنتي انه في الطريق الحين

كان فعلًا في الطريق للمزرعة بعد دوامه المُتعب
يصدح صوت خالد عبدالرحمن بسيارته ويناظر الطريق بشرود
ثواني وهدأ سرعته يشوف الشخص اللي واقف بالشارع ويأشّر
وقف عناد وفتح الشباك: بغيت شيء يا أخوي؟
تقدّم الشخص: ايه والله، بنشر الكفر عندي
عناد فكّ حزامه ونزل يناظر الكفر بتفكير: وين رايح؟
الشخص اللي كان واضح عليه العجله: الدمام، ولازم ألحق على زوجتي تعبانه
عناد التفت يناظر حالته، كان متوتر وجبينه متعرّق رغم برودة الجو
عناد سأل: وش اسمك؟
الشخص بقلّ صبر: شدّاد، شدّاد
عناد هز راسه وأشر: استرح يا شدّاد، عندك كفر احتياطي؟
شدّاد هز راسه: عندي
رن جوال شدّاد وابتعد عن عناد يرد على جواله
والتفت عناد يفحص الكفر ويسمع صوت شدّاد المتوتر
نزل عناد لمستوى الكفر يصلّحه ويبدّله ببراعة
دقايق وانتهى والتفت لشدّاد: تقدر تمشي الحين
شدّاد هز راسه وركب السيارة بعد ما شكره وتراجع عناد ينفض يده وركب سيارته يكمل طريقه للمزرعة

بنفس الوقت اللي مدّت وتين العبايه لوجد: جربيها مقاسك ولالا
وجد لبستها وابتسمت حنين تشوف العبايه اللي ناسبت وجد وفاقت توقعاتهم
وجد بامتنان: تجنن الله يسلم هاليدين
وتين بابتسامه: قررت أسوي لي براند
وجد شهقت: كذابه!
حنين ضحكت: ما نامت من أمس تفكر وتخطط
وجد فزّت بحماس: بقوم أجيب لابتوبي ونسوي لك دراسة جدوى كاملة ونصمم الموقع والشعار مافي وقت
ضحكوا التوأم على وجد اللي أسرعت بخطواتها للغرفة
ثواني وطلعت من غرفتها بيدها جهازها والتفتت لتميم اللي طلع من غرفته و يلبس جاكيته
وجد باستغراب: صاحي هالوقت وش عندك؟
تميم: عندي تدريب للبطوله
مشت وجد وراه: ليش ما تتدرب هنا بالاسطبل
تميم: لازم أروح للنادي وباخذ معي الرعد، انتبهي للاسطبل ولا تتركين الأنوار مفتوحة
طلع وطاحت عينه على التوأم وابتسم يلوّح لهم من بعيد وكمل طريقه للاسطبل بخطوات متسارعة
تحت نظرات حنين الفضوليه تشوفه ينط السياج ويصفّر للرعد
وجد جلست والتفتت لهم: ما ظنتي بنلعب مع الرعد اليوم، تميم عنده تدريب بالخبر
حنين بفضول: متى البطولة؟
وجد رفعت أكتافها: اتوقع الاسبوع الجاي بس باقي ما تحدّد الموعد
هزت راسها حنين والتفتت تشوف انشغال تميم مع مشاري اللي طلع يساعده بنقل الخيل بالسيارة المخصّصة له
وتقدمت وجد تجلس بينهم تفتح لابتوبها: والحين نرجع لموضوعنا
دخل عناد بسيارته من انفتحت بوابة المزرعة ووقّف يشوف السيارة الكبيرة اللي عند الاسطبل
نزل يعدّل نظارته الشمسيه ومشى للاسطبل يسمع ضجّة تميم ومشاري
تراجع مشاري من صهل الرعد بوجهه وطاح وارتفعت ضحكات تميم اللي يربط لجام الرعد
مشاري ناظر الجرح بذراعه وتأفف: والله يا خيلك نفسيه!
التفتوا لضحكات عناد اللي تسنّد على السياج: كيف طعم الرفسه؟
مشاري قام ينفض الغبار عن ثوبه: عاد انت متعود عليها ما يحتاج تعرف
لوّح لهم تميم اللي ركب السياره: يالله أنا ماشي دعواتكم
هز راسه مشاري ورفع عناد يده يلوّح له
والتفت مشاري من مشى تميم: يجي واحد ويروح الثاني، أبوي راجح يسأل عنكم من الصبح
عناد ابتسم: ببدّل وأجي، اغسل جرح يدك لا تشوفه أمي حصوص
مشى عناد لمدخل البيت والتفت من وصلته أصوات البنات
يشوف وجد اللي ترفع غصن النعناع قدام وتين: هذا نعناع وهذي عبايه فيه فرق!
وتين رفعت حاجبها: طيب وش فيها اذا سمّيت البراند نعناع؟
عناد ابتسم بخفوت وصدّ، ومسكت حنين راسها: بتصدّعني هالبنت
وجد التفتت من انتبهت لمشاري اللي ماسك ذراعه بألم: تعال تعال وش مهبّب؟
مشاري دخل البيت: لحد يكلمني
وتين طاحت عينها على عناد اللي نطق: الرعد رفسه
ضحكوا وناظر عناد ابتسامتها والتفت يناظر أكياس العبايات واللابتوب اللي بين يدينها
صدّت وتين من تذكرت حوارهم الأخير ليلة أمس وكلماتهم وكشّرت
ودخل عناد من انقطع تواصل نظراتهم ومشى لغرفته يدلّك رقبته
مثل وتين اللي تسندت تدلّك رقبتها: تعبت ما توقعت الموضوع مُعقد كذا
حنين ابتسمت: نتعب عشان نطير ولا نسيتي؟ قلتي لي ان هذي أجنحتنا اللي بنطير بها صح؟
وتين سكتت تفكر بكلام اختها، وفزّت: عرفت وش راح يكون اسم البراند
وجد اللي كانت مشغوله باللابتوب: وش؟
وتين ابتسمت: جَناح، بسمّيه جَناح
ابتسمت حنين، وكمّلت وتين تشرح بشغف: وأبغى الشعار رسمة أجنحة وحولها خيوط
وجد ناظرتها وعلامات الاعجاب مرسومه بملامحها
وتين ناظرتها تختم كلامها: و أبغى الثيم كله ريش، ودي البراند يطير وأطير معه
وجد ابتسمت، ونطقت حنين: بس المشكلة كيف بنرسم الشعار كذا؟
وتين رفعت أكتافها: أنا تخصصي ارسم عبايات وفساتين بس
وجد قاطعتهم: الشعار عندي لا تشيلون همه
وتين بتساؤل: كيف؟
وجد ابتسمت: هاجر تعرف ترسم
حنين بذهول: هاجر رسامه؟
هزت راسها وجد: تحب ترسم بالأيباد أكثر، بتنبسط لو طلبت منها ترسم الشعار
وتين حضنت وجد بامتنان: يا الله شكرًا وجد
تسندت وجد بتنهيده: باقي نعتمد الموقع ونطلّع لك وثيقة عمل حُر
وتين عقدت حاجبها: كيف أطلعها؟
وجد بتفكير: بتّال يعرف هالأشياء بس انه في رحلة عمل ومشغول
وتين باحراج: لا تشغلينه، ببحث عنها وأشوف
قطع عليهم خروج عناد اللي طلع بعد ما لبس ثوبه ولف شماغه متجه لبيت الشعر
ونادته وجد: عناد
فزّت وتين تهمس لها: وش بتسوين!
عناد التفت، وأشّرت له وجد: تعال شوي
صدّت وتين وتقدم عناد يناظر وجد اللي سألته: تعرف كيف نطلع وثيقة عمل؟
عناد هز راسه: أعرف
وجد ابتسمت تمد له اللابتوب: علمني
تقدم عناد ونزل لمستوى اللابتوب يأشر لوجد ويشرح لها
ناظرته وتين تشم ريحة عطره الفوّاحه، وصدّت من رفع عيونه لها
وسألت وجد: وتين تعرفين رقم هويتك؟
وتين هزت راسها تطلع جوالها: ثواني
مدّت وتين جوالها لوجد اللي كتبت الأرقام تنقلها باللابتوب
ونطق عناد يناظر البيانات: باقي الاسم واسم الأب
وجد ناظرت وتين بتساؤل، ونطقت وتين: وتين سلطان
ثواني وهز راسه عناد وأشّر: اضغطي تأكيد وبعد كم يوم اذا اعتمد الطلب بتصدر الوثيقه
وتين ناظرته بامتنان: ما قصرت
عناد نفى: لا تشكريني
وتين هزت راسها: ما شكرتك
صدّ عناد يخفي ابتسامته، وأشرت وجد على عبايتها: عناد وش رايك فيها؟
عناد اللي كان عارف انها تصميم وتين من اسم الوثيقة
و كشّر ملامحه بتمثيل: من أي خياط أخذتيها؟
وتين رفعت حاجبها: خياط وتين سلطان، عسى ما شر؟
عناد ناظرها: ما شر
وجد ضحكت: ما عليك منه هو كذا ما يعرف يعبّر
وقف عناد يلف شماغه ومشى يبتعد عن جلستهم بعد ما رفع حاجبه لوتين اللي صدّت بهمس: استغفرالله بس
وتسندت وجد تناظر اللابتوب: باقي نشتري الأغراض اللي ناقصتك للبراند
وتين ناظرتها بعدم فهم، وكمّلت وجد: ملصقات الشعار والباكجنق والأقمشه اللي ناقصتك، نشوف لنا يوم ونطلع للدمام نخلّصهم
حنين جمد وجهها من جابت طاري الدمام، ونطقت وتين: تم!
حنين التفتت لها بهمس: وشدّاد؟
وتين ناظرتها تهمس: من صار عندي جَناح محيت اسم شدّاد من حياتنا
ابتسمت حنين تتأمل وتين واصرارها، قضوا وقتهم بين عبايات وتين وأفكارها، يتناقشون عن ألف فكرة بدون ملل، تروح فكرة وتجي فكرة أحلى منها، كانت تشوف أجنحتها ترفرف حولها رغم كسورها و جروحها
دقايق وقامت وجد: نروح للاسطبل؟
ابتسمت حنين وقامت مع وجد يدخلون للاسطبل
وقفت وتين عند السياج ترفع كفها تحجب الشمس عن ملامحها وابتسمت تتأمل حنين اللي على ظهر الخيل
و فزّت من وصلها صوته: بنت سلطان
التفتت ورفعت حاجبها تسمعه ينسبها لإسم أبوها
وصدّت: لا تكلمني
تسنّد يناظر صدودها لكنه يشوف انعكاس ظلّها على الجدار، رسمة ملامحها وطرف غرّتها
وابتسم يسألها: بتسوين مشروع؟ واحد من أحلامك؟
وتين ناظرته بسخريه: قصدك واحد من أوهامي
تنهد عناد: ما قصدتك بكلامي أمس
وتين: أجل تقصد مين؟
عناد سكت ثواني: أقصد نفسي
وتين رفعت يدها تبعد خصلاتها عن عيونها ولمح عناد الجروح بيدينها…
وتين رفعت يدها تبعد خصلاتها عن عيونها ولمح عناد الجروح بيدينها
ونطقت: الأحلام انت اللي تخليها أوهام وانت بنفسك تقدر تخليها حقيقه
قاطعها عناد اللي ما شال نظراته عن كفوفها: وش جارحك؟
وتين ناظرت كفوفها: طحت
عناد عقد حاجبه: تاركتها مكشوفه! كان لفّيتيها
وتين نفت: لو لفّيت يديني ماراح أقدر أخيط
عناد سأل: خيّطتي كل هالعبايات ويدينك كذا؟
وتين ابتسمت تناظر الاسطبل والتفتت تناظره: متخيل؟ ما حسيت بألمها ولا لسعاتها وأنا أخيط طول الليل
ناظر عناد ابتسامتها ولمعة العسل بعيونها بدون ردّ
وكمّلت وتين كلامها: عرفت الشعور لما يكون عندك حلم تعيش عشانه؟ كذا يصير، كذا شعور الأحلام
ناظرها ثواني ونفى: ما عرفته يا بنت سلطان، ما عرفته
وتين باصرار: اعرفه! لا تقول أوهام
عناد ناظرها: أوهام
وتين نفت: مو أوهام!
عناد ضحك وناظرت وتين ضحكاته وصدّت بتنهيده
ونطق عناد: تدرين وش قال مخاوي الليل؟
وتين نفت: محد يبي يعرف وش قال
عناد ابتسم يسرد كلمات خالد عبدالرحمن: يقول ما يتفق مثلي ومثلك على راي، عنيد أنا وانتِ بعد مثلي عنيدة
ابتسمت بخفّه وعينها على حنين ووجد اللي لاهين مع الخيول
وتذكرت ورقة الجريدة اللي شافتها بين صناديق المستودع
والتفتت تطلّعها من جيبها: صح تذكرت شيء
ناظرها عناد، ومدّت وتين الورقة: لقيتها بين أغراض الحريق وتذكرتك
جمدت ملامح عناد يناظر آثار الرماد بالورقة بين كفوفها
وكمّلت وتين كلامها تقرأ المكتوب: خاويت الليل من أجل الحب، واضح المقال قديم وقلت أكيد ودك فيه
سكتت وتين من لاحظت شرود عناد وجمود ملامحه وناظرته باستغراب
وتين ناظرت الورقة: محروقه شوي بس تقدر تقرا المكتوب
بلع ريقه عناد يبعد نظراته عن الورقة المحروقه
كانت المره الأولى له يلمح فيها بقايا الحريق غير آثار حروق ظهره
سنين وهو يمرّ المزرعة وما تجرأ يتعدّى أسوارها وينبّش في بقايا رمادها
كان يموت ألف مره كل ليلة لأجل يتذكّر، لكنه عايش على قيد النسيان
يدري ان نسيانه نعمه، يخاف يتذكّر وتزيد نيران جوفه
يخاف من فكرة إنه يلمس رماد الذكرى الأخيرة، الجريدة اللي قرأتها أمه، و الكوب اللي شربت منه للمرة الأخيرة، واللعبة اللي لعب فيها وكانت سبب لآخر ضحكاته معها
صدّ ونفى: ما أبيها
وتين التفتت تشوف انعقاد حواجبه وضيق ملامحه
وهزت راسها تطوي الورقة: بخليها معي اذا بغيتها علمني، بس ماراح أعطيك إياها
ناظرها عناد، ورفعت حاجبها وتين: الشيء اذا أخذته ما يرجع
عناد ابتسم بخفوت: مثل ولّاعتي؟
هزت راسها وتين بالإيجاب بصمت
وحشر عناد يده بجيبه يطلّع الولاعة: اشتريت جديدة
وتين طلّعت غصن الخزامى من جيبها: وأنا قطفت غصن جديد!
تعليقات