رواية لعنتي جنون عشقك الفصل الاول 1 بقلم تميمه نبيل
رواية لعنتي جنون عشقك الفصل الاول 1 هى رواية من اجمل الروايات الرومانسية السعودية رواية لعنتي جنون عشقك الفصل الاول 1 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية لعنتي جنون عشقك الفصل الاول 1 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية لعنتي جنون عشقك الفصل الاول 1
رواية لعنتي جنون عشقك الفصل الاول 1
(ها قد فعلتها مرة اخرى ... وكنت قد أقسمت الا ابيع روحى ثانية
تطلعت الى صورتها فى المراة فلم ترى سوى صورة باهتة لجسم بلا روح و عيون هربت منها الحياة فأبت ان تذرف دموع لا تستحقها فلقد نضبت من عينيها دموع الشفقة على الذات
نظرت الى صورتها بفستان الزفاف
طبعا اليست هى الليلة عروس
ارتسمت على شفتيها ابتسامة مريرة قاسيه
(عروس ...)
لكم راودتها احلام هذا اليوم الابيض الذى تصبح فيه اميرة ليأتى اليها حبيبها و يخطفها على جناحه
لكن كما يقال ( احذر مما تتمناه ) فها هي عروس للمرة الثانية
ولكن بالتأكيد ليست اميرة بل هى سلعة كما المرة السابقة
لكن هذه المرة اعلى ثمنا و احط قدرا
اظلمت عينيها
وهدر صوت فى اعماقها
و من احط قدرا من نساء الراشد
ايثار
.. سابين .. حلا .. و سما الراشد
لعنة نساء الراشد
الفصل الاول
أفاقت من أفكارها المريرة على صوت باب غرفة النوم و هو يفتح بلا استئذان و طالعتها فى المرآه صورة مشتريها يقف باب الغرفة
.......وحش آل مهران ........
ينظر اليها بقسوةٍ و لمحة من الازدراء الخفى و لكن ما انطلق بوضوح من أعماق عينيه هى الرغبة.....
عادت الى ذاكرتها تلك الكلمات السوداء وهي تنطق بضحكةٍ بشعة يتردد صداها في أذنها الى الآن ....بالرغم من مرور خمس سنوات الا أنها تتذكر تلك الكلمات
(ألم تري الرغبة في عينيه حين ينظر اليكِ .....ألم تشعري بها في لمساته ...لن تكوني ابنة ايثار الراشد اذن إن لم تفعلي.....)
الآن فقط تستطيع أن تراها .... ترى نظراته التي تتعمق و تلمع لرؤياها .....كيف لم ترها منذ سنين , وكيف ستتحملها من الآن
خوفا دائما ما كانت تحاول اخفاؤه .وكانت تظن أنها قد دفنته منذ سنين عديدة عاد خوفها القديم ليدب فى أعماقها بأشد صوره
..........................
جميلة ......جميلة .......لم يرى أجمل منها أبدا ..... و جه ملاك يشع براءة ...... براءة هى حتما لم تعد تمتلكها .....
حلا .. لكم انطبق أسمها عليها ....... و من أحلى منها ......
عيناها بركتان من العسل الصافى المختلط بخضار البحر فى ساعة الغروب . شعر عسلى حريري داعب أحلامه , لكم تمنى أن يدفن وجهه فى الخصلات الحريرية الطويله الا أنه الآن مقيد بتصفيفة معقدة تستفز أصابعه لتجذبها من شعرها بما يعتمل في نفسه من مشاعرعنيفة غاضبة تهدد بالتفجر فى أية لحظة
جسمها الشبيه بالتماثيل الاغريقيه الرخامية البيضاء التف بأغلى و أرقى فستان زفاف صمم خصيصا لها بناءا على أوامره و كما توقع جعلها كأميرةٍ هاربة من كتب الأساطير ............
الا أنه متأكد أنها حتى لو ارتدت قفطان من أرخص المواد لاستثارت مشاعره بنفس القوة التى تستثيره بها الآن ........داخلها سحر وديع ينهش أعماقه الرجولية.................................. .
مشتريها .., أو اللفظ الأكثر رقيا .....زوجها و الذى عقد قرانها عليه منذ ساعات قليله
ادهم مهران سليل عائلة مهران أو الأصح امبراطورية مهران العريقة الأصل و النسب ........الوحش الأسمر الذى لا يتحداه الا مجنون
اسم ترتجف له الأبدان فى عالم الأعمال معروف بقسوته و انعدام الرحمة من قلبه
المشترى الذى دفع ثمنا باهظا ليحصل عليها لتزين قصر مهران من جديد
نظراته الجائعة بعثت الرعب فى أعماقها و خوفا من أن تستسلم لنوبه من نوبات الهيستيريا القديمة اتبعت أسلوب الهجوم
(ماذا تفعل فى غرفتى .. يجب أن تعلم من البدايه أننى أقدس خصوصيتى )
ساد صمت مرعب فى الغرفة بعد أن انطلقت جملتها الحمقاء . لم يتحرك تعبير وجهه الا من انقباض عضله صغيرة بجانب فكه . لم تدرى ما الذى أصابها و جعلها تتحدى الجانب الشيطاني بداخله
اقترب منها ببطء فتراجعت حتى اصطدمت بالطاولة خلفها . توقف على بعد خطوة منها و عيناه المرعبتان تأسران عينيها . انزلقت نظراته الى صدرها و الذى أخذ يرتفع و ينخفض بسرعه , اشتعلت عيناه بنيران سوداء مما جعلها تشهق شهقة مكتومة
غرفتنا يا عروسي الصغيرة ).....انطلق صوته العميق القوى النبرات و كأنه مطرقة ضربت أعماقها المرعوبة.. .(
لم تعرف كيف خرج صوتها المرتعش من شفتيها المرتجفتين
(لا أفهم .. ما معنى غرفتنا )
(معناها انها غرفتى و أنتِ حبيبتى حللت عليها بصفتك زوجتى (
تجاهلت الرعشة التى أصابتها من لفظة حبيبتى و حاولت التركيز على صدمة ما قاله
شعرت أن ساقيها بدأتا فى التهاوى من تحتها . وكان مجرد بقائها واقفه يعتبر معجزة
تحشرج صوتها
( لم نتفق على البقاء فى غرفة واحدة )
ظهرت ابتسامة تسلية خطيرة على زوايا فمه
(لا يحتاج الرجل الى اتفاقٍ مسبق للحصول على زوجته فى غرفته)
رفضت أن تصدق المعنى المبطن لعبارته , و بصوت مرتعش دب الرعب جليا به
(لكن يا ادهم ......... أنت تعلم أن زواجنا ليس ................)
لم تستطع أن تكمل الجمله ليست واثقة تماما مما يقصده
سأل بسخريهٍ وقد أعجبه اتجاه الحوار
؛(ليس ماذا؟ ..............)
ارتبكت و تشوش عقلها وقالت بخفوت
(أنت تعلم أن زواجنا يقتصر على الظهور أمام مجتمعك العالى . أنت أردت زوجة مناسبة لا تتدخل بتفاصيل حياتك مقابل مساعدتى أى أنه زواج صورى)
أضافت الكلمة الاخيرة بصوت أشد خفوتا و قد التهبت وجنتاها بلونٍ أحمر قان
انتظرت أن تسمع منه استهزاءا بما أخطات فهمه الا أنه قال بصوت واضح
(لست واثقا أننى ذكرت أن زواجنا سيكون صوريا فى أى مرحلةٍ من مراحل اتفاقنا )
شعرت أن جدران الغرفة قد أطبقت عليها و نشب الذعر مخالبه فى قلبها , لقد كان يقصد فعلا ما فهمته و بهلع حاولت تذكر أنها أفهمته بصورةٍ غير مباشرة عدة مرات بأنها غير مهتمة بالناحية الزوجية أو أى شىء خاص قد يجمع بينهما صحيح...... لم تذكر ذلك مباشرة ..... خجلها منعها من قولها صراحة أمامه الا أنها كانت واثقة أنه فهمها و لاقى هذا الاتفاق توافقا مع شروطه
شعر ادهم بقبضةٍ تعتصر صدره وهو يراقب اهتزاز عينيها بما تعانيه من عذاب صامت يفترسها ..........لقد حاولت بالفعل أن تذكر ذلك وتفهمه عدم رغبتها ........ و قد فهم ........و أوهمها بموافقته الا أنه كان ينتظر أن تكون حمامته ملكه و بقفصه فلقد تعب كثيرا حتى وصل اليها ولن يتركها الآن .............
ارتعاشها . تنفسها السريع, كلماتها القليله الخافته فى هذا الوضع الحميم......... كل هذا يلفه ويكاد يفقده سيطرته و إرادته مهددا بانقضاضه على حمامته و افتراسها بعد أن أصبحت ملكه..........
لكن وبكل هدوء لا يقارن بما يجيش بداخله قال بمنتهى الوضوح
(دعينى اذن أوضح .... أنك أصبحتِ زوجتى و ستشاركيننى فراشى ايفاءا منك بشروط زواجنا .. هل أصبحت واضحا الآن حلا الراشد؟)....
شعرت أنها ماتت فى هذه اللحظة ألف مرة
يا ربى كيف فعلت هذا بنفسى............ ها هو مشهد عذابي يتكرر من جديد .
↚
تيبست ساقاها و هى تراه يقترب منها بخفة الفهد الذى يستعد للانقضاض على فريسته , بالكاد صدرت عنها صرخة مخنوقة
(ابتعد .........لا تقترب منى)
لكن ظل يقترب ببطء لا يبعد عيناه عن عينيها ...... فصرخت بحماقةٍ وتهور كلماتٍ كانت محفورة في ذاكرتها بحروفٍ نطقها لسانٍ بغيض منذ سنوات
(أعلم جيدا أنك دائما ما كانت أفكارك قذرة تجاهي , لطالما شعرت بيديك على جسدي .....لطالما رأيت نظراتك الوقحة الي )
تسمر مكانه فجأة ......واشتعلت عيناه وحشية زادتها رعبا و كأنه لم يتخيل يوما أن يسمع ما نطقت به للتو ...... هي حلا ........دونا عن الجميع ........
لم يستطع بعد لحظةٍ سوى الهمس بصوتٍ خطرٍ كالفحيح
( لقد أخطأتِ ...... لقد أخطأت للغاية يا حلا .... ولم يكن عليكِ اثارة غضبي الليلة تحديدا , فقد كنت أنوي أن أكون رقيقا معك صدقيني )
اتسعت عيناها و فغرت شفتيها بأنفاسٍ تخرج متهدجة من هولِ ما سمعت ......لقد أيقظت الوحش .......
حاولت الهرب فى لحظة فزع الا أنه انقض عليها و انتشلها من خصرها بين ذراعيه ملصقا ظهرها بصدره , أخذت تتلوى و تطوح بساقيها و ذراعيها بدون أن يؤثر ذلك على شيئا من قوته
صرخت .... صرخت عاليا برعب وقد بدأ جسدها في الإنتفاض بشدة , وفى لحظة استطاعت الفكاك من بين ذراعيه ليعود و يجذبها اليه مرة أخرى . مد يده و انتزع طرحتها و رماها أرضا و بدون أن ينطق بحرف واحد و بينما هى تتلوى بين ذراعه الفلاذية أخذ يجذب دبابيس شعرها لتتساقط خصلات شعرها وحدة تلو الأخرى حتى انتهى ثم تركها لتهرب جريا الى باب الغرفة الذى اكتشفت أنه قد أغلقه بالمفتاح , استدارت بسرعة ملصقة ظهرها بالباب تحدق به برعب و بعيون دامعة متسعة و صدر يخفق فى عنف بينما خصلات شعرها الحريري متناثرة بهمجية حول وجهها وصولا الى خصرها . لم يرى فى حياته منظرا أجمل مما يراه الآن و كأنه اقتحم مملكة أحلامه و سبى ملكتها و ها هى أمامه و ملك يديه لن يثنيه عنها شيئا يكفيه ما ضاع منه سابقا ، لقد كان مغفلا ! مغفلا وهو يظن ان براءة روحها لن تدنس . اقترب منها ببطء شديد متأملا كنزه الغالى , صاحبة السحر المجنون حتى وصل اليها ولامس صدره صدرها الخافق وقف للحظة واحدة فقط ثم اعتقل خصرها بين ذراعيه مكبلا حركتها
.......... ببطء شديد حتى لامس فمه دفء عنقها هبط وجهه اليها
شعرت بالهلع و لم تستطع منع صرختها لكن هيهات فمن سيسمعها في هذا القصر المنيف و حتى إن سمعوها فمن المجنون الذى سيجرؤ على التدخل بين الوحش و زوجته
حاولت الصراخ مرة أخرى الا إنه كتم صراخها بشفتيه , كانت قبلة صادمة لها أودعها مشاعر غريبة عليها..لم تشعربمثلها من قبل , و فى غمرة ذعرها عضت شفته السفلى بأسنانها الصغيرة
تأوه و مسح الدم من شفته بظاهر يده ثم نظر اليها و ابتسم هامسا
(لازلت تحتاجين الى التأديب يا حلا الصغيرة ...... يبدو انني لم أحسن تربيتك )
شعرت بنفسها تسقط الا أنه تلقاها بين ذراعيه و حملها في حركةٍ واحدة ...نظرت اليه بعينين متسعتين مرتعبتين تستجديه بهيستيرية
(أرجوك يا ادهم ارحمني .... أنا أعتذر ... أعتذر ..... لن أغضبك مجددا )
تترجاه بعينيها أن يتركها اكراما لعمرها الذى قضته أمام انظاره ..........الا إنه لم يقابل نظراتها المستعطفة سوى بنظراتٍ قاسية لمحت بين زواياها ظلال الألم ...........هل هي تتوهم .... لماذا سيشعر ادهم مهران بالألم ... ولماذا سيشفق على ابنة ايثار الراشد و يمنحها الرحمة ............
حين أنزلها الى الفراش .. اتسعت عيناها اكثر و ازدادت هلعا .... ما المصير الذى ستواجهه الآن .....إن كان ماشهدته سابقا يعد عذابا فما الذي ستراه من وحش آل مهران الآن ؟............
ظلت تهذي و قد بدأ الدوار المعتاد يلفها و الأنفاس تتسابق لتخرج من صدرها دون أن تعود
( أرجوك ......أرجوك لا تؤذني )
راقبته بأنفاس مجهدة يفتح أزرار قميصه بنفاذ صبر أدى الى تمزق معظمها , خلع قميصه و رماه أرضا أغمضت عينيها بشدة و ازداد هذيانها ....فشعرت بيديه تمتدانِ اليها ....فشهقت عاليا وانهمرت الدموع من عينيها المحكمتين بشدةٍ ورعب
سمعت فجأة صوته يهمس في أذنها
( شششش......لا تخافي , لن أؤذيكِ أبدا ..... فقط ثقي بي )
بدأت مقاومتها تتلاشى من شدة الدوار و الإجهاد
لامست شفتيه أذنها و هو يهمس
((سأجعلك تنسينه ...بل سأجعلك تنسين كل رجل وقعت عليه عيناكِ الجميلتان, ستنسين زواجك البائس السابق و ستتذكرين اسما واحدا فقط ......ادهم ... مهران )
ازداد انهمار دموعها الصامتة من بين جفنيها المطبقين بشدة و أومأت برأسها في طاعةٍ تامة خوفا من بطشه ............وفعلت ما أجادته لسنين طويلة .... الاستسلام ...فقد ينقذها هذه المرة من الجحيم .....الاستسلام وانتظار الشروق .......
لكن ابواب الجحيم هذه المرة لم تفتح ! كانت تقاوم شيء آخر لاتستطيع فهمه .....مشاعر غريبة انتابتها من ذلك الوحش المصر على جذبها الى عالمه ..... بسحرٍ لم تعرفه من قبل .....وكان هذا السحر هو أخر ما شعرت به قبل أن تتنهد مستسلمة لدوامةٍ لفت عقلها و سحبتها بعيدا قبل أن تعرف الى أين سيؤول مصيرها ........
ظل يحدق طويلا بصغيرته الراقدة أمامه بلا روح ولا تزال الصدمة مرتسمة على ملامحه .. مد أصابعه المرتجفة و أبعد خصلة من شعرها مبتلة بدموعها , شعر بالإختناق فابتعد بعنف مغادرا الغرفة التى شهدت اغتيال روح صغيرته..........أخذ يدور و يدور فى شرفة القصر محاولا استنشاق نسيم الليل المظلم ليهدىء صدمته.........كيف لم يلحظ نظرة الخوف الساكنة بأعماق عينيها , ارتعاشة جسدها وكأنها لاتدرك ما يحصل فعلا !
لكن كيف ؟ كيف وقد كانت زوجة غيره
كانت زوجة ابن عمه !!
45
طلال مهران
الشاري الأول , اسمه انبعث من ماضٍ حاولت دفن ذكرياته الأليمة
منذ أن أفاقت من غيبوبتها الحتمية ... علمت بأنها أصبحت وحيدة ..... وحين تحركت بضعف شعرت بأن هناك ما قد تغير بها ولن يعود كسابق عهده أبدا ......لقد أصبحت زوجة أدهم مهران بالفعل ..... هل كان الأمر مرعبا الى تلك الدرجة ؟..... لا تتذكر .... لكن الألم لديها متمثلا في ماضيها الحقير .....أما ماحدث بينها و بين أدهم .........
سمعت صوت فتح باب الغرفة و صوت خطوات واثقة بطيئة تقترب منها , تسمرت وهي لا تزال متكورة أسفل الغطاء..... ثم شعرت بقبضةٍ من حديد تقبض على ذراعها و تجذبها بقسوةٍ لتستلقى على ظهرها
لتواجه عينيه اللتين تستعران بنيران الغضب
(كيف ؟............) كلمة واحدة انطلقت بسؤالٍ غاضب بين طياتها
لم تستطع الإجابة
(كيف؟ ............) أعاد السؤال بقوةٍ أكبر وصوتٍ أعلى بينما اشتدت يده على ذراعها
أدارت وجهها الى الناحية الاخرى , الا أن يده قبضت على ذقنها و أدارت وجهها اليه
(بقيت متزوجة من طلال لمدة ثلاث سنوات )
ثلاث سنوات !!!..... يا الهى شعرت أنها عمر طويل طويل
سنوات من عذاب لا مفر منه ....... طبعا لا يحق جوارى نساء الراشد بالفرار من قدرهن
وفى الوقت الذى استسلمت لقدرها كان القدر رحيما بها
افاقت على صرخته الوحشية
(لماذااااااا لم تخبرينى ؟.....)
(أيتها الغبية الحمقااااااء ......... هل هذا هو انتقامك الحقير منى؟)
نظرت اليه بعدم تصديق هز قلبه
انتقام؟!!!!! هل هى من انتقمت منه منذ قليل؟!!!!!!
لم أفهم ..... لم أفهم ..همست لنفسها
عاد صوته المتوحش يزأر
(هل شعرتِ أن هذا هو أفضل عقاب لي ..... )
(أن توصميني طول العمر بختم الدناءة )(هل أنتِ راضية الااااااااان)
(تحملتِ الألم و الرعب فى سبيل معاقبتى)
(هل وصل حقدك عليا الى حد أذية نفسك)(اجيييييبيييينى)
كل صرخة من صرخاته كانت ترافقها هزة قوية من يده الممسكة بذقنها
أخذت تهمس الى نفسها (يااارب اجعل هذه الليلة تنتهى ياااارب لطالما انقذنى شعاع الفجر)
الا إنها لم تجرؤ على التفوه بحرف
اشتدت قبضته على ذقنها و اقترب وجهه منها وهدر فى أذنها بهمس الوحوش
(لقد ذهب تحملك هباءا فاذا كنتِ قد هنتِ على نفسك فلماذا تهونى علي.............)
(لقد دفعت الكثير وقد جاء الوقت لأسترد ثمن ما دفعت )
دفع ذقنها بقسوة و قام مغادرا الغرفة تتبعه حمم غضبه الأسود
82
ماذا فعلت بنفسي ؟؟؟؟......يا الهي ما ذا فعلت؟؟؟..........همست برعب لنفسها
1
لم يكن يعلم أن في قلبه لا يزال هناك مكان للمشاعر , كان يعتقد أنه دفن كل ما يتعلق بها منذ باعت نفسها الى طلال
هدر الغضب القديم بداخله . لم يستطع تصديق أنها استسلمت لزيجات نساءالراشد المدبرة المشروطة
و لما لا...... اليست منهن , ورثت جيناتهن و جمالهن , عندما علم بزواجهما كان مستعدا لقتلهما معا ثم قتل نفسه
الجشعة الصغيرة .. لم تكن أكبر من مراهقة , إن لم تكن طفلة
اللعنه عليكِ ايثار الراشد مستعد لقتلك الف مرة بما تستحقين
رمى نفسه على الكرسي مسندا رأسه الى الخلف مغمضا عينيه ... كيف فعل ما فعل .... إنها حلا .... حلاه الصغيرة .... حمامته البيضاء التى تربت تحت أنظاره .....كيف سمح لنفسه بأن يجعلها تحيا لحظاتِ الرعب تلك .... لكن رعبها كان أفظع منذ البداية
شيئا ما قد أصاب حلا في ما مضى .... شيء أسود فظيع ..... لم يكن خوفها وهذيانها طبيعيا ......
صحيح أنه رأى عينيها تنظرانِ اليه بغرابةٍ قبل أن تستسلم لإغمائها .... وكأنها تسأله عما تشعر به .......عما لم تعرفه من قبله ....
الا إنه لن يستطيع أن يغفر لنفسه أبدا .... مهما كان .... كان يجب ألا يرعبها الى هذه الدرجة .....لكن ماذا يفعل وهو من آل مهران ......حين يصلون الى نقطة الجنون ......تكون هي النهاية .....
(آه يا حلا لقد أبعدتنى عنكِ بانتقامك الغبى مسافات و مسافات .........حمقااااااء.......حمقاء و قد حررتِ الوحش الكامن في أعماقي)
يا الهى كم اريدك يا حلا
↚
اشرقت الشمس و القت باشعتها الذهبية على خصلاتها المتشابكة الهمجية المتناثرة على وسادته , اخذ يتاملها طويلا , لا يشبع من النظر الى جمال وجهها ابدا, مد اصبعه ليمر به ببطء على وجنتها الناعمة نزولا الى فكها فعنقها الابيض الطويل ,
استمر اصبعه فى النزول وهو مغمض العينين , وسيطرته على نفسه تهدد بالانهيار.
فتح عينيه حين شعر بها تتململ من سباتها .
فتحت عينيها ببطء شاعرة بخدر غريب فى كل انحاء جسدها , اخذت تتمطى حتى اصطدمت عيناها بعينين قاسيتين تنظران اليها نظرة غريبة نشرت الذعر فى اوصالها .
شهقت بصوت عالى و انتفضت جالسة فسقط الغطاء الى خصرها ,فرفعته فى هلع الى عنقها و رفعت ركبتيها الى صدرها و انكمشت ملتصقة بظهر بظهر الفراش مرتعشة و متسعة العينين.
امتدت لحظات الصمت بينهما و هما يحدقان ببعضهما , اغلقت عينيها منتظرة ما سيوقعه بها ,
انتظرت ... انتظرت
فتحت عينيها لتجده لا يزال ينظر اليها الا ان يداه انقبضتا فى قبضتين اظهرتا بياض مفاصل اصابعه من شدة ضعطه عليها .
(جهزى نفسك للنزول وتناوا الفطور معى)
ثم قام من على حافة الفراش وغادر الغرفة مغلقا الباب خلفه ,ظلت تنظر الى الباب طويلا وهى لاتعلم انه مستند عليه من الناحيه الاخرى مغلقا عينيه
(كم اكرهك يا حلا ..........يا حبيبتى يا احلا النساء)
45
راها قادمة الى الشرفة بخطوات متعثرة , يا الهى كم بدت مراهقة بريئة بثوبها الابيض و شعرها المربوط .
هذه الجميلة هى ملكه , احساس كاسح بالمتلاك اجتاحه ,جلست ببطء و تردد على الكرسي الوحيد والموجود بجواره , لم ينطق اي منهما بكلمة , ظلت هى مطرقة براسها و ظل هو ينظر اليها لا يشبع منها .
عادت به ذاكرته الى يوم راها اول مرة
نظرات عسلية بريئة , شفاة كرزية وجنتان كالتفاح و ابتسامة ملاك و ضفيرتان بلون الذهب , لم يرى طفلة اجمل منها يوما .
كائن خرافى ذهبى يقفز و يدور مقهقها فى بهو قصرهم . لم يدرى كم بقى يراقبها ينهل من الوهج الذهبى الذى تثيره حولها .
نزل درجات السلم ببطء حتى وقف خلفها و هى لا تزال تقفز , انطلقت منها صرخة طفولية حين التفتت لترى هذا العملاق الاسمر خلفها ينظر اليها من علو بنظرات صارمة .
شعر بالتسلية و هو يرى ما اثاره من رعب لديها .
سالها بصوت قوى (من انت ؟)
بقيت صامته فاغرة الفم و قد عجزت عن النطق
ارتفع صوته قليلا ؛(سالتك سؤالا ....)
صدرت منها همسة طفوليه لا تسمع
انطلق صوته مرة اخرى
(لم اسمع )
(حلا) كلمة واحدة وصلته بالرغم من خفوتها
(و من تكونين يا انسة حلا ؟..)
اطرقت راسها مرة اخرى و لم ترد
(حلاااا)ارتفع صوته بنداء اشد و اعلى نبرة و اكثر صرامة
وصله صوتها الخافت
(حلا الراشد)
وكانت بداية دخول لعنة نساء الراشد الى حياة رجال مهران
8
ايثار الراشد
اسم جلب لعنة اصابت حياتهم ,ولم يستطيعوا الفكاك منها الى اليوم
ايثار .. ذات سحر اسود يسبى كل من يراه ليجعله اسير محرابها ,يوم دخلت ايثار قصرهم و راها عرف ادهم انها لن تخرج منه ابدا ,
عينيها قاسيتين بلون الفيروز تسبيانك و تركعك تحتهما, شعر اسود طويل كليلة لا تنتهى , قوام كلحن فاجر يابى ان يحرر من ينظر اليه
(ادهم ...ايثار زوجتى)
جملة لن ينساها ابدا شلت اطرافه وقتها جملة صدرت من امبرطور عائلة مهران .
ادرك ادهم ان صاحبة السحر الاسود قد فعلت المستحيل و اسقطت الامبراطور من عليائه ,
دخلت ايثار الراشد القصر تصاحبها ثروتها الصغيرة
سابين طفلة فى السادسة من يراها يجزم انها سترث سحر ايثار الاسود الذى ستسبي به كل من يراها
نفس الخصلات السوداء المجنونة , نفس النظرة الفيروزية الفجة
سما , دمية صغيرة عيناها بلون السماء الصافية تحمل براءة بعيدة عن نظرة اختها , وخصلات شقراء ملفوفة كشعر دمية
و اخيرا حمامته الذهبية التى تحمل كل معانى الجمال فى نظرتها التى تمتزج فيها البراءة بالشقاوة بوهج ذهبى خاص بها تشعه على كل من يراها
اين ذهب هذا الوهج الذهبى حمامتى , اين اختفى شعاعك الذى كان ينفذ كالسهم الى قلبى و انا اسقط بكل استسلام لسحر احدى بنات الراشد .
افاق من ذكرياته على صوت تحطم شىء على ارضية الشرفة الرخامية , نظر اليها و قد اوقعت فنجانها من بين اصابعها المرتجفة .
جثت على ركبتيها عند قدميه تجمع القطع المكسورة .وهو ينظر اليها من علو , لحظات و نزل جالسا القرفصاء بجانبها و استمر فى النظر اليها و هو يكاد يلتصق بها , ارتجفت بشدة من قربه ولم تستطع رفع عينيها اليه , و من شدة ارتجافها جرحت اصبعها باحدى القطع المكسورة , تساقطت القطرات الحمراءعلى فستانها الابيض , امسك اصبعها بيده و رفعه الى فمه وعيناه لاتحيد عنها , ظلت تنظر الى الارض بينما قلبها يكاد يقفز مذعورا بداخلها من حركة فمه .
عادت المشاعر الشرسة اليه لتنشب مخالبها باعماقه و تفقده ما تبقى من سيطرته
امسكت قبضته القوية فكها بعنف و امتدت يده الاخرى لتجذب رباط شعرها محررة الخصلات الطويلة من قيدها ,جذب راسها اليه ليلتهم شفتيها فى قبله كان ينتظرها من ساعات
لم تعرف كم استمرت قبلته ,لحظات ,دقائق لن تعرف ابدا احست بالدوار يلفها و يفقدها ما تبقى لديها من قدرة على تمييز اى شىء
جذبتها ذراعيه من خصرها كقضبان من فلاذ لترتكز على ركبتيها بدون ان يحرر شفتيها من اسر شفتيه .
امواج تبلعها و تلقيها بدوامة تدوووور و تدوووور .
(سيدى لق..........اه... انا اسفه ......اسفه جدا )
رفع راسه ببطء وهو يشتم و يلعن بداخله , لينظر الى الخادمة المذعورة امامه
(اذهبى الان زينب )قالها بهدوء لا يناسب البركان العاصف بداخله
انطلقت الخادمة المسكينة مهرولة و كان شياطين الارض تلاحقها
نظر ادهم الى وجه حلا المرتفع اليه وهى مغمضة العينين ولا تزال بين ذراعيه
(حلا ..)
لم ترد بل يعتقد انها لم تسمعه اصلا , ربت على وجنتها باصبعه (حلا...)
ايضا لا رد
ضرب باصابعه اقوى قليلا على خدها (حلا افيقي........)
ارتفع جفناها ببطء لتنظر اليه عينان غلب عليهما خضار البحر فى اخر لحظات الغروب ,اول مرة يرى صغيرته وقد عصفت المشاعر بعينيها التى لطالما نظرت اليه فى خوف
يا الهى لقد كبرت صغيرته و اصبحت امراءة خلابة , لم يعرف متى كبرت ولا كيف اضاعها لتعود فى النهاية الى مكانها الطبيعى المقدر بين ذراعيه
34
(وعدا منى و لنفسى ... لن اضيعكى ثانية ابد الدهر.. يا حلا الراشد)
10
كانت تجلس على كرسي مكتبها بداخل احد فروع امبراطورية مهران
واضعة ساق فوق الاخرى باناقة , وكعب حذائها الرفيع الشديد الطول يطرق بانتظام سريع على ارضية الغرفة .
(هناك شى خاطىء ..... استشعره بداخلى )
مرت عدة ايام و لم يهاتفها كعادته , منذ ان ابلغها انه سيتغيب عن العمل لعدة ايام فى مكالمة مقتضبة رسمية لا تشبه مكالماته العاطفية الطويلة التى كان يمطرها بها بعد العمل وكان بقائهما معا ساعات العمل لا يكفيه
(اين انت مازن مهران .. يستحسن ان يكون لديك عذرا قويا )
(لست انا مازن مهران )
ظلت تحدق امامها بصمت هائج
كانت سارحة فى افكارها و لم تشعر بدخول احدا الى الغرفة الا بعد ان رات جدارا بشريا يعيق مجال الرؤيا امامها تماما
تاملت نظراتها الجدار البشرى الضخم العضلات ببطء شديد صعودا الى اكتافه ثم الى وجهه .
وجه وسيم وسامة رجولية سمحة لكن ايضا قوية الشكيمة , شعرا اسود قصير انتشرت به الشعيرا الفضية و ازداد انتشارها على جانبي وجهه لتعطيه جاذبية غير موجودة عند الكثير من الشباب الشديدى الوسامة , اما عيناه فهى قصة اخرى فهى للوهلة الاولى عينان بنية طيبة رقيقة انتشرت بعض الخطوط الدقيقة على جانبيها .الا انك حين تطيل النظر اليهما تجد باسا و صلابة تثير الرعشة فى الجسد .
استمرت فى النظر الى وجهه و هى مستندة الى ظهر كرسيها ممسكة بقلم تلعب به باستهانة بين اصابعها المصبوغة بلون احمر قان .
لم تنزل حتى ساقها من على الاخرى احتراما .
وقحة , كان يعلم انه سيجد فى هذا الكرسي اكثر النساء وقاحة , الا انه حين راها على الحقيقة اشتدت نيران الغضب بداخله من شدة وقاحتها .
حتى شكلها شديد الوقاحة . شعر اسود مجنون يحاول الصمود فى قيد ربطته خلف عنقها البيضاء الطويلة .,شفتان مكتنزتان اكتنازا يكاد يكون غريبا و مصبوغتان بلون احمر قان يتناقض مع النظارة العملية ذات الاطار الاسود التى تغطى عينيها بدون ان تخفى لونهما الغريب , لون فيروزى داكن يختلط فيه الاخضر الداكن بشظايا زرقاء لاهبة
عينان جميلتان تشبهان الاحجار الكريمة الا انها اشد قسوة منها
همس لنفسه
(ها قد جئت اليكى .. و ساذيقك اياما اشد ظلمة من ليل شعرك الطويل ... يا سابين الراشد)
↚
استمرت سابين فى النظر بتسلية الى الكائن المفرط الرجولة و جاذبية امامها و قد ارتفع حاجبها الايسر قليلا وهى حركة ملازمة لها تقديرا لاى جاذبية رجولية ما ان تستشعرها .
ارتفعت زاويتي شفتيها المكتنزتين قليلا و قالت بصوت عميق ناقوسي ذو بحة غريبة سقط فى هواها اشدالرجال (نعم؟!..)
كلمة واحدة قليلة الحياء من فتاة وقحة مغرورة لا تليق ان تكون صاحبة مركز مهم مثل منصب مديرة مكتب مازن مهران .
ظل لحظات واقفا امامها كالجبل الشامخ و يديه فى جيبي بنطاله , عيناه لا تحيدان عن عينيها فى اختبار لقوة الارادة بينهما , استمرت اللحظات البطيئة حتى سرت بجسدها رعشة خفية جعلتها تطرف بعينها , فقط طرفة واحدة هو لاحظها و انتصر وظهر انتصاره فى عينيه مما اشعل غضبها .كانت حربا شعواء مدتها لحظات قليلة استشعرت فيها ما له من باس و صلابة جديدين عليها, وكان تاثير ذلك عليها يماثل غضب سنين و قرون.
(من فضلك يا انسة اتبعينى الى المكتب لنناقش امور العمل)
......عبارة مهذبة بصوت رجولى عميق صادرة من الكائن البشري الضخم امامها .
فغرت شفتيها الجميلتين لحظة لتعود وتزمهما لتمنعهما من قول ما لا يحمد عقباه.
(هلا تتكرم سيادتك و تشرفنى بمعرفة هويتك)قالتها بسخرية شرسة
ارتسمت سخرية قاسية على زوايا فمه و قال
؛(الان وقد سالتى بادب ... اعرفك بنفسي .انا احمد مهران مديرك الجديد).
.................................................. ...............................
كانت جالسة على فراشها تضم ساقيها الى صدرها و تؤرجح نفسها الى الامام و الخلف فى حركة رتيبة بينما عيناها لا تريان امامها , منذ ان فرت من امامه صباحا الى غرفتها لم تخرج منها .
انها مرهقة , مرهقة جدا هذا كثير عليها فى اقل من عشرين ساعة شعرت انها تموت و تحيا الف مرة . يا الهى اقل من يوم و ها انا اكاد ان انهار كيف ساكمل هذا الاتفاق اللعين .
ترى هل سياتى اليها الليلة .. اذا جاء ستكون مستعدة له , الليلة الماضية اخذها غدرا اما الليلة فهى جاهزة لان تنشب مخالبها فى عينيه القاسيتين اذا حاول لمسها
احمر وجهها بشدة و زاغت عيناها و تسارعت انفاسها واخذت حالة الفزع القديمة فى الظهور تدريجيا , و ازداد تارجحها الى الامام و الخلف سرعة و تدافعت الصور امام عينيها ,عينان سوداوان بشعتان تحملان كره العالم لها ...الم ..الم شديد احساس بروحها تكاد تخرج منها لتعوداليها مرة اخرى ابية ان تريحها من العذاب .
فجاة اخذت العينان السوداوان فى التباعد لتختفى و تحل محلهما نظرة من عينين اخرتين رماديتين , نظرة لطالما رافقتها من طفولتها , لطالما شعرت بمراقبة هاتين العينين لها حتى دون ان تراهما اماها .نظرة لم تفهمها قبلا .
اخذت تهدا قليلا و يعود تنفسها لسرعته العادية
(الن ياتى ...؟) همست لنفسها باحباط
اخذت حالتها الهيستيرية فى التباعد و عاد وجهها الى لونه الطبيعي
10
(ما الذى اخره ..الن ياتى ؟).
هل سيستجوبها من جديد بشان طلال ..يا الهى .....طلال كنت مؤذيا و انت حى ولا زلت مؤذيا حتى بعد مماتك .
اظلمت عيناها للذكريات البشعة .
(الم .الم وطعم الدم فى فمهاوصوتها المرتجف لم يكن هذا ضمن اتفاقنا ارجوووووك )
ظلام يحيط بها .ليال لا تنتهى مرات و مرات ....و الخلاص بالظلام المعتاد ليعود شعاع الفجر لايقاظها لتعود وتنتظر مصيرها المحتوم.
تذكرت انها همست نفس الكلمات الليلة الماضية الا ان ما تلاها كان بركانا من حمم لاهبة ثم اعقبها نفس الظلام .
(اكره حياتى . اكره عائلة الراشد و نساؤها و اكره عائلة مهران جميعهم لم ارى منهم سوى الالم ......و اكرهها هى .......اكرهها اكثر من كرهى لاى الم اصابنى)
(ما الذى اخرك..؟)همست ثانية
.................................................. ...........................
كان واقفا على الشرفة التى شهدت فقدانه لسيطرته صباحا يحاول تهدئة نفسه (اهدا يا ادهم و استعد سيطرتك التى كانت مصدر قوة لك , لن تاتى طفلة و تفقدك اياها فى نهاية المطاف )
حتى لو كانت طفلة ناعمة بيضاء ذهبية فى رقة النسيم و جمال الورود المتفتحة تثير فيك ال.......
12
لا لا يا ادهم انت تحيد عن المسار . استعد تركيزك فكر بشيء اخر اى شى
لكم يتمنى الصعود اليها و اخذها بن ذراعيه ليتركهها تبكى على صدره الى مالا نهاية , ولكنه يعلم انه ان وضع يده عليها لن يتركها . وهى ليست مستعدة بعد و هو يريد هذه المرة ان يبدا معها بالطريقة الصحيحة . لقد افسد الامر معها , افسده تماما ليس هذا ما كان يتمناه , كان يتمنى ان تتلاشى به كما تلاشى هوبها ...يريد ان تاتى اليه برغبتها ..........(اممممم حسنا لا داعى لان يتمادى فان انتظرها حتى تاتى اليه سيكون عليه الانتظار للابد.يكفى فقط ان تكون مستعدة له و سيريها هو الى اى افق من الافاق سيصل بها).عند هذه النقطة شعر بقلبه يكاد يتفجر فى صدره وهو يتذكر المشاعر التى عصفت بعينيها صباحا , هل شعرت ولو بقطرة مما شعر هو به , لا بالتاكيد لا يجب ان يخدع نفسه ليحصل على ما يريد , كل ما فى الامر ان هذا التقارب كان جديدا عليها.
لقد ضيعها طلال فى ضباب مجهول بالنسب له.صباب اسود عملاق يحيط بها
هو متاكد ان طلال اذاها بشدة ولو كان لا يزال حيا لكان قتله بنفسه , ولكنه لن يلح عليها فى معرفة التفاصيل الان ليس بعد, اه يا ادهم لايزال الطريق امامك طويلا ......
(الى متى ساظل اتعذب يا حلا ,تعالى اليا يا حلاي ...اخرجى من ظلامك و انقذينى من عذابى )
.................................................. ....................
اخذت بضع لحظات تنظر اليه بدون ان يرمش لها جفن .
اخيرا نطقت بصوتها المبحوح العميق كصوت الناقوس .
(بالتاكيد انت الان تنتظر ان اصاب بالهلع و الصدمة .... لكن احب ان اطمئنك ان ذلك لن يحدث ابدا ...فهلا تكرمت و عرفتنى بنفسك ).
رغما عنه شعر ببعض الاعجاب بالصلابة الفذة المنطلقة من عينيها . الا ان شيئا لم يظهر على تعبيرات وجهه حين قال بصوته الرخيم
(احمد مهران يا انسة .... و الان الحقينى الى المكتب )
ودخل الغرفة الرئيسية الملحقة بمكتبها بدون ان ينتظر منها رد
.................................
(احمد مهران)
اذن هذا هو احمد مهران القضب الثانى فى الامبراطورية مع ادهم مهران و المتولى فرع العمل بالخارج .
كانت تعلم انه سياتى اليها مهما طال الوقت , لقد بدات الحرب و انتهى زمن عبثها مع ال مهران .
لا بد ان الامور استعصت اخيرا على دارين لتلجا الى رجل المهمات الصعبة احمد مهران.
قامت ببطء من على كرسيها , فردت ظهرها و رفعت ذقنها و سارت بإباء تتقاطع ساقيها باناقة على ارضية الغرفة ,فتحت الباب ودخلت و قد ارتسمت على فمها ابتسامة الاستهانة بكل شىء سواها .
وقفت امامه تنظر اليه فى غرور و علياء و هو جالس فى كرسي مازن مهران , ثم اتجهت الى الكرسي المواجه له و جلست عليه بحركات مدروسة واضعة ساقها فوق الاخرى , ولا تزال نفس الابتسامة المستفزة على شفتيها.
2
رفع راسه من الاوراق الموجودة امامه لحظة دخولها و اخذ يراقبها حتى جلست امامه .
امراءة فارعة الطول ذات قوام مكتنزملفوف باستدارة يشبه قوام ممثلات الستينات, قوام لا يخفى سحره الزى الرسمى الاسود الشديد الاناقة الذى ترتديه ويصل الى ركبتيها ولكنه ارتفع عنهما لحظة جلوسها .
صحيح ان زيها ليس مصمما للاغراء , الا ان هذه المراءة تشع اغراء و سحرا اسودا ليس مبعثه ملابسها او زينتها بل هو سحر ينبعث من داخلها , سحر مغوي يسبى ناسك .
نظر اليها بعد ان جلست .
ثم قال بلهجة ذات باس شديد يهز اشد الرجال
(قفى .......لم اسمح لكى بالجلوس)
اتسعت عيناها قليلا فى اول تعبير بشرى لها منذ راها
انزلت ساقها ووقفت منتظرة التالى من الجبل الشامخ امامها .
قال بنفس اللهجة الصلبة الصارمة
(و من اليوم لا تدخلى هذا المكتب الا بعد ان تطرقى الباب و تسمعينى اسمح لكى بالدخول ..هل كلامى واضح ..........)
حاولت الكلام قائلة (ولكن قبلا كنت .........)
قاطعها بصوت اشد لهجة واقوى صرامة
(وااااضح؟)
اجابت بصوتها الناقوسي المغوي الذى اخفى تحت ذبذباته بوادر اللهب الاسود
(واضح بالتاكيد)
ثم سالته
(الا يمكننى ان اعرف على الاقل اين مازن )
انه لا يصدق وقاحة هذه المراءة وشدة انحلالها و جراتها على ان تساله هو بالذات عن مازن مهران,الا انه لم يسمح لاى من مشاعره بالظهور و اجابها باتزان
(السيد مازن قرر تولى العمل بفرعنا فى الخارج و ساتولى انا العمل هنا )
لم يفتها كيف شدد على كلمة سيد ولكنها سالته
(هل سيعود للعمل هنا مرة اخرى ؟)
قال فى نفسه (اقسم بالله انى سانهض لاصفعها ان لم تتدارك نفسها )
ولكنه اراد ان يوضح لها ما جاء من اجله و يضع النقط على الحروف
(السيد مازن سافر مع عائلته و سيستقر بالخارج )
ساد الصمت بعد عبارته الاخيرة , اخذ ينظر اليها ليرى تاثير عبارته عليها , الا انها ظلت واقفة امامه بدون ان يظهر عليها انها سمعته مما استفزه و جعله يتابع قائلا
(مازن اراد ان تلد دارين بالخارج)
صمت.....صمت
قالت اخيرا بصوت متباطىء
(هل دارين حامل؟)
ها هى قد عادت الى صفاقتها و قلى حياؤها .
(نعم اختى حامل . .هل هناك ما يضايقك انسه سابين )
ظلت صامته قليلا تحاول استيعاب ما سمعته . ثم قالت اخيرا
(حسنا فلنناقش ما اردت من امور العمل)
نظر اليها نظرة فلاذية و قرر ان يكون اكثر وضوحا معها فقال
(استطيع ان اتفهم انكى كنت معتادة على العمل مع السيد مازن و الان اذا كنتى تجدين الامر مربكا لكى , فلكى كامل الحرية فى البحث عن مكان اكثر ملاءمة لكى و لقد ترك السيد مازن خطاب التوصية لكى )
.......ران صمت قاتل فى الغرفة .
تحركت ببطء شديد امام انظاره و ساقيها تتقاطع حتى وصلت الى حافة المكتب فانحنت واضعة كفيها على سطحه و اصبح وجهها على بعد سانتيمترات من وجهه , و همست بصوت قد يسبب ازمة قلبية لاصحاب القلوب الضعيفة
(قديما فى العصور الوسطى حين كانو يريدون احالة صاحب منصب هام يحمل معه كل اسرار الدولة للتقاعد ,كانوا يقومون باعدامه بلا تردد
لذا فان كنت تريد التخلص منى فالافضل ان يكون لديك سلاحا محشوا . لاننى احمل كل اسرار امبراطورية مهران)
30
للحظة تاهت نظرته فى شفتيها القرمزيتين و هما تتحدثان بهذا الهمس الاجش .
الا انه استعاد سيطرته فى جزء من الثانية قبل ان يظهر عليه شيئا
(هل استشعر رائحة تهديد انسة سابين!)
رسمت على وجهها معالم دهشة مبالغ فيها و هى تهمس بدون ان تتحرك من مكانها
(تهديد ؟!!! يا الهى كيف فهمت ذلك ..بالتاكيد لا فانا ولائى الاول و الاخير لمؤسسة مهران ,و الان بعد اذنك ساذهب و احضر ملفات اخر معاملات للفرع لنناقشها).
راقبها و هى تستقيم و تسير مبتعدة بمشيتها المتقاطعة , استسلمت عيناه لحظة لمتعة محرمة فى النظر الى قوامها الخلاب حتى خرجت من الغرفة , الا ان صوت انغلاق الباب افاقه و جعله ينتبه الى نظرته فاستغفر الله بداخله
(الان عذرتك يا مازن فن اين لك القوة لمقاومة هذه الشيطانه صاحبة السحر الاسود)
استعاد صوت بكاء شقيقته منذ عدة شهور و هى تاتى اليه مستنجدة بان مازن على علاقة مع مديرة مكتبه سابين الراشد , من وقتها و هو يقوم بتحرياته عنها و حين واجه مازن بالامر انهار و لم ينكر فلطالما كان مازن يسهل الايقاع به .
و قد حاول ان يمتص الموضوع و ينبهه الا انه مع مرور الوقت شعر بخطورة الموقف و استلزام تدخله شخصيا خاصة بعد معرفته بحمل دارين.
فلجا الى الشدة مع مازن ثم التهديد حتى تمت تسوية الوضع و استقرار مازن و دارين الا ان وضع مازن مخيفا حتى الان فهو يبدو شخصا مهووسا مصابا بلعنه تفقده صوابه لا يعلم متى سينجو منها ..هذا ان نجا اصلا .
استعاد فى ذهنه صوتها وهى تهمس بتهديدها الخفى الحقير لذا قرر فى لحظة واحدة استبقاؤها فى العمل و بالتاكيد ليس خوفا من تهديدها الاحمق ,فهو قادرا على ان يسحقها كحشرة ان استلزم الامر . لكنه الان و بعد ان واجهها لن يستطيع ان يترك الامور عند هذا الحد
(لكم سيطيب لى تعذيبك يا سابين بقدر ما سببته من الم حولك)
29
.................................................. ................
لايعلم كم من الوقت ظل ينظر اليها و هى نائمة , انها تشبه الملاك بكل جدارة , ملاك معذب يئن كل لحظة ممزقا نسيج قلبه .
مد يده ليوقظها من نومها و يريحها من عذابها . الا انه عاد و سحب يده غير متاكد من صواب الفكرة.
(يا حلا يا حلاي كيف اريحك من عذابك ..و من يريحنى انا من عذابى )
ازداد انينها و اخذت تصدر نشيجا يمزق القلب و بدات الدموع تنهمر من تحت جفنيها المنغلقين , عندها لم يستطع التحمل اكثر فادخل ذراعيه تحت ظهرها و رفعها حتى ضمها الى صدره وهى جالسة و اخذ يهدهدها بين ذراعيه بينما كانت ذراعيها مفرودتين وساقطتين الى جانبيها و وجهها مدفون فى كتفه الصلبة تبلله بدموعها و هى لاتزال نائمة , اخذ يتعالى نشيجها قليلا فاعتصرها بين ذراعيه اكثر و اكثر و هو يهمس فى اذنها (هشششششش.....هششششش)و استمر ضاما اياها الى صدره حتى هدات الا انه لم يتركها و ظل يؤرجحها بين ذراعيه ,فجاة احس بقلبه توقف ثم عاد لينبض بعنف مهددا بالانفجار حين شعر بيد صغيرة تلامس صدره , امسك بذقنها و رفع وجهها اليه فوجد جوهرتين عسليتين مخضرتين تنظران اليه فى استسلام و ارهاق, ظل ينظر اليها و هى تنظر اليه فى صمت , وبدون ان يشعر اخذ يميل بها حتى استلقت بظهرها على الفراش وهى لاتزال بين ذراعيه بينما فمه يلتهم فمها .
كان يعلم انه لن يستطيع منع نفسه , لن يلوم نفسه اكثر من هذا فهو يسترد حقه , يسترد ما سلب منه . عند هذه النقطة اغلق عقله و غاب بها فى بحر لا قرار له
↚
شعر باشعة الشمس تداعب وجهه ففتح عينيه و تمطى بكسل كاسد اشبع جوعه للتو , لم يعرف يوما شعورا اروع من ذلك يشعر انه عاد لبيته اخيرا , التفت ليبحث عن شمسه الذهبية ليتلاشى بها مرة اخرى الا انه لم يجدها بجانبه . استوى جالسا بسرعة يجول بعينيه فى انحاء الغرفة فلم يجدها , نهض من الفراش و اتجه الى الحمام الملحق بالغرفة وفتح بابه ولكن لم يكن لها اثر .
اتجه بنظره الى بابي الشرفة المفتوحين على مصرعيهما و الستائر الرقيقة تتطاير بنسمات الهواء الباردة , فاتجه ببطء الى الشرفه و هو لا يعلم لماذا انتابه فجاة شعورا بالصقيع جمد قلبه و بعث رعشة فى جسده ,وصل الى الشرفة و خطا خطوة واحدة اليها .
تجمد فى مكانه مذعورا وقد توقف قلبه رعبا و اتسعت عيناه ارتياعا , فهناك على سور الشرفة كانت حلا تجلس عليه بقميص نومها و ظهرها اليه بينما ساقيها تتلاعبان خارج السور و شعرها الطويل يتطاير مع الهواء الذى يضرب وجهها !
بقى لحظات متسمرا فى مكانه كتمثال حجرى و قد فقدت ساقيه القدرة على الحركة .
ان غرفتهما بالطابق الثالث من القصر و اسفلها توجد السلالم الرخامية لمدخل القصر فان سقطت فستقتل فى الحال.ابيض وجهه و ارتجفت تفتاه لا يعلم كيف يتصرف فهى ان سمعته حتما سينتابها الذعر و ستسقط .
اتخذ قراره بسرعة و قد حركه اندفاع الادرينالين بجسده فسار حافيا على ارضية الشرفة خطوة خطوة و هى لا تشعر به حتى صار على بعد خطوة واحدة فقط منها , وفى هذه اللحظة و كانها شعرت بوجوده فالتفتت الى الوراء و ما ان راته حتى شهقت مذعورة فاختل توازنها ,لم يعرف كيف تحرك فى جزء من الثانية و بسرعة الفهد و لف ذراعه الحديدية حول خصرها بعد ان انزلقت قليلا من حافة السور , فسحبها بذراعه بعد ان تلقت عدة خبطات فى السور الحجرى , حتى وصلت الى صدره ثم حملها بكلتا ذراعيه و ادخلها من السور و هى متعلقة بعنقه بشدة و مغمضة عينيها , و ما ان اطمان انها داخل الشرفة حتى انزلها على قدميها و فك ذراعيها من حول عنقه بشدة .
و لم يدرى الا وهو يرفع يده عاليا و يهبط بها على وجهها بصفعة قاسية اسقطتها ارضا , اتسعت عيناها رعبا و اخذت تزحف على الارض حتى وصلت بظهرها الى جدار الشرفة وضمت ركبتيها الى صدرها و رفعت ذراعيها الى وجهها اتقاءا لمزيد من العنف .
جلس امامها على ارضية الشرفة مستندا بظهره على الجدار المقابل و هو لايزال يلهث بعنف غير قادر على التقاط انفاسه ,بعد عدة لحظات نظر اليها و هى منكمشة امامه تغطى وجهها بذراعيها وتشهق بكاءا .
هدر فيها صارخا (بامكانى قتلك الااان)
لم تنطق بكلمة و ازداد نحيبها و ارتعاشها .
قام من مكانه بحركة واحدة ووصل اليها فجذبها من ذراعها بقسوة رافعا اياها ثم ضمها بين ذراعيه بقوة كادت تحطم اضلاعها . اخذت تقاومه بضعف و قد ابقت راسها مطرقة لا تجرؤ على رفعها فمد يده الى شعرها و جذبه لترفع وجهها اليه ثم انقض على شفتيها بقبلة عنيفة حملت كل ما اعتمل فى نفسه من رعب اللحظات السابقة .
ازداد بكاءها و ارتعاشها بدرجة مرعبة فرفع راسه و نظر الى وجهها الذى اصبح يحاكى الاموات فى شحوبه فما كان منه الا ان مد ذراعه تحت ركبتيها وحملها داخلا بها الى الغرفة ثم وضعها على الفراش , بقى ينظر اليها لحظات ثم اتجه الى الحمام .
اخذت تبكى وتبكى وقد اخفت وجهها بين يديها المرتعشة وقد تعالت شهقاتها .
كان فى الحمام يحضر المعقم و القطن وهو يسمع شهقاتها الا انه لم تاخذه بها لحظة شفقة واحدة , فقسما بالله ان اعادتها لسوف يضربها حتى يكسر عظامها الى ان يحررها من جنونها .
عاد اليها و هى لا تزال تبكى ,فمد يده وابعد يديها عن وجهها بجفاء و جلس بجوارها على حافة الفراش و اخذ يمسح الجرح الموجود بزاوية شفتها و حين انتهى مد يده و رفع قميصها و اخذ يمسح الخدوش و الجروح التى اصابت ساقيها و خصرها اثناء تخبطها على حافة السور .
كانت تنظر اليه وقد هدات شهقاتها قليلا .
(انا اسفة ...) وصلت هذه الهمسة المرتجفة الى اذنيه ,فتوقفت يده لحظة ثم عاد لينظف جروحها بدون ان ينظر اليها .
(انا اسفة...) قالتها مرة اخرى بهمسة اكثر خفوتا جعلته يشك فى انه سمعها اصلا .
رفع راسه ببطء و الجفاء لا يزال مرتسما على وجهه وقال بتجهم
؛(لو كنتى قد سقطتى ..لكنت نزلت اليكى و خنقتك بيدى )
ارتسمت ما يشبه ابتسامة ضعيفة على شفتيها الزرقاوين لكنها كانت كافية لان يبعد ما كان يحمله و يجذبها بين ذراعيه ضاما اياها الى صدره و ظل هكذا طويلا وقد سند ذقنه على قمة راسها .
اغمضت عينيها و قد بدات تشعر براحة غريبة لم تشعر بها منذ وقت طويل طويل جدا
ظل يمشط شعرها باصابعه حتى بعد ان نامت
(ماذا بك يا حلا ....اين ذهبت ذهبيتى الصغيرة التى كان شعاع البهجة يقفز من عينيها ناشرا السعادة حولها).
.................................................. .......................
استمرت جلسة العمل بينهما لاربع ساعات متواصلة , لم يكن يظن ان المغوية الوقحة من الممكن ان تكون حوت عمل بهذه المقدرة الفذة , حتى الفترة التى ترك فيها مازن العمل سار كل شىء كالساعة و تم انهاء كل المعالات فى مواعيدها نظرا للسلطة الممنوحة لسابين الراشد .
فرد احمد ظهره و هو يشعر بتشنج فى عضلاته . بينما سابين تجلس امامه باناقة تتحدى تعب الساعات السابقة .
؛(حسنا ..يمكننا التوقف الان ) قالها بصوته الجاف .
رفعت عينيها من الاوراق و حاسبها المتنقل امامها ثم رفعت نظارتها الى اعلى راسها مبعدة بها بعض الخصلات الحريرية المجنونة المتساقطة , تركت نظارتها علامات حمراء بين عينيها فاخذت تدلكها باصبعيها وهى مغمضة ,فتحت عينيها ببطء و ارهاق لتجده ينظر اليها عاقدا حاجبيه .
للحظة سرت رعشة غريبة فى جسدها و قد تعلقت عيناها بعينيه فى اتصال غريب لم تستطع تفسيره .
كان ينظر اليها وهو يشعر بمشاعر غير ملائمة , فلو كان يشعر بالاغواء لكان هذا طبيعيا بالنسبة لسابين الراشد لكن يسري احساس بالتعاطف بداخله فذلك ما لم يستطع تفسيره .
انها المرة الاولى التى ترفع فيها نظارتها منذ راها و ها هو ينظر الى الحجرين الكريمين المحاطين ببركتين حمراوتين من الارهاق , لم يكن هناك ماهو اكثر جمالا بالرغم من الهلات الزرقاء التى بدات بالظهور تحت عينيها ,اما شفتيها فكانتا قصة اخرى فلقد قارب اللون القرمزى القانى الذى يصبغهما على الاختفاء لحركتها المستمرة بلعقهما كل فترة ,وتبقت فقط شفتيها وردية تبدو شديدة النعومة .وقد فقدتا ارتفاعهما الساخر لتتساقط زاويتيهما بتعب و لمحة حزن خفية ,كل هذا جعلها مثالا للانوثة الناعمة .وهى صورة مختلفة تماما عن التى راها بها صباحا .
استمر الصمت بينهما لحظات مشحونة و عيناهما غير قادرة على التحرر من اسر بعضهما البعض .قطع هذا الصمت فجاة بصوت محتد قليلا شديد الصلابة .
(اخرجى الان لقد انتهينا )
اهتزت حدقتاها للحظة ثم انتصبت واقفة بسرعة وكبرياء جامعة اوراقها و حاسبها ثم تحركت خارجة من الغرفة دون ان تنطق بكلمة مغلقة الباب وراءها بهدوء .
ظل ينظر الى الباب المغلق و هو يتسائل ما الذى يحدث له الان ليجد شعورا بالذنب يطل بداخله , انها ساحرة مشعوذة هذا هو السبب الوحيد , انها تجيد اصول اللعبة هذا هو كل ما فى الامر و هو لن ينخدع بسحرها مهما بلغ سلطانه.
بعد ان انتهى من العمل لساعة متاخرة خرج من مكتبه ومشى مارا بها ليجدها تنظر امامها جالسة على كرسيها و قد هاله ما ارتسم على ملامحها من حزن عميق , هل اللعبة انقلبت عليها ؟ هل يعقل ان تكون قد احبت مازن ؟
ياالهى ما هذا الذى يقوله القد القت عليه تعويذتها بالفعل ...يجب ان يخرج من هنا حالا قبل ان يفقد عقله اكثر من ذلك .
وقف امامها وقال بلهجة فظة
؛(لا تتاخرى غدا ..فان كان هناك ما لا اطيقه فهو عدم احترام المواعيد )
رفعت نظرها اليه مجفلة ,لتعود و تقسو عيناها و تزم شفتيها و تعود الى سابين التى عرفها صباحا
قالت بصوتها الناقوسي المبحوح
(؛ملاحظة غريبة من شخص جاء متاخرا بساعتين عن مواعيد العمل)
نظر اليها لا يصدق نفسه من شدة وقاحتها
(يبدو انك تنسين يا انسة اننى الان مديرك و صاحب العمل ..لذا فانا احذرك التزمى حدودك سابين)
خرج مسرعا قبل ان يفقد اعصابه و يتحامق عليها اكثر من ذلك ,بقيت جالسة فى مكانها غير قادرة على الحركة .
سرحت عيناها (اذن فدارين حامل ....الوغد الخائن ..اليست هى دارين التى عذبته بغرورها وتفاهتها حسب قوله الم يخبرها انهما منفصلان من شهور و يبقيان على زواجهما فقط من اجل المظاهر ).
لماذا تتعجب اليس رجلا ككل الرجال . كانت تظنه مختلفا كان رقيقا و عاطفيا لابعد الحدود ,نظرته خالية من الشهوة المقرفة الموجودة فى عين كل من يراها .
(حسنا سابين ....ستفتقدين شخصا استطاع اضحاكك يوما) .
.................................................. ........
انها تحتاج الى المساعدة و تحتاج اليها بسرعة, ان كان هناك من يستحق الصفع فسيكون هو بكل جدارة , كان يعلم انها ليست مستعدة بعد لكل هذا الارهاق العاطفى , كانت تظهر عليها الهشاشة بوضوح و الضياع ينطق من عينيها .
لقد كان نذلا انانيا لا يختلف كثيرا عن طلال , انتابته قشعريرة اشمئزاز حين قارن نفسه بطلال .
ترى هل هى السبب ؟ هل هى من تلقى لعنة على كل من يعرفها لتجعله يرغب باذيتها .
لا....لا انه ليس بهذه الدناءة انه مستعد لان يحرق حيا لتعود حلا القديمة صاحبة الوهج الدافىء .
منذ ما حدث صباحا و هو يجلس بجوارها على الفراش حتى بعد ان نامت لا تواتيه الجراة ليتركها لن يتحمل قلبه رعبا كالذى شهده صباحا ولو اقتضى الامر سيترك العمل لمن ينوب عنه و يبقى هو بجوارها ليراقبها فلن يتردد .
لكن ليس هذا هو الحل , انها تحتاج الى المساعدة و بسرعة و ليستطيع ان ياتى لها بالمساعدة التى تحتاجها لابد ان يعرف ما اصابها و اطفأالشعلة بداخلها.
طلال ابن عمه و يعرفه جيدا منذ طفولتهما و هو يعرف ميوله العدوانية العنيفة , و يعرف نظرة الجنون بعينيه لكن ابد لم يرى نظرة رغبة واحدة منه الى حلا و الا لكان قتله بنفسه ,اذن لماذا تزوجها هل لمجرد انه كان يعلم برغبته هو فيها .
لطالما استشعر الغيرة القاتلة من ناحية طلال منذ ايام شبابهما الاولى وكان دائما يتلقى منه طعنات الغدر بالظهر مهما حاول التواصل معه بناءا على رغبة والده فلقد كان طلال مفضلا دائما من عمه وكانت بينهما امورا خفية لم يحب ادهم يوما ان يعرفها لثقته انه لن يعجب بما سيعرف الا انه كان متاكد من امرا واحد وهو ان طلال كان رجل المهام الغير نظيفة فى الامبراطورية وليس هناك غيره من ابناء عمومته من يقبل بهذا المنصب ولهذا كان مهما لدى والد ادهم و هو امبراطور ال مهران .
و الضربة القاضية حدثت حين عاد يوما من رحلة عمل لصدم بخبر زواج حلا و طلال و سفرهما لقضاء شهر العسل .
اظلمت عيناه لا يريد ان يتذكر ما شعر به وقتها من خيانة كل من حوله واولهم والده الذى كان يعرف برغبة ادهم لحلا ,الا انه فضل ان يهديها للحقير طلال او بمعنى اصح اشتراها له من سليلة الشيطان ..ايثار
يا الهى لقد حطموا قلبه ولم يستطع مسامحتهم يوما .
هز راسه بعنف دافعا سيل الذكريات البائسة ليركز الان على حلا وكيفية استعادتها لنفسها مرة اخرى.
.................................................. ....................
عادت سابين الى شقتها الانيقة البسيطة بعد هذا اليوم الحافل ..و المؤلم
ما ان دخلت حتى قذفت حذائها العالى بعيدا و فكت رباط شعرها ليتدفق حتى خصرها و مشت ببطء و تثاقل الى الداخل
؛(لقد تاخرتى ..) جاء هذا الصوت المبحوح باعثا قشعريرة الغضب المعتادة بداخلها .
التفتت ببطء لتواجه المراة الممدده على الاريكة الصغيرة و ساقيها الملفوفتان مستريحتان تحتها باناقة ,ذكرتها فى جلستها بفهد اسود لامع يتمدد بكسل و غرور.
نظرت سابين اليها وقالت بصوتها الناقوسي الساخر
(الا تعتقدين اننى كبرت قليلا على طلب الاذن بالتاخير)
نظرت اليها صاحبة السحر الاسود الذى يتحدى معالم الزمن المتمثلة فى بعض الخطوط الدقيقة حول عينيها ,و قالت
(لا تبالغى فى الاستقلال ..سابين)
مشت سابين ببطء حتى وصلت الى الاريكة و لفت خلفها ثم انحنت الى اذن المراة المهيبة و همست
(غير مسموح لك بالتدخل فى حياتى ابدا ..ايثار )
ثم استقامت و سارت مبتعدة الا انها وقبل ان تختفى التفتت و قالت بابتسامة متشفية
(على فكرة ..لقد سافر مازن و سيستقر هو ودارين بالخارج..وهى بالمناسبة حامل)
غضب اسود قد يحرق العالم غطى ملامح الساحرة السوداء و اصبحت عيناها فجاة بالرغم من جمالهما بشعتان تبعثان الرجفة فى الجسد,
و لقد اصابت هذه الرجفة جسد سابين رغما عنها .
.................................................. .............
دخلت سابين غرفتها و اغلقت الباب خلفها لتكون بداخل منطقتها الخاصة الممنوعة, رمت نفسها على الفراش و اخذت تتطلع الى سقف الغرفة
(حسنا يا ايثار ..ضاعت صفقتك الغالية ..تكفيكي الصفقتين السابقتين يا ايثار .. اخرجينى انا من حساباتك الدنيئة )
داهمتها فجاة عينان بنيتان صلبتان نتظران اليها بقسوة فابتسمت قليلا بالرغم من ان حاجبيها معقودان
رن جرس هاتفها المحمول ليقطع افكارها الغريبة , فاخرجته من حقيبتها و ما ان طالعها الاسم المحبب الى قلبها حتى ابتسمت برقة و ضاعت كل القساوة من عينيهاثم ردت سريعا
(؛اهلا حياتى الصغيرة ..كيف حالك حبيبتى)
انساب الصوت الناعم من الهاتف محدثا ايها بكل رقة ليملا قلبها بشوق جارف للصغيرة الغالية, و بعد محادثة صغيرة لطيفة , سالتها سابين بجدية
(اجيبينى الان.....كيف حالك حقا؟)
وصلها الصوت الناعم يخفى تحته بعض ذبذبات الالم
(انا بخير سابين ...حقا لاتقلقى ).
......................................
جلست ايثار مكانها وعيناها محمرتان من الغضب
(الغبية ...الغبية لم تنجح فى الايقاع به , كل من يراها يؤكد انها هى انا ......الا اننى اعرف ..اعرف جيدا انها متمردة و ستظل تتمرد علي دائما, بالتاكيد لم تاخذ الغباء منى . فقط الصلابة و القوة اورثتها اياها الا انها دائما ما كانت تستعملها ضدى..
كانت تتسلى بعبث مازن .. رغم كل تخطيطى لها وايهامها لى بانها تسير بكل نجاح الا اننى كنت اعلم انها تتسلى بالعبث مع المهران و لن تحقق ما اريده ابدا , الغبية تسكننى هذه الشقة الوضيعة و اقصى احلامها الغبية هى التقدم فى منصبها فى مؤسسة مهران )
اظلمت عينا ايثار (لم استطع تحطيمها ...لكن انا لها .. و ساجعلك تبكين دما على الغالية دارين )
................................
خرجت سابين من غرفتها و قد ارتدت ملابسها المريحة لتجد ايثار جالسة بنفس الوضع منذ تركتها , اتجهت اليها و ارتمت على الكرسي المجاور لها غير مبالية بنظرة الاجرام فى عيني ايثار بل تشعر بداخلها بسعادة وحشية لانها سبب هذه النظرة ثم قالت بدون مقدمات
(لقد اتصلت سما الان......).
لم يرمش جفن لايثار فتابعت سابين
(هل تتذكرين ..كانت لديك ابنه صغيرة اسمها سما)
ثم فجاة مالت الى الامام فى حركة شرسة سريعة قد ترعب احدا اخر لكن ليست ايثار و صرخت فى وحشية
(سما .....سما يا ايثار هل تتذكرينهااا....)
ظلت ايثار تنظر امامها و قد عادت اليها ذكرى عمرها ثلاث سنوات,
حيث كانت تجلس امام زوجها امبراطورال مهران يلعبان الشطرنج , و بلا مقدمات قال بنبرة قاطعة
( اريد سما...) ولعب دوره على رقعة الشطرنج
لم يظهر اى انفعال على وجهها وهى تنظر الى اللعبة وتفكر فى حركتها التاليه وقالت بصوتها المغوى المبحوح
(وضح كلامك..) ثم قامت بحركتها
(اريدها لفارس ..)
انتظرته ايثار ان يلعب و هى تنظر اليه و قالت بصوتها المبحوح
(الا تظن انها لا زالت صغيرة )
(ليست اصغر كثيرا من حلا و ها انا اخذتها لطلال....)ثم قام بحركته
قالت بصوتها المبحوح المغوى
(لكن انظر ماذا حدث لحلا........)
قال بكل هدوء (دعينا نلعب بوضوح ....كنت تعلمين ايثار فلا تنكرى )
صمتت وقد ظهرت القسوة فى عينيها بينما تابع هو
(ثم هل تقارنين طلال بابنى فارس....)
نظرت اليه و عيناها تلعبان لعبة تحدى مع عينيه
(لكن فارس(صمتت قليلا).......ما الذى يجعلنى اقبل لسما بهذا......)
قال بنبرة قاطعة
(الثمن.........العبي) .
↚
خرجت سابين من مكتب احمد مهران و كعبي حذاؤها يطرقان على الارض معلنان عن الغضب الهمجى لصاحبتهما , وصلت الى مكتبها و رمت ملف اوراقها عليه بعصبية و انحنت واضعة كفيها على سطح المكتب و اخفضت راسها تحاول ان تتنفس ببطء و تعد للعشرة فهى مستعدة فى هذه اللحظة لان تقتل احدهم .
كان ظهرها الى باب مكتب احمد منحنيه بهذا الوضع وتطرق الارض بكعب حذاؤها الايسر بعصبية ,لم تلحظ انها نسيت ان تغلق باب المكتب و هى خارجة .فبعد ان هدات قليلا و التقطت انفاسها استقامت و التفتت لتذهب الى كرسيها , ففوجئت باحمد مهران يقف بباب مكتبه و قد دلت نظرته الجامحة على انه كان يلتهمها بنظرته و هى منحنية بهذا الوضع .
لم تدرى لماذا انتابها شعور احمق لا تدرى له اسما سبب سخونة غريبة بوجنتيها ,لطالما نظر اليها الرجال بمختلف انواع الرغبة و الاعجاب , الا ان نظرته هو ... طرقت احساسا غير مالوف بالاستجابة لديها .
استعادت سيطرتها على نفسها بقوة ارادة منقطعة النظير و فى لحظة واحدة رسمت ابتسامة حملت اغواء العالم , ابتسامة قد تسقط اعتى الرجال تحت سحر هاتين الشفتين المكتنزتين المصرة ان تصبغهما باللون القرمزى ,رفعت حاجبها الايسر الساخر و سالت بصوتها الناقوسي المبحوح
(هل يعجبك ما تراه ؟...........)
ارتفع حاجبيه و اتسعت عيناه و قد شهدت هذه الغرفة معجزة ارتباك احمد مهران و عدم قدرته على ايجاد الكلمات المناسبة .
تابعت سابين بنفس الصوت الساحر
(ان كان يعجبك ما تراه .. فانا اسمح بهذا فى سبيل صالح العمل )
ازداد اتساع عينيه حتى قارب الذهول
تلعثم قائلا (ماذا؟.....)
اقتربت منه بهدوء و هو يراقب ساقيها تتقاطعان حتى وصلت الى خطوة منه و رفعت عينيها الى عينيه و اسرتها ... و قالت بنعومة الدنيا
(طالما يعجبك رؤيتى غاضبة ... ساسمح لك باغضابى متى شئت)
احس فجاة كمن سقط عليه دلوا من المياه الباردة و هو يسير فى طريق مزدحمة .
ظل على ذهوله لحظة ثم بدا الغضب يستشري به تدريجيا حتى احمر وجهه لدرجة انها بدات تخشاه و تخشى عليه فى نفس اللحظة, فتح فمه يريد ان يصب جام غضبه عليها الا انه عاد و اغلقه و التفت عائدا الى مكتبه صافقا الباب خلفه بعنف ناسيا ما كان اتيا لقوله.
اتسعت ابتسامتها و هى تفكر ان هذا هو ما يستحقه بعد كل التعنت و التسلط الذى مارسه عليها منذ الصباح الباكر .
همست لنفسها( لقد وقعت عقد اخضاعك للتو احمد مهران ... و لكم سيطيب لى اخضاعك ).
الحقيرة .... اللعينة ......مغوية الرجال , كانت تعلم ما تفعله , انها لا تليق بالعمل هنا فى المؤسسة بل الاجدر لها العمل فى.........
استعاذ بالله من الشيطان و غرز اصابعه فى شعره مغمضا عينيه
(ما الذى يحدث لك يا احمد .......لم تكن يوما ممن ينظرون الى النساء بهذه الطريقة .........فما الذى حدث الان )
اخذ يهدىء نفسه هامسا
(انه رد فعل طبيعي .... لقد مر وقت طويل منذ...هذا هو كل ما فى الامر , لقد تصادف ان يتقاطع طريقك مع ساحرة تسبي القلوب ...الامر فى منتهى البساطة )
(استعد تركيزك يا احمد ...لن تفقدك اياه مجرد لعينة جميلة العينين و ال............)
تافف بصوت عالى وعاد الى اوراقه يحاول ابعاد غباء اللحظات السابقة عن تفكيره.
.................................................. ...........
داعبت انفه رائحة الياسمين الناعمة فاستنشقها بكل هدوء .
انها هنا تراقبه من جديد لا تكل و لا تتعب , رائحة الياسمين الرائعة تسبقها دائما وتصل اليه لتداعب حواسه , تنفس ناعم يصل الى مسامعه قد لا يسمعه غيره , تقف ما يقارب الساعة او ساعتين تراقبه وتظن انه لا يشعر بوجودها .لقد اختارت الجانب الامن بدلا من اظهار نفسها و تحمل جام غضبه وسلاطة لسانه الشبيه بجلد السياط التى كان يمطرها به .
انه غاضب ...غاضب بشدة يريد ان يقتلها , لا يتحملها و لا يتحمل رفرفتها الناعمة حوله
الا حين تتاخر نسائم الياسمين فى الوصول الى انفاسه وقتها يشعر برعشة خوف من ان تكون قد استسلمت و رحلت بلا رجعة ,فما الذى سيبقيها الان فمن اشتراها له قد رحل و بقي هو . الا انها لم ترحل .
المقاتلة الصغيرة الى متى ستتحمله ,متى ستطالب بحقها من الحياة لتنهل منه .
لم تعد طفلة انه يشعر بذلك بالرغم من انه لم يراها ابدا ,لقد تغير صوت المراهقة المتلعثم ليصبح ذو بحة رائعة , تغير صوت الخطوات الخرقاء لتصبح خطوات متزنة رقيقة ناعمة تكاد تلامس الارض من حوله .
انه متاكد من ان الوردة الصغيرة قد تفتحت الان و هى فى انتظار من يتذوق رحيقها.
اندفعت الدماء الغاضبة فى اوردته و عادت اليه الرغبة الشيطانية فى ايذائها , اعتصر الكأس الكريستالى بشدة حتى تحطم جارحا يده و فى لحظة واحدة سمع رفرفة الخطوات الناعمة بجانبه وشعر بلمسة كاوراق الورد على يده تحاول ابعاد قطع الزجاج المكسرور عنها, الا انه جذب يده بعنف وصرخ
(ابتعدى ايتها اللعينه ........الى متى ساظل احذرك من ان تلمسيني)
سمع شهقة ناعمة عكست كل الام العالم فما كان منه الا ان قام بعنف من كرسيه متناولا عصاه مبتعدا بسرعة عنيفة متعثرة و خرج من الشرفة التى اعتاد الجلوس بها وحيدا تاركا خلفه عينان مجروحتان نديتان بلون زرقة السماء الصافية و لم يصله همسا مبحوحا
(الى متى ستعذبنى بقسوتك.......)
دخل الى غرفته صافقا الباب خلفه بعنف شديد واتجه الى الحمام و وضع يده تحت الماء و هو ينظر الى المراة بدون ان يرى قسوة عينيه الشيطانية .
يا الهى نسائم الياسمين مرة اخرى ..انها حقا لاتستسلم , ظل صامتا متباعدا يستمع الى خطوات خائفة تقترب منه بحذر , انه يستشعر خوفها فى خطواتها ,خوفا من ان تضربها يده بقسوة كما فعل مرارا .
وصلت اليه وسمع نبرتها المرتجفة الهامسة
(ارجوك يا فارس دعنى انظف جرحك ....انا هنا لاخدمك فلما تعترض)
ظل صامتا وملامح وجهه تشبه الصخور فى صلابتها .شجعها صمته على مد يدها لتتناول يده ثم اخذت تنظف جروحه بكل رقة .
كانت قمة راسها تلامس ذقنه , انه يشعر بالخصلات الحريرية تداعبه ,انقبضت يده بشدة يحاول السيطرة عليها حتى لا يغرزها فى شعرها ,لقد فعلها قبلا متلمسا نعومة شعرها يومها اندلعت النيران بقلبه من لمسة شعرها و خوفا من ان تلاحظ ما انتابه من ضعف جذب شعرها بشدة فصرخت الما بينما اسمعها هو كلاما حقيرا صارخا بكل ما استطاع ان يؤلمها به.
هذه الذكرى تشعره بالم عنيف كلما تنشق عطر شعرها كما يفعل الان , ابعد رأسه عن ملمس شعرها محاولا ابعاد رائحة الياسمين عن عقله .
انتهت من تنظيف جروحه وتضميدها وقالت بصوت رقيق
(ان موعد الطبيب بعد ساعتين ... هل تحتاج الى شىء الان )
احمرت عيناه و عاد شيطانه ليسيطر عليه فمد يده بسرعة خاطفة لم تستطع تداركها فقبض على ذقنها بشدة شعرت معها انه يكاد يقتلع فكها السفلى من شدة الالم الذى شعرت به ,الا انها لم تنطق بكلمة واغمضت عينيها بشدة منتظرة ان يصب عليها كلامه المسمم الذى اعتادت سماعه ما ان تذكره بموعد متابعته مع الطبيب .
اقترب فمه من اذنها و همس همسا اجشا مرعبا
(هل تحبين ان اؤلمك ؟ الن تبتعدى عن طريقى ام انك متشوقة لما سانزله بك )
ارتجف جسدها بشدة خوفا من بطشه و تابع هو كلامه وهو يشد على ذقنها اكثر
(الى متى ستظلين هكذا ؟ ماذا تنتظرين ؟ هل تتوقعين ان اقع فى حبك ؟هل هذا ما تاملين ان يحدث ؟ هل صور لك غبائك انه من الممكن ان اشعر باى شىء .....اى شىء ناحيتك سوى الاحتقار؟
انت هنا فقط لان والدى اشتراكى لخدمتى و لقد قبضت امك الثمن فلا تطيري باحلامك لابعد من ذلك )
شعر بقطرة سائلة سقطت وانسابت على يده الممسكة بذقنها فاحس بقلبه يكاد ينفجر من مشاعر قاسية لا ترحم و بالكاد سمع همسا ضعيفا منها
(انا اعرف مكانتى جيدا يا فارس و احاول تنفيذ ما جئت من اجله وانا لا اتطلع لاى شىء انا فقط اقوم بخدمتك )
جذب ذقنها بشدة لاعلى و اقترب فمه من فمها الرقيق حتى اختلطت انفاسه بانفاسها فاخذ قلبها يخفق بعنف حتى خشيت ان يسمعه .
شعر هو بارتجاف انفاسها على وجهه ,لقد كان هذا هو رد فعلها دائما عندما يقترب منها , فان كان لا يراه فانه يشعر بتغير سرعة تنفسها على وجهه و ارتجافها مما يمنحه احساسا خياليا بالرضا و الغرور , وما ان شعر به الان حتى همس بشراسة
(هل تعتقدين ان بامكانك خداعى ؟هل تظنين اننى لا اشعر بارتعاش انفاسك و شدة خفقان قلبك كلما اقتربت منك ؟هل تظنيننى قليل الخبرة حتى لا استشعر رغبة انثى بى و ارتعاشها بين ذراعى ؟........خاصة و ان كانت غبية صغيرة مثلك)
هبط قلبها بين قدميها متحطما , لقد حطم قلبها للتو كما حطم الكأس منذ قليل .
يا الهى لم تعرف الما او خزيا كالذى تشعر به الان , كلماته كانت اشد وجعا من كل ما اسمعها سابقا , ازداد جريان دموعها لتتساقط انهارا صغيرة على يده
استطاع ان يسمع نحيبا هامسا جلد قلبه , الا انه عاد و قساه حتى لا تاخذه الشفقة بها ,طفلة صغيرة جشعة باعت نفسها من اجل ان تكون واحدة من زوجات ال مهران تماما كامها و شقيقتها , و الان تريد ان تعيش مشاعر جديدة و تشعر بانوثتها حتى وان كانت معه هو.كان يعرف كم يعرف الجميع قدرة نساء الراشد على التلاعب بصفقات الزواج الا انه لم يتصور ان ياتى اليوم الذى سيصبح فيه فارس مهران رجلا عليلا لا يجد من ترعاه ليلجا والده الى شراء مراهقة صغيرة من ال الراشد لتقوم على خدمته و اشباع غرائزه .
بعد ان كانت القلوب الهائمة تتساقط عند قدميه و كان هو يقذفها و يتلاعب بها , جاء يوما اصبح فيه يحتاج الى من تقوده بعد ان هربت منه كل العاشقات و الصديقات و الانسانة الوحيدة التى احببها و تمنى ان يتزوجها تهربت منه بعد اصابته , و حتى الممرضات و الخادمات فلا احد استطاع تحمل عنفه و سلاطة لسانه ,
حتى حاول يوما الانتحار بقيادة سيارتة و اصابته بحادث ترك عرجا خفيفا بقدمه الى الان , وقتها حان تدخل امبراطور مهران بنفسه , فليس ابنه من يهرب منه الجميع و يحاول الهروب من حياته بهذا الضعف و الجبن .
فكان ان اختار مراهقة صغيرة يملك زمام امرها بيده لتكون الدواء لابنه ليفرغ بها كل شحنات غضبه المكبوت ,الصغيرة سما التى لا تعرف معنى الرفض ,و التى تتلاعب بها امها كعرائس الخيوط ,كانت سما الاختيار الامثل لتهدئة الاسد الاعمى .
حين عرض عليه والده الامر ثار و انتفض محطما كل ما حوله لما وصل اليه حاله , الحد الذى جعل والده يلجأ لشراء زوجة خاضعة له تقوم بخدمته وتنفيذ رغباته.
الا انه و بعد ان اخبره والده بموافقة امها و قبضها الثمن الذى يجعلها تضحى بابنتها هدر الغضب و الاحتقار فى نفسه فقرر فى لحظة اعصار عاصف ان هذه الجشعة الغبية الصغيرة تستحق كل ما سيصيبها و كل ما سيوقعه بها من هوان طالما انها ارتضت بيع نفسها .
لم يكن قد راها سابقا حيث كان يعيش بالخارج معظم حياته و حتى الان , وقتها لم يصله سوى ان والده قد تزوج ايثار الراشد وجاء بها الى القصر هى و بناتها الثلاث .
الا انه لم يهتم يومها , كان متاكدا انها نزوة طارئة للامبراطور بعد سنوات العمل الطويلة بدليل انه اختار ايثار الراشد متجاهلا العداء القديم بين عائلتى مهران و الراشد , لكن بعد مرور السنوات لا يستطيع ان يجزم ان كانت نزوة او انها تكملة للانتقام القديم .
لا يستطيع ان يؤكد ان كانت نزوة او ان الامبراطور قد سقط بالفعل تحت لعنة ايثار الراشد
فقد كان تلاعبه بحياة الفتيات الثلاث قاسيا لم يستطع فارس ان يفهمه يوما, بالرغم من ان حلا و سما تستحقان كل ما اصابهما بعد ان قررتا السير على نفس نهج ايثار الراشد ,
وكانت سما الصغيرة من نصيبه هو, لم يراها لكنه سمع صوتا لا تزال الطفولة تداعبه و هى تدلى بموافقتها اثناء عقد القران ,منذ ثلاث سنوات
ثلاث سنوات هى الفيصل بين مراهقة تكاد تكون طفلة سافرت معه للخارج لتلعب دور زوجة فارس مهران و بين شابة بدأت تشعر باحتياجات الانوثة .
كان يظن بعد ان تزوجها لن تتحمل خلال شهر واحد و ستهرب عائدة الى امها بعد ان اخذتا ما يكفيهما ,كما هرب كل من عرفه واولهم حبيبته .
الا ان المقاتلة الصغيرة الى الان لا تزال تقوم بكافة ما يطلب منها و ما يملى عليها و ما يقتضيه دورها فى حياته مظهرة صلابة غريبة على فتاة فى عمرها .
مهما اهانها و ذلها و قسا عليها تعود لتقوم بكل ما يتوجب عليها من مراعاة كل شؤونه و مواعيد الاطباء و الادوية و مرافقته فى كل مكان , و حتى حين انفجر فيها لكى لا تبقى كظله ,اختارت ان تراقبه من بعيد كام تراقب طفلها الوحيد باعثة بنسائم يسميناتها الى انفاسه لتشعره بوجودها.
عاد من ذكرياته الى صوت رقيق ارتعش ببكاء صامت وهى تهمس
(لقد جهزت لك الملابس الت سترتديها ووضعتها لك على الفراش )
ترك ذقنها من يده فجاة و ابتعد بعجز وعنف , صمت لحظة يحاول ان يسيطر على شياطينه العمياء التى لا تهدأ بداخله ثم قال بقسوة
(لا تنسي ان تنظفى الحذاء ...لا اريد ان تبعثى باحذيتى لاحد لكى ينظفها كالمرة السابقة ...ستنظفينها بيدك ...احذيتى خطا احمر)
ان كان ينتظر تمردا فقد خاب امله بالتاكيد حين ردت هامسة
(لقد نظفته بالفعل و هو على الارض بجوار الفراش)
سمع وقع خطواتها مبتعدة و سريعة فاعلمته سرعتها انها ستركض الى غرفتها لتنفجر فى البكاء كما تفعل كل يوم و كل ليلة ,فهو ما ان تتركه و تتجه الى غرفتها و تغلق الباب خلفها يتجه اليها و يقف خلف الباب ليستمع الى بكائها كل ليلة .
لا يعلم لماذا شعر فجأة بيأس كئيب نهش صدره , زفر بعنف و هو يغرز اصابعه فى شعره يكاد يقتلعه من جذوره وهمس لنفسه
(لماذا دخلتى حياتى البائسة ؟.......لماذا؟)
ارتمت سما على فراشها و اخذت تبكى و تشهق و هى تهمس
(غبية .....غبية ...كيف كشفتى نفسك و كشفتى مشاعرك الحمقاء امامه , تعالت شهقاتها فترة ثم اخذت تهدأ تدريجيا حتى صمتت متنهده بأسى
رفعت نفسها من على الفراش لتنظر الى صورته الموضوعة بجانب فراشها لاتفارقها ابدا .
لم ترى من هو اشد وسامة منه قبلا ولم ترى عينان اجمل من عيناه التى انطفأ نور الحياة منهما , عيناه رائعتان لونهما اخضر داكن عاصف مشبع بالرمادى يذكرها بالعواصف الساحلية الشديدة محاطته برموش بنية طويلة رائعة لا تمل النظر الى عينيه ابدا .
وشعره بني داكن ناعم بنعومة لحيته الخفيفة التى يطلقها لتزيده وسامة . مسحت دموعها بيدها الصغيرة وهمست يا الهى ما اشد جمالك وما اشد حبى لك
نظرت الى ساعة يدها فانتفضت من فراشها غسلت وجهها و ارتدت ملابسها بسرعة ثم اتجهت بخطوات سريعة مرتعشة الى غرفته .
كان باب غرفته مفتوحا فوقفت بالباب و قد وجدته جالسا على حافة فراشه و هو يحاول ارتداء حذاؤه .
علت شفتيها ابتسامة رقيقة حانية و استندت برأسها الى اطار الباب بدون ان تصدر صوتا ,راقبته بحب و هو يتلمس حذاؤه اللامع ,
اتسعت ابتسامتها قليلا و هى تفكر بداخلها
هذا الوحش القاسي يحب احذيته و يهتم بها للغاية
, لا احد يراه بهذا المظهر غيرها ,هى فقط من تراه و هو يهتم بأشياء بسيطة ويعلو وجهه المتجهم اهتمام طفولى بريء,لقد سمعت ان فارس مهران سابقا كان مولعا بسياراته الفارهة و خيوله الاصيلة بجانب عمله وصفقاته .
الا ان فارس حبيبها الموجود امامها الان ,الوحش ذو الطفل الصغير بداخله و الذى يهتم بأحذيته لدرجة الهوس , والذى يهوى حفر الخشب لصنع منه تماثيل خشبية غاية فى الروعة قامت هى برصها فى غرفتها على الرفوف , وهو يظن انه يرميها بعد ان ينتهى منها , لا يعلم انها تعود لتأخذها وتضمها الى مجموعتها الغالية .
راقبته بعد ان انتهى يقوم وهو يحاول تزرير قميصه
تنهدت بصمت و همست لنفسها ( لقد زرره بطريقة خاطئة ......انه دائما ما يفعل ذلك حين يكون شارد الذهن )
انها هنا ....لقد وصلت نسائم الياسمين اليه ..انها هنا وتقف بالباب الذى تركه مفتوحا .
قام من على الفراش و هو يحاول اغلاق قميصه ,ثم تعمد ان يزرره بطريقة خاطئة وفكر انها ستقترب الان .
و بالفعل سمع الخطوات الناعمة وهى تقترب منه , ثم شعر بيدين صغيرتين تقوم بفتح ازرار قميصه واحدا تلو الاخر باصابع صعقت صدره بلمستها الناعمة
وبعد ان فتحته توقفت لحظة , لحظة واحدة سمع فيها صوت تسارع انفاسها التى تضرب صدره العارى فتدفق الرضا الشرس بداخله , ثم شعر بيديها تعيد تزرير قميصه مرة اخرى بطريقة صحيحة حتى انتهت .
جثت على ركبتيها امامه لتعدل من رابطة حذاؤه و ما ان انتهت حتى وقفت وهمست
(هيا لننزل ......لن يذهب السائق معنا سأقود انا )
.................................................. ................
اخذت تبكي بضعف , جالسة على فراشها و هى تراقبه يثبت قفلا متينا على شباك الشرفة مغلقا اياه بدون ان يهتم ببكائها .
استطاعت النطق اخيرا من خلال دموعها
(ارجوك يا ادهم لا تغلق الشرفة ......هل من العدل ان تسجننى فى هذه الغرفة)
قال ادهم بجفاء مصطنع يداري به تمزق قلبه
(لقد امرتك اكثر من مرة الا تخرجى الى الشرفة بمفردك و لم تنفذى ما امرتك به )
قالت وهى لاتزال تبكي
(لقد قتلنى الملل ....كنت فقط اريد الخروج الى الشرفة قليلا ....انت لا تسمح لى بالخروج من هذا القصر ........ارجوك)
قسى قلبه المتوجع وقال
(حين اكون معك تستطيعين الخروج الى الشرفة و نستطيع الخروج من القصر معا متى شئت ..لكن بمفردك ..فلا ..ابدا)
ازداد بكاؤها بشدة وهى تقول
(لم اكن انوى الانتحار يا ادهم ..اقسم لك اننى لم اكن انوى الانتحار يومها .....انا فقط كنت ............)
لم تستطع اكمال كلامها من شدة بكائها
التفت اليها بعد ان انهى عمله وقال بقسوة
( اذن ماذا كنت تنوين ؟.......... هل تستطيعين معرفة ما احسست به حين وجدتك جالسة على سور الشرفة ........هذا بالتاكيد ليس تصرف انسانه متزنة حتى و ان كنت لا تنوين الانتحار )
دمره الالم الذى ظهر فى عينيها لكنه تابع قائلا
(اسف يا حلا لكن لا استطيع المجازفة ........ ساخرج الان لان لدى القليل من العمل
, ساضطر لاغلاق باب الغرفة ولكن لن اتاخر عليك وحين اعود سافتح الشرفة
و ان احببت يمكننا ان نخرج لتناول العشاء فى اى مكان تفضلينه )
سار ناحية الباب عدة خطوات لكن اوقفه صراخها فجأة
(هل تعتقد انك بحبسي فى هذه الغرفة تستطيع منعى ان كنت اريد الانتحار )
توقف و توقفت انفاسه و التفت ببطء اليها بينما تتابع هى بشراسة متوحشة جديدة عليها لم يعهدها فيها من قبل
(هل تستطيع اخفاء كل ما هو حاد او مدبب , هل تستطيع منعى من طرق رأسي بالحائط , هل ستغلق الحمام ايضا فقد اغرق نفسي به .........هل تستطيع كل هذااااا......)
علا صراخها فى جملتها الاخيرة حتى خشى ان يصيبها مكروه وهو يراها قد احمر وجهها بشدة و تهدجت انفاسها و اخذت ترتعش بقوة وتنتفض.
استمر الصمت بينهما لحظات لا يقطعه الا صوت شهقاتها العالية التى فقدت السيطرة عليها .
قال اخيرا بصوت مخيف بعث الرعشة بجسدها
(حسنا انت ربحت الان يا حلا ...لن اخرج انا ايضا)
ثم مشى الى الباب واغلقه بالمفتاح وعاد اليها وهو يتابع
(لكن عقابا لك سنظل انا و انت فى هذه الغرفة الى الصباح و لن نخرج منها )
جلس بجانبها وهى تبكى وحاول ان ياخذها بين ذراعيه فاخذت تقاومه بشراسة وهى تصرخ
(اكرهك .....انا اكرهك )
استطاع التغلب على مقاومتها بسهولة فانهارت على صدره تبكي وتبكي وهو يشدد من احتضانه لها ولا يتردد فى ذهنه سوى عبارة واحدة
(اسف حبيبتى .......اسف حبيبتى)
↚
نظرت اليه وقد علت شفتيها ما يشبه ابتسامة صغيرة , راقبته جالسا امامها على الفراش و قد خلع سترته و شمر كمي قميصه ليظهر ساعديه العضليين الاسمرين , ممسكا باوراق اللعب بين يديه ناظرا اليها وقد بانت على ملامحه علامات التفكير العميق .
انه يبدو الآن اصغربكثير من سنوات عمره الست وثلاثين , انه بالتاكيد لا يشبه ادهم مهران الذى عرفته معظم سنوات حياتها و الذى كانت دائما تلقبه بالشيطان الاسمر من شدة خوفها منه , ولكنها الآن فى هذه اللحظة لا تشعر باي خوف منه
من يراه الآن لا يصدق ان وريث امبراطورية مهران العديم الرحمة قد ترك عمله و هو الآن يجلس امامها و يلعب باوراق اللعب و قد بان عليه التفكير العميق و كأنه يقوم بإحدى صفقاته .
منذ ساعات قليلة انهارت على صدره و هى تبكى , حاولت السيطرة على نفسها الا انها فشلت تماما, كانت تنشج وتسعل وتكاد تختنق .
يا الهى لقد اصابتها الحالة الهيستيرية المعتادة امامه ,لا تستطيع تخيل منظرها عندما تصيبها تلك الحالة.انها تعلم جيدا ان منظرها كان يرثى له بوجهها الاحمر و انفها السائله و شفتيها اللتين تتورمان عند بكائها .
لقد ابقاها على صدره و هى تبكي لا تستطيع التوقف , الا ان ما زاد من بشاعة الموقف هو اصابتها بنوبة الغثيان التى تصاحب انهيارها دائما , و حين احست انها لن تصمد الى ان تصل للحمام , كل ما نجحت فى فعله هو انها رمت نفسها من بين ذراعيه منقلبة على بطنها ثم اخذت تتقيأ بشدة على الارض بجوار الفراش وهى مستلقيه عليه , واستمرت حتى لم يعد هناك ما تخرجه من معدتها , الا ان التشنجات استمرت حتى احست ان روحها تكاد تخرج منها , لم تشعر انه كل هذا الوقت كان بجوارها يدلك ظهرها بيده و يطلب منها التماسك لتهدأ تشنجات معدتها .
استمر يضغط على ظهرها برفق حتى هدأت قليلا و بدأ تنفسها يعود الى طبيعته ,
لم تواتيها الجرأة على التحرك من مكانها و مواجهته بعد هذا الموقف المخزى فظلت مستلقية على بطنها ,احست بعد لحظات بيديه على ذراعيها ترفعانها برفق حتى استوت جالسة ثم رافقها الى الحمام و غسل لها وجهها و كأنه يتعامل مع طفلة صغيرة , وبعد ان جففه لها تركها ليملأ حوض الاستحمام بالماء الساخن ووضع به سائل الاستحمام الخاص بها ثم التفت اليها قائلا
(لقد اعددته لك .....اخلعى ملابسك و استرخى به ..سيفيدك هذا )
احمر وجهها بشدة فنظر اليها مبتسما بالرغم من الالم العميق الساكن بعينيه وقال
(حسنا .. احمراروجهك الان افضل بكثير من شحوبه الشديد منذ لحظات )
صمت قليلا وقد ظهرت فى عينيه نظرة غريبة لم تراها سابقا , نظرة حنان عميقة لم تراها فى عين اى انسان عرفته قبلا .
تحولت ضحكته الى ابتسامه شاردة ثم قال
(استمتعى بخصوصيتك ايتها الخجولة .........لكن لا تغلقى الباب )
ثم خرج من الحمام تاركا اياها تحاول السيطرة على خفقات قلبها.
خلعت ملابسها و دخلت الى حوض الاستحمام و استلقت فيه بهدوء ثم اغمضت عينيها , يجدر بها الشعور بالكره و النفور من هذا الشيطان الاسمر و ليست هذه الراحة الغريبة التى لم تعرفها منذ وقت طويل .
شعرت فجأة بلمسة خفيفة تتجول على كتفها ففتحت عينيها و هى لا تعلم متى غفت , طالعتها عينا الصقر و هى تلتمع بمشاعر عاصفة صارت مألوفة لديها .
انتفضت جالسة و قد عاد اليها وعيها بالكامل ثم كتفت ذراعيها على صدرها و قد احمر وجهها بشدة ,
اتسعت ابتسامته الجائعة , الا انه قال بصرامة مصطنعة لا تتلائم مع الجوع النابع من نظراته
(كنت اعلم اننى لن استطيع الوثوق بك ِ .......... و ها انتِ تنامين فى الحوض بمنتهى الغباء )
اتسعت عيناها لاهانته الصريحة لها ثم عادت فاخفضتهما غير قادرة على الرد و فجأة احست بفمه يلامس اذنها و هو يهمس
(لا تخافى يا حلا ...... لن ادعك تغرقين , و لن اسمح بسقوطك من اى شرفة ولن تغيبي عن نظري للحظة واحدة .....فانا احمى ممتلكاتى بقوة )
ارجعت رأسها للوراء وهى مغمضة عينيها ثم تنهدت بعمق وهى تفكر
انه يحاصرني ......يقيدني .......لا يمنحني الفرصة لانهض على قدمي .......متى سأتحرر
ربما لن اكون ابدا ممن قدر لهم بالعيش احرارا .
عادت من شرودها لتنظر اليه و هو يقول
(دورك.......العبي)
ابتسمت قليلا ثم انزلت ورقتها الرابحة . راقبته بمرح و هو يعبس و يشتم هامسا ثم يرمي اوراق اللعب من يده .
رفع نظره اليها فصدمته ابتسامتها المرحة التى لم يراها منذ ..........يا الهى انه حتى لا يتذكر متى كانت اخر مرة يراها تبتسم .
شعر بقلبه يختلج بصدره كمراهق فحاول السيطرة على انفعالاته و قال لها
(سعيدة انتِ بالطبع لهزيمة ادهم مهران )
اتجفت ابتسامتها قليلا و قالت بعد لحظة صمت
(لا اظن ان هناك من يستطيع هزيمتك)
اه لو تعلمين انكِ قد هزمتِنى من سنوات طويلة يا صغيرة .
لم تخرج هذه الكلامات من شفتيه , بقى فقط يتطلع اليها لا يمل النظر الى وجهها ابدا.ثم قال بصوت عميق يحمل معانٍ اعمق .
(انا لم افعل ذلك لايلامك يا حلا.......)
اتسعت عيناها و هى تسمع ادهم مهران بنفسه يحاول ان يرسل اليها ما يشبه الاعتذار , شلها اعتذاره والجمها.
قالت بعد لحظات بصوتٍ خافت
(كنت اكثر الناس تعايشا مع الألم يا ادهم فلا تهتم )
ساد صمتا قاتلا . صمتا كان كدوي المدافع بأذنيه . قتلته عبارتها ..حطمته تماما الا انه حاول ان يقاوم مشاعره ليتمسك بهذا الخيط و لا يتركه ابدا .
فهى للمرة الاولى تحاول التلميح للماضي و هولن يترك هذا التلميح دون ان يحاول الوصول الى شىء ......اى شىء يستطيع به الدخول الى قوقعتها الصلبة .
قال بحذر و كأنه يسير بحقل الغام
(اخبريني ........)
كلمة واحدة , لم يجد سوى كلمة واحدة وكأنه لا يملك الجرأة لينطق بغيرها , استمر الصمت طويلا ..طويلا و هو يغلى بداخله و هى صامته مطرقة برأسها يشعر انها بعيدة عنه اميالا و اميال .
اخيرا قالت بصوت متقطع بالكاد وصل اليه
(هناك .... اشياء ....حدثت لى ....)
صمتت وهى لا تملك القدرة على المتابعة . تاركة اياه يتعذب بدوي قلبه الا انه لن يسمح لها بالتراجع الآن لكنه لم ينطق بحرف فقد خاف ان سمعت صوته تعود لقوقعتها مرة اخرى .
انتظر و انتظر مقاوما مشاعر شرسة لا ترحم , ثم وصله صوتها الهامس المتقطع
(هناك اشياء......لن تس....لن تسرك ابدا ..معرفتها ..ستتمنى موتى الف مرة ...ان عرفتها )
اتسعت عيناه وظهرت بها وحشية الحيوانات المفترسة و مد يديه الى اعلى ذراعيها يمسكها بقوة يهزها قليلا وهو يقول بهمسٍ شرس
(لقد اخبرتك اننى احمى ممتلكاتى بقوة يا حلا ..وتمني الموت لكِ لا يعتبر جزء من هذه الحماية ,هل فهمتى هذا جيدا)
ظلت صامته و قد انسابت دموعها انهارا على وجهها بصمت مزق نياط قلبه .
ثم همست فجأة مرة واحدة
(يكفى فقط ان تعلم انه ليس هناك اى شىء ..اى شىء ..مهما بلغت بشاعته لم يحدث لى)
سقطت يداه من على ذراعيها وهو ينظر اليها بعينين مذبوحتين و قلبه ينزف دما و قد تلاحقت فى عقله صورا بشعة صورها له خياله دون ان يستطيع ان يمنع نفسه.
جملتها رسمت ماضٍ اسود احاط بها و اغرقها فى بحر من الآلام . ولم يكن هو هناك لينقذها ..ظل يراقبها معظم سنين عمرها و حين احتاجت انقاذه ,كان هو بعيدا يداوي جروحه بمنتهى الانانية .
كانت تحتاجه ..طفلته التى كبرت تحت انظاره ,كانت تحتاجه وهو لم يهب لانقاذها ,تركها تواجه مصيرها الذى اختارته لها الشيطانه ايثار.
الا انها لم تكن اكبر بكثير من طفلة ,حكم عليها بقسوة و تركها لآلامها ,لم يسأل , لم يبحث عنها ,لم يحاول معرفة ان كانت سعيدة ام لا .
شعر فى هذه اللحظة انه هو من ليس مستعدا بعد ..ليس مستعدا لان يسمع ..احس انه لو سمع سيموت وهو يريد ان يعيش , يحتاج لكل قوته , يريد ان يحميها من العالم ومن نفسها ,يريد ان يبقى كظلها ولو اقتضى الامر ان يرهن حياته لهذا .انها حلا....حلا .
افاق من آلامه المبرحة على صوتها وهى تهمس برقه تذيب الجبال وقد ادارت وجهها الى النافذه الكبيرة
( لقد اطل الفجر ....انا احب الفجر جدا )
نظر اليها بحبٍ يهز العالم ثم قام من مكانه ووقف وجذبها من يدها لينهضها على قدميها وهو يهمس
(تعالى ....سنراقب الشروق معا من الشرفة )
خرجت معه ووصلت الى سور الشرفة ووضعت كفيها على السور الحجري البارد وهى تنظر الى السماء الممتدة امامها .
احست فجأه بغطاءٍ خفيف يلتف حولها من الخلف بذراعين قويتين ,لم يبعد ذراعيه عنها بل ظل يلفها بهما و هو يضم ظهرها الى صدره ,دافنا وجهه فى شعرها يتنشق عطره.
اخذت تراقب الألوان الرائعة التى ماجت بها السماء لتعلن عن مولد الشمس الحمراء من جديد.
همست فجأة (ادهم ....)
همهم وهو يدفن وجهه فى عنقها (هممممم.....)
تابعت هى تقول بخفوت
(اعتقد .....ان هذه الليلة كانت جميلة جدا ....)
توقف فمه عن تقبيل عنقها و تصلب وجهه وهو يشعر بقلبه يكاد يقفز من بين اضلاعه ,حتى انه كان متاكدا انها شعرت بخفقاته المجنونة على ظهرها .
قال بصوت خافت خوفا من ان يبدد روعة هذه اللحظات .
(اما انا فاعتقد انها كانت رائعة ...)
ضحكت قليلا وهى تقول
؛(الم اثير اشمئزازك ..بعرضى المخزى )
ضحك هو ايضا وهو يزيد من ضمها اليه وقال متشدقا بتملق
( هيا يا حلا ...ان كل ما يصدر منك هو غاية متعتى )
ضحكت برقة اذابت قلبه بجمالها وقالت
(لا اصدق انك نظفت الارض بنفسك.....)
قال بحزم رقيق وفمه يلامس اذنها
(سأقوم دائما بكل ما يخصك .....لن ادع احدا يتدخل باى شأن من شؤونك )
ارتعشت رغما عنها و اختفت ابتسامتها و قد بدا خوف اعمى يتسرب اليها وهى لا تدرى لماذا اخافتها جملته .
17
You'll also like
مقيد بأكاذيبها by HadeerNourelden220
مقيد بأكاذيبها
9.4M
301K
حياتها بائسة...فالعيون الجائعة تترصدها بكل مكان فتجعلها تعيش الجحيم في كل لحظة من لحظات يومها البائس ..ظلت تقاوم و تحارب بطرقها الخاصة كما اعتادت منذ صغرها..الى ان اتى ا...
كبرياء عاشقة by HadeerNourelden220
كبرياء عاشقة
6.7M
32.4K
اجبرها والدها علي ان تعيش حياتها متنكرة في هيئة الرجال وعندما رفضت حياتها تلك و سعت للخلاص منها والتشبث بانوثتها ... استنجدت بمن تحب فرفضها وسخر منها وخذلها لتشعر بعالم...
شفاه مخملية by zhralsalami
شفاه مخملية
17.3M
954K
واگف گدامي وعيونه يتطاير منهه شرار وكلهن حقد وغيض، گلب شعره الاسود الكثيف اليزيده جمال وجاذبيه وضحك بأستهزاء، گال بنبرة صوت ماكرة - انتي ياهو يگلبچ؟ هو انه وگوة دبسوچ بي...
Obsessed and The ballerina by Amira_aj_
Obsessed and The ballerina
10.3M
478K
راقصة باليه هاوية للرسم ، و رجل مافيا ..أليس هذا متناقض !! بالفعل إنهما كذلك .. "انتِ ترسمين بفِرشاتك ،وانا أرسم بسلاحي ، انتِ ترقصين على أطراف أصابعك وانا أرقص على...
وردة الفهد by SollSooo
وردة الفهد
6.3M
120K
هو أدم المنشاوي ملك الاقتصاد لقبه الفهد لشده ذكائه قاسي مغرور الكل يحسب له الف حساب وسيم جدا ذات شعر اسود كسواد الليل و عيون كعيون الفهد كل النساء تتمني نظره منه هي ورد...
وضعت سماعة الهاتف على اذنها و هى مغلقة عينيها من شدة الملل و الغضب تستمع الى صوته من الطرف الآخر وهويملى عليها تعليماته بمنتهى الصلف و التى سبق وان نفذت معظمها قبل ان يتفضل هو عليها ويتنازل بان يوجهها الى ما تستطيع ان تتقنه اكثر من اى شىء آخر فى الدنيا وهو عملها
بعد ان انتهى قال بصرامة
(هل فهمتِ ما سوف تنفذينه ؟)
ردت بصلابة و اختصار
(لقد سبق ونفذته )
سمعت تأففه من الناحية الاخرى ثم قال بفظاظة
(انا الان بقسم الشؤون القانونية ..و سأصعد بعد ساعة , اريد الرسائل التى طلبتها على مكتبى حين اصل .... هل فهمتى )
قالت بصوتها الناقوسى المغيظ
(هل من اوام...........)
لم تكمل حيث سمعت صوت اغلاق الخط
ظلت تنظر الى السماعة وهى رافعة حاجبيها ,ثم اخذ غضبها يتفاقم و يتصاعد , وضعت السماعة مكانها بعنف وقامت من كرسيها تدور فى المكتب لتهدىء نفسها و اخذت تقول بعنف مكبوت
(الفظ ..الوقح...لا يعلم ابسط قواعد التعامل مع النساء .........المتعنت ,شديد التسلط ....اكرهك يا احمد مهران )
(يبدو انه اغضبك للغاية ....)
التفتت سابين بسرعة و هى تسمع هذا الصوت الصغير ينبعث من باب مكتبها
رفعت حاجبيها وهى تنظر بدهشة الى طفلة صغيرة لا يتجاوز عمرها ست سنوات تقف ضاحكة بالباب , طفلة ذات شعر بنى محمر ناعم له لفائف رائعة وعينان بنيتان بريئتان تشعان ذكاءا وجرأة.
اخذت سابين تستوعب لحظة وجود طفلة صغيرة تتجول فى مؤسسة مهران حتى تصل الى مكتب احمد مهران نفسه .
تابعت الطفلة بعفرتة ولا تزال ضحكتها تغطى وجهها البرىء
(ماذا فعل هذا من اسمه احمد مهران ليغضبك هكذا؟ )
اقتربت سابين منها ببطء مخيف حتى وصلت اليها ثم انحنت حتى واجهت عينيها الفيروزتين القاسيتين معقودتي الحاجبين عيني الطفلة البنيتين العسليتين الصافيتين امامها وقالت بصوت خفيض صلب حاولت جعله مرعبا على قدر الإمكان .
(من انتِ ؟ ....)
الا ان الطفلة ظلت تنظر الى عيني سابين المخيفة , بقوة فذة دون ان يرف لها جفن او ان تخاف من تلك المرأة امامها و التى تشبه الساحرات الشريرات الجميلات الموجودات بالقصص الخيالية التى تسمعها
قالت الطفلة ذات الابتسامة الواسعة
(انا ....ابنة احد العاملين هنا )
ظلت سابين منحنية عاقدة حاجبيها عيناها لا تحيدان عن عيني الطفلة و قالت بصوت مخيف مرعبا لشدة خفوته وقسوته
(هل تعلمين انكِ هنا فى مكتب احمد مهران صاحب هذا المكان كله , وانه من الممكن ان تتسببى فى طرد والدك من العمل )
لم تتاثر الطفلة ولم تختفى ابتسامتها المرحه الواسعة وقالت بمرح
(يبدو انه مخيفا جدا احمد مهران هذا .....)
اومأت سابين برأسها وهى لا تزال عاقدة حاجبيها و قالت بصرامة
(نعم انه مخيف جدا ومن الممكن ان يضربك ان رآكِ هنا )
اتسعت ابتسامة الطفلة وقالت بضحكة
(انا لا اخاف من احدٍ ابدا ....)
تابعت سابين بنبرة اعلى قليلا وقد بدأ الغضب ان يستبد بها
(اخرجى من هنا حالا قبل ان يأتى )
قالت الطفلة بسعادة لا تنضب
( سأخرج إن اخبرتِنى لماذا اغضبك )
زفرت سابين بعنف و استقامت ثم مشت الى مكتبها و رمت نفسها على كرسيها بغيظ , هذا ما كان ينقصها , ان يأتى احمد مهران ليجد لديها طفلة تلعب فى مكتبه , اكيد سيسمعها المزيد من كلامه الغبي الذى يمطرها به دائما .
تسائلت بحنق عن الأحمق الذى يأتى بطفلته الى العمل و يتركها لتلعب بحرية فى كل مكان .
ادارت وجهها الى الطفلة و قالت بصرامة
(ان اخبرتك ستخرجين من هنا حالا ..مفهوم ؟ )
اومأت الطفلة الضاحكة برأسها
تنهدت سابين و قالت (لقد اغلق الخط وانا اكلمه على الهاتف )
اتسعت عينا الطفلة بدهشة و قالت
(هل فعل ذلك ؟ !! هذا تصرف خاطىء للغاية )
قالت سابين بتأفف و نفاذ صبر
(نعم خاطىء للغاية ....هيا اخرجى )
لكن الطفلة اتجهت الى مكتب سابين و قفزت لتجلس على سطحه امامها تواجهها وقالت
(لا بد انكِ فعلتِ ما اثار غضبه )
6
رفعت سابين عينيها الى السماء وهى تطلب الصبر ثم نظرت الى الطفلة الجالسة على حافة مكتبها وقالت بملل
(نعم لقد حاولت سرقة شيئا يخصه )
ضحكت الطفلة وقالت (لا اصدقك )
قالت سابين بجمود (انتِ حرة ,لكن هذه هى الحقيقة )
ثم نظرت الى الطفلة و قالت لها
(اليس من المفترض ان تكونى بالمدرسة الآن ؟ )
ردت عليها الطفلة بصبر
(انا انقل اوراقى الى مدرسة ٍ جديدة و سأذهب اليها بعد فترة )
قالت سابين بفظاظة وهى تمط شفتيها
(و هل أمك مشغولة للغاية لدرجة ان ترسلك مع والدك الى عمله ؟ )
ردت الطفلة بهدوء
(امى متوفية )
صمتت سابين وقد احست بالغباء لا تدرى ماذا يمكنها ان تقول فى مثل هذه المواقف فهى لا تجيد عبارات التعاطف المملة , الا ان هذه الطفلة لا يبدو انها تحتاج لمثل هذا النوع من التعاطف الزائف .
فما كان من سابين ان قالت بهدوء و بساطة
(حسنا اذن فلتتقبلى اعتذارى )
ردت الطفلة بنفس البساطة
( قبلت اعتذارك )
اخذت سابين تطرق بقلمها على سطح المكتب و هى شاردة , ثم سمعت الطفلة تقول
(انا لا اتذكرها , لقد توفيت وانا عمرى سنتان )
رفعت سابين نظرها الى الطفلة وظلت صامته لا تجد ما تقوله , لكنها احست ان هذه الطفلة تنتظر منها ان تكمل معها هذا الحوار , بينما هى لا تجيد ابد التحاور مع الاطفال
قالت اخيرا بدون تفكير (قد تكون وفاتها خيرا لكِ )
اتسعت عينا الطفلة فأدركت سابين انها قالت ما يعتبر منتهى الغباء فلم تستطع سوى ان تكمل قائلة
؛(لا تعلميم حقا ما هو الافضل لكِ , فاحيانا يحميكِ القدر مما لا تدركينه )
ظلت الطفلة صامته تنتظر من سابين ان تتابع , فقالت سابين بنظرة شاردة
(احيانا قد يكون وجود بعض الامهات نقمة فى حياة اطفالهم )
ردت الطفلة
(لا اعلم ...ممكن ...لكن ما سمعته عن امى هو انها كانت طيب للغاية و محبوبة جدا .....لا يوجد من عرفها و لم يحبها .....لقد تحطم والدى بعد وفاتها )
نظرت سابين الى هذه الطفلة الغريبة وقالت
(الناس لا يتحطمون لفراق بعضهم البعض ....صدقيني )
هزت الطفلة كتفيها و كأنها لا تستطيع ان تحكم فى هذا الموضوع
انزلت سابين نظرها و عادت تطرق على سطح مكتبها وتشرد من جديد
ظلت الطفلة تنظر الى ملامح سابين وهى مبهورة من شدة جمالها , ثم قالت باعجاب
(هل تنظرين كل يومٍ الى مرآتك و تسألينها ان كانت هناك من هى اجمل منكِ ؟ )
رفعت سابين نظرها الى الطفلة و عقدت حاجبيها بعدم فهم
فتابعت الطفلة تشرح لها
(قصة بياض الثلج المشهورة ......كانت زوجة ابيها الشريرة شديدة الجمال و كانت تنظر كل صباح الى صورتها فى مرآتها السحرية و تسألها ان كانت هناك من هى اجمل منها )
مطت سابين شفتيها و قالت بامتعاض
( رائع ....... وقد ذكرتك انا بزوجة الاب الشريرة ......هل من المفترض ان اشعر بالاطراء )
قالت الطفلة وهى تبتسم
( لم اقصد اغضابك ......فانا احب الشخصيات الشريرة فى القصص )
نظرت اليها سابين و هى ترفع حاجبيها و سألتها
(لماذا؟!....هل انتِ معقدة ؟ )
اتسعت ابتسامة الطفلة وردت بما يفوق عمرها بكثير
(لست معقدة .... لكننى دائما احب ان اتخيل ماذا سيحدث لو اعطينا الشخص الشرير فرصة ....... كانت نهاية القصة ستختلف بالتاكيد)
ظلت سابين تنظر الى هذه الطفلة الغريبة و تشعر ان هناك بعينيها البنيتين ما يحيرها
تابعت الطفلة تقول
(كل انسان بداخله الخير و الشر وهو يختار اى من الطريقين )
قالت سابين
(هناك من هم ولدوا اشرارا انها غريزة وقد تكون وراثة )
هزت الطفلة راسها علامة النفى وقالت
(والدى يقول ان كل انسان مهما بلغ شره لا بد من ان نعطيه فرصة واحدة فقط , فان ضيعها فسيحكم عليه ان يبقى شريرا للابد)
ابتسمت سابين لسذاجة هذا الاب الذى لا يعيش فى العالم الواقعى .
استقامت سابين فى كرسيها و قالت بكل حزم
(حسنا يكفى كلاما ....اخرجى الان فورا قبل ان ياتى احمد مهران )
ابتسمت الطفلة الصغيرة و قالت
(هل تخافين من هذا احمد مهران)
ابتسمت سابين هى الاخرى و رددت نفس الجملة التى قالتها الطفلة منذ قليل
(ان لا اخاف من احدٍ ابدا )
اتسعت ابتسامة الطفلة وقالت
(جيد لا يجب عليكِ ان تخافى سوى من خالقك)
نظرت سابين الى هذه الطفلة التى لم تلوثها شرور الدنيا بعد ثم قالت بكل حزم وصرامة
(هيا ايتها الصغيرة اخرجى الآن ........ فانا لااطيق الاطفال اصلا )
ظلت الابتسامة مرسومة على وجه الطفلة بدون ان يظهر عليها اى جرحٍ للمشاعر من عبارة سابين الفظة .ثم قفزت من على سطح مكتبها و اتجهت الى الباب وهى تلوح بيدها لسابين .
قالت سابين فجأة قبل ان تخرج الطفلة من الباب
(لم تخبرينى ما اسمك )
التفتت الطفلة اليها وقالت بوداعة ( تالا )
اومأت سابين ثم صرفتها بحركة صلفة من يدها وهى تقول
(اخرجى الآن تالا ولا تعودى هنا مرة اخرى )
ضحكت الطفلة السعيدة ثم انطلقت خارجة بمرح وكأنها كانت للتو فى مدينه احلام الاطفال
↚
كان الظلام يحيط به من كل اتجاه ٍ و الصمت الشديد يدوى باذنيه يكاد ان يصمها , كان يسير على غير هدىٍ متعثرا فى اللا شىء , يمد يديه ليجد ما يستند عليه و قد يرشده , الا انه لا يجد سوى الفراغ .
فراغ واسع ممتدا امامه لا ينتهى , و الظلام تزداد كثافته حتى شعر به يكاد يجثم على صدره و يخنقه .
و فى غمرة ضياعه قفز اسم واحد الى عقله , اسم واحد يبحث عنه ولا يجده . اسم واحد هو الوحيد القادر على ارشاده الى الطريق .
الا انه حين حاول ان ينادى بهذا الاسم وجد ان صوته لا يخرج من شفتيه .
فجأة سمع همسا يطير ناعما فى تجويف اذنه
(لم اعد استطيع .......لم اعد استطيع ........سارحل للابد )
حاول ...... و حاول ........لكن لا صوت له اخذ الرعب يستبد به و هو يحاول مستميتا ان ينادى .
حاول ...... و حاول .... اخذ يختنق و يختنق ,
وفجأة خرج صوته صراخا مدويا
؛(سمااااا ........ سماااااااا) .
اخذ يمد يديه من حوله , فتحسس فراشه و هو جالسا عليه بعد ان افاق من نومه مذعورا .
كان يلهث بشدة و قد اخذ صدره يعلو و يهبط بسرعة و قد غطى العرق البارد جبهته . حاول السيطرة على نفسه و اخذت انفاسه تهدأ قليلا حين ادرك انه عاد لعالم الواقع
الا ان خوفا آخر استبد به فجأة . هناك شيئا خاطئا .
انه الصباح يشعر باشعته الدافئة على وجهه ........ لكن لا نسائم ياسمين .. اخذ يستنشق بعمق علها تصل اليه , لكن لم يصل صدره سوى هواءا باردا جافا خاليا من نسماتها .
لقد مرت الليلة بدون ان تاتى لتطمئن عليه كالعادة ....... ومن سيلومها .... لقد جرحها جرحا لن يستطيع تضميده ابدا كما تفعل هى مع جروحه .
عادت اليه ذكرى قطعة الحلوى التى تذوقها ... انها تقطر عسلا ...... من كان يخدع ......
كان يمطرها بكلاما مسمما عن عدم رغبته بها . الا انه كان فى الواقع يحاول اقناع نفسه . كان يخبىء جوعا عنيفا لها .... جوعا لم ينهشه الا بالامس حين تفجر كل عالمه فجأة .
يا احمق ..... ما ان لفظت كلمة الخيانة على لسانك حتى دبت النار بصدرك ونشب الغضب خالبه بقلبك .
سما الصغيرة الناعمة مع رجلا اخر ......يعلمها الحب ..... يفتح لها ابواب دنيا لم تدخلها بعد ,
دنيا كان يجب عليه ان يشدها هو اليها حتى ولو رغما عنها ......اليست ملكه .... لقد دفع ثمنها فلما لم يستفد بمزايا صفقته .
بقايا من ضمير انسانى موجود باعماقه كانت تمنعه عن مراهقة صغيرة سافرت معه لترعاه .
لم يحاول حتى ان يفكر بحقه فيها , بالرغم من جشاعتها هى و امها .
الا انه لم يكن يتصور ان تقوم المراهقة الصغيرة بخدمته كالعبيد نهارا , ليأتى ويشبع حاجته فيها ليلا , لم يكن قد وصل بعد الى هذا القدر من الدناءة , بالرغم من ان هذا هو كان هدف الامبراطور ذو القلب الحجرى .
ان يهديه الوسيلة التى يشبع فيها عنفه المكبوت و الذى يهدد بان يفقده ابنه الاصغر .
الليلة الماضية ..... لم يعد متأكدا من اى شىء .....شعر الليلة الماضية انه ليس واثقا من صواب حكمه .
لقد كبرت قليلا و صارت امرأة صغيرة ناعمة تفيض بالانوثة ووحشية التملك التى تظهر حين تحاول التمسك برجلٍ يخصها .. لقد افقدته البقية الباقية من سيطرته على نفسه .
وفى اللحظة الاخيرة استعادها قبل ان يفعل ما يندم عليه فى الصباح .
وها هو الصباح .... من المفترض ان يشعر بالفخر لتماسكه , الا انه لا يشعر الا بالخوف ..... فارس مهران يشعر بالخوف لمجرد انه لم يستنشق نسمات الياسمين الى الآن .
اخذ قلبه يخفق بسرعة شديدة ..... اين هى ...هل تعاقبه ؟ ... اختلط خوفه بغضبٍ هادر ....هل تعتقد انه يحتاجها ......فلتذهب للجحيم ...... هل رحلت ......هل استسلمت ورحلت .
صرخ فجأة بصوتٍ وحشى
سماااااا ..........سماااااااااااا
.................................................. ...........
صراخه يمزق قلبها يقطعه اربا ........ تريد ان تطير اليه .
لا تعلم كيف استطاعت ان تقسي قلبها و لا تزوره ليلا لترى ان كان يحتاج شيئا كما تفعل كل ليلة .
لكنها لا تستطيع تخيل مواجهته بعد الذى حدث , لقد استسلمت له بطريقة مخزية , لم تنطق كلمة اعتراض واحدة ...... و كيف تعترض و قد انهارت روحها قبل جسدها بين يديه , لم تعرف مثل هذه المشاعر من قبل , احست انها مستلقية على سحابةٍ تطير فى سماءٍ واسعة .
لكن حين رفضها ........ حين رفضها .... شعرت انها وقعت على الارض و تناثرت شظايا قلبها .
استمر صراخه يناديها فوضعت كفيها على اذنيها و هى تبكي لا تدرى متى ستعود اليها القوة لتواجهه .
مهما طال وقت هروبها لا بد ان تذهب اليه فى النهاية , لن تتركه ابدا .. لن يستطيع التصرف فى اى شىء بدونها .
ظلت لحظات صامته و الدموع تنهمر على وجهها , ثم قررت فجأة انه لا مفر من مواجهة المحتوم .
قامت من فراشها و اتجهت الى الحمام ..طالعتها فى المرآة صورة عينان مخيفتان من شدة حمارهما و تورمهما , انهت حمامها بسرعة و ارتدت ثيابها ثم سارت ببطء متجهه الى غرفته كالمحكوم عليها بالاعدام .
وقفت بباب الغرفة المفتوح ثم اخذت نفسا عميقا و خطت داخلها .
.................................................. ..................
نسائم الياسمين .........انها هنا .......لم ترحل , انها هنا , شعر فجأة و كأن حجرا مدببا يقف بحلقه .
سمع وقع رفرفتها الناعمة حتى وصلت اليه وقالت همسا
(آسفة ...... لقد اطلت النوم )
هل يجب ان تكون بهذه القسوة ........ لو اهانته , لو جرحته لما كانت بنفس قسوتها وهى تعذبه بقوة احتمالها و جلدها .
ظل صامتا يحاول اخذ انفاسه و تهدئة لهاثه .ثم قال بصوتٍ اجشٍ جاف
(اشعر بصداعٍ فظيع )
قالت هامسة
؛(لحظة واحدة )
ثم غابت فى الحمام لحظات و عادت باقراص الدواء , امسكت بيده وفتحتها ووضعت بها القرص وهى تدعو الله الا يلاحظ ارتعاشها للمسها اياه .
يدها ناعمة ..ناعمة للغاية , هل كانت بهذه النعومة من قبل , ام ان اليوم حدث ما زادها نعومة ....هل جسمها بنعومة يدها ..... ام اكثر نعومة .
غبي ...غبي ها انت تنجرف مرة اخرى , هل القت عليك لعنة ام ماذا؟!!
افيق .... انها سما ....سما الصغيرة , متى اصبحت ملكة الإغواء لتشعرك بما تشعر به الآن .
شعر بلمسة اوراق الورد على جبهته فانتفض و سمع همسا حنونا
(الا زال الصداع شديدا ؟)
احس بحافة الفراش تنخفض عند جلوسها برقة بجواره .وكأن هذا ما كان ينقصه.
احتاج لكل قوته كى لا يمسك بها ويرميها على الفراش بجواره ,اخذ نفسا عميقا مرتعشا ثم قال بصوتٍ اجش
(املت ان تكونى قد رحلتِ....)
رفعت عينيها المجروحتين اليه فاقدة الامل فى الحياة نفسها .
احست انه جاء وقت السؤال الذى تساله لنفسها كل يومٍ فسالته همسا
(لماذا لا تطلقنى ؟.....)
احست وهى تنطقها و كأنها تنطق الحكم باعدامها وسالت نفسها بهذيان ما الذى سيمنعه الآن من نطقها .... لقد اعطته السلاح ليقتلها و سيصوبه نحوها الآن , اغمضت عينيها منتظرة مصيرها المحتوم .
لقد اصابته برصاصةٍ طائشة .... نعم هذا هو ما يشعر به الآن , لقد بدأت تستسلم واول الاستسلام هو السؤال الذى لن يعرف اجابته يوما
جشعة وضيعة كأمها فلماذا لايخرجها من حياته , هل لانه يحتاج اليها ؟ ...يحتاج لخدمتها له ...لرعايتها ,بعد رفض الجميع له ,هل اصبح عاجزا لهذا الحد .
الا انه الليله الماضية لم يكن مع ممرضته ..... لم يكن مع خادمته.......لم يكن مع سائقته .....كان ... كان مع امرأته .
لم تكن مجرد شهوة كان احساسا فظيعا بالتملك لم يستطع تفسيره .
اخيرا قال بجفاءٍ وفظاظة
(لقد دفعت ثمنا باهظا )
اغمضت عينيها بالم وسالت هامسة
(اذن لماذا تدفعنى لكى ارحل )
شعر انه يدور فى حلقةٍ لا يفهمها و لا يستطيع الخروج منها ......احس انه يريد الهروب ....... الهروب ام العودة ؟..........
قال فجأة
(اريد العودة )
رمشت بعينيها و سألت
(العودة ؟.....العودة لأين؟!!)
قال بشرود
(اريد رؤية ادهم )
ارتعش قلبها حين لفظ كلمة رؤية , ثم وعى عقلها لما قاله ....العودة ...ادهم
هل يقصد ان يعودا بعد غياب ثلاث سنوات ....ثلاث سنوات لم ترى فيها سابين .....فقط تسمع صوتها على بعد الاف الاميال ....هل من الممكن ان تراها اخيرا
قالت بصوتٍ مرتعش
(هل سنعود فعلا يا فارس ؟.......)
ظل صامتا لحظات ثم قال
(نعم ..... نعم سنعود)
اغمضت عينيها و تنهدت بعمقٍ ............ ارتسمت شبه ابتسامة على شفتيها وهمست
( سابدا باجراءات السفر حالا )
ثم رفعت يدا مرتعشة متردده الى فكه و لمسته برقةٍ وهى تقول
(و ستكون فرصة لتتخذ قرارك بشأن الجراحة )
مد يده و امسك ذقنها بقوةٍ وهو يقول بصوتٍ اجش
(انا لا اريد ان اؤلمك فلا تدفعينى لذلك يا سما)
لا يريد ان يؤلمها .....لا يريد ان يؤلمها ......تكفيها هذه الجملة ,انها افضل كلمات سمعتها منه منذ ان تزوجها وهى تكفيها , و ستكون درعها فى الايام المقبلة , ارتسمت على شفتيها ابتسامة عشق حزينة . بينما هو يتسائل ان كانت هذه هى النهاية ...... ان تعود الى الافعى
.................................................. ..........................................
كانت جالسة امامه تنظر الى الاوراق بيدها ,تؤرجح ساقا فوق الاخرى , تطرق بظهر قلمها على جانب فكها ,نظارتها ذات الاطار الاسود فوق عينيها القاسيتين الرائعتين , شعرها الاسود الحريري مجموعا فى عقدة انيقة خلف عنقها
شفتيها المكتنزتين القرمزيتين تتحركان ........ تتحركان ؟ ..... ماذا قالت ؟
(ماذا قلتِ؟.....) قال بصوتٍ جاف
رفعت نظرها اليه رافعة حاجبيها ثم اعادت سؤالها
(سالتك هل تريد ان تضيف احدا الى قائمة المدعوين ؟)
ظل ينظر اليها بقسوةٍ لحظة ثم قال
(لا .... القائمة مكتملة )
نظرت اليه ثم اومات برأسها وهى تعيد النظر الى اوراقها
(الى اى مدى وصلت علاقتك بمازن ؟)
انطلق هذا السؤال فجأة ليجعلها ترفع رأسها كالسهم تنظر اليه رافعة حاجبيها لا تصدق ما سمعته
قالت بصوتٍ هادىء شابه الصقيع
(ماذا قلت ؟)
قال بقسوةٍ تهز البدن
(لقد سمعتِنى )
ظلت تنظر اليه و البرود فى عينيها تتزايد به الشراسة التى تسيطر عليها بمهارة
ثم قالت اخيرا بمنتهى البرود
(لماذا لا تسال مازن ؟ )
اجابها وعيناه تقيد عينيها
(سالته.... )
ردت عليه ( وبماذا اجابك ؟)
سكت لحظة ثم قال (لن تعجبِك الاجابة )
اظلمت عينيها وعصفت بلونٍ داكن ثم قالت
؛(اذن لماذا تسالنى ؟ )
ظل صامتا ينظر اليها لا يملك ردا , لكنها اعفته من الرد وهى تقف باناقة ناظرة اليه من علو و ملامحها الجميلة متصلبة لا تعبير لها ثم قالت بصوتها الناقوسي الذى اعتاده فى الآونه الخيرة
(لن يعجبك ردى انا ايضا يا سيد احمد .......لكنك لا تملك محاسبتى , فلست انا من تخصك )
التفتت مبتعدة بكل رشاقة بدون ان ترى نيران الغضب التى اشتعلت بعينيه و قبضتيه المضمومتين بقوة
ولم يرى هو نظرة عينيها.................
.................................................. .................................
كان الحفل السنوى لرجال الاعمال المقام على شرف تولى احمد مهران رائعا منظما شديد الرقي , حضره نخبة رجال الاعمال وصفوة المجتمع و زوجاتهم .
الوقحة ..كان من الضرورى تواجدها قبل حضور المدعوين , الا انها لم تظهر الى الآن ستظل شديدة الوقاحة وهو لا يدرى الى متى سيستمر صبره .
كان فى منتصف حديثه مع رجلا من رجال الاعمال حتى توقفت كلماته فجأة وهو ينظر باتجاه الباب ... ليراها تدخل وهى تتهادى ناظرة حولها بلا مبالاة .
كانت ترتدى فستانا اسود طويل يلتصق بقوامها التصاقا ساحرا , فتحة رقبته الوسعة وقحة لكن دون ان تكشف عن الكثير , كان يحتضن جسدها ليظهر ارتفاع صدرها و نحافة خصرها ثم يهبط ليظهر اكتنازا مغريا .
و شعرها .. اول مرة يراها مطلقة لشعرها اسودا حريريا متموجا بجنون ,طويل يصل لخصرها وجموعا على كتفا واحدة .
شفتاها المكتنزتان مصبوغتان بلون احمر قانٍ اشد من الذى اعتادته
ذراعاها المكشوفتان ناعمتان بلون بياض اللؤلؤ , كانت مدمرة , ساحرة .
ظلت تتهادى لا تهتم للنظرات المصوبة ناحيتها و لا الهمسات التى التى اعتادتها بينما عينيها العابثتين تتسليان الى ان التقت بعينيه.... اختفت الاصوات من حولها فجأة وظلت اسيرة النظرات القاتلة .... كانا ينظران الى بعضهما البعض وهناك حربا معلنة بين اعينهما اسقطتهما اسيرين .
ظلت تسير باتجاهه وعيناها لا تحيدان عن عينيه حتى وصلت اليه .
ظلا صامتين لحظات حتى تنحنح الرجل بجوار احمد مهران ليتناول يد سابين ويقبلها بوقاحة .
نظرت سابين الى الرجل بصلفٍ وغرور وكأنه عبدا من عبيدها , كانت تعرفه جيدا وهو من اكثر الرجال سماجة
كانت عيناه تنهشانها كلما جاء لمازن مهران , ملمس شفتيه على يدها اثار قشعرة اشمئزاز بجسدها .
حركت نظرها الى احمد فلم يطالعها سوى تصلب ملامحه الا انها كانت واثقة من انها رات لمحة ازدراء قوية بداخل عينيه
رفعت حاجبها الايسر و رسمت ابتسامة استخفاف على شفتيها الجميلتين .
سمعت صوته المقزز وهو يقول
(لقد بدات الموسيقى ..فلتفتتح الرقص سيد احمد مع مديرة مكتبك الساحرة )
لم يلتفت احمد اليه و ظلت عيناه مثبتة عليها و هو يقول بقسوة
(انا لا ارقص )
شعرت بالغضب الاعمى يهيج فى اعماقها .... من هو ليرفض سابين الراشد .. لم يفعلها رجلا قبله .
وقبل ان ترد عليه بما يليق به ضاربة بكل الاصول عرض الحائط , قال الصوت المقزز
(اذن فلتسمح لى انا بهذه الرقصة )
لم يتنازل حتى للرد , فما كان منها الا ان نظرت اليه باستعلاء و سمحت لهذا السمج بان يسحبها من يدها ليبتدآ الرقص .
حين استدارت طالعه ظهرا مكشوفا شديد البياض اثار حنقه عليها اكثر واكثر بعد ان سمحت لرجلٍ لا تخفى عليها نظرته التى تكاد تعريها من ثيابها ان يمسك بها بين ذراعيه .
وقف فى مكانه بجمود يراقبهما يرقصان و هذا الرجل الفظ يضع يده على ظهرها العارى ,محاولا قدر الامكان السيطرة على الغضب المتصاعد بداخله و الموجه الى تلك اللعنة المسماة سابين الراشد .
حين تزايد عدد المتوافدين للرقص احست سابين به يجذبها تدريجيا اليه , فحاولت الابتعاد قدر الامكان .
القذر ....... القذر اول مرة يصل تطاوله الى هذا الحد .
شعرت بيده اللزجة تتحرك ببطء على ظهرها ,فحاولت دفعه بقبضتها و قد بانت الشراسة بعينيها , الا انه لم يهتم و تابع ضمه الوقح لها . فما كان منها الا ان همست همسا هادرا لا يسمعه الا هذا القذر وهى تكز على اسنانها
(ابتعد )
لكنه ضحك بخفة و قال بابتسامة صفراء
(لا تفتعلى فضيحة يا سابين , فاحمد مهران لن يعجبه ابدا ان تثيري غضبى )
استمرت فى دفعه بطريقة خفية حتى لا يلاحظ من حولهم من الراقصين و همست بعنف
(لا اهتم بك او به .... ابتعد والا فقسما بالله ساثير فضيحة لم يشهدها وسطكم القذر من قبل )
اتسعت ابتسامته و هبطت يده زاحفة الى خصرها ثم تابعت نزولها ..........
عند هذه اللحظة دفعته دفعة قوية بكلتا قبضتيها , و قبل ان يصب غضبه عليها و الذى ظهر بحدقتيه الزائغتين , سمع صوتا رجوليا صلبا منخفضا يبعث الرعب فى النفس و هو يقول
(امامك دقيقة واحدة لمغادرة هذا المكان و الا فلا تلم غير نفسك )
نظر الى احمد مهران و الذى فجأة بدا و كأن قناع التهذيب فارقه ليظهر بمظهر رجل الكهف ,. فقط من نظرة عينيه المتوحشة
قال بصوتٍ مرتعش وهو يحاول ان يظهر بقوةٍ زائفة
(انت لا تعرفها بعد سيد احمد , انها سابين الراشد انها ........)
امتدت يد احمد كقبضة حديدية لتمسك به من عنقه و هو يقول بصتٍ يدوى بالرغم من خفوته
(كلمة واحدة اخرى و سترى نفسك ملقى على الارض تحت قدميها )
ارتعش بجبن و هو يلاحظ الفرق بين قامته القصيرة الممتلئة و بين الحائط البشرى المفتول العضلات امامه , فما كان من الا ان حاول تعديل ربطة عنقه بذلٍ و ارتباك بعد ان تركه احمد , ثم سار مبتعدا متعثرا بين المدعوين اللذين لفت نظرهم ما حدث بدون ان يسمعوا الحوار الذى دار بين الرجلين والمرأة شديدة الجمال بين الراقصين .
امتدت يد احمد ووضعها بحزمٍ على خصرها بدون ان تشعر فعليا انه لمسها , و بيده الاخرى القوية امسك يدها وهو يهمس بقسوة
(ارقصى .....)
كانت سابين لاتزال فى حالة من الذهول مما حدث لتو , وضعت يدها على كتفه و اخذا بالكاد يتحركان بينما تشعر ان عاصفة قد اصابتها.
استمرا يرقصان لحظات وهى شاردة تائهة لا تشعر به يلمسها و مع ذلك تشعر بان كل من حولهم قداختفوا فجأة ليبقى فقط صوت الموسيقى الناعمة و رائحة الرجولة المعطرة المنبعثة منه , وكتفه الضخمة التى حجبت الرؤية عن عينيها .
فجأة سمعت همسا هدر فى اذنها
(ما الذى تستفيدينه من امتهان نفسك ؟ )
رفعت عينيها اليه بصدمة بعد ان انتزعها من العالم الذى تعيشه , فقالت بقسوة
(و لماذا تدخلت طالما اننى اخترت ان امتهن نفسي )
قال بعنف
(لست انا من اترك امرأة تحاول التملص من بين يدين قذرتين ... ايا كانت هويتها )
اخفضت نظرتها واغلقت فمها . لاول مرة احست انها لا ترغب فى الرد , فقط تريد ان تكمل هذا التمايل الرائع , وصمت هو ايضا و كأنه كان اسيرا لهذا التناغم و الانسجام لجسدين أبيا ان ينصاعا لحربا بين عقلين ليس لهما مكانا فى هذه اللحظات .
وقد غاب عنهما ما اثاراه من اقاويلٍ ستثار شهورا وشهور .
17
You'll also like
مقيد بأكاذيبها by HadeerNourelden220
مقيد بأكاذيبها
9.4M
301K
حياتها بائسة...فالعيون الجائعة تترصدها بكل مكان فتجعلها تعيش الجحيم في كل لحظة من لحظات يومها البائس ..ظلت تقاوم و تحارب بطرقها الخاصة كما اعتادت منذ صغرها..الى ان اتى ا...
كبرياء عاشقة by HadeerNourelden220
كبرياء عاشقة
6.7M
32.4K
اجبرها والدها علي ان تعيش حياتها متنكرة في هيئة الرجال وعندما رفضت حياتها تلك و سعت للخلاص منها والتشبث بانوثتها ... استنجدت بمن تحب فرفضها وسخر منها وخذلها لتشعر بعالم...
شفاه مخملية by zhralsalami
شفاه مخملية
17.3M
954K
واگف گدامي وعيونه يتطاير منهه شرار وكلهن حقد وغيض، گلب شعره الاسود الكثيف اليزيده جمال وجاذبيه وضحك بأستهزاء، گال بنبرة صوت ماكرة - انتي ياهو يگلبچ؟ هو انه وگوة دبسوچ بي...
Obsessed and The ballerina by Amira_aj_
Obsessed and The ballerina
10.3M
478K
راقصة باليه هاوية للرسم ، و رجل مافيا ..أليس هذا متناقض !! بالفعل إنهما كذلك .. "انتِ ترسمين بفِرشاتك ،وانا أرسم بسلاحي ، انتِ ترقصين على أطراف أصابعك وانا أرقص على...
وردة الفهد by SollSooo
وردة الفهد
6.3M
120K
هو أدم المنشاوي ملك الاقتصاد لقبه الفهد لشده ذكائه قاسي مغرور الكل يحسب له الف حساب وسيم جدا ذات شعر اسود كسواد الليل و عيون كعيون الفهد كل النساء تتمني نظره منه هي ورد...
كان ينظر اليها وهى نائمة , انها تبدو كحمامة بيضاء يقوم بتربيتها , ظهرت على فمه ابتسامة صغيرة و هو يتلمس وجهها وعنقها برقة , انها تبدو شديدة البراءة , تبدو طفلة وليست امرأة تزوجت مرتين........
تبا.. لماذا يتطرق عقله دائما الى هذه النقطة السوداء بحياته , حاول نفض هذه الافكار المظلمة من عقله ليركزعليها هى .
اخذت اصابعه تتخلل شعرها ليمشطه على الوسادة .
كم يوما مر منذ ان لمسها آخر مرة . يشعر انه قد مرت سنين ....كم يريدها و كم يمارس على نفسه اقسى درجات السيطرة لكن الى متى , هو واثق انه لو ايقظها الآن و اخذها بين ذراعيه فلن تمانع , فبعد ليلة زفافهما الشعواء استسلمت له تماما مما اصابه بغرورٍ وسعادةٍ لا توصف , ليستيقظ صباحا و يفاجأ بحالتها الغير طبيعية ابدا ,ولو استسلمت له الآن فماذا ستكون ردة فعلها التالية .
آه يا حلا ستظلين سبب شقائى دائما
لم يستطع تمالك نفسه اكثر و اقترب منها وهبط بفمه ليقبل شفتيها الناعمتين بلمسة رقيقة حتى لا يزعجها , الا انه حين تصاعد شغفه اخذت قبلاته تزداد عمقا و حرارة , ففتحت عينيها الناعستين وهى لا تدرى ماهى القوة الغريبة التى ايقظتها .
نظرت اليه فابتعد عنها لينظر الى عينيها و انفاسه لاتزال متسارعة و الرغبة العمياء تعصف به .
قال لها مبتسما بهدوء لا يتناسب مع ما يعانيه
(صباح الخير )
ردت عليه برقة و هى ترمش بعينيها
(صباح الخير )
قال بصوتٍ خافت بطيء
(انتِ تنامين كطفلة )
ارتبكت قليلا وقالت
(هل كنت تراقبنى )
اتسعت ابتسامته ليقول بهجة مستفزة
(نعم ظللت اراقبك طويلا فهل لديكِ مانع ؟)
اخفضت نظرها لا تدرى ماذا تقول فتابع
(شعرت انه من حقى ان اشبع من رؤيتك طالما اننى سأغيب عنكِ طوال اليوم )
انتبهت فجأة انه يرتدى حلته الانيقة كاملة فقالت بدهشة
(هل ستخرج ؟)
(نعم ساذهب للعمل لكن ساحاول الا اتاخر )
كانت مندهشة لانه قرر فجاة الاستسلام من محاصرتها وبهذه السهولة
ظلت صامته فسالها بامل خفى
(هل تريديننى ان ابقى معكِ)
قالت بسرعة و لهفة دون ان تستطيع ان تمنع نفسها
(لا تكن سخيفا ....لابد ان تذهب الى عملك لقد اطلت البقاء جدا)
اصابته لهفتها فى الصميم فاختفت ابتسامته و تجمدت ملامحه لكنه لم يتكلم
اثار جموده الخوف فى نفسها فحاولت ان تقول متلعثمة
(انا اقصد ... اننى لا اريد ان تتعطل اعمالك بسببى )
ظل صامتا لحظات شعرت فيها ان قلبها سقط بين قدميها , فلم تجرؤ على رفع نظرها اليه
اخيرا تكلم بصوتٍ هادىء متباعد
(حسنا ساذهب الآن هل تحتاجين لأى شىء )
اشارت برأسها علامة النفى بدون ان تنظر اليه .فما كان منه الا ان جذبها بين ذراعيه بقوة و التهم شفتيها بين شفتيه فى قبلة عاصفة حاول قدر الامكان الا يظهر غضبه بها , ثم تركها فجأة ليقوم سريعا تاركا اياها ترتجف.
كان يقود سيارته و هو يشعر بإحباط شديد , كان يظن انه اقترب منها , كان يظن انها اصبحت تحتاجه الا انها بجملة واحدة اظهرت له انها لا تطيق صبرا للابتعاد عنه .
زفر بشدة و هو يشعر انه كلما اقترب منها خطوة تبعده عنها خطوتين .
.................................................. .......................................
تمطت فى فراشها بدلال و هى تفكر باثارة ,ماذا يمكنها ان تفعل الآن؟ لديها قصرا واسعا تستطيع ان تفعل به ما تشاء .
انها حرة بدون مراقبة حتى ولو لساعاتٍ قليلة . بعد تفكير قصير قررت انها ستترك ما ستفعله بداخل القصر للغد او بعد غد , فبما انه عاد الى عمله فأكيد سيخرج كل يوم تاركا لها بعض المساحة لتحاول بناء حلا جديدة .
فكرت انها ستخرج للحديقة , لو كانت تستطيع القيادة لكان بامكانها ان تخرج بالسيارة الآن , لكنها لم تتعلم القيادة يوما , ترى هل لو طلبت منه تعلم القيادة سيقبل ؟ , تخيلت نفسها وهى تقود سيارة بسرعة و شعرها يطير مع الهواء شعرت بالابتهاج و الاثارة سيكون هذا اول شىء تطلبه منه وهو سيقبل بالتاكيد , ابتسمت برقة ثم قفزت من الفراش , تحممت و ارتدت فستانا منقوشا بالوان طفولية فاتحة , نزلت على السلالم راكضة .
وصلت الى باب القصر و قبل ان تمد يدها اليه سمعت صوت مدبرة المنزل من ورائها
(هل تنوين الخروج سيدتى )
التفتت حلا بسرعة اليها و ابتسمت برقة وهى تقول
(نعم سيدة اسراء .... ساخرج الى الحديقة قليلا )
اومات السيدة متوسطة العمر بأدب وهى تقول
(تفضلى سيدتى )
فتحت حلا الباب العملاق و خرجت لتملأ صدرها بالهواء الرائع , وبعد ذلك خطت عدة خطوات لتفاجأ بالسيدة اسراء وراءها تماما فالتفتت اليها وهى تسأل بريبة
(هل تريدين شيئا آخر سيدة اسراء)
قالت مدبرة المنزل
(لا سيدتى لكننى هنا لمرافقتك )
حاولت حلا الا ترتعب وهى ترد
(شكرا سيدة اسراء ..... لكننى لااحتاج لمرافقة الآن )
لم يظهر اى تعبير على جه السيدة الجامد وهى تقول
(السيد أمر بمرافقتى لكِ خارج القصر سيدتى )
حاولت حلا التنفس وهى تشعر ببدء ظهور حالتها الهيستيرية وقالت بتشنج
؛(شكرا سيدة اسراء ادخلى انتِ وانا سأتفاهم مع السيد )
ظلت السيدة اسراء واقفة مكانها لم تتزحزح وهى تقول
(اعتذر سيدتى.... هذا غير ممكن )
ظلت حلا تنظر اليها وصدرها يعلو ويهبط بانفعال ثم قالت اخيرا بارتعاش
(سيدة اسراء .....انا سيدة هذا المكان الآن والاهم اننى سيدة نفسي وانا اقول لكِ اننى لا احتاج لمرافقة )
ظلت السيدة اسراء على جفائها وهى تقول
(آسفة سيدتى .........لا بد ان يعطيى السيد تعليماته بهذا )
شعرت حلا ان غضبها انفلت من عقاله فاندفعت قائلة
( انا سأخرج .....اخبرى السائق ان يجهز السيارة )
واندفعت الى الامام لكن اوقفها صوت السيدة اسراء الاجش المتصلب
(اعتذر سيدتى لكن غير مسموح لكِ بمغادرة بوابة القصر )
صعقت حلا وصرخت
(هل انا سجينه هنا؟!!.......)
ظلت السيدة صامته لا ترد , فما كان من حلا الا ان اندفعت راكضة نحو بوابة القصر العملاقة وهى تصرخ
(لا احتاج الى السيارة .......سأخرج على قدمي و سأرى من يستطيع منعى )
ظلت تجرى بعنف و شعرها الطويل يتطاير خلفها ووجهها شديد الاحمرار بسبب الانفعال, لم تكن تدرى انها بدت شديدة الجمال و قد اختلطت فيها الرقة و الضعف بالعنف .
وصلت الى بوابة القصر فأوقفتها ذراعا بشرية مفتولة العضلات وصوتٍ اجش يقول
(آسف سيدتى هذا غير مسموح )
نظرت وهى تلهث الى كتلة العضلات المسماة حارس الأمن وصرخت بهياج
(ابتعد عن طريقي )
لم يتحرك من مكانه ففقدت ما تبقى من سيطرتها و اخذت تدفعه بقبضتيها وهى تصرخ ويعلو صراخها بينما الكتلة البشرية ثابتة مكانها لا تهتز .
رجعت خطوة الى الوراء لتحاول التقاط أنفاسها وهى لا تعلم متى بدأ نحيبها , فتعثرت بحجرٍ ناتىء خلفها فسقطت على الارض ,سندت رأسها على ركبتيها وأخذت تبكى بصوتٍ عالٍ.
امتدت ذراعى حارس الأمن لترفعها , الا أن صوتا هادئا اوقفه حين قال
(ابتعد انت )
(سيدتى اعطنِى يدك من فضلك )
رفعت وجهها الاحمر المغطى بالدموع لترى امامها شابا من عمرها وسيم الملامح يرتدى بنطالا من الجينز الممزق و قميصا مقفلا بسيطا لا يخفى قوة جسده بالرغم من نحوله .
مد يده اليها وهو يتابع
(انهضى سيدتى )
أخذت تنظر الى اليد الممتدة امامها وهى لا تتحرك , فجلس القرفصاء امامها وهو يحاول اقناعها
(تعالى سيدتى ... سيكون كل شىء على ما يرام )
نهض وسحبها برفق من ذراعها حتى انهضها , ترنحت قليلا فاسندها بذراعه القوية , اخرج من جيب بنطاله منديلا نظيفا وناولها اياه
(تفضلي ...)
نظر الى السيدة اسراء وقال لها بأدب
(تفضلي انتِ سيدة اسراء ..و انا سأرافق السيدة الى باب القصر بنفسي )
وقفت السيدة لحظة لا تدرى ما هو التصرف الأمثل فشجعها الشاب بلهجةٍ ذات مغزى
(لحظات وستكون السيدة بداخل القصر )
هزت السيدة اسراء رأسها باستياء من كل هذا العرض السيىء ثم التفتت عائدة الى القصر
ظلت حلا واقفة مكانها تشعر بالخزى من هذه المعاملة التى تلقتها , سمعت صوت الشاب يأتى اليها هادئا و هو يسألها
(هل انتِ بخير سيدتى ؟)
ظلت صامتة وكتفاها تهتزان بنحيبٍ صامت .
شعر بالغضب الشديد من الوحش عديم الضمير الذى اسر هذه الأميرة الرقيقة و أغلق عليها الأبواب و سمح لخدمه بمعاملتها بهذه الطريقة المهينة .
لطالما سمع عن قسوة ادهم مهران الشبيه بوالده , لكنه لم يكن يتصور ان يوجه قسوته تجاه تلك المخلوقة البديعة التى تبدو وكأن نسمة الهواء ستكسرها , نظر اليها بعطفٍ وقال
(ما رأيك ان نمشى قليلا لتهدئى )
التفتت عائدة تسير ببطء دون ان تنتظره , ظل يسير بجوارها صامتا ثم قال فجأة قبل ان تصعد السلالم الرخامية لمدخل القصر
(ما رأيك ان اريكى حوض الورود .......لقد زرعتها بنفسي )
توقفت مكانها دون ان تلتفت اليه , فدار هو حولها الى ان واجهها و ظل واقفا حتى رفعت عينيها اليه , فشعر ان سهما نفذ الى قلبه .
صمتها وتوقفها اخبره بموافقتها فمد ذراعه و هو يقول
( انه هناك )
سارت معه ببطء الى حديقة صغيرة خلف القصر بها حوضا كبيرا من الورود المختلفة الالوان لكنها مزروعة بتصميم معين .
اخذت تنظر الى هذا الحوض و الذى بدا وكأنه لوحة فنية احتاجت الى فنانٍ عظيم ليصممها بهذا الشكل.
تقدمت ببطء الى هذا الحوض الرائع ثم انحنت على ركبتيها لتغمر وجهها المحمر فى وردة بيضاء كبيرة متفتحة .
فى هذه اللحظة عرف ان هذه الصورة لن تخرج من عقله ابدا , صورة فنية رائعة دخلت عقله....... و مست قلبه
صورة لسيدة القصر الأسيرة .
.................................................. .............................
شد قبضته على الهاتف بشدة و هو يكاد يصرخ
(لم اعد احتمل .....اريدها ..... اريدهاااا هل تسمعيننى
قلتِ انكِ ستساعديننى للحصول عليها ........ انها تسكننى ........ وجهها رفض ان يعتقنى )
كانت تستمع الى هذيانه و ابتسامة الافعى مرتسمة على شفتيها المكتنزتين , قالت بصوتها المبحوح
(كان كل شيء يسير على ما يرام الى ان افسدت كل شىء بفعلتك الغبية )
صمت قليلا لتسمع صوت تحطم عالٍ ثم سمعته يصرخ فاضطرت الى ابعاد الهاتف عن اذنها
(ارجووكِ ..... انها لاترد على اتصالاتى....... اريد فقط ان اشرح لها )
ظلت ابتسامة الانتصار على شفتيها و هى تهمس
(حين تخرج سابين احدا من حياتها .... فانها لا ترجعه ابدا )
صرخ فيها
(انا لن ادعها ...انها ملكى ..ملكى انا , لقد كنت غبيا حين ابتعدت عنها , ايثار ارجوك لوطلبتى النجوم سأجلبها لكِ لكن ارجوكِ ساعديننى على استعادتها )
التمعت عيناها الشبيهتين بعيني افعى , سكتت لحظات ثم قالت بصوتٍ ساحر
(حسنا .... فلنبدأ من جديد , لكن هذه المرة غير مسموح بأى أخطاء , مفهوم
↚
كان عائدا من عمله يقود سيارته بسرعة يسابق الأميال للوصول اليها.
منذ ان هاتفته السيدة اسراء و اخبرته بما حدث وهو يشعر بتقافز اعصابه , وخاصة وانه لم يتوقف بعدها عن الدوران فى سلسلةٍ من الاجتماعات المؤجلة منذ يوم زواجه .
اخيرا وحين انتهى من آخرها , هب من مكانه متنفسا الصعداء , منطلقا اليها .
أول يوم يذهب فيه الى عمله بعد زواجه وهذه هى النتيجة ... انهيار آخر من انهياراتها التى لا تنتهى , ضرب المقود بقبضته وهويشتم .
ما هو المعقد فى الأمر ؟!!.......انه يريد ان يعرف ما هو الأمر الذى يصعب عليها فهمه ؟!...... كل هذا الانهيار لأنها لا تريد مجالسة السيدة اسراء !!!!......... ثم الى اين كانت تنوى الذهاب ؟!!! .........لقد تلفت اعصابه تماما حين اخبرته السيدة اسراء بنيتها فى الخروج من القصر .......
الى أين كانت ستذهب ؟ ........... هل كانت تنوى الذهاب لايثار ؟
أطل الغضب الأعمى من عينيه و شعر بمشاعرٍ سوداء تكاد تظلم الدنيا من حوله .
الى متى سيمنعها من رؤية امها ...... ولماذا تريد رؤيتها اصلا ......فلو كانت تلك الحقيرة تمتلك أدنى قدر من مشاعر الأمومة لكانت جاءت بنفسها لرؤيتها .
الا ان تلك الأفعى السامة , و منذ ان وافقت حلا على الزواج منه , قطعت علاقتها بحلا نهائيا
ابتسم بسخرية سوداء ....... بالطبع فزواج حلا به ليست صفقة ايثار ... لن تنال منه شيئا , لانها تعرفه جيدا وهو يعرفها جيدا .
زواجه من حلا كان صفقة حلا بنفسها , حين عرض عليها الهروب من مخططات ايثار الجديدة لها .
فكان ان اختارت الصفقة الاكثر تحملا لها ..... زواجٍ صورى اوهمها هو به ....لن يتطلب منها سوى الظهور فى المجتمع بصورة زوجة ادهم مهران .
علم ان ايثار ثارت بشدة و آذتها بشدة ..... الحقيرة ...تعلم جيدا ان هناك فرق بين مهران سيدفع لها الثمن و بين مهران آخر لن تحصل منه سوى الاحتقار , وكان هذا هو السبب فى رجوح كفة طلال مع كفته .فبالرغم من انها كانت تعلم جيدا برغبة ادهم مهران بنفسه فى حلا الاانها فضلت القبول بصفقة تزويج حلا لطلال ,
ادهم مهران من القوة بحيث لا يحتاجها هى للحصول على المرأة التى يريد و بالتالى لن تنال منه شيئا , لذا قامت بالتخطيط مع زوجها امبراطور مهران فى ابقاء الأمر سرا عن الجميع وخاصةٍ ادهم حتى انتهزوا سفره فى عملٍ مهم و تم تزويج حلا لطلال فى فترة لا تتعدى شهورٍ قليلة وقبل رجوع ادهم .
اما بعد موت طلال , ظل هو منتظرا فى الخفاء .. يراقب كل تحركات حلا , يعد كل نفس من أنفاسها , منتظرا الفرصة حين تنهار حلا تماما.... فيتلقاها هو ........و هذا هو ماحدث .
عاد اليه الشعور القهرى بالدناءة .... حين تذكر مخططات ايثار الجديدة لحلا بعد موت طلال .
فقد كان هو مخطط كل شيء ..... خادعا تلك الافعى السوداء .
شاريا جديدا شديد الثراء يأتى من طرفه هو ,لينسج الخطه و يوهم ايثار برغبته فى حلا منذ ان كانت متزوجة و يعدها بالكثير مقابل الحصول على حلا .
و طبعا تنهار ايثار تحت أقدام هذا الشارى الجديد غير مصدقة حظ حلا الرائع فى المكسب الرابح مرة اخرى بعد فترة قصيرة من موت طلال .وخاصة بعد رحيل الأمبراطور فجأة تاركا اكبر طعنة لايثار بخروجها من القصر خالية اليدين الا من الذى نالته من زواجى حلا وسما والذى لم يتحمل فى يدها الكثير فاضاعته ثقة منها فى المزيد و المزيد بعد موت الامبراطور .
الا انها نسيت انه امبراطور مهران ...... لا يعطى الا ما يريد بالقدر الذى يريده .
وحين جاء هذا المشترى الجديد كان فرصتها الجديدة للثراء ,فضغطت بكل انواع الضغوط النفسية و الجسدية على حلا التى كانت تهدد دائما بالانتحار ان حدث و تزوجت مرة اخرى .
ظل ادهم يراقب هذا الوضع من بعيد تاركا حلا تنهار اكثر واكثر
ثم ظهر هو ..... عارضا عليها صفقة زواجهما لتتحرر من الضغوط القاتلة من حولها , ففى الاخير هو ادهم الذى تربت ببيته وتحت انظاره وهو لن يرغمها على ما لن تحتمله .
و كما توقع تماما ... كانت حلا منهارة نفسيا تماما , فسقطت أسيرة عرضه دون اى مجهودٍ يذكر من قِبله .
و قد حصل عليها اخيرا .......
لن يشعر بالذنب ابدا ..........حلا ملكه ...منذ ان كانت تلعب فى بهو القصر ......هى ملكه ....... وهو لم يفعل سوى استرداد ما يخصه .
عاد يتسائل اين كانت تريد الذهاب هذا الصباح .....هل ارادت رؤية سابين , هو يعلم انهما لم تكونا يوما على وفاق . لم تظهر عليهما مظاهر الأخوة ابدا , فسابين لا تصلح لأن تكون اختا , دائما كانت انسانة قاسية عابثة لم يستطع ان يفهمها يوما ولا احبها ابدا .
تذكر محادثة وحيدة فقط بينه وبين سابين ..... كانت اول حديث حقيقي بينهما , وكان ذلك بعد ان اعلنت حلا عن موافقتها على الزواج به ... ففوجىء بسابين تأتى الى مكتبه دون موعد .
تذكر جلوسها امامه بمنتهى الصفاقة واضعة ساقا فوق الأخرى و هى تنظر اليه باستعلاء .
تذكر كلماتها بوضوح و دون مواراة ( لا تتزوج حلا ......)
نظر اليها يومها دون ان يرمش له جفن , فتابعت دون ان تنتظر رده
(انها ليست مناسبة لك ) ثم اكملت بقسوة
( انها ضعيفة للغاية و سلبية لدرجةٍ بائسة )
صمت قليلا ثم قال بكل هدوء
(سأتزوجها يا سابين ...و سأرى من يستطيع منعى )
يومها ظلت تنظر اليه نظرة لم يفهمها و سألت بكلمة واحدة
(و لماذا تأخرت )
وقبل ان يفهم ما كانت تقصده قامت من مكانها و قبل ان تخرج التفتت اليه وقالت بقسوة
(انت لا تختلف كثيرا عنه )
ثم غادرت و لم تتدخل فى موضوع زواجهما مرة أخرى .
عاد وعيه الى الطريق أمامه وكلماتٍ تدور بذهنه
انت لا تختلف عنه كثيرا .......... انت لا تختلف عنه كثيرا ........انت لا تختلف عنه كثيرا
تطلع امامه بغضبٍ و هو يقبض بشدة على المقود و هو يشتم هذه الأسرة المجنونه من اكبرهم لأصغرهم .
وصل الى القصر و نزل من السيارة بسرعة و اخذ يلتهم السلالم الرخامية كل درجتين معا , وهو غافل عن عينين غاضبتين تراقبانه بحنق من بعيد .
اخذ يصعد السلالم بسرعة يتسابق مع درجاتها حتى وصل الى غرفته , اخذ نفسا عميقا ثم فتح الباب و دخل .
وجدها مستلقية على الفراش و ظهرها اليه وهى ضامة نفسها كالجنين .
التف حول الفراش حتى واجهها ثم جثا على ركبتيه بجوار الفراش و اصبح وجهه على بعد سانتيمترات قليلة من وجهها , مد يده و أزاح شعرها الذى يحجب عنه عينيها .
وجد عينيها مفتوحتين لكنها لا تنظر اليه .... نادى برقة ...... (حلا ..) لكنها لم ترد عليه
أعاد مرة اخرى برقة اكثر و ابتسامة ( حلا .... ردى علي )
لم يظهر عليها انها سمعته اصلا .فنهض واقفا و خلع سترته ثم اندس بجوارها و لف ذراعيه حولها ضاما ظهرها الى صدره و اخذ يهمس فى أذنها
(كلمينى حلا ....) وحين لم ترد اكمل
(كنت اظن اننا اقتربنا من بعضنا جدا , فما الذى حدث الآن )
احس بارتعاشها و قد اخذت تهتز بنحيبٍ صامت , شدد من ضمها اليه اكثر ثم قال
( اخبرتنى السيدة اسراء انكِ ترفضين الطعام منذ الصباح )
احس بعضلاتها تتشنج حين ذكر اسم مدبرة المنزل الصارمة , فقال برقة
( حلا ... انها سيدة طيبة و لم تقصد ان تغضبك )
استمر بكاؤها الصامت الذى اثقل قلبه فتنهد بتعب ثم حاول مرة اخرى ان يصل الى داخل قوقعتها
( حلا ..... لا زال الوقت مبكرا على خروجك بمفردك )
صدر عنها صوتٍ مختنق و هى تهمس
(انا لست مريضة .....)
كاد ان يعتصرها بين ذراعيه و هو يشدد من ضمها اليه و الالم يعصف بداخله . ثم قال بعمق
(انتِ لستِ مريضة يا حلا ... انتِ فقط تحتاجين الى المساعدة فى الوقت الحالى)
همست بتحشرج
(اريد ان...... اساعد نفسي )
همس باذنها وهو يلامسها بمداعبة
(الا تحتاجيننى يا حلا ؟........)
ثم اكمل بصوتٍ اعمق ومداعباته تتعمق اكثر
(لكن انا احتاجك ... و بشدة )
اخذت تهدأ تدريجيا بين ذراعيه حتى سكنت تماما و بعد لحظات قليلة كادت ان تطيح بعقله , تحركت ببطء حتى استلقت على ظهرها وهى لا تزال بين ذراعيه .
اخذ ينظر اليها و هى تنظر اليه باستسلام و كلا منهما يحاول العبور للآخر ,جمالها الضعيف اصابه بالجنون ثم اخذ يميل عليها و فمه يقترب من فمها . وفجأة همست بسرعة قبل ان تفقد شجاعتها
(أدهم .... اريد ان اتعلم القيادة )
توقف فمه على بعد لحظة من فمها , لحظة واحدة وكان سيفقد نفسه فى دوامة حبها مرة اخرى
هز رأسه و هو يحاول استيعاب ما قالته
(تريدين .... ماذا؟)
ابتلعت ريقها وهى تدعو ان يوافق ثم قالت بتلعثم
( اريد ان اتعلم القيادة )
سألها بصوتٍ أجش
(وفيما تحتاجين القيادة .... يستطيع السائق اخذك الى اى مكان تريدينه )
انعقد حاجبيها وهى تقول بجفاء خافت
(ليس هذا ما حدث اليوم )
نظر الى هذه القطة الغاضبه منه فاجتاحه الحنان و ابتسم
(اين كنت تنوين الذهاب )
لم تجد ما تجيبه به فقد تصرفت بمنتهى الحماقة بعد ان جرفتها الحماسة صباحا , ظلت صامته و قد احمر وجهها احراجا و لم يضغط هو عليها اكثر فقد علم ان لا اجابة لديها , ستظل هى حلا دائما ......منطلقة فى هذه الحياة على غير هدىٍ .
نزل برأسه وقبلها برقةٍ تذيب الأحجار , دون ان يستسلم لمشاعرٍ مجنونه هذه المرة , حين رفع رأسه نظر الى عينيها اللتين تحولتا الى لونِ بحرٍ عاصف , ثم قال برقة
( حين اشعر انكِ مستعدة , سأعلمك بنفسي )
تابع و الابتسامة تغطى وجهه
(هل ستأكلين الآن ....)
ظلت تنظر اليه بيأس دون ان ترد ....... لكن و بالتأكيد بعد دقائق كانت هناك طاولة طعام صغيرة امامها على الفراش وهو يطعمها بيده وهى تأكل ببطء ...بصمت.....باستسلام .
افاقت صباحا على أشعة الشمس الدافئة , لكنها لم تشعر بدفء الذراعين الحديديتين من حولها كعادتها كل يوم , ادارت وجهها الى الناحية المجاورة من الفراش فلم تجده , لكن لفت نظرها ورقة صغيرة مطوية بجوارها على الوسادة ,
تناولتها بارتعاش ...... رسالة ..... رسالة منه , فتحتها ببطء وهى تتسائل ماذا يمكن ان يقول لها
(لقد ذهبت الى العمل ....... حاولى الا تفتعلى المشاكل يا صغيرة )
ظلت تقرأ الكلمات طويلا وهى لا تشعر بشىء ..........ماذا انتظرت ..... هى نفسها لا تعلم ماذا كانت تنتظر .
قامت من فراشها ببطء ... شتان بين ما كانت تشعر به حين اسيقظت بالامس وبين ما تشعر به الآن , اتجهت الى النافذة و أطلت منها لتستنشق الهواء بعمق.........
لفت نظرها حركة بالأسفل فى الحديقة .... نظرت ففوجئت بشابٍ يمسك خرطوما يروي به الحديقة و هو يرقص بحركاتٍ غربية سريعة و مضحكة للغاية وهو يطوح خرطوم المياه معه قافزا من حوله واضعا سماعاتٍ فى اذنيه
ابتسمت بمرحٍ وهمست لنفسها
(من هذا الأحمق ؟!!.......)
انه يبدو مألوفا , أدارت وجهها الى طاولة الزينة لترى وردة بيضاء كبيرة بدأت فى الذبول قليلا ... شخصا ما أعطاها هذه الوردة بالأمس ...لكنها لا تتذكر ملامحه تماما , فعادة ما تنسى الكثير من التفاصيل بعد انهياراتها ..... ايكون هو
انحنت على النافذة و أسندت ذقنها على يدها و هى تراقبه مبتسمة .......
الا يخجل من نفسه ........... الا يخشى ان يراه احدا وهو بمثل هذه الحماقة
اتسعت ابتسامتها ...........
كان منعزلا عن العالم و النغمات العالية تسد أذنيه وهو مغمضا عينيه .........فجأة دفعه شيئا ما لفتح عينيه .......شعر انه مراقب فرفع رأسه لأعلى ليفاجأ بالأميرة تطل عليه من نافذتها ...... وهى تضحك !!!
سقط خرطوم المياه من يده و ظل ينظر الى جمالها المشرق .... يا الله ..... انها شديدة الجمال ....... شديدة الاختلاف حين تكون مبتسمة , تبدو و كأن شيئا ما يشع من داخلها .
ما هذه المرأة ... انها تجذب كل من حولها .. فى كل حالاتها ..غضبها ...ضعفها ....حزنها .....اشراقها ..... ابتسامتها .
انها ساحرة من نوعٍ ما.
ابتسم و لوح لها بيده ..........استقامت فجأة بسرعة و اختفت ابتسامتها و قد ظهر عليها الارتباك من تلويحه لها ثم ابتعدت عن النافذة بعد ان اغلقت الستائر ...
انها تبدو و كأنها لم تقابل احدا منذ ميلادها ....لا تعلم كيف تتعامل مع البشر , لا يتخيل كيف كانت حياتها الى الآن ...هل كان لديها أصدقاء؟ .....هل لديها أخوات؟ .......هل هى مدللة والديها ؟ .....هل كانت لديها حياة اصلا ؟ ...........
.................................................. ........................................
تطرق بكعب حذائها العالى......تطرق ........تطرق
جالسة على كرسي مكتبها , تنظر الى باب مكتبه ......الأنغام الناعمة تأبى ان تترك أذنها .....الرائحة الدافئة لا تغادر أنفاسها .
رمت قلمها من يدها على سطح المكتب بعنف ...... ما الذى يحدث؟...... انها تبدو كأنثى بلهاء رقصت رقصتها الأولى .
اهدئى يا سابين ... استعيدى سيطرتك على نفسك , انه مجرد رجل فى النهاية وكل ما فى الأمر انه لا يسقط تحت قدميكِ..لا ينهار لكِ.
زفرت بعنف ,ثم اخذت اوراقها و قامت متجهه الى مكتبه برشاقة الفهد المستعد للوثب على فريسته .
طرقت الباب بهدوء ودخلت .......ظل نظره مثبتا على شاشة حاسوبه وهو يعمل لا يعيرها أى اهتمام , ظلت واقفة لحظات تنظر اليه نظراتٍ شرسة ثم تقدمت الى المكتب ووضعت الأوراق أمامه وقالت
(هذه الأوراق تحتاج لتوقيعك )
التفت من الشاشة الى الأوراق امامه ..تناولها بهدوء و اخذ يوقعها واحدة تلو الأخرى
فجأة رن هاتفه الخاص وحين نظر الى الاسم ظهرت ابتسامة رقيقة على شفتيه اذابت تصلب ملامحه , ذهلت وهى ترى هذه الابتسامة على شفتيه لاول مرة .
اجاب محدثه بصوتٍ هادىء
(اهلا حبيبتى ...)
ارتفع رأسها بسرعة و قد ضربتها هذه الكلمة البسيطة ,فانتبهت بكل حواسها تنصت اليه وهو يقول
(اشتقت اليكِ انا ايضا .......) صدمت
اعصابها تحترق ... احساس غير مرحب به اخذ فى التصاعد بداخلها
سمعته يضحك برقة و يقول بدلال
(اعرف انكِ تكرهين هذا العمل جدا .....)
اخذ حاجباها يرتفعان بدهشة بينما عيناها تقسوان بشدة , لمن يسمح بأن تتذمر من انشغاله بعمله .
تابع يقول برقةٍ تذيب الحجر
(حسنا سيدتى ...... ماذا لو اخبرتك ان بامكاننا اطالة السهرمعا الليلة فى المنزل ......)
ضحك بحبٍ وهو يكمل
(نعم ....و سنفعل كل ما تطلبينه الى ان تسقطى نائمة ......)
صعقت ..صعقت تماما من صفاقة الحوار , الا يراها لا تزال واقفة .. الا يخجل من نفسه
تابع كلامه
(هيا حبيبتى ..اتركينى الآن لأنهى عملى و أعود اليكِ سريعا )
وضع هاتفه من يده مع انتهائه من آخر توقيع , ثم عاد ملتفا الى شاشته بدون ان يعطيها اى كلمة .
لمت الأوراق من أمامه بمنتهى الهدوء وخرجت تجبر نفسها على السير معتدلة حتى وصلت الى مكتبها فرمت أوراقها بعنفٍ عليه وهى تتنفس بحدة .
الوغد ....مدعى الفضيلة ....موزع الأخلاق و المبادىء
هى تعلم تماما ان احمد مهران غير متزوج ....... ويجرؤ على محاسبتها هى .!!
عاد البرود ليلفها .. انه يحاسبك من اجل دارين فلا تنسي هذا ابدا .
ارتمت على كرسيها عائدة الى عملها , تحاول السيطرة على غضبٍ هائج دون محاولة ايجاد تفسير له .
.................................................. ........................
كان يحرك عضلاته بتعب بعد جلسة العمل الطويلة جدا , لم يجد العمل متعبا هكذا من قبل و لا شديد الملل لهذه الدرجة
يبدو هذا اليوم طويلا...... طويلا جدا لا ينتهى , تنهد بعمق و هو يتسائل هل بدا يكبر فى العمر .. ولماذا لم يشعر بهذا الشعور الا الآن ما الذى تغير منذ زواجه ....ابتسم بسخرية .. هل ازداد عمرا منذ زواجه .....لا..... انه يشعر بانه يزداد عمرا حين يكون بعيدا عنها .....لكنه يعود و يصغر ليصبح فى مثل عمرها حين يعود اليها...الى نبض قلبه ....الى من قلبت حياته رأسا على عقب .
وهو الذى كان يظن انه سيرتاح اخيرا بعد امتلاكه لها .الا ان الراحة هى آخر شعور ممكن ان يشعر به الآن
انها تجعل حياته تبدو كسماءٍ تنطلق فيها الألعاب النارية ...لا تهدأ ...ولا يتوقف الاحتفال .
ترى ماذا تفعل الآن ....هل اثارت المشاكل ......
ابتسم بمرحٍ و هو يتذكر صوت السيدة سراء الصارم المستاء و هى تخبره بالعرض الغير لائق الذى قدمته حلا بالامس فى الحديقة ...ازدادت ابتسامته اتساعا وهو يتذكر صوتها يزداد قسوة وحزم ناسية انها تخاطب ادهم مهران بينما تنبهه انها تصرفاتٍ لا تليق بالسيدة خاصة أمام الخدم والعاملين بالقصر , و أن السيدة وإن كانت صغيرة الا انها ليست طفلة لتتصرف بمثل هذا الانفعال المبالغ فيه
ظل ادهم يستمع اليها واعصابه تحترق من فقدان حلا لسيطرتها على نفسها مرة اخرى , لكن الذى طمأنه ان السيدة اسراء تمكنت من اعادة حلا بهدوء الى القصر.....
فبما انها استطاعت امتصاص انفعالها الذى يدرك عواقبه جيدا فهذا يدل على خبرة السيدة اسراء ..حين رآى الوردة البيضاء على طاولة الزينة شعر بالتفاؤل ...فهذا معناه ان السيدة اسراء استطاعت تهدئتها فى نهاية الامر و ان حلا بدأت تستسلم لسلطتها وهذا ما اراحه فهو يحتاج الى شخصٍ حازم ليحل محله فى غيابه نظرا لحالة حلا النفسية .
ولقد تعب كثيرا حتى عثر على السيدة اسراء بعد توصية اسرة عريقة و اشادتها بالكفاءة
لكنه لم يخبر السيدة اسراء بأى تفاصيل عن حلا فقط نبهها الى احتمال حدوث ما قد يسوء من آن لآخر فلا تغفل عنها ابدا .
ترى ماذا تفعل الآن ......تسائل ثانية .
نظر الى صورتها الموضوعة على مكتبه و التى اخذت لهاو هى اصغر سنا ..قبل ان ...اللعنة ..ليس مرة اخرى
رجع بتفكيره الى الصورة .
كان دائما ما يسخر من رجالٍ مهمين يدخل الى مكاتبهم ليجد صورا لزوجاتهم موضوعة بقربهم و يتسائل الا يكتفون منهن فى المنزل لتظل هذه الصور تطالعهم اثناء العمل تحمل ابتساماتٍ ساذجة .
ابتسم الآن وهو يجد نفسه و قد اصبح زوجا تقليديا يضع صورة زوجته فى اطارٍ على مكتبه و هى تحمل نفس الابتسامة الساذجة ...ابتسم بحزنٍ وهو يتمنى من كل قلبه الآن ان تعود اليها هذه الابتسامة ..ليأخذ لها صورة جديدة وهى زوجته .
شعر فى هذه اللحظة انه يكاد يحترق لسماع صوتها فتناول هاتفه ليكلمها على هاتفها الخاص و الذى لا يحوى سوى رقمه فقط .
ظل الرنين المتصل يحرق اعصابه ..ان لن ترد حالا سيكلم السيدة اسراء على الفور بالرغم من انه كلمها مرتين الى الآن وقد اكدت له فى المرتين ان السيدة لا تزال بغرفتها .
بدأ الخوف البارد يعصف به .ثم فجأة سمع صوتها الساحر يرد عليه بهدوء فتنهد بعمق وقال
(مرحبا يا صغيرة )
(مرحبا)
(ماذا تفعلين ...)
(مستلقية فى الفراش...)
تنهد بتعب وسألها
(لماذا لا تنزلين الى الحديقة ؟)
(وحدى؟....)
رد بحسم (لا)
(سأنام قليلا ..فانا متعبة ) ثم اغلقت الخط دون ان تسمع رده ,
ظل ينظر الى الهاتف وهو لا يصدق انها اغلقت الخط , عصف به غضبٍ اهوج ...يبدو انه كان متساهلا معا اكثر من اللازم
انتِ تدفعيننى كثيرا يا حلا ..وانتِ ليست لكِ القدرة على تحمل غضبى
عاد الى عمله حانقا و غضبه يهدد بقتل كل من سيقترب منه فى هذه اللحظة .. وبالفعل لم ينج من غضبه بعض الموظفين المساكين .فاخذ الجميع يهربون من حوله يتحاشون غضب ادهم مهران .
بعد فترة رن هاتفه ليطالعه اسم السيدة اسراء فانقبض قلبه و هو يهمس (حلا....)
اسرع يرد عليها متوقعا سماع خبرا مروعا فهذا ما يشعر به كلما طالعه اسم السيدة اسراء على الهاتف , الا ان السيدة اسراء كان صوتها هادئا وهى تقول بنبرة عملية
(سيدى هناك ضيوف لك فى القصر ....السيد فارس و السيدة زوجته )
16
You'll also like
مقيد بأكاذيبها by HadeerNourelden220
مقيد بأكاذيبها
9.4M
301K
حياتها بائسة...فالعيون الجائعة تترصدها بكل مكان فتجعلها تعيش الجحيم في كل لحظة من لحظات يومها البائس ..ظلت تقاوم و تحارب بطرقها الخاصة كما اعتادت منذ صغرها..الى ان اتى ا...
كبرياء عاشقة by HadeerNourelden220
كبرياء عاشقة
6.7M
32.4K
اجبرها والدها علي ان تعيش حياتها متنكرة في هيئة الرجال وعندما رفضت حياتها تلك و سعت للخلاص منها والتشبث بانوثتها ... استنجدت بمن تحب فرفضها وسخر منها وخذلها لتشعر بعالم...
شفاه مخملية by zhralsalami
شفاه مخملية
17.3M
954K
واگف گدامي وعيونه يتطاير منهه شرار وكلهن حقد وغيض، گلب شعره الاسود الكثيف اليزيده جمال وجاذبيه وضحك بأستهزاء، گال بنبرة صوت ماكرة - انتي ياهو يگلبچ؟ هو انه وگوة دبسوچ بي...
Obsessed and The ballerina by Amira_aj_
Obsessed and The ballerina
10.3M
478K
راقصة باليه هاوية للرسم ، و رجل مافيا ..أليس هذا متناقض !! بالفعل إنهما كذلك .. "انتِ ترسمين بفِرشاتك ،وانا أرسم بسلاحي ، انتِ ترقصين على أطراف أصابعك وانا أرقص على...
وردة الفهد by SollSooo
وردة الفهد
6.3M
120K
هو أدم المنشاوي ملك الاقتصاد لقبه الفهد لشده ذكائه قاسي مغرور الكل يحسب له الف حساب وسيم جدا ذات شعر اسود كسواد الليل و عيون كعيون الفهد كل النساء تتمني نظره منه هي ورد...
اخذ يقود سيارته بسرعة وعقله لا يستوعب ..هل فارس هنا حقا .. بعد غياب ثلاث سنوات ... اكيد هناك خطءٍ ما ....هل فعلا عاد فارس بمحض ارادته ..و هل سما جاءت معه بالفعل ...... وهل قابلت حلا
.................................................. ......................
ظلتا واقفتين.....صامتتين .....تفصل بينهما عدة خطوات الا انها تبدو كأميال .....
لا تزال حلا كما هى ... صامته , متباعدة .. كلما نظرت اليها تخفض حلا نظرها الى الأرض و كأنها مذنبة , لطالما ظهرت بهذا المظهر الخاضع منذ ان تزوجت طلال مما يقارب الخمس سنوات .
فبعد زواجهما وسفرهما لقضاء شهر العسل .. عادت حلا بحالة غريبة و كأنها لا تعى شيئا فى هذه الدنيا .. خاضعة بشكلٍ غريب , فاقدة الاحساس بكل شىء .
لم يطل بقاء سما .. فبعد ان تزوجت حلا بسنتين , تزوجت سما بفارس .. فى هاتين السنتين لم تستطع سما التواصل مع حلا و لم يستطع احد ...فقد اختارت هذا التباعد عنهم جميعا بعد زواجها واحيانا كانت تختفى تماما لفترة طويلة دون حتى ان تهاتفهم لتعود متباعدة مسلوبة الارادة بشكلٍ اكبر وكان طلال هو الوحيد الذى يستقون منه اخبارها .لا يعرف احدا شيئا من تفاصيل حياتها او اسباب اختفائها .
وبعد ان سافرت سما مع فارس بسنةٍ واحدة , سمعت بخبر موت طلال ...
هى لا تعلم ما الذى حدث لها .. الا انها واثقة من ان حظ حلا كان اسوأ بكثير من حظها هى ... فهى فى النهاية موجودة مع حبها المستحيل .
لا يبدو ان زواجها بادهم قد غيرها ابدا ... و بالنسبة لسما لم تندهش ابدا لخبر زواجهما , كان هناك يقينا بداخلها ان حلا مصيرها فى النهاية لوحش آل مهران
لم تشعر أيا منهما بحاجتها للاخرى يوما , هى تحب حلا بالطبع فهى اختها كسابين تماما .... الا ان زيجتيهما هما الاثنتين ارسلتهما الى مفترق الطرق ... و نظرتيهما الى بعضهما تشعرهما بالخجل لكل ما عانتاه ...بينما قبضت غيرهما الثمن
تم بيعهما هما الاثنتين .... وها هما الآن واقفتان تتحاشيان النظر الى بعضهما بحرج .
لم تجد سما بدا من ان تبدأ هى بالكلام
(كيف حالك يا حلا ......)
رمشت حلا بعينيها وهى تقول بتلعثم
(بخير ..... و أ..وأنتِ سما ؟....)
اومأت سما برأسها وهى تقول بابتسامة مطمئنة
(انا بافضل حال .............لقد اشتقت اليكِ)
صمتت حلا قليلا ثم قالت بخفوت
( وانا ايضا.........)
عاد الصمت بينهما طويلا ثم قالت سما وهى مبتسمة بشقاوة
(اذن.........فقد تزوجت ادهم !!)
اومأت حلا و قد احمر وجهها ........فابتسمت سما وهى تفكر
ستظل حلا طفلة دائما ...... مهما حدث لها
.................................................. .................................................. .....
فتح ادهم باب القصر بسرعة ودخل .........ثم توقف حين شاهد فارس واقفا امامه .....انه فارس حقا ..
اندفع اليه بعد طول فراق معانقا اياه بلهفه ويهتف
(فارس...... لا اصدق انك عدت اخيرا )
شعر فارس بمعانقة شقيقه و الذى كان دائما بمثابة حصنه ... مهما طال دورانه فى هذا العالم الا انه يعود فى النهاية الى هذا الجبل العالى ادهم مهران .
تنهد فارس بعمق ...لقد عاد ...آن الاوان لجروحه ان تلتئم .....و ليقف على قدميه مرة اخرى .
كان ادهم لا يزال معانقا فارس يلكمه على صدره ممازحا حتى سمع صوتا عذبا من خلفه يقول
(كيف حالك يا وحش آل مهران )
التفت بسرعة ليفاجأ بالشابة الأنيقة الواقفه خلفه ,فرق قلبه وهتف غير مصدقا
(سما.......)
ذهبت اليه جريا و احاطت عنقه بذراعيها ,ضمها ادهم اليه بحنان ....لطالما كان هناك رابطا قويا بينه وبين سما التى جاءت الى هذا القصر و هى لا تتعدى العامين من عمرها ..... كانت مدللته دائما ..بعكس حلا التى كان يراقبها من بعيد.
لم يراها منذ زواجها بفارس .... لقد اخرج نفسه تماما من هذه الصفقة.. كان وقتها لايزال كالبركان الثائر بعد زواج حلا يدمر كل من يعترض طريقه .حين صعق تماما بقرار الامبراطور فى أخذ سما الصغيرة لفارس ..انفجر هائجا لتلاعب والده بحياة اخرى مثلما فعل مع حلا ... الا ان هذه المرة كانت الصفقة اشد قسوة ...سما الصغيرة ..كيف لها ان تتحمل عبء زواج مضنى كهذا .
وعقد العزم على محاربة الجميع ليوقفوا هذا العبث......ويتركوا سما الصغيرة لحياتها و دراستها .
الا انه عاد وانتابته نزعه انانية ...ففارس كان فى اشد حالات الانهيار وقتها و كادوا ان يفقدوه اكثر من مرة فى غمرة غضبه .....
شعر ادهم فى داخله ان سما هى بالفعل الحل الوحيد لتهدئة الأسد الأعمى ........كان يعلم ان سما انسانه غير عادية , فهى تحمل قوة بداخلها تكاد تكون اقوى من سابين نفسها ...... وتحمل رقة تعادل رقة حلا .
وهذا هو المزيج الذى يحتاجه فارس .....كان انانيا نذلا مثلهم جميعا , يشفع له خوفه على فارس .
والآن وهو نظر اليها يشعر بتانيب ضمير فظيع , فهو و ان كان يريد راحه شقيقه الوحيد فارس فهذا لا يمنع انه يعلم علم اليقين انها تتعذب فى صمت ....عذابٍ لا يتناسب مع عمرها ابدا فهى فى سن الحرية و الانطلاق ..........هل هذا ما يمنحه لحلا ؟....نحى اجابة هذا السؤال عن تفكيره حاليا, فحلا لها ظروف خاصة مختلفة تماما عن سما .
عاد ينظر الى سما الصغيرة امامه تبتسم برقة وعيناها تدمعان مما هز قلبه تجاهها .
اخذ ينظر اليها من قمة رأسها وحتى اصابع قدميها ثم قال بدهشة وهو يضحك
(لا اصدق انها انتِ فعلا .........لقد كبرت للغاية و اصبحتِ جميلة بشكلٍ خلاب )
قالت سما ضاحكة
(ليس الى هذه الدرجة ..... فانا لم اغادر من هنا طفلة !!!)
عاد اليه الاحساس بالذنب و هو يفكر , بلى يا صغيرة....لم تكونى الا طفلة ,
لكنه قال بمداعبة
(هل ازداد وزنك ؟.......لقد كنتِ كعيدان الكبريت )
دفعته فى كتفه وهى تضحك ......سما الوحيدة المسموح لها بالتساهل معه و ستظل مميزة عنده دائما .
مد فجأة ذراعا واحدة و احاط بها خصرها النحيل و رفعها لأعلى وكأنها دمية لا تزن شيئا وهو يقول ضاحكا
( لكن هذا لايمنع ان احملك مثلما كنت افعل دائما ...........آآآآه لقد اصبحتِ ثقيله فعلا )
اخذت سما تضحك وهى ترجوه ان ينزلها
سمعا فجأة صوت تحطم عالٍ اوقفهما عن الضحك , فالتفتا بسرعة ليجدا ان فارس واقفا ممسكا بعصاه كالأسد المستعد للهجوم , و بجواره على الأرض اناءا زجاجيا ضخما محطما شر تحطيم ,
اتجه ادهم اليه بسرعة يسأله ان كان بخير غافلا عن ملامح وجهه الهمجية ,....... وحدها سما لاحظت الروح الشيطانية التى ارتسمت على وجهه و هى تعرف جيدا هذه الملامح ....انها بداية غضبٍ همجى سينقلب عليها فى نهاية المطاف
ما الذى حدث واغضبه ...... لم تكد تمر عدة ساعات على وصولهم فهل بدأ غضبه المعتاد بهذه السرعة ,كانت تظن ان عودته الى الديار والى ادهم سيكون لها تاثير رائع عليه , الا ان هذا ليس ما تراه الآن , فهو يبدو وكأنه مستعدا للانقضاض على احدهم .......
اقتربت منه و همست له
(هل ارهقك السفر )
لم يجبها بل ظل ينظر امامه بعينين متوحشتين .... شعرت بانفاسه الساخنة الملتهبة تضرب وجهها و كأنه سينفث لهبا كالتنين .
سمعت صوت ادهم يقول من خلفها
( ستصعدان الآن الى الغرفة التى سيتم تجهيزها لكما ....لكى ترتاحا)
التفتت سما الى ادهم وهى تقول بارتباك
؛(و انا اين سأ........آه )
تأوهت حين شعرت بأصابع حديدية تنغرز فى لحم ذراعها , و فارس يقاطعها بصوتٍ أجش
( سيكون هذا رائعا يا ادهم , فانا بالفعل متعب جدا )
ظلت سما صامته بخوفٍ وهى تتسائل عما ينتويه , بينما ذهب ادهم ليأمر بتجهيز الغرفة
التفتت سما الى فارس و قالت بصوتٍ خافت
( فارس ..... هل حدث ما اغضبك )
رد عليها بقسوة
( اصمتى ...)
اخذت تنظر اليه بقلبٍ خافق , ثم قالت بصوتٍ مرتجف
(سأصعد لأعد ثيابك )
ثم سارت مبتعدة بسرعة يلاحقها هسيس انفاسه الغاضبة .
.................................................. .........................................
دخل أدهم غرفته ثم أغلق الباب خلفه بقوةٍ .... وجد حلا جالسة على الكرسي أمام طاولة الزينة تحدق الى صورتها فى المرآة بشرود ..... التقت عيناها بعينيه فى المرآة فجمدتها الصلابة المنبعثة منهما .
ظلت تنظر الى المرآة و هى تراقبه يخلع سترته ثم يرميها على الفراش , يفتح ازرار قميصه ببطء ليلحق بالسترة ..ظلت عيناه الصلبتان تأسران عينيها .
ابتلعت حلا ريقها بصعوبة وهى تشعر بالرهبة .
انطلق صوته بحزمٍ يقول
(لماذا لستِ مع سما .....)
ظلت تنظر اليه و حدقتاها متسعتان , فاكمل بقسوة حين وجدها صامتة
(كان من واجبك ان تظلى معها و تأمرى بتجهيز الغرفة لها بنفسك )
قالت اخيرا بصوتٍ مرتجف
( سما لا ...... لا تحتاج لذلك ... هى تستطيع تدبير أمورها بنفسها )
قست نظراته اكثر وأكثر وهو يقول
( لم تراكِ منذ ثلاث سنوات , فهل من المناسب ان تتركيها لتظلى هنا بغرفتك )
قامت من مكانها وهى تحاول الظهور بمظهر الشجاعة قائلة ببرود
( لست بحاجة لأن يملى علي أحدا كيف أتصرف مع سما.....)
مرت من جانبه تحاول مغادرة الغرفة بعد ان غادرتها الشجاعة الزائفة , و ما ان صارت بمحاذاته حتى امتدت يده كالقيد الحديدى ممسكا ذراعها بشدةٍ آلمتها .
رفعت رأسها اليه برعب و قد اتسعت عيناها ......فقال بهدوءٍ خادعٍ مرعب اثار الرجفة بجسدها
( اياكِ ......اياكِ ان تخاطبيننى بهذه الطريقة مرة أخرى ,و اياكِ ان تغلقى الهاتف وانا احادثك , فقد لا اكون صبورا معكِ المرة القادمة )
ظلت تنظر اليه برعب لا تصدق ان هذا هو نفسه ادهم الذى ترك عمله و أمضى معها ليلة كاملة يهدىء من روعها و يسليها
تابع بنفس الصوت الخادع بهدوءه
(و الآن ..... ستنزلين بكل أدب لتقومى بدور زوجة ادهم مهران ان لم يكن كأخت سما ...... لا تنسي ما اتفقنا عليه فى عقد زواجنا ياحلا مفهوم؟......)
أومأت برأسها وقد فقدت القدرة على الكلام
ترك ذراعها ففرت من أمامه بسرعة دون ان تراه وهو يزفر بعمق و كأنه تعب من كل شىء .
.................................................. ...........................
كانت جلسة العشاء فاشلة تماما سادتها كل المشاعر المشحونة التى تهدد بالانفجار مطيحة بكل الجالسين .
فقد كان ادهم متصلبا تبدو الصرامة على وجهه , الا انه يحاول ان يكون لبقا مع فارس و سما متجاهلا حلا تماما , و بالنسبة لها كانت حلا فى حالة ٍ يرثى لها . فلم يخف عن الجميع ارتجاف اصابعها التى اوقعت عدة اشياء عن المائدة , كما اراقت العصير على ثوبها وهى تحاول الشرب .... بينما وجهها شديد الشحوب و شفتاها ترتجفان و حدقتاها تهتزان بعدم تركيز.
اما فارس فهو يشعر بـأنه على وشك ان يضربها ... انها تحرجه بطريقة غبية ..تعامله كالأطفال .... غبية لا تعلم انها يجب ان تفرق بين ما تفعله له حين يكونا وحيدان و حين يكونا وسط اشخاص آخرين .... بالرغم من ان هذه هى المرة الوحيدة تقريبا التى يتواجدان فيها مع اشخاصٍ آخرين.
لا بد ان ادهم الآن يبدو مصعوقا من منظر اخيه العاجز وزوجته تصب له الماء .. تسكب له الطعام , بل وتجرأت ان تقطع بعض الطعام له حتى لا يتعامل مع السكين .
وجهه يزداد احمرارا من الغضب الذى يعصف بداخله يشعر بأنه سيرتكب عملا احمقا الآن ... انه يحاول جاهدا الظهور بمظهرٍ متمدن مهذب أمام ادهم .. وهو الذى نسى معنى التهذيب طوال سنوات عجزه ... انه الآن يجلس الى مائدةٍ مجبرا على الاستماع الى احاديثٍ سخيفة .
يضطر الى مجالسة الحمقاء الأخرى ابنه ايثار الراشد و التى يبدو انها إما خرساء و إما مختلة من كثرة اسقاطها للأشياء و قرقعتها لأدوات المائدة بشكلٍ يؤدى الى الجنون .
أما تلك الصغيرة بجانبه فهى تحاول جاهدة لعب دور الأم مع إن هذا ما تفعله دائما حتى بات لا يستطيع التصرف بدونها .
الا انه يشعر بالغضب الأحمق لظهوره بهذا الشكل أمام البشر .
ثم سرح خياله لهذه الليله ..كيف سيبقى معها فى غرفةٍ واحدة انه امرا لم يحدث منذ زواجهما ... فكيف سيفعله الآن
هاجت مشاعر غير محمودة العواقب بداخله ....لماذا سمح بمثل هذا الوضع المجنون , الجميع يعلمون ان سما زوجته ... ورجولته لا تسمح بأن يظهر لهم عكس ذلك بإبقائها فى غرفةٍ اخرى ...... لكن الآن ماذا سيفعل ....كيف سيستمع لأنفاسها طوال الليل و يستنشق يسميناتها دون ان يتذكر لحظاتٍ طار فيها لعالمٍ من الجنون مع تلك المجنونة الصغيرة .
هل حملها ادهم فعلا اليوم ... انتفخت اوداجه من شدة غضبه الذى عاد يعصف به مجددا .. كان على وشكِ ان يلكمه ويصفعها .. الوقحة قليلة الحياء .
أحس فجأة بملمس أوراق الورد و هى تمسح باصبعها زاوية فمه !!!.......فلم يشعر بنفسه الا وقد انتفض صارخا
( ابعدى يدك يا غبية )
ساد صمت قاتل و قد اتسعت العيون كلها من حوله فى صدمة .سكت فارس تماما وصوت انفاسه فقط يتعالى ... ما الذى فعله ؟...
همس صوت سما بعد لحظات الصمت الطاحنة الطويلة
( لم اقصد اجفالك ... حبيبى )
انفجر قلبه حين سمع ما قالته و لم يجد ما يجيب به محاولا استيعاب كلمتها الأخيرة .. بينما اكملت سما بصوتٍ مهزوز
(لقد انهكنا السفر جدا....)
قال ادهم بعد لحظة صمت محاولا السيطرة على غضبه من فارس
(من الأفضل ان تصعدا لترتاحا )
و لم ينطق احدا أى حرف بعد هذه الكلمات و الجميع يتمنى ان تنتهى هذه الجلسة العقيمة
.................................................. .................................................. .............................
كانت جالسة على حافة الفراش ترتجف لا تعلم ماذا تفعل ...... تسمع صوت المياه الجارية داخل الحمام .....انها فى الغرفة .....الغرفة التى ستضمهما معا لأول مرة منذ زواجهما .... أين ستنام , ليس عندها شك انه سيأمرها بان تنام على الأريكة الصغيرة المكونة من مقعدين فقط .... لكن هذا غير مهم .. المهم الا تضطرب انفاسها .
ترى ماذا سيسمعها الآن ؟.....هل سيكمل صب غضبه عليها لجرأتها اثناء العشاء .....هى نفسها لا تصدق كيف واتتها الجرأة لتمد اصبعها و تمسح شيئا ما عند زاوية فمه ..... حقا يا سما؟!!! ... انتِ حتى لم تستخدمى محرمة !!!...متى كنتِ بمثل هذه الصفاقة!!!.
سمعت صوت باب الحمام يفتح , فتوقفت أنفاسها و هى تراه يدخل الى الغرفة متعثرا لعدم تعوده على خطواته فى هذه الغرفة الجديدة .
اتسعت عيناها بارتياع وهى تشاهده يلف منشفة حول خصره ... بينما يظهر صدره العارى ....رائعا....تعقلى يا سما !! ما بكِ اليوم ؟!!
كانت مراتٍ عديد قد رأته بهذا المظهر عند خروجه من الحمام وهى تقوم بتحضير ثيابه الا انها كانت تخجل من منظره فتخرج من الغرفة سريعا تتبعها ضحكته الساخرة . أما الآن فهى لم تخرج و لم تتحرك من مكانها و لم ترفع عينيها عن صدره المفتول العضلات .. اخذت تتامله .. و انفاسها تتسارع و تتصارع و صدرها يعلو ويهبط ... ما الذى ينتابها ...
انه وسيم .... وسيم جدا .... لم أرى رجلا اكثر منه جمالا ......ظلت تراقبه وهو يتناول بنطال منامته الذى وضعته له على الجانب الايسر من الفراش كما اعتاد دائما ليستطيع الوصول الى ملابسه بسهولة .
ذهلت حين وجدته يمد يده الى عقدة المنشفه ينوى فكها فاغمضت عينيها بشدة بعد ان خرجت منها صرخة مخنوقة لم تستطع كبتها ...سمعت ضحكة خشنه صغيرة .....
فتحت عينيها ببطء لتجده واقفا ينظر اليها مباشرة و كأنه يراها .. عيناه كانتا تلمعان بشدة .. و ابتسامته جائعة مفترسة تداعب زاوية فمه . شهقت بعنف وقد عجزت ساقيهاعن انهاضها من مكانها ....لا تعلم كيف ستمر هذه الليلة .....ستبقى نور الغرفة مضاءا ..هو لن يلاحظ ..لكنها لن تستطيع البقاء معه فى الظلام ابدا .
اقترب ببطء حتى لامست ساقه حافة الفراش بجانبها , فانحنى و جلس بجوارها ....اخذت ترتعش وهى تنظر امامها بعيون متسعة و لا تنظر اليه .
مد يده ببطء حتى وصلت الى وجهها فاخذ يتلمسها بأصابع خشنة تتنقل على كل جزء من وجهها الناعم ... جبهتها العريضة ...حاجبيها الرفيعين الناعمين ... عينيها الواسعتين ذات الرموش الطويلة .... وجنتين ساخنتين للغاية و فى نعومة الورد ..... انفها المستقيمة الطريفة ....شفتيها ....آآآه ...شفتين شديدتى النعومة .... اخذ يمرر اصبعا واحدا عليهما مرة بعد اخرى و كأنه لايصدق وجود شيئا بمثل هذه النعومة ....هبط باصابعه الى ذقنٍ صغيره ذات كبرياء ....... ليهبط اكثر الى عنقٍ ناعمة طويلة ... اكتافٍ ناعمة مكشوفة معلق عليها شريطين رفيعين من الحرير ..... استمرت يداه هبوطا .....حتى انتفضت صارخة فاحاط ظهرها بذراعٍ قوية بسرعة قبل ان تهرب .
اخذت ترتعش بقوة و كأنها محمومة ... مد يده الاخرى ووضعها على قلبها الذى يكاد يقفز من مكانه .فقال بصوتٍ اجش من العاطفة
(انتِ ترتجفين بشدة ......اهدئى قليلا سما)
لم تستطع فهم ما يحدث لها ولا ما يقصده من اقترابه منها الى هذا الحد بعد الذى حدث بينهما آخر مرة .....
قبض على ذقنها فجأة بقوة ليرفع رأسها .... ثم انهال على شفتيها بشفتيه الجائعتين دون مقدمات .....
تاهت ...... ضاعت ......دارالعلم من حولها .... نست كل شىء .. نساء الراشد و رجال مهران ولم تتذكر سوى انها عادت لمكانها الطبيعى بين ذراعيه و الذى لم تعرفه سوى مرة واحدة .
اخذ يميل بها الى ان استلقت على الفراش و شفتيه لا تفارقانها ...رفع رأسه عنها فجأة و نظر اليها لحظة ثم همس (ياسمينااااا...)
ثم عاد يقبلها مرة اخرى دون ان يعطيها الفرصة لتفكر من هى ياسمين تلك......
اخذت يداه تزدادان جرأة و هى تزداد ارتعاشا ........ حتى اصطدمت عيناها بصورتهما فى المرآة الضخمة المقابلة لها ......اتسعت عيناها بشدة وهى غير قادرة على التصديق انها هى نفسها الموجودة فى المرآة .......
ظلت لحظات تنظر الى صورتهما معا بينما فارس غافلا تماما عن ذهولها و هو يعيش عالمه البدائى
همست فجأة بدون تفكير
(أريد أن اطفىء الأنوار ...)
وكانت هذه غلطة ..................... غلطة كبيرة جدا
.................................................. .....................................
كان ينظر الى المجلة الموجودة بيده و هو عابسا بشدة ... منذ متى اصبحت مجلات المجتمع و رجال الاعمال تهتم بمثل هذه الاخبار الصفراء .
ظل ينظر الى الصورة العريضة بغضب ... كيف اخذت هذه الصورة لهما ,كيف تبدو ملامحهما ذائبة لبعضهما البعض , منذ متى كان ينظر اليها بهذة الطريقة
يرقصان .. يحيطها بذراعه ... وجهها مرتفعا اليه و هو ينظر اليها .... نظرة تملك لم يعرفها منذ وقتٍ طويل
قرأ الكلمات الموجودة تحت الصورة و التى قرأها الى الآن عشر مرات ....
( و المشوق فى الامر انه دار شجارا بين رجلى الاعمال الشهرين احمد مهران و (---) على الجميلة سابين الراشد و الذى انتهى بانسحاب رجل الاعمال الشهير بعد تطاول احمد مهران عليه باليد وعودته الى جميلة الشهيرة ليرقصا رقصة الصلح بينهما)
طبعا سيقاضى هذه المجلة و يطارد اصحابها الى ان يغلقها تماما ... لكن ما حدث قد حدث وهاتفه لايتوقف عن الرنين للتاكد من صحة العلاقة .... وهو فى غنى عن مثل هذه الفضائح التى لن تطوله وحده .
ارتفع رنين هاتفه يقاطع افكاره الصاخبة ...... نظر الى الاسم على الشاشة فتنهد وهو يقول (ليس الآن ...)
اجاب الهاتف و هو يقول (مرحبا دارين .....)
اخذ يستمع طويلا ... طويلا الى اصوات بكائها , مازن لم يعد يهتم .... مازن لا يتوقف عن الاتصال بها ....مازن سيتركها ..... مازن يخطىء فى اسمها....
ظل يسمع طويلا .... طويلا يشعر بالملل؟ ام بالغضب؟ ام..........
اخيرا قال بصوتٍ قاطع ...
(دارين ... اطمئنى لقد انتهى كل هذا .....لأن....)
نظر الى المجلة مرة اخرى ثم قال بقوة
(لأننى خطبت سابين........).