📌 روايات متفرقة

رواية ثأري فغفرانك الفصل الثاني 2 بقلم حور الحسيني

رواية ثأري فغفرانك الفصل الثاني 2 بقلم حور الحسيني

رواية ثأري فغفرانك الفصل الثاني 2 هى رواية من اجمل الروايات الرومانسية السعودية رواية ثأري فغفرانك الفصل الثاني 2 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية ثأري فغفرانك الفصل الثاني 2 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية ثأري فغفرانك الفصل الثاني 2

رواية ثأري فغفرانك الفصل الثاني 2

خطوات نحو البداية..

بعد عامين..

تمّر الأيام.. بحلوها..و مرها..بقهرها.. و طيب رَغَدها.. و احمد و اسرته يتماوجون بين الدفتين.. عمل احمد استقر كثيرا.. بل فتح الله عليه ابواب رزقا لم يعرفها.. و كأن الباري انعم عليه بنعمة المال فأوفرها و اجزّلها..

راغدة باتت تتعايش مع فقدها.. تحتفظ بصورة كبيرة لعلي و جعفر وضعتها امام عينها في المجلس و غرفة الطعام.. و واحدة اخرى في الممر الرئيسي في المنزل.. تذكر اولادها الباقين...بهم... تحتفظ ببعض دفاترهم و كتبهم.. و بوجع خفي كانت تشم رائحة اشيائهم.. حتى سجادة صلاتهم احتفظت بها.. تصلي عليها و تقيم قيامها عليها.. تدعو لهم و تجتهد.. و تقسم دوما انها راضية عنهم كل الرضا.. و كان احمد..يراقبها احيانا..يدعو مثلها بخفاء... فهو يحاول من اجلها ان يتخطى.. يصطنع القوة و المقدرة على النسيان و المضي قدما... يسأل الله تعالى دوما أن يتولاهم برحمته.. ان يكونا من شباب الجنة

صالح بين شد و جذب بين زوجتيه.. مُتعب وقد جلب الهمّ و الغمّ لنفسه.. فزوجته الثانيه كثيرة الاسقاط.. ولقهره.. اسقاطها كله بذكور.. اخبروه بعدها انها تعاني من مرض نسائي ما يمنع ان ينمو الجنين بشكل طبيعي في رحمها.. تحتاج الى علاج و راحة.. لذلك اجلاّ فكرة الحمل حتى ترتاح.. واتجه بثقله نحو تجارته..

خاصة بعد شماتة سعاد التي طلقها.. ثم اعادها لعصمته بعد تدخلات من ناصر و احمد.. لكنه هجرها.. بالاسم فقط هي على ذمته.. و هذا اراح سعاد كثيرا.. فقد بات الامر رسميا امام الجميع.. هي زوجة بالاسم فقط.. لذلك تواصلها مع الجميع صار قليلا.. تكتفي بأختها ميعاد التي اصبحت قريبة عليها.. تزورها دوما.. تبثها همها و شكواها.. فزوج ميعاد يزداد وضعه سوءا.. حتى بدأت ميعاد بالعمل كخياطة من اجل سد احتياج ولديها الصغيرين .. و سعاد لا تقصر معها.. تمدها بالنقود بين حينا و اخر.. و حتى الطعام باتت توفره لها .. تحمّلها دوما باكياس الطعام من اللحوم و البقوليات... تعلم ان حال ميعاد بائس... فزوجها.. للطرافه.. لا يرضى ان تعمل بشهادتها.. فميعاد تخرجت من معهد للتحاليل و المختبرات.. لكن زوجها علاء يرفض ان تعمل بشهادتها لان بها الكثير من الاختلاط.. لذلك وافق بعد عناء على عملها كخياطه.. تعمل من المنزل و اشترط طبعا عدة شروط كانت تنظر ميعاد اليها بعين العاشقه.. تشعر ان شروطه بسبب عشقه لها..

تسألها سعاد احدى المرات وقد جاءت ميعاد لزيارتها.. فدعتها سعاد كي تشاركها الغداء خاصة و ان صغيريها رفضوا المغادرة

- ميعاد حبيبتي عيونج رايحه.. رحمي نفسج و خلي رجلج يشيل من المسؤوليه شوية

فتجيبها ميعاد وهي تلقم طفلها ذو العام ارز مطبوخ مع الخضار و الدجاج تجهزه سعاد له فيأكله الصغير بشراهه..

- ميخالف حبيبتي علاء ما مقصر بس تدرين البيت كله على راسنا.. خواته الله يسلمهن بس اكل و نوم و شوفة عينج نصيبهن واگف.. و امه الله يحفظها بس علاجها الشهري يكلفنا كومه و يعلم الله علاء ما راضي اشتغل بس شسوي.. ما اگدر اشوفه محتاج و ما اساعده..

فتصمت سعاد وهي تزم شفتيها .. لا تود تقليب ميعاد على زوجها.. فعلاء لا تبدو عليه العازه ابدا.. عكس ميعاد.. ملابسها كلها من خزانة سعاد .. حتى ان سعاد تنقدها مصروفها الشهري.. فكل ما تجنيه ميعاد من عملها تعطيه لعلاء عن طيب خاطر.. تهمس ميعاد لها وهي تأكل من محشي اوراق السلق( الدولمه) متلذذه

- اخبار مرة حماج .. راغدة.. فتتنهد سعاد وهي تسكب لميعاد اكثر و تنتبه لطبق طفل ميعاد الثاني ذو العامين و نصف.. تطعمه بيدها

-الحمد لله.. عايشه.. ستوها بدت ترجع راغدة الي نعرفها.. روحة اولادها كسرتها هواي.. فترفع ميعاد حاجبيها وهي تشرب من كأس اللبن الرائب امامها

-سبحان الله شگد جانت شايفه نفسها قبل.. ذاك اليوم شفتها صدفة ويه احمد.. والله ولا عرفته احمد.. راسه كله شيب و حيل كبران الله يساعده مو هينه يفقد اولاده .. فتصمت سعاد وهي تتذكر راغدة و ايام حزنها المظلمه.. وكيف انهم عمّموا ان ولديّ احمد ذهبا ضحية حادث خلال خروجهما من المدينة في ذلك اليوم المشؤوم..

فتعود ميعاد و تسأل بفضول..

- و كناري الحب.. شهناز و ناصر.. ماصار عدها شي.. فترمقها سعاد بضيق.. فهي تكره الفضول..و تترفع عن الكلام الزائد و القيل و القال.. الا انها تعرف ان ميعاد تعاني من الضغط الشديد.. فهي رغم عملها كخياطة الا انها خالية الوفاض من الصديقات و ذلك بسبب انشغالها الدائم بين اعمال المنزل و الخياطه.. تجيبها بهدوء وقد اكتفت من طعامها و بدأت تنظف فم طفل ميعاد

- ماصار عدها شي بعد هي هم كبرت و دخلت الاربعين.. و ناصر مقتنع الحمد لله و هسه سيف مالي عليهم البيت.. فتقول ميعاد ببرود

-بس مو ابنه باجر عگبه شلون؟؟ والله ما دري هو شلون متحملها؟ تدرين .. والله لو ناصر الي متقدملي بذاك الوقت جان رضيت بي.. حتى لو متزوج.. فترمقها سعاد بطرف عينيها تستعظم كلامها

-والله.. لان شخصية و شكل و غني.. شريد اكثر؟ بعدين شهناز ما يصير عدها اولاد.. حتى غيره ما اغار منها.. فتهز سعاد رأسها رفضا وهي تربت على كتف ميعاد تهمس لها

- الله يصلح حالج و حالها.. صفي النية ميعاد.. و عوفي شهناز و ناصر بحالهم.. عوفي اهل صالح كلهم بحالهم لان كل واحد شكل.. اشوف ناصر و اشوف صالح اگول سبحانك ربي.. خلقت و فرّقت.. فتقول ميعاد بحماس وهي تترك طعامها

-صدگ ضرتج راح يطلعها صالح بره تعالج؟؟ فتصمت سعاد وهي تعقد حاجبيها فهي لم تسمع بهذا الخبر.. ثم هزت كتفيها بعدم اهتمام

-ما ادري والله عنها.. لا اسأل ولا اشوف صالح.. من يوم ما رجعني على ذمته حرمت عليه دخلة هالبيت.. لوما احمد و ناصر الله يحفظهم جان شفتيني عند نسباني.. لان صالح ماله امان و ما يغزر بي التعب و العشره هم ما تغزر.. بس احمد صمم البيت هذا يصير بأسمي و من يومها ما صرت اشوف طلته البهية.. وين ما يريد يروح بيها خلي يروح.. بس يكفيني شره.. فتصمت ميعاد وهي تراقب ملامح سعاد التي تغيرت.. فمهما تصنعت سعاد اللامبالة تعلم ميعاد ان الامر يثير امر ما في نفسها...

بعد وقت

يلعب اطفال ميعاد امامها وهي جالسه مع سعاد ترتشف شايها بأستمتاع.. فبيت سعاد واسع.. نظيف.. بطراز حديث فخم.. احدى بيوتات بغداد المنيفه.. تسمع صوت سعاد يحدثها بهدوء

-ميعاد مو تدخل مني.. بس اجلي فكرة الاطفال حبيبتي .. ذوله الاثنين كافيين لحد الان.. فتجيبها ميعاد وهي تلتفت لها باسمه بحنان

-بنية بس و خلص.. حيل اريد بنية سعاد.. ما تتصورين شگد.. فتنحني سعاد تمسك بكأس شايها الصغير بلونه الخادر الشهي.. تقول بنصح بالغ

-ادري حبيبتي بس وضعكم مو ثابت.. ميعاد حتى الخياطه بطليها.. والله اني ما اريد اقلبج على رجلج.. بس الرجال من يتعود المره تشيله.. بعد ما يدير بال.. حتى المسؤولية يعوفها كلها عليج.. تصيرين انتي الام و الابو .. والله ميعاد تتعبين و تكبرين قبل وقتج.. الله سبحانه من قسم الادوار بين الرجل و المرأه.. قسمها بعدل.. حاشاه سبحانه يبخس حق احد.. وانتي شايله كولشي ميعاد.. رحمي نفسج... .. رجلج ما عايز ترى.. كولشي اشوفه عليج حتى التربية.. الاطفال حمل.. مصرف و تربيه.. كافي عليج ذوله الله يحفظهم.. خلي يتعدل وضعكم و سوي..

فتقول ميعاد بوجوم وهي تعيد كأسها الصغير.. تضعه امامها وقد امتعقت ملامحها و انزعجت من الموضوع.. تسأل سعاد بوجوم

-انتي ليش شايله على علاء ما افهم.. رغم انه هواي يعزج.. فتقول سعاد ساخرة وهي ترتشف من شايها

-اكيد يعزني اذا كلما ترجعين من يمي... ترجعين محمله.. فتبتلع ميعاد ريقها تقول بصوت مكسور متألم فعليا

-الله يجزاج خير سعاد... تمنين عليه؟ فتضع سعاد هي الاخرى كأس شايها امامها تقول بجدية لميعاد وهي تمسك يد ميعاد

-هذا الي فهمتيه من كلامي؟؟ امن عليج ميعاد؟؟ ولج انتي بنية من بناتي.. مو اختي اتأذى من اشوفج هيج.. انتي شايفه نفسج بالمرايه؟؟؟؟ كأن عمرج خمسين مو توج نص العشرين.. ميعاد الرجال هو الي ينعش المره.. بيده يخليها زاهره.. وبيده يخليها ذابلة.. و انتي من يوم اخذتي علاء امورج ليوره.. الله عليج هم تخيلتي بيوم تصيرين خياطه و تتحملين مصاخة بعض الناس؟؟؟ ما سألتي نفسج اني ليش ردتلج راضي الف رحمه و نور عليه؟؟؟ ردته يدللج.. مو هسه گدامي تعبانه و وضعج يأزمني نفسيا.. فتقاطعها ميعاد وهي تحاول النهوض و دمعتها على طارف خدها.. تهمس بصوت باكي

-خلص خيه.. لو شميسوي علاء ما يعجب.. الله يرحمه راضي لو ماخذته جان اني هسه ارمله.. انتي تشوفيني دوم بعين الصغيرة.. ليش ما ادري.. فتقاطعها سعاد بحرقه

-لان اريدلج الخير.. تصمت سعاد فترة ثم تكمل وهي تحدق في عيني ميعاد بتحقيق..... ذهبج وينه؟؟ ذاك اليوم لبستج ست معاضد.. حلفتج ما تبيعيهن.. ماكو اسبوع بس اجيتيني بلاهن.. و بوقتها گلتي ردت قماش و مكينتي عطلت و احتاجيت و بعتهن.. وراها بيومين اسمع من علاء بعتيهن علمود سيارته الافندي؟؟ ترى مو ظروري يركب سيارة حديثه..ولا ظروري يكشخ و عطره يترس الحي من يمر .. ميعاد دا يستغلج.. الله عليج المصرف انتي شايلته لو لا؟؟

فتنتفض ميعاد هذه المره ببكاء..و تظن انها تضيع الحقيقه على اختها ببكائها.. لم تكن تعلم ان سعاد قد حفظتها عن ظهر قلب.. فتجذبها بحزم تجلسها مكانها و تعود لتأخذ كأس شايها ترتشف منه ببرود وهي تقول

-اذا حملتي تحلمين بعد اسندج بشي.. وخلي المحروس يشيل همج و مصرفج انتي و جهالج... حمل منا لفد خمس سنين ياله.. اقلها اولادج يكبرون وانتي تندلين دربج.. والخياطه انسيها.. اني اشوف علاء و اتفاهم وياه.. يزي (كفى) عيونج راحن.. و خواته المحروسات يومين ثلاثه اشوف الهن نصيب من معارفنا.. حتى يخف حملكم شويه...

فتصمت ميعاد بوجوم.. وهي تعلم ان سعاد ان قالت.. اوفت... لذلك التزمت جانب الصمت..ولم تجادل اكثر

*********************

بعد ايام.. مساء منزل اخر

يتمدد على ظهره و على صدره يجلس سيف ذو العامين.. طفلا جميلا يحمل كل وسامة راضي... عدى عينيه كانت فاتحه بلون عسلي براق.. . فهو كما يلقبونه دوما.. راضي الصغير.. شقي و كثير الضحك.. يملأ منزل ناصر حيويه و نشاط.. يدغدغه ناصر ببطنه ثم يجذبه ليقبله بعنف.. فيسمع ناصر صوت شهناز الملتاع

-عفيه ناصر اريد انيمه عبر وقت نومه.. ثم تقترب منهم تحمل سيف و ترفعه عن صدر ناصر.. وهي تهمس بحنان بالغ رقيق

-فدوه حبيبي بابا شكله جوعان و تعشى بيك. فتسمع قهقهة ناصر وهو يجلس في مكانه يقول لها
- اي والله بهاي صدگتي.. ينرادلي عشا .... فتنظر له شهناز بوجوم ترى ابتسامته التي تعرفها
-صدگ جوعان؟؟ فيقول لها ضاحكا غامزا

-نيمي و تعالي ... فتقول له بلا مبالة و تستدير عنه تقبل خد سيف الضاحك تنوي الذهاب لغرفتهم

-توكل على الله و تعشى اذا جوعان بعدك وحدك ...احلام سعيدة.. وليدي نعسان ما ينام الا بحظني

فيتكىء ناصر في مكانه وهو يكرر بتصميم رائق

-دنيمي و رجعي عيوني دام النفس عليج طيبه...صايره تتهربين مني شهنازتي.... فتتوقف شهناز ثم تلتفت نحو ناصر ترمقه وحاجبها يرتفع باستغراب فناصر لا يتحدث بالقلم العريض هكذا.... فيقول لها باسما مجددا بألحاح

-ودي ( اذهبي به) .... قبل ما تصير غزوة و ما يهمني المكان وغمز لها بخبث.. فتهز شهناز رأٍسها باسمه بمعرفه و تمتم بشيء ما ثم تعود و تسير فتسمع صوت ناصر خلفها باسما

-لغرفته مو لغرفتنا.. فتهز شهناز رأسها اكثر متجهه لغرفة سيف الصغير اولا....

بعد وقت

ترقد بين ذراعية امنة... يشعرها دوما انها انثى الكمال... لا عيب فيها ولا نقص.. تذوب به...تذوب بكرمه معها... كلامه الطيب..حسن معاملته...... من اجل ناصر تسجد شكرا كل يوم.. و من اجل سيف... تسجد مرات و مرات... سيف.. بهجة المنزل.. ضحكته.... معه شعرت بالامومه.... من قال ان الام هي من تنجب فقط؟؟ مع سيف جربت احساس الامومه بدقته و حذافيره...

يداعب شعرها و يقبل جبينها.. يهمس لها بعاطفة دافئة عذبة

-مشتاقلج

فتبتسم و ترتفع تنظر اليه باسمه

-اسفه... سيف ماخذ كل وقتي... فيتأملها ناصر بعشق خالص... يده تداعب خدها الممتلىء.. يهمس لها بخفوت

-بديت اغار منه.. ماخذج مني وكل وقتج اله.. فتقترب شهناز ثم تهمس له

-سيف امومتي الضايعه... لا تلومني... اني مثل الصايم... الي صام صام وهو يشوف الاكل گدامه و يبقى يتحسر و يتمنى..وعلى ساعه افطر و گدامه نوع يحبه.... هذا حالي ويه سيف.... محرومة من الامومة.. وعلى ساعة صار بين ايدي... ناصر سيف روحي و اعز منها

فينظر اليها ناصر بعمق.. ثم يقول بحذر

-بس سيف مو ابنه شهناز... تذكري هالشي... احمد سجله بأسمه... و شرعا هو مو ابنه.. يعني يوصل عمر معين.. يحرم عليج... اني اگول هالكلام حتى تتذكرين يجي وقت مايحل عليج ... فتبهت ملامح شهناز.. بل تشحب... و تبقى تنظر الى عيني ناصر بتفكير عميق..كأنها تستحضر واقع تراه قريبا... ثم تهمس لناصر يصوت باهت

-ادري... فيتنهد ناصر بحسره.. يجذبها اليه.. يغرقها بعناق صاخب.. لذيذ.. كي تنسى.. ثم يهمس لها بعد وقت

-اتمنى.. اتمنى اشيل هالحزن عنج و احقق امنيتج.. تشيلين طفل طلع من رحمج... لكن مشيئة رب العالمين..ما نعترض على حكمه.. فتهمس له شهناز بأقناع

-تگدر تحققلي هالامنية.. تزوج ناصر... تزوج و املي هالبيت اولاد... يحلون عليه... يصيرون محرم الي... سند شيبك و شيبي حبيبي... فيقلبها ناصر على ظهرها.. يشرف عليها وهو يقول بجدية

-عصى شيبنا سيف... سيف.. حتى لو مو ابنا.... حق الرباة و التعب... راح يجازينا... ابن راضي يجازينا.... ثم يهمس لها بحرقه ذرية من غيرج ما اريد شهناز... اريد منج... منج... فتجذبه شهناز اليها وهي تغرقه بعشقها... عشق لم يرى مثله ابدا...

بعد عام...
تجلس راغدة.. و معها شهناز يفترشن ارض الحديقه بجلسه عربيه فخمه في منزل احمد و راغدة.... وكان الجو قد بدء يميل الى الحر الشديد..و كعادة البيوت العراقيه. يجلسون بعد الغروب في حديقة الدار يستمتعون بالهواء العليل و النسمات الطيبة.... فحديقة المنزل كانت غنية يهتم بها احمد كثيرا... وقد زرع بها عدة انواع من النخيل... اضافه الى أشجار المشمش و الرمان و الحمضيات... فكانت حديقه غناء مثمرة و زاهية.. بنجيل اخضر منعش و ارجوحه كبيرة نصبت في الوسط...

تتأمل راغدة سيف الذي يلعب امامها.. و يهتم به كل من ياسر و فارس اللذين يكبرونه بعامين.. فكان سيف بعمر الثالثه.. و ياسر و فارس بعمر الخامسه.. كانا يعتبرانه شقيق اصغر لهما.. فهذا كان قول احمد الدائم.. سيف شقيقكما.. لذلك كان يطلب من شهناز دوما ان تقضي اوقات فراغها معهم.. فهو يشتاق كثيرا الى راضي.. و سيف يذكره براضي كثيرا.. يشبهه تماما.. كأنه نسخه طبق الاصل عن راضي في صغره..

تقول راغدة بخفوت وهي ترى نقاش ما بين الاطفال حول الكره الخفيفه ذات الالوان الزاهية

-سبحان الله احمد يگول نفس شكل راضي من كان صغير..بس شخصيته مختلفه.. من هسه يعاند و ياخذ حقه ما يسكت عنه ابد.. فتبتسم شهناز بحنان بالغ وهي تتأمله و تسمي عليه كما اعتادت

-فدوه لعينه حبيبي بسم الله ماشاء الله عليه... بس حنين فوق ما تتصورين راغدة.. و فدوه لگلبه شگد يفزعلي من يشوف ناصر يتشاقى ويايه و من كل عقله ناصر يغار قالتها ضاحكه وهي تنظر نحو راغدة ملتمعة العينين

فتضحك راغدة تخبرها بمودة

-حقه اذا سيف معلگ برگبتج اربع و عشرين ساعه.. شايفته و ما مصدگه .. فتتنهد شهناز صامته ثم تقول بخفوت

-شلون اصدگ.. جنت اتمنى ريحة الطفل والف حمد و شكر اجاني سيف.. ثم تلتفت بحزن تقول لراغدة.. والله العظيم شگد الح على ناصر يتزوج و هو ما يرضى... قافل فد مره راغدة.. حتى فكرت يحجي احمد وياه لان حرام يبقى بلا ذرية.. احيانا اشوفه شلون يباوع لسيف.. وان الف حمد و شكر الله عوضنا بسيف..بس اريد من صلبه.. طفل يشيل اسمه.. فتقاطعها راغدة وهي تعقد حاجبيها تقول بتساؤول

-حياتكم مستقره و هادية شهناز.. و ناصر رافض الزواج تماما.. ليش مصرة عليه انتي؟ ترى مو سهل يتزوج عليج وانتي روحج من الدنيا ناصر.. الله عوضكم بسيف وان شاء الله نعم السند الكم.. فتصمت شهناز وهي تتذكر امرا ما.. فتخبر راغدة بخفوت و هي تتأمل سيف الضاحك امامها

-امه سألت عليه ذاك اليوم.. فتبهت راغدة وهي ترفع حاجبيها استغرابا.. فتكمل شهناز بهدوء وهي تعيد النظر الى كفيها تتأمل خاتم زواجها و تتذكر كلام ناصر

-رايحة لناصر لان تدري سيف يمنه.. فتسأل راغدة وهي تعقد حاجبيها بحيرة

-شتريد؟ مو امها گالت ما يردوه و نعتبر سحر ميتة؟ فتصمت شهناز فترة ثم تكمل

- تزوجت واحد مسؤول و حسب مافهمت من ناصر سافرت خارج العراق.. رادت تشوف سيف قبل سفرها بس ناصر ما قبل.. گلها انتي من البداية سلمتي النا.. بعد كل حق مالج بي.. ناصر يگول هي ما عارضت.. ولا لحت.. يعني يجوز جاية بس رفع عتب و تسكيت ضمير.. فتسأل راغدة بفضول

-اي؟

-اي ..وراحت.. ماطولت ولا اخذت و انطت... بس راغدة الامر ضوجني.. ادري امه والله و على عيني و راسي.. بس اخاف على ساعه يگطع بعقلها و تجي تاخذه مني... بالاخير هي امه... وتشهق شهناز بغصة بكاء استحكمتها.. فتمد راغدة يدها تربت على ظهر شهناز بمؤازرة

-شهالحجي شهناز.. سحر ما الها بي شي.. صحيح حملت بي و جابته للدنيا.. بس شنو شاف سيف منها.. سيف اجانه بلا اسم تتذكرين.. قطعة حمره ملفوفه بگماط.. امه شمرته علينا و راحت.. هاي هم تسميها ام؟؟ بعدين قانونيا هو ابن احمد و ابني... لان راضي ماكان مثبت زواجه بالمحكمه و احمد ماراد ابدا ينفتح ملف راضي.. وودي اوراق و جيب اوراق.. لذلك اختصر الامر و سجله.. و احنا كنا بحالة حرب يعني الامور مو بالنظام الدقيق جدا.. لذلك كولشي قانوني.. ما تگدر تقرب من سيف و صدگيني حتى لو رادت.. امها ماراح تخليها.. لذلك لا تهمين حبيبتي.. فتتنهد شهناز وهي تمسح دموعها... و ترفع نظرها بأمل نحو سيف.. فاتن قلبها الصغير...

بعد خمسة اعوام

يعود من مدرسته.. غاضبا.. محتقن الوجه.. عيناه الفاتحه جدا بحدقتين واسعتين تجدح شرارا و دموعا حبيسه مكتومه.. يدخل الى المنزل و يمر بالمطبخ.. فتصطاده شهناز.. تشهق مرتاعه تضرب صدرها بحرقه وهي تسرع نحوه تهمس بفزع.. فقد لمحت بسرعه حالته

-يمه وليدي.. تسرع خلفه وهي تراه يسرع الخطى يود الصعود الى غرفته.. فتسحبه عنوة اليها تهمس له بوجع مفزوع

-سيف شبيك ماما هاي شبيها هدومك ثم تشهق بألم وهي ترى خده المشروخ.. ثم عنقه المزرق واثار اضافر قد لوثت صفاء عنقه... بدأت شهناز بالبكاء وهي تراه امامها هكذا.. فيسرع سيف يحتضنها.. يخبىء رأسه في خصرها النحيل يكتم دموعا يرفض بقوة ان تنزل.. تعود شهناز وهي تهمس له بأصرار باكي

-ماما شبيك احجي...حيلي انهد.. اكواحد مأذيك؟؟ منو وياك فهمني.. فيبقى سيف صامتا متشنجا.. يخبىء رأسه بقوة رافضا اي حديث.. و تتفهم شهناز وضعه.. فسيف عصبي جدا.. حاد المزاج من صغره.... بل انه كان يبهر احيانا ناصر لحدة مزاجه و نزقه.. لذلك عادت شهناز وهي تبعده عنها.. تحاول ان تطمئن عليه الا انه يرفض بعناد فتهمس له بشجن

-برضايه عليك ماما لا تأذيني.. سيف يوم اموت اذا اشوفك هيج.. شو خليني اشوفك و افتهم منك.. متعارك بالمدرسة؟؟ والله اروح هسه اهد المدرسه على راسهم كلهم.. وين اخوانك عنك؟؟ فهمني ؟فتشعر بتشنجه التام.. بل انه يدفن راسه ببطنها بقوة المتها.. فتصمت شهناز وهي تستشعر منه رغبه للصمت.. تبقى واقفه تحتضن رأسه تدلك ظهره.. حتى سمعت همسه

-منو ابويه؟؟ احمد ..لو ابويه ناصر؟؟ ولا تگولين ابويه ناصر لان اسمي سيف احمد ال****.. اليوم عيروني مالي ابو قالها بحرقه وقد دمعت عينيه.. فتشهق شهناز وهي تهمس له بعدم تصديق

-وانته صدگتهم؟؟ عندك بدل الاب ثلاثه و كل ابن يتمنى ظفر منهم.. سيف ماما وقبل ان تكمل همس لها بحرقه

-اذا ابويه احمد اني ليش هنا؟؟ ليش عايفني يمكم و اخواني يمه ؟؟ هيجي سهل يخليني يمكم.. فتدمع عيون شهناز وهي تنظر اليه بذهول

-تريد تعوفني سيف؟ تريد تروح يم اخوانك و ابوك؟ الف مره فهمتك اني عاقر.. ابوك وامك فقاطعه باكيا هذه المره

-وامي؟؟ امي شلون انطتني؟ شلون گدرت تعوفني؟؟ فتصمت شهناز و نظرة خذلان مؤلمه ترتسم بوضوح في عينيها.. تعض شفتيها بألم تكتم غصة بكاء ... تتأمل وجهه الجميل الغاضب.. شعره الناعم الكثيف تداعبه باصباع يدها .. تهمس له بعد وقت

-اصعد ماما.. اليوم عدنا كلام طويل وياك.. اني و بابا

و يأتي المساء... و سيف بحساسية مفرطه.. يرفض الحديث.. فهو قد سمع الامر مرارا.. حتى عندما كان صغيرا.. يعلمونه اسمه الكامل.. كان يرى احيانا التلبك... فتارة يدس اسم راضي معه وتارة يكون مع احمد.. والان قد صار من العمر ما يجعلة يميز و يسأل... و كانت شهناز في الأسفل تشرح لناصر المتجهم ما حدث في المدرسة مع سيف.. وقد علمت من راغدة ان هناك مشادة كلاميه حصلت عند الخروج من المدرسة وقد تم تعيير سيف بأن لا اب له.. فأبوه بالهوية احمد... لكنه يسكن مع ناصر وقد كان كل من ياسر و فارس حاضرين وقد دافعا عنه بقوه لكنه رفض ان يعود معهما بل اسرع مبتعدا عن الجميع بعد ان ابرح احد الهازئين به ضربا...

تلك الليلة كانت بداية لتحول شخصية سيف الجامحه العنيفه.. فناصر اخبره ان والده راضي قد توفي قبل مولده...ولم يشأ ناصر ان يدخل في التفاصيل خوفا من ان يتحدث سيف بفطرته و برائته امام الغرباء و يكشف امرا استطاعوا بالكاد كتمانه.. حتى سحر لم يحدثه عنها.. اخبره فقط انها توفيت اثناء الولادة.. و بسبب الحرب و الفوضى التي عمت البلاد.. و اسباب اخرى تخص طريقة زواج والده.. قام عمه احمد بتسجيله بأسمه.. حتى يبتعد عن المشاكل و روتين المعاملات القاتل..وقتها اقتنع سيف.. بل ان ارتباطه بناصر و شهناز اصبح وقتها.. اوثق و اعمق..

احدى ايام الشتاء..

كانت راغدة في زيارة سريعة لبيت شهناز.. تعرض عليها احدى احدث المجلات العالمية الخاصه بتفصيل الفساتين النسائيه.. وكان من عادة راغدة و شهناز و احيانا يشركون معهم سعاد.. ان يخترن تصميم معين من المجله المختصه.. والذهاب به الى احدى الخياطات المشهورات في المنطقه لتنفيذه.. يومها كانت راغدة شاحبه الوجه.. وقد ذبل وجهها قليلا.. تجلس امام المدفأه النفطيه المعروفه تدفىء يدها بينما تقوم شهناز بسكب الشاي لها و تقرب منها طبق معمول التمر .. فتقول راغدة وهي تعقد حاجبيها

-عفيه شيلي من گدامي.. الي كم يوم معدتي مأذيتني عايشه بس على الاشياء الحاره و اللبن.. فتزم شهناز شفتيها استغرابا وهي تبعد الطبق و تتامل راغدة.. تقول لها بخفوت

-وجهج هم اصفر راغدة.. اخاف استبراد؟ فتتنهد راغدة وهي تهمس بتعب

-والله ما ادري الجو بارد بس جسمي يأذيني صارلي كم يوم و احمد مشغول ما اريد اقلقه.. فتتوقف يد شهناز وهي تلتفت نحو راغدة.. تسألها بترقب

-راغدة اخاف حامل؟ فتعقد راغدة حاجبيها.. لقد تركت المانع منذ فترة طويله لكن لم يرزقها الله عز وجل الحمل.. رغم محاولاتها و مراجعاتها لطبيبتها النسائيه.. وقتهااخبرتها الطبيبه انه من الممكن ان تكون لديها حالة من العقم المؤقت... وربما يتم الحمل اي وقت.. كان قد مر على هذا الكلام عدة اعوام.. نست فيها راغدة امنيتها.. بل استسلمت انها ربما فعلا تمر بما يسمى طبيا عقم مؤقت.. تبهت ملامح راغدة لوقت.. وهي تنظر امامها.. تحسب و تعد الايام ببالها.. ثم تهمس لشهناز بحيرة وهي تلتفت لها..

-ما ادري والله.. معقولة؟ صارلي سنين انتظر فتجيبها شهناز باسمه

-ليش لاء راغدة.. ماكو شي بعيد عن رب العالمين.. وانتي بوقتها گالولج عقم مؤقت.. يعني الحمد لله انتي كان يصير عندج بس بسبب المانع تغير الوضع عندج.. روحي فحصي لا تهملين نفسج..

بعد ثلاثة اشهر

تقوم شهناز بترتيب الفراش حول راغدة الراقدة منذ ايام.. متعبه و مرهقه وقد هدها الوحام..فنفسها تصد عن كل شيء.. تقترب منها شهناز مجددا وهي تقدم لها طبق الفواكه الصغير.. فتبعده راغده بملامح ممتقعه.. تقول برجاء خافت

-عفيه شهناز كافي.. والله احس نفسي بالونه واني بعدني توني بالثالث.. فتجيبها سعاد وهي تناولها قطعة سفرجل ناضجه صغيرة...

-اكلي هذا شي خفيف و يريحج وكلش يمدحوه راغدة.. فتقول راغدة باسمه بموده وهي تتامل شهناز ذات القلب الطيب.. من تركت بيتها و زوجها حتى تكون معها

-اسأل ربي ما اولد الا و انتي حامل شهناز.. فتضحك شهناز وهي تقول

-راحت عليه راغدة.. الحمد لله و الشكر... الله ياخذ بأيدج و تگومين بخير و سلامه.. فتقول راغدة مقاطعه

-بعدج والله و شوفي اعجاز رب العالمين.. هاي اني گدامج سنين ما يصير عندي ورحمة ربي دون ما احس حملت.. فتبتسم شهناز بمودة وهي تقول
- الله عليج احمد شلون تلقى الخبر؟ فتضحك راغدة برقة وهي تجيبها
- صام شكر و الى الان يذبح ذبايح بين فترة و فترة و يدعو رب العالمين يريدها بنية ... ثم ترق ابتسامة راغدة وهي تكمل
- ما افهم ليش كولش يريد بنية بس حتى اسمها مختاره.. فتجلس شهناز بجانبها وهي تتأمل وجه راغدة المتعب.. ثم تقول بابتسامة لطيفة
- الله يريح باله و بالج راغدة و تگومين بسلامه.. المهم تمام الخلقه .. ولد او بنية كله واحد و انتي رب العالمين فدوه لاسمه رزقج الولد... الله يحقق امنية احمد و يصير عدكم أمورة حلوة ماخذه منج و من ابوها... فتجيبها راغدة باسمه تؤمن على كلام شهناز وهي تفكر ثم تقول لشهناز بفضول
- هسه انتي عندج سيف الله يحفظه.. بس تحبين الولد لو البنات اكثر؟؟ تصمت شهناز قليلا وهي تركز بما في يديها.. كنزة صوفية بلون ازرق قد بدأت منذ فترة بحياكتها لسيف.. بقيت فترة صامته متأملة... تراقب راغدة هيبة الصمت التي ارتسمت على محياها لفترة.. ثم سمعت صوتها يقول
- كلها نِعَم رب العالمين بس... تتوقف قليلا ثم ترفع رأسها تنظر نحو راغدة و ابتسامه رقيقة جدا ترتسم على شفتيها و تكمل.. جنت اريد بنية ... تبتلع ريقها وقد خنقتها العبره .. جنت اريدها حلوووه و دبدوبه... ثم تضحك بأرتعاش وقد سقطت دمعة من عينها وهي تتحاشى النظر الى راغدة.. فالامر مؤذي جدا بالنسبة لها.. لكن سيف و وجوده من خفف عنها .. بل انه انساها نقصها.. تكمل وهي تنظر الى راغدة بشغب... ردتها بيضه بيضه بيضه من هالگد ما الناس عيروني بسماري و گالوا عنه سواد جنت اريدها بيضه... فتسمع صوت راغدة المنزعج وهي تقول
- ناس ما عدهم نظر... انتي ملح شهناز فتضحك شهناز وهي تمسح دموعها و تجلي صوتها ..تقول لراغدة
- شي على شي ردت لعابة و الحمد لله ربي انطاني و ماقصر... سيف هيجي بس ولد فدوه لعينه حبيبي.. فتسمع صوت راغدة الباسم وهي تهمس لها بالدعاء و تكثر

شهناز كانت وقتها حامل دون ان تشعر.. رزقها الله الحمل بعد سنين مره و صعبة من الانتظار... و حملها كان اعجازا اذهل الجميع.. فقد انتظرت منذ زمنا طويل... الا انها دعوة استجيبت و نِعم من الرحمن قد اسبغت.. وعم الفرح منزلها الواسع و عائلتها الصغيرة..فناصر كان مذهولا غير مصدق... يشعر ان الله عز وجل أعطاه حتى رضى فشكر و شكر... فتجارته ناجحه وقد عاد الى سوق الاقمشة بشكل قوي و سيف ملأ فراغه الابوي وتمم الله عز وجل عليه نعمه وإحسانه بحمل شهناز فكان هو وسيف خير معينا لها.. يغرقون شهناز تدليلا و حنانا بالغا و شهناز منعت من الحركه في اشهرها الاخيرة خوفا عليها حتى تتم اشهر حملها بسلام

صالح كان قد طلق زوجته وقد طلبت هي بنفسها ذلك.. فهي لم تتحمل سوء خلقه ابدا... وكانت تقول دوما بصراحه.. كيف تحملته سعاد كل ذلك الوقت.. لذلك وحتى يرتاح صالح.. طلقها و اوفاها جميع حقوقها... لكنه مع ذلك لم يتعظ .. فقد استمر يفكر بالزواج من الثالثه.. حتى كان يوما ما في اجتماع رجالي اجتمع فيه مع اخوته و اصحابه وقد جالسه احد اصدقائه القدماء من المدينه التي كانوا يسكنون فيها سابقا

-صالح ماناوي على الثالثه؟ فيتنهد صالح بهم و يتكىء على المركى بجانبه.. يرتشف من كاس شايه

-اخذت الثانيه ماحصلت بس الاذية و شلاع الگلب و صرف الفلوس... الدور اخذ الثالثه؟؟ ثم التفت لصاحبه يسأله ..... عندك جماعة؟

-والله يا صالح عندي.. و الجماعة معروفين اهل خير و جاه.. و كريمتهم ولاّدة.. عدها اربع ولد.. ارملة و صغيرة .. شنو رأيك تتوكل و تاخذها بلكت رب العالمين يستجاب دعائك ويرزقك منها الولد.. فيصمت صالح وهو يفكر.. يعترف ان فكرة الزواج لا تغريه.. هو رجل مشغول.. وقته مقسم بين العمل وبين الزيارات و الجلسات الاجتماعية... يعود و يسمع صوت صديقه مرغبا

-ارملة حلوه و ما تتفوت.. شفتها مره بسوگ الذهب و خطرت انته على بالي.. بت عز مثلك و توالمك صغيرة و ان شاء الله منها الولد... فيصمت صالح مجددا وهو يقلب الامر في رأسه..

بعد ايام.. وجبة غداء اجتمع عليها الاخوة

يقول صالح بعصبيه

-ما افهم سبب كلامكم احمد.. انته الله انعم عليك بالذرية الله يحفظهم و تشوف خيرهم.. والحمد لله تمم عليك و اجتك بنية.. ثم يلتفت لناصر المتجهم الصامت.. وانته ناصر الله عوض صبرك بسيف الي انته بالنسبه اله النفس الي يصعد و ينزل.. يجوز يحبك اكثر من ابوه لو كان عايش الله يرحمه.. و تممها عليك ببنية تشلع الگلب.. ليش مستكثرين عليه افرح بالولد؟؟

يقاطعه احمد متفهما وهو يضع كفه على فخذ صالح يهدئه

-والله العظيم اتمنى خوية.. اتمنى يصير عندك الي يرفع اسمك و يحي نسلك بس هذا امر رب العالمين.. صالح انته رجل مؤمن.. والله العظيم لو انته رايد زواج بس جان اني بنفسي اروح اخطبلك.. و الله اسوي الي مايتسوى بعرسك وهو عرس ثالث.. بس انته متزوج علمود الخلفه.. منو يگول ما تتزوج و تجيك بنية؟؟ صالح خاف الله بناتك لا تسأل عنهن ولا تشوفهن... صارلك يمكن سنين ما مجتمع بيهن.. كل وحده شمرتها بمكان.. لوما اني و ناصر نتواصل وياهن و نسمع اخبارهن جان الله يعلم بحالهن.. يصمت وهو يأخذ نفسا .. ينظر لناصر الذي يتأمل صالح بتفهم ايضا رغم انه لا يخفي امتعاضه و رفضه الامر برمته.. يكمل احمد

-منو يظمنلك تتزوج المستورة.. و ما تصير عندك بنية؟؟ شتسوي ذاك الوكت؟؟ فيقول صالح بصراحة دون اهتمام

-اطلگها.. فيبهت احمد وهو ينظر اليه بذهول

-هيجي الشغله سهله عندك؟

-لعد شنو اخليها تصيرلي معمل بنات.. كافي الي عندي.. اني اريد ولد.. قالها صالح بأصرار اعمى فيهز احمد رأسه عجزا و يستغفر ناصر صامتا.. فصالح صعب المراس.. عنيد بشكل مستفز

********************

بعد ايام.. منزل سعاد

تجلس ميعاد ناقمه.. بحجرها طفلتها (مرام ) ذات العام و النصف.. تبكي فتطبطب ميعاد على ظهرها ناقمه وهي تهمس لسعاد التي تنظر اليها وعقدة ما تكونت بين حاجبيها وهي ترى قسوة ميعاد على ابنتها.. فتمد يدها تأخذها منها وهي تهمس..

-جيبيها.. كسرتي ظهرها للطفلة.... فتزم ميعاد شفتيها تذمرا وهي تدفع بمرام الى خالتها.. فتستقبلها سعاد باسمه وهي تهمس

-ولج عليمن طالعه خدودج تفاح.. لا ابوج ولا امج عدهم هالحلاة.. فتهز ميعاد رأسها تكتم ابتسامتها ثم تعود و تهمس لسعاد

-يعني تقنعيني انتي راضيه؟؟ سعاد الخير هذا كله يروح الها اول ما تشيل الولد.,, المره صغيرة و جميله و مدللة مو مثل مرته الثانيه... والله تاخذ الاول و التالي سعاد....فتبقى سعاد تلاعب مرام الضاحكه حتى شكت ميعاد انها سمعتها.. وقبل ان تكرر كلامها تلفت عليها سعاد تقول بهدوء بارد

-وانتي هذا الهامج؟؟ الخير هذا؟؟ ترى الخير هذا برمشة عين يروح اذا ربج شاء و راد... صالح متخبل اصلا هو يا يوم جان عاقل وهسه متخبل.. ما اتعظ من زواجه الثاني.. بس والله العظيم دعائي ما يتعداه و گولي خيتي گالت.. والا الله يرضاها بعد كل ولادة اشوف الموت بيها يجي يرفسني يگولي گومي ام البنات وبعدني ماصارلي ساعات من طالعة من الموت؟؟ شبيهن البنات؟ هاي رافعات راسه و ما جابنله العار.. بنات متربيات على الاصول.. شحده الي يجيب طاري طرف ثوبهن.. تصمت وقد احمر وجهها حنقا ثم تكمل بعد وقت

-يريد يتزوج... خلي يروح... اريد اشوف عدالة و حكمة ربي بي... لو يروح يكفله يتيم مو احسن؟لو يوصل بناته و يسمعهن كلمة طيبة مو افضله؟ غبي ما يعرف النعمة الي بيده.. ميعاد... فالتفت اليها ميعاد مستغربه نحوها وقد استشعرت حدة مزاج اختها الذي تحول في ثانيه .. فأكملت سعاد بحزم

-تجين لبيتي تنسين مرته الثالثه و تنسي هو كله.. ترى اني مالي خلگ القيل و القال.. خلي يروح.. عساه بلا رجعه الي.. على شنو شايله همه اني؟ بعدين لا تخافين... صالح رغم كل عيوبه كريم.. بناته مقسم الهن حصصهن من زمان... واني حصتي هالبيت .. شريد اكثر.. الله ما يترك عبده.. فتصمت ميعاد وهي تشعر بالقهر لاجل شقيقتها.. التي تعيش وحدها.. لا مؤنس لها... لدرجة انها باتت تخاف عليها.. تسمع صوت سعاد تسألها بعد وقت

-علاء شلونه.. اشترى السيارة الي رادها و تداين مني علمودها... فتصمت ميعاد وهي تبتلع ريقها.. تدور بعينيها حرجا.. فتفهم سعاد الامر فتقول بحرقة

-اخذهن قامر بيهن مو؟ ولج انتي شنو؟ ثولة؟ شگد حذرتج و نبهتج... بيتج طارت البركه منه من ورى قمار رجلج ميعاد.. راح ينهد بيتج على راسج من ورى سوالف علاء التعبانه.. فهميني شلون تالي وياه.. لا امه راضيه عليه.. لا خواته راضيات عليه.. وانتي تمشين و تطمطين (تدفنين) وراه سواد وجهه.. ولج هذا عار من زمان گتلج تطلگي منه وتعالي هنا يمي عيشي.. عندج ولد ميعاد باجر عگبه كله يتعلموه من ابوهم.. عوفي ولدج.. بنيتج هذي قالتها سعاد وهي ترفع مرام الصغيرة و تكمل..

-بنيتج هذا غمضي عين و فتحي عين تلگيها صارت عروسه.. من يجون يسألون على ابوها.. شيشوفون و يسمعون غير الخزي؟؟ تصمت سعاد لاهثه حانقه.. ترى و تسمع بكاء ميعاد التي تقول لها

-ترديني اجي هنا يمج و اصير مثلج سعاد.. بيت واگف؟ بعدين علاء زين و دا يحاول يترك هالغضب... فتسخر منها سعاد وهي تهمس..

-اي صحيح.. من الشرب و العربده الي تعلم عليهن الدور .. والله يعلم بعد شنو من حُرمات دا يسوي.. ظلي على ذمته.. بس والله العظيم يحرم عليه انطيج فلس زايد بعد.. اني اشوف مصرفكم و فواتيركم... على تالي عمري اشارك بحرام واني مره صايمه مصلية گاعدة ببيتي.. يجيني الذنب من وره رجلج التعبان

وكان هذا حال ميعاد كل مره.. تأتي لزيارة سعاد فتخرج مقهورة وهي ترى انتقاص سعاد من زوجها.. ولا تستطيع لومها.. فهي محقه في كل ما تقول..

************

المدينه الغربيه...

اما منزل الشيخ فاضل ... فقد كان يغلي كالقدر على نارا حمأه... فنرجس اصطفت مع مهين...تحميها من شر نظمية الذي فاق و استفحل.. فبات العداء لمهين علنيا... تارة تضربها و تارة تضع الخطط لاذيتها و اذية ابنها جاسر..

حتى اخر مره عندما رأها الشيخ بأم عينه تحرض جاسر الصغير برمي نفسه في بئر مهجور يقع في اطراف حديقة دارهم الواسعه جدا و المغطاه بالنخيل و اشجار الصفصاف و الحمضيات...

يومها كان جاسر يلعب خارجا ومهين تغسل الملابس و تنشرها.. اما نظمية فقد جلست اسفل شجرة النارنج تفتح جدائل شعرها السوداء فأقترب منها جاسر ذو الخمسة اعوام يسألها ان رأت كرته التي يلعب بها... فوجهته نظمية الى اطراف الحديقة ثم نهضت تصطنع الضحك و تبحث معه حتى اقتربا من البئر الذي اغلق بصفيحة معدنية رقيقه.. يومها اقنعت نظمية الطفل ان الكرة هناك و رغم رفض جاسر الاقتراب من المكان فهو ينصاع لتحذيرات الشيخ والده... الا انها اغوته بمساعدته وانها معه.. وكانت رمشة عين.. بين نية نظمية رفع الغطاء و رمية و بين صوت الشيخ الزاجر العالي الذي افزعها و افزع الصغير الذي فر خائفا باكيا

يومها نالت نظمية من الضرب الكثير... ضربها الشيخ امام ولدها حامد...وكانت هذه من الأخطاء التي لا تغتفر ...

نظمية لم تكن هذه محاولاتها الاولى .. بل انها جرأت مره سابقه على تحريض حامد كي يخنق جاسر عندما كان جاسر لا يبلغ من العمر سوى ستة أشهر ...

سبب كرهها و حنقها على مهين و جاسر كانت تلك المكانة التي نالتها مهين و ولدها.... مكانة لم تنلها او حتى تقترب منها نظمية و ولدها..... كانت نظمية كرة شر مشتعلة متحركه ..تتصرف بعدم حكمة و مسؤولية... غذت حامد بالكره و الحسد.. جعلته هو الاخر ناقما على ابيه و زرعت فيه فكرة ان الشيخ يفرق بينه و بين بقية اخوته .. وان الخير سيعم الجميع الا اياه فهو الابن المنبوذ... ابن المنبوذة

بعد حادثة البئر اخرجها الشيخ من داره الى دار حديث قريب.. كان يظن انه سيرتاح... لكن غي نظمية استمر عبر ولدها و تربيته الرعناء له...شرها وصل حده و ابتعد مداه... فكانت تحرض حامد الصغير على اخوته.. تزرع فيه حقدا و كرها.. خاصة جاسر.. الذي صار ظلا لقيس صاحب الحضور القوي جدا و الحظوه عند والده الشيخ..

جاسر كان كالملح في عين نظمية.. يحمل حسن والدته و اخلاق رفيعه جدا و كريمة.. وقيس لم يقصر معه.. خير معين و سند له.. و كانت نظمية من اخرجت لقب ( ابن الفصلية).. كانت تقولها احيانا بنبرة هازئه وهي ترى جاسر ذو الشخصية القوية المقاربه لشخصية قيس.. و احيانا تقولها بحقد وهي تنتقص من شكواه لواالده الشيخ مثلا عندما يقسو عليه حامد و يضربه..

و نشأت الغيرة.. و زرعت بذرة الحقد.. ورغم محاولت الشيخ فاضل.. و والدته الحاجه صفية.. الا ان الامر كان لا امل منه.. نظمية كتلة شر.. اورثت شرها لولدها حامد.. ومهين اورثت طيبة قلبها و رفعة اخلاقها لجاسر.. و قرة العين و مسرتها كان قيس.. جليس ابيه .. فخره اين ما حل.. ذكي في دراسته.. مجد.. و بوادر الذكوره لاحت عليه رغم عمره الصغير انذاك

كان يبلغ من العمر الثالثه عشر عندما رافق والده وعمه الى احدى مدن الوسط في رحلة عمل .. وقتها كان الحارث ابن عمه معهم ايضا .. شاب متيم قد بلغ توا الثامنة عشر.. شبه خطيب لسارة شقيقة قيس.. عاشق حد النخاع لسارة.. تلك المليحه بجدائل سوداء و عيون لايقع الكحل العربي منها..

كانوا قد حجزوا احدى الاجنحة في فندق قريب يقع قرب احدى المقامات الشريفه في المدينه.. و قبيل الفجر سمع قيس صوت والده مستغفرا يتوضأ استعدادا لصلاة الفجر..فأستيقض وهو يتأمل والده الشيخ بحنان بالغ.... فهو متأثر جدا بشخصية والده الحنونه المهيبة.. يكاد لا يوقع من والده امرا او طلبا.. منصاع لكل مايقوله بأحترام شديد بالغ... .

نهض قيس يتبعه للوضوء و الصلاة و يوقظ في طريقه حارث.... يستمع الى همسات والده الشيخ المستغفرة المحوقلة ... فتتسع ابتسامته اكثر وهو يتذكر ما رأه في المنام قبل قليل..... يسرح بفكره وهو يسمع صوت والده الدافىء..يبث في نفسه برجولتها الوليدة روحانية عظيمة

كانوا وقتها قد عادوا من المسجد .. يجلسون حول مائده طعام الافطار التي وضعت امامهم يرتشفون بصمت الشاي...عندما سأله والده باسما

-اليوم صافن قيس.. مو من عوايدك..... فيصمت قيس و يسمع صوت حارث ممازحا

- يجوز شاف شي بالحلم.. نام شكل و گعد شكل.. فيتنهد قيس ويضحك حارث وهو يقول رافعا حاجبيه

-ها ولك بس لا عريس اليوم ؟فينهره عمه و والده معا

-حارث ..فيقهق حارث وهو يرى ملامح قيس الباردة يرمقه بنظرته الخاصه عندما لا يعجبه امرا ما.. ثم يلتفت نحو والده يقول له بصوت عميق هادىء

-يابه شفت حلم بس حيل غريب.. فيبتسم والده وهو يراقب ملامح قيس المستغرقه في التفكير و يقول له..

-خير ان شاء الله ... شنو شفت

يصمت قيس وقتا وهو يتذكر ثم يقول باسما سارحا

-كأن طالعين للبر.. والبر هنا بهذي المدينة.... شفت غزاله صغيره. فتنتني بشكلها...ناعمه و لونها مميز...قوية رغم نعومتها....ضليت اتابعها وين تروح و نيتي اصيدها.. بس گلبي يرف عليها اخاف ااذيها.. كلما اقرب منها تركض و ترجع توگف قريب مني كأن تنتظرني.. يابه عيونها ما ا نساها.. ثم يلتفت لوالده باسما بشغف يكمل

-الي اعرفه عيون الغزال سود... هي عيونها لونها غير.. يابه غير.. سبحان الي خلقها و سواها بذاك الوصف.. ثم يصمت مجددا يتذكر ذاك الشدن الذي سحره في المنام.. يسمع صوت والده الباسم يسأله بمكر وهو يرتشف شايه.. ينظر لاخيه الباسم بجانبه منصتا لهذا الشاعر الصغير

- اي! و صدتها.. لو لا؟

- لا.. هي اجت لحضني بعدين.. اجت من كيفها.. صغيره و ناعمه.. ناعمه.. وايدي راحت على گلبها.. جمره.. يدگ كأنها خايفه واني من حلاة روحي حضنتها حيل.. فزيت واني كل ظني دفنتها بصدري.. دورت عليها بمكاني من هالگد ما جان الحلم كانه واقع.. فيومىء والده برضى ويهمس عمه باسما

-ان شاء الله خير وليدي.. بينما قال حارث بمزاح خشن اعتاده مع قيس

-هاي لان نمت مثگل بالعشى والا وين اكوغزال يجي لحضن صياده... بعدين غزالك مغشوش.. غزال و عيونه ملونه.. وين صايره هاي قيس عشريتنا....

فيعض قيس طرف شفته وهو يقاوم ردا لاذع يود به اجحاف حارث السمج... لكن وجود والده و عمه يمنعه احتراما فيرفع له حارث حاجبيه مغيضا وهو يعلم سبب صمت قيس.. يقول والده بعد صمت

-هذي غزالتك وليدي... الله اعلم يجوز مريتك من هالمدينة.. فيصمت قيس و يبتسم حارث ..

و كانت هذه اول.. ذكرى.. لم تنمحي ابدا من عقل قيس المراهق ذاك الوقت..

بطرف ناعس و هدب كحيل
بعد احدى و عشرون عام....

بغداد الحبيبه...
غرفة انثويه واسعه.. انيقه بمزيج لطيف يجمع اللونين الوردي الفاتح جدا و الابيض.. و بأثاث فيكتوري ابيض.. توزعت فيها بشكل منظم مجموعات من الدمى... تقليديه.. وخاصه.. صنعت خصيصا لساكنتها.... احدثها كان الفأر الالماني Diddl بحجم كبير جدا والذي احتل بشكل لطيف طفولي احدى الاركان..

الغرفه كانت تعبر بشكل واضح عن شخصية صاحبتها المدللة المترفه بطفولية.. وعن ذوقها الدقيق في الاختيار..

تتقلب في سريرها الواسع الناعم.. تحتضن اغطيته الحريريه جسدها الدافىء الغض.. تتنهد بدلال كل حين وهي مابين اليقظة و المنام.. ترفع رأسها قليلا.. تنظر بنصف عين مغلقه نحو ساعة منضديه لاحدى ماركات الدمى الالمانية الشهيرة بلونيه الوردي و البنفسجي الفاتح.. تعود و تدفن وجهها في وسادتها بتذمر... فساعة جسدها البيولوجيه قد تعودت الاستيقاظ في هذا الوقت المبكر ... . وماهي الا دقائق حتى سمعت صوت الباب يطرق بطريقة مزعجه.. جعلتها تهز رأسها حنقا وهي تمتم بكلام غير مفهوم.. ثم توالى رنين هاتفها الذكي ذات الوقت .. تنزعج اكثر ثم تنهض بلمح البصر وقد شع الغضب من عينيها رغم نعاسها .. تسرع نحو باب غرفتها متعثرة بالوسائد حول سريرها.. ثم تفتح الباب بعنف هاتفة

-مزززززعج والله هسه اگوله لبابا.. ثم تنادي وهي تبعد رأسها عن حدود جسده الضخم

-بابااااا فينظر لها شقيقها خالد بنظره ضاحكه ملاحظا قصرها و نعومة قدها الفاتن نسبة لطوله وضخامة جسده قائلا

-كافي نوم تنبل( كسوله) راح نصير الظهر بعدين وين امي تشوفج فاتحه الباب الي وانتي بهلخلقه هاي؟ فتنتبه حلا فورا لنفسها.. تنظر لشورتها القصير و قد فضح ساقيها حتى اعلى فخذيها فترد الباب مسرعه وتستمع لقهقة خالد الشامته.. ثم صوت مهاب الناهر والذي كان على مايبدو مارا بجانب غرفتها

-جوز حالها كل يوم لازم تطلع حسها؟ فتقول حلا بصوت حاد و تتخفى خلف الباب تتذكر تحذيرات والدتها ان تظهر امام اشقائها بلباس غير محتشم

-مهاب فدوه لعينك خلي يجوز مني ( يبتعد) ترى اني خلصت وبديت بعطلة طويلة الامد .. يعني شلون ما اتهنى بنومة بهالبيت قالتها بصوت ناعم حانق .. فتسمع ضربة جديدة على الباب و صوت خالد المازح يقول

-نزلي عيني نزلي قبل ما تصعدلج راغدة... راغدة عدها الساعه تسعه يعني ظهر .فيدفعه مهاب امامه وهو يقول ضاحكا
- دنزل قبل ما يمر ابويه و يشوفك.. عاد تدري بي كلشي ولا هالقزمه يطلع حسها فيبتعد خالد ضاحكا وهو يقول بصوت عالي
- حلا عشر دقايق و تنزلين والا تروح عليج المفاجأه.. فتخرج حلا رأسها من الباب تقول متسائله بلهفه وقد تدلى شعرها معها بطريقه مضحكه
- خالد.. خالد حبيبي.. الي بالي بالك؟؟؟ فيقهقه خالد مجيبا وقد وصل لرأس السلم يود النزول يتبعه مهاب باسما
- حلمي .. نامي و احلمي و قبلها تغطي زين ( دلالة على استحالة ما تطلب)
فتضرب حلا بقدمها الارض كطفلة ..تغلق الباب بقوة...مغمغة بكلماتها الناقمه على اخوتها و شدة حرصهم عليها... كالعادة

بعد وقت

تنزل مسرعه الى الاسفل... وقد ارتدت جينز ضيق بلون فاتح.. مع تيشرت ابيض تتوسطه رسمة كارتونيه لطيفه.. شعرها الكثيف الاسود رفعته بكعكة مرتبة.. فطوله يزعجها كثيرا.. تدخل المطبخ مسرعة..فترى والدتها توليها ظهرها.. قد انشغلت بهوس الترتيب قبل ان تشاركهم الافطار كعادتها.. تقترب حلا مسرعه تقبل خدها وهي تهمس باسمه

-صباح الخير رغودتي.. فترتسم ابتسامه جميلة على شفتي راغدة وهي ترفع انظارها الى حلا تقول بتعجب

-هاي شعجب گاعدة؟؟ گلت اليوم اخليج براحتج تنامين

تجيبها حلا وهي تلتقط ورقة ريحان تمضغها وقد وقفت بجانب والدتها تراقب ما تصنع

-يوم هو خالد يخليني انام.. ابنج شوفيله حل لان مزعج والله.. فترمقها راغدة بنظره محذره وهي تضربها بخفه شديده على رأسها قائله

-اخوج الجبير احترمي.. تتأوه حلا بدلال وهي تقول

-اوي ماما اني شگلت هسه.. فتتحرك راغدة وهي تناول حلا سلة الخبز و تتقدمها للخروج وهي تقول

-ما گلتي شي.. حبيت اذكرج بس.. لتتنهد حلا واجمة وهي تتبعها للخروج ...

تدخل غرفة الطعام تتبع والدتها فترى اخويها يجلسان على يمين والدها الذي جلس في مكانه المعتاد ... يضع نظارته الطبيه يقرء اخبار البورصه واسعار الذهب وهو يتحدث مع مهاب بين حين و آخر.. تقترب منه حلا باسمه بعشق خالص صافي.. تقبل كتفه و رأسه وهي تصبح عليه

-صباح الخير يا وسيمي الانيق.. فيحتضن احمد خصرها وهو يقبل خدها بمحبه وهو يضحك

-هاي شعجب گاعدة ويانه؟؟ گلت ما اشوفج على الريوگ منا لاسبوع.. فتهمس له بشقاوة

-لازم اصبح عليك وسيمي.. شنو صباحي من دون شوفتك.. فيقهقه احمد و تجلس راغدة على يساره وهي ترفع احدى حاجبيها.. لتعود حلا وهي تقبل خد احمد وهي تسأله منحنيه تهمس له

-احجي عفيه ويه ماما.. احمد اريد همتك تقولها وهي تغمز له.. فتسمع صوت والدتها الهادىء

-بطلي رفع الكلفه ( مناداة والدها بأسمه) و اگعدي خلينا نگول بسم الله... فتعود حلا و تقبل خد احمد الضاحك و تجلس بجانب والدتها وهي ترسم ابتسامه مشاغبه على شفتيها... يتأملها خالد باسما وهو يهز رأسه مستمتعا مقدما لما سيجري بعد قليل.. فهو يعرف مقدمات حلا جيدا.. يسمع والده يسأل والدته بعد فترة

-شنو قررتي على حفلة التخرج راغدة.. تصمت راغدة لبرهه وهي تعلم ماذا طلبت حلا

-بالبيت هنا.. الخميس ان شاء الله... فتزم حلا شفتيها رفضا وهي تتأمل طبقها الشبه فارغ... تسمع صوت والدتها تكمل

-حلا و غفران حفلتهم سوه... يصمت احمد وهو يرفع احد حاجبيه و ابتسامه انيقه ترتسم على شفتيه.. يعرف راغدة.. و يعرف نبرتها جيدا...متحكمه تماما بكل امر يخص حلا... يلتفت الى حلا الصامته يسألها يصطنع عدم المعرفة

-انتو شنو مو عدكم حفلة جماعية؟؟ لتجيبه حلا واجمة

-اي بابا عدنا.. بس ..فتكمل راغدة وهي ترتشف من شايها

-بس مختلطه... وترفع رأسها لاحمد الذي يزم شفتيه تكرر.. مختلطه احمد و جايبين مغني و مغنية و دگ و رگص .. لذلك حفلة تخرجها هنا تعزم كل صديقاتها.. حتى دكتوراتها عزمتهن و زوجة العميد بنفسه جايه..تصور ويه طلاب دفعتها و خلص... والباقي هنا.... فيرتسم العبوس على ملامح حلا و يغيب استبشارها... وهي ترسل نظرات الى والدها متوسلة... فيسدل والدها انظاره عنها.. يسألها مجددا وهو يلتقط قطعة خبز يضع عليها قطعة جبن عربي طازج..

-اي يوم الحفله؟

تجيبه حلا بهدوء

-بعد يومين بابا... فيهز رأسه موافقا وهو يقول

-يصير خير.. اني احضر وياج... فتقفز حلا فرحا تسرع اليه تقبله وسط ضحكاته و تهز راغدة رأسها رفضا وهي تدلك جبينها متنهده بأستسلام .... فيكمل احمد ضاحكا وقد خنقته حلا بعناقها

-ساعه بس حلا.. ساعه.. تتصورين ويه دفعتج و نرجع.. حفلة تخرجج مثل ما گالت ماما.. هنا.. و غفران وياج.. والي تحبين عزمي.. فتومىء حلا برضى.. سعيدة ثم تتوجه لراغدة التي تكونت عقدة ما بين حاجبيها.. تقبلها وهي تقول

-ماما والله بس اصور لان مسوين برامج من فترة.. فدوه لعينج ماما ارضي عيوني تعبت من الدراسه.. ما استاهل افرح بشهادتي واني اصغر طالبه بالدفعة؟ فتعض راغدة باطن خدها وهي تتحاشى النظر لحلا... التي الحت بقبلاتها حتى انفكت عقدة راغدة وهي تبتسم.. تسمع صوت مهاب الضاحك

-كافي خنگتيها.. خلص بعد وافقوا لا تلحين زايد.. فيكمل خالد وهو يراقب الوضع باسما يقول لحلا بشكل خاص

-دخلتي الوسيط... و تمت المهمه بنجاح.. بابا اذا تردين لبن العصفور.. يجيبه.. نيالج علينه.. يقولها غامزا وقد فهمت ما يعني.. تتنهد بسعادة وهي تعتدل واقفه

-الله لا يحرمني منكم ولا من وجودكم .. ثم تلتفت لوالدتها

-ارجع انام اني .. فتقرصها راغدة من خصرها برقه وهي تقول لها

-گعدي.. راح وقت النوم.. گعدي ساعديني انتي اقلها.. غفران كلما اسألها تگول بكيفج خالة و بكيف حلا.. ادري هي مو تخرجت مثلج حالها حالج؟ فترفع حلا نظراتها لمهاب الباسم برزانه وهو يرتشف شايه و يأكل بهدوء من طبق افطاره

-خطيبها يمج.. سأليه.. غير هو يساعد هم.. تدرين غفران تخجل و تستحي حيل.. فتلفت راغدة الى مهاب تسأله

-مهاب ماما.. سألتها لغفران شنو عاجبها؟ اكو شي معين تحبه... فيجيبها باسما

-اشوفها اليوم يوم و اسألها.. اني مخليها على راحتها لان هواي تعبت الفترة الفاتت.. بس ان شاء الله ذوقها و ذوق حلا واحد..ما اعتقد عدها اعتراض

فتقول له راغدة متفهمه وهي تراقب حلا التي عادت لتناول افطارها بشهية مفتوحة

-مايخالف ماما.. تدري بيها صوتها ما يطلع ( قنوعه و هادئه جدا).. شوف شنو تحب و بلغني.. خالتك شهناز هم ما تدري بس عزمت بنات دفعتها.. بس هذا ما يمنع تشوف شنو تحب و تحسسها بأهتمامك.. فيهمس له خالد بشيء ما و يضحك بعد ان رمقه مهاب بنظرة باردة.. فيسمع صوت والده الذي يتابع الحديث بهدوء

-زواجك هم فكر بي شوكت بابا... غفران و خلصت الحمد لله .. و عمك ناصر تدري بي ما يحب يطول الموضوع.. فيومىء مهاب بصمت وقد ارتسمت نظرة ما في عينيه ..

بعد وقت

تتبع راغدة احمد الى الباب كما اعتادت ان تفعل منذ اعوام.. يهمس لها بمودة وهو يقبل جبينها وقد سبقه مهاب و خالد الى محلات الصاغة المشهورة في بغداد..

-راغدة لا تشدين على حلا.. فتتنهد راغدة تود الكلام.. فينحني احمد يقبل طرف شفتيها يقول بمحبه لا تنضب

-ادري.. ادري بس انتي هواي تشدين عليها.. كوني لينة راغدة.. فتهمس له راغدة وهي ترتب سترته الرسميه

-مدللها هواي و كل ممنوع يمك يصير مقبول وهذا غلط ... احمد شد شوية عليها ترى حلا مو هينه لا تاخذك بالمسكنه... فتلتمع عينيه وهو يقول

-بت ابوها.. تدلل براحتها.. فتهز راغدة رأسها رفضا.. حلا موضوع لن يتفقا عليه ابدا.. تختلف عندها كل وجهات النظر.. و تتغير كل الاُسُس.. مدللة ابيها.. ثم اخوتها.. لا يصل احد الى منزلتها و معزتها عندهم.. ضحكة البيت.. شمعته المنيرة.. و كل مسرته.. و احمد غارق... غارق بها ..

-ما اوصيج بغفران راغدة.. شوفي الي تريدة.. و شوفي شهناز.. شوكت مفكرين بالعرس... ما اريد مهاب يطول... فتتنهد راغدة بحسرة وهي تتبع احمد نحو الباب الخشبي الانيق

-ولدك كالعادة شالعين گلبي.. كل واحد قصه شكل.. خالد هم احجي وياه... احمد ترى هواي صابر عليه انته.. فارس الي اصغر منه تزوج و استقر.. و ياسر هم عاجبته الغربة.... اتوسل حتى اشوفه... فيقهقه احمد وهو يلتفت اليها قبل ان يفتح الباب خارجا

-كلهم ما عاجبيج راغدة.. فيرى ابتسامتها التي تحاول كتمها.. ينحني يهمس لها بعشق

-اعشقج.... واللون هذا يجنن عليج.. فتذوب خجلا وهي ترتب شعرها خلف اذنها.. هل لاحظ صبغها لشعرها الذي شاب بعضه.. لا تفهم كيف ينتبه.. فهي تصبغ دوما اماكن شيبها الغير ظاهره تقريبا..... بلون مقارب لشعرها الداكن... و لا تعلم ان احمد قد حفظ مواضع شيبها عن ظهر قلب.. عشقه لها لا ينتهي.. صافي.. عذب.. كماء النبع.. حلوٌ و بارد

***************

بغداد الحبيبه.. منزلا اخر

تجالس ناصر الهادىء وهو يقلب صفحات الجريدة التي اعتاد على قرائتها كل صباح على وجبة الافطار قبل ذهابه الى محله الرئيسي في السوق الكبير.. شهناز تمضغ ببطىء لقمتها و ترتشف شايها وهي تتابع احدى التجمعات النسائيه الدينية التي تنتمي اليها عبر احدى وسائل التواصل الاجتماعيه.. فتسمع صوت ناصر وهو يسأل

-غفران نايمه.. فتجيبه شهناز وهي تغلق شاشة هاتفها

-نايمه حبيبتي.. لحد الان تعب الامتحانات بيها.. اعصابها مشدودة حبيبتي جانت.. هسه بس تنام.. فيقول ناصر باسما..

-خليها تنام براحتها.. الله يرضى عليها.. ثم يصمت وقتا وهو يفكر بشىء ما

-اتفقتي انتي و راغدة؟؟ فتجيبه شهناز وهي تتناول قطعة من خبز الشعير الاسمر تغرقها بلبنة رائبه تحبها مع وجبة الافطار

-اتفقت.. الحفله ببيتهم.. حديقتهم اسوارها عاليه و متطرفة ما عليها مسلاط( مكشوفة الستر) و الباقي على راغدة.. اني ما الي بهذي السوالف.. حلا تسد عنا.. فيقول ناصر وهو يرفع انظاره الى شهناز

-شنو يعجبها لغفران سوي شهناز.. حتى لو تريد حفلة وحدها.. تستاهل بنيتي.. فتبتسم شهناز وهي تقول

-غفران هي رادت ويه حلا.. تدري بيها كتلة خجل .. گوة قنعت تسوي حفلة.. ثم تتأمل ناصر لفترة و تقول بحذر

-مهاب راح يتصل بيك يترخص منك.. يريد يطلع بالليل ويه غفران.. فيقول ناصر بهدوء

-براحتهم.. و راغدة اذا حجت بالزواج گوليلهم براحتهم.. غفران خلصت الحمد لله .. اي وقت يناسب مهاب مو مشكله.... فتصمت شهناز وهي تبتلع ريقها بصعوبة.. تشعر بألم مميت ينتشر في صدرها.. لكنها تتجلد

-وغفران؟؟؟

-تمشي بشوري.... قالها ناصر بحزم وهو ينظر الى شهناز بتصميم.. فتسدل شهناز انظارها بحسرة.. تكتم دموعا لا تجف فتصيب نظرتها التي تلقفها ناصر بلوعة ما في جوانبه.. يمد يده نحو كفها المضموم...

-سعادتها اهم شي عندي شهناز... و مهاب و النعم منه... صح اكبر منها بهواي.. بس محتويها تماما.... غفران ترفه و خجوله... شخصيتها دايما تخوفني.. رقيقة و من اقل شي تنكسر.... مهاب مناسب الها.. ثقي بكلامي.. محتويها تماما و الحب يجي بعدين اهم شي القبول موجود بينهم.. فتقاطعه شهناز بصوت عميق خائف وهي تنظر اليه دامعة

-مهاب رجال ما حصل الي يحبها... عاش عمره ما يرضى يتزوج... الله عليك ناصر انته عرضت عليه غفران؟؟ حلفتك ب الله ناصر... فينظر اليها ناصر لوقت وقد عقد حاجبيه بألم..

-وفرضا عرضتها عليه؟؟ وين العيب و الغلط بالموضوع؟؟؟؟ ابن عمها اولى بيها من الغريب.. سند و عزوة الها.. بعدين تطمني... مهاب اجه بنفسه طلبها.. والي جان رايدها و يتمناها تعرفين سافرت و عافته.. ماضي انتهى وراح.. البنية طلعت بره العراق و اساسا ما جانت من ثوبنا.. ومهاب ادرك هذا الشي من زمان.. شهناز قالها هو يرفع ذقن شهناز اليه يقول بعزم و تصميم واضح

-غفران بنيتي الوحيدة.. واني ما دايملها.. مهاب يصونها و يحميها... نعم الزوج و السند... شاب رزن وايد ابوه اليمين بالسوگ.. خريج جامعي مثقف فتقاطعة شهناز جازمه

-تعلمني بمهاب ناصر؟؟ ولد احمد و راغدة ولدي... ربوا على ايدي.. بس اني لا اريد اظلمة ولا اظلم بنيتي.. مهاب شخص غامض.. قليل الكلام.... شخصيته قوية... و للعلم.. ترى هواي متسلط على غفران.. و بنيتك تعرف شخصيتها.. توك گلت.. حساسه و رقيقة.. فيقول ناصر وهو يعود بظهره الى كرسيه.. يقول بتساؤل

-الغيرة بهالوقت صارت تسلط؟؟ يغار عليها و يخاف عليها من الهوى الطاير.... وين المشكله... فتهز شهناز رأسها متعبه.. ناصر لا يرى اي فارق بين الشخصيتين.. مقتنع تماما بمهاب..وهي لا تنكر ان مهاب شخص مميز.. يتمناه كل اب لابنته... لكن.. وتبقى هذه ال لكن سبب لوعتها.... تقول له بنبره خاوية

-انته من تحب.. تحب... ومن تكره.. تكره.. فيرفع ناصر انظاره اليها و نظرة باردة صقيعية ارعبتها رمقها بها

-نرجع للموضوع ذاك شهناز؟؟؟ فتقاطعه بحده باكية

-اني ام... ام .. ناصر.. فينهض بغضب محتد يدفع كرسية.. فيسقط خلفه على الارض... يقول بغضب و احتراق

-و اني ابو.. ابو ...فهمي شهناز... فهمي وجعي و قدريه .. تردين موتي فتحي الموضوع من جديد.. احجي بي بعد.. خلينا نختلف و نتعب ... والله العظيم ما نتفق لوشمايصير .. لخاطر الله كافي ما تعبتي؟... فتغرق شهناز بالبكاء... ويبقى ناصر يتأملها وقد تغيرت نظرته.. الى نظرة موجوعة.. جدا ...يقترب من شهناز الباكية.. يحتضن وجهها الباكي.. وقد مال جذعه عليها يحتويها هامسا

-كافي.. كافي شهناز.. رحمي نفسج و رحميني ... خلينا النقاط على الحروف و ما ظلمنا احد... غايتي سعادة بنيتي.. اذا الله اخذ امانته اموت و اني متطمن..قرارنا صح.. لا تشكين ابد.. فتهمس له باكية وهي تدفن وجهها في صدره وقد وقفت فهي تعلم مشاكل الفقرات لديه

-اني موجوعة.. فيقبل ناصر صدغها يقول لها بمحبة مصبرا

-واني اكثر منج.. يعلم ربي و يشهد ..اني اكثر.. بس قرارنا صح.. صح شهناز.. ولو ينعاد الزمن بيه جان اتخذت نفس القرار.. والله ما متندم.. مخذول اي.. مصدوم اي.. بس ما متندم.... فتغرق شهناز بالبكاء اكثر .. وهذه المرة منهارة تماما.. حتى رق قلب ناصر لها.. يحتضنها بصمت مواسي..

مساءا.... احدى مطاعم بغداد الراقية

يجلس امامها متأملا.. ناعمه و هادئه جدا.. تقلب طبق السلطة امامها صامته.. فيتنهد وهو يتقدم بجلوسه.. يرى نظرتها الهادئه وهي ترفعها له.. جميله ببراءة لا ينكرها.. لكنه لا يملك الاحساس تجاهها.. يراها كحلا.. شقيقة صغيرة له.. ليس الا.. شقيقه او صديقه.... يتجه بأنظاره نحو كفهاالابيض.. ناصع البياض.. ممتلىء نوعا ما.. وقد زين اصبعها الايمن خاتم زواج الماسي جميل.. يمد كفه يتلمس نعومة كفها.. فيراها تضم كفها بتوتر.. يقول باسما بحنان دافىء

-شنو ما تشتهين؟ لو ما عجبج الاكل حبيبتي؟ فتبتلع غفران ريقها.. تهمس له و ابتسامه واهنة ترتسم على شفتيها الوردية

-لا بالعكس.. المكان حلو بس اني هالفترة شهيتي مو شي؟؟ يصمت متفهما وهو يراها تتحاشى النظر اليه بخجل.. لقد عقد قرانه عليها حديثا.. بعد الحاح الجميع.. وهو لم يجد اشكال من الارتباط بها.. ابنة عمه.. وحيدة عمه.. ناعمه و رقيقه كطفلة.. يعود و يسأل بحنان لا يملك سوى ان يستخدمه معها.. فهي تحمل من الملامح ما تجعل ارق المشاعر و الطفها تتجه نحوها دون استئذان..

-اخاف تعبانه من الامتحانات؟ هاي خلصتي الحمد لله و تخرجتي بأمتياز.. فتبتسم برقه صافيه وهي تومىء موافقه بصمت.. يعود و يسألها بجدية يود حسم الامر فهو يرى توترها و تهربها

-تحبين نأجل كلامنا غفران؟ لو احجي براحتي؟؟ فترفع نظراتها الممتنه لتفهمه تهمس له برجاء

-نگدر غير وقت؟ فيبتسم وهو يحتضن كفها الدافىء.. يشد عليه بمحبه عاديه كأنها صديقته او اخته...

-اكيد.. الي يريحج غفران اني اسوي.. ما مستعده نحجي ما عندي مانع.. فتصمت وهي تراقب كفه الاسمر.. يحتوي كفها بحنان بالغ.. مهاب.. و كم تهابه... تراه كثيرا عليها.. تعترف انه يحتويها كلها.. بعيوبها.. بترددها و خوفها.. برقة احساسها.. يعاملها بحنان بالغ.. كأنها جوهرة.. لكنها تخاف.. تخاف من التقرب منه و التقدم.. تشعر ان مشاعرها منهكه.. نفسها معطوبه و مدموغه.. تتنهد وهي تسرح بفكرها.. ولا تعلم ان مهاب يقرء رحلة افكارها و يعلم مسارها.. يعلم ان طريقه طويل معها.. لكنه.. لا يبالي.. المهم انها ستكون بخير معه.. سيريح والدته و يرضي والده.. و عمه.... وذاك... يعلم انه زوج يخاف الله كثيرا فيها.. لن يظلمها يوما.. و مشاعره.. ستكون لنفسه فقط.. سيدعي عشقها.. سيدعي حبها.. وللحق هي تستحق.. وربما.. ربما سيدق قلبه لها.. لكنه حتى ذاك الوقت.. سيكون الزوج المخلص المحب الذي لا يقصر ابدا

يعلم ان بها ندوبا كثيرة.. يعلم انها لاحساسها العالي.. تتقدم خطوة.. وتتراجع اخرى.. ولا يملك سوى ان يعذرها.. يعلم انه برجولته سيدمغ كل ذكرى اخرى.. واثق من نفسه... ربما لدرجة الغرور.. يعلم انه سيغرقها.. عندما تكون مستعدة.. فقط عندما تمد يدها له.. وهو الان صبور.. يعطيها حقها في الاستيعاب.. و مساحتها كلها.. لا يتطفل الا ان رغبت.. ولا يقترب الا ان بادرت.. مراعي جدا متفهم جدا..

يسألها بأبتسامه لطيفه وكفه لا تزال تحيط كفها

-شنو راح تلبسين بالحفلة؟ فتعقد غفران حاجبيها الرفيعين بحيرة وهي تشعر بقشعريرة ما تشملها.. لمسته مختلفه عن... وقبل ان تدخل في حقل افكارها الملغوم.. تهز رأسها رفضا... فتعقد حاجبيها وهي تختار اجابتها بعناية.. ترد بهدوء
-حلا اختارت وقبل ان تكمل قاطعها مبتسما

-ذوقج غفران.. ذوقج... كوني مختلفه... اريد اشوف ذوقج حبيبي.... فتبتلع غفران ريقها وهي ترفع انظار مرتبكة اليه... تهمس له بأرتباك

-موراح نلبس نفس الشكل.. هيجي اتفقنا.. فتبقى انظار مهاب معلقه بها لفترة... يقرء تهربها منه.. فيتقدم بجلوسه منها.. يحتوي كفيها بهدوء

-خلصي وخلينا نطلع نشتري شي مختلف.. والي تردي غفران سوي.. شنو يعجبج.. انتي قرري.. فتعقد غفران حاجبيها تسأل بأنزعاج

-ليش كلكم تگولون نفس الشكل؟ حتى بابا اليوم نفس كلامك؟ تصمت وهي تنظر اليه متسائله.... ثم تكمل بعناد وهي تسحب كفيها

- اني عاجبني الي اختارته حلا.. ما عندي اعتراض عليه.. و الحفلة كلها على بعضها ما هامتني مهاب..بس لخاطر ماما و خاله راغدة قبلت.. والا تدري بيه اني ما احب دوخة الراس.. فينظر اليها مهاب بعمق.. ترتبك له.. متمكن.. متمكن جدا.. امامه تشعر انه يخترق عقلها.. تسمع صوته هادىء رائق تماما

-اني ما اعرفج غفران.. ابن عمج و خطيبج اي.. بس ما اعرف غفران الحقيقيه.. توني بديت اكتشفها كزوجة... مرتي احب عدها كلمه و راي.. احب شخصيتها قوية... و هسه ارتاحيت من شفت عندج شويه من هالجانب.. فتستكين مكانها.. نظره مقيته قد اخذ الجميع عنها..وهاهو خطيبها و ابن عمها المفترض اول من امن بها.. يظن انها مسيرة.. لا شخصية لها... تتنهد وهي تمسح عينيها بصبر.. تدعو الله في قلبها ان يهديها و يصلح امرها.. فهناك احساس مقيت يلازمها منذ ايام.. احساس مزعج.. يقض مضجعها

تعود غفران بعد وقت الى المنزل... وقد عم السكون و الهدوء انحائه.. تصعد درجات السلم بهدوء و تمر على غرفة والديها اولا.. تطرق الباب بأدب و احترام جم و تقف منتظره بأصغاء لصوت والدتها.. تدخل بعد برهه الغرفه.. فترى والدتها ترتدي نظارتها الطبيه.. تتدثر بغطاء خفيف فالجو بدء يميل للحراره بشكل مزعج.. خاصه مع وجود التكييف الذي تكرهه والدتها.. فهو يسبب هيجان الم عظامها..

تغلق والدتها باسمه القران الكريم الذي كان بين يديها.. وترفع كفها نحو غفران.. فتقترب غفران تقبل كفها بموده و محبه.. تخبرها باسمه

-فكرتج نايمه ماما.. فتجيبها شهناز باسمه وهي تخلع نظارتها

-شلون انام وانتي بره.. ابوج هم سهران سهرة عمل.. هسه ابقى گاعدة منا لمن يجي.. تصمت شهناز باسمه ثم تتأمل ملامح غفران الجميلة البريئة جدا.. كانت كما تمنت.. بل ارق و اجمل.. لعبه ممتلئة القوام.. بيضاء جدا... بملامح رقيقة طفولية.. تمتد يد شهناز تداعب خد غفران الناعم.. تخبرها بخفوت

-شلونه مهاب.؟

-زين ماما.. يسلم عليج هواي ثم تصمت غفران مفكره.. فترفع شهناز ذقن غفران متسائله

-احسج ما مرتاحه؟؟ صار شي بينكم؟ فتبقى غفران تنظر الى والدتها.. محتاره ماذا تقول.... هل تخبرها انها لا تريد هذا الزواج؟ انها تشعر انها لن تستطيع؟ ام تصمت.. تشتري رضى والدها .. و رضى الجميع..

تسدل غفران انظارها.. تكتم بشفافية حيرتها.. فيصلها صوت والدتها متفهما ادبارها

-حجيتوا على زواجكم يوم؟

-لا.. اجابتها بهدوء دون تلكأ وهي تفرك كفيها بتوتر.. فتضع شهناز كفيها تمنع عنها عادتها عندما تتوتر.. تهمس لها بود

-مهاب ما حجه؟ لو انتي ما ردتي؟ فتصمت غفران وهي تزم شفتيها.. وتفهم شهناز الامر.. فتعود وتسند ظهرها على وسادتها.. تسأل غفران بعقلانيه

-غفران انتي تردين مهاب لو لا؟ ماما احجيلي.. لا تفكرين بأبوج.. بس احجيلي الي تحسي و ترديه.. انتي ما متقلبة مهاب؟ تصمت غفران وقتا ثم تهمس برقه

-ماما مهاب ما يتعوض.... كل شي بي كامل و الكامل الله عز وجل... بس العيب بيه... اني ما متقبلته... بعدني انظرله بمكان الاخ الكبير او الصديق الي نلجأ اله اني و حلا... تبتسم بوجع وهي تسأل شهناز.... اني ما افهم والله ليش مهاب بالذات تقدملي؟ ليش مو خالد او ياسر؟؟ فتعقد شهناز حاجبيها بتساؤل

-يعني شنو افهم من كلامج هذا ماما؟ تتنهد غفران برقه.. وهي تنظر لاصابعها

-يعني ان شاء الله خير ماما.. لايظل بالج... يجوز ورى حفل التخرج ننعزم ببيت عمو احمد و نتفق على تفاصيل الزواج.. مهاب ما يتعوض قالتها مكرره... فتصمت شهناز.. وهي تفكر ان هذه كلمة ناصر... الدائمه

*****************

قبل هذا الوقت بساعات.. منزل اخر

كانت قد صلت توا صلاة العشائين... عندما اتصلت عليها ميعاد تخبرها انها قريبة من المنزل.. و ستمر عليها لالقاء السلام... فجهزت كعادتها الشاي اضافة الى كيك الزنجبيل.. طبق فخم من حلوى الحليب المشهورة..تلحقه بالعشاء بعد وقت.. . وقد رتبت الجلسه الخارجيه في الحديقه.. فالجو عليل رغم الحر.. الا ان الخضره و ندى الري الالي الذي شغلته العصر.. زاد الجو رائحه طيبة و انتعاشا.. لذلك قررت الجلوس خارجا خاصه و ان صالح غائب عن المنزل منذ ايام

تجلس سعاد وهي تعبث في هاتفها.. ترفعة و تتصل بقلق بـ ود.. فقد اخبرتها الاخيرة انها لن تتأخر.. حفل عيد ميلاد صاحبتها.. ولن تتأخر.. لكن صلاة العشاء حلت.. و ود لم تأتي الى الان.. تعقد حاجبيها قلقا وهي تستمع الى جهاز الرد الالي.. ثم تتوجه انظارها نحو ميعاد التي تسير في الممر الحجري المنير المؤدي الى ارض الحديقة حيث تجلس سعاد.... تحمل بيدها طبقا ما.. تتبعها بدلال .. مرام تتمايل بسيرها وهي تتأمل فخامة المكان ككل مرة

تنحني ميعاد تقبل سعاد قائله

-مساج الله بالخير و العافيه باجي.. فترد سعاد قبلة الخد وهي تقول بشرودحائر بود و تأخيرها الذي فطنت له توا..

-هلا حبيبتي مساج الله بالخير و السرور.. ثم تلفت لمرام وهي ترفع كفها اليها تدعوها للسلام..

-هلا خالة حبيبتي.. شعجب جاية اليوم يمي.. زين من تذكرتي عندج خاله.. فتبتسم مرام وهي تنحني تقبل خد سعاد

-والله خالة تدرين دراسة و شغل.. الحمد لله توني خلصت شغلي و خابرت ماما و اني بطريقي للبيت گتلها عشانا اليوم يم خاله.. ثم تلتفت حولها بتصنع مهتم

-وين ود؟ فوگ بغرفتها؟

فتتنهد سعاد مجيبه وهي ترى ميعاد قد جلست و سحبت معها عدة الشاي.. تضع امامها الطبق الذي كانت تحمله..طبق بحلوى عربيه منوعه.. تسكب الشاي الخادر في ثلاثة كؤوس

-اووف هالبنية شالعة گلبي والله.. ابوها بصوب و هي بصوب.. والله احيانا گلبي يحترگ عليها.. و احيانا اگول تستاهل.. فتجلس مرام تكتم ابتسامتها الشامته وهي تتصنع الاهتمام

-ليش خاله.. شبيها خطيه مو كافي عمو گعدها بالبيت.. و حرمها الدراسه وهي جانت شاطره ؟ فتتنهد سعاد بحرقه اكبر وهي تمد يدها تتناول كأس شايهاالصغير من يد ميعاد الصامته المستمعه..

-ليش هي تابت؟ تعاند ابوها بس من دون صوووت... تشتغل سكته... الي يريده تسوي العكس... هاي هسه راحت العصر عيد ميلاد.. گلت ماطول ابوها مسافر.. خلي تروح شويه تغير جو.. وعدتني قبل صلاة المغرب يمي.. و هاي صرنا الليل وهي ماكو.. اتصل عليها تلفونها خارج التغطيه لو يدگ و ما ترد.. ما ادري هالبنيه مجنونه.. مريضه نفسيا؟ دوختني والله.. كل بناتي بصوب.. وهاي بصوب

فلا تملك مرام سوى الضحك هذه المره.. و تبدء بالسعال فور ان رأت نظرات والدتها المحذره.. تسمع صوت خالتها سعاد مضيفه

-والله ياخوفي يطب ابوها على ساعة و هي ماكو....والله العظيم يذبحها... فتقول ميعاد بهدوء وهي ترتشف شايها

-يابه زوجوها و اخلصو.. فترد سعاد عليها بحسرة ملتفته

-ليش هي اجاها نصيب و رفضنا؟؟ منو يتقدملها؟ كتلة عقد... وقبل ان تكمل سعاد رأت ود تتقدم عبر الممر الحجري المرصوص المؤدي الى الحديقة.. تسرع الخطى .. ملامح وجهها مرتعبة.. وقد كانت تتعثر بعباءة كتفها التي اجبرها والدها على التقيد بها..

ترى خلف ود.. صالح.. وقد تغضنت ملامحه بغضب... تغيرت بجنون مرعب حتى لها... متى عاد؟ وكيف صادف ود؟؟. اقتربت ود مسرعة وهي تقول باكيه

-خاله الله عليج مو ترخصت منج؟ مو سألتج؟ بابا ما مصدگ.. شافني دا انزل من سيارة ابو صديقتي و ..وقبل ان تكمل تسحبها سعاد تضعها خلفها وهي تعرف نوبات جنون صالح.... يحقد على ود ولا تفهم السبب.. بل للحق..هي تفهم.. لكنها لاتصدق... فلا يعقل ان صالح يكره ود.. لانها جاءت بنتا... ولم تكن صبي كما اخبروه كل مره يذهب بوالدة ود للفحص... جاءت بنتا.. فكانت صفعة مدوية له.. لم يستيقظ منها حتى الان

لم يهتم صالح لوجود ميعاد و ابنتها.... اقترب من سعاد وهو يمد يده القوية.. يسحب ود بعنف.. يغرقها بسباب و شتائم.. سحبها امامه... و صفعها على وجهها مرارا.. ثم ختم صفعته ببصقة.. اوجعت ود... بل قتلتها.. يسبها و يشتم والدتها.. ويلعن الساعة التي قرر بها الزواج مره ثالثه.. كان معمي البصر و البصيرة.. لم يرحمها وهي كورقة مهترئه تتقاذفها ريح غضبه العاصفه.. مستسلمه تماما... حتى تركها لاهثا .. متعرق الوجه.. و سعاد لم تجازف ابدا في الاقتراب.. اخر مره اقتربت منهما اصابها ضربه المبرح حتى ازرقت.. ظالم ولا يرحم او يحترم

سقطت ود على ركبتيها.. باكية وقد سال الدم من انفها و فمها.. و سقطت نظارتها الطبيه ارضا... تسمع صوت والدها يرعد خلفها.. و سعاد تقسم و تحلف له ان ود قد اخذت اذنها.. وان صاحبتها تعرفها خير المعرفه.. بيت لا رجال فيه عدى والد صاحبتها وهو يعرفه خير المعرفه... الا ان صالح كان مغيبا في موجة غضبه.. يرى بود ...خيبة امل... و امنية ارادها لكنها لم تتحقق...... يعود و ينحني لود.. يرفع وجهها اليه وقد زاد وجعها وهو يسحب شعرها الكثيف القصير وقد انسدل حجابها الاسود حول رقبتها

-بت ال***** الله يعاقبني بيج.. العن الساعه الي جمعتني بأمج.. و انهال عليها بالشتائم مجددا كأنه لم يطفىء نيرانه الى الان .. ثم تركها يلهث وهو يقول بجنون

-اني اعلمج.. هسه اعلمج شلون تطلعين من البيت.... تردين تجيبيلي سواد الوجه؟ اني اعلمج.. نفضها عنه و اسرع نحو الداخل.. فتعود ود تنكس رأسها بألم ... تعض شفتيها الداميه تمنع المزيد من الدموع.. تسمع صوت سعاد المستغفر.. و صوت ميعاد المتمتم بشيء ما.. ثم ترى تقدم مرام منها.. تنحني اليها تمد يدها لها وهي تهمس بصوت لا يصل لاحد

-گومي..گومي الله يعينج.. حتى ابوج كارهج .. شنو من حياة عايشتها انتي.. فترفض ود ان تمد يدها.. ولا ان تنظر اليها .. ترى قدم مرام.. تدوس بحقد نظارتها الطبيه... حتى تكسرت .. فتلتفت ود لخالتها وهي تهمس برجاء مختنق تماما

-خالة عفيه اتصلي بعمي احمد.. فتتقدم سعاد من مكان جلوسها.. ترفعها اليها بحزم و تحتضنها.. تهمس لها بتحذير

-عوفي عمج احمد .. مابي حيل عركه بعد ولا شوطات.. ابوج هسه يهدء... ما تعرفي؟... وقبل ان تكمل.. رأت امامها صالح... يحمل اكوام من ملابس ود... مر من امامها مسرعا وقد تدلت خلفه قطع الملابس بمختلف انواعها و الوانها متوجها الى ركن الحديقه المخصص للشواء... رمى بكومة الملابس و اشعل بها النيران... ثم عاد مجددا الى الاعلى.. يجلب المزيد... حتى احرق ملابسها جميعها.. ثم تقدم من ود بحقد اعمى .. جردها من عبائتها و سحب بعنف حجاب رأسها فتجرحت رقبتها.. و رمى بحجابها يحرقه.... كل هذا و ود باهته.. تراقب ما يجري ببلادة.. لاتفهم سر الكره.. سر الحقد... لا تفهم تصرفه هذا... خرجت لحفل عيد ميلاد و قد اسـاذنت قبلها... اين الضرر؟

تأن بوجع دون دموع.. تراقب والدها المنهمك بحرق ملابسها.. كل هذا لانه منعها من الخروج.. حبست في المنزل..وأِدت.. بل دُفِنت وهي على قيد الحياة... واي حياة..

لا تفهم اسبابه مهما حاولت... مهما اخبرتها سعاد عن اخواتها... عن تزويجهن بعمر صغير جدا... الا انهن لم يعانين كما تعاني الان ... صالح لم يضربهن هكذا... لم يحبسهن هكذا.... تشعر بالوجع النفسي يشل اطرافها.... الى من تشتكي... الى من تتجه؟ والدها سيء الخلق مع الكل حتى مع اعمامها..يرى الجميع شامتين.... يرى الجميع يسخرون منه لانه انجبها.... بشعه .. قبيحه لا يستطيع حتى تزويجها.... سمعت الامر مرارا منه ... لذلك استلسمت... فلا عم ينصرها..ولا ام تدافع عنها و تحميها... الجميع تخلى عنها... فباتت تتلقى سموم والدها... و تختزنها

عاد يلهث اليها وقد شحب وجهه تماما.. وتفصد جبينه عرقا... وعيناه.... غامت .... يقول بحشرجه

-الله ياخذج ويخلصني منج.... الله ياخذج و يخلصني منج... ولج بلاء انتي.. انتي مرض.... . هاي كلشي حرگت.... مابقى عندج شي يسترج غير الي لابسته ... حتى حجابج حرگته.... خلي اشوف شلون تطلعين بره.. تردين تسودين وجههي على تالي عمري؟؟ طالعه براحتج... هنا ادفنج و ادفن عارج والله العظيم.. ثم يلتفت الى سعاد بغضب

-وانتي.. حسابج بعدين.. هالكلبة هدت حيلي.. ثم بصق مره اخرى بوجه ود و ابتعد يلهث وقد خمدت ناره... و انطفأ حقده... وسكنت موجة كراهيته....

اما ود فقد بقيت مكانها... تشد على ثوبها القصير بلونه النحاسي ... تلملم اطرافه الى صدرها..كأنها تلملم بقايا روحها المهتزه.. و تعلم ان هناك عيونا تراقب الوضع بتسلية.. فتأن بوجع كرامتها المهدوره ... اي كرامة و والدها يتعمد احراجها امام الجميع... يهزء بها امام الجميع.... تشعر انها لاقيمة لها... .. تعلم ان مرام شامته بها... بل انها تراقبها الان باسمه... تتمتع بسادية بالعرض الذي قدم مجانا قبل قليل..ولا تفهم ود كعادتها سر كره مرام لها.. مرام احسن منها بكل شيء... يكفي فقط حب والدتها وتعلقها الكبير بها... تفخر بها كل حين... تتباهى بها في كل مناسبه.. عكسها.. متوارية دوما خلف نظارتها الطبيه البشعه...تخفي حسب ظنها ..بشاعتها و تلوث سريرتها..... تحزن كثيرا.. بل تشعر انها تفقد كل حواسها... تسمع صوت ميعاد تحدث مرام

-امشي ماما... امشي... الله يساعد خالتج.... مو جانت ناقصه هيه الدور الله بلاها بهذا الابتلاء... عود جيت اطمن عليها ... لوما جايين احسن.... فتتحرك مرام باسمه ابتسامتها الباردة الشامتة.. وقد أشرقت عينيها المرسومة بأتقان بنظرة مستمتعة.. فهي تكره ود.. تكره غناها.. تكره نسبها و أصلها.. تراها لا تستحق هذا العز... فمهما بلغ ظلم والد ود لها.. الا انها معززة..مصانة في منزلها... لا تتصارع مع الحياة كما تفعل هي كل يوم.. لا يقف الدائنون على باب منزل والدها يوقظونها على صراخهم و شجارهم مع والدها كل عدة ايام...

حياة ود مهما بلغت من مأساة... كانت تنظر لها مرام بحسد و غيرة .. .. تقترب مجددا من ود بدعوى تقبيلها توديعا... فتهمس لها بخبث سريرة

- ما تحسفت غير بس على ملابسج... ما تستاهلين هالعز والله... ثم تنسحب تقبل خالتها توصيها على ود...فهي مسكينة نالت الكثير من الضرب الليلة و مؤكد انها ستحتاج لمسكن ما... يسكن من آلامها..

تصعد بعد وقت.. تريد غرفتها ... تجر قدميها جرا.... تشعر انها رخوة.. لا تستطيع الوقوف عليها.. لكنها تحاول..تقاوم ... تدخل بعد عناء غرفتها.. فيحزنها المنظر.. بل يكتم انفاسها...

اغراضها مرمية ارضا... حتى جهازها المحمول الذي اهداه لها عمها احمد . خزانتها الكبيرة فارغه وقد فتحت على مصراعيها... فارغة تماما... حتى ملابسها الداخليه احرقها... جمع كل شيء بجنون.. تستطيع ان ترى اثاره الان... يبدو انه تعثر هنا.. و اسقط قطع لا تنفع الان ... هناك... غرفة كأن اعصار مدمر ما قد اجتاحها... تقف بخذلان وقد اسقط ما في يدها.. تسمع صوت خالتها سعاد وهو تهمس لها بشيء من التعاطف

-دخلي غسلي ود.... وهاي ملابس مالت خواتج من غرفة الضيوف... لبسيهن منا لمن يهدء ابوج و يرجع يشتري... انتي صوجج خاله ليش تأخرتي... اتفاقنا جان قبل صلاة المغرب انتي يمي.. اتصل ماكو.. ماتفهميني ليش تجيبين الاذية لنفسج؟ فتصمت ود... تهز رأسها عجزا .. ثم تتقدم نحو حمام غرفتها الصغير دون التفات... تكمل سعاد بصوت مرتفع نوعا ما

-راح اخليلج حبوب مسكنه... غسلي و صلي.. اخذيهن و نامي... ثم تخرج دون انتظار الرد...

تقف لوقت تتأمل صورتها في المرآه.. ترى بقايا ود.. فوجهها مشوه.. قد امتلأ كدمات بجميع الالوان.. ستبقيها حبيسة المنزل ربما لأسابيع مقبلة.. تخرج صوتا هازىء وهي تفكر... اي خروج ...وهي حتى ملابسها الداخليه قد قضى عليها والدها... تبتلع ريقها وهي تتجرد من ثيابها... تقف برهه تتأمل نفسها.. فترى نفسها بشعة.. خالية من الحياة.. ملامح وجه مطموسه من شدة الضرب... و اماكن اخرى في جسدها مزرقه... تتأمل جسدها... فتراه جسدا ممتلىء دون اعتدال... يميل الى السمنه ... لا انوثة فيه.. او هكذا ترى...

يبدأ قلبها ينبض بجنون... و انفاسها ترتفع بحرقة و تغيب عن واقعها... بفعل محرم... تغرق فيه ولا تتوقف.. وكلما توغلت... كلما غرست قدمها في وحل الاثم و الذنب... دعت على والدها... تخبر ربها ان والدها هو السبب... يريد دفنها خوفا من عارها... ستجلب هي عارها له بيدها ... هنا... تحت سقف غرفتها

تخرج بعد وقت طويل... باكية... بل منهارة... وكل بكائها السابق عند ضربها لم يكن بكاء... بكائها الحقيقي... الان... انه بكاء روح... بكاء نفس..بكاء شديد تختنق له ... ملتاعة جدا... حائره... خائفة. مرتعشه دون اتزان.. يعجز لسانها عن الاستغفار.. ترى ان هناك كتلة تمنعها... ترى ان هناك ثقلا يرزح فوق صدرها... تضرب صدرها.. تضرب وجهها.. ثم يدها.. و تنحني تجهش ببكاء مريع.. مفزع... تزحف بصعوبة نحو سجادة صلاتها... تحاول ان تكبر و تقيم صلاتها... الا انها تعود و تبكي... تعلم انها تمر بأحدى نوباتها... نوبات من تأنيب الضمير القاتلة.. تعود و تبتلع ريقها.. تريد التكبير و اقامة صلاتها.. الا انها تعود وتشعر بكتلة ما تثقل انفاسها... تبكي ساجدة .. تحاول الصلاة فلا تقدر....تشعر انها متسخة ..آثمة...فتغرق ببكاء مرير تصارع فيها النفس... تسمع اصواتا في عقلها.. بين زاجرا و مؤنب.. بين مغوي و موجِد للاعذار.. و لم تجد ود سوى راحة غمرتها عند سجودها.. راحة تدرك انها موجودة دائما عندما تسجد.. فتركت محاولاتها. . وبقيت بسجدة طويلة تتحدث فيها دموعها..وحديث نفس.... و فقط

تنهض بعد وقت.. خاوية.. منهكة..لا طاقة لها.. تجر قدميها جرا.. تحمد الله ان والدها لم يحرق رداء صلاتها.. فهو فقط ما يسترها الان.. تلتف بشرشف ناعم بلونا فاتح.. تلف به جسدها المرتعش تماما.. رغم حرارة الجو.. الا انها ادركت انها بدأت تعاني من اعراض الحمى التي اعتادتها بعد كل نوبة.... نوبة لا يعلم بها احد.. هي فقط.. وفقط من تعلم و تدرك سبب وجودها

تسحب جهازها المحمول بتعب .. تفتحه برقمه الخاص المعقد جدا.. وتدخل الى احدى الحسابات الوهمية.. التي قسمت بها جهازها.. الراقي جدا.. كيف لا وهو هدية عمها احمد بعد ان حصلت على معدل عالي يؤهلها لافضل الجامعات قبل فترة.. تعلم جيدا ان ياسر من اختاره.. لذلك و بمهارة و احتراف.. قامت بتفتيش الجهاز جيدا.. رفعت جدران الحماية الى القصوى.. بل انها جازفت و قامت بتنصيب برامج خاصة بالمحترفين اشترتها من مالها الخاص الذي توفره دوما.. خوفا من تجسس احد ما على ما تقوم به.. بارعه و جدا.. في مجال الحاسبات... براعتها مرعبة رغم انها تخفيها بمهارة.. اخترقت حسابات مرام مرارا.. دمرت لها ملفات مهمة تخص عملها.. فمرام تعمل مساعدة في احدى الجامعات الخاصه.. انتهت توا من دراسة البكالوريوس.. وتسعى بشكل حثيث لاكمال الماجستير من مالها الخاص.. لذلك بدأت تعمل.. وتعلم ود جيدا... بل تعترف.. ان مرام تعرف اهدافها.. و دوما تصيبها دون تردد.. عكسها

تعود الى عالمها .. تعتبره لعبة فقط.. وكحالها كل مرة... عندما تزل قدمها .. تدخل من حساب وهمي مُحصَن.. وتبدء رحلتها.. مع الاختراقات.. و تدمير قواعد البيانات.. كحالها الان

والليلة... سهرتها مع مواقع اباحية... بدأت قبل فترة .... تدمنها
بعد ايام..بغداد الحبيبه

تشعر بالخمول منذ ايام... و خالتها سعاد قدرت الامر وتركتها على راحتها تماما... تأكل في غرفتها في صمت و وحدة.... وتعود بعدها للنوم.....حياة رتيبة بلا لذة ولا معنى بها حتى وان كان يسيرا...واليوم ليس استثناء...تشعر بالوهن و التعب و الفراغ الذي يجعلها أسيرة لفواحش فعلها
تنهض بهدوء مراقبة الاكياس التي اصطفت في غرفتها.... تتذكر حلا الغاضبة بجنون و غفران المواسية برقه عندما احتلوا غرفتها في اليوم التالي وقد افجعتهم سعاد بخبر عدم حضورها لحفل تخرجهن بسبب ضرب والدها لها... يومها شعرت بهن فعلا اعز من الاخوات وقد خففن عنها كثيرا... ورغم الحزن الشديد الذي امتلئت به نفسها المشتته....الا انهن قضين يوما جميلا كان من الايام النادرة التي لن تنساها ود ابدا...

تنحني تفتح احد الاكياس... فترى به مجموعه من الفساتين المنزلية بالوان مبهجه انيقه بذوق رفيع.... تخرج احداها وهي ترفع شعرها بكعكة وقد تهدلت خصل شعرها الناعمة بعشوائية... تتحرك تود النزول وهي تراقب الساعة..فترى الوقت قد دخل وقت الغداء...وربما تجلس خالتها سعاد وحيدة الان تحتاج من يشاركها....

تنزل درجات السلم وهي تشعر بسكون المنزل الموحش....حتى وصلت غرفة الطعام المشرع بابها وقبل ان تدخل توقفت في مكانها الجانبي وهي تسمع خالتها سعاد...تحدث احدا ما.. ميعاد و مرام

-والله ميعاد كاسره گلبي...من يومها وهي بغرفتها صالح هالمره هواي كسرها و اذاها.....فيصلها صوت مرام اللامبالي تهمس ببرود

-صوجها خاله..تدري بعمو صالح ما يحب الطلعة....شكو تطلع؟؟ بعدين هي هاي مال حفلات؟ اصلا زين من تعرف تگول اسمها..من وين الها صاحبات وهي بهالعقد.. فتقاطعها ميعاد وهي تقول ملتفتة نحو سعاد الواجمة

-كم مرة گتلج زوجيها و خلصي...بناتج قبل ما يغسلن ( يبلغن) جان صالح يزوجهن...عود هذا هم حظج هاي مگابلتج و گاعدة... فيصل ود تنهد خالتها سعاد

-ادلل بيها ( انادي بها للزواج) يعني؟ نصيب ما اجاها و شلون يجيها اذا هي بالبيت ما تطلع... وحتى لو يجيها نصيب...احمد ما يرضى...فتجلس ود ارضا وهي تستمع للحديث الدائر.. تتكىء برأسها على الحائط خلفها و قد بدأت ببكاء صامت ..تسمع صوت مرام المرتبك المتساءل

-عمو احمد ليش يتدخل؟ فتهمس سعاد بصوت خفيض بالكاد سمعته ود

-يريدها لياسر...فتشهق ود تضع كفها على فمها..وقد اعتدلت في جلوسها. و التمعت عينيها برعب..... اما مرام فقد انتفضت من مكانها تقول بأنفعال

-ياااا خالة... صدگ تحجين؟؟ ياسر ياخذ هاي..حرام عليكم والله ...تظلموه وياها...خلقه شنو الي بيها ينحب...ياسر احلى منها بهواي... فتقرصها ميعاد التي كانت تجلس بجانبها..تقول بمجاملة وهي ترى نظرات سعاد التي لم يعجبها كلام مرام

- لا تلوميها خيه.من زمان وهي معجبة بياسر.. بعدين بينهم سلام و مودة لذلك مرام عدها امل يتقدم الها من يرجع من بره....انتي مو گلتي ما باقي شي على رجعته..... فتقول سعاد ببرود

-اي يجوز نهاية الشهر يرجع و يستقر هنا...احمد ما عاجبه الوضع و يخاف ياخذله وحده مناك و بعد ما يرجع... المهم خلص دراسته هناك و تخصص بتخصص دقيق للشرائح الالكترونية... لذلك راغدة لمحت امس بالتلفون عدهم زيارة ورى حفلة تخرج حلا و غفران.. وعندي احساس راح يطلبوها رسمي...فتقول مرام بتوتر

-لعد احجي ويه ود خلي ترفض....والله حرام و ظلم تظلموه وياها... شاب شحلاته تزوجوه هاي المعقدة؟ بعدين خالة اني وين رحت قالتها مرام بصلافة...فتجيبها سعاد وهي تبعد طبقها وقد اكتفت من غدائها

- هذا الشي هي تقرره اني ما اتدخل...ابوها موجود وهي موجودة و هذا ابن عمها... مو غريب يعني بعدين الف مره فهمتج راغدة مو سهلة و فاهمه عليج و لو تريدج جنه (كنه) جان من زمان خطبتج... فيامرام ثگلي و اتركي ياسر.. لان هو حتى الولد رغم كل محاولاتج الي اني فاهمه عليها ....ما مهتم....فتنتفض مرام واقفه تدفع كرسيها بحنق اذهل سعاد و ميعاد ...وقد تخلت عن قناع الرزانه و الهدوء... وانتفضت معها ذات الوقت على الجانب الاخر ود وهي تصعد الى الاعلى راكضه نحو غرفتها وهي تلطم وجهها تردد...

-عزه..عزه الله ياخذني وين اروح وين... بينما تخوض مرام معركتها الكلامية في الاسفل وقد تخلت عن كل اقنعتها المنمقة...

-خالة ياسر عاجبني و من زمان و انتي تدرين والولد هم معجب بيه وكم مره لاحظت هالشي.... طلعوا منها بس... تردون تذبوها براس احد..عمي احمد عنده خالد هم ... خلي يزوجهه اله و يعوف ياسر..فتقاطعها سعاد بهدوء غير مهتم فهي تعلم ان مرام...هي ابنة ميعاد... التي ان فقدت زمام امرها...تفقد معه صون لسانها ... فيظهر تهورها وحدة كلامها و مرام لا تختلف بهذا الامر ابدا

-واذا اگولج ياسر طالبها بالاسم؟؟ فتبهت مرام تقول بعدم تصديق

-مستحيل!

-و مو اول مره للعلم يعني ...و احمد ما يريد يجبر ود لان يدري بس يحجي بصراحة ويه صالح راح يگله گبع واخذ (تزوجها فقط بعبائتها) و للعلم صالح اكثر من مرة لمّح لاحمد..يعني الامور منتهيه تقريبا...لذلك احمد مخلي ود على راحتها.. بس بعد سواية صالح متأكدة احمد ماراح يسكت.. ويجوز اول ما يرجع ياسر يتزوجون...

فتهز مرام رأسها رفضا وقد تغيرت ملامحها وغرقت بشحوبها..وفي الاعلى كانت ود مستمرة ببكائها و دوارنها برعب في غرفتها

*****************************

بعد ايام ....مساءا ..بغداد الحبيبة

صوت الدي جي الذي تديرة احدى الشابات المتمرسات يصدح في حديقة الدار الواسعة.. التي ازدانت اشجارها و نخيلها بانوار لطيفة مبهجة تسر الناظرين... و تناثرت بشكل منظم فيها عدة طاولات بشكل انيق فخم..وقد امتلأ المكان بالمدعوات منذ وقت. تدور عليهن العاملات بضيافة الحفل البهيج الذي اقامته راغدة على شرف حلا و غفران.. احتفالا بهن...

كانت حلا ترفل بثوب طويل رقيق بلون زهري.. اكمامه من قماش الشيفون طويله و منتفخة.... مفتوحه من المنتصف..تبرز ذراعا بيضاء مصقولة...يشتد عند معصمها برقه.. قد حدد تفاصيلها الانثويه العلوية بشكل رقيق جدا.. رغم امتلائها... و شُدّ عند خصرها الدقيق مبرزا فتنة قدها.. ثم ينسدل بأتساع لطيف وقد تكونت طبقات طوليه انيقه من شدة اتساعه.. كان الفستان من اختيارها.. يلائم بشرتها النديه بشكل يفتن النظر.. شعرها الاسود الفاحم الكثيف صممت والدتها ان يرفع بشنيون انيق منخفض جدا.. ابرز دون شك كثافة شعرها و التفافاته الجميلة.. فراغدة تؤمن بشدة بالعين و الحسد.. و حلا الليلة فتنتها زادت اضعافا.. ضاحكه.. كحيلة العين ..ملتمعة .. محمرة الخدين المستديرين.. و غمازتيها لا تكف عن الظهور بسبب فرحتها..

والدها حقق حلمها بعد طول الحاح.. رغم معارضة شديدة من والدتها و اخوتها كالعادة.. اشترى لها سيارة حديثه.. بلون خاص جمع بين الزهري و البني الفاتح جدا.. كان قد سلمها تعليقتها الذهبية المرصعه بأحجار كريمة صباحا.. فلم تتمالك حلا نفسها وهي تتقافز حوله فرحا.. ثم تتعلق بعنقه باكية حتى اثارت حيرة من حولها.. تعلقها بوالدها غريب ... تربطهما علاقة خاصة جدا.. احمد يرى بها العوض عن اولاده.. فرحة رزقه الله جل وعلا بها.. لذلك يدللها و يغدق عليها .. وهي لا تزداد سوى تعلقا به.. تراه رجلها.. فارسها.. من تفديه بروحها

تقف الان بين صديقاتها... فرحة ضاحكه و بجانبها غفران الباسمه وقد زادها الفستان هي الاخرى فتنة رائعه.. جمالها خاص ببراءة ملفتة.. لم تضع الكثير من الزينة.. انما زينة خفيفة جدا ابرزت ملامحها المنمنه بشكل رقيق ملفت... حلا جمالها حاد بارد ان شاءت.. و غفران نقيضها تماما.. ملامحها تفيض رقة و عذوبة تدفء القلب.... تميل على حلا احد صديقاتها تسألها بصوت مرتفع بسبب صوت الموسيقى

-ايمان جاية؟؟ فتجيبها حلا وهي تهز كتفيها بدلال يتماشى مع ايقاع الاغنية الحديثه لاحدى المغنين العراقيين..

-اي اعتقد بالطريق.. وقبل ان تكمل... لفت نظرها دخول ايمان.. وقد تخلت عن عبائتها.. تقود والدتها التي استقبلتها راغدة بالاحضان.. فأسرعت حلا وهي ترفع ثوبها ضاحكه.. فهي لم ترى ايمان منذ عدة اشهر.. تقترب منها ضاحكه وهي تفتح ذراعيها.. فتقترب منها ايمان ضاحكة هي الاخرى وهي تراقب والدتها التي رافقتها راغدة الى طاولتها

-بذاته... ولج كم شهر صارلي ما شايفتج.. فتحتضنها ايمان باسمة برقة شديدة وهي تهمس في اذن حلا..

-هي منو الي تعتب؟ اني لو انتي؟ لاخطوبتي ولا عقد قراني حضرتي؟ متفضلة عليج تره اني بجيتي.. فترفع حلا رأسها ضاحكه تغرد بضحكه و تقرصها ايمان باسمة تهمس لها

-بطليها لهذي الضحكه الفضيحة تخلين الواحد دون احساس يدير راسه.. فتعود حلا و تضحك اكثر وهي تهمس لايمان في اذنها بسبب الصوت العالي

-بعدج متذكره.. فترمقها ايمان وهي ترفع حاجبيها

-شلون انسى الولد غص من وراج و سأل بالحرف الواحد عن اسمج ...سمعته بأذني
تراقب حلا والدتها تحدث والدة ايمان بشوق و مودة ظاهرة... وقد جلسن عند الطاولة الرئيسية المتطرفه قليلا حيث يدار الحديث دون ازعاج الموسيقى العالي وقد شاركتهم الجلسه شهناز الباسمة بترحيب تحيطها بعض الصديقات المقربات جدا... فهم جيران منذ زمن بعيد.. و ابعدتهم الظروف و مرارة الايام...

تهمس بغرور معروفه به بين جميع صديقاتها
-ماشايف خير.. فتهز ايمان راسها باسمه وهي تتفحص هاتفها الذكي.. تكتب رسالة سريعة لخطيبها.. تخبره عن موعد عودتها و والدتها

تلاحظ حلا الامر وتفهم.. فتهمس بأذن ايمان وهي تسحبها حيث صديقاتهن..

-اليوم تباتون يمنا..ماكو رجعة.. فتشهق ايمان وهي تسحب يدها

-لا والله حلا صعبة حيل.. ضيغم بعد كم ساعة راجع.. ثلاث ساعات كافي .. امي هم تدرين بيها ما تتحمل الهوسة.. فتلتفت اليها حلا وهي ترفع حاجبها بنظرة مستفزة تتميز بها

-ضيغمج هذا عادي ترى اذا تگوليله اريد ابقى هنا اني و امي و تعال علينا باجر.. الي عرفته منج ماخذ الخط بين ****** و بغداد رايح جاي بشكل يومي.. واذا على خالة اني ارتب بنفسي غرفتها تنام بيها اول ما تتعب.. تجيبها ايمان وهي تقرء رسالة ضيغم المقتضبه جدا..

-صعبة والله قلبي حتى اني ما متجهزة...وعد اجي فد يوم و نگضي اليوم سويه... بس اليوم صعبة فتهز حلا رأسها والامر لا يعجبها... ايمان صديقتها... رفيقة طفولتها... تشعرها قريبة منها... لكن كل هذا تغيير بعد وفاة والد ايمان منذ عاميين.. فاظطرت للعودة الى المدينة الجنوبية مع والدتها بناءا على رغبة عمها..

تقود حلا ايمان حيث تجمع الصديقات.. اللاتي رحبن بأيمان بحفاوة.. فبعضهن صديقات منذ ايام الابتدائية و المتوسطة.. وكانت ايمان ترحب بالجميع باسمة ضاحكة.. حتى وقعت عينيها على فتاة شابه.. متعبة الوجه شاحبة... ترتدي فستانا ابيض قصير ابرز سمار بشرتها الجميلة... شعرها اسود يصل الى منتصف ظهرها...ناعمة القد جدا.. وقد ابرز تفصيل فستانها البسيط الفخم ذات الوقت استدارة بطنها...

ابتلعت ايمان ريقها وهي تشيح عنها... ترفض ان تعود بنظرها للتمعن بها..... مليحة... تحمل ملامح هندية جميلة... عينيها واسعة كبيرة.. و انفها رفيع صغير.. و فمها ناعم جدا.. بذقن رقيق.. رأتها ايمان تقترب منهن وهي تضع كفها حول بطنها.. يبدو انها متوجعة... اقتربت منهن باسمه وهي تقول بصوت رقيق وقد توقفت الموسيقى لبعض الوقت

-حلا حبيبي اني لازم اروح.. فارس ينتظرني بالصوب الثاني... فتقترب منها حلا وهي تمسك بكفي (حنان) زوجة شقيقها فارس... تهمس لها بقلق

-خير حنان شكلج تعبان؟ فتبستم حنان بتعب وهي تقول...

-تدرين لخاطرج و خاطر غفران اجيت.... حتى فارس ما قبل والله لان تعبانة حيل.. فتربت حلا على كفها وهي تقول

-ياروحي .. هانت ما بقى شي... خليني اوصلج... قالتها وهي تحاول اسنادها.. فترفض حنان باسمة وهي تهمس لها.. خالة راغدة توصلني فارس يريد يشوفها... ابقى انتي ويه البنات... ثم تلتفت الى ايمان الصامته .. المختنقة بأنفاسها... تضع حنان كفها الاخرى على كتفها تقول بمودة رقيقة

-اخليج ويه صديقاتج.. اكيد هالحلوة ايمان... الي جنتي تنتظريها... فتلتفت حلا باسمة لايمان الصامته... تقول بثقة

-هذي ايمان.... الي حجيتلج عنها... فتلفت حنان الى ايمان باسمة بمودة

-هواي حجتلي عنج لدرجة حبيت صدگ اشوفج... تشرفنا حبيبتي قالتها وهي تمد يدها لايمان مصافحة... فترتسم ابتسامة واهنة على ملامح ايمان الهادئه....تصافحها بهدوء شديد رغم وجيب قلبها المنتفض.... تقول بصوت عميق لطيف

-الشرف الي حبيبتي... اني اعرفج من زواجكم انتي و... فارس.... بس بيومها ماصار مجال نتعارف... تگومين بسلامة ان شاء الله قالتها وهي تومىء نحو بطن حنان وقبل ان تجيبها حنان.. رن هاتفها فأجابت مسرعة وهي تشد على يد ايمان معتذرة وهي تنظر اليها باسمه و تتحدث مع الطرف الاخر

-ثواني حبيبي...انتظرني بالسيارة.. ثم صمتت فترة لتعود و تشير لحلا بعينيها وتبتسم لايمان مودعه وهي تتحرك وقد لحقت بها راغدة تسندها و تحمل عنها حقيبتها... فيبدو انها تحتاج فعليا الى الراحة بسبب ترنح خطواتها...

تصمت ايمان وهي سارحة في مكان ما... فتقترب منها حلا هامسه وهي تدور بعينيها حولها

-انسي... مايستاهلج

فتبتسم ايمان هازئه وهي تهز رأسها تقول بثقة

-على بالج افكر بي؟ بس اشتاقيت لخطيبي.. افكر اخابره هسه يجيني... فتسمع صوت حلا الحانق وهي تتمسك بزندها...

-اموتج غير ايمان... مشتاقتلج والله و مشتاقه لايامنا الحلوة... فتتنهد ايمان و دمعة ما تمنعها بقوة وهي تنظر في اتجاه ما... تقول بعد وقت

-اني مشتاقة لبيتنا.. هسه فهمت ليش امي ما قبلت تجي.. التفتت الى حلا تقول .. توسلت بيها حتى قبلت نجي... و ضيغم هم ابد ما يساعد.. كأن شايلنا على ظهره... قالتها وهي تزم شفتيها حنقا... فتتمتم حلا بشيء ما.. كأن الامر لا يعجبها.. ثم تقود ايمان نحو حلقة الرقص وهي تشير الى الدي جي بأشارة متفق عليها...

و تبدء حلقة الرقص تتسع للفتيات بشكل محموم... تقودهم حلا برقصها الحار المثير رغم تحذيرات والدتها.. الا انها لا تتمالك نفسها عندما تكون بمزاج رائق و ايقاع مميز يطرق اسماعها...

تميل راغدة على والدة ايمان تسألها عن احوالها و عن زواج ايمان المنتظر... فتجيبها والدة ايمان باسمة وهي تراقب وحيدتها... تتمايل برقة على الايقاع و ترفض بشدة الرقص... جميلة بثوب زهري فاتح كما اتفقت مع حلا عبر الهاتف ...حيث طلبت منها ارتداء لون موحد معها و مع غفران.... قصير ابرز بالتصاقه امتلاء جسدها و وركيها.. بأمتلاء شرقي عراقي معروف... شعرها قصير بقصة حديثة عارضتها والدتها وقتها بشدة في بادىء الامر.. فقد اعطى مظهرها جرأه اكثر خاصة مع لونه الكستنائي الفاتح.. تتدلى بأنوثه خصله امامية بقصة مائله .. تبعدها هي برقة كل حين...

-والله زواجها قريب ام علي... و ما ارضى بأي عذر.. حق الجار على الجار واحنه عشرة عمر... الله يرحمه لابو ايمان شگد جان يعزكم و يغليكم... فتبتسم راغدة مربتة على كف والدة ايمان قائلة

-اجي و اني الممنونه حبيبتي.. والله ايمان بنيتي الي ما شالتها بطني.. .تستاهل كل الخير و الي اخذها محظوظ بيها.. ادب و علم و جمال.. سبحان الله كل شي قسمة و نصيب... والا ما افوتها جنه ( كنه) الي ابد.. فتعود والدة ايمان تراقب ايمان و قلبها يلهج بالدعاء لها... تسأل راغدة بعد حين

-ام علي ما عرفتوا منو اشترى بيتنا؟

فتجيبها راغدة وهي تعقد حاجبيها

-لا والله قلبي... بس الي عرفته البيت انهد..حتى صارت النا مشكله ويه البنا لان الهدم مو نظامي... فتهمس والدة ايمان بحزن

-اي.. مريت على البيت قبل ما نجيكم... شفت كلشي ماكو.. الله يرحمه لابو ايمان شگد تعب بي.. فتسألها راغدة

-انتو ما عرفتو منو اشتراه؟ شعجب؟

تتنهد والدة ايمان بحسرة وهي تقول

-والله يا ام علي من بعد وفاة ابونا صار الشور مو بيدنا... عم ايمان الله يحفظة شفتي شسوه... صمم نرجع يمهم و نبيع هذا البيت و ايمان هم شافت الضيم لان ما رضت والبيت ابوها بوصيته مسوي بأسمها... تتحسر بهم وهي تتذكر ماعانوه منذ عامين و تكمل.. حيل تأذينا حد ما قنعت ايمان نبيع.... وبعنا البيت هنا ببغداد واحنا ما ندري منو الشراي... عمها اجى هنا . باع و اجانا بتفاليس گال هذا حق البيت و ايمان تدرين بيها سمها و موتها احد ياخذ حقها .. ما تسكت.. فتهز راغدة رأسها بمواساة وهي تربت على كف الدة ايمان فتكمل الاخرى

-هسه هذه كله يهون و فدوة لتراب رجلها.. هسه المصيبة عدنا بالبساتين.. ابوها تدرين عنده خير الله ب******* و كلها بساتين و عمها راسه والف سيف البنية ما تورث گاع .. يريد يشتريهن منها.. و هي رافضه.. حتى ضيغم خطيبها تدخل و راد يسوي حل بس هي ابد مصممه البساتين حقها و تريدهن .. فتقول راغدة بتأييد

-حقها.. ورث ابوها وهي الوريثة الوحيدة.. بعد ليش هالاذية.. تعود والدة ايمان وهي تتنهد..

-اوف ام علي والله و داعتج تعبت لا ايمان تقنع ولا عمها يعتقها.. و بيني و بينج عندي احساس اكو اتفاق بينه و بين ضيغم.. لان سكت على شغلة البساتين.. والا سابقا كل يوم يندگ بابنا من ورى هالشغلة.. فد مره شاد ويه ايمان و بنيتي الله يسلمها تعاند و تعامله الند بالند.. من يوم ما باع البيت هنا وهي فد مره صارت.. تهمس لها راغدة متعاطفه

-الله يساعدج ياقلبي.. اذا تردين ابو علي يشوف منو الي اخذ بيتكم؟ فتتدارك والدة ايمان وهي تقول

-لا يمعودة... خلي يولي البيت اهم شي بنيتي سالمة.. اخاف يطلع شي منا مناك و شيخلصنا.. اريدها ساعة گبل تتزوج و اخلص من ملحة عمها.. بلكت بعد الزواج تقنع تبيع حصتها و نرتاح... فتتفهم راغدة المواسية رغبة والدة ايمان.. تشد على يدها بمؤازرة...

بعد وقت...

يهدء صخب البنات قليلا وقد بدأن بتناول العشاء واقفات... توزعن بلطافة في المكان. بينما تدور راغدة برشاقتها و جمالها الانيق مع العاملات من اجل الاشراف على ترتيب طاولات العشاء.. تدور معها شهناز.. باسمة.. تتابع غفران بعينيها و تحصنها... فتراها تسرح احيانا.. وتغمض عينيها احيانا بحسرة..وتعلم بأحساس الام العالي اين ترحل غفران.. والى من تتجه بكل تلك المشاعر التي تقرأها بحركات جسدها المتوترة... تبتلع ريقها وهي تستغفر.... تبعد الاطياف عنها... فلا وقت للحسرات ..و تجمع الغصات.... تهمس لها راغدة وقد وقفت بجانبها تراقب بعين مضيافة ..

-الله يسامحه صالح... منغص فرحتنا دوم.. شمسوي بالطفلة...والله احمد متخبل صارله كم يوم.. يگول ما مخلي بيها عظم صاحي.. و وجهها كله كدمات.. الله يسامحه و يغفر ذنبه... ليش هيجي ويه هالبنية يسوي ما ادري....مكانها خالي هي و سعاد...
فتتنهد شهناز تقول وهي تشير بيدها لاحدى العاملات تطلب منها تجهيز وجبة جديدة من الشاي و القهوة تقدم بعد العشاء

-والله راغدة ود جرح بگلبي... طفلة شنو شافت... امها عافتها على ابوها و ابوها شمرها على سعاد... و سعاد والله ما الومها على الي تشوفه من صالح وين الها بعد خلگ.... تصمت وقتا ثم تلتفت لراغدة الواجمة

-باجر رايحين يمهم؟ ناصر هم يريدنا نروح!.. الله يصلح حاله صالح... حابسها بالبيت كأنما عار... ادري مو ذني بناتنا... شحلاتهن و شحلات ابهاتهن وياهن... ناصر من هالگد ما مدلل غفران عوزه بس يشيلها من الگاع و احمد ما اله مثيل ابد... بس صالح مراويها الويل. طلع عقد بناته كلهن بيها ..

تتحسر راغدة واجمة وهي تتذكر ود و تشفق كثيرا على حالها.. طفلة لم تعرف حنان الام ولا حنان الاب... مهملة و معزولة عن الجميع..حتى عن تجمعاتهم... تستغفر وهي تهمس لشهناز

-خلي تخلص الليلة على خير و باجر ان شاء الله يصير شي ثاني... باجر نروحلهم بالليل و اعتقد احمد ناوي يحجي بيها بعد لياسر... فتلتفت لها شهناز مستغربة
- ما تنتظرون ياسر؟ فتقول راغدة وهي تتابع بنظرها العاملات
- لا ..احمد فد مره صاير اله كم يوم لحد اليوم الصبح حجه ويه ياسر و ياسر هم حبيبي موافق ما عنده مانع.. فتبتسم شهناز لراغدة تسألها
- وانتي عيني ... ام الولد؟ فتجيبها راغدة وهي تضع كفها خلف ظهر شهناز تدعوها للتحرك حتى يدّرن حول طاولات الحاضرات للإشراف على احتياجهن كنوع من اللباقة
- ود بنيتي و الله يشهد .. اشيلها بعيوني .. فتهز شهناز رأسها باسمة وهي تقول بثقة
- والنعم منج حبيبتي...و النعم منج...

بعد وقت

انفض الحفل و عم الهدوء ارجاء منزل احمد و راغدة... وقد عاد كل شيء لمكانه المعتاد كأن شيئا لم يكن..... وقد صممت حلا على ان تبقى غفران معها.. وتبات ليلتها في غرفتها.. تشاركها سريرها... كما اعتادتا.... ولم تجد شهناز سبب يدعوها للرفض..فهماب و خالد في سفرة عمل طارئة لاحدى المدن و سيبقون عدة ايام هناك...

مهاب الذي قبل سفره كان قد اهدى غفران طقم الماسي رقيق جدا كما تحب و تفضل... صاغه بيده لها.. فهو بارع في الصياغة و تركيب المصوغات... ورغم ذلك... لم تتقبله غفران نفسيا... بل تقبلته منه باسمة بأبتسامة فاترة مجاملة.... وصلت معانيها بوضوح لمهاب... الذي استقبل فتورها بهدوء نفس يحسد عليه.. يقول في نفسه انها لم تدخل تحت جناحه الى الان... لم يقربها كرجل الى الان.. يعطيها مجالها بصبر رائع.. يحتوي حيرتها و ترددها بشهامة يمتهنها الكثير من الرجال لو كانوا في مكانه... لكنه يعلم انها معه.. لن تظام... فلا بأس... هي له... وهو لها.. حِملا..وصية...لن يفرط بها..

تتمدد غفران الان بجانب حلا في سريرها الواسع ..وهي ترمقها بحنق

-انتي شگد ما تستحين شلون ترتاحين من تلبسين هيجي و تنامين.... هاي و بيتكم بي شباب... فتنظر حلا لها بنصف عين ثم تعود و تنظر للسقف الممتلىء بنجوم مختلفة الاحجام تنير في الظلمه.. تقول بصوت ساخر

-خدشت الحياء يعني انسة غفران.... شلابسه يعني..شورت و توب... فتهمس غفران بالفرنسية بشيء ما حانقة.. فتلتفت حلا ضاحكة وقد عقدت حاجبيها فغفران نادرا ما تتحدث معها بالفرنسيه التي تعلمتاها سويا في احدى المعاهد اللغوية الفرنسيه و سبب الاختيار كان قرعه قامتا بها بين الفرنسية و الإسبانية..وقتها اشتركت معهم ود بالذهاب حتى نغص عليها والدها فقررت ان تكمل منزليا...

-الله عليج عيدي..عيدي دا تغردين انتي مو تحجين وينه مهاب عنج... تنگرطين.. فتضربها غفران على فخذها العاري...تهمس لها بحنق
- منحرفه فتشهق حلا وهي تفتح عينيها باتساع

-ااااي... تضربيني غفران؟ حماتج اني...شوية احترام فتبتلع غفران ريقها وهي ترمقها بحنق و تزم شفتيها قائله

-لان مستفزه والله صوجي اني قبلت اجي و اني ادري بيج ماصخه .... بعدين غرفتج ثلج و انتي تتغطين بشرشف بس ...ادري ما تثلجين؟..اني ما اتحمل برد ترى... فتقرصها حلا وهي تهمس بخبث

-لا والله لان جبت طاري مهاب صرت مستفزه..لا تغيرين الموضوع... شوكت تنفك العقدة مالتج. و نرتاح كلنا...اولنا مهاب.. عرسكم شوكت؟ حتى احضر نفسي..فتصمت غفران..تراقب هي الاخرى النجوم المضيئه في سقف الغرفة

تسمع صوت حلا الرائق مره اخرى.. وقد لاحظت الاخيرة طول صمت غفران

-غفران انتي ليش وافقتي على مهاب؟ .. مهاب اكبر منج بهواي؟؟ فتعض غفران باطن شفتها السفلى..تصمت وقتا..ثم تهمس مجيبه وهي تلتفت لحلا السارحه بها..تحاول ان تقرء ملامحها وسط ظلمة الغرفة

-لان مهاب ما يتعوض...گلبه واسع و كبير و يتحملني.....راكز و فاهم الحياة...اني اريده....احتاج وساعة صدره و صبره.. قالتها باحتياج شديد...فتبقى حلا لوقت على صمتها..ثم تهمس لها بعقلانية

-بس انتي ما دا تقربين منه؟ غفران... بعدج تفكرين بسيف وقبل ان تكمل تنتفض غفران...تجلس وهي تبعد شعرها تضعه جانبا.. و تبقى حلا على وضعها تراقبها وقد ارتفع حاجبها... تعود حلا و تقول بصوت هادىء واثق بتصميم دون تنميق

-اكرهج والله و تنزلين من عيني اذا بعدج تفكرين بي و انتي على ذمة اخوية غفران... مهاب ما يستاهل تره...فتهمس غفران بحدة غريبة وهي تلتفت نحو حلا وقد غطت الظلمة على ملامح الوجوه...وبقي كلام العيون الملتمعه بشده تحكي المعانات و تشرح سر الرغبه في كتابة بدايات خاليه من الوجع و اللوعة..

-انطوني فرصة..انطوني فرصة الله يخليكم..مهاب متفهمني والله..انتو ليش ما متفهمين....الكل يحسسني إني طفلة و ما اگدر اقرر عدل... سيف ماضي و انتهى تزوج و عنده ولد و الله و محمد وياه... اني اعترف.. مريضه بي قالتها بقهر وهي تبكي الان دون شعور... اني مريضه بي.. وحدة بلا كرامة شسوي يعني.. فتقاطعها حلا بهدوء وهي تستقيم جلوسا

-شي طبيعي غفران.. سيف رباج... شالج وانتي رضيعه.. امي تگول ما كان ينزلج من ايده و كله بحضنه.. شربتي حبه من انتي رضيعه.....و كل هذا اول ما صرتي بعمر يسمح بالخطوبة طلبج بجسارة .. لذلك والله ما الومج
شلون الكل اقتنع اولهم مهاب انو انتي نسيتي ما ادري.....حتى هو شلون ترك الموضوع و نسى.و استمر بحياته؟..الى الان ما افهم ولا اعرف الي صار...الموضوع محرم نذكره غفران حتى انتي ما تحجين..بس ينفتح موضوعه تثورين مثل هسه .. فتجيبها غفران بحسرة شجية موجعة جدا

-هو اول واحد نسى حلا... مو اني..اني ضحيته و صنيعة ايده... لا تجيبين ذكره ولا طاريه الله يخليج.....ياريتني قطعة خام..بيضه...ماكتب عليها شي ..و اصير لمهاب..اااه والله املك الدنيا و مابيها... محظوظة الي تملك گلبه وعقله...رجال و النعم منه.. تنهض تكتم غصة بكائها...وقبل ان تتحرك من مكانها تتشبث بها حلا بقوة..

-وين..وين رايحة...فتقول غفران باكية

-ولي...اريد اروح لبيتنا..كافي كسرتي فرحتي و نغصتي عليه...خوش حماة انتي.....فتهمس لها حلا باسمه وقد تغيرت لهجتها تود تغيير مزاج غفران

-دستريحي عيني.... لا يجينا احمد يراوينا الوجه الثاني...ثم تكمل ساخرة..تريد تطلع نص الليل..حتى يعلگنا ثنيناتنا غير....فتضحك غفران من بين دموعها

-مستحيل ...عمي احمد فدوة اروحله ماكو مثله.. فتتنهد حلا بعشق خالص

-اي والله فدوة لگلبه.. امي داعيتلي اذا عريس المستقبل مثله.. فتهمس غفران وهي تعود جالسه تقترب من حلا بحماس

-صدگ ذكرتيني...شنو قصة نبراس؟؟ فتلتفت اليها حلا ترمقها بنظرات مستغربة وهي تتسائل

-من وين عرفتي؟ الموضوع مات بأرضه ( تم البت فيه بسرعه) ؟ فتهز غفران رأسها بشقاوة وهي تسحب الشرشف مجددا تتغطى به و تهمس لحلا

-واهمة حبيبتي...واهمة..ام نبراس رجعت طلبتج من خالة اني متأكدة من الموضوع.. اليوم شنو ما انتبهتي عليها؟ عيونها ما نزلت عنج..فتصمت حلا مفكرة ثم تقول بعدم اهتمام وهي تسترخي في مكانها

-عادي براحتها...خلي ترجع تطلب...و ارفض اني كالعادة...فتهمس لها غفران باسمة

-لئيمة... الولد هاي خامس مره يتقدم... فهميني شنو القصة؟؟؟ شناقصة ؟ استاذ جامعي و ابن عائله و متدين و خلوق و حلو....شتردين بعد

تصمت حلا وقتا...ثم تهمس

-اريد اعيش قصة حب.. فتضحك غفران وهي تهز رأسها بعدم تصديق

-بت احمد...استكني...انتي شايفه اخوانج؟ ياسر اهون اخوانج والي اگول عليه متحضر ونسخة عمواحمد..يغار عليج و كم مره و مره منغص علينا طلعتنا لان يتحرشون بيج لفظيا.... واحد يودي و واحد يجيب من الكلية حد ما تخرجنا..هاي غير خالة راغدة الي محاصرتج عدل... الي يريد يسوي علاقة حب وياج بايع عمره..اني اگول اقتنعي مثلي..الحب الحقيقي بعد الزواج...

فتكمل حلا بحالمية متجازوة عن كل ما قالته غفران

-اريده عاشق..حتى عيوبي يعشقها غفران.... يعشقني لذاتي...لشخصي...شيصير لو يجيني واحد يهز كياني كله بنظره وحده منه؟ شيصير لو يجيني واحد بحضنه انسى العالم كله؟ اريد عشگ حار...حار تلتفت لغفران و عيناها ملتمعه بشغف و هووس غريب

-تفهميني غفران؟؟ فتبتسم غفران ساخرة.. تشيح عن حلا وهي تهمس

-اني الي افهمج... بس الي تدورين عليه صعب تحصلي...كوني واقعية حلا.. هواي دا يتقدمون و عمو احمد الى الان وياج.. يرفض ويه رفضج..بس لشوكت؟ انتي حتى ما تقبلين تگعدين ويه احد.. فتقول حلا بثقه

-ما اريد زواج سطحي... لان امه شافتني و عجبتها.. لو اخته رشحتني اله و يجي الحباب يخطب..اريد واحد يختارني هو.. فتنظر غفران اليها وهي ترفع حاجبيها تعجبا
-حرام عليج...كم واحد تقدم و هو رايدج و شايفج قبل ..فتقاطعها حلا وهي تبعد الشرشف عنها رغم الجو الذي يميل للبرودة بسبب التبريد المعتدل.. الا انها مشتعلة دوما بطبيعتها

-اختاروا شكلي...عجبهم شكلي بس...وهالشي يعقدني... والله احيانا اشوف الجمال نقمة..لان يغطي على هواي شغلات...وللعلم اخاف ما تدرين..ارضاء لبابا حبيبي قبلت اگعد ويه كم واحد و للحق..مو غرور..كلهم ما عجبوني.... شخصيتهم ركيكة لو كذابين... شحجي و اشرط يقبلون و يگولون صار و تم... تنظر اليها غفران مجددا وهي تهز رأسها بحيرة

-والله ياحلا شلون ما اشوفج...اشوفج طايحة طيحة بس الله يعلمها..فتتنهد حلا بحالمية مدللة..تتأوة بغنج

-اوه فدوة بس خلي يجي و خلي يطيحني براحته... ياريت طيحتي بحضنه..اتمنى... فتضربها غفران مجددا وهي تهمس

-ما تستحين والله الا اگول لخالة راغدة .. حتى تشوفلها حل لعقلج هذا.. لان شكلج راح تعنسين و تبقين على گلبها....فتهمس حلا
- دعوفي خالتج راغدة اليوم عروسه ..باجر عطلة و ابونا شايفها و ما مصدگ .. اوووف لو مثل ابوية ثنين شيصير..رومانسي و متفهم و راغدة الجميلة يكفي تجتمع بي بغرفة الاجتماعات حتى تتغير الخطط و القرارات كلها... فتغص غفران بريقها وهي ترفع حاجبيها لجرأه حلا ..تقرصها

-يا ادبسز والله باجر الحجي كله يم خالة و گولي غفران گالت..منحرفه .. بعدين رافعة الكلفه فد مره ..فتغرق حلا بالضحك اكثر حتى تغص هي الاخرى.وهي تقول
- اهلي... مو غربة
فتعقد غفران حاجبيها و ترمق حلا الضاحكه بغضبا خفيف مصطنع...بريئة جدا و تستمتع حلا دوما بأستفزازها...

ذات الوقت..غرفة في طابق آخر

تهمس لاحمد المسترخي بجانبها...

-اليوم رجعت طلبتها..ولحّت احمد... الولد متعلق بحلا والدته حلفت يمين تگول ما يريد غيرها.. وهاي انتظرها حد ما تخرجت...بنتك ترفس النعمة ترى... فيقول احمد بأسترخاء

-عايشة بنعمة ربها و عز ابوها راغدة... ما ارضى تحجين هيجي... حلا هي تقرر..ما تريده.. مالازم... تتنهد راغدة مستغفرة....يعود احمد مكملا

-براحتها بنيتي... ما ارضى تجبريها او تقنعيها.. فتقول راغده بعتاب

-كأنها مو بنيتي اني هم؟؟ حلا نور عيني و ضواها... بس انته هواي مدللها..اخاف عايزها غرور و شوفة نفس... انته تكملها بدلالك..احمد والله اخاف باجر عگبه تطيح بواحد ما يتحملها و يتحمل دلعها..بنتك فوگ كل هذا قوية الشخصية... انته ما تشوف هالجانب بيها.. و عدها تمرد يخوفني والله العظيم يخوفني..عيونها من ما تريد شي تصير ثلج ..اني امها تخوفني هالصلافة بيها..... يلتفت وقتها احمد الى راغدة...يرى القلق واقعا مرسوما في نظرة عينيها....يمد ذراعة لها...فتستكين هي بهدوء بين ذراعيه..يقبل جبينها يهمس لها بود

-تربية ايدج لو لا راغدة؟؟؟ تصمت راغدة وتغمض عينيها بتعب...حلا تؤرق مضجعها احيانا...قلب الام قلق جدا عليها....

-تربية ايدي...ولانها تربية ايدي..اخاف عليها... احمد تقولها و ترتفع اليه تنظر الى عينية الرمادية الحنونه

-شيل الدلال و الطفولية من شخصية حلا...راح تشوف شخصية ثانية.. قوية و متمردة على الواقع... عنيده و مقدمه على الخطر بلا حذر...من جانت صغيرة و انته تتذكر... تذب نفسها بتهلكه بعدين تحس.... اريدها تستقر ... اريد اشوف زوجها و ارتاح ...هواي دا يتقدمولها وهي خلصت دراستها..و انته معودها على الدلال ...كلمتها تمشي ...و اني ام ...اخاف عليها من نفسها....فيقول لها احمد هامسا وهو يداعب خدها بحنان

-تريد تكمل دراسات عليا راغدة.. فتصمت راغدة تماما... تنظر اليه لبرهه فيكمل بحنان يراقب ردة فعلها بهدوء

-تريد تكمل بره العراق... وقبل ان تضج راغدة...يضع احمد سبابته على فم راغدة مهدئا

-هدئي... هذا طلبها و ما يعني اني موافق راغدة... حلا خيوطها بيدي..كل الي حجيتي صحيح و اعترف بي...متمردة و الي نفسي تخوفني احيانا بأنطلاقها لان سريع... عدها جانب بارد من ما يعجبها الشي يوصل لحد الصلافة.. بس كلها امور مسيطر عليها .. بنتج ما تجي بالترهيب و الجبر... لذلك اطلب منج دائما تكونين لينة وياها...لا تشدين عليها.. ادري انتي شلون تربين ...بس حلا رافعة راسج لا تنكرين... و لذلك الي ياخذها لازم يستوعب كل تناقضها.. تصمت راغدة محتارة و متعبة... تعود و تسأل بقلق

-وين تريد تكمل؟؟ يصمت احمد ثم يتنهد وهو يقول

-انسي الموضوع مؤقتا حبيبتي... توها تخرجت و اني ما موافق... حبيت انطيج علم بس.... اي مكان تروحله لازم مرافق...منو يروح وياها؟؟ مهاب و خالد لحظة ما استغني عنهم...فارس حاير بزوجته و حملها و مشاكلها الصحية...و ياسر اريد ساعه گبل يرجع ما اريد شي يعلگه بره... اريدهم داير مدايري ( حولي) خاصة ياسر... ماخذته الدراسه و حتى بعيد عن صنعتنا.... واني شوفة عينج محلاتنا صارت افرع... فارس مهندس نفط وداخل مشاريع كومة.. بس يوصل يمي يتعذر واني مطول بالي عليه...تصمت راغدة وهي تعلم انها بسوألها قد نكأت جرحا عميقا في نفس احمد.... هل تقول انه يشتاق الى علي و جعفر؟ انه يحسب دوما كم حفيد كان سيكون لديه لو كانا على قيد الحياة؟؟

خيبة احمد لم تقتصر على فقد علي و جعفر... بل حتى سيف..كان يتمنى ان يكون ذراعه الايمن.... ان يكون السند له ولناصر.. لكن خيب امالهم جميعا بتصرفا اهوج طائش... افجعهم جميعا ...اثبت لهم ان العرق..دساس... وان الماضي يعيد نفسه...لكن بطريقة مختلفه...

يغير احمد الموضوع وهو يراقب الوقت...فلم يتبقى على صلاة الفجر الا القليل...و محاله جميعها مغلقه يوم الجمعة..لذلك سيكون يوما طويلا للراحه... اكمل يحدث راغدة

-حنان شلونها؟ فارس ما ريحني اليوم. يگول صاير عدها مضاعفات.. فتتنهد راغدة وهي تجيبه مسترخية بين ذراعية

- تعبانة.. ان شاء الله ترجع احسن من اول بس تجيب بسلامه.. الله يعديها على خير و تگوم بسلامه ما باقي شي على ولادتها.. ثم تقبل كتف احمد بود وهي تقول

-العصر نروح لبيت صالح... ان شاءالله؟؟ فيقول احمد بتأكيد

-اكيد حبيبتي... اذا الله راد و سهل.. اريد اشوف حل لهذي المسكينة....حجيت ويه ياسر و انطاني الضوء الاخضر. فتومىء راغدة بموافقه مستكينة بين ذراعي احمد...تترقب الوقت لصلاة الفجر و نافلتها..

****************************

قبل هذا الوقت بساعات.... احدى المدن غرب بغداد

يدخل القسم الخاص بوالدته... وقد كان قد طلب من قيس و اخيه الكبير مشعان ان تستقل والدته بقسم كامل خاص بها..كان ذلك بعد وفاة والده الشيخ فاضل منذ اعوام... فهو يحتاج ايضا للخصوصية و الهدوء.. فبيت الشيخ يعج دوما بالضيوف.. خاصة من النسوة... وهويريد الهدوء و راحة البال...

يبحث عن والدته بنظراته الباسمة الشغوفة بهذه المرأه الحنونه العطوفة..يراها في مكانها الخاص..تصلي صلاتها ...يقترب منها بهدوء و ينحني يقبل رأسها و كتفها و كفيها وهي تسبح فيشع وجهها الجميل نورا باسما وهي تلتفت اليه

-هلا يمه الله يساعدك.. ماحسيت عليك من دخلت؟؟ فيبتسم جاسر بحنان بالغ يخصها به وهو يجلس امامها ارضا....يقول باسما

-توني دخلت يمه و انتي مشغولة بصلاتج..اكيد ما تحسين عليه ... يقبل كفها بمحبة فتبتسم برقه دافئة وهي تترضى عليه

-الله يرضى عليك يمه رضى گلبي و ربي و يفرحني بيك...تمد كفها تعدل حاجبه الكثيف و تمسح على عينية بمحبه...تسأله..
- تعشيت لو احضرلك العشى؟ فييجيبها مسترخيا وقد اتكىء برأسه على الحائط يتأملها برحمة فيشعر بالطمأنينه بوجودها بجانبة

-ما متعشي يمه و رايد اتعشى وياج ... شنو رايج نطلع نتعشى بره.. تغيرين جو شوية.. فتقول له بأهتمام وهي ترتب سبحتها في مكانها و تبدء بتوضيب مصلاّها

-لا يمة لا.. دقايق يصير العشى جاهز.... اكل البره ما احبه ... بعدين اريد اسولف وياك براحتي.... خالتك حليمة مسوية كلشي بالمطبخ قبل ما تروح بس احمي و اجيب ...فينهض جاسرواقفا وهو يمد كفه لها... فتنهض تستند عليه وهي تسأله

-شعجب ما متعشي ويه اخيّك؟

فيصمت جاسر يتذكر قيس..فيضحك وهو يهز رأسه

-راح لبيته من المغرب ما ادري شعنده.... فتهز مهين رأسها تقول مستنتجه

-شعنده يعني؟ ثم تردف وهي تخلع رداء صلاتها هذا اخيّك متعبنه اني و خالتك نرجس... ما ادري شوكت يستقر.... شنو سره ما افهم..ثم تلتفت الى جاسر تسأله بترقب علّها تستشف امرا واضحا

-يمه هو الله يحفظة سره يمك... صدك مرته الاخيرة مسيحية؟ خالتك كلما تسأله يضحك و ما يجاوب.. تعال فهمني انته يمه حتى بالنه يرتاح...فيضحك جاسر وهو يشيح بوجهه عن والدته..ماذا يقول و بماذا يبرر...قيس كارثيّ في مجال النساء..صاحب مزاج...مزاج عالي. يتنحنح جاسر يحاول ضبط نفسه احتراما لوالدته التي تراقبه الان بحنق تهمس له بتساؤل وقد اقتربت منه

-يمه جاسر بس لا انته هم مثله؟ فيقهقه جاسر هذه المره وهو يجذب والدته مهين الى صدره الواسع يحتضنها برفق وهي تدفع نفسها عنه تريد ان تواجهه و ترى نظرة عينيه....فهي تعرفه جيدا و تعلم بوضوح...صدقه من عدمه... تسمع صوته وهو يهمس بحرقة باسمة

-يمة هي وحدة و شالعة گلبي... هاي گدامج سنين اركض وراها حتى راسي طلع بي شيب...لا هي تحن...ولا عمي يحن... والله عهد عليه بس تدخل بيتي .. شهر احبسها بغرفتي ...و كل سنه تجيبلج حفيد... على شلاع الگلب الي شفته و اشوفه من وراها...حتى بالشوفة تتعزز.. فتلكم مهين صدره بغضب مصطنع وهي تعلم شدة الوله والكبت الذي يعاني منه جاسر

-تحشم و استحي ... شهلحجي...ماتشوف الله ما يوفقك... لان نيتك سوء... فيضحك جاسر وقد غامت عيناه بعاطفة جياشة فور تذكره لدلال...دلال قلبه...يتنهد بحسرة وهو ينظر الى والدته التي تخلع رداء صلاتها الان...يعود و يمازحها

-اول بنية تجيني اسميها مهين...حتى تطلع عليج حليوه تسبي گلوب... فتهمس مهين بخبث و مكر باسمه

-ليش امها الي تريدها... شعايزها حتى تطلع بنيتك عليه؟... فيتنهد جاسر يقترب من والدته مهين يسألها بصوت عميق اجش راجي

-يمه الله عليج شلون صارت؟ ما اشوفها الا لمح بالاعياد و المناسبات.... حتى بشوفتها شالعة گلبي. شنو الي تغير بيها؟ فتجيبه مهين باسمه وهي تتحاشى النظر اليه

-بنت اصول غير..تدري بيك ما تعوفها اذا تشوفها... ورغم كلشي يمه حيل تعجبني من رافضه تعصي ابوها...تنظر اليه بحنان وهي تقول ...

-صفي نيتك يمه و اذا من نصيبك ان شاء الله تشبع منها ...انته طيب وهي طيبه و الظروف ظلمتكم ... الله يكتبها الك هذا دعائي والله كل يوم...الله يهدي عمك و يحنن گلبه عليك.... قيس اخيّك گلك دلال ما تصير غير الك وفترة و يرجع يفتح الموضوع ويه عمك... ادعي بس الله يكفيك شر وتصمت مهين....ولا تكمل...فيتنهد جاسر وقد تغيرت ملامحه تماما...الى ملامح ارتسمت القسوة بوضوح على معالمها... يقول بهمس متألم

-هو شنو الي وصلني لهالحال غير شر حامد الي ما ترضين اجيب طاريه بسوء... غير هو الي زرع الفتنة وخلاها تروح من ايدي و عمي هم عايم على عومه ... قيس يمه على بالج ما حجى ويه عمي؟ ترى لحد الان حاجي ويه عمي فوگ العشر مرات و عمي كل مره نفس الرد....اخليها تعنس ولا انطيها لواحد من اخوانك...تصوري يمه يگول لقيس تريدها انته گبعها و اخذها( خذها بعباءة رأسها) بس لا حامد ولا جاسر يطولون ظفرها... يهز جاسر رأسه بتعب يهمس لوالدته وهو يتجه الى غرفة نومه وقد تذكر الموقف الذي سبب كل هذا...

-ما اريد العشى يمه... اروح اتمدد من رخصتج...وقبل ان يتحرك همست له بحزم

-والله ما تتحرك الا ورى ما نتعشى..تگعد و تسولفلي يمه.. لا تضم بگلبك شي.. تريد عرس من باجر افتر و اخطبلك...تريد بنت عمك اصبر و ان شاء الله من نصيبك...عمك هاي عقليته شنسويله يعني حتى ولده حجو وياه وهو قافل...حامد وصاة ابوك يمه... لو نسيت...فيشتعل فتيل الغضب و يثور جاسر بثورة لا يُعرَف بها ابدا...فهو دوما هادىء الاعصاب..باسم برزانه....الا عند موضوع حامد....يشتعل كنار كبرى لا هوادة بها

-حامد بلوة ابتلينا بيها...منزل راسنا بين العشاير يمه.... حتى قيس و اخوية الشيخ مشعان دايخين بي....ابوية الله يرحمه موصي و موصي و موصي عليه وانتي تدرين . الوصية لازمتهم ولازمتني والا والله العظيم من زمان مخلص العالم من شره...حامد مأمن العقاب..براحته يصول و يجول ما تشوفي ما يلفي لهنا...كل دگه ولا الثانيه... فتقترب منه مهين عاقدة حاجبيها بغضب

-عفية عليك..عفية عليك يابن بطني... هذا الي ربيتك عليه.. تكتل اخوك؟ تمسح على صدره تهدئه فهي تعلم مقدار الاذى الذي عانى منه جاسر... تهمس له برحمه وهي تمسح صدره و وجهه الذي انغلقت اساريره... الاعوج اعوج لنفسه يمه .. لخاطري يمه لا تشوه گلبك بالحقد وصية ابوك ذكرها دوم.. وصاكم بي تحاولون وياه مره و الف ... بس ايدكم لا تغرگ بدمه..

يصمت جاسر يكتم غضبا ... يبتلعه مرا كالعلقم... فماحيلتهم مع اخا عاق... لا يجلب لهم سوى الاذى و السمعة السيئة...... ملف حامد ملف اسود... غير قابل للكلام فيه ابدا..

*******************************

ذات الوقت... مركز احدى المدن الغربية
تهمس له بشوق و عتاب رقيق وهي بين ذراعية... يحتضنها باحتواء كامل يثير في نفسها المتعبة تعلقا يزداد كل يوما به

- الا اتصل قيس و الح ياله تجي..حرام عليك عشر ايام ما شايفتك.. يصمت وقتا مغمضا عينيه ثم يجيبها همسا اجشا
- لجين تدرين من ما اجي لهنا معناته شغلي لراسي.. قبل يومين رجعت من السفر و قبل السفر جنت بالشمال كم يوم...يصمت بحرقه وهو يتذكر سبب زيارته الاخيرة للشمال .. ثم ينفث نفسا حارا يبعدها عنه...و ينهض يتجه نحو حمام الغرفة فتنهض متنهده وهي ترفع شعرها القصير نسبيا بلونه الأشقر الطبيعي و تسحب مبذلها الرقيق بلونه الأزرق الداكن تستر جسدها به.... تجهز ملابسه و تدخل اليه كعادتها بعد كل وصال.. تراعيه كطفل صغير مدلل ... تعلم ان هناك اثقالا ترزح فوق كتفيه...هموم عشيرته بحد ذاتها كافيا....

يخرج بعد وقت يلف منشفته حول خصره وقد عاد مزاجه رائقا... لجين بين من عرفهن من النساء.... لديها قدرة على امتصاص تعبه و غضبه... تغذي بشكل لا يقاوم رجولته فتدللة دوما وتراعيه كأنه قطعة منها.. والغريب ان هناك علاقة صداقة ما تربطه بها ايضا خارج حدود فراشه... تناقشه و تسأل بأهتمام عن عمله او ما يؤرقه ... يعترف بحقيقة انها جمعت العقل المتزن والجسد الفاتن...علّمها مايشتهي فبرعت به حتى اغنته عمن سواها..
يشعر بها تقترب منه مجددا تهمس له بعشق يعلم انها تكنه له... عشق مزج بأنبهار رأه بها منذ ان جاء لها الى هذا البيت منذ اعوام

- اصعد العشى لهنا؟ لو حاب تنزل جوه نتعشى و نشوف شي.. تقبل ظهره بنشوة وهي تضيف بهمس مغوي...
- من زمان ما سهرانين سوه.. يزم قيس شفتيه مفكرا و يده ترتفع لشعره المحلوق بحلاقه انيقه جدا تخفي بعض الشيب الموجود في فوديه.. يلتفت اليها محتويا وهي لا تزال ترتدي رداء الاستحمام الابيض وقد تركت شعرها متناثر بعفوية
- لازم اروح باجر عندي نزله لبغداد علمود شغلة الكلية الخاصة الي راح تنفتح هنا.. تعهدنا بالبناء و سفري غير هواي امور و جاسر ما اگدر اذب الحمل عليه لان مو اختصاصه.. قالها بهدوء مقبلا شفتيها برقه و يبتعد.. فتغيم عيني لجين و تلتفت اليه ترى خطواته متجها نحو خزانة ثيابة يخرج ملابسه التي تهتم بها اهتماما فائق ترتبهابنسقا معين و تعطرها بعود معتق أصيل..

بعد وقت

تجلس امامه حول طاولة الطعام العامرة.. يضع هاتفه الذكي بجانبه فهو ينتظر مكالمة مهمة ما.. يسألها وهو يراها تسكب له في طبقة احدى الاكلات الشهيرة التي اشتهرت بها مدينتها

- صار شي بغيابي.. فترفع انظارها اليه لوهلة تراقب ملامحه الهادئه المتزنه.. نظرات عينيه اتجهت نحو هاتفه وقد عقد حاجبيه المرسومين بدقه كأن هناك امرا ما لا يروقه.. وعندما طال صمتها رفع انظارا عميقة متسائله نحوها.. ثم اغلق هاتفه يوليها اهتمامها وقد تقدم بجذعه الصلب و اعتدل في جلوسه يسألها بتحقيق

-رحتي مرة ثانية و اني نهيتج لجين؟ فتبتلع لجين ريقها ثم تخنقها العبره وهي تهمس ممسكه بكفه الاسمر المبسوط على الطاولة

-والله مو وحدي.. اجت ويايه ام صالحه .. بس وزعت كم شغله و رجعت بسرعه.. مرتين رحت بس خلال هالعشر ايام و قبلها اتصلت بيك بس ما حصلت رد و الحالات سمعت حرجه و صعبه.. يصمت قيس وهو لا ينظر اليها.. يبعد طبقه من امامه وقد غابت شهيته بشكل فوري رغم جوعه سابقا.. فتراقبه لجين بوجوم و قد بدأت في البكاء حتى سمع صوت نشيجها المكتوم.. يرفع انظاره اليها فيزعجه ما يرى.. يهمس لها بايضاح

-والله اهلج مو بهذي المخيمات.. قبلج رحت و سألت و كل مخيم اسمع بي لو اني اسأل لو جماعتي يرحون يسألون.. لجين ترى احيانا تتصرفين من راسج وهذا الشي ما اقبله.. اني وعدتج.. يايوم اخلفت وياج؟ فتهز رأسها موافقه وهي تقول

-ادري.. ادري والله بس ردت اروح اسأل خاصه من عرفت ان بعض النازحين من مدن شمالية تأملت خير و تمنيت بس اسمع خبر عن امي.. فيتنهد قيس مستغفرا وهو ينظر اليها مجددا وقد زادت عقدة حاجبيه..يقول لها بصوت واضح

-لجين اني حتى بره العراق دا اسال بس يمكن غيروا اسمائهم حالهم حال بعض الناس... بسفرتي هاي هم جزء من وقتي خصصته لموضوعج .. لا تعتقدين اني ناسي لو هامل الموضوع.. بس اوصل لشي اكيد انتي راح تعرفين .. بس تتصرفين من كيفج هذا ما مقبول ابدا.. قالها بحزم تعرف ابعاده جيدا.. فهو رغم كل عاطفته المشتعلة و حنانه الدافق.. سريع الغضب و حاد المزاج احيانا..و زعله كائد يشوبه البرود الشديد فلا تعرف له منفذ ولا يقيم عنده لاحدا مقام او خاطر.....

ينهض من الطاولة وهو يخبرها باقتضاب

-عاشت ايدج.. فتنهض مسرعه تتبعه متلهفه

-ما اكلت شي.. يجيبها وهو يتجه نحو الصالة

-الحمد لله.. فتسرع هي تمسح دموعها تهمس له بود

-اگعد لعد اسوي الجاي ( الشاي).. ثم تسرع ولم تنتظر رده وهي تلوم نفسها.. تعلم انه يكره ان لا تعود اليه بأمورها.. بينما جلس هو في مكانه الوثير وقد تغير مزاجه.. فموضوع لجين وحده هم اخر يفكر به.. وجودها هنا وحدها لا يعجبه.. وهناك ما يمنعه نفسيا من اشهار زواجه بها.. و في نفس الوقت يرى نفسه يوما بعد يوم مكبلا بها...

يراها تعود وهي تحمل بصحيفة الشاي وهي تحاول رسم ابتسامة رقيقة على شفتيها.. يعلم انها تحبه.. الا انه يكره ان تتصرف من ذاتها ولا تقدر مكانته فترمي نفسها في مواقف من المفترض ان يكون ملما بها حتى يكون معها.... تجلس ملتصقه به.. ترى وجومه و تفهمه.. فهي لن تنسى تلك الليلة التي تعلقت فيها بأطراف ثوبه الابيض تتوسله ان يأخذها معه الي اي مكان... تلك الليلة المشؤومة التي اقتيدت فيها مع مجموعة من النساء و الفتيات من اجل بيعهن... كسبايا...

تضع بتعب رأسها على زنده وقد اوجعتها الذكرى... دماء و نيران.. اطفال مرعوبة صارخة.. و رجال يذودون بحمّية دفاعا عن عِرضهم فيتساقطون قتلى... وجعا ينهش روحها فيغادرها سلامها.. تهمس له وهي تدفن رأسها في زنده العضلي الصلب

-سامحني قيس.. لا تعذبني بزعلك وانته تدري بوجعي.. مشتاقة لامي اريد اعرف شلونها..شصار بأخوتي لا ادري بيهم احياء و ارتاح ولا اموات و اترحم عليهم.. فيبقى على صمته ..واجما.. تعود و تهمس بألم

-كوابيس اشوف كل ليلة و افكر لوما انته تجي ذيج الليلة شنو جان مصيري هسه؟ سلعة تنباع و تنشرى... سبية... بلا اي حيلة و مقدرة... و مثلي الاف ... و انته تدري.. فتشتد قبضة قيس بغضب يكتمه بل يكاد يخنقه..يود لو كان حامد امامه.. لهشم وجهه الان...عديم الغيرة

ورغم احتراقه يجيبها بصوت بارد متمكن

-كل هذا مو مبرر تكسرين كلامي و ترحين وحدج و اني ادري اي المخيمات رحتي....اني شوفة عينج ما مقصر.. لا اني ولا الي اعرفهم.. انتي گلتيها توج باعتراف..مثلج الاف.. ايزيديات ..ارمنيات..مسيحيات..بره العراق انباعن .. اني و امثالي هواي من يريد يوگف هالمصايب... بلّغت على اخوية حامد و ما اهتميت انه واصل و عنده واسطات و ما وگف بعيني شي لان الحق حق ... بس كلشي بحسابه لجين... كلشي بحسابه.. انتي محسوبه مني .. عرضي... من دخلتي هالبيت من سنين اتفقنا...

فتقبل كتفه بمراضاة وهي تهمس برجاء حار

-ما اعيدها والله و الشور شورك.. مالازم اعرف شي عن اهلي اهم شي رضاك تاج راسي... فترى نظرته الباردة لها وهو يمد يده يود سكب الشاي لنفسه فتسرع هي مبادرة وقبلها تجلس في حجرة تقبله بعمق راجي... حتى مالت برأسه الى الخلف وقد استرخت اساريره برضى قريب... تهمس له باغواء

-شنو رايك بسهرة على المزاج فتشعر بابتسامته على خدها يسألها بصوت اجش

-و روحتي لبغداد باجر؟ فتجيبه باسمه باشتعال وهي تشعر بكفه الذي يشعل نيرانها

-اطلع منا ... يقتنص شفتيها و جسده يسترخي تماما برضى انعش قلبها

-روايني شطارتج لعد... فتغرقه بعشق يهدهده هو بخبرة متحكمة لا مثيل لها....

قبل ثمانية اعوام تقريباً.... بغداد... احدى المطاعم الراقية الخارجية

يجلس منذ فترة يراقبها دون ان يشعر... ثم يبذل جهدا كي يتحاشى النظر اليها ... فتعود عينيه تعانده بشكل مقيت..كأنها ممغنطه...مجبرة..نحوها....فترح� � غصبا انظاره بين حين و حين اليها... تأسره بفتنتها الوليدة... صغيرة... صغيرة جدا... ترتدي حجابا محتشم .. لكنها جمرة مشتعله....يشعر انه رأها سابقا.... يعقد حاجبيه يحاول التذكر...الا انه لا يستطيع. اسدل انظاره المعجبه بحسنها يرتشف عصيره البارد مستمعا الى الاحاديث حوله... وقتها كان والده الشيخ لايزال على قيد الحياة... يترأس جلسة العشاء الخاصه ببعض التجار... و بجانبة يجلس حارث... زوج شقيقته سارة.... يتحدث بعملية حول احدى الصفقات المهمه متتبعا بهدوء نظرات قيس الصامت الباسم... فيميل عليه بعد وقت هامسا بمزاح

-ماتفيدك.. طفلة بعدها.. تصيحلك عمو..ومن رهن

فيزم قيس شفتيه وقد ارتفع حاجبه رافضا ..فحارث مزعج بمزاحه السمج حسب وجهة نظر قيس الذي عاد ينظر اليها بلمحه سريعة.. فيعقد حاجبيه وهو يرى شبابا اجتمعوا على جانبيها ... يبدو انهم اقربائها وقد تعلقت هي بذراع رجل وسيم انيق اشيب الشعر تتوسل امرا ما .. وكان الرجل لا يزداد الا ضحكا.. و قيس من مكانه يرى وجومها.. فيلتاع قلبه لاجلها..جنون..يعترف ان ما يشعره....جنون..شاب مثله ينظر لطفله لا يتجاوز عمرها الرابعة عشر

يعود صوت حارث هامسا بسخرية

-هسه اجيبلك اسم عشيرتها و نمشي عليهم نخطبها بس كافي تتحسر الي يشوفك يگول غر ماشايف نعمة هاي وانته توك طالع من تجربة فاشلة... فيهمس له قيس بتحذير وهو يرمقه بنظراته الحادة

-تسكت...لو شلون؟ فترتفع قهقة حارث و ينظر باستمتاع لقيس المحترق الذي يصطنع البرود يعود و يهمس له بسماجة

-بس والله تستاهل...غزالة تتربى على ايدك فينتفض قيس واقفا ليثير حيرة والده و اخية مشعان و بعض الرجال الذين رفعوا انظارهم اليه باستغراب بينما استأذن هو بهدوء متحكم..

-من رخصتكم دقايق...اجاني تلفون... ثم يبتعد وهو يسحب هاتفه.. يسير في الممر المزدان بأزهار جورية محمدية فاحت رائحتها تلك الليلة بشكل عذب رقيق.. فأخذ نفسا عميقا يملأ صدره به.. وقد اغمض عينية منتشيا...وفور فتحه لعينيه العميقه الحادة
كانت امامه... تسير في الاتجاه المعاكس في الممر الضيق و معها فتاة بنفس عمرها..جميلة هي الاخرى...لكن هي من اربكت فكره..بنظرتها الباردة التي رمقته بها...ولاحت له عينيها... واسعه..ريمية كحيلة .. بعدسة رمادية افقدته لثواني احساسه بما حوله....وتذكر فورا منامه...عيون غزالته التي لجأت لحضنه... فتوقف يود افساح المجال..وتوقفت هي الاخرى امامه.. وقد مرت صاحبتها من جانبه..عاد ليتحرك للجانب الاخر..فتحركت هي في نفس الوقت لذات الجانب... فزادت حدة ملامحها وهي تظنه يعاكسها... تشيح عنه وقد وصلتها رائحة عطره المميزة.. فسمع صوت همسها وهي تقول بانزعاج

-فعلا بلا ذوق... فتصلب واقفا في مكانه وقد بهت تماما... و انعقد حاجبيه بغضب يود ردها....الا انه رأها تسرع الخطى تتجاوزه وهي تهز رأسها رفضا و انزعاجا..يصله همسها الحانق لصاحبتها

-رجال شكبره و يتحارش...الحمد لله و الشكر.. فتزداد عقدة حاجبية و يرمق خطاها المسرعة قائلا بصوت خفيض ساخر

-والله مو هينة طلعت و لسانها اطول منها

بعد وقت

ينظم اليهم احمد بسلامة الحار بعد ان اشتبه بملامح الشيخ فاضل ... فأعوام كثيرة كانت قد مرت منذ اخير لقاء لهما...وقف جميع الرجال يرحبون به مع اولاده الاربعة المُحلّقين بانتماء حوله... وقد شدد من احتضان والشيخ فاضل و مشعان... يسألهم بمودة عن احوالهم و يلتفت لقيس و حارث و جاسر الذي كان يرافقهم وقتها...يستذكر اسمائهم ضاحكا بمودة صافية و طيبة قلب يتذكرها قيس جيدا.. ليلتها قضى احمد و اولاده بقية الوقت على طاولتهم... خاضوا في احاديث كثيرة متنوعه...وكانت انظار قيس تهرب اليها قسرا... فيشيح مسرعا عنها فور التقاء النظرات.... بينما استمر مزاح حارث السمج ...جدا... يخبره همسا لا يفهمه احد غيره ...ان مهمتهم سهله الان جدا...فوالد الغزال موجود... فماعليهم سوى الطلب فيلكزه قيس بقوة دون ان يفطن اليه احد...وقد ابعدها الان عن فكره تماما

كان هذا لقائه الاول ... ولم يكن يعلم وقتها....ان هناك لقاءات اخرى...ستكتب له معها.. و حكاية ستجمع النقيضين...

ثلجٌ..ونار
بعد يومين..ليلا...احدى مدن الشمال..ملهى ليلي

اصوات الغناء العالية تملأ المكان... توحي بجو خالي من بركات الرحمن.. راقصات في مختلف الاعمار تتمايل اجسادهن بفجور على ارضية المسرح المخصص لرقصهن.. ثياب شبه عارية تلتصق بأجسادهن الممتهنه بذلول الرغبة و الاستهتار... يتمايلن باغواء مقزز .. وكان هو كعادته..يجلس و حولة رجاله عند طاولة متطرفه.. يراقب دون ان يجلب الانتباه.. زجاجات الخمر بنوع فاخر وضعت امامه.. و اناء الثلج البارد يغريه بشرب المزيد من هذا السم الزعاف... فالشراب و الثلج لا يفارق كأسه...

سلاحه متقن الصنع يضعه امامه.. وقد استرخى في مكانه يتابع ما يجري حوله بخدر ينتشر في جسده... يسمع همس مساعده في اذنه

-كل شي جاهز و مثل ما تحب.. فينظر حامد حوله ببرود ثم يتساءل دون ان ينظر الى مساعده

-خام؟؟

-مثل ما تحب.. خام و مثل طلبك كل مرة.. فتبقى نظرات حامد الثاقبه جامده... تراقب حلقة الرقص المبتذله... يتعرف على بعض الوجوه الضاحكه بنشوه وهي تبرز مفاتنها للقاصي و الداني وقد كانت في يوما ما.. خام... كطلبه الذي ينتظره الان في احدى الغرف العابقه برائحة الاثم و الفسوق المظلم...

يتجرع من كأسه مجددا وافكارا تعصف في رأسه.. تذكر لقائه بقيس فتستعر النيران في جوفه.. يكرهه ... بل يحقد عليه... فهوكان السبب في كشف عملية غسيل الاموال الاخيرة... و كان السبب في دخوله( حامد) السجن لعدة ايام... رغم انه لم يكن سجنا بالمعنى الصحيح المفهوم....لكثرة وساطته.... الا انه وضع فيه بسبب قيس الذي يعمل خلفه دوما و يكشف اوراقه... لا يرتدع.. ينفث حامد نفسا لاهبا وهو يكرر في نفسه..قيس لا يرتدع ...

يمسح حامد وجهه بقوة كأنه يود الخروج من عالمه الاسود الداخلي..هناك اضطراب يعيشة دوما عندما يرى قيس... قيس شقيقه من ابيه. نقيضه تماما.. نقيضه في كل شيء..يرى به البياض و النقاء.. ويرى في نفسه الظلام و السواد.. يحقد اكثر وهو يزم شفتيه يعيد كأسه بقوة على طاولته العامره بالمحرمات..

ينهض وهو يسحب سلاحه يضعه خلف ظهره.. فيبرز طوله الفارع كأخوته...الا انه انحف منهم... ملامحه وسيمة رغم كل ظلامه..ويشترك مع قيس بأتساع العين و عمقها.. الا ان النظرة تختلف.. تمام الاختلاف

يربت على كتف مساعده الذي افسح له المجال وهو يشير برأسه نحوجهة محدده ... فيسرع رجلا ما بزي رسمي اسود..يقترب منهم يحي حامد بتملق بالغ يسير بجانبه يمد كفه مرحبا مُهليا.. كيف لا و حامد يغرقه بامواله

يسير في ممر شبه مظلم.. بعيد عن صالة الملهى الليلي.. تصل اسماعه اصوات شاذة مختلفه.. خلف الابواب المغلقه التي يمر عليها ... حياة اخرى تُعاش هنا.. لا وجود لنسائم الرحمن فيها... كل شيء مظلم... شهواني بشكل مقزز... يبتعد عن الممر و ينتقل الى جهة اخرى...فخمة اكثر ....هادئه... لا تحتوي الا على عدة غرف ...للخاصه و علية القوم.. من يودون قضاء الليلة هنا... يسرع الرجل المرافق امامه وهو يقوده نحو غرفة متطرفه كما يطلب حامد دوما... غرفة خاصة به...لا يدخلها احد سواه..ومن يريد قضاء الليلة معها...

يقف الرجل باسما بمكر وهو يقول

-اتمنى تعجبك...تازه و توها واصله..ومثل ما تحب تماما... يصمت حامد فترة وهو ينظر نحو الباب المغلق... وقبل دخوله يقول بصوت بارد

-نجرب و نتحاسب بعدين...فيسرع الرجل يقول بلهفة وهو يفتح الباب لحامد

-اكيد ..اكيد بيك ..تفضل... يدخل حامد الغرفه و يقف على عتبة الباب لوهلة يدور بعينيه في ارجاء الغرفة الواسعه نوعا ما... انارتها خفيفة.. يتقدم وهو يغلق الباب خلفه... و يدير المفتاح في القفل فيها..

يستدير يبحث بعينيه عن ضحية الليلة .... فيرتفع حاجبه برضى وهو يرى فتاة صغيرة لا تتجاوز الرابعة عشر تلتصق في احدى الاركان . يقترب بهدوء منها فتلتصق هي اكثر في ركن الغرفه ..تتشبث بطرف الستارة .. ترتدي قميصا محتشم كما طلب... لونه ابيض.. طويل.. قد اغلق بأزرار ناعمه حتى كاحليها... بقصة فرنسية ابرزت ثمار وليدة صغيرة و خصرا نحيل ..طويلة القامه كما اشتهى.. حنطية اللون..وقد حطت جديلتها الطويلة على احدى جانبيها..تتدلى حتى اسفل خصرها... وقف حامد امامها لبرهه يتأملها..فيرى ارتعاشة كفها المتشبث بأطراف الستارة...وقد احتظنت بيدها الاخرى فتحة صدرها تسترها رغم انها فتحة مغلقه...يرى اختلاج اجفانها و اضطرابها..فيمد يده الى وجنتها..تنفر خائفه وقد اصدرت صوتا باكيا ...الا انه لم يبالي..يمسح خدها ثم تمتد اصابعه الى ثغرها الصغير يمسح بقوة احمر الشفاه الوردي عنها..مد يده الاخرى يثبت رأسها وهو يقوم بعمله..يسب و يشتم بهمس وهو يفكر انه طلب منهم الا تضع اي زينة.. حتى احمر شفاه

يسمع همسها الراجي

-عمو الله يخليك خليهم يرجعوني لاهلي..فيهمس لها مقاطعا وهو يمسح الالوان عن اجفانها.. حتى شوه عينيها باختلاط الوانها

-شگد عمرج؟ فتبكي بصوت مرتعش وهي تجيبه..تتأمل به خيرا

-توني صرت 14 الله يخليك عمو امي هسه متخبله علمودي الي قريب الاسبوع بره البيت .. يرفع وجهها دون اهتمام لما تقول وهو ينظر الى وجهها بتمعن الان..يشعر بالغضب..فهي لا تشبه..لا تشبه من يريد ابدا

غصة في قلبه اثارت جنونه فتمتد يده عكس غليانه الى اكتافها..صغيرة..ناعمه..رغم طولها الفارع نوعا ما..تنزل انظاره بوقاحه لنحرها ثم لصدرها الصغير المستور فخصرها النحيل...و تمتد يده يمسح على جديلتها الناعمه..يتابع طولها برضى.. و يسأل بصوت خافت

-شسمج؟ فترد هي بلهفة عل قلبه يرق لها و ينقذها..فهي تشعر بالخطر يحيط بها.. خُطِفت من امام مدرستها منذ ايام.. عانت الجوع و الخوف حتى وصلت صباحا الى هنا

-جنان..جنان محمد علي... فيومىء هو برضى لما يرى..تفي بالغرض و هذا هو المهم.. يرفع عينين قاسيتين اليها خاليتين من الرحمه..يقول بغياب و هوس

-الليلة اسمج غير ...غير .. وقبل ان تعي ما يقول كان قد شق ثوبها الى نصفين.. يحملها كوحش مرعب..وهي كالحمامه تصارع الموت بين يديه.تصرخ مستنجدة..ثم تعود و تتوسل به ان يرحمها و يخاف الله فيها...

يرميها على السرير الواسع فتحاول الهروب زاحفه..ليمسك قدمها الصغير يجذبها بقوة.. قد اثارت الان كل احلامه التي عاشها يقظة و منام.. يرى فيها مليحة حنطية اللون..بعين لامعه سوداء و خد ناعم مترف..وغمازة ذقن افقدته دوما صوابه.. بحبة الخال التي لطالما اثارته وقد قبلت طرف شفتها العليا..

يهمس باسم دلال بجنون وهو ينتهك جسد اخرى.. يتذكر روعة دلال.. ضعفها و هشاشتها وهي تستر ما كشف هو منها...حتى شهقة فزعها و جزعها لا زالت تطرب اذنه كتلك الظهيرة الصيفية الحارة...

يشبع الطفلة اسفله قسوة و تهجما.. يسمع بكائها و يستلذ.. يسمع نوحها فيزيد ولا يرتدع ... يرى بها دلال.. تلك التي ملكت القلب.. تلك التي كانت السبب في صلبه يوما كاملا اسفل اشعة الشمس في يوم صيفي حار وقد قيده والده الشيخ وربطه اسفل نخلة....ثم طرده بعد ان كشفت الحقيقة ككلب ذليل..

دلال لوعة و حسرة امتلئت بها نفسه.... يرى بها كل النساء..و من بعدها لا نساء.. هي بداية الشر الذي فاض في اناءة.. هي الشعلة التي اشعلت دوما نيران انتقامه

يخفت بكاء جنان.. بل ينقطع وقد فقدت وعيها.. فهو لم يرحم صغر سنها.. لم يرحم روعتها.. بل كان كأي حقيرا مغتصب.. يريد التنفيس عن رغبات غيبت عقله و استحكمت جميع جوارحه.. يكرر فعلته دون مبالاة .. ولا شفقة تأخذ بقلبه او اي بوادر رحمة.. جامد.. كل مافيه يدل على الشر و القسوة.. حتى ملامحه..رغم وسامتها..الا انها كانت حادة قاسية

انتهى منها بعد وقت..ابتعد وهو يلهث و ارتمى بجانبها.. يلتفت اليها وهو يراها مستباحة..لا يعلم ان كانت نائمه او غائبه عن وعيها..الا انه تركها وقد اشعل سيجارة ..يحتضن دخانها بين ضلوعه ثم ينفثه بنهم و حرقة...

يلكزها بعد وقت..فتأن باكية وقد تنبهت الى واقعها الاليم.. يراقبها وهي تصحو تلملم نفسها عنه..مذعورة وقد اختلطت دموعها بكحلها.. تحاول ستر ما كشف منها..الا انها تعلم انه لا فائده..فقد فقدت اعز ما عندها..بقيت تبكي في مكانها وقد حلت جديلتها..و انتشر شعرها فرسمت صورة موجعة حية..الا له

يقول لها بصوت بارد خافت

-حياتج بدت من هالليلة ..فترة و تتعودين و تصير الشغلة سهلة عندج..فتشهق هي ببكائها تهز رأسها رفضا...يكمل هو دون التفات لرفضها وتلك النظرة المغيبة التي احكمت
- گومي بقيت لفترة تغص ببكائها الخافت ثم نهضت بترنح موجوع تسير نحو الحمام.. يسمع بعد حين صوت كسرا مكتوم..الا انه لا يبالي فقد انعشت هذه الفتاة ذاكرته..وعادت به الى الوراء...يغرق بأفكاره و ذكرياته السوداء..يتذكرها و يتذكر جاسر في تلك الظهيرة فلا يزداد الا ثورة و احتدام..

تغيب وقتا حتى اثارت غضبه...تتدلل الان و ستحترف بعد حين مهنتها...كجميع الفتيات هنا.... ينهض غاضبا يود سحبها من شعرها.. يمارس معها سادية عرف بها ..يفتح باب الحمام بقوة..ليقشعر بدنه لثانيه واحدة...لهول ما رأى

*******************************************

احدى المدن الغربية..اليوم التالي ..ظهرا

تتجول في حديقة دارهم الواسعه...الوقت ظهيرة و قد ذهبت جدتها في اغفائتها المعتادة منذ وقت..تسير كاشفة الرأس بطمأنينه فلا احد يراها و يكشف سترها... تدور بين اشجار البرتقال و النارنج المحملة.. تستمع ذات الوقت لاحدى الاغاني الطربية القديمة لناظم الغزالي ...عبر مذياع صغير قديم..تحمله معها احيانا عندما تود الاختلاء بنفسها بحثا عن السكينة.. تردد مع الاغنية بصوت شجي خافت.. "يام العيون السود ماجوزن انا"

حديقة الدار واسعة...زُرعت بشكل عشوائي من قبل جدها رحمه الله... تغلب عليها اشجار الحمضيات المعروفه في العراق...و يحيطها كالعادة النخيل بشكل جميل.. تحمل الان بيدها خرطوم الماء.. تسقي به الزرع خاصة زرعها الخاص.. فقد صممت حديثا احواضا خاصه زرعت فيها عدة انواع تحتاجها.. كالخزامى و الزعتر البري اضافة الى اكليل الجبل و عدة انواع عطرية اخرى... تتابع كل شيء بعين فطنة متنبهه.. تنتبه الى الاشجار و اوراقها تبحث عن عيب مرضيّ او خلل ما..فتصلحه دون تهاون..

تجلس بعد حين كعادتها اسفل احدى الاشجار الكبيرة وقد غطتها و حجبت عنها شمس الظهيرة الحارقة....شمس العراق في بعض اوقاتها..قاتلة..الا انها قررت في هذه الظهيرة ان تقضي وقتها بين اشجار حديقتها التي تهتم بها كثيرا.. تتقي الحر تحت ظلها الوارف.. و تستمع برطوبة الماء الدافق بين اصابعها الدقيقة...

تخرج سكينا صغيرة من جيب فستانها الطويل بلونه الاحمر الداكن.. كانت قد شمرت عن اكمامها..فبان بياض ساعدها الشاحب و رقة معصمها الدقيق.. وقد زُيّن بسوار رقيق جدا من الذهب... تمد ساقيها امامها بعد ان خلعت حذائها الصيفي الارضي..فكشف عن قدم مخضبه بالحناء..... انثى تعبق برائحة الماضي... ملامحها لا تمت للشرقية بصلة..

تُتَمتم مع الاغنية تَهُز كتفيها بأندماج رقيق وهي تقطع احدى حبات النارنج لنصفين و تضعها جانبا.... ثم تمتد يدها نحو شعرها.. تفتح كعكته فينسدل كثيفا ملتويا كاسلاك ملفوفه بلون احمر ناري غريب..تقسمه بأنزعاج وهي تمتم بشيء ما حانق... فشعرها عقدتها الازليه..ملتف ...لا نفع لأي حملات تصفيف معه و جدتها ترفض تماما اي علاج يساعدها على تسريحة... ورغم غرابة لونه الا انه كان شعلة جميلة تُذّكيها هي دوما بوضع الحناء عليه.. فكان يتناقض مع لون بشرتها الابيض الشاحب بشكلا غريب مثير..

تبدء بعصر النارنج على فروة رأسها..و تقوم اصابعها الطويله بتدليك شعرها برقة.. فتفوح رائحة لطيفه تعشقها .. تمسد شعرها بروية وهي مأخوذه تماما بما تسمع وقد بدأت وصلة غناء قديمة اخرى تعرفها

تنتهي بعد وقت من شعرها فتجدله بجديلة غليظه و صوتها يخفت مع افكارها... فتبتلع ريقها وهي تعود برأسها تتكى على شجرة النارنج التي تجلس اسفلها... تتمتع بظلها..وتنعشها رائحتها و طيف نعاس لذيذ بدء يداعب اجفانها.. تذكّر نفسها وتعدها بحمام طويل ترخي فيه تشنجات جسدها فاليوم قامت بحملات تنظيف واسعة شملت حتى غسل السجاد الخاص بالمجلس..

تتنهد وهي تستعرض بتفكير في مخيلتها خزانتها البسيطه.. تفكر في اختيارتها القليلة..فهي تكاد لا تخرج من المنزل.. الا نادرا و بصحبة جدتها..واليوم تمت دعوتها وحدها لبيت الشيخ فاضل..لحفل بسيط " بناتي" اقيم من اجل حفيدة الشيخ..در.. ابنة العزيزة سارة...

تبتسم صبا بمودة وهي تتذكر سارة... تعتبرها كأخت كبرى لها.... رغم فارق السن بينهن.. الا انها لطالما رأت فيها الاخت الناصحة و المعينة خاصة ايام مراهقتها هي و دلال ...بل كانت مستودع اسرارهن ... تتابع معهن امورهن الخاصه..فكانت دوما الناصحة و المرشدة

تربط صبا و جديها منذ زمن بعيد علاقة طيبة ببيت الشيخ فاضل...فدارهم البسيطة هي الدار الوحيدة التي تجاور بيت الشيخ فاضل وتقع على اطرافه..فقد كان دار الشيخ يمتد على طرف كامل تقريبا.. وقد تعودت صبا منذ طفولتها على زيارتهم و اللعب مع من يقاربنها عمرا في حديقة الدار الواسعه جدا.. كونها يتيمة الابوين و وحيدة جديها انذاك...

بعد وقت

ترتب نفسها امام مرآة خزانتها الخشبية القديمة.... تتأمل صورتها البسيطة.. ثوبها كان بلون اخضر غامق يشتد على جسدها النحيف تقريبا ثم ينسدل باتساع حتى كاحليها..باكمام تنتصف حتى ساعديها.. حددت خصره بحزام بني محروق عريض اضفى لمسة انيقة شعرت انها تحتاجها رغم جمالية ثوبها البسيط...فتفاصيله كانت رقيقة تلائم نعومتها وقد خاطته هي بنفسها على ماكنتها القديمة و اختارت تصميمه من احدى المجلات العالمية التي تطلب من سارة جلبها لها كلما زارت سارة العاصمة...

ترتب شعرها بامتعاض متمتمه بحنق من هيجانه فقد تركته رطبا مفتوحا حتى خصرها..ملتفا بلفاته الدقيقة بعد ان رطبته بكريم خاص تصنعه بنفسها من جوز الهند عل وعسى يهدء من فورته قليلا... رفعت غرتها بطريقة رقيقة جميلة ابرزت ملامح وجهها الحادة رغم شقارها.... فعينيها عسلية اللون كانت صغيرة لوزية مسحوبه بشكل حاد بنظره حادة آسرة تنبىء بالشر دوما.. وشفتين حادتين رفيعتين تتمنى لو انها تماشي الموضه يوما ما....فتقوم بتجميلهما ( نفخا)... الا انها تعلم ان جدتها ترفض الامر حتى لو مر ببالها حلما... يعلو شفتيها انفا رقيقا دقيق ... قد تناثرفوق بشرته حبات نمش لطيفه.. وكم كانت صبا تمقت هذا النمش... فتغطية دوما طبقة رقيقة من كريم الاساس عند خروجها...

تعترف انها تكره ملامحها رغم غرابتها و جمالها... تشعر انها شاذة بين قريناتها خاصة بنات الشيخ فاضل...فملامحهن تغلب عليها الملاحة العربية الأصيلة... اما هي بشرتها الشاحبه تزعجها خاصه وانها لا تتحمل الشمس كثيرا... تتنهد و تمسح اماكن نبضها بزيت عطري يجمع بين روائح الورد المحمدي و المسك..عطر رقيق يلائمها..فترضيها النتيجة دوما.. و تترحم على احد اجداد ابيها الذي اوقعه الحب بعشق صهباء حسناء من جورجيا تزوجها و جلبها الى العراق فورثت صبا منها جمالها الغريب اللافت...

تخرج من غرفتها البسيطة بعد وقت تتجه الى حيث غرفة جدتها لابيها..فتراها جالسة على سريرها في مكانها المعتاد.. بيدها مسبحتها تسبح بها بهدوء .. تبتسم صبا متقدمة نحوها تميل عليها تقبل رأسها باسمة

-مساج الله بالخير يمه.. شلون جانت نومتج ؟؟ فتنظر اليها الجده بهدوء و تجيبها متمتمه بخفوت

-مساج الله بالخير و السرور يمه... الحمد لله قيّلت شويه جنت حاسة ضغطي متخربط ...ثم تنتبه لملابس صبا فتسألها بهدوء .. رايحه هسه؟ فتجيبها صبا باسمه وهي ترتب شعرها

-اي يمه..هم ياله..اسويلج شي قبل ما اطلع؟جاي كجرات ( كركدية) او لومي ( ليمون اسود) اذا بعدج دايخه؟

فتهز الجدة رأسها رفضا وهي تتأمل صبا
- لا يمة ما اريد شي عاشت ايدج... ثم تسألها بأستفهام

-شوكت ترجعين؟ بعدين مو رايحه من وكت؟ فتبتعد عنها صبا ترتدي عباءة الكتف المفتوحة

-يمه تدرين ام در ما تگدر وحدها و اساسا هي ما عازمه امهات..بس عازمه بنات لذلك خطيه تلگيها وحدها...بعدين صارلي هواي ما شايفه بنات الشيخ وهسه صرنا العصر ماباقي شي على الگعدة.. فتتنهد الجدة و تتأمل بعين ناقدة حفيدتها وقبل ان تغلق صبا ازرار عبائتها سمعت صوت جدتها منتقدا كعادتها

-فتحة الصدر واسعه..صغريها يمه.. فتنظر صبا لفتحة صدر فستانها و تعقد حاجبيها ثم ترفع راسها لجدتها قائله بخفوت متمرد بعض الشيء

-يمه الفتحه عادية.. اصلا ثوبي كله عادي طويل و مستور و حتى الردان (الاكمام) ثلاث ارباع يعني مثل ما تحبين... واني تعمدت اجي هنا البس عباتي حتى تشوفيني.. تصمت صبا وقتا ثم تكمل بهدوء...خليني اتوكل يمه قبل ما اغير رأي و ابطل وبلاها هالروحه ..فترمقها الجدة بنظرة و كأن الامر لا يعجبها..تنتبه لشفاه صبا الملتمعة باغراء فتعود لتقول

-خففي زينة وجهج طالعه للدرب واخاف تشوفين زلم و خلي ام در توصلج بالرجعة ....فتتنهد صبا بحسرة متلمسه شفتيها تمسحها ببطىء...فترى الجدة نظرتها ويرق قلبها..تضيف بحنان بالغ يظهر احيانا بعد شدتها

-ماعايزة يمه هالخرابيط.. خلي براحتج الي ترديه ببيت الشيخ من توصلين..هسه بره اكيد تصادفين غرب بالطريق..فتومىء صبا صامته تهز برأسها موافقه على مضض..

تخرج بعد وقت مغلقة باب الدار البسيطة خلفها تلملم ململمه عبائتها السوداء بحجاب الرأس الاسود فبرزت ملامحها بشكل جميل فاتن... تسير مبتسمه في الشارع الخالي تقريبا.. تستمتع بخطواتها المتزنه...لم تخرج وحدها منذ زمن.. فكان الاحساس لطيفا ..جميلا ..لم تشعره من مدة لا تتذكرها حتى.. فجدتها حازمة.. شديدة تخاف عليها كثيرا... تسير صبا تتأمل الطريق المعبد وقد احاطته الخضره من الجانبين. و اصوات العصافير المزقزقه في هذه العصرية الجميله تثير الهدوء في النفس. .. وقد مال الجو قليلا للبرودة و الهواء العليل يمر عليها برقه...تتنشق الهواء النقي و تحبسه باسمة في صدرها.. .. ترنوا نحو بيت الشيخ فاضل البعيد نسبيا وقد اصطفت امام بابه العريضة العالية سيارات عديدة ...تراها من مكان تقدمها..
لطالما حفظت المسافه بين دارهم البسيط وبين بيت الشيخ فاضل الذي يمتد على ارضا شاسعه... بيت كبير شامخ مبهر في بنائه الحجري الفاخر..تحيطه حديقة مثمرة... تتعرف عند اقترابها على بعض الرجال الذين وقفوا بشكل متطرف بعيد بعض الشيء عن باب المنزل الكبيرة.. الا انها غضت بصرها فور اقترابها و حثت خطاها على استحياء شديد و تدخل مسرعة من باب النساء الخاص متنهده بأرتياح..

فور دخولها للرواق الخارجي الخاص بالنساء لاحت لها سارة تقف بباب الاستقبال الداخلي باسمه فقد تابعت الاخيرة دخول صبا عبر احدى الكاميرات المنصوبه خارجيا..
تقترب صبا مبتسمة فاتحة ذراعيها ضاحكه.. تحتضنها سارة بترحيب حار وهي تقول

-ولج الا اتصل والح ياله تجين؟ ليش هيجي صايرة نحيسة حتى دلال تگول ما تجين هنا مثل اول... شنو ما تملين من البيت؟ مزروعة بي زرع فتتنهد صبا قائلة وهي تتأمل سارة الضاحكه وقد زاد وزنها قليلا عن آخر مرة رأتها فيها.. فبدأت ببطىء تفتح حجابها متأملة الصخب و الموسيقى رغم الوقت الذي اعتقدته هي مبكرا.. و تعود بأنظارها لسارة التي تلقفت عبائتها و حجاب رأسها

-والله يا ام در امي الجبيرة (الجدة) تدرين بيها بعد مو مثل اول..مااگدر اعوفها...صايره اني ايدها و رجلها الله يحفظها الي و يمد بعمرها وانتي هم من يوم ما انتقلتي منا .. طلعاتي قلّت ... الحمد لله بالطرف هذا بس بيتنا و بيتكم قالتها ضاحكة... فتومىء سارة باسمة بتفهم... تعلم و تتفهم طبيعة الجدة الصارمة.... فهي على طبيعة الجدات القديمات...ورغم تمرد صبا الذي تلمسه احيانا...الا ان صبا باره بها جدا.. بل تكاد تكون كلمة الجدة سيف على رقبة صبا الصهباء ...عدى في موضوع واحد

و بسرعة لطيفة تندمج صبا مع المدعوات الشابات الا انها تبقى بجانب سارة...تتبعها وهي تدور محييه للكثير من معارفها...

تميل صبا عليها وهي ترتشف من كأس عصيرها المثلج وقد وجلسن في احدى اركان المجلس الواسع

-شعجب دلال ماكو؟ فتجيبها سارة متنهدة

-شوية وتجي لازم عدنان يجيبها... فتومىء صبا ساهمة تدور بعينها حولها بهدوء ثم تعقد حاجبيها وهي تبصر احدى المدعوات

-هذي مو امجاد؟؟ ثم تردف بعد امعان باسم..شلون صايرة ماشاء الله ... تتبع سارة نظرات صبا فترى امجاد ابنة عمها... توافق صبا وهي تقول

-اي امجاد... جاية بزيارة لهنا يم بيت عمي .. فتسألها صبا وهي تتأمل امجاد باعجاب...تراها تتراقص امامها وقد ارتدت فستان بنقشة جلد النمرالتصق بحناياها الناضجه فزادها انوثه فائضه .. تلتقي نظراتها بنظرات امجاد الضاحكه.. فترفع صبا كفها محييه و ترد عليها امجاد برفع كفها محييه هي الاخرى.. و تستمر في رقصها مع بناتها الثلاث .. تتساءل صبا وهي ترى البنات الصغيرات مع امجاد

-بناتها وياها؟ فتجيبها سارة متابعة امجاد ايضا

-وياها اكيد...فتلتفت صبا اليها مستفهمه

-مو على اساس ابوهن اخذهن؟ فتجيبها سارة وهي تقدم لصبا قطع الشوكولا كضيافة كانت تدور بها احدى العاملات

-لا يمعودة وين.. بناتها وياها... الابو رجعهن الها و هو الممنون.منو يگدر على امجاد وبناتها.. فتبتسم صبا وهي تعود بأنظارها نحو امجاد الراقصة الان تدور حول احدى بناتها...

-الله يحفظها ما مضيعه وقت..صغرانه فد عشر سنوات... اذا مو عشرين... عيني باردة عليها شگد تهتم بنفسها . ثم تلتفت نحو سارة تهمس بمودة غامزة

- ما ناوي اخيّج يرجع الماي لمجاريها.. فتضحك سارة وهي ترتب فستانها الطويل بلونه التركواز الرائق

-هي من جانت بطرگ روحها ( دون اولاد) و قبل ما تصير لغيره ... ما رجعها ..تردين هسه يرجعها... وهي اخذت وراه ثنين ....فتنحني صبا بفضول قاتل وهي تهمس

-هسه غير افتهم ليش طلگها؟؟ الي ادري بي امجاد كم مرة و مرة رادته يرجعها و اخيّج يرفض...فتصمت سارة باسمة وهي تتامل امجاد ثم تلتفت لصبا بنظراتها الفضولية

-سوالف مال كبار...تزوجي و تعرفيها... فتعود صبا بظهرها الى الخلف تستند الى ظهر الاريكة الوثيرة .. تزم شفتيها بطريقة مضحكه هامسة

-وين اتزوج و جدتي الله يحفظها مخليه الف عثرة و عثرة.. عبرت العشرين و هسه قريبا اصير خمس و عشرين و هي الله يحفظها ظامتني بالقاصه ( خزينة المال) ما تريد تفرط بيه..... ثم تتنهد وقد امتعضت ملامحها قائلة

-اوف سارة والله گلبي خلصان...لا تذكريني يرحم ذاك الاب الطيب.... فتبتسم سارة برقة وهي تمد كفها تشد على كف صبا بمعرفة

-الله يكتبلج النصيب الزين ياقلبي.. ثم تقول بمزاح تعلم انه يستفز صبا كثيرا ..

- هسه كم مرة اكولج تعالي اخطبج لاخوية ما ترضين... وين تحصلين مثله... فتنظر صبا اليها بنصف عين قائله

-مجنونه شايفتني؟ اخوج عينه زايغة و عشقة النسوان..لا تزعلين مني بس امجاد الله يحبها لان سرحها اخوج بأحسان... ابقى عانس احسن ولا اتزوج واحد كل يوم يحب لون شكل.. فتغرق سارة بضحكة رقيقة وهي تقول

-وانتي شمدريج امجاد ما گالتله جيب عليه وحدة و ثنين و ثلاثة والله ارضى؟ بس قيس بذاك الوقت طلعت من عينه فد مرة لذلك سرحها على گولتج باحسان... فتعقد صبا حاجبيها وهي تنظر نحو امجاد باستغراب

-معقوله! امجاد الي شايفه نفسها فد مرة.. رضت ينّزل عليها شريكه ؟ ثم تعود و تلتفت نحو سارة تسألها بفضول

-اموت واعرف السبب الي طلگها علموده.. زواجه على ما اذكر ما طول اشهر بس و بعدها سمعنا طلگ .فتصحح سارة

-تقريبا ثلاث شهور.. فتكمل صبا بأدراك

-اي صح تقريبا بس الشي غريب لان امجاد بنت عمكم و قيس جان خاطبها فترة يعني يعرف اطباعها.. فتعود سارة و تبتسم وهي تقرص صبا برقه تهمس لها

-سوالف ما تخصج و راحت و اندفنت.. والسبب هيّن تره بس قيس الله يحفظة صد عنها..وهاي بعدنا ندورله على مرة كون الله يهديج و تقبلين و تصيرين اله... ونصير حماة ومرة اخو..يوم عيد عندي والله ...فتعود صبا وهي تنظر بنصف عين لسارة الضاحكه بشدة الان

-ام در خلينا مغطين المستور و خلي اخيّج على صفحة..بلا شقى.. تدرين اخوانج مثل اخواني ربيت بهالبيت و عمري ما نظرت الهم بنظرة ثانية.. الله يرحم ابوية الشيخ ..الف رحمة و نور على روحة.. جان يعاملني بسبب يتمي مثل بنته.. فتتنهد سارة وهي تترحم على والدها الراحل و جدتها الراحله..كانهما رحلا بالامس وليس منذ اعوام...

تسمع صوت صبا المتساءل بجدية الان وقد تغيرت حتى ملامح وجهها الحاده

- جديات سارة... شسويتي على موضوعنا؟ فتصمت سارة وهي تراقب ابنتها در تدور راقصة مع صديقاتها الان و تشجعها امجاد و تراقصها باسمة...تلتفت نحو صبا متسائله باستغراب باسم

-انتي من كل عقلج؟

فترد صبا وهي تنظر امامها بوجوم و كأنها لمست ان سارة لم تسعى جديا بأي شيء

-طبعا ...شنو الغريب بالموضوع؟ فترفع سارة حاجبيها و كأن الامر لم يروقها ... صبا متسرعة وهي تكره التسرع و الخطوات الرعناء الخالية من الحكمة... فنبهت صبا بجدية

-صبا انتي تدرين جدتج ما تقبل و كم مرة و مرة يجون جماعة من طرفنا و تردهم.. فتقاطعها صبا بحنق

-اني الي اقرر..هذا الكلام جان زمان مو هسه..هسه كبرت سارة و اريد اتزوج...فتصمت سارة لبرهة تنظر لملامح صبا الواجمة وقد عقدت الاخيرة حاجبيها بحنق فتعود وتقول بعقلانية هادئه

-صحيح القرار بيدج بس جدتج رايها مهم صبا.. اني افهمج.. شتسوين اذا جدتج قافلة على الرفض و ما تقبل... و الناس مو لعبة حتى كل يوم يجون يدگون بابكم.. تصمت صبا وهي تعض على طرف شفتيها وقد اكفهرت ملامحها نوعا ما رفضا لماتقول سارة رغم انه واقع... تعود سارة و تمد كفها تشد على كف صبا بمؤازرة و تفهم

-تردين امي تحجي ويه خالة؟؟ فترى انغلاق ملامح صبا اكثر.. تعود و تهمس بروية
- ترى العناد ما يفيد صبا..... تبتلع صبا ريقها و تصمت لوقت تحدق في كفيها... تهمس بعدها بألم

-امي متعلقه بوهم.. هاي صارلي سنين منتظرة.... لشوكت سارة؟؟... لشوكت؟؟ معلگه علمود حضرة جنابه ... شوكت ما يعجبه يجي... و عود ..عود لو يرضى بيه لو لا... اصلا يجوز متزوج هسه .. قالتها وهي تكتم غصة ضيقت انفاسها .فتقترب سارة منها بمحبة.. تربت على كتفها متفهمة وهي تقول بتهدئة

-الي فهمته من قيس و جاسر..ابن عمج جيته قريبة ... انتي اذا طول الوقت شاردة ما تحبين تسمعين طاريه شلون تعرفين اخباره؟ فتضحك صبا ساخرة وهي تنظر لسارة بعصبية

-كل مره يگول هالسنه نازل.. هالسنه جاي...والله العظيم لو يبقى اخر رجال بالعالم ما اخذه.... والله ..و حق لا اله الا الله ما اخذه ولا ارضى بي و خلي جدتي تذبحني و تخلصني... ثم تشهق تطلب النفس وهي تحاول جهدها السيطرة على انفعالها الناري الان...تكمل وهي تهمس بغضب كأنها تكلم نفسها..... مخليني سبير( احتياط) شوكت ما يعجبه يجي.. متأكد منتظرته و بس يجي اقدمله فروض الولاء و الطاعة.. و ابوس ايده و افرشله الگاع ورد لان تعطف عليه و اجى يتزوجني... على اساس ابن عمي شيال همي!!. والله ما اسويها ...احرگ روحي ولا يشوف اظفر مني.... اني هم ما اريده.. خلي يولي ... فتقاطعها سارة بتفهم مصبرة

-انتو شبه خاطبين صبا.. فتنتفض صبا بغضب مكتوم ارتعشت له اوصالها

-لا خاطبين ولا شي...الكلام من جنا جهال و حتى عمي الله يرحمه ما اقتنع بالكلام بس شاف جدتي مصممه ما حب يردها ولا يجادلها خاصه وهو مقصر بحقها... بعدين اني وين اناسب.. ابن العز و الجاه... المثقف الدارس..صاحب الشهادات ... قالتها ساخرة فتصمت سارة لوقت وهي تراقب ملامح سارة المنغلقة ..تربت على كتفها بمودة وهي تجذبها لاحضانها

-مو مشكله.. بدل العريس اكو عرسان وكلهم يرحون فدوة لعيونج الحلوة والله ....بس صباوي ادري مصيرهم الرفض... خلينا نشوف اول جدتج و بعدها الامور تهون... الحل و الربط بيدها و كولشي يجي بالتفاهم مو بالعناد...فتقول صبا بصوت عاجز

-تدرين الله يمد بعمرها اني افهم سبب تصميمها.. بس والله ما ترهم ولا تصير.. امي الجبيرة الله يسلمها عايشة بزمن اول و هو هم مسيطر عليها... يتصل بيها كم مرة باليوم... سوالفهم لنص الليل..... اوووف كرهته والله و كرهت طاريه... فتلكزها سارة باسمه وهي تهمس بشغب

-ترى الكره وجه من وجوه الحب... لتجيبها صبا هازئه

-فدوه للحب...شلون حب عاصف .... بعدين والله هو مو مال حب.. شايف الناس كلها بعين الصغيرة.. عبالك ربنا خلقه هو وبس ... مكروه

فتخافتها سارة باسمة

-خلي تسمعج جدتج.. فتلتفت صبا اليها حانقه وهي تهمس

-ليش عبالج ما تدري برأيي بي... تعرف كولش زين احساسي تجاهه.. .فتغرق سارة بالضحك تتسائل

-اي و يمر الموضوع بسلام من تحجين عليه؟ فتنظر اليها صبا نظره مضحكه و تعود تنظر امامها تبصر دلال تدخل توا الى المجلس

-العوجيه( العصى) مالتها تشهد..كلما حجيت على المدلل تثور عليها بنوبة غضب..الله لا يراويج.. فتقهقه سارة وهي تقول بخباثه

-الله يساعدج.. هاي و بعدج مو مرته و جدتج منعنعه ضلوعج.. وقبل ان ترد صبا برد ناري حانق تنهض سارة وهي تمد يدها اليها

-گومي گومي نشوف هالمدللة الي توها اجت.. و فد مرة تجين تسلمين على امي و خالتي مهين تدرين بيهن ما يحبن هذي الهوسة.. فتنهض صبا وهي تتخيل..تتخيل لوهلة.. ان تكون زوجة لذاك البعيد الغائب.. بكامل غروره و عجرفته.. فترى النقيض...المثقف و ابنة القرية.. فتقسم يمينا مغلظة انها لن تكون له... ابدا

*************************************

بعد ساعات...منزل اخر

يتمدد مسترخيا.. يرتدي نظارة طبية انيقة.. يقرء احدى كتب القانون الحديثة المختصة بحقوق الانسان باللغة الانجليزيه.. تراقبه من مكانها وهي تمشط شعرها المدرج القصير.. بارد و متباعد كعادته.. تعترف انها في الاونه الاخيرة باتت تشتاق اليه كثيرا... تفكر احيانا انها الهرمونات و اضطراباتها المزعجه... تعود و تتأمل نفسها في المراه فتزم شفتيها بحنق طفيف.. عانت كثيرا خلال الشهر المنصرم وهي تتبع احدى الحميات الغذائيه الشهيرة القاسية والتي انهكت جسدها دون طائل.. فكل الذي فقدته خلال هذا الشهر من الوزن الزائد..لم يتجاوز الاربع كيلو غرامات... تتنهد بحسرة فتسمع صوته الهادىء

-مطولة؟ تصمت وهي تعيد فرشاة شعرها الى مكانها المخصص... ترش عطرها الرقيق بسرحان..ثم تقترب منه .هي تراقب ملامحه الساكنه المتعمقه وقد اغلق الكتاب و وضعه جانباو وضع فوقه نظارته الطبية الانيقة..... يتأملها و يراقب خطواتها المقتربه .. حتى وقفت بجانب السرير... تخلع مئزرها... فيبرز جسدا ممتلىء يميل للسمنه.. حنطي اللون... تناسق بشكل جميل مع لون ثوب نومها القصير بلونة البنفسجي.... تشعر بالخجل الشديد من نفسها... فوزنها في الاونه الاخيرة بات في تصاعد لا تفهم له سببا.. ترفع الغطاء الخفيف و تدخل بجانبه... فيحتويها بذراعيه مرحبا هامسا بكلمات يتقنها دوما...يقبل جبينها و يرى بوضوح صمتها... فتهمس له برجاء

-حارث..عفيه ليش ما توافق اسوي العمليه؟؟ نتايجها مظمونه والله.. اني تعبت من الريجيمات... حتى جسمي تعب... فيهمس لها بين قبلاته الدافئة

-ماكو عملية..تردين سوي رجيم... هاي اني گدامج ... رياضة بس ترتب جسمي ,, فتتنهد وتشعر ان الكلام من حقها..فهذا جسدها و لا تفهم سبب رفضه..فتقول بعناد

-جسمك يختلف حارث... الرجل مو مثل المرأة.. عفية وافق...فيرد عليها بكلمة واحدة و شفتية تداعب برقة عنقها فتميل معه منجذبه وهي تهمس برجاء فهي تتمنى موافقته

-لا

-حارث ليش لا ؟ شوفة عينك والله من ريجيم لريجيم وكل فايده ماكو و جسمي ما ياخذ بعد و اني تعبت من السمنه و حتى اخصائية التغذية الي اراجع يمها نصحتني بتحوير مسار المعدة.. انته ليش رافض.. فيرفع حارث رأسه يبصرها وقد غامت عيناه بعاطفة و رغبة تعلم انها رغم كل شيء توقدها فيه.. يقول لها بجدية متسائل

-هذا وقته؟ فتبتعد سارة عنه هامسة له بتصميم

-مااشوفك وانته طول الوقت بمكتبك و من ترجع للبيت تكون مشغول ويه محمد ساعه تطلع وياه للمجالس و ساعة تدربه ركوب الخيل.. انته حتى ناسي عندك بنات.. الله عليك لوما اشتري هدية در اني جان ما هديتها شي بمناسبة تخرجها...

فينظر اليها حارث بعمق... وتذوب هي لهيئته التي بات يهتم كثيرا بها .. فلحيته مشذبه دوما بطريقه انيقه... وشعره الكثيف محلوق بطريقة خاصة تلائمه.... وسامة باتت تزداد خاصة بعد اقترابه من سن الاربعين اضافة الى اهتمامه الواضح بغذائه و تمارينه التي يمارسها.. يهمس لها عاقدا لحاجبيه متسائلا وهو لا زال يعتليها

-وين تردين توصلين بكلامج سارة؟؟ در اني اعتمدت عليج و گتلج انتي ادرى مني باللي تحتاجه! و ما اظن قصرت..ولا راح اقصر ان شاء الله.. محمد وحيدي لازم اهتم بي.. اخوان ما عنده .. حاليا.. يضيف بتأكيد.. تصمت سارة وهي تحاول الاعتدال.. فيبتعد حارث عنها وهو يشعر بادبارها الجسدي عنه....وقد غابت رغبته.. ورغبتها .. تهمس له بتصميم

-اريد اسوي العملية.. شفت مستشفى بأربيل متميز كولش و اذا ما مطمأن نطلع لتركيا .. فيقاطعها حارث بقوة و جدية قاطعة

-كل عملية ماكو... اول شي اخاف عليج.. وثاني شي خلي ببالج كم شهر و اريد نسوي طفل.. و العملية اذا تسويها ينرادلج بالقليل فد سنة حتى تستعدل امورج الصحية...واني اريد اخو لمحمد.. فتصمت سارة.. تعض على نواجذها تكبح غضب استعر.. تهمس له بعد وقت

-رجعنا على شغلة الحمل؟ فيلتفت اليها حارث ينظر اليها ببرود وقد تحول الى رجل اخر

-ليش من شوكت شلنا الموضوع حتى نرجع عليه؟ اني اريد طفل .. اخو لمحمد وهالكلام كم مرة تناقشنا بي.. فتبلل سارة ريقها تحاول كتم غضبها و تشذيب +

قولها فلا يكون جارحا قاسيا..تهمس له بعد وقت

-تناقشنا و بوقتها گتلك ما اريد طفل بعد عندي خير الله.. ثلاث بنات و ولد.. محمد عمره سبع سنين الله يحفظة و يخليه.. وانته تدري كولش زين اني حملي متعب.. اشوف الموت بعيوني خلال شهور الحمل غير ولادتي قيصرية.. ليش تريدلي الاذيه... بعدين اني ماظامنه يجي ولد حارث.. منو يگول يجي ولد.... فيصلها صوت حارث الواثق بلا مبالاة

-هالمرة غير... تتبعين حمية غذائية وقبلها تنزلين وزن اول شي علمود صحتج و ثاني شي علمود الحمل..فتقاطعة وهي تجذب مبذلها ترتديه و تشده على جسدها الممتلىء
-خلينا نوگف هنا حارث... اني تعبانه مو مالت نناقش الموضوع هسه... فيقول لها جادا ببرود متابعا نهوضها...

-وين؟ فتجيبه متحاشية النظر... تشد عقدة مبذلها

-اطمن على البنات و محمد... فيقول لها حارث بهدوء و صوت عميق مستفز لها

-تعالي نامي... احنه مو جهال تشردين مني و تنامين يم اولادج.. تعالي.. يمد يده اليها بدعوة للصلح... فتنظر اليه حانقه ثم تعود و تتمدد بجانبه توليه ظهرها... فتشعر بيده بعد وقت تحيطها رغم تمنعها.....

-حا وقبل ان تكمل كان قد اطفأ ندائها بطريقة تفتنها.. فيأسرها كلها كعادته ... حبيبها.. من تفتحت براعمها على يديه... ورغم كل الشد و الجذب بينهما.. الا انه ترياق روحها.. انفاسها التي بين اضلعها... يهمس لها بين فورانه

-نتفق بعدين.. نتفق بعدين يا روحي.. فتهدأ ثورتها مؤقتا.. مدركة ان امر الحمل الجديد.. لن يكون امرا يسهل التجاوز عنه كما اعتادت سابقا..

********************************

قبل ذلك بوقت .. بغداد الحبيبة..

صوت ضحكاتها يملأ غرفتها بالوانها الفاتحه الورديه... تتمدد على سريرها باسترخاء .. تحمل بيدها هاتفها الذكي الحديث وهي تتحدث مع شقيقها ياسر عبر احدى وسائل الاتصال المرئية.. تقول له بشغب لطيف

-والله ياسر لو تشوف وجه خالد من طلعت ويه بابا اسوق... ما ادري خاف على بابا لو عليه اني؟

فيبتسم ياسر وهو يتأمل شقيقته حلا الصاخبه الان تخبره عن سيارتها التي مانع الجميع ..عداه..اقتنائها.. يقول لها بجدية باسمه

-المهم حلا تسمعين كلام بابا و ما تطلعين بيها الا ويه واحد منا.. ادري بيج تجربة الممنوع عندج امر ممتع و واجب... سمعي كلام لان مهاب و خالد ما عاجبهم الوضع... وأقل غلطة تنسحب منج واني ترى ما موجود حتى افزعلج.... فتضحك حلا برقه وهي تقول بينما تعتدل جالسة

-لا حبيبي تدري بيه ما اتحارش بيهم همه الاثنين...عسرين ويايه حيل... الله يحفظ بابا بس الي يدافعلي و يفزعلي حاليا... توصل انته ان شاء الله بسلامة و نفر شوارع بغداد اني وياك بشرط اني اسوق فيضحك ياسر يهز رأسه من كثرة طلباتها و شروطها فيسمع مجددا صوتها متسائلا باسم .. هسه ما گتلي شوكت راجع؟

يصمت ياسر وقتا...وهويسرح في امرا ما امامه... يحجب نظراته عن حلا التي تتأمله باسمه بنظرات ثاقبه تدرسه بعمق.. يجيبها بهدوء

-نهاية الشهر اذا الله راد.. ثم يرفع انظاره الرمادية اليها متسائلا..

- بيت عمي شلونهم.. فتصمت حلا وقت تدرس ملامحه الوسيمة و تجيبه بهدوء رائق

-اي واحد منهم..حدد ...فيتنهد ياسر وهو ينظر لشيء ما بجانبه ثم يرفع بنظره نحو حلا مجددا

-بيت عمي صالح.. اسأل عن ود.. يقول محددا بتحدي فتبتسم حلا وهي تهز رأسها مستمتعه..

-عمي صالح زين..و ود هم زينه الحمد لله... بس من بعد موقف عمي الاخير وياها بطلت تنزل اصلا او تطلع من غرفتها... الله يساعدها فيصمت ياسر وهي يفكر بأمر ما وقد ارتسم برودا ما في نظرات عينيه.. عاد يسأل حلا مجددا

-ود ما عدها صديقات يزوروها؟ فتجيبه حلا وهي تعدل شعرها

-لا.. تدري عمو مو سهل..لا يقبل تروح ولا تجي..حتى يمنى هم ما يقبل تجي علمود عندي اخوان بالبيت.. بس مسموح تروح بيت عمو ناصر.. لذلك اغلب وقتنا نجتمع هناك اذا تريد ود تطلع.. فيصمت ياسر وقتا وهو يزم شفتيه...تعود و تسأله حلا بترقب
- ياسر انته عندك مشاعر تجاه ود؟ فيعقد ياسر حاجبيه وكأن السوأل غير وارد او متوقع.. يجيب حلا بسوأل
- ليش؟ يعني الا يكون عندي شي وياها حتى اخطبها.. فتبلل حلا شفتيها فلم تتوقع هذا الجواب ابدا... تتنهد وهي تدلك جبينها تقول بصدق
- ود شخصية معقدة ياسر و ذاك اليوم صارت ضيگة خلگ مره ثانية بينها و بين عمو علمود خطبتك الها.. و عمو الا شوية و يرجع يضربها لوما بابا گاعد و منعه... عمو قاسي عليها حيل تصمت حلا لوقت تتذكر أحداث تلك الليلة التي تلت حفل تخرجها ... فتسمع صوت ياسر متسائلا يحثها
- اي ؟ كملي؟ شنو صار؟ فتهز حلا كتفها بحيرة وهي تكمل
- ود كانت عصبية و رفضت گدام عمو صالح و بابا و عمو انهد عليها سب و غلط و راد يضربها بس هي كانت مثل الي مو بوعيها.. رفضتك و گالت بصريح العبارة ما تريد تتزوج لا انته ولا غيرك... تصمت حلا وقتا تتذكر بحزن فود وضعها متعب و مؤذي نفسيا.. و عمها قاسي لا يرحم... تعود و تحدث ياسر الغارق في افكاره
- ياسر ادري بابا الي طلب منك ترتبط بيها بس والله ود ما تستاهل تأخذها شفقة علمود تنقذها من عمو و يجوز هي لذلك رافضة و ما متقبلة الموضوع.. ذيج الليلة حالة هستيريا دخلت بيها حتى ماما تأذت علمودها...لذلك حبيبي لا تصير انته هم عليها .. يصمت ياسر وقتا ينظر لشيء ما في كفه و طال صمته فتراقبه حلا متنهده وهي تسترخي اكثر في مكانها حتى وصلها صوته عميقا هادئا
- ابوية اخذ حجايه من عمي لو لا؟
- اخذ.. تجيبه حلا مختصرة تراقب ملامحه التي لا تستطيع سبر اغوارها و كشف اسرارها... فيرفع هو انظارا مبهمه اليها يرسم ابتسامة واثقة على شفتيه
- خلص..هذا هو المطلوب فتهز حلا رأسها عجزا منه و من فهمه... تعلم انه مُصّر منذ فترة على هذه الخطوة التي لائمت بشكل ملفت والديها ايضا... تعود و تسأل بقنوط و استسلام
- و ود؟؟
يجيبها باسما مخفضا انظاره لشيء ما في كفه
- توافق...لا تخافين عليها... اجي اني و يصير خير.. فتصمت حلا تراقبه و حيرة تتعاظم في داخلها.. ود و حالتها الرافضه بهستيريا و ياسر الواثق الباسم كأنه نال مراده اخيرا لغزا يحيرها ولا تستطيع تقبله او فهمه... تناقض كبير بين الشخصيتين.. ود هشة جدا ضعيفة الشخصية نوعا ما تعاني من انعدام ثقه تام و السبب والدها طبعا.. اما ياسر فهو النقيض تماما..بشخصية قوية مستقلة ذكي و فطن واثق من نفسه و قدراته و يعتز بهذه الثقه كثيرا... لذلك تستغرب حلا كثيرا هذه الارتباط رغم تفهمها لرغبة والدها الحثيثه من اجل إنقاذ ود.. الا انها تشك ان العلاقة ستكون مثمرة.. فهما نقيضين في كل شيء

بعد وقت

تستعد للنوم وهي ترطب بشرة ساقيها و فخذيها.. ترتدي كعادتها احدى الأطقم القطنية القصيرة برسمة لBetty boop
تبرز قوامها الترف المتناسق .. طرقات على الباب سمعتها فأسرعت تسحب قطعة خارجية مستورة خوفا من ان يكون والدها او احد اشقائها.. الا انها تفاجأت بدخول والدتها بملامحها الهادئه الجميلة فترفع حلا حاجبيها توقعا لما ستقوله والدتها.. تقترب من والدتها التي جلست مربته على المكان بجانبها.. تدعو حلا للجلوس.. فاقتربت حلا تجلس بهدوء و ملامح جدية ارتمست على وجهها المليح...تزم شفتيها فتظهر لوالدتها غمازتيها الجميلة.. تتنهد راغدة بتعب وهي تقول

-خابرتني ام نبراس.. فتسرع حلا قائله

-يوم... وقبل ان تكمل رفعت راغدة كفها تضعه امام فم حلا تطلبها الصمت.. ثم تكمل وهي تتأمل ملامح حلا الواجمه الان

-ماربيتج هيجي حلا.. اقلها كان رديتيها باحترام.. فتصمت حلا تنتظر والدتها ان تكمل فلا نفع للمقاطعة الان و شرح الامر..فتكمل راغدة بصوت متفهم

-اني عاتبتها لان المفروض ما تتجاوزني .. بس هواي تأذيت من ذكرت ردج و طريقته.. ماما الانسان اخلاق.. كلما اخلاقج حلوة كلما يبقى ذكرج طيب و حلو.. لا تنغرين بجمالج لان يتحول بهالحالة جمالج الى نقمة.. تبقى حلا صامته باحترام تسدل انظارها عن والدتها كما تعلمت دوما... تعود راغدة وهي تقول بخفوت.. تشد على كفي حلا المعقودين امامها..

-الولد شاريج و مدوخ اهله وياه.. كم مرة تقدم و كم مرة شافج و حجى وياج.. انطيني سبب مقنع ترفضي؟ شهادة عنده و عمره مناسب مثل ما تردين انتي .. ابن اصل و فصل و من ثوبنا.. ماما انتي اكو ببالج احد؟ صارحيني حتى اقلها ارتاح.. فتبتسم حلا وهي ترفع انظراها نحو والدتها متسائله بهدوء

-يوم احجي لو بعده كلامج الحلو ما خلصان؟ فتتأملها راغدة لوقت ثم تقول وهي تزم شفتيها بانتظار هامسة

-تفضلي يبت بطني.. فهميني شنو الي صاير وياج.. فتجلي حلا صوتها بنحنه رقيقه وهي تقول

-يوم خابرتني خاله ام نبراس الصبح.. كلامها كان هجومي.. اني ابدا ما املت الاستاذ نبراس بشي.. و رفضي ابدا مو لشخصه.. بس اني حاليا ما مفكره بالزواج.. اريد اكمل ماستر و گتله لبابا.. و خالة ام نبراس هواي لحت و اذتني.. خاصة من گالت تردي لو لا اذا ما ترديه حتى نروح نشوف بنات غيرج... ماما ما حبيت الاحساس الي تركته عندي.. ما حبيت اسلوبها و كنت اتمنى ما اردها بذيج الطريقة بس استفزتني.... ادري الاستاذ نبراس ما يتعوض وكولشي زين بي بس ما حبيت شخصيته.. تصمت راغدة وهي تعلم ان لحلا الحق بالرفض.. فهي نفسها صدمت عندما علمت ان والدة نبراس اتصلت مباشرة بحلا تسألها عن رأيها الاخير..

تتنهد راغدة وهي تقول بتصميم

-مهما كان ماما .. ما حبيت ردج المفروض من البداية تگوليلها خالة امي موجودة وهي تعرف ردي..و تسدين باب الاخذ و الرد وياها... لان هي هم حقها تريد تفرح بابنها الي راح يدخل الثلاثين و ما يرضى بغيرج..منتظر من كم سنة... .عموما اني ما الومج و هسه ما احاسبج ابدا.. لكن اتمنى منج مره ثانيه تضبطين نفسج و لسانج ماما مهما كان المرة بعمري.. واني ادري بيج من تردين.. تردين بشكل مؤدب لكن رد مليان تجريح.. تصمت حلا وهي تعلم صحة كلام والدتها.. وهي اساسا لم تقصد جرح والدة نبراس بقولها ان ابنها من يركض خلفها و يكرر المحاولة كل مرة.. والا هي كانت واضحة جدا منذ البداية و قد قالت رأيها صريحا واضحا لوالديها...

تنهض راغدة وهي تقول برجاء امومي.. وتنهض معها حلا تأدبا

-اسأل الله تعالى يرزقج الزوج الصالح ماما... يوم المنى الي اشوفج عروسة ببيت زوج يحفظج و يصونج... فتحتضنها حلا بدلال و تحيطها راغدة بمحبة تقبل خدها و تمسح على شعرها هامسة بابتسامه

-نامي هسه و باجر هم النا گعدة ثانية.. اريد افتهم شغلة الماستر الي طلعتي بالجديد بيها شنو سالفتها.. فتبتسم حلا وهي تبتعد عن والدتها تتنهد.... الحرب مع راغدة ليست هينة.. تحتاج دوما الى اسناد و معونة و على ما يبدو ان والدها انسحب تكتيكيا من المواجهة..حتى حين

*******************************************

ذات الوقت..مكان اخر

تجلس في غرفتها.. منعزلة كعادتها.. تبعد شعرها الطويل الناعم عن وجهها باكية.. عقلها لا يهدأ و لا يتوقف عن التفكير.. تتذكر طلب عمها.. و موافقة والدها فلا تزداد الا حرقة.. عالمها تشعره يهتز وكأن قوى خارجية تهزه.. لماذا لا تبقى هنا؟؟ يستمرون بنسيانها و تجاهلها؟لما عليهم فرض قراراتهم عليها.. تعود و تتذكر ياسر.. فتغمض عينيها رفضا... مالذي يبحث عنه فيها؟ هي بجميع عقدها و ذنوبها و معاصيها.. تختنق بالبكاء وهي تشعر بالرغبة مجددا تستعر فيها... مرض ادمنته و ما عادت لها السلطه للتحكم فيه... يفتك في روحها النقية.. يسلبها صفائها.. تعود و تبكي .. تحتضن نفسها وهي تشعر بالخوف.. تشعر بنفسها اللوامة تقتلها ببطىء... و تأنيب الضمير يوجعهاو يحرق احساسها ... ترى نفسها مشوهه قد اجتمعت جميع التناقضات فيها.... وحيدة.. تصارع شياطينها...

تمتد يدها بأرتعاش نحو جهازها اللعين المحمول.. ترى به لعنة ستقضي عليها... تود تحطيمة... بل فعلت... فعلتها اكثر من مرة... و من هنا رأت ياسر و شهدت تدخلاته في وقت ما... فهو لم يفهم وقتها سبب تحطيمها لاجهزتها مرارا حتى جاء ذلك اليوم

يوما... لن تنساه بخزيه ابدا... كانت مرام و والدتها ضيفتان عندهم كالعادة.. وقد طلبت مرام وقتها جهاز ود المحمول حتى تتأكد من امرا ما يخص دراستها.... فتعذرت ود بأن جهازها عاطل.. به خلل تقني ما... فصمتت مرام على مضض وقتها وهي تعتقد ان ود لا تريد اعارتها جهازها.. كانت ود وقتها خائفة من وجود ملفات ما او امور ستكتشفها مرام ان اعارتها جهازها..

حل وقت العشاء وجاء والدها بصحبة ياسر.. كانت ود وقتها تتحاشى ياسر كثيرا.. تراه مبهرا بشخصيتة الرزنه القوية.. وتشعر بالامتعاض من تمسح مرام به بشكل واضح مقزز.. ليلتها لم تلتفت له ود كثيرا.. بل كانت ترد على اسئلته بتباعد.. حتى انتهوا من العشاء فاستأذنت ود للصعود الى غرفتها.. هربا من نظرات ياسر العميقة.. وقتها سمعت مرام تقول لها

-غريبة ود جهازج عطلان و ياسر هنا تخصص اجهزة حاسوب؟ ثم تلتفت نحو ياسر تحدثه بابتسامه

-طلبت من ود جهازها حتى اتأكد من برنامجي مالت المحاضرات.. بس گالت جهازها عطلان.. بنت عمك رهيبة هذا الجهاز يارقم الي تخربه؟؟ فيلتفت ياسر ببطىء نحو ود يقول لها بهدوء

-جيبي اشوفه... فتتلكأ ود و تتلعثم وهي تهمس له بخفوت

-ما يحتاج ياسر اني اشوفه الخلل بسيط.. فيؤكد هو بهدوئه المعتاد.. و نظراته تكاد تقتلها روعة.. تشعر به يعرف كل وجوهها... يدرك كل مكامن شرها و انحراف رغبتها

-مايخالف.. جيبي اقلها ا نصبلج عليه برامج حماية قوية... فتترد ود وهي تشعر انها وقعت بالفخ.. نظرات مرام مستغربة من الحاح ياسر و نفور ود.. فهي لا تتصور ود الجاهلة لديها اسرار مخزيه ... فهي لا تراها سوى كتلة من البشاعة و التعقيد... تخفي نفسها دوما خلف نظارتيها الطبيه الكئيبة.. ملابسها غامقه دوما.. واسعة تعطي الاحساس انها بدينة جدا... حتى تصاميم ملابسها كئيبة صارمة.. شعرها لا تتركه مفتوحا ابدا.. اغلب وقته مرفوعا بكعكة غليظة.. وجهها خالي دوما من الزينة..ممتلىء بالبثور التي تركت اثارها الوردية على بشرتها الحنطية الفاتحه... فتاة بها من العقد الكثير... منفره بصمتها و برودها.. كأن لا حياة بها...

يعود صوت ياسر ملحا وقد انتبه كل من صالح و سعاد و ميعاد للحديث الدائر الان

-حتى لو مكسور ود.. جيبي اسحب ملفاتج عليه و اجيب واحد ثاني..فدوة الج.. وقبل ان ترد ود عليه تسمع صوت والدها ناهرا

-دجيبي للجهاز الولد صارله ساعة يتوسل.. شو گومي .. فتفزع ود من صوت والدها وتضطرب انفاسها وهي تسمع صوت ياسر مهدئا

-ما يحتاج عمي.. يجوز عليه صور الها اوشي حقها ما تريد .. فيستمر صالح وهو يقول لود بتعنيف و عناد

-لا اشو الا تجيبة هسه... فتسرع ود الى الاعلى.. تشعر بضربات قلبها تخنقها.. وقد ارتفعت حرارة وجهها حد التعرق.. تتعثر يدها وهي تحاول عصر دماغها ان كانت قسمت جهازها جيدا.. او استخدمت برنامج التنظيف المحترف مؤخرا.. فتضرب خدها هلعا وهي تتذكر ليلة امس الصاخبة.. تسمع صوت والدها مناديا من الاسفل

-وينج؟؟؟ فتفزع مسرعة وهي تعبث بلوحة مفاتيح جهازها المحمول.. تضغط عدة مكابس في وقت واحد من اجل تعطيل الجهاز في حالة الطوارىء و تتنفس الصعداء وهي ترى الومضات الخاصه الت تعلمتها.. فقد اغلقت جهازها بطريقة محكمة ولن يستطع احد الدخول الى عالمها.. كما اعتقدت وقتها

ليلتها لم تنسى ابدا نظرات ياسر لكفها المرتعش وهي تناوله جهازها... بل رأته يعض على نواجذه غضبا.. وقد لاح لها عرقا نابض في رقبته كأنه يصارع امرا ما..تلقف جهازها منها صامتا... حتى لم يطالبها بكلمة سر.. اوسلك الشاحن.. تلقفة فقط و صمت ثم غادر بعد وقت و جهازها معه..

وعاد به في اليوم التالي... صباحا.. عند مغادرة والدها لعمله... وكان قد اختار هذا الوقت بالذات حتى يهينها براحته... يومها طلب منها مرافقته للباب الخارجي...تلعثمت و تهربت.. لكنه صمم بشكل محرج لها و لخالتها سعاد التي كانت تراقب الموقف باهتمام بالغ .. رافقته ود تسير خلفه تفرك كفيها حتى توقف امام الباب يهمس لها بفحيح
-سود الله وجهج دنيا و آخره على الي شفته بجهازج والله العظيم ياود لو انتي اختي كان عرفت شلون اتصرف وياج بس حتى ايدي ما اگدر امدها عليج.. ولج شنو هالخزي الشفته سألها بحرقة وقد احمر وجهه تماما من الغضب .. يكمل وهو متيقن ان خالته سعاد تراقبهم من نافذة المطبخ المطلة على الباب الخارجي لكنه يعلم ان الرؤية ليست واضحة لها لبعد المسافة.. يعود ويهمس لود
- شنو موضوع الاختراقات ولج حتى مراكز امنية مخترقه انتي شنو تردين تبلين ابوج فهميني غير المواقع الإباحية و الاشتراكات.. يلتفت قليلا..يقول لها بحرقة فتنكس رأسها بخجل
- لوما ادري عمي مو مال كلام ونصح .. ويبتلي رأسا بدمج كان جهازج هسه يمه ود ...بس الي يشفعلج بس... اني اخاف الله بيج و ادري الي تسوي من الفراغ الي عندج... تقربي لرب العالمين بدل هالمعاصي الي تلعب النفس (تثير الغثيان).. يصمت وقتا مستغفرا ثم يقول بعد وقت وهو لازال يوليها ظهره ينظر امامه هذه المرة..يقيها شر نظرته المشمئزه منها
- خافي من ربج لان على ساعة ينزل عقابه ود... جهازج مسحته و بي برنامج مراقبة بس ياريت نفسج تكون عليج رقيبة مو اني.. ثم يخرج دون ان ينظر اليها
يومها شعرت بقلبها قد اعتصره الوجع حد الاختناق.. يومها ضربت نفسها مرارا عندما اختلت في حمامها.. جلست اسفل الماء الساخن حتى احمر جلدها... بكت عيونها حد الجفاف و الحرقة.. كرهت نفسها.. كرهت الأصوات التي تسمعها في رأسها.. اصوات تارة محذرة مذكرة بعقاب الله عز وجل و تارة اخرى تعذرها و توجد لها الأسباب .. و هي في ضياع و احتياج و رغبة تفتك بها

تعترف ان كلامه ذاك ..قبل عامين تحديدا...اثر عليها كثيرا... تابت و حلفت يمينا على نفسها.... عذبت نفسها كثيرا بالترهيب....القسوة.. لكنها كانت تنتكس بعد كل عقاب من والدها.. تنتكس بشكل مريع يذهلها... فترى نفسها الإمارة بالسوء تقودها.... بل تقيدها بقيد دامي مميت.. حتى بدء رعبا من نوعا اخر يشلها بل يتعبها و يجعلها تنفر من اي ذكرا للزواج لذلك اهملت نفسها حتى تكون منسية لا يفكر بها احد... رضيت ان تجلس في المنزل علها تموت في غرفتها و تتعفن... ود كانت تعيش ارهاب الذات... تعيش التناقض بشخصيتين... و كل عقدتها انها عاشت ببيئه انتقصت كثيرا من انسانيتها فوجدت في إخراج رغباتها بتلك الطريقة الغير سوية انتقاما من والدها ...

تتأمل الان بخضوع اللذة المحرمة جهازها المحمول... كأنه شيطان يدعوها و يغريها.. تبتلع ريقها و تشيح عنه باضطراب.. فتشعر بضيق انفاسها المعتاد...وغليان دمائها المتدفقه في عروقها.. تعض شفتها السفلى علها توقف نفسها.. الا انه لا فكاك...احكمت الرغبة طوقها..وازهقت أنفاس وعودها الهزيلة

تمتد يدها تسحب جهازها بأستسلام.. تفتحه و الاحتدام عاث فسادا في دواخلها العليلة... وعودا اطلقتها...ذهبت ادراج الرياح في لحظة الاحتياج الشديده....لحظة اشتعال الإدمان.. . ترتعش كفها وهي تدخل على احدى الحسابات الخاصة القوية المدعمة ... ترتعش اكثر فورة و رغبة وهي تتابع بشغف ماترى في غرفة الدردشة الخاصة... غفلت نفسها اللوامة و استكانت... واستلمت زمام متعتها نفسها الإمارة بالسوء ...فتتابع مايجري امامها بتسليم و انقياد حتى رأت ما ارعبها

ففي رمشة عين تغيرت شاشة جهازها.. بومضات سريعة مبهمة تابعتها ود وهي تعقد حاجبيها باستغراب.. و رأت نفسها داخل احدى غرف الدردشه الخاصة وحدها و لرعبها كانت ترى نفسها في الكاميرا المفتوحه والتي لا تعلم كيف فتحت و قد عطلتها هي سابقا بشكل دقيق.. وقبل ان تتخذ اجرائاتها الحمائية... رأت "الصياد" يكتب لها بلغته الفصيحة
- اصطدتك أخيرا.. لقد اشتقت اليكِ كثيرا يا كل المتعة و الحب و الود...
بعد ايام..بغداد الحبيبة..صباحا

تجلس مع والدتها لتناول وجبة الافطار.. وقد ذهب والدها توا الى عمله... هدوء حذر تشعره بذبذباته في المكان.. فتبتلع غفران ريقها وهي تسمع تنهد والدتها وهي تتابع وسيلة التواصل الاجتماعية تقرأ رسالة من ..سيف... فيحرق الفضول غفران..تتمنى ان تقرأ ما يرسله.. تعلم انه مع تواصل مع والدتها...و امه التي ربته غي نفس الوقت...تعلم انه ان تخلى عن العالم كله...فلن يتخلى عن والدتها شهناز... تراقب غفران بخفية اصابع والدتها وهي تكتب شيء ما..و فضولها يقتلها ببطىء... منذ ان انتهت من دراستها وبقيت في المنزل حتى حفظت اوقات اتصاله بوالدتها... والان تعلم انه سيتصل بعد وقتا ليس بالطويل...فتجلس صابرة..وقد تعمدت ان تطيل بتناول افطارها... رغم انها فقدت فعليا شهيتها... جنون...ما تشعره هو الجنون.. رعشات تنتابها..و حرارة تشعرها في وجنتيها..حتى انفاسها باتت لاهثه..لمجرد التفكير انه سيتصل بوالدتها في وجودها... تفتح شعرها بارتبك وهي تشعر بنظرات والدتها تتاملها بهدوء.. ثم تسمع صوتها مخاطبا برقة وقد وضعت هاتفها بجانب طبقها وقد قلبته على وجهه

-حبيبتي ماما خالتج راغدة تريدج تتحضرين اليوم.. مهاب راح يجي عليج العصر تطلعون تجهزون غرفة النوم... هواي فرحت بموافقتج تبقون يمهم بالبيت... بيت عمج احمد واسع و اساسا هو مخصص لكل واحد جناح...فتومىء غفران بتوهان وهي تبعد خصل شعرها عن خدها.. تقول بخفوت

-اني هم فرحانه راح ابقى يم خالة راغدة و حلا... بس ماما شايلة همج... البيت راح يفرغ عليج قالتها وهي ترفع انظارها بشجن نحو والدتها الباسمة...فتمد شهناز يدها تشد على كف غفران بمودة

-يوم هي هاي سنة الحياة... و اني مو بعيدة.... كل يوم ان شاء الله يمكم ولو اني اريدج تتعودين على مهاب ببيت وحدكم... عندي احساس لحد الان بينكم حواجز.. ماباقي على زواجكم شي ماما... شهرين تقريبا و تصيرين ببيته... وانتي لحد الان احسه من يجي تصيرين قالب ثلج.... تصمت شهناز وهي ترى نظرات غفران الواهنه... راحلة عنها بفكرها..بل شاردة.. رهينة و تعلم بيقين انها رهينة و اسيرة للماضي...تبذل جهدها لاسكات الشوق و الحنين الذي تقرأه الان بوضوح في ملامح وجهها الجميلة..لكن شهناز ليس بيدها اي حيلة.. تدعو فقط..و كم تدعو... تقضي صلاة ليلها بالدعاء لهما.. لغفران بالنسيان و السلوان.. و البدء من جديد..ولذاك بالتوفيق و والرضى بما كتب له القضاء..تعود وتهمس برقة لغفران

-ماما اعيد عليج..انتي ما مجبورة..ما تردين مهاب اكو بعد وكت...لا تظلمي و تظلمين نفسج... ابوج اني اتكفل بي.. انتي ماتسوين غلط برفضج ومهاب يتفهم هسه .. بس تره الرجال صعب يتفهم الرفض بعد ما تصيرين ببيته... فتغمض غفران عينيها....تهدء من ضربات قلبها..تحاول ان تسكت جميع الظنون و الامنيات الجميلة.. وقبل ان ترد صدح صوت هاتف والدتها.. بنغمة خاصة... فتوقفت شفتي والدتها عن قول المزيد وهي تنظر الى غفران التي تيبست تماما... فتسحب هاتفها و تقف قائلة

-فكري بكلامي زين....اني وياج بكل خطوة يوم...الي يريحج اني وياج بي..وتنهض تستدير عنها وهي ترفع هاتفها لاذنيها تهمس بمحبة امومية صافية

-هلا حبيبي ماما... و تترك غفران .. بكل مشاعرها ...صامته

بعد وقت..

تغلق منه وهي تمسح دموعها...متغرب عنها منذ اعوام..لا تراه الا عن طريق الهاتف...فمنذ ان طرده ناصر حتى ازدادت نوبات انهيارها خاصة و انها تعاني الضغط و السكر و جلطات قديمة تجعل صحتها هشة لا تتحمل.. وقتها شفع لها احمد عند ناصر القاسي ان يرحم حالها و يسمح لها ان تتواصل مع سيف...فهو ابنها الذي لم تنجبه بطنها... وقد اصبح محرما لها...بعد عقد قرانه على غفران..

تعود شهناز وهي تستغفر و تحوقل...فما نفع ان تؤذي نفسها بالذكرى.. سيف بخير وهذا هو المهم.. تراه عند كل اتصال مرئي قد ازداد عزة و هيبة.. ملامحه حادة مرسومة بأتقان رجولي.. تراه صلبا قويا وهو يسأل عن ناصر.. ابيه.. و يسأل بكل برود و بساطة عن غفران.. ثم يتجاوز الجميع.. فيسأل عنها بحنان بالغ.. يخبرها انه مشتاق مشتاق... وان اكثر ما يشتاق اليه هي رائحة يديها عندما يقبلها مرارا كعادته... يشتاق الى رعايتها و اهتمامها.. وتسألة هي بعاطفة امومية عرفت اولى نسماتها معه.. عن احواله... عن زوجته و ولده.. عن شركته التي استطاع ان يقوم بها من العدم.. فيجيبها واثقا لا يهتز طرفه.... ان الجميع بخير.. و ان ولده يعرفها الان حق المعرفة.. فهو لا يكف عن اخباره بمدى روعة امه شهناز.. و تطلبه شهناز دون ملل صورا لولده فيتعذر.. يخبرها ان سيرسلها لاحقا.. الا ان ال لاحقا لا تأتي ابدا...

وعلى بعد الكثير من الاميال.. وقف سيف يراقب الفضاء المتسع امامه.. حيث مكتبه الواقع في احدى ألابراج الحديثة في دبي.. مكتب إنشاءات هندسية .. و هو المركز الرئيسي لعدة مكاتب اخرى منتشرة في دبي و العراق.. عيناه العسلية جامدة تراقب دون ابصار او تركيز.. وقد شمّر عن ساعدية فبرز وشم ما بباطن ذراعة الأيسر كتب باللاتينية.. جسده الفارع العضلي كان يشبه لحدا ما جسد والده الراحل..راضي.. والده الي لم يعرف عنه سوى أقوال و احاديث سمعها من هنا و هناك.. و صور صامته بكماء..يتأملها سيف دوما برغبة ملحة للتعرف على والده.. يعود ويمسح عينيه الحادة بنظرتها.. فيشعر بحرقة تكوي جوفه... هل قالت امه شهناز ان زواجها قد تم تحديده بعد شهرين؟ و من دون ان يشعر يضرب على زجاج الواجهة الزجاجية امامه .. يشعر بأنفاسه لاهثة.. فيبذل جهدا لتهدئة نفسه...يغمض عينيه لثواني فتلوح له صورتها البريئه.. بخديها الاحمرين وفمها الصغير كخاتم... يتنهد بعمق وهو يتمتم بشيء ما.. ثم تهدء انفاسه بعد وقت و يفتح جمرتيه الذهبيتين بنظره خاوية.. فلا فائدة ترجى من الذكرى.. اضاعها برعونه.. لا مثيل لها... و كما يقال.. غلطة الشاطر...بألف..

يبتعد عن النافذة عائدا لمكتبه الانيق.. يجلس بهدوء و تذهب عينه لصورة زاهية وضعت امامه بحجم منضدي متوسط لطفل صغير بعمر الثالثه تقريبا.. ترتسم الضحكة على شفتية.. نسخة طبق الأصل منه في طفولته.. تمتد اصابع سيف اليه ببطىء شديد... يتابع رسم وجهه و كثافة شعره.. يداعب بطرف اصابعه عيني الصغير..و تدمع عينية و من دون ان يتردد يقلب الصورة على وجهها مبتلعا غصة مؤلمة توجعه دوما ولا يستطيع مهما فعل....تجاوزها
دقائق حتى سمع طرقات خفيفة على باب مكتبة ثم دخول مساعده الشخصي "هيثم" قائلا بعملية
- استاذ سيف الاجتماع راح يبدي بعد دقايق والمهندسين و الادارين منتظرين حضرتك.. يبقى سيف صامتا لفترة وهو يفكر بمشروع بغداد الذي يدور حوله الاجتماع الان.... هل يجازف و يتسلمه بنفسه؟ ام يتركه لغيره من المهندسين الاكفاء الذين يعتمد عليهم عادة في مشاريع العراق؟ يزم شفتية لوقت وقد تلمست يده بشكل آلي قلمه الموضوع بجانب كفه وقد بدء ينقر به ببطىء على سطح مكتبه مفكرا ..فيصله صوت مساعده مجددا
- استاذ اكو شي؟ فيرفع سيف اليه نظرات متأملة ليقول بعد وقت وهو يتنهد يستعد للنهوض
- اسبقني..
*******************
ذات الوقت..بغداد الحبيبة

تجلس بجانب والدتها التي جلست ترتشف قهوتها الفرنسية.. تقول بألحاح
- ماما عفية ما افهم ليش معارضه الموضوع؟ فتلتفت راغدة عاقدة حاجبيها بحدة
- انتي من كل عقلج حلا اخليج تكملين بره؟ خطوة عن بغداد ما الج .. تردين تكملين ماستر.. تكملين هنا ابد لا تفكرين تطلعين خطوة وحدة بره بغداد... اني بالعراق و ماقابلة تكملين بغير محافظة.. الدور تردين تكملين بره؟ فتزم حلا شفتيها وهي تقول بخفوت
- هذا مو ياسر فتقاطعها راغدة وهي تضع كوب قهوتها على الطاولة الزجاجية امامها تقول بنبرة تحاول ان تكون هادئه
- الف مرة گتلج لا تقارنين نفسج بياسر او اي احد من اخوانج.. انتي بنية و صغيرة وين اخليج تسافرين حتى لو دولة عربية؟ ياسر اكبر منج وماكو اي مقارنة.. تصمت راغدة وقتا متأملة امتعاض حلا فتعود و تكمل بتعب
- وانتي مدللة ماما وينج و وين بهذلة السكن الداخلي... تردين ماستر .. مو مشكلة هنا ببغداد قدمي و يصير خير.. تصمت حلا الان وقد تجمدت ملامح وجهها تماما.. بل و ارخت جفنيها تحاول ترتيب كلماتها لتعود و تقول لوالدتها بنبرة هادئة
- تدرين الفرص هنا قليلة ماما و انتي ما تردين اطلع بره بغداد و الجامعات الخاصة ما ادري اذا تنطي مجال يبقى الا اذا اقدم و يطلع قبولي اظل اروح و اجي يعني هم لازم احد ويايه يوديني و يجيبني.. تصمت راغدة وهي تفكر ان كانت حلا جادة فعليا في موضوع الدراسة.. الا ان ما تراه امامها من اصرار خير دليل .. تتنهد وهي تقول لحلا
- قدمي اوراقج و يصير خير ماما و ان اني اشوف تكملين بعد الزواج.. تصمت وقتا تتأمل ملامح حلا العنيده.. ثم تكمل بأقناع ...
- يوم الدراسة حلوه و ابد ما عندي اعتراض بس هم اريدج تفكرين بالاستقرار ... هواي بنات من معارفنا تزوجوا و ورى فترة كملوا دراسات عليا .. اني اريدج تستقرين ماما حتى ارتاح والي دا يتقدمولج ما قاصرين
تزم حلا شفتيها بعادة فطرية لها تدل على رفضها فتسألها راغدة بنبرة حانية
- ماما احجيلي.. انتي اكو ببالج احد؟ احد معجب بيج وانتي منتظرته مثل بنات هالوكت.. فهميني يوم لان اني احتار گلبي وياج
فترفع حلا نظراتها لوالدتها و تقول لها بتساؤل
- يوم كم مرة سألتيني و گلت لا.. فدوه لعمرج يوم اني ما اريد اتزوج هسه.. ماكو احد على مرامي... فتعود راغدة و تسترخي في مقعدها وهي تقول عاتبه
- هو غير افتهم المرام شنو حتى ارتاح... تبتسم حلا وهي تميل تقبل كف راغدة وهي تقول
- انتي ادعي بس الله يجيبه.. والباقي عليّه فتبتسم راغدة و تهز رأسها عجزا .. تدعو الله في سرها ان يصلح امر ابنتها و يهيىء لها زوجا صالحا... يسعدها و يرضيها....

***************
بغداد الحبيبة.... منزلا آخر

تقف امام المرآة تمشط شعرها متوسط الطول سارحه في انعكاس صورتها.. تدقق في هيئتها فترى انها ازدادت نوعا ما وزنا.. فيزداد حنقها على نفسها ...حالتها النفسية سيئة و كلما دخلت في موجة الكآبة المعتادة حتى تزداد شراهتها بشكل مرضيّ مؤذي..

تلتفت وهي ترى انفراج باب غرفتها فتعقد حاجبيها.. قبل ان ترى مرام امامها.. للحظات بقيت متجمدة تفكر في جرأة مرام الغير معقولة.. مالذي يجبرها على تحملها؟ لا تعلم فعليا لم تصمت على وقاحتها و جرائتها الفظه... تراها تدخل دون اذن.. بخطوات متمايلة و ابتسامة مقيتة ترتسم على شفتيها.. تقول بصوتها المستفز
-ادري ما تنزلين...گلت اصعدلج.. تصمت ود قليلا وهي تفكر بمرام و علّتها معها.. سبب الكره و العداء المستمر لها.. فتقول بصوت ودت لو كان ثابتا متزنا..الا انه خرج مرتعشا مهزوزا
- محتاجة شي؟ ما اظن بينا كلام مرام.. فتجلس مرام على طرف السرير الواسع بأستفزاز.. ترمق ود بأستصغار ساخر...ترى امامها هذه المهزوزه.. فتتغير نظراتها المتأملة..لا تنكر الان انها مليحة...خاصة و ان ود تخلت عن نظارتها الطبية القبيحة والتي تخفي نصف وجهها.. شعرها كستنائي ناعم رطب و كثيف دون كتفيها... تراها الان تفرك جبينها كأنها تعاني من صداع ما.. فتحدثها مرام بصوتا بارد مستفز
- ما صاعدة و متعنية علمود سواد عيونج... فتنظر لها ود عاقدة حاجبيها تستغرب نبرتها الحاقده.. تكمل مرام دون مبالاة
- شصار على موضوع ياسر؟ خالة تگول عمج بعد ماحجى بالموضوع من مهد ذيج المره؟ فتصمت ود لبرهه مفكره.. لما تهتم مرام كثيرا لأمر ياسر؟ هل تحبه حقا؟ ام انها الغيرة العمياء التي لا تفهم لها ود مبررا.. يطول صمت ود فتنتفض مرام بحقد وهي ترى غرق ود في حديث نفسها و افكارها ..... فتنهض مرام واقفه بقلة صبر و حدة.. تقترب من ود تواجهها
- صحصحي ويايه... ثم تنقر بيدها على رأس ود قائلة
- ترفضي مره و ثنين و ثلاثه فتهمتي لو لا.. انتي ما تناسبي انتي وين و هو وين... فتقول لها ود ببرود هامس وهي لا تنظر اليها حتى
- يعني انتي الي تناسبي؟ فيجن جنون مرام تعود و تقول بحقد
- اقلها احسن منج عندي كرامة و شخصية و جمالي يشهد بي الكل.. انتي شنو الي بيج ينحب و يناسبه؟؟ مكفخة و كلج عقد نفسية كلمتين على بعض ما تعرفين تحجين... تصمت ود وهي تخبأ انظارها خلف جفنين مسدلين..... تتحاشى النظر... فتكمل مرام هامسه بفحيح
- اذا عندج كرامة لو ذرة منها ما تقبلين بي حتى لو تشردين... قالتها بتحفيز وهي تنظر بتصميم لود.. فترفع ود نظرات غير مقروءة لمرام كأنها صُدمت بجنون مرام و حدوده.. فتكمل مرام شارحه بأقناع
- اي شكو بيها.. لا انتي اول وحدة ولا آخر وحدة.. شردي روحي لامج و اذا تردين اني اوصلج الها! فيخفق قلب ود لذكر والدتها
.. تكمل مرام بأغراء و اقناع
- عمو صالح ما يجي هنا دائما.. جمعي غراضج و كم يوم و ارتبلج وضع الشردة.. طلعي للشمال و امج تجي هناك.. انتي تدرين امج ساكنه بره؟؟ متزوجة و عدها اولاد؟ و اخوتج من امج كبار و متزوجين و كل واحد ساكن بدولة بره؟ حتى بهاي محظوظة.. فتسألها ود متغاضية عن نبرة الحسد الصريحة
- من وين هالمعلومات؟ انتي شلون عرفتي هالشغلات؟ فتغرق مرام بضحكة مغرية ساخرة وهي تهز رأسها ثم تصمت بعد وقت متحسرة
- مو اكولج انتي ثوله عايشة بعالم ثاني! هايمة وحدج مثل وحدة مدمنه ما تعرفين وين الله ذابج كله منعزله فوك.. امج كم مرة اجت لعمج احمد الي شادة الظهر بي تريده يتوسط.. و ابوج يرفض و حالف يمين يكتلج ولا ترحين يمها... و للعلم قبل كم شهر جانت ببغداد و حتى للبيت اجت بس محد فتحلها...
تصمت ود مستغربة من كم المعلومات الهائل الذي تسمعه الان بخصوص والدتها... سمعت مرارا انها رمتها طفلة رضيعه ورحلت و قد انقطعت منذ ذلك الحين أخبارها.. لا تعلم ان لديها أخوة منها.. لا تعلم حتى انها خارج العراق.. كانت تظن دوما انها موجودة في العراق لكنها نسيتها.. و انشغلت حتما بحياة جديدة هي ( ود) ليست جزءً منها... حتى قبل اعوام عندما بدأت ود تفهم و تسأل عنها بجدية... كانت هي ذات الاجوبة المعتادة منذ طفولتها ما تنالها... والدتك رحلت بعد ولادتك مباشرة...وصدقت هي مجبره بلا اقتناع..... فلا احد من اهلها حتى خالتها سعاد تملك معلومات أكيده عنها سوى الاسم فهي لم تلتقي بها..زوجة تزوجها والدها من اجل الولد... و خابت آماله عندما ولدت بنتا.. ارضعتها والدتها أياما و أطلقت عليها اسم ود...ربما رغبة للود... للصلح... طلقها والدها بعدها و اوفاها جميع حقوقها...لكنه لم يفرط بود...خوفا من عار يناله ان فرط بها
لا تملك ود لها اي صورة ولا معلومات اخرى عدى اسم مجرد من اللقب وضع في هويتها بخانة الام... و كفت ود بعد سنوات عن السوأل المكرر عنها...اقتنعت انها لا تريدها...

-شگلتي؟ تسمع سوأل مرام الساخر
فتعود ود و تنظر اليها امامها... تفوقها طولا.. بيضاء مشربه بحمرة... عينان عسلية واسعة... جميلة.. رشيقة... انعم الله عليها بالحسن..لكن توفيقها كان بالشكل الظاهري فقط.... فنفسها انانية.. .سوء السريرة.... غيرة.. حسد... و عينا لا تمتلىء بسهولة...
تقول لها ود بهدوء بعد وقت وهي تبتعد عنها
- ماكو شي يغري صدگيني بعرضج... امي لو تريدني جان كعدت بباب البيت... جان سوت اليصير و الميصير علمودي... تلتفت ود الى مرام فتراها قد استدارات هي الاخرى تتابعها بنظرها المتقد.. تكمل ود وهي ترتب فراش سريرها الواسع فالوقت ظهرا لكنها استيقظت متأخرة كعادتها....
- تتوقعين ياسر رايدج؟ أتعجب ليش هالكد رايدته وهو ما معبرج؟ و انتي حسب ما اعرف كل شهر يتقدملج عشرة حسب ما تتفاخرين؟ فتقترب مرام منها بحقد وهي تقول
- شقصدج؟
تصمت ود.. لا طاقة لها على الاخذ و الرد.. و هذا ما يصور للجميع انها ضعيفه.. معدومة الشخصية.. تجيب ود بهدوء يثير مرام لدرجة الجنون
- الي ما عنده ذرة كرامة انتي... مو اني... اني رافضه ياسر و ياسر هو المصمم.. انتي راكضه ورى ياسر و مقطوع نفسج وهو ولا يمج... منو الي بلا كرامة هنا.. وقبل ان تكمل ود رفعت مرام كفها و صفعتها بقوة.. صفعة نالت من خد ود وقد تركته محمرا.. فدفعتها ود تطردها من غرفتها وهي تقول بحدة
- طلعي بره.. طلعي بره ياسر ما يريدج و على عنادج راح اقبل .. و ما يمر الشهر الا و اني مرته هسه اخابر عمي احمد ... فتجن مرام و هي ترى قوة ود حتى بردها..

تعلو اصواتهن بين ود الطارده لها.. وبين مرام التي جنت تماما.. فتركض سعاد تصعد درجات السلم مهرولة تتبعها ميعاد لاطمه على خدها ... فرغم توصياتها لمرام الا ان الاخيرة لم تسمعها و صممت على زيارة سعاد اليوم... فموضوع ود منتهي حتى ود لا تستطيع الرفض.. امر قرره صالح و احمد و معهم ياسر الذي عاد منذ ايام..

تدخل سعاد غرفة ود فترى بذهول مرام وهي تسحب ود من شعرها و ود تحاول جهدها ان تتخلص منها.. الا ان بنية مرام أقوى... تسمع مرام تقول بحده
-حيوانة حتى لو اخذج راح يتزوج عليج لو تروح عينه لبره.. شيشوف منج حتى مسحة حسن مابيج .. انتي شايفه شكلج؟ شلون تقبلين تاخذين واحد احسن منج بكل شي.. شهالجرأه العندج.. فتتدخل سعاد بحزم تسحب ود تقول لمرام
- تخبلتي؟ شبيج؟ هذا كله علمود ياسر؟ شنو الدون جوان و اني ما ادري؟ فتقول مرام بجنون وهي ترى خالتها تسحب ود منها.. و تتدخل والدتها ميعاد تسحبها هي ايضا و تكتف اذرعها
- لا مو علموده بس هالكلبة ما تستاهل ...حدها واحد يبيع نفط بره.. عار و عاهه شكلها يجيب العله و المرض و كل هذا والله ينطيها الي ما تستحقه... فترد سعاد عليها وهي ترى خد ود المحمر و تستنتج تجاوز مرام
- ميعاد اخذي بنتج و اطلعي ... فتثور مرام وهي تقول بجنون لا يهدء
- تدافعيلها مو خالة؟ مو هي هاي الي تگولين عليها وجه نحس الله يعين الي ياخذها.. مو هي الي تسميها البلوة.. شو هسه تدافعيلها.. لو خايفه من ابوها و عمها..ترى هذا بيتج خالة اذا نسيتي و هي خطار عدج يعني محد عنده شي يمج ... فتبتعد ود عن أحضان سعاد وهي تفرك خدها... تقول بصوت متغير بتصميم

- طلعوا كلكم بره.. فتتنهد سعاد وهي تدلك جبهتها... صداع.. ما تمر به هو الصداع.... راغدة و احمد من جهة... و صالح الثائر والذي باتت تردعه عن ود بقوة من جهة... تعود و تقول لمرام
- امشي طلعي... و توجه الكلام لميعاد المراقبه
- لمي بنتج و طلعي ميعاد ظغطي اله كم يوم صاعد... لا تجوني بعد الا اني اخابركم... اخذي بتج و اطلعي... فتثور مرام و هي ترى والدتها تدفعها امامها.. و يصلها صوت ود هادئا
- حجاية اگولها گدام الكل و يجي يوم اذكرج بيها... ما تتهنين بحياتج... ما تتهنين ابد لان عينج بره و دايما تشوفين نفسج انتي الأحسن و انتي بالواقع الاسوء... نفسج سيئه و أقبح من شكلي الآف المرات... فتكمم ميعاد فم مرام.. تمنعها من الرد... و هي تدفعها لخارج الغرفه.. تتبعهم سعاد وقد ألقت نظرة اخيرة على ود قبل خروجها.. فرأت ود تعود و تجلس على سريرها... تدلك خدها المصفوع

صمتا انتشر في المكان بعد خروج مرام المدوي... جلست على اثره ود مرهقه... تشعر بتجمد عينيها... و افكارها تموج و تموج... تتنهد و هي تشعر بقلة الحيلة... تسحب هاتفها الذكي و تضغط على اسم عمها احمد...

عصرا...

تجلس بجانبه و سكينة ما تشعرها عندما تكون في رفقته... عمها الاثير الى نفسها... رغم ان ناصر لا يقصر ابدا... الا ان عمها احمد له مكانه خاصة لا ينالها احد.. عزيزا جدا عليها.. فور جلوسها بجانبه في سيارته الفارهه حتى احتضنها مقبلا جبينها بود
- حيا الله ود حبيبة عمها... فتهمس ود باسمه بحياء
- الله يحييك عمي... شلونك؟ يراقبها احمد باسما وهو يمد يده لنظارتها يسحبها و يرميها امامه
- زين بشوفتج بنيتي... ما صدگت من گلتي عمي مرني اريد اجي لبيتك..يصمت وقتا يتأملها و هو يتذكر ياسر الذي طلب بأصرار ان يكون معهم بهذا اللقاء حتى يقنع ود بزواجهم.. لكن احمد رفض بشكل قاطع.. يعود و يهمس لود التي ارخت اهدابها الطويلة باسمة..
- حرام عليج عمي مدمرة عيونج الحلوة بهالنظارة الي راح تعدم شوفج... فتبتسم ود و هي تعض طرف شفتيها.. فعمها يعلم انها لا تعاني من مشاكل بالنظر انما تدعي ذلك.. تقول له بود
- بس انته تشوفهن حلوات عمي.. فيقهقه احمد وهو يعتدل في مكانه يبدء بتشغيل سيارته
- انتي كلج حلوة بس انتي ما منتبهه لنفسج..و اجمل ما بيج روحج .. فتقول عاتبه وهي تنظر اليه
- منو يشهد للعروس يا عمي.. ثم تتنهد وهي تنظر لكفها... . الله يحفظك دوم رافع معنوياتي فيقهقه احمد مره اخرى وهو يقول
- لو احجي منا لباجر ما تقنعين.. صيري مرة ابني و ببيتي و شوفي شلون راح تصيرين قالها غامزا وقد بدء بالتحرك من امام بيتهم ... فتهز ود رأسها باسمه وهي تنظر من النافذة.. متى خرجت من المنزل اخر مره؟؟ منذ تلك الليلة التي حرق والدها ملابسها فيها... تشعر ان عمرا قد مر منذ تلك الليلة... تعود و تلتفت بتذكر لعمها.. وهي تفتح حقيبتها تخرج علبه ذهب مربعه بحجم الكف تضعها في المكان الفاصل بينها و بين عمها... فينتبه احمد لها متسائلا
- عندج ذهب للتصليح؟
فتهمس له ود و قد التفت بكلها اليه
- لا عمو. عفية خلي الامر سر بيني و بينك.. فيضحك احمد و هو يقول
- يا مكثر اسرارج ست ود... لعد نحتاج نگعد حتى افهم عدل السر.. بس قبلها گولي وين حابه اوديج.. فتهز ود كتفها برقه وهي تهمس له
- على ذوقك عمو وين تحب... المهم اني وياك... فيسحب رأسها اليه يقبله بمودة صافية وهو يهمس لها
- الله يرضى عليج بويه و يفرحني بيج.. فتبتلع ود ريقها و قد شعرت بغصه مريرة عند سماعها كلمة ( بوية) ... تهمس له وقد التمعت عينيها بدموع عصيّة
- حلا شلونها شعجب ما اجت وياك .. يبتسم احمد وهو يلتفت لها
- حلا شنو.. هذا الوقت الج وحدج.. نخلص و نطلع نفتر اني وياج و ترجعين تباتين يمنا ..حلا تنتظرج و يمكن غفران هم .. تصمت ود وهي تنظر من نافذتها لوقت ثم تلتفت لاحمد وهي تراه يدخل احدى شوارع العاصمة المعروفة بالكافتيريات و المطاعم الراقيه..تهمس له بتردد
-عمو.... بابا.. فيقاطعها احمد ببرود
- اخذت رخصة و انتي ما رايحة لبيت غريب... بيت عمج هذا حيّ او ميت تفوتيله و الج صدر البيت .. فتمد ود يدها تتلمس زند احمد هامسه بلهفه
- عمرك طويل عمي و بيتك دوم عامر بحسك.. فيكمل وهو يدخل فرع جانبي..
- و الولد ما موجودين.. البيت الكم اليوم... طلعتهم علمود تاخذون راحتكم... قالها وهو يبتسم بعمق يتذكر خالد الذي انتهزها فرصة ليدعو اخوته في شقته لسهرة شبابيه تجمع الاصدقاء....

بعد وقت
تجلس امامه باسمه بمحبه عميقة... كم تغبط حلا عليه.. مثقف..انيق...متفهم...يملك رحابة صدر تثير في نفس من يجالسه هدوءاً محببا.. تقول له بصدق
- عمو نيال حلا عليك... انته صديق مو عم او ابو فيضحك احمد بصفاء وهو يقول
- ما تشوفين حلا نايمة على گلبي..ما ادري اني متمسك و ما اريد افرط بيها لو هي متمسكه بيه تريد واحد مثلي يدللها.. فتبتسم ود وهي تتأمل كأس عصيرها بهدوء ... تتلاشى ضحكة احمد و ترتسم ابتسامة حنونه على شفتيه يقول لود بعطف
- أقرب أولادي لشخصيتي... ياسر... موسوعة علمية... مكتبة متنقله.. خلوق و متدين.. كلمته طيبه و يعرف شلون يصون الامانه... ما اگول هالكلام حتى ااثر عليج .. كلهم ولدي و كل واحد منهم اله صفات حلوه و مو حلوه بس ياسر كله عليه..حتى شكله.... تصمت ود تماما بل تتصلب وهي تشعر بحدسها الى اين يتجه الحديث.. يكمل احمد وهو يرى ملامح وجهها المغلقة
- لذلك من اجى ياسر گال اريد بت عمي.. فرحت.. و بليلتها صليت ركعتين شكر.. لان اريدج بيتي... جوه عيني.. و ياسر ادري بي راح يراعيج... ينطيج الحنان الي انحرمتي منه... يصير عين غطى و عين فراش الج.. تبتلع ود ريقها وهي تتذكر ياسر بكل وسامته المهيبة.. و تعلم.. في داخلها.. تعلم.. انها لا تعتب على مرام او تلومها.. فياسر يستحق...به مميزات كثيرة اولها اخلاقه السمحه.. و رجولته الواضحة.. تسأل عمها بوضوح
- عمو هو الي اجى و طلب لو انته؟ فيصمت احمد يراقب ملامح وجه ود ... يعلم انها تنتقص من شأن نفسها كثيرا..شخصيتها ضعيفه هشه... لا تثق بنفسها ابدا بل ترى نفسها عالة على الآخرين وهذا بسبب عداء والدها الغير مبرر لها و قسوته عليها.. عدم تواجده في حياتها بحنانه و عطفه..والداً بالاسم فقط.. يقول لها و كم يود لو تصدقه...ولا يعلم انه الان يبث في نفسها خوفا و شكا
- قبل سنتين طلب يتقدملج واني حجيت ويه ابوج لذلك خلي نگول انتي محجوزه اله... يصمت احمد وقت ثم يتقدم بجسده وهو يمسك بكف ود مقنعا
- عمي انتي ليش رافضه؟ انطيني سبب مقنع و صدگيني ما يتم شي الا برضاج و موافقتج... بس فهميني انتي ليش رافضه؟ ياسر مو لان ابني ... بس والله ذهب صافي حر... يعوضج عن حنان الام و الاب و حتى الاخوان...عون و سند الج... لو خالد متقدملج جان اني رفضت لان خالد الى الان ما يريد استقرار... بس ياسر موجه كل امكانياته حتى يستقر... اكو شي ما يعجبج بي؟ احجيلي اني ابوج...مو عمج... تصمت ود و تغمض عينيها تسحب انفاسها ببطىء ثم تقول بهدوء
- اني موافقه عمي..بس عندي شروط قالتها بثقه هادئه وهي ترفع انظارها اليه .. يتأملها احمد لبرهه ثم يومىء برأسه بثقه قائلا..
- شروطج كلها مجابه بنيتي و ما يصير خاطرج الا طيب.. اسمعج
- امي... اريد اشوف امي .. فيعقد احمد حاجبيه وهو مستغربا لطلبها الان نوعا ما... لكنه قال بموافقه
- خطوة تأخرنا بيها هواي.. بس ماكو مشكلة امج بيده ياسر ياخذج الها.. فتتنحنح ود بهدوء قائله
- اريد اشوفها قبل عقدي( عقد القرآن).. فيوافق احمد دون تردد
- اشوف وين و اجيبلج رقمها باجر تتصلين بيها... تهمس له ود وقد تغيرت نبرتها قليلا
- لا عمي.. اريد اشوفها... انته اتصل بيها و خليها تجي.. اني ما اريد احجي وياها... يعقد احمد حاجبيه حيرة منها.. لكنه يجاريها بقوله
- مو مشكلة.. اني اتولى الموضوع.. و بعد
- دراستي أكملها..
- هذا مو شرط... هذا اول شي تسوي بس تصيرين ببيت ياسر و هذا شرطي عليه.. قالها احمد بوضوح
- اريد بيت وحدي.... بأسمي.. ينظر احمد اليها بعمق يفهم طلبها
- بيتج هدية زواجكم اختاري بالمنطقة الي تعجبج.. وان جنت اتمنى تعيشين يمي و يم خالتج راغدة بس شكلج حابه السكن وحدكم.. قالها باسما ينوي احراجها
فتسرع ود وهي تشد على كفه المبسوط.. تنظر اليه بمحبه
- لا والله عمي و اني هم راح اسكن يمكم.. بس... فيقول لها احمد وهو يربت على كفها الصغير بتفهم ودود
- افهم عمي.اتشاقى وياج..... افهم انتي تردين شي الج ..بأسمج.... و هذا حقج... بعد عندج شروط؟
فتعض ود طرف شفتها السفلى برقه.. محرجه.. لكنها تتشجع وهي تقول
- زواجنا مو هسه.. و ما اريد روحه و جيه.. منا للزواج...
- لعد شلون تتقربون من بعض سألها بترقب.. فترفع ود نظراتها لعمها احمد.. تشعر بالخوف لمجرد الفكره...ان ياسر يعرفها حق المعرفه .. انه من اجل معرفته بها..يريد الارتباط...ربما ليؤدبها...ربما ليدفن حقا.. .عارها
- هذا شرطي عمي اتمنى تساعدني.. يتنهد احمد و هو يومىء بموافقه .. لا بأس.. يهون كل شيء من اجل هذا الارتباط... يريد ان تستقر ود و يعلم ان ياسر خير زوجا لها.. سيطمأن قلبه و باله فود تستحق ان تُرزق بزوجاً كياسر ...
تصمت ود وهي ترحل في عالم افكارها الخاص.. تشعر انه لا خيار آخر سوى الموافقه... أمر زواجها محسوم... فوالدها تخلى عن اجبارها قسرا بسبب تدخل عمها احمد.. ولو توقف الامر فقط عل والدها، لاشبعها ضربا و تعنيفا حتى توافق.. لتستغل الامر الان اذن.... وعمها احمد لن يرفض لها طلبا.. تعلم انه يريد بشتى الطرق رضاها و موافقتها... تسمع صوته الدافىء مجددا
- اتفقنا عمي؟ لو عندج بعد شروط؟ تجيبه باسمه
- خلصت عمي بس غير يوافق ياسر عليهن.. فيبتسم احمد بثقه مجيبا
- يوافق ..يوافق لا تخافين .. اليوم اشوف شغلة امج و خلي ببالج اسبوع اسبوعين و تعقدون ما تطولون اكثر.. فتهمس له راجية
- عمو طالما وافقت اني خلي الامور تمشي بهدوء عفية... حسب ما فهمت من حلا ياسر مشغول هسه بكم شغلة تخص شغله خلي يكمل براحته... يتأملها احمد لبرهه يود لو يقرء افكارها و يفهم سر طلبها في التأني لكنه يعجز.. لا يستطيع سبر اغوارها... ينظر الى ملامح وجهها الراجية الان.. فيعلم ان طلبها يعني الكثير لها..بماذا تفكر؟ يهز رأسه وهو غير مقتنع
- وان اني اشوف خير البر عاجله بس مو مشكله عمي...الي تردي يجرالج.. فتبتسم بتوتر وهي تسدل انظارها عن عيني احمد المترقبة...تحاول ان تخفي ارتعاشة خوف مرت بها

بعد وقت

دارت معه أسواق العاصمة و اشترت اشياء كثيرة تحت اصرار عمها.. بل انه كان يختار بنفسه بعض قطع الملابس لها .. تجلس الان متعبة بجانبه و قد حل المساء منذ وقت وقد رفضت تماما العشاء خارجا.. بل فضلت العودة للمنزل.. منزل احمد... و تناول العشاء مع حلا و غفران المجتمعات في انتظارها..
تتأمل الاضواء و الضوضاء خارج نافذتها فيقاطع افكارها صوت احمد..
- ما گلتيلي شنو بعلبة الذهب هذي.. قالها وهو يشير نحو علبة الذهب المربعة.. فتلتفت اليه بعد مدة صمت وهي تقول
-عمو تتذكر الجامع الي بديتوا تبنوه ب******؟ عقد احمد حاجبيه مستغربا وهو يلتفت اليها
- اي؟ شبي عمي؟ تصمت ود خجله فهي تكره كثيرا هذه المواقف
- اريد أشارك بي... هذي كم قطعة ذهب عندي اريد اتبرع بمبلغهم.. قسم للجامع و قسم و تصمت فيحثها احمد مستغربا
- وقسم لشنو؟
فتخرج من حقيبتها الصغيرة جهاز هاتفها وتبحث عن مقطع ما رأته ليلة امس.. ترسله لهاتف عمها احمد ثم تقول له بخجل
- عمو البارحه شفت هالمقطع .... المره صاحبة ايتام و الجو حار فكرت اتبرع الها بثلاجة و تبريد لان حارة .. فيلتفت احمد اليها لبرهه ثم يعود ليقود وهو يقول
- عمي الجامع ما باقي منه شي و يكمل و كل شي جاهز ما ناقصنه شي.... و مو كلشي تشوفي بالفيس بوك تصدگي... فيشعر بكف ود يتشبث بساعده وهي تهمس راجية
- عمو الله يخليك... الجامع بنيتوه بمنطقه فقيرة.. اريد جزء من مبلغ ذهبي تشتري بي تبريد للطلاب وقت الحر يجون يدرسون بمكان تخصصوه الهم.. غرفة..صالة.. ركن ... المهم مكان يكون ملاذ الهم .. و المقطع دزيته الك ويه العنوان وهو ببغداد اريدك بس تتأكد من حالة ام الايتام هذي و اذا صح مثل المقطع... شوف شنو تحتاج و من القسم الثاني انطيها .. تصمت وهي تقرء رفضه فتنحني تقبل كتفه باستعطاف...
- عمي ما عندي احد اعتمد عليه عفيه و حيل عاجبني اسوي الي گتلك عليه فيجيبها احمد بهدوء
- واني ما معترض عمي بس الخير موجود ليش ذهبج؟ اني اتبرع بأسمج و صاحبة الأيتام اوصلج للبيت و اشوف موضوعها فتسرع تقول له برجاء
- عمي الله يخليك لا تردني.. اني حيل عاجبني و الذهب ما البسه و انته تدري ما احبه... لخاطري لا تمانع
فيسحبها احمد اليه يقبل رأسها وهو يقول بفخر
- بارك الله بيج فتعود و تهمس له باسمه وقد لمعت نظراتها ببريق فاتن يراه لاول مره
- ولا تضيع الأجر عمي.... بيني و بينك بس عفيه فيقرص احمد خدها باسما و انظاره مركزه على طريقه .. و تتنهد ود تعود و تسترخي في مكانها و ابتسامة رضى تتسع على شفتيها...

بعد ساعات

تلتفت حلا بحدة مراقبة ملامح ود المسترخية على سرير حلا الواسع و قد غيرت ملابسها استعداد للنوم ... تجلس بجانبها غفران الواجمة تنظر هي الاخرى بحنق نحو ود الصامته.... فتقترب حلا مشتعلة وهي تقول
- و سكتيلها ود؟ تضربج و ضليتي ساكتة؟ بينما تقول غفران حانقه بنعومة
- شگد ادبسز و تصرفها مخجل.. ياغريب كن أديب...ببيت عمي و هيجي تتصرف... فتنظر حلا لغفران وهي تقول
- هو صوج عمي.. مخلي هالاشكال تدخل بيته.. ابد مو راحه هالمرام.. ما ادري على شنو شايفه نفسها.. قالتها وهي تجلس امام ود و غفران و قد ابرزت قطعة الشورت القطنية التي ترتديها بياض فاتن... تعود و تقول بحنق لذيذ
- اي و شسوت الخاتون بعد؟ بعدين تعالي هنا... علمود شنو صار هالشي كله.. فترتسم ابتسامه على ملامح ود الهادئه.. ماذا تقول؟ هل تقول ان الشجار دار من اجل الوسيم ياسر.. فتقرصها حلا برقه وهي تقول
- ضحكي ضحكي يالفاهيه.. والله كلما اتذكر انها تعدت عليج و مدت ايدها اتمناها گدامي.. فتضحك ود هذه المره وهي ترى اشتعال حلا فتقول
-عادي بديت اصدگ كلامكم انها تغار و الغيرة عمتها ... فتقول غفران باستغراب
- توج تدركين هالشي؟ المفروض من يوم ما صعدتي لغرفتج و شفتي الشغلات الي جابهم عمي احمد الج من العمره كلهن مگصگصات و مكسرات من هذاك الوقت المفروض تدركين.. وحده مجنونه و شايفه نفسها والا اكو وحده عاقله تحسب الي يخطبوها بورقة و قلم؟ و تحتفظ بالورقة.. و حظي كلما تجي يمكم للبيت تگوم تعد و تحجي بيهم و تعيرج محد ما يتقدم الج ما تدري الكل يدري انتي مخطوبه لابن عمج..
تصمت ود وهي ترخي اهدابها.. فتقول حلا بحماس وهي تقترب من ود
- هسه عوفينا منها لا تحرگ الاعصاب والله... ود لازم تسوين نيو لوك و نبدي جلسات من هسه..... سلميني نفسج شهر بس اغير كولشي بيج... فتزم ود شفتيها بملل لحماس حلا المعتاد.. و تسمع صوت غفران المشجع
- و اني هم اريد زواجي ما باقي عليه شي.. فتلفت حلت اليها بنصف عين وهي تقول
- انتي طلعي منها ... كلما حجيت گلتي اني هم.. هالمره اريد اسحب ود و اشوف شلون راح تقاوم و ما تجي ويانا... جلسات تقشير على بلازما..ثم تهمس بخبث لود
- بعدين كأنوا ضعفانه؟؟ و تلتفت حلا لغفران الباسمه تسألها
- مو صحيح غفران؟ فتؤيدها غفران متأملة ود
- هي وين يبين اذا ضعفانه لو لا اذا تلبس كله عريض و طويل.. بس احسها ضعفانه.. من وجهها مبين...فتهز ود رأسها يأساً فهي ترى انها ازدادت وزنا لا العكس... . تمد حلا يدها تخلع عن ود النظارة الطبية رغم تشبث ود بها.. الا ان حلا تنهرها وهي تقول
- عوفيها شو... عيونج مابيها شي اني ادري.. بس نحاسه منج فتجذب غفران وجه ود ناحيتها وهي تتأمل وجهها قائله بأعجاب
- والله بلا نظارات هواي احلى... فتهز ود رأسها وهي تبعد وجهها تهمس بملل
- كافي تره مليت.... غيروا الموضوع... ما عدكم غيري.. فتجيبها حلا بأبتسامة مشاكسه
- غير عروس ولازم نهتم بيج... مفكره اسوي يوم خاص للبنات نروح بي لكلنيك ****..و اعزم مرام ويانه.. شتگولين غفران.. فتضحك غفران برقه قائله
- تموتين عل الخباثه مو بيدج.. ليش الا مرام يعني
تهز حلا كتفيها ضاحكه وهي تنظر لود الباسمه بهدوء
- هيجي...خباثه.. واخلي ياسر يودينا و يجيبنا ... مستعد والله فتتغير ملامح ود التي تتهرب بشكل ملحوظ من لقائه و تقرأ حلا تلك الملامح المتغيره فتسأل بهدوء و صراحه
- ود مو لان ياسر اخويه بس والله مناسب الج هواي.. و هو طلبج بالإسم.. مو من هسه.. صارله سنتين فتزم ود شفتيها.. منذ سنتين اي منذ اكتشافه لسرها و وجهها الخفي الآخر .... تكمل حلا بود
- وحتى هسه من رجع من السفر لح هواي على بابا و ماما... رغم كل هذا اني اذا تسأليني اشوف لازم تگعدين وياه و تحجين . ... حتى لو يصير بينكم اتصال حتى تتقبلين شخصيته و تفهمي ..فتهز ود رأسها رفضا.. هي ليست متقبله فكرة الارتباط... و ارتباطها بياسر ليس امرا مغريا لها إطلاقا... تعترف ود تلك اللحظه انها معجبه به جدا... بل يكاد ما تشعره يتجاوز الإعجاب... تدرك انها في وقتا ما احبته بطفوله و صمت... لكنها تعلم الان ان صفحتها سوداء عنده.. هناك شك يداهمها ان ياسر شخصية من العالم الافتراضي الذي تعيش فيه في بعض لياليها... تبتلع ريقها بتوتر وهي تتذكر تلك الليلة مع " الصياد " قبل ليالي... و كلما تذكرت... كلما زادت رعبا دقات قلبها... تتذكر جهازها المحمول الذي اخفته ليلتها بفزع... فتعود و تعد نفسها انها ستخصص وقتا تفتح فيه جهازها بحثا عن مراكز الاختراق التي تمكن منها الصياد تلك الليله... تعقد حاجبيها وهي تسهو... بل تبتعد كثيرا بافكارها عن حديث حلا و غفران الدائر الان.. وهي تفكر ان الصياد تمكن من الوصول إلى معلوماتها الشخصية ... بل انه ابتزها بشكل مبتذل كالعادة... تشعر بحرارة ما تجتاحها.. وهي تتذكر ما طلبه منها آخر مره.. و تحمر وجنتيها حنقا و غضبا... الا انها لا تستطيع لومه... بل منذ تلك الليله التي اخترق فيها جهازها حتى باتت تلوم نفسها بشدة.... بل وصل الامر الان الى عقابا جسدي باتت تقوم به فور احساسها بالرغبه.. امرا سادي و تعلم... الا انها باتت مرهقه جدا من ذلك الصراع المدوي داخل نفسها... تغمض عينيها و تود للحظه ان تكون فتاة طبيعيه كحلا او غفران البريئه... تشعر بالقذارة وهي تجلس بينهن... تلك النظره التي ينظر بها الجميع اليها... تقتلها.... يظنونها نقيه...صافية...الا انها مليئه بالاثام و الذنوب... تسمع حديث حلا الواثقه من نفسها فتغبطها في سرها... حلا القوية ذات الشخصية الحاده المزاجيه المعتزه بنفسها كثيرا و تنظر الى غفران.. تلك الرقيقه الجميله ... فتتمنى مجددا... لوهله.... ان تصبح مثلهن..... ابا محبا مراعيا يزرع بها الثقه... و اما حانيه مقوّمه مربية... تكون الملجأ حين الغلط و المعصية..
وتمضي ليلتهن بين مزاحا و حديث جديّ... و كانت ود تحتاج الى هذا الجو اللطيف.. تحتاج الى فسحة ترتب فيها افكارها... فمرام.... دون ان تشعر... وضعت في رأس افكارا للخلاص... و عقل ود لم يكف عن ترتيب الخطوات... ترسمها بدقة.... كأنها مشروع اختراق معقد جديد... ستقوم به... لاحقا..
************

قبل ذلك الوقت... بساعات

تدخل واجمه الى منزلهم المتواضع في حي شعبي بسيط.... تتبعها ميعاد الواجمه هي الاخرى... تفهم رغبة ابنتها في الخروج من هذا الجحر الذي يسكنون فيه.. هذا الجحر الذي تعلم بيقين ان مرام تنفر منه... بل تشعر ان مرام تترك على أعتاب هذا الحي البسيط كل مظاهر الخيلاء و الانفه التي ترتديها فور خروجها منه .... من يراها في مكان عملها.... يجزم انها من طبقة كلاسيكية راقية جدا.... و كان هذا الأمر يؤلم ميعاد... ان ترى نفور مرام من بيئتها الحقيقه... سمعة والدها المقامر تكفي.. . و يكفي جيرانهم المطلعين على فضائح والدها.. كي تشعر بكل هذا النفور
تتوجه ميعاد بعد وقت الى غرفة مرام ... تدخل اليها فترى غرفة كأنها ليست تابعة لبقية المنزل... سرير واسع وثير بلونين انيقين... طاولة زينة فخمه رصت عليها بعض ماركات العطور المعروفة اضافة الى أدوات الزينه و الكريمات الخاصة... و على مقربه من النافذه هناك طاولة عمل اخرى فخمه بكرسي انيق و جهاز محمول راقي كان هدية حديثه من خالتها سعاد. .. تنتبه ميعاد الى توقف مرام عند خزانة ملابسها الكبيرة امام المرآة الكبيرة التي تحتويها باب الخزانه... و تبدء بصمت خلع ملابسها بدءا من حجاب رأسها فينسدل شعرها الأشقر الفاتح حتى اسفل ظهرها.. و تبدء بجرأه تخلع ملابسها العلوية بصمت مطبق.. تقترب منها ميعاد وهي تنحني ارضا... ترفع ملابس مرام بصمت ايضا وهي تعلم ان مرام الان في اسوء حالاتها.. ارادت ياسر بشدة.... به كل ما تتمنى... الا ان ميعاد تعترف ان ود محقه.... ياسر لم ينظر لمرام يوما.. رغم كل محاولات مرام الحثيثه... تراقب بترقب ملامح مرام و تعلم ان موجة الغضب لم تمر الى الان.... لقد سحبتها قسرا من بيت سعاد.... فميعاد رغم كل شيء.... لا تود خسارة سعاد... تنظر الان بأعجاب امومي لملامح جسد مرام الفائره بملابسها الداخلية بلونها الزهري الفاتح جدا وقد لائمت بياض بشرتها.... تهمس لها بمودة
- تتعشين ماما؟ نطلب شي من بره؟
فترفض مرام قائله
- تعشي انتي... اني اريد انام.. قالتها وهي تتوجه الى سريرها.. فتعقد ميعاد حاجبيها بتفكير وهي تقول
- تنامين من هسه؟ بعد وكت ماما.. شنو تعبانه؟ فتخرج مرام صوتا هازئا وهي تقول
- لا ما تعبانه... اصلا مرتاحه كولش... فتقترب ميعاد وهي تجلس على أطراف سرير مرام التي التفت بغطاء خفيف وقد أولت ميعاد ظهرها... تربت ميعاد على ساق مرام وهي تقول
- ماما خلي يولي... يجيج الأحسن منه.... انتي ما قاصرة و دا يتقدمون الج خوش ناس.... فتنتفض مرام جالسه وقد التمعت عينيها بجنون
- شنو يولي؟ اعوفه لهاي المخبله؟ انتي شايفه الفرق بينهم؟ ليش الله ينطيها واحد مثله؟ واني ابقى اتحسر؟ فهميني ليش؟ فوگاها تتعزز و تتدلل صارلها شگد و الي يكتل ذاك الاثول لازگ بيها... شنو السبب ما ادري؟ تلعب النفس و مابيها اي جمال شكو كاتل نفسه عليها.... واني الف مره لمحتله... فتقاطعها ميعاد وهي ترى احتراق ابنتها فيرق قلبها كثيرا... تمد يدها تهدئها
- ماما خلي يولون ثنينهم .... بت عمه و خلي يبتلي بيها الله يرزقج الأحسن...فتضرب مرام يد والدتها وهي تقول بغضب
- شيرزقني الأحسن انتي شايفه سمعة رجلج؟ ذاك اليوم ويايه دكتور راد يتقدم من عرف مشاكل ابوية شرد.... و هاي شوفة عينج اي جماعة يتقدمون بس يجون يسألون على ابوية بالمنطقه التعبانة الساكنين بيها بعد ما يرجعون.... الي ذابحني بموضوع ود و ياسر انهم ما مناسبين لبعض.. ود حتى جامعة ما مكملة.... و شكلها ما ينطلع بي... تضرب فخذها بحقد وهي تكمل ...و كل هذا ياسر ميت يريدها... بس لو اعرف ليش.... ود ما بيها شي ينحب
- مايخالف ماما...انتي الأحسن والله ....هذا ماخذها شفقه انتي شايفه العيشه العايشتها؟ محبوسه لا طبه ولا طلعه... حتى صديقات ما عدها
فتقاطعها مرام بحرقه
- ياريت.... ياريت اني مدللة مثلها... حظ...عدها حظ و هذا الي موتني .... راح تدخل بيت احمد الي محلات الذهب مالته تارسه بغداد ... و تأخذ واحد يسوى راسها... بس شوفي ماما إذا ماراح يمل منها ... فترة و تلعب نفسه منها... فتربت ميعاد على كف مرام وهي تقول بتأييد
-اي ماما صدگيني راح يمل منها هاي ماخذها شفقه يجوز ابوه جابره علمودها وهي هم ترى ما عدها لاحول ولا قوة ولا كرامه ....مو مثلج تقرر و تگدر تگول اي او لا... وحده بلا شخصية... زين من لگت واحد يقنع بيها.... فتهدء مرام وهي تعود بظهرها... تتكىء على بداية سريرها... تعود ميعاد و تقول بنبره مقنعه متوسله نوعا ما وهي ترى هدوء مرام الان
- ماما فدوه انسيهم لا تخسرين خالتج علمودهم... عوفي نارهم تاكل حطبهم... انتي ان شاء الله تجي قسمة زينة الج مثل ما تحبين.. فتومىء مرام على مضض و يدها تجمع شعرها تضعه جانبا... تتنهد ميعاد بارتياح وهي تراقب ملامح ميعاد التي عادت للهدوء مره اخرى... فتنهض وهي تقول
- راح اسوي عشى و اصيحلج ماما نأكل سوه... فتقاطعها مرام ببرود
- اتعشى هنا بغرفتي مالي خلگ.... فتهز ميعاد رأسها بموافقه وهي تخرج قائله
-صار ماما...صار... المهم تاكلين

************************

ذات الوقت....مجلس رجالي خاص في بغداد

يجلس صالح و بجانبه احمد و ناصر و بعض رجال العشيرة المعروفين... بينهم رجل جالس بتوتر و قلق.. يقول بنبرة معترفه
- ادري ابني سگط و اتصرف من راسه و البنية بالقرآن رحنا كم مره و طلبناها و أهلها رفضوا و مشيّت زلم لابوها و حتى شيخ مشعان و اخوه الدكتور تدخلوا و ما فاد ولا نفع و الولد عاشگ البنيه... شيسوي يعني فيقاطعه احمد وهو عاقدا لحاجبيه
- الأصول مو هجي يا ابو سرمد هذا هالوحيد عدك هسه شلون نفضها و ابوها طلاّب شر... فيقول له الرجل بلهفه
- داخل على الله و عليك يابو علي... اعتبره من ولدك... والله ليلنا صار نهار... الولد اخذها و شرد بيها و هاي شوفة عيونكم ماخليت محافظة تعتب عليّه... اختفوا و كل اثر مالهم واني شالسواة ما اعرف..... الابو داز يحذر و يتوعد و ينذر و السالفه مبينه راح تكبر واني خايف على أهل بيتي... يصمت احمد مفكرا وهو يسمع همس صالح الساب و الشاتم للبنات و سيرتهن.... و تتداخل الاصوت حوله بين لائم لذلك الوالد و بين مهول لما سيحدث... فالخلافات قديمة و معروفه بين القبيله و العشيرة منذ وقتا بعيد... و كان قرار الانسحاب من العشيرة خير قرار اتخذه احمد و اخوته... يعود احمد و يسأل
- الشيخ شنو رايه؟ يتنهد الرجل بقلة حيله وهو يقول
- الشيخ كلما حجيت وياه يگول هينه هينه و كلشي ما مفتهم منه. . فيقول احمد مفكرا
- شيخ مشعان و الدكتور اعرفهم عز المعرفه و عموم شيوخ ال****** تربطني بيهم علاقه طيبة فيقول له الرجل مضيفا
- اشهد ما بالله ماقصروا حتى بالمشية بس الابو جان معاند و رافض و حتى ما خله وزن للي اجه و ظل مصمم على رأيه.... ابو علي ادري انته تمون والكم كلمة مسموعة بلكت تتدخلون و تفض السالفه.. بيها فصل .. على راسي قالها وهو يضرب رأسه بحرقه و اكمل .... بس خل تفض... والله اخاف على ساعه يجفتون علينا( يهجمون) و ابني أمانة الله ما اعرف مكانه وين و حتى لو اعرف شيفيد بعد الولد اخذ البنية و هج... فيتنهد احمد محوقلا و هو يلتفت لصالح الممتعض و ناصر المراقب الامر بصمت متأسف فناصر يعلم ان الامر لن يقف عند الفصل العشائري خاصه عندما يمس الامر عشيرتهم و العشيرة الاخرى....تحديدا
******************

المدينة الغربية... ذات الوقت

يجلسن بجلسة نسوية حميمية عربية في حديقة المنزل الخلفية حيث المكان مستتر عن الانظار.. رائحة النجيل الاخضر تنتشر في المكان و نسمات عليله تبهج الفؤاد و تثير جوا من الاسترخاء... تجلس سارة باسمة وهي تتابع دلال التي جلست امامها على ركبتيها تقول لها شارحه
- القماش ما ترتب الا بهذا الموديل سارة.. بي خيط ستريج ولو ادري ما وصيت عليه بس جابه عدنان و گلت يله احسن من ماكو... فتسألها صبا مرتشفه شايها بهدوء
- من وين وصيتي؟ اريد مثله عجبني قماشه... فتجيبها دلال باسمه بمودة
- گدامج صباوي ما يعز عليج و اني و انتي تقريبا قياسنا واحد فتقاطعهن امجاد المتابعة للحديث بمكر
- لا يمعوده انتي وين و صبا وين.. صبا جسمها انظج ....انتي الي يشوفج يگول بعدج بت ١٤ ... فتزم دلال شفتيها صامته بضيق فامجاد لا تفوت فرصه للنيل منها... كونها محجوزه " لفظيا" لقيس..عزيز قلبها....تربت سارة على فخذها بموده امومية لطيفه
- احسن .. باجر عگبه تتزوج و يتغير جسمها... انتي ارتاحي بس قالتها وهي تلتفت لامجاد ببرود.. فتحرك امجاد شفتيها بامتعاض ..دلال خط احمر ممنوع الاقتراب منه.. مدللة الجميع ...و يعود الحديث مره اخرى نحو التصميم الذي اختارته دلال لقطعة القماش بلونها الذي يجمع درجات اللون البني مع خيط ذهبي قد خاطتها بنفسها... كان عبارة عن فستان طويل دون الكاحل.. يكاد يلتصق بجسد دلال الناعم .. اكمامه طويلة و فتحة صدره مربعه.. شعرها اسود ناعم ملتمع نوعا ما قد انسدل اسفل خصرها .. تصميم بسيط جدا لكنه اضفى لجمال دلال المليح رونقا فاتنا رقيقا ... تسمع امجاد صوت صبا بعد وقت وهي تجيب على سوأل سارة
- والله يا ام در الوضع مثل ماهو... شكلي راح اقبل عرضج ...فتضحك سارة وهي تلكزها بخصرها فتتأوه صبا بدلال وهي تعقد حاجبيها وتسألهم دلال باسمه باستغراب
- شنو عرضها لام در... عاد ادري عروضها دوم بمحلها و تنفع فتقول صبا بلؤم غامزه لسارة
- عرضت عليّه ابن عمج.... تتغير ملامح دلال فورا بل تسدل انظارها نحو كفيها تفرك ابهامها كأنها تزيل شيئا ما علق به.. تسمع صوت صبا باسما وهي تكمل
- عيبه بس نسونجي و ماله أمان... واني الرجال الي گلبه يسع الجميع ما احبه... فتعقد دلال حاجبيها متأكدة ان الكلام لا يخص "جاسر" فتتنهد رغما عنها بأرتياح ولم تكن تعلم ان صبا و سارة قد اتفقتا على ذكر الامر حتى يراقبن ردة فعلها.. دلال متمكنه جدا من كتمان مشاعرها رغم ان امر تصميم جاسر عليها امرا معروف .. بل انه لا يكل او يمل من طلبها و رفض والدها له يؤذيها و يوجع قلبها.. لكنها لا تخرج ابدا عن طوع ابيها و اخوتها... طالما هي تعلم سبب رفض والدها...ستصبر حتى يحدث الله امرا...

تتدخل امجاد هذه المره بتروي و ترقب.. تسأل صبا بضيق
- قصدج قيس؟ يتقدملج؟فرق شكبره بالعمر بينكم.. فتبتسم صبا بصلافه وهي تراقب ابتسامة سارة و دلال التي استرخت في جلوسها الان بعد ان اطمأنت ان "جَسورها" خارج القوس
- احلى حتى يدللني و يداريني.. فتحترق نظرات امجاد وهي ترى جدية صبا في الحديث و لم تلتفت لشدة غيرتها ان الامر لم يكن سوى مزحه.. تقول امجاد بتشنج
- ما تفيدي بعدين انتي مو على اساس مخطوبة لابن عمج الي بره؟ ثم تلتفت لسارة التي تراقب الامر مسترخية
- بدل ما تخطبيها لاخوج... اخذيها لرجلج اقلها على گد ايديج و تعرفيها .. فتتجمد سارة في مكانها وهي تنظر لامجاد الواثقه الان امامها.. فتكمل امجاد دون مبالاة غايتها الاذى
- البارحة سمعت مرة عمي تگله يتزوج لان انتي ما تردين طفل بعد ... تزم سارة شفتيها وهي تجلس متصلبة بينما تحولت نظرات صبا من عابثه الى مترقبة.. تتدخل دلال بعقلانية
- امجاد ما يحتاج تنقلين كلام... كلنا نعرف مرة عمي دوم تريد من ابو در هالشغله.... يعني مو شي جديد ... فتتكىء امجاد على المركى بجانبها بارتياح وقد حققت غايتها نوعا ما... ترى نظرات سارة الباردة وهي تنظر امامها بهدوء ترتشف من شايها كأن الحديث لا يخص زوجها... فتعود للقول
- كل مره حجي بس... بس هالمره بدت مرة عمي تخيره و تذكرله بنات حتى يختار و شكله رجلج عاجبه الوضع يا سارة الله يعينج... فتلتفت اليها سارة بعد وقت قائله بصوت هادىء خافت
- خلي عمتي ( والدة زوجها) براحتها و تسوي الي يعجبها اني رجلي واثقه منه و اذا سمحتي امجاد ما احب اموري الخاصة تصير حديث گعدة و لا ارضى تنقلين كلام خير شر بهذا الخصوص ... فتحرك امجاد شفتيها امتعاضا وهي تقول
- هاي بدل ما تشكريني لان جبتلج الخبر لان صار گدامي فتقاطعها سارة بحزم
- الموضوع عمتي تلح عليه من زمان و كلنا نعرف هالشي و ابو در الله يحفظه لان بار بيها يماشيها.. تضحك امجاد بسخرية و هي تهمس لسارة
- خليج هيجي حد ما تزوجه حبيبتي ... رجلج الله يحفظه راجع شباب البارحه شفته ما عرفته... و تردين الصدگ اخوته كلها معدده و اغلب ولد عمنا معددين يعني رجلج لا اول ولا آخر واحد.... تقول لها سارة ببرود و هي تحاول جهدها ظبط نفسها خاصة مع يد دلال التي شدت على ساعدها ترجوها الهدوء
- امجاد حيري بروحج و عوفج من شغلة رجلي و زواجه... و أكرر عليج هاي امور خاصه ما احب تصير سوالف للونسه و القال و القيل.. و تكتم سارة الباقي بغضب محتدم في نفسها... فالحق على زوجها حارث الذي لا يضع حدا لتدخلات والدته بدعوى البر....
تشعر صبا بتوتر الجو الذي بات مشحونا.... سارة صامته و قد تغير لونها و امجاد باسمه باستفزاز... فتسائلت صبا تصطنع البراءة و تغير الموضوع
- امجاد خطية بناتج شلون راح تنقلين دوامهن لهنا لو راح تستقرين يم اخوج الجبير ب******.... فتلتفت امجاد الى صبا تجيبها
- راح استقر يم اخويه الجبير.. فتتنهد صبا تصطنع التعاطف
- الله يعينج صعبه كل يوم بمكان...
- قسمه قالتها امجاد وهي بدأت تشعر بالضيق
- اي والله قسمه ... ثلاث رياجيل وما گعدت القسمه عدل سبحان الله.... فتعض امجاد باطن خدها بحنق و تشيح عنهن فهي تعلم ان زواجاتها الفاشله نقطه تحتسب عليها.. فزواجها الأول من قيس لم يستمر سوى اشهر.. بعدها طلقها قيس دون التفات للتدخلات حتى من والده الشيخ رحمه الله.. و زواجها الثاني جاء سريعا و انتهى ايضا بمجرد وضعها لطفلتها الأولى ثم تريثت كثيرا في أمر زواجها الثالث ظنا منها انها ستحسن الاختيار و تزوجت فعلا بعد عامين من طلاقها الثاني... لتعود بعد أربعة اعوام مطلقه لاخيها مرة أخرى مع توأم من البنات كحملا جديد... لسانها سليط و تحب نفسها حبا مفرطا... ترد الكلمة بعشر و لا تقيم وزنا لقدسية الزواج... قيس هو الوحيد الذي تأملت فعليا ان يردها الى عصمته.... لكنه خيب جميع امالها

بعد وقت

تخرج من الحمام وهي تلف جسدها الممتلىء بمنشفه بيضاء غطتها حتى اعلى الركبتين... شعرها المبلل يتناثر حول كتفيها المستديرين.. تقف امام مرآة طاولة الزينة تدلك وجهها و رقبتها و عينها تراقب ساعة جهازها الذكي...الوقت تأخر و تعلم ان هناك جلسة يحظرها حارث و اخوتها ايضا... تستمر في تدليك وجهها و تسرح بماسمعته قبل ساعات... لا تستغرب حديث امجاد ابدا... فهي تعلم بجهود عمتها والدة زوجها... تعلم ايضا ان محراك الشر زوجة ابيها رحمه الله " ام حامد" هي من تحركها و تحفزها ولا تستبعد ابدا ان تكون هي من تبحث فعليا زوجه لحارث...
ترفع انظارها فتراه يدخل جناحهم بأنارته الخافته... ترى تعبه و ارهاقه جليا لا تخطأه عين .. الا انها تتغاضى وهي تسدل انظارها عنه و تستمر هذه المره بتدليك ذراعيها و كتفها .... تسمع همسه وهو يقبل كتفها العاري و يبدء بخلع ساعته و خواتمه
- مساج الله بالخير فتجيبه وهي تبتعد قليلا و تتحاشى النظر
- مساك الله بالخير و العافيه.. تأخرت شنو ما عندك مكتب باجر؟ يتنهد مبتعدا عنها يخلع ثوبه الابيض و يتجه نحو الحمام
- عندي... بس الگعده مهمة و طولت ما گدرت اترخص من وكت.. يغيب وقتا داخل الحمام فتغير سارة ملابسها و تتوجه للسرير ساهمة مثقلة بافكارها.... تشعر بحارث يجاورها بعد وقت... فتتحاشى النظر اليه لكنه يقرأها بفطنة تزعجها احيانا...
- اكو شي؟ احسج ما مرتاحة .... صار شي بگعدتكم اليوم؟
تصمت سارة ثم تلتفت اليه فتراه مركزا بها و قد عقد حاجبيه
- البارحه جنت يم اهلك؟
- اي ليش؟
- و انفتح موضوع الزواج؟ فنظر اليها بعمق على ضوء الانارة الخفيفه بجانبها
- و هذا الي مظوجج؟ ليش هذي اول مرة؟ فتجلس هذه المره مستوية.. تسحب الشرشف الذي تغطت به...تحيط به بطنها تقول وهي تبذل جهدا حتى لا تحتد غضبا
- الوضع ما يعجبني و خاصة من اكو احد ببيت اهلك... اني ما مستعدة اتحمل حجي منا و منا حارث... انته مو طفل حتى عمتي تمشيك على رايها و انته ظاهرا عاجبك الوضع و متونس عليه... يصمت حارث يتأملها لوقت و يستوي جالسا مثلها.. يسند ظهره لوسادته و يسأل بهدوء بارد
- شنو سبب هالكلام هذا؟
تصمت سارة وهي تبتلع ريقها... هي ليست طفلة حتى تشتكي له من قول امجاد و تحذيرها...الا انها شعرت ان الامر نال من كرامتها... تعلم ان عمتها لا تحبها و الود تقريبا بارد مجامل بينهما و زوجة ابيها لا تقصر احيانا من نفث سمها ... تسمع صوته متسائلا من جديد
- شنو سبب هالكلام سارة؟ صار شي؟ اليوم حتى امي ما اجت يمكم تقاطعه بهدوء وهي تعود للاسترخاء توليه ظهرها
- ما احب هذا الموضوع و المفروض انته تخلي حد بناتي بطولي صارن و بعدها عمتي على عقلية الزواج الثاني... تسمع صوته الهاديء باسما بنبرة خاصة
- وهذا الي مظوجج و حارگ اعصابج بتالي الليل؟ فتصمت مقاومة ابتسامة ما تعلم جيدا نبرته هذا
تشعر بيده تداعب رقبتها.. فتنتفض تبعد يده ...تسمع صوته هامسا
- ولج لا تشلعين گلبي فتلتفت اليه حانقه وهي تهمس
- الي يسمعك... يصدگ
- ليش شاكه بمحبتي الج... فتقترب منه تهمس له بهمس عاتب مشتعل
- اليحب يدور راحة محبوبه بعدين تعال هنا... شنو موضوع البنات الي عمتي جايبتلك اسمائهن و يمكن حتى صورهن... فيدرك حارث ان هناك من نقل لها الكلام بدقه و ربما زينه بأكاذيب قليلا... يقترب من ثغرها هامسا
- خلي امي العجييز براحتها المهم اني يا رويحتي شگول... قبل ذقنها مكملا بحرارة
- سارة نسيتي تعب گلبي عليج ولج عشايرنا كلها مشيتها على عمي حتى اخذج...نسيتي عمي شلون طلع روح روحي حد ما قبل... مخبل عاقل حتى اشوف وحده ثانيه غيرج... انتي متربعه بگلبي.. فتبعده عنها و توليه ظهرها بدلال مسترخية فهي تعلم انه صادق.. تعلم انه يحبها بل يعشقها
- حجي...بس حجي يطلع من تحتاجونا... تشعر بذراعية تلتف حولها وهو يجذبها اليه بحميمة خالصة... يدفن رأسه في عنقها هامسا بشعر غزلي شعبي ما اعتاد قوله لها حتى حفظته.. يلثم رأسها وهو يهمس لها بكلمات حب لا تتوقف و يسألها
- الي يرضيج؟
تتنهد وهي تقاوم رغبة في الانصهار به
- خلي حد لهالموضوع اني ما احب اصير محور حديث بين نسوانه بالذات و عمتي ما يهمها عدكم احد لو ما عدكم تحجي.. ادري ما تعبت؟ هاي سنين من وقت ما دخلت بيتكم وهي تريد تزوجك... شنو اسميها هاي؟
يجيبها هامسا
- انتي گلتيها.. من دخلتي بيتنا وهاي سنين مرت و ما صارت ولا راح تصير.. انتي مريتي ام بيتي راحتي يمج و روحي يمج .. مخبل اعوف هالحضن و ادور غيرج؟ امي مره جبيره اجاريها والله حتى ما ادوخ راسي بعدين ترى هي بس بالفترة الاخيرة رجعت فتحت الموضوع ... خليها براحتها لان تعرف كلش زين ممنوع تأخذ خطوة وحده دون إشارة مني...
تهمس له سارة وهي تصطنع النوم
- المهم الموضوع هذا يستفزني حارث... خليله حد... يجوز عمتي من تشوف رد قوي حازم منك... مره ...مرتين ..تبطل تفتحه.... فتشعر بيده تقربها منه
- صار و تدللين ام محمد....صار و تدللين... فتلتفت اليه باسمه وقبل ان تقول شيئا كان قد دك حصونها و اقتلع عتابها وكل شكها..

*******************
ذات الوقت.. ذات المدينه
تكمل تسبيحاتها وهي سارحة و قد تركت نافذة غرفتها البسيطة مفتوحه.. فيدخل الهواء العليل ينعشها و قد حُمّل برائحة الليل العذبة ... تشعر لوهلة بالقشعريرة تجتاحها الا انها تستمر بتسبيحها المعتاد قبل نومها... عادة اكتسبتها منذ زمن... حتى عندما تكون في عذرها الشرعي... تتوضأ و تتخذ مكانها من السرير دوما... تقرأ وردها و تكمل تسبيحها.. تنتهي بعد وقت فتضع مسبحتها اسفل وسادتها و تترك ضوءاً خفيفا بجانبها... فهي لا تستطيع النوم في الظلمة..
تحاول ترتيب افكارها و تذكر الأشياء الجميلة التي حصلت لها خلال يومها.. فهذا ما قرأته في احدى كتب النفس التحفيزيه.. تتذكر خالتها مهين فتبتسم بمحبة صافية و هي تغلق عينيها.. و يخفق قلبها و تفلت دقاته عن مسارها فور تذكر جاسر الذي تخفت عنه كعادتها... تتنهد وهي تضم قبضتها لصدرها... تدعو و تدعو في سرها ان يهيء الله لامرها مخرجا... عاشقين لا ذنب لهما.. وهي بين نارين... نار والدها الرافض... ونار محبوبها العاتب الشاكي.. الذي اتعبته وهي تعلم ... ببعدها و تخفيها عنه علّ والدها يحن و يرضى

تغفو بعد حين..فيعلو انينا ما يصدر منها.. ترى نفسها شبه عارية و عيونا شهوانية متربصة بها.. تستر نفسها فترى نفسها عاجزة.. تبكي في منامها وهي ترى والدتها تقف في طرف قصي تنظر اليها بشفقة... وقد لفت رأسها بحجابها الاسود كعادتها( شيلة الرأس) تعض اطرافه ببكاء وقد تغضن من الحزن وجهها... و تشعر دلال بأيدي تكشف سترها .. تبحث عن مكان عفتها... فتطلق صوتا جريحا و هي ترى مهين امامها... تتشبث بها وهي تشعر بعريها.. تقول لها بتوسل باكي
- خالة والله ماصار شي كل الحجي جذب.. جذب.. ستريني الله يستر عليج دنيا و آخره...

تفزع من منامها شاهقة تشد بقوة على ثوب نومها المستور.. تخفي صدرها بقوة وقد تبلل وجهها بدموعها.. و تعود و تدفن وجهها في وسادتها باكية... هناك جرحا في روحها... لن يشفى ابدا... تلك الدقائق التي مرت بها... كانت دقائق وشمت روحها.. شوهتها و اوجعتها... لا تنسى...ولن تنسى...
كابوسا لا يفارقها منذ اعوام... يتعبها...يدميها.. يثير في نفسها كل الفزع... والليلة لم تكن استثناء رغم جهد دلال

****************

مجلس القبيلة الكبير

هرجا شهده المجلس قبل ساعات.. هناك نهر دم سيراق ان لم يتم البت في الأمر.. فالسكوت و التريث الان غير محمود ابدا.... خاصة و ان احد الطرفين المتخاصمين لا يريد الصلح بل يرفضه تماما... يريد الدم و فقط..
يجلس الشيخ مشعان ...بجانبه قيس و جاسر من جهة و عمه ابا عدنان ( والد دلال ) بجانبه بعض وجهاءالعشيرة.. وقد فرغ المجلس نوعا ما.. يدور صبيان المجلس بالقهوة مره اخرى .. فيتناول قيس فنجاله ( فنجانه) مرحبا وهو يستمع بتركيز للشيخ و عمه
- شلون ما اشوفها ياعمي هالطلابة مالها حل غير ترجع البنية لاهلها وهمه يتصرفون فيجيبة عمه بعدم اهتمام
- يذبحوها... و بدم بارد لان جابتلهم العار.. فيهز الشيخ رأسه بموافقه فيقول قيس بأقرار وهو يعيد فنجاله الفارغ للصبي امامه
- الدم ما راح يوگف علبنيه بس... ولد عمها طلابين شر و لازم نفتهم شيردون.. اهل الولد طلبوا الامان منك شيخنا و طلبوا مهلة و تريد الصدگ كلشي ماراح يحصلون... الولد طلع بيها ... فيلتفت الشيخ لاخية قيس الذي يداعب ببرود مسبحته فيسألة بأهتمام
- وصلت لشي يعني؟ فيصمت قيس لبرهه وهو يفكر بالحلول جميعها.. ثم يلتفت للشيخ بجانبه
- طلع بيها من ليلتها... الظاهر مرتب وضعه شيخنا... و أهله ما يعرفون شي مثل ما گالوا... اني اشوف ننطي المهلة حتى نسعى بإصلاح النفوس... لان مثل ما گال عمي حلها الدم... و البنية اباحوا دمها و تبروا منها و الولد ماراح يلزمون منه غير عشيرته
يصمت الشيخ مشعان وهو يعلم تاريخ المشاكل بين العشيرتين... لا صفاء ولا ود بينهما وهذا يزيد الامر صعوبة
- باجر نشوف شيخهم... و نحاول ندخل وساطه فيقول قيس مُحثا
- لازم شيخنا نتحرك بسرعة لان النفوس مشحونه.... رصاصة وحدة حتى لو غلط راح تشعل الفتنة و تروح بيها ناس مالها ذنب... فيومىء الشيخ مشعان باتفاق ثم يغير الموضوع متسائلا
- شصار على اوراق طلاب الدراسات العليا؟ يتنهد قيس وهو يعتدل في جلسته..يربت على فخذ جاسر وهو يقول
- كم يوم و نطلع لبغداد ...جاسر متابع قسم و اني قسم... لا يظل بالك شيخنا ثم ينحني يهمس لجاسر بأبتسامة ساخرة
- عود وصل عمك... بلكت تنال الرضى.. يتمتم جاسر بأمر ما حانق فيضحك قيس وهو ينهض مترخصا.. ويغادر وهو يخرج هاتفه يجيب الحسناء التي تنتظره منذ ساعات...
****************

بعد ايام... العاصمة بغداد... احدى جامعات العاصمة المعروفة... ظهرا

تسير مسرعة في اروقة الجامعة الشبه فارغه في مثل هذا الوقت من الظهيرة.. ترفل بثوبا بلون الزهر انيق التصميم.. تتسع تنورته بعدة انكسارات طوليه.. وقد اشتد بحزام ابيض انيق على خصرها فأبرز دقته و تناسق بعض انوثتها التي أبرزها التصميم.. حجابها ابيض يلتف بأناقة حول وجهها المحتقن بأحمرار لذيذ بسبب الحر و أيضا بسبب سعيها الحثيث اليوم من اجل استكمال اوراقها الجامعية... تحجب عينيها بنظارات شمسية من ماركة معروفة بأيطار ابيض.. تسير مسرعة وجهتها مركز الإدارة الرئيسي حيث مكتب العميد ... ترفع معصمها تنظر الى ساعة يدها وهي تسرع فموعدها مع والدها قريب.. تحمل بيدها ملفها و تدفع باليد الاخرى الباب الزجاجي الساكن المؤدي للرواق الهادىء حاليا حيث مكتب الادارة...

تدخل بعد وقت و صوت كعبها الدقيق العالي ينتشر صداه في المكان بسبب الأرضية الرخامية الفخمة... تتنهد بارتياح وهي تشعر ببرودة مكتب العمادة.. ترى امامها بمسافة قريبة.. مكتب العميد الذي جلس خلفه "الدكتور علي" بهيئته الانيقه و ابتسامته المرحبة.. و تذهب انظارها وهي تعقد حاجبيها للحظه لضيف العميد... الذي احتل مقعده بأسترخاء.. وقد وضع امامه جهاز محمول و عدة اوراق و ملفات كان يقلبها بهدوء.. وقبل اقترابها رأت رأسه يرتفع يرمق كعبها ببرود ثم يعود و يوجه اهتمامه لاوراقه بينما وقفت هي امام مكتب العميد.. على مقربة منه.. تسمع صوت العميد باسما
- الطالبه المجده مشرفتنا اليوم.. اني گلت ما اشوفج منا لفد سنه سنتين اقل شي... فتبتسم حلا بمجاملة قائلة بثقه
- ما استغني دكتور.. ثم تصمت لثانيه و تهمس بطلب راجي
- ممكن حديث خاص؟ محتاجه مساعدتك...فتشعر بنظرات الضيف ترتفع قليلا تتأملها... وتتجاهلها تماما... ترى اتساع ابتسامة العميد وهو يقول
- الدكتور مو غريب ... منا و بينا شنو تردين احجي... يجوز يساعدج اصلا اكثر مني.. فتزم حلا شفتيها و تنظر للضيف الذي كان يتأملها ببرود و جرأه كرهتها و نفرت منها... عيناه عميقة عرتها بنظرة .. وقد ظنت انها نظرة تحرش تعرفها..بل تحفظها عن ظهر قلب.... فهي تعترف انها تتعرض دوما للتحرش البصري و اللفظي رغم احاطة اخوتها بها... حتى هنا بين اروقة الجامعة.. و استوقفتها نظرته لوهلة....نظرة كانت تجمع بين البرود و الجرأه.. التقدير لجمالها الذي تعرف انه فاتن و بين سخرية قرأتها بشكل جليّ واضح..... لمحة واحدة فقط هي ما نالتها منه حتى عاد بعينيه لاوراقه متجاهلا... كأنها لا وجود لها

تستجمع انفاسها وهي تقول بثقه
- دكتور اوراقي جاهزه.. مقعد ببغداد و اكون ممتنه.. فيعقد العميد حاجبيه بتساؤل
- مو على اساس ناويه تكملين برة؟ و بوقتها رشحتلج جامعات.. فتتنهد قائله
- ماصارت دكتور..الوالد ما قبل... و شرطهم اكمل هنا ببغداد واني ادري متأخره بالتقديم لذلك تشوفني هنا اليوم..ما اريد تروح السنه...فيصمت العميد يتأملها و تشعر بضيفه ينحني يدون شيء ما على جهازه المحمول.. تسمع بعد وقت من التفكير صوت الدكتور علي المرح و المريح دوما... يقول بمزاح
- مو گتلج هذا الدكتور يساعدج اكثر مني.. يلتفت لقيس الذي رفع حاجبه باسما فاهما ما يقصده العميد... فيكمل العميد مشيرا نحو حلا برأسه
- متميزه و تحتاج مقعد و اني ما قصرت وياك.. بدل وياها مقعد .. فيرفع قيس نظرات هادئه لحلا التي رفعت حاجبها بحنق لا تفهم فتلتقي نظراتهما...

نظرات مشتعله حانقه.. و اخرى باردة غير مبالية
تنفث انفاسا حانقه وقد ارتعش جسدها انفعالا وهي تخرج من الرواق المؤدي لمكتب عميد الجامعة.. فتلفحها اشعة الشمس القوية الا انها لا تهتم.. تسرع الخطى زامة شفتيها بأنزعاج واضح مرتدية بانفعال نظارتها الشمسية التي حجبت اشعة الشمس الحارقه عن عينيها المزدانه بكحل لا تستغني عنه.. فتزداد عينيها حدة و فتنة..

تتمتم هامسه لنفسها و تضم اليها ملفها
- سخيف...سخيف والله.. صوجي نزلت نفسي اله .. عديم الذوق .. الي يسمعه يصدگ.. ما عنده واسطة... ثم تخرج صوتا هازئا من شفتيها و ترفع ساعة معصمها تتأكد من الوقت تدعو في سرها ان ترى والدها في انتظارها فهي لن تتحمل البقاء هنا دقائق اخرى.. الا ان آمالها خابت وهي ترى البوابه شبه فارغه ولا احد في انتظارها.. تعقد حاجبيها حيرة و ترفع هاتفها هذه المرة تبحث عن اتصال ما فائت فترى مكالمات عدة من والدها... ثم مهاب... فوقفت جانبا تستظل من الشمس وهي تشعر بالحر و العطش.. ترفع هاتفها تتصل بوالدها فيأتيها الرد بسرعه
- حبيبتي باباتي هاي انتي وين كم مره اتصلت فترد عليه وهي تنظر حولها فترى الشارع شبه فارغ فالوقت تقريبا دخل وقت الغداء والحر المزعج لا يسمح بالتواجد خارجا في مثل هذا الوقت
- حبيبي جنت اسلم اوراقي و تدري تلفوني على الصامت ما حسيت بي الا هسه من خلصت.. انته وين بابا فيأتيها رد احمد متسائلا وكأنه نهض من مكانه
- مهاب ما وصل يمج؟ اني صار عندي شغل طارىء و اضطريت اكمل ل ***** .. قبل ما احرك من جامعتج وصيت مهاب يمرج لان قريب عليج ...غريبة ليش تأخر ؟ تجيبه حلا بحيرة وقد انتبهت لنظرات الحراس نحوها
- ما ادري بابا اني توني طلعت بره و مهاب ماموجود.. لا يظل بالك يجوز دقايق و يوصل.. يأتيها رد احمد حازما
- خليج بمكان گدام العين ( مكان غير مخفي) و تظللي بفيّ بنيتي هسه اشوف مهاب وين وصل.. تمسح حلا جبينها وهي تفكر ان خروجها اليوم غير موفق.... تستمع لوصايا احمد مراقبة "الضيف" الذي خرج هو الاخر من البوابة الرئيسية.. يومىء بثقه للحراس ويكمل طريقه متحدثا بهاتفه ضاحكا... يرتدي قميصا ابيض رسمي اشتد على جذعه وقد شمر عن ساعديه و بنطال رسمي بلون اسود.. يحمل حقيبه جهازه المحمول مرتديا نظاره شمسية زادته تباعدا و وسامة..
فاشاحت عنه حلا وهي ترى خطواته الواثقه تتجاوزها.. و تهمس لاحمد الذي طلب منها ان تبقى معه على الخط بينما يطلب من خالد الاتصال بمهاب مجددا
- بابا اخذ تكسي اذا يتأخر فتسمع رد احمد الحازم
- لا بابا يا تكسي بهالظهرية.. ثم تسمعه يحدث خالد
- ها بويه وين وصل اخوك اختك وحدها بالشارع.. فتزم شفتيها بحنق وهي ترى توقف الضيف امام سيارة سوداء عاليه يقودها احدا ما.. وقبل ان يفتح باب السيارة التفت اليها و توقف لبرهه ينظر نحوها...فتشيح حلا عنه بشكل جانبي هامسة لوالدها بدلال حانق.
- جايبيلي السيارة للفرجه بس ...لو طالعه بيها مو احسن من الصلبه هاي بعز الظهاري.. فيقول لها احمد باسما مواسيا
- على كيفج يابه غير نخاف عليج.. مهاب عشر دقايق يمج و اني باقي عالخط وياج.. وقبل ان تقول شيئا سمعت صوتا رجوليا عميق يسألها بهدوء
- محتاجه مساعده؟؟ تعض حلا طرف شفتها السفلى بحنق و تغمض عينيها.. فهذا ما ينقصها الآن.. لقد تمنت فعليا ان يغادر دون الالتفات نحوها... تلتفت اليه ببطىء فتراه قريبا منها نوعا ما.. يحجبها بطوله الفارع و جسده الرجولي.. فتسمع صوت والدها متسائلا
- اكو احد يحجي وياج؟ تجيبه حلا بهمس واثق
- اي حبيبي.. احد يعرض مساعدة.. فتلتفت ببرود نحو قيس قائلة بثقه
- لا...شكرا..اهلي بالطريق.. يستمع احمد لصوتها الواثق فيعود و يقول لخالد بتذمر
- اتصل بأخوك مره ثانيه.. لو ادري باقي منتظر اختك.. ولا هالقلق

يتأملها قيس لوقت .. و يلتفت نحو الحراس مبتسما فيراهم يتابعون الموقف باهتمام... فيعود لحلا قائلا بصوت خافت واثق
- منظرج مو حلو و الدنيا ظهريه اذا محتاجه مساعده اني حاضر او خليني اوصلج للداخل الى ان يوصلون اهلج.. تصمت حلا وقتا و تستمع لحوار والدها مع مهاب الذي تأخر على ما يبدو بسبب ازدحام عند تقاطع قريب على الجامعه... فتعود و تحدث قيس بثقه
- وگفتك يمي هي المو حلوة... اذا سمحت تفضل .. يعض قيس شفتيه..لقد قرأ بنظراتها في الداخل قبل قليل صلافه و عنادا يوازي كفة جمالها...و الان يصدق حدسه لردها الفض المتعجرف.... يلتفت نحو سيارته السوداء المتوقفه في انتظاره و يعود بأنظاره اليها فيراها لا تزال تضع هاتفها على اذنها تنظر اليه بثقه و قد حجبت النظارات الشمسية نظراتها عنه.. فيومىء بموافقه بعد وقت.. لا يستطيع اجبارها على شيء... عرض المساعدة و أخبرها بضرر و قوفها... ويعلم الان بفطنته مقدار غرورها و كِبَر نفسها.. لذلك ابتعد عنها دون ان يضيف شيئا... تحرك مبتعدا بهدوء دون المزيد من الكلام وقد غض الطرف عنها.. فتهز هي رأسها مستنكره من جرأته في الحديث معها و تعود لتخفف توتر والدها عبر حديث مازح. ..
سار قيس بخطوات واثقه متمهلة نحو سيارته التي يقودها جاسر.. و فور جلوسه قال لجاسر بهدوء
- لا تحرك... ابقى جاسر.. فيلتفت اليه جاسر عاقدا حاجبيه ناظرا نحو اخيه قائلا
-اكو شي؟ فينظر قيس تجاه حلا التي وقفت اسفل مجموعة من الاشجار تتحدث عبر هاتفها..
- لا بس انتظر شوية.. فتنهد جاسر وقد امسك بهاتفه بعبث به قليلا.. بينما قيس لا يكف عن النظر بحمائية نحو تلك الفاتنه يرى في وقوفها وحيدة مطمع لضعاف النخوة و الرجولة.. لذلك اثر الانتظار حتى قدوم اهلها او من يقلها..
و يعقد حاجبيه مفكرا بها قبل دقائق من الآن ..يتذكر نظرتها المشتعلة و عقدة حاجبيها الانيقين وهي تسمع طلب الدكتور علي منه... فترتسم ابتسامه هازئه على شفتيه.. مغرورة وقد ظنت ان جمالها سيشفع لها ويكون الوسيط ..وكم استلذ بقراءة خيبة أملها

قبل وقت ... مكتب الدكتور علي
- بدل وياها دكتور عندك هواي مقاعد... فيلتفت له قيس باسما بثقه
- دكتور ساعات صارلنا علمود القبول و الترتيب و تدري بيه نظام الواسطه ما يمشي عندي .. تريد مكان المفروض تقدم قبل وقت و تتقيد بالموعد حالها حال بقية الطلاب الجادين.. ثم التفت لحلا ببرود وهو لا ينظر اليها حتى
- اسف ما اگدر اخدمج.. صمت حل في المكان و حلا تنظر اليه بصدمه.. اي وساطه يقصد و اي جديه؟ لو كانت تبحث عن الوساطه لاستعانت بوالدها و هي تعلم ان هناك علاقه طيبة تربط الدكتور علي مع والدها.. تبتلع ريقها مشيحه عنه تطحن أسنانها غيضا.. تسمع صوت الدكتور علي
- على كيفك دكتورنا العزيز هو مقعد و انته عندك خمسه احتياط ببغداد.. فتقاطعه حلا بهدوء وقد عادت لسحب ملفها الذي كانت قد وضعته سابقا على سطح المكتب توجه كلامها للعميد
- خلص دكتور مشكور...ما يحتاج اني راح أقدم بالطريقه العادية و من يصير شاغر اكيد احصله ان شاء الله.. شكرا لان اخذت من وقتك.. و تستدير مسرعه تغادر الغرفة البارده..

يعود قيس و ينتبه اليها متأملا فيرى خطواتها مغادرة مكانها وهي تعيد هاتفها باسمه نحو حقيبتها.. من كانت تكلم طوال الوقت؟ تساءل في نفسه ملتفتا للخلف حيث توقفت سيارة بيضاء حديثه خلف سيارتهم مباشرة.. خلع قيس نظارته الشمسية وهو يتأمل سائق السيارة خلفه الذي لم تظهر ملامحه بشكل واضح..وقد انحنى على ما يبدو يساعد الفتاة التي استقرت في المقعد الأمامي باسمة موجهه حديث ما لسائق السيارة فظنه قيس يظنه خطيبها او زوجها.
يسمع صوت جاسر بعدها وهو يسأل
- غير افتهم ليش واگفين؟ منتظرين احد؟ فيعود قيس و يستقر في جلوسه قائلا
- توكل على الله.. فيتحرك جاسر صامتا متلمسا تجهم قيس و تباعده.


بعد وقت

يدخل بخطوات خفيفه منزله.. يضع حقيبته على احدى الارائك و يتجه نحو المطبخ حيث يسمع اصواتا يعرفها فقد ابلغها انه ربما سيمرها...
يراها امامه ترتدي جلباب مغربي خفيف و مثير بلونا سكري ابرز انوثتها برقه يعشقها.. شعرها رفعته الى الاعلى وقد تدلت خصل عديدة بشكل عشوائي جميل... يقترب منها وهو يراها تتمايل مع أنغام اغنيه موصليه تقليديه تصدح من جهازها الذكي تستمع اليها عبر احدى التطبيقات.. يقف شبه قريبا منها يراقبها باسما فهي تغرق في عملها دون انتباه احيانا خاصة و ان كانت تستمع لشيء ما... يراقب عنقها الظاهر و قد مالت فتحة ثوبها بشكل سخي ابرزت له عنقا صافيا مغري... لم يقاوم اكثر... اقترب منها حتى الالتصاق وقد أحاط خصرها الممتلىء كما يشتهي ليغرق في رائحة عنقها الساحرة

تجفل بين يديه شاهقه ثم تقول عاتبه
- قيس فززتني حرام عليك.. ثم تميل بعنقها تفاعلا وقد ايقظ قيس نيران اشتياقا تعاني منها دوما معه.. ساحر متمكن بشغف... يكفي ان تنظر اليه و ترى وسامته الرجولية حتى يهدر قلبها بضجيج صاخب لا يسكنه الا قربه.. تحبه تعترف انها لا ترى الدنيا الا من خلاله

بعد وقت

تتنهد مسترخية وهي تراقبه امامها يلف منشفه بيضاء على وركيه وقطرات من الماء انعشتها من مكانها تنسال على كتفيه المشدودين... غتتكىء على كفها تهمس له بشغب
- احضر الغده؟ فلا تنال منه سوى نظره و يعود لإخراج ثوبه
- ما ينرادلها سوأل بس مخليج على راحتج ... فتستقيم و تتحرك نحوه تخرج له ما تبقى من اشيائه الخاصة... ثم تحتضن كتفيه من الخلف تقبل ظهره تسأله بهيام
- راجع اليوم؟
يجيبها و هو يسحب احدى ساعاته الانيقه و يخرج مسبحته الخاصه
- ان شاءالله.. بس عندي شغله الليلة احتمال اتأخر .. فتدلك بسرحان صدره ثم تهمس له وهي ترى عبر المرآه انشغال فكره
- دقايق و يكون الغدى جاهز حبيبي... ثم تتجه نحو الاسفل و امنية ما تداعبها منذ فترة... تدعو الله كثيرا ان تتحقق

تنزل بعد وقت وقد تركت شعرها الرطب حيويا منعشا بمنظره و رائحته .. ترتدي ثوبا منزليا قصيرا ابرز قدا شرقيا ممتلىء.. تدخل المطبخ بهمة فترى قيس جالسا يضع امامه طبق السلطة الذي اعدته سابقا قبل عودته... ينتقي منه قطعة خيار ويتابع ذات الوقت احدى الايميلات الخاصة بعملة على جهازه اللوحي.. تتقدم منه تبعد الطبق قائله بحنان
- لا تشبع نفسك هسه اصب.. فيبتسم قائلا بمشاكسه
- ما تشبعني المقبلات..لا تخافين ..فقترب باسمة تقبل كتفه و تتجه نحو الموقد تسكب له طعاما اعدته بكامل العشق و الهيام

يسألها بعد وقت

- ام رائد جانت يمج الفترة الراحت؟ تصمت لجين فترة و تجيبة
- بناتها يمي.. علياء و نور.. بس هي الله يساعدها ما خليتها تجي... يصمت وقتا وقد توقف عن تناول الطعام... يرفع كأس الماء يرتشف منه وقد توترت من صمته فتكمل موضحه
- وضع ابنها صعب قيس و بناتها عدهن عطلة هسه خطية شوية يشيلن من حمل امهن.. يبعد قيس طبقة مكتفيا وعقدة ما تشكلت بين حاجبيه ليقول بعد وقت
- تنتقلين يمي؟ تبتلع ريقها وهي تنظر اليه ذاهلة فيكمل بأقرار
- تنتقلين يمي بمركز المدينة اقلها تكونين قريبة عليّه شغلة تبقين وحدج كل كم يوم ما تريحني ... تسأله هامسه وهي تراقب ملامح وجهه
- ظروف زواجنا و اهلك قيس فيرفع نظرات باردة تماما نحوها متسائلا
- شبيها ظروف زواجنا؟ مرتي على سنة الله و رسوله صحيح زواجنا ما معلن و اهلي ما يعرفوج بس انتي مرتي و ما محتاج رخصة احد حتى اجيبج يمي... مكاني مكانج وين ما اكون تكونين.. تشعر بسرور ينتشر في دواخلها وهي تستمع لصوته المقر بأنها تنتمي له... مكتفيه ان تكون معه في الظل... يغنيها بوجوده عن كل البشر... لا يهمها وضعها.. المهم انها مستقرة معه تشعر بالانتماء له.. جزء منه.. سكنه و راحته..عندها

تجيبه وهي تبسط كفها اسفل كفه المستريح على طاولة الطعام ... تهمس له بود و عشق
- الي يريحك سوي حبيبي المهم اني وياك... عوضي من رب العالمين انته الله لا يحرمني منك.. فترى صمته و ايماءة رضى تنالها منه.. و رغم سرورها.. رغم فرحتها.. الا انها كانت فرحة ناقصة... تشعر دوما ان قيس ليس لها... رغم حرارته.. رغم اشتعاله معها.. الا انها تعلم انها لم تصل لقلبه بعد... تغدق عليه بحنان انثوي باذخ... و بأعترافه الصريح دوما ان الامر يريحه و يجذبه... الا انها و بأحساس الانثى تعلم ان هناك مكان في قلبه.. شاغر.. رغم كل تمكنه و كياسته... رغم كل فورانه معها... هناك مكان لم تصله بعد.. نظراته لها تتملىء رغبة و أوقاته معها تغلبها العاطفه الحسيّه رغم انه يحاول جهده ان يتواجد معها الا انها تشتاق كثيرا لان يكون معها لفترات طويلة مستقره...كزوجا و زوجة رغم علمها و تفهمها بطبيعة زواجهما الغير معلنه...

تشعر بعد وقت بقبلته على جبينها وقد خدر احساسها عطره العودي.. يهمس لها مودعا
- نامي لا تنتظريني... فترتفع معه تقبله هامسه
- ان شاء الله حبيبي.. توصله الى باب الخروج وهي تتأمل هيئته بثوبه الابيض و "شماغه" الذي لفه بطريقة تقليديه فتعلم ان عمله يختص القضية العشائريه التي يهتم بها حاليا..

*********************
بغداد الحبيبة...قبل ساعات

تركب معه تحاول اصطناع الغضب بعد القائها السلام.. فيطفىء غضبها بأبتسامه حنونه دافئه وهو يناولها علبة معدنية لمشروب بارد يطفىء لهيب جوفها ... فتضعه فورا على وجنتيها المحمره و تتنهد بأرتياح شديد قائله ذات الوقت
- مهاب الله عليك احجي ويه بابا مو حالة هاي اتوسل حتى تودوني و تجيبوني ....شيصير لو تريحوني و تخلوني اطلع بسيارتي؟ جايبيها الي حتى بس اتفرج عليها؟ فيضحك مهاب وهو يرى السيارة السوداء التي كانت متوقفه امامه امام باب الجامعة تتحرك بسلاسه... فينطلق هو الاخر خلفها.. يلتفت لحلا الحانقه يقول بمسايسه
- نخاف عليج غير.. بس ولا يهمج اليوم العصر حضري نفسج اطلع وياج حتى نرفع الامر لابو علي يوافق عليه... فتجيبه حلا وهي تراقب السيارة السوداء العالية امامها .. فتشعر بالضيق و الازعاج
- كل مره تگولون نفس الكلام و كم مره طلعت انته و ياسر و خالد ويايه بقى بس فارس حبيبي الي وعدني يحجي ويه بابا حتى من دون ما يشوف سياقتي .. شوكت تتعطفون عليه ما ادري... سيارتي گدامي و ما اطلع بيها.. فيبتسم مهاب يعلم انها حادة المزاج الان.. اكثر شيء تكرهه هو الانتظار و الحر.. و اليوم يبدو لم يكن مبشرا لديها... يسألها بأهتمام
- قدمتي اوراقج؟ تصمت وقتا تزم شفتيها حتى بانت غمازتيها.. تتذكر نظرات الضيف فيزداد حنقها... ترفع العلبة المعدنيه تضعها على جبينها و تخرج تنهيدة ارتياح ثم تجيب مهاب
- لا.. موعد التقديم تقريبا فات.. راح أقدم على الاحتياط و الشاغر... تصمت وقتا ثم تكمل بنبرة بها بعض القنوط
- ماما ما تريد بره بغداد و هذا شي ما مظمون يجوز انقبل بجامعة ال****** يعني ثلاث ساعات روحه و ثلاث ساعات جية... و ويه الازدحامات مهاب الامر ميؤوس منه.. فيصمت مهاب مفكرا ليقول
- خلي اوراقج يمي اني اقدملج و اشوف احد من جماعتي.. فتتذكر حلا الضيف و موضوع الواسطه فتقول لمهاب راجيه بعناد باسم
- اي والله هيبتي عندك واسطات هواي ..فيبتسم مهاب وهو يرى تغير مزاجها .. تلتفت حلا و تسأله
- وين رايحين؟ هذا مو طريق البيت؟ فيضحك مهاب وهو يقول
- توج تنتبهين؟ يابه عازمج على غده تكفيرا عن التأخير فتنظر له حلا بسرور هامسه
- نيال مرتك عليك... فتتغير نظرة مهاب وهو ينظر من النافذة ..متذكرا غفران

يجلسان بعد وقت بقسم عائلي في احدى مطاعم بغداد الراقية... ينتظران طلبهما... وقد اتصل بها فارس مرئيا... تراه بشاشة جهازها وقد استرخى في سريره بوجه متعب.. يقول لها مازحا
- هيبتج وين عازمج.. فتنظر حلا لمهاب الباسم يتابع الحديث وهو يتصفح جهازه الذكي.. تجيب فارس المبتسم بتعب
- ل******... و تذكر احدى المطاعم المعروفه...فيضحك فارس مقرا
- الظاهر متأخر عليج هواي.. تنظر حلا نحو مهاب الذي قال له وهو لا يزال يتصفح هاتفه
- خليك محضر خير لا تطلع حسها من جديد.. هسه راح ترجع لموضوع السيارة.. فيضحك فارس وهو يضيف بخبث
- ادري ضاحكين عليها و جايبين السيارة گدامها و ممنوع تركبها.. هم شوف و هم حر جوف... فتمتعض حلا من مزاحهما ..تقول واثقة
- أليوم الاجتماع ويه احمد ..و اطلع بحول الله و قوته بالمفتاح... انتو بس بعدوا راغدة عن الموضوع فينهرها مهاب باسما
- ولج ... فتضيف حلا شارحه لهما بشكوى
- والله ماما ورى كل "لا" حسرة عندي اگول شي و تقبله رأسا... لازم تلوعني.. يتأملها فارس وهو يرى ملامح حلا الواجمه بدلال فيقول لها
- غير تخاف عليج يا حبيبتي... خاصة بموضوع السياقة هواي تخاف عليج لان مو سهلة ببغداد.. فتسمع صوت مهاب مؤيدا
- كم مره فهمتها.. و احنه ثلاث شباب بخدمتج بعد عليش تسوقين.. فتجيب مهاب وهي تنظر له بطرف عينها
- مبين من تأخير اليوم.. فيجيبها مهاب باسما وهو يسمع ضحك فارس
- مايغزر بيج ... مو عازمج! فتزم حلا شفتيها بحركتها المعتادة و تسمع صوت فارس الذي استرخى تماما في سريره
- هنا مربط الفرس مهاب... فيسمع صوت مهاب
- اسكت يمعود.. اني اريدها تنسى و انته كل شويه مذكرها... يضحك فارس مجددا.. المرء يتعافى بأهله.. وهو حاليا يحتاج الجميع حوله... و كأن حلا شعرت به..تسأله بأهتمام
- حنان شلونها؟ انته بالبيت؟
يتنهد فارس بتعب قائلا
- يم اهلها... وديتها قبل شوية.. وضعها ما مستقر.. فتقول حلا له بتعاطف
- حبيبتي الله يگومها بسلامة.. ماباقي شي ان شاء الله حبيبي و ترتاحون.... هواي تعبتوا انتو الاثنين .. يصمت فارس لوقت وهو يتذكر ذبول حنان و خوفه بل رعبه عليها
- خايف بس من الولادة قلبها ضعيف و ما يتحمل و اساسا حملها كله مجازفه بس شسوي لعقلها... فترى حلا كف مهاب يريد ان يتحدث لفارس.. تناوله الهاتف وهي ترى النادل يضع اطباق الطعام امامهما.. تسمع مهاب يتحدث
- اذا اليوم فارغ فارس تعال يمنا غير جو.. امي بالها يمك و انته تحتاج تطلع من الجو الي انته بي.. تعال غير جو و خلينا نجتمع طالما زوجتك يم اهلها و بالك مطمن عليها.. يجيبه فارس بموافقه
- اي هي النية هيجي... اجيت للبيت اريح شويه و العصر يمكم ان شاء الله.. خلي حلا اليمك تطلعنا بسيارتها قالها باسما فيضحك مهاب وهو يقول متسائلا ينظر الى حلا
- يعني هي تعزمنا احنه الاربعه؟و تفرنا بسيارتها؟ فتقول لهما حلا وهي تنظر لهما ببرود
- شوفو غيري... سيارتي تتعذركم... عمالقه وين تكفيكم سيارتي.... فيغرق الاثنان بالضحك و تهز حلا رأسها يأسا منهما وهي تفكر انها ستكون وجبة دسمة لمزاح الأربعة الثقيل.. اليوم

****************
ذات الوقت.. المدينة الغربية

تقف منذ وقت تشرف على طعام الغداء... شعرها مرفوع بكعكة كئيبة.. ملامحها شاحبة.. وقد تغضن جبينها لموجات الألم التي تشعرها.. تقول لدر ابنتها الكبرى
- ماما جهزي السفرة ابوج على جية..وقبل ان تكمل حديثها يدخل حارث المطبخ الواسع حيث يتناولون واجباتهم.. يفتح ازرار قميصه بلونه الفاتح مختنقا من شدة الحر.. تقترب منه در و ضي .. يقبلن كفه فيترضى عليهن ويتجه حيث تقف سارة تبدو عليها ملامح التعب.. يحتوي خصرها مقبلا رأسها هامسا بأذنها بأهتمام دافىء
- شلون صرتي.. فتربت على كفه المحيط بها تجيبة بهدوء
- الله يساعدك...الحمد لله شوية احسن... ثم تلتفت لجانبها فترى در و ضي يبتسمن بخجل شديد فحارث لا ينتبه لوجودهن احيانا.. تهمس له وهي تبعد اناء الطبخ عن النار
- البنات.. فتدلك يد حارث بطنها البارز يضغط عليها وهو يقول دون التفات..
- در..ضي بابا ...شوفو بان و محمد.. غسلوا ايدكم و تعالو للغده.. ثم يشد سارة اليه بحميمة فور خروجهن
- فهميني شنو الي يصير وياج.. البارحه للصبح ما نمتي.. بس تونين.. تتكىء عليه بتعب محاولة ابعاده عن الموقد..
- تعبانة حارث عندي ألم رغم ان هذا موعدها بس اعتقد عندي خربطة.. يديرها اليه يتمعن في وجهها المتعب الشاحب.. يقبل جبينها الدافىء ويقول لها بخفوت
- روحي نامي.. اخذي مسكن و ارتاحي.. و العصر حضري نفسج نراجع طبيبتج... تنظر اليه بتعب
- مو عدكم گعدة؟ يمسح خدها بحنان و يجيبها هامسا
- انتي اهم.. نروح حتى تشوفين شنو وضعج حبيبتي هذا الشهر الثاني انتي هيجي تعانين .. قالها وهو يقودها نحو غرفتهما.. فترى عند صعودها السلم.. در و معها محمد الذي عاد منذ وقت من مدرسته.. فيتشبث بها بحنان
- ماما انتي مريضه؟ تنحني سارة تقبله بحب وهي تقول
- تعبانة ماما .. انزل ويه اختك هي تغديك.. ثم تلتفت لدر
- ماما الله يرضى عليج غدي.. عصير ماكو الا ورى ما يخلص اكل و اللحم ياكله فتسمع صوت حارث خلفها يقول بنبرة حازمه يستخدمها دوما مع اولاده
- اني نازل.. در بابا رتبي السفرة هسه تجي ضي و بان هم يساعدوج.. اني شوية و انزل.. ثم يعبث بشعر محمد الناعم باسما وهو يصعد مع سارة
- ساعد اختك.. فيومىء محمد بطاعة .. فهو متأثر جدا بوالده..يكاد لا يفارقه

تتمدد سارة بتعب.. و يجلس بجانبها حارث.. يسألها
- تحتاجين موعد؟ لو نروح رأسا ..
- نروح عادي ما اعتقد ازدحام.. ولو ما اشوف اله داعي العمر يلعب دور حارث عادي تصير عندي تشنجات و خربطة.. يصمت حارث وهو يتأملها
- سوي فحوصات و سونار و شيلي المانع سارة.. فتعض سارة على باطن شفتيها تقاوم بشدة فتح الموضوع و تتهرب كعادتها
- الله كريم.. فيؤكد حارث بتصميم
- الله كريم اكيد.. والنعم بالله... بس اليوم شيلي اذا كولشي طبيعي سارة.. وزنج نوعا ما نزل شوية و بس نطمن امورج تمام نسوي طفل.. تبلل سارة شفتيها وهي تتحاشى النظر اليه.. يزداد رفضها لفكرة الحمل... مكتفيه تماما بل تشعر ان الامر فوق طاقتها..
ينحني حارث مقبلا طرف شفتيها هامسا بأهتمام
- نامي هسه و ارتاحي.. يخرج بعد وقت بهدوء فتفتح سارة عينيها بهم.. تعلم اصراره الشديد على الحمل.. يريد الولد... اخا لمحمد كما يقول.. لكنها متعبه جسديا و فكريا... التربية همّ كبير خاصة في هذا الوقت.. الا ان حارث مصمم... و تكاد تشعر ان تصميمه خانق جدا.. تعترف انه يعينها دوما.. بل يدللها عند حملها.. حتى طعامها يعده بنفسه و يأتيها به لسريرها.. يهتم بأدق أمورها.. و لهذا السبب ترك بيت والده منذ زمن و استقلا ببيت خاص... فأهتمامه بها محل سخرية من والدته.. فالامر لم يعجبها و هي تشعر ان سارة تتدلل.. فالنساء تحمل و تلد دون دلال مثل سارة.. رغم ان حمل سارة متعب جدا.. وحامها صعب.. و وزنها يزداد كثيرا بسبب تجمع الماء.. فتصبح قليلة الحركة بالاشهر الاخيرة.. تتذكر انخفاض ضغطها في ولادة محمد و كيف تشهدت و ودعت وهي توصي بأولادها... ولاداتها جميعها بعمليات قيصريه..عدى بكرها در.. التي كانت ولادتها صعبه جدا استمرت تعاني لأيام من طلق وولاده متعسرة..

تنقلب على جهتها الاخرى وهي تفكر و تفكر... فلا فائده من الهرب.. و المواجهه باتت حتميه.. لما ترضى بأمر لا تريده؟ لما لا يتفهم حارث رغبتها؟ هو يريد صبيا و امر الحمل بصبي ليس بيدها؟ ماذا لو جاءت انثى؟ رغم عشقها الكامل لبناتها؟ هل سيطالب بحمل جديد؟

ويأتي موعد ذهابها لطبيبتها الخاصة.. طبيبة تعرفها منذ زمن طويل.. منذ ولادة در.. تدخل عندها للكشف وقد انتظر حارث خارجا
- امورج كلها تمام سارة.. عندج شوية خربطة بالهرمونات بس شي طبيعي.. انتي مسوية دايت؟ فتجيبها سارة وهي ترتب ثيابها
- اي دكتورة.. فتومىء الطبيبة بتفهم
- سبب الخربطه احيانا الدايت و نزول الوزن القوي.. لذلك عادي بس للاحتياط سوي هالتحاليل من ثاني أيام الدورة .. فتصمت سارة تتردد بالسوأل لكنها تقول بعد حين
- دكتورة الحمل للي بعمري تنصحين بي؟ ترفع الطبيبه نظراتها الى سارة التي جلست الان امامها .. تجيبها وهي تضع قلمها على مجموعة اوراق امامها .تتابع ملف سارة
- عمرج قريب ال سبعه و ثلاثين سارة.. يعني اكيد ماكو أشكال بعدج بسن العطاء.. بس انتي تردين؟ ترفع سارة نظراتها لطبيبتها تجيبها بهدوء
- لا دكتورة تدرين عندي اربعه الحمد لله بس زوجي عاجبه.. فتهز الطبيبة رأسها فسارة حالها كحال الكثيرات
- ولاداتج قيصريه .. ثلاث قيصريات اخير وحده قبل تقريبا سبع سنين.. حملج الاخير كان متعب حسب ما ما مذكور و ولادتج هم صارت بيها مضاعفات و نزيف داخلي بالرحم بعد الخياطه والحمد لله سيطرنا عليه بسرعه ... قالت طبيبتها المعلومات وهي تقلب في ملف سارة بشكل سريع مستعرضه.. تومىء سارة باتفاق وهي تدلك جبينها... رغم كل هذا.. يريد حارث طفلا... تسمع صوت الطبيبة باسما
- رغم كل هذا فرصة الحمل موجودة و مو شرط تتعرضين لنفس الأعراض السابقه.. يبقى القرار الج سارة لكن من الناحية الطبية ماكو أشكال طالما تنتبهين على صحتج و وزنج مثل اخير مره.. تهز سارة رأسها وهي ساهمه... و تخرج من طبيبتها بعد شكرها و الحلول تتضارب في عقلها... ترى حارث جالسا منتظرا ينهض ببطىء فور رؤيتها يقودها للخارج وهو يتمعن في ملامح وجهها المغلقه تسير بمحاذاته صامته.. و احترم صمتها حتى جلست في مقعدها الأمامي في سيارته تنظر امامها.. تسمع صوته متسائلا بعد ان استقر في مكانه
- طمنيني؟ تجيبه بخفوت
- الحمد لله ماكو شي خربطه طبيعيه..
- شلتي المانع؟ يسألها بترقب
- لا... تجيبه بهدوء ثم تكمل وهي ترى ارتفاع حاجبه
- نحتاج نحجي.. يقاطعها ببرود وهو يشغل سيارته مشيحا عنها
- باجر نجي تشيلي.. خابروني يردوني وياهم لازم انزل لبغداد.. والا ما نحرك منا الا وانتي شايلته... فيستفزها كلامه تقول له بتحدي
- ترى الموضوع بيدي و اني ما اريد طفل كم مره حجيت و گلت؟ اطفال عندي الحمد لله خير من الله قانعه و راضية .. فترى نظرته التي رمقها بها... و ترى اشتداد كفه على مقود السيارة فيرق قلبها.. تهمس له بأقناع
- حارث انته تريد ولد.. و الولد أمره بيد رب العالمين مو بيدي.. اني ما اريد طفل.. اريد التفت لنفسي .. لأولادي... فرضا حملت و اجت بنية.. شنسوي؟
يجيبها ببرود
- انتي ما ترضين تسوين انابيب.. فتنفعل غضبا
- وليش ادمر نفسي؟ يرمقها بحدة..
- صوتج..
تشيح عنه تكتم حرقه.. و لثانيه شعرت احتياجها لأمها
- وديني يم امي.. فيقول بصوت جامد
- نشوف حل اول.. اني اريد طفل باجر تجين تشيلين المانع .. فتبكي وهي تقول
- و اني ما اريد.. ليش ما تحترم رغبتي؟ صحتي تتدمر علمود شي لو يصيب لو يخيب؟؟ انته ليش اناني حارث؟ فيشتعل غضبه غيقول لها بعنف وقد توقف جانبا على طريق زراعي
- اني اناني؟ شايلج بالصلوات سارة.. مداريج مثل ماي العين.. اريد ذرية.. اريد ولد.. تجيبه ببكاء
- عدنه محمد الله يحفظة.. ارحمني اني بضغط نفسي.. احس نفسي مكينة الك و لأولادك.. اريد اهتم بنفسي.. اكمل دراستي منزلي.. اريد احس اسوي شي لنفسي.. يرمقها بهدوء و يصمت ثم يقول ببرود
- نبرة جديده هاي؟؟ شنو الناقصج؟ تحسين نفسج مكينة؟ بدل الخدامة اجيب ثنين... تهز سارة رأسها بقلة حيله.. لا يفهمها ولا يفهم احتياجها النفسي.. تسمع صوته بعد وقت صمت طال بينهما.. يقاطعه احيانا ضجيج سيارة ما مارة بجانبهما
- شوفي يا بنت عمي.. اني رجال الله منعم عليه بالمال و اريد الذرية... و اني احسج ما هاويه الحمل.. گتلج نسوي أنابيب و تحديد جنس ما رضيتي.. تعذرتي بالشرع و الحرام و الحلال ...رحنا للشرع و جاوبونا ما بيها أشكال لدفع الضرر.. بعدين تحججتي بصحتج و گلتي ما اريد أعرض جسمي لابر و معاناة الهرمونات.. تفهمت و سكتت.. هسه ما عندج غير حلين.. لو تحملين.. لو اتزوج .. تتجمد نظرات سارة تماما وهي تنظر امامها و تلتفت اليه ببطىء فترى نظراته العميقه الواثقه.. كأنه يخبرها ان الكرة... باتت في ملعبها...

*********

ذات الوقت... دولة آخرى

يحمل بيده كوب قهوته الداكنه.. صدره العضلي عاري وقد اكتفى فقط ببيجاما قطنية سوداء تبرز حيويته.. يسمع رنين هاتفه في صالته الهادئه بأنارة خفيفة جدا فلا يبالي ... هذا وقته المخصص لنفسه...وفقط... يتوقف هاتفه عن الرنين فور جلوسه مسترخيا.... يرتشف قهوته باستمتاع و يسحب جهاز التحكم امامه يشغل التلفاز و يبحث عن احدى القنوات الفرنسية يبحث عن مسلسل ما اعتاد متابعته في هذا الوقت.. شقته هادئه... بجو حميمي رجولي خالص.. خالي من اللمسات الانثوية.. يرفع ساقيه يضعهما على الطاولة امامه. و يسحب هاتفه بعد ان استقر على مسلسه البوليسي المفضل.. يبحث بين تطبيقات المطاعم عن مطعم يختار منه عشاء الليلة.. وقبل ان يختار.. يصدح صوت هاتفه مره اخرى.. و صورة عمه احمد تظهر لديه فيرد سيف بابتسامه مشتاقه
- حي الله العم العزيز.. فيصله صوت احمد باسما
- يحيك و يبقيك ياغالي... شلونك وليدي فيقول سيف بصدق
- مشتاق والله عمي..انته شلونك.. طمني عنك... شوكت تجي؟ مو على اساس عندك جيه قريبة لهنا؟ يتنهد احمد بتعب وهو يقول
- اي والله بويه المفروض يمك هالاسبوع.. بس صارت كم شغلة شوفة عينك اليوم ابسط شي لوما انته تتحرك من يمك الله يعلم الخسارة شگد جانت. الله يرضى عليك و يرضيك... فيسترخي سيف في مكانه وهو يقول باشتياق
- بخدمتك ابو علي.. تمون على الرگبه.. يسأله احمد بمحبه
- انته اخبارك وليدي.. مهاب گال ممكن تنزل قريب.. عندك مشروع هنا؟ يصمت سيف تماما و تتغير ملامحه رغم ابتسامته المرتسمه.. يرد بهدوء
- كانت فكرة يابه و ما اظن تصير... شغلي هنا صعب اتركه...
- لعد اني اجيك و يجوز اجيب ويايه مفاجأه... فيبتلع سيف ريقه ويعقد حاحبيه يسأل بعدم تصديق
- تسويها عمي و تجيبها؟
-ولك المن هالسوأل؟ فيقهقه سيف وقد دمعت عيناه فيكمل عمه باسما برحمه
- اسويها قابل شغلة صعبة.. اخلص بس كم شغلة هنا وليدي و ما تشوفنا الا يمك.. حضر نفسك لاجازة حتى تأخذها تعتمر مثل ما مواعدها.. فتتسع ابتسامة سيف بأشراق يقول لعمه بمحبه وعرفان
- والنعم منك عمي.. و النعم منك.. و يمضي الحديث بينهما.. يحاول احمد جهده الإبتعاد عن منطقة زواج مهاب الملغومة... رغم علمه ان سيف يعلم بجميع التفاصيل فهو و مهاب على علاقة طيبة منذ نكبة سيف قبل عدة اعوام ... نكبة و مصيبة هدت دعائمه ولولا فضل الله لانتهى أمره منذ زمن.. ولا تفوت احمد نظرات اشتياق ابن اخيه راضي... يدرك انه متوجع لغياب ناصر القاسي.. ورغم محاولات احمد الا ان سيف كان مصمما ان لا يعرف احدا بما مر به... يكفيه اتصاله بشهناز.. فهو يعذر ابيه ناصر.. اعترف مرارا لعمه احمد ان الحق مع ابيه .. خذل الجميع.. فلما يستغرب ردة فعل ناصر؟ ورغم ان هذا الأمر يؤلم سيف.. الا انه حق يجب الاعتراف به... هو تصرف برعونة.. نساء و عربدة.. بدد أموال والده على بنات الملاهي فلما يستغرب الان ردة فعل ابيه ناصر.. لكل فعل ردة فعل.. وهو بالغ في الفعل... فنال أقسى الجزاء... خسر كل شيء و اقدس اشيائه...غفران

يغلق من عمه بعد وقت... وقد زاده اتصال عمه اشتياقا و وحده.. يعود برأسه مغمضا عينيه... يحاول كعادته إقصاء ما يثير غضب نفسه... يتذكر الزيارة الاخيرة لمهاب قبل عقد قرانه على غفران.... وكلامه الاخير عن جنون فكرة الارتباط بها.. فمهاب لا يراها سوى اختا صغيرة كحلا.. و يكرر سيف المحاولات مجددا حتى نشأ عراك بالأيدي بينهما... جنون بينهما و علاقه غريبة.. يقسم و يكرر القسم لمهاب ان قلبه مات.. لا يكن اي شيء لغفران سوى محبة اخوية .. فيضغط عليه مهاب بالقول
- لعد ليش تلح عليّه.. خلي تتزوج الي تختاره.. يجذبه سيف من عنقه يقول بغضب
- شنو تختار؟ انته ابن عمها.. اولى بيها شمدرينا الغريب شيسوي بيها
- انته مخبل؟ شهالحجي
- ليش تشوفني مخبل؟ انته بلسانك گلت ابوية ناصر اجاك و رادك تتقدم و عمي احمد ما معارض و كل يوم يعرض الشغلة عليك.. فهمني ليش ما تريدها؟ غفران مو اختك وانته رجال و النعم منك.. تعصى عليك طفلة صغيرة؟ يقول مهاب ببرود وهو يدفع سيف
- لان طفلة ما اريدها... و يعود العراك ليشتد بجنون بينهما.. حتى توقفا يلهثان ينظر كلا منهما بتعب نحو الآخر....

يقاطع تفكيره جرس الباب... ينهض بتكاسل يتجه نحو بهو الشقه.. يفتح الباب.. لتتجمد نظراته و تتحول إلى نظرة صقيعيه جامدة مخيفة و هو يبصرها امامه..
غزل
تقول بلهفة وهي ترى نيته بغلق الباب دون أي كلام عدى نظرته المرعبة يرمقها بها كلما رأها امامه.. فتسرع هي بوضع يدها على باب شقته تدفعها وهي تقول له بصوت مرتعش
- حلفتك بروح الغالي تسمعني... تبقى نظراته متجمده تماما لبرهه ينظر اليها.. مسخ قبيح هذا ما يراه فيها... رغم كل حسنها و جمالها... و دون لحظة تردد يجذبها بحدة من شعرها .. يأخذها حيث المصعد الذي فتح بابه فور ضغطه للزر الخاص به.. يرميها بقوه داخل المصعد.. و يعود شاتما ... ادراجه يغلق باب شقته بعنف ارعب غزل التي خرجت من المصعد متوجهه لباب شقته تطرقه هذه المره بتصميم ...
تعليقات