📌 روايات متفرقة

رواية ثأري فغفرانك الفصل الثالث 3 بقلم حور الحسيني

رواية ثأري فغفرانك الفصل الثالث 3 بقلم حور الحسيني

رواية ثأري فغفرانك الفصل الثالث 3 هى رواية من اجمل الروايات الرومانسية السعودية رواية ثأري فغفرانك الفصل الثالث 3 صدر لاول مرة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك رواية ثأري فغفرانك الفصل الثالث 3 حقق تفاعل كبير على الفيسبوك لذلك سنعرض لكم رواية ثأري فغفرانك الفصل الثالث 3

رواية ثأري فغفرانك الفصل الثالث 3

بعد ايام.. احدى المدن الغربية

تجلس على سخجادة صلاتها وقد انتهت توا من صلاة العشائين ..تسبح و تستغفر على اصابعها كعادتها المحببه اليها... يحيط رداء صلاتها بوجهها المحمر اثر الحر .. فجهاز تكييف غرفتها عاطل و قد استبدلته بمروحه هوائيه تكاد تلتقط انفاسها الاخيرة .. تنهض بحنق وقد احتقن وجهها تتجه نحو غرفة جدتها المفتوحه ... تدخل بشكوى بصوت حاد عاتب وهي تقول
- جده احلفج بالله تخابرين الرجال يجي يصلح التكييف والله حاره البگ ( البعوض) شبع بيه امس لخاطر الله ماخلى مكان ما گرصني بي حتى ال وقبل ان تكمل رأت نظرات جدتها الناهره وهي تقول
- كتمي ولج فضحتينا.. فتصمت صبا تماما وهي تستمع لصوتا مستفز هادىء متسائلا عبر هاتف جدتها فهو يتصل بها باتصال مرئي دوما مثل هذا الوقت احيانا

- هاي صبا؟ فتتنهد الجده وهي تعود بأنظارها اليه
- اي.. العوبة.. فتضرب صبا قدمها حنقا و تستدير تود المغادرة فتسمع صوته مجددا يسأل بخبث
- وين گرصها بعد؟ ما كملت! فتجيبه جدتها دون مبالاة
- اذا هي تنام مكشفه ليش ما يگرص بيها فتلطم صبا خدها وهي تلتفت لجدتها مره اخرى تسمع ضحك "فرات" ابن عمها و ترى ابتسامة جدتها الحنونه وهي تنظر اليه بأمومه.. تسمع صوته عميقا ترتعش له
- خليها تنام يمج الليلة..باجر خزعل يمركم يشوف شتحتاجون وراح اوصي على المكييف ياخذه.. فتزم صبا فمها امتعاضا و رفضا.. و ترى جدتها الامر فيروقها الانتقام منها فهذا عزيز قلبها ..
تقول بمداهره للتي امامها
- تنام يمي حتى تشرد الملائكه من ورى لبسها بحجة الحر و الحر .. ماخذه راحتها.. تهرب صبا متعثره من امامها فهذا ديدن ( عادة) جدتها معها عندما يتصل بها فرات... تشتكي و ترّغبه بها... ولا يمر الامر دون انتباه و انزعاج من صبا.. تعلم بمحاولات جدتها الحثيثه لإيجاد التقارب بينهما.. الا ان صبا تعلم بكل اليقين انه لا تقارب بينهما... من عالمين مختلفين تماما ... و بكل بساطه .. شخصيته.... لا تعجبها ابدا
..
تراقب الجده فرار صبا من امامها و تعود بأنظارها نحو الشاب الوسيم خلف شاشة جهازها الحديث الذي لا تعرف منه سوى الضغط على صورة فرات للاتصال و كان خزعل ( احد المعارف الذي اوكل له فرات مهمة متابعة أحوال جدته و إيصال المال الشهري لها ) هو من اشتراه لها بناءا على طلب فرات ...
تسمع صوته يوصيها بصبا
- خليها براحتها يمه الدنيا حارة باجر ان شاء الله يتصلح لو يجيبلها واحد جديد.. فتسأله الجده متجاوزه
- شوكت ترجع يمه؟ يصمت فرات وقتا .. يحك جبينه بتعب و إرهاق.. فتتامله الجده بحنان... يجلس بلباس العمليات الأزرق.. يبدو التعب و الإرهاق جليا على ملامحه الشقراء الوسيمة..
- قريب يمه.. تدرين احتاج ارتب اموري هنا .. بس على ساعة تشوفيني يمج تصمت الجدة بعدم اقتناع.. تسأله بترقب
- امك ما تقبل تجي و تستقر هنا؟ تخاف عليك؟ يجيبها فرات بصراحه مطلقه
- لا يمه.. لا يروح بالج بعيد.. امي بعيدة عني.. متزوجة و عدها اولاد.. بس اني هنا وضعي حساس و اذا اجي لازم ارتب مكاني يمكم .. ما اجي الا مثبت مكان شغلي يمه... فتقول له بلهفه
- يمه المستشفيات كومة الله يكفينا شرهن... بس تعال و ريح گلبي اخاف الله ياخذ امانته وانته مو يمي.. حلفتك بالله يمه تجي .. هالبنية وحيّدة و شايله همها اذا تغمض عيني.. يبتسم فرات بصبر و نظراته تتملىء حنانا
- يمه من عمري على عمرج ليش تحجين هيج... يابه رجعتي قريبه ما تشوفيني الا داگ الباب .. ادعيلي بس الله يسهل أمري .. فتدعو له و تكثر من الدعاء و تشمل معه تلك الصهباء النافرة منه.. و كأن الامر يهمه.. فهو لا يفكر بالزواج و حتى ان فكر..لن تكون عراقية.. ستكون اجنبيه.. فهو لا تروقه الشرقية بجميع مغرياتها التي تعددها الجدة عند كل اتصال.. لكنه يجاري جدته و يماشي رغبتها المعلنة حتى حين..

تغلق الجدة بعد وقت منه.. تنادي صبا التي وقفت في المطبخ تعد وجبة العشاء البسيطه.. وقد جائتهم حليمة من بيت الشيخ قبل وقت و اعطتهم ( خبز عروگ) ساخن اشتهته الجدة مع اللبن الرائب..
- صبا يمه وينج؟ تتنهد صبا و تتجه لغرفة جدتها تقف عند الباب تقول
- نعم يمة..
- صعدي الفراش فوگ.. اليوم ننام بالسطح..فتشرق ملامح صبا الواجمة فورا و تتساءل بسرور
- صدگ يمه؟ و الدرج شلون تصعدي
- انتي ويايه غير .. دروحي رشي ماي حتى تترطب الگاع...انتي قبل يومين منظفته مو؟ فتومىء صبا بلهفه
- اي يمه دايما نظيف هسه اصعد ارش ماي و اطلع كلة الململ ( غطاء من قماش خفيف جدا يمنع البعوض) اخاف البگ ياذيج فتمتم الجدة بخفوت وهي تبحث عن عصاتها المصقولة
- طلعيها الج اني ما احتاج.. و تستري باللبس من تنامين ترى اكسر العوچيه، ( العصى) على سيقانج البيض اذا طلعن.. فتضحك صبا وهي تقول
- يمة هو منو اكو.. اني وياج و السمه.. بيت الشيخ بعيد عنا و المنطقه امان خلينا نتنفس... فترفع الجدة عصاها تنوي ضربها .. لتهرب صبا من امامها ضاحكه وقد تغير مزاجها المتعكر قبل قليل.... للنقيض ...

بعد وقت
نسمات عليله تهب عليها... محملة برائحة الزرع المنعشه للحواس.. منطقتهم زراعية تمتاز بالنخيل و الاشجار.. تتنفس نفسا عميقا تكتمه بارتياح.. ثم تطلقه بهدوء وقد استرخت تماما في فراشها و على مقربة منها ترقد جدتها يصلها صوت شخيرها الخفيف تطلقه بين حينا و اخر... تراقب السماء و النجوم.. و القمر المنير.. فيأخذها الشوق.. و يمر بها الحنين.. تتذكر مواقف تكاد تعد على الأصابع.. فهي المتمكنه من التخفي ... تعيش في حضوره لنفسها ..فقط

تمتد يد صبا نحو المذياع بجانبها.. بعد ان جافاها النوم بعد وقت رغم ارهاقها.. و بصوت خفيف بالكاد يُسمع تضعه على احدى الاذاعات الطربيه القديمة.. لتستمع لصوت ام كلثوم بأحدى اغانيها الشجية التي تعشقها.. تتحدث عن حيرة قلب و مداراة المشاعر.... اي صدفة هذه.. رافقتها هذه الليلة... فتغمض عينيها تزدرد ريقها.. و دمعة ما تتسلل من عينيها.. و كأنها كانت تحتاج لسماع كلمات احمد رامي.. حتى يشتكي قلبها العاشق أوجاعه و يخرج بهذه الليلة الصيفيه لواعجه... يبثها للقمر.. للنجوم ..وفقط... هو عشقا مكتوم لا أمل منه وهي عزيزة نفس..... تقتل نفسها ان اشتكت منه او فضحته...

**************
قبل ذلك الوقت بساعات... بغداد الحبيبة

يجتمعون حول طاولة كبيرة وضعت في الحديقة... راغدة فرحة و مسروره بهم.. تتسع ابتسامتها عند كل مزاح تعتلي فيه الأصوات.. تنظر لاحمد تقف قريبا منه حلا وقد تركت شعرها منسدلا يغطي ظهرها يصل لحدود ركبتيها.. أسودا كثيف بنعومة تحسد عليها... و بجانبها من الطرفين مهاب و خالد الذي لا يكف عن المشاكسه... تسمع مزاح مهاب معها وهو يقول
- شعرج راح يحرگنا يمعودة شعندج ناثرته.. وين امي عنج فترد عليه حلا وهي تناول والدها أسياخ اللحم
- امي شافتني بعدين عاجبني انثره ليش تضوجون؟ فيقول لها خالد وهو يضربها بخفة على رأسها قائلا بتهديد
- لان نلگاه بكل مكان ...والله ياحلا اذا يطلع شعر بالأكل ... فتعقد حلا نظراتها حنقا قائلة بدلال و تنظر لوالدها مشتكيه
- آي... بابا شوف خالد والله بس يأذيني و هسه يهدد و مد ايده هاي و انته واگف... فيلتفت احمد لخالد يرمقه بنظره باسمه قائلا بمجاراة لمدللته
- جوز حالها لاختك مو كبرت الي بعمرك ولدهم بطولك؟ تعال مكانها خلي تروح تگعد.. اخاف عليها.. فيرفع خالد حاجبه لحلا التي أخرجت له لسانها بطفولية و يهز رأسه متمتما فتقول حلا بخبث مشاكس
- بابا خالد يدردم عليك( يقول شيئا ما عنك) و تفلت ضاحكه من قبضة خالد الذي أراد اخافتها.. ترسل قبلة في الهواء لوالدها الباسم لها وهو يرص أسياخ الدجاج التي اشتهتها حلا على الفحم....

و حول طاولة الطعام جلس فارس مسترخيا ضاحكا يرى دلال حلا و جنون خالد و مشاكسة مهاب لها.. ينظر نحو ياسر فيراه مهتم بجهازه الذكي يتابع امرا ما وقد تكونت عقدة ما بين حاجبيه الحادين .. فيسأله بأهتمام
- مشاكل بالشغل؟ ينفخ ياسر انفاسه بهم متأفأف واضعا هاتفه امامه
- يعني.. هيجي شي.. احتاج بعض الاجهزه و استيرادها صعب ... يسأله فارس بأهتمام بعد لحظات تأمل
- شصار على موضوع بنت عمنا... فتتغير نظرة ياسر و تصبح عصية على فارس الذي يحاول ان يفهم سبب اصرار ياسر على ود..
- ان شاء الله ايام و نعقد... امها قريب تجي يجوز الاسبوع الجاي.. اول ما تجي أعقد على ود.. يسأله فارس بصراحه
- سبب تعلقك غريب ياسر.. ما اظن تحبها.. فترتسم ابتسامة هازئه على شفتي ياسر و ينظر نحو والده
- ليش يعني مو حب؟ يتساءل ياسر ساخرا.. ثم يكمل ونظراته لا تزاح عن والده و اخوته.... بنت عمنا ما تروح الغريب... فيرفع فارس حاجبيه ماطا شفتيه بتسلية متهكمة.. فيرمقه ياسر بنظره ما وهو يسأله
- خير! يعني ود مو بت عمنا؟ فيجيبه فارس مسترخيا اكثر في مقعده
- الكلام جديد... ما عرفتك ... مو ود الي قبل كم سنه ابويه نشف ريگه حتى تتقدم الها و انته رفضت؟ يجيبه ياسر ببرود بعد لحظة صمت
- كانت صغيرة.. فيقاطعه فارس بنظره عارفه
- هسه كبرت يعني؟ فيكمل ياسر بلامبالاة لتساؤل فارس
-كانت صغيرة و هسه كبرت... و اني اريد اكمل نص ديني .. اني اولى من الغريب.. فيقول فارس ساخرا بخفوت معتاد منه
- والنعم منكم ولد العم... ياهو الي الزمه يگولي بت عمي ما تروح لغريب... ادري گاعدين بمضيف عشاير؟ انته بصوب و مهاب بصوب.. يصمت فارس يتأمل نظرات ياسر الغير مبالية.. فيكمل بخفوت متنهدا بعد وقت
- المهم تصونها و تحفظها لبت عمنا... كافي عليها عمك.. مراويها نجوم الظهر...و يصمت فارس مجددا يعود بأنظاره نحو والده.. و يغرق ياسر في التفكير يتذكرها قبل عدة ليالي فيشتعل صدره بنيران تخطف منه حتى النفس... صنيعة عمه ولا يقول اكثر.. ولا ينكر انه يتساءل احيانا.. لماذا تقدم لخطبتها؟ انتقاما؟ تأديبا؟ سترا لشرف ايقن انها فقدته؟ كيف سيتعامل معها؟ رغبة بالقتل تشتد في نفسه.. فترتفع انفاسه ومئات الأفكار تدور في عقله الان.. يزم شفتيه متذكرا تفاصيل صغيرة.. فيشعر بنفسه يتصبب عرقا.. ينهض بفورة جذبت انتباه راغدة اليه.. فتعقد حاحبيها دهشه من احتقان وجهه و توهج عينيه.. هو البارد المتحكم... شبيه احمد في كل شيء.. تسأله بحيرة
- شبيك يوم وجهك تغيير .. فيبتسم ببرود شديد و ينحني يقبل رأس راغدة هامسا لها بحنان رغم انزعاجه
- يوم مشاكل بالشغل... اخلص اتصالي و ارجع.. فتنظر راغدة لفارس متساءله فور ابتعاد ياسر عنها ليرفع الاخير كتفيه بحيره مشابهه...

يبتعد ياسر و يده تشتد على هاتفه... يحتاج لاخذ النفس... يمنع نفسه من الذكرى... كان يظنها قد توقفت... كان يظن ان الامر انتهى و ارتدعت.... عندما حذرها قبل اشهر بأختراقه الأول....الا ان تلك الليلة قبل فتره اثبتت له العكس.. يشعر بالغثيان وهو يتذكر الغرفة التي تواجدت بها... التعليقات و الاصوات.. كيف استطاعت و تجرأت ... كيف تستسيغ هذا الشذوذ الذي شهده.. لا يفهم.. يتوقف بين احدى الممرات المظلمه المؤدية الى المجلس الخارجي.. يحاول ضبط نفسه.. و التحلي بالهدوء.. و يعود و يوسوس شيطانه له كحاله طوال الوقت.. ماذا لو استمرت بعد ان تدخل بيته.. ما تعاني منه ود هو الإدمان التام.. هذا ما لمسه.. و من السهولة ان تقع بفخ شهوتها الاثمه.. لقد حاول كثيرا معها.. نصحا.. زجرا.. حتى ابتزازا في الفترة الأخيرة... الا انها تتملص بسهولة.. يصمت وهو يبحث عن رقمها في هاتفه... يتأمله لفترة... يعلم انها اغلقت جهازها المحمول تماما من تلك الليلة... لا تظهر له متصلة من خلاله ابدا... فهل تستخدم هاتفها بديلا؟؟

بعد ايام... العاصمة بغداد

تضع هاتفها امامها باتصال مرئي متحدثة بأريحية مع صديقتها ايمان... وقد جلست امام مرآة الزينة استعدادا لحفل تخرج احدى صديقاتها المقربات....
تضع مسحه خفيفة من كريم البشره الاساسي وهي تقول
- عمج ما عنده سالفه... ضيغم راح هو و اتفاقه وياه وانتي صاحبة الامر مو ضيغم... ليش مصمم انه اخذ حجايه منه؟ اخاف انتي حاجيه شي ايمان و انتي ما تدرين، ناسية مثلا؟
تتنهد ايمان بتعب مراقبة حركات حلا المتمرسه.. فتسترخي في سريرها اكثر وهي تقول
- اني ما حاجيه شي و حتى ضيغم بوقتها گلي البساتين مالتج انتي حره.. تبيعين لعمج.. تخليهن الج .. بكيفج وضيغم رغم كلشي كلمته وحده ما عنده نفاق او خوف.. تصمت ايمان مفكره ب"خطيبها السابق" ثم تكمل بتعب
- الموضوع مدوخني... فتقول لها حلا بجدية وهي تبدأ بوضع زينة وجهها
- بيعي و اخلصي و هو عمج مو غريب.. ترد عليها ايمان بعناد غريب
- والله العظيم ما يشوف متر من بساتيني.. ورثي من أبويه و ما ارضى اتنازل عن متر واحد... كافي بيت بغداد الي انباع هيجي.. تنفعل ايمان قليلا ثم تسمع صوت حلا مهدئا متنهدا
- عليش تحرگين نفسج ايمان.. انتي وصلتي رايج و خلص.. فتقاطعها ايمان بحنق
- عمي طالع بشغلة جديده.. تعالي تزوجي واحد من ولدي... و ولده كلهم متزوجين ... يگول حتى الگاع ما تطلع من عدنا... بعرفنه المره ما تورث ارض.. تتوقف يد حلا و تنظر لايمان بأستغراب شديد
- عمج هذا شلون يفكر؟؟؟ بعدين ولد عمج كلهم كبار حسب علمي... يعني هم شايب وهم تنزلين ضره؟ ليش شنو ناقصج انتي؟ تشيح ايمان عن حلا متنهده بتعب .. تمر بضغط نفسي هائل.. تشعر بالضعف و الإجهاد لكنها لن تتنازل عن حقها... ارض والدها لها.. رغم كل توسلات والدتها للتنازل فعمها و منذ فسخ عقد قرانها.. لا يعتقها... و كل ليلة تقريبا ترتفع الأصوات في منزلها.. تنام على جانبها متأملة حلا و تسألها تغير الموضوع
- شلون قبلت خالة راغدة ترحين وحدج؟ فتضحك حلا برقه و تهز رأسها ... تجيبها و قد بدأت بتحديد عينيها بكحل اسود فاحم
- البركه بحبايب قلبي الله يحفظهم.. الاربعه تدخلوا و اولهم بابا حبيبي.. ثم تتغير نبرتها للحماس ....و رايحة اخيرا بسيارتي.. فتبتسم ايمان لابتسامة حلا العريضه... مشعه بجمال مبهر.. تسألها بابتسامة
- هي فراقد مو بيتها بالصوب الثاني.. تومىء حلا برأسها وقد اولت اهتماها لزينة وجهها تدقق في مرآة طاولة الزينة بتمعن ثم تقترب من المرآة تركز في كحل عينيها..
- اي قلبي ..ما اطول.. ساعتين و ارجع .. غفران تجي ويايه لان هم معزومة.. ثم تنهض وهي تستمع لايمان تسألها
- غفران شوكت زواجها؟
تجيبها حلا وهي تعود لوضع ظلال خفيفه تكسر حدة عينيها... تحب الكحل و تتفنن في رسمه وهذه المرة تميزت بكحل انيق يزيد وساعة عينيها وحدة لنظراتها...
- بعد شهر و شوية تقريبا ان شاء الله.. و من هسه حضري نفسج.. تجين يمنا كم يوم قبل و ما ارضى بأي عذر... فتومىء ايمان برأسها و سوأل ما يتردد كثيرا على لسانها لكنها تحكم فضولها و تشد على نفسها ردعا.. الا ان حلا تقول بطبيعية كأنها ادركت سوأل صاحبتها
- حنان بلكت تكون گايمه بالسلامه اعصابنا كلنا مشدودة علمودها و فارس حالف يمين تسوي ربط اول ما تولد بالسلامه...لان مشكلة القلب عدها متضاعفه.. تزدرد ايمان ريقها وتشتت انظارها حولها.. خائف عليها لدرجة انه يكتفي بطفل واحد منها! فتشعر بضيق انفاسها...ثم تستوي جالسه وهي تبعد شعرها الناعم تضعه خلف اذنها و تحاول ان لا تتذكر حنان الجميلة... تسمع صوت حلا التي ابتعدت على مايبدو لتكمل ارتداء ملابسها
- ياسر هم انحلت العقده مالته و عقد قرانه قريب.. بس ود شارطه يكون عائلي.. فتقول ايمان متجاوزه عن موضوع فارس وحنان بكل تمكن
- الله يتمم بخير يارب تستاهل ود كل الخير و ياسر الله يحفظه سبحان الله مناسب الها... تعود حلا لتظهر امام ايمان بثوب قصير ضيق بلون اسود يعلو بمسافة بسيطة ركبتيها.. رقبته عاليه و اكمامه طويله بقماش فرنسي خفيف..الا ان فتحة مائلة امتدت من بداية كتفها الايمن حتى ابطها الأيسر كشفت بأغراء عنقها و صدرها الابيض... مبرزا تفاصيلها ببذخ انيق فاتن... صفرت ايمان بأعجاب وهي تنظر اليها قائله
- ذوق خالد اكيد؟ فتبتسم حلا وترفع شعرها بمهارة بشنيون عالي... تقول مصححه
- فارس... تصمت ايمان وقتا ثم تقول بوهن متعب من صراع الذات القائم دوما ان مر ذكره
- حلو و صار احلى عليج...
تلتفت لها حلا وهي تنظر اليها بمحبة.. تعلم وجع صديقتها.. لكنها تؤمن ان الحياة تستمر... لا تتوقف عند احد
- عيونج الحلوة يا روحي و يارب افرح بيج بزوج يسر خاطرج... يشوفج و ما يشوف غيرج ...فتضحك ايمان بتمثيل محترف... تقول و قد التمعت عينيها ببريق ما
- الجزء الاخير من الدعاء كثري منه بلكت تُستجاب دعوتج...

بعد وقت

ترفع راغدة رأسها لخطوات حلا القادمة بأتجاهها.. لا تشعر بالارتياح لخروجها وحدها الا انها تتفق مع احمد الذي تناقش معها لوقت ليس بالقصير حول الحرية التي يجب ان تمنحها لحلا ... فهي لم تعد صغيرة ... تحتاج ان تبرز شخصيتها .... و اليوم اولى الاختبارات... الوقت عصرا ولا يزال باكرا .. ولن تغيب حلا الا ساعتين حسب الاتفاق.. تسألها راغدة متأملة هيئتها بعباءة سوداء انيقة مفتوحة الا انها مغلقه بأحكام بأزرار صغيرة
- تلفونج وياج ماما؟
ترتب حلا حقيبتها وهي تتأكد من وضع هاتفها
- اي يوم.. ثم ترفع رأسها لراغدة تقترب منها و تجلس بجانبها ... مقبلة كفها و جبينها
- لا يظل بالج ساعتين ثلاثه اني يمج ماماتي .. فتقول راغدة عاقده حاجبيها
- شو صارت ثلاثه مو اتفقنا ساعتين و ترجعين؟ تضحك حلا مقبلة خد راغدة
-يوم فدوه لعينج خلي اتونس شويه بسيارتي و اسوق على راحتي مو هاي گدامج كل يوم طالعه ويه واحد من اخواني علمود يشوف سياقتي و كلها صدّقت على شطارتي .. تقاطعها راغدة
- حتى لو ..يبقى بالي يمج منا لمن ترجعين... حلا قبل الثمانيه انتي هنا ماما.. و تلفونج اول ما توصلين تدزيلي مسج حتى أطمن... تعود حلا وتقبل خد والدتها هامسه
- صار يوم... صار ... فتقول راغدة بحنان
- غفران ما تجي وياج تعبانه... يعني رايحه وحدج.. الله يرضى عليج ماما انتبهي من تسوقين ... و لا تتأخرين.. ابوج و اخوانج معزومين عشى .. اي شي يصير وياج تتصلين عليهم و عليّه.. تهمس حلا لها بود باسم
- لا يظل بالج رغودتي.. اليوم عازمتج على العشى لعد.. اروح و ارجع و نطلع سوه و ناخذ ويانه غفران الشاردة و خاله شهناز.. فتقول راغدة بأهتمام مربته على خد ابنتها الريان

- روحي و رجعي ماما و يصير خير ..

تخرج حلا بعد وقت.. تقود بانسيابيه في شوارع بغداد .. فالوقت ليس بوقت الذروة .. تدندن مع اغنية ما تستمع لها و تقود بهدوء حيث حي صديقتها في الجانب الاخر من بغداد

قبل ذلك الوقت بساعات...مكانا آخر
صداع يشعر به لم ينفع معه حبوب المسكن التي اخذها.. يدخل حمام مكتبه ويضع رأسه اسفل صنبور الماء البارد لوقت.. فيشعر بتشنج اعصابه خاصة رقبته... ايام تواجده في بغداد حاليا متعبه... خصوصا هذه المره.. ساعات قضاها مع صديقه المقرب.. الذي يعمل في سلك الداخلية.. فيتذكر حديثهما قبل وقت
- اخوك ما ناوي يعقل قيس.. و المصيبة كلما ارتبله شي.. يطلع منه سلامات.. شنو من واسطه عنده ما تفهمني؟ يجيبه قيس ببرود
- الشغلة يمك غير.. اكثر من مرة گتلك حامد حتى بره عنده واسطة...هسه الي اريده منك تتمهل و لا تتسرع .. شغل سنتين ترى يروح بغلطه بسيطه
يتأمل يوسف هاتفه بلمحة خاطفةثم يقول
- خل اشوف وين نوصل وياك.. مطول بالي . اخذ كل وقتك.. بس خليها ببالك الصفقه الجاية ما تم لو ما ادري شيصير.. .. يهز قيس رأسه متفهما ثم يسأل يوسف مسترخيا في كرسيه المكتبي المريح.. اكثر
- شسويت على الشغلة الوصيتك عليها؟ شفتلي وين ولى بالبنية؟ يتأمل يوسف قيس لبرهه ثم يضحك هازا رأسه بسخرية واضحة
- يعني تتوقع اذا اعرف وين اجي اگلك؟ فيرمقه قيس بحاجب مرفوع و نظره مستفهمه
- الشي الوحيد الي اگدر اگوله همه مو هنا.. ولا تسأل يادولة بس الاحتمالات كلها تگول تركيا او الاردن.. يجوز سوريا... فينظر اليه قيس لبرهه.. يرى عدم جدية صاحبة و مزاحه المبطن... يقول له بهدوء
- صاير غثيث تدري لو ما تدري... يغرق يوسف بالضحك فيعود قيس ليكمل بتساؤل هادىء
- هذا تأثير العشگ عليك .. لو شنو؟ فتخفت ضحكة يوسف و ترتسم ابتسامة لطيفة تحتوي حنين جارف ثم يقول
- اي والله اخيّك الله بلاه بلوه.. عثره مو بس بلوه ... يبقى قيس على وضعه يتأمل صاحبه الباسم
- نسويها عشاير..نروحلها و نردها انته بس اشر ابو رعد!يصمت يوسف لوقت متذكرا قمره المتمنع ثم يأخذ نفسا عميقا و ينفثه بهمّ
- ما يفيد.. اريد عن رضى و طيب خاطر... اريد خاطرها يرضى... فيعتدل قيس في جلوسه بليما ثم يقول بعد تأمل بنبرة نحمل رائحة الشماته
- هني و مري اخوي.. تحمل حتى لا تظل تگول انا و انا.. فيبتسم يوسف و يهز رأسه راضيا.. فهو من أتى بهذا الهجر القاسي لنفسه...

يخرج قيس الان من حمام مكتبه.. و صداع رأسه تحسن قليلا... يفكر بكلام يوسف و عن ضرورة اللجوء للقانون ان لم يجدوا مجالا للصلح اليوم.. فالثأر سيكون بداية اخرى جديدة دموية للطرفين.. يدلك صدغه بتعب.. فيومه كان متعبا طويلا بين مشاريع انشاء متعرقله و بين أمورهم العشائرية و الليل لم يأتي بعد.. دعوة العشاء بنية إيجاد الحل يجب ان يكون مستعدا تماما لها.. دعوة سيكون الحضور فيها من الطرفين.. ضيوفا عند أحد شيوخ العشائر بنية ودية لحل المشكلة التي لا يرى هو نفسه مخرجا لها..

يدخل بعد وقت منهكا للمنزل فتستقبله لجين بحنان بالغ فترى شحوب ملامحه و تغضنها انزعاجا... تسرع اليه متلهفه
- سلامتك حبيبي... شصاير وياك؟ اخاف ماخذ عدوى.. شكلك مصفر و عيونك ذبلانه.. فيصمت قيس..يشعر ان الكلام ثقيلا..يأخذ منه مجهودا فلا تنال لجين سوى تربيته على زندها و يمر بها عابرا بصمتا تام متجها نحو الاعلى حيث غرفة نومهما.... يشعر بمطارق تضرب رأسه و حتى الكلام يشعره بالتعب... فتتبعه لجين بقلق متصاعد وتسرع اليه فور جلوسه على سريرهما بأنهاك.. تقبل رأسه و تبدأ كزوجة وفية بخلع قميصه الابيض عنه وقد ادركت نوبة صداعه التي تنتابه احيانا.. فترتب بحرص الوسائد خلفه و تعينه على الاسترخاء.. تخلع عنه بنطاله و جوربه ثم تنهض لتسدل الستائر و تشغل التكييف بدرجة مريحة.. فيخرج قيس صوتا مرتاحا وهو يشعر بكف لجين البارد بعد وقت يدلك جبينه وقد عادت اليه تحتضن رأسه بحنان يعرفه جيدا.. تعبث بشعره و تمتد اصابعها لتشنج رقبته...تدلك برقه وعطف بالغ.. متمتمة بأيات الشفاء و الرقية.. فيسترخي قيس تماما في احضانها الدافئه.. يهمس لها بتعب
- لجين قبل المغرب گعديني.. فتميل عليه تلثم جبينه..طرف أنفه.. ثم شفتيه تهمس بعشق صافي
- صار نور عيني.. نام و ارتاح .. ويغرق بعدها بنوما مريح هادىء و لجين لا تكف عن تدليك رقبته وجبينه و القراءة عليه تراقب ملامحه ساهمة وقد ادركت شدة تعبه..

بعد وقت...

توقظه بقبلات مرفرفه.. تهمس بأسمه باسمه حتى شعرت بذراعه تشتد حولها.. يقلبها على ظهرها و يعتليها و آثار النوم لازالت واضحه عليه... يسمع همسها الشقي
- صح النوم... فيتأملها لوقت ثم يميل مقبلا جبينها بأمتنان.. انثى شرقية.. تحمل حنانا يثير به غرورا..تدللة كطفلا صغيرا اثير ..لم تمر في حياته انثى مثلها.. تروقه بأهتمامها بأدق تفاصيله بغية راحته.. تحب من اجله ما يحب و تكره من اجله ما يكره...متفردة في العطاء و يعلم...
يهبها قبلة اسكرتها واندمجت فورا بها.... دارت بعوالمها و انعشت فؤادها.. و يبتعد بعد حينا مضطرا مراقبا الساعه المنضديه بجانبه فتسأله لجين بانفاس مأخوذه به..والهه
- شلون صار راسك.. فيجيبها وهو يجلس مستقيما
- احسن الحمد لله.. بقايا صداع بس عادي اخذ مسكن ارتاح... فتنهض من الجهة الاخرى تتجه نحو خزانة الملابس الكبيرة.. تقول له برجاء وهي تخرج ملابسه و منشفته
- قيس لا تسوق انته.... اتصل بواحد من العمال خلي وياك .. فيومىء برأسه متجها نحو الحمام فقد كانت هذه نيته مسبقا..

ترتب لجين ملابسه وقد أخرجت ثوبا نظيفا بلون بني فاتح فهي تعلم انه مدعو لعشاء عشائري يخص امرا مهما في عشيرته.. اخبرها صباحا ان اخويه ايضا سيتواجدان في دعوة العشاء هذه.. و تتجه نحو مكان تهجدهما فتجهز له مكان صلاته.. ثم تنزل الى الاسفل تعد له الشاي و وجبه خفيفه يأكلها...

يلحق بها بعد وقت.. وقد سبقه عطره الفخم اليها... فتتنهد بارتياح تدعو الله ان لا يحرمها طلته..لوجوده اثر لا تستطيع وصفه ...فتلتفت اليه باسمه بفخر وهي تراه امامها تدعوه للشاي
- سويتلك جاي تعال اشرب هسه يتغير مزاجك.. فيقترب قيس منها بارتياح قائلا بأمتنان
- اي والله عاشت ايدج.. اجى بوقته ..فتبتسم وهي تتأمله بجانبها.. وقد اشتد على جذعه ثوبه البني الفاتح .. يرتدي شماغه بطريقته الخاصه.. بيده مسبحته وقد شذب لحيته و حددها بدقة.. فخطف قلبها كعادته بوسامته العربية المفرطه...
يتناول شايه بصمت وقد وضع هاتفه امامه.. ثم التفت لها بهدوء بعد حينا قائلا
- احتمال ما ارجع لهنا بالليل.. فتومىء برأسها بتفهم متلمسه زنده العضلي.. يعود و يرتشف شايه وهي تعلم انه يحب التلذذ به بهدوء.. تراه يسحب هاتفه مره اخرى.. ينظر اليه وقد وصلته على ما يبدو رسالة ما.. فيعقد حاجبيه انتباها لما يقرأ.... لا تمل من متابعته..تحفظ ادق تفاصيله.. و يدها دون ان تشعر تعتصر مكان رحمها.. تتمنى ان يحتضن يوما ما طفلا منه.. شبيها به... كم تدعو و تتمنى

تهمس له وهي ترى شروده
- اكو شي؟ احس مزاجك تعكر؟ فيهز رأسه موافقا و تتغير نظرته.. تسمع صوته مفكرا
- ادعي لجين الليلة تعدي على خير.. الطرفين موجودين و النفوس مشحونه ... يصمت وقتا مفكرا ليضيف وهو ينهض..
- مثل ما گتلج اني احتمال جبير ما اجي هنا.. خلي ام رائد او البنات يجون يمج يونسوج.. فتنهض ترافقه لباب الخروج الداخليه وهي توصيه
- طمني عليك.. امنتك أمانة لا تسوق انته.. فيلتفت اليها يقبل جبينها قائلا
- ارشد بره ينتظرني... وخرج منها مودعا تشيعه هي بأنظارها خلف ستارة المدخل تدعو الله ان يحفظه و ينجح مساعيهم هذه الليلة...

بعد وقت

يجلس بجانب ارشد احد العاملين بمكتبه من جنسيه غير عربيه.. يقوم احيانا بمهمة السائق خصوصا ان كان لقيس سفرات بعيدة جنوبا او شمالا و حديث ودي يدور بينهما يقطعه قيس احيانا مراقبا هاتفه خوفا من التأخر عن موعده فالطريق يبدو مزدحما رغم انها يسيران الان في شارع خالي تقريبا... و قبل ان يشعر او حتى ينتبه اصطدمت سيارته من جانبه مع سيارة اخرى كانت قد ظهرت فجأه من احدى الشوارع الفرعيه..... كان وقتها متيقنا ان اي ضرر لم يصب سيارته كونها عاليه متينة الا ان القلق انتابه فور رؤيته السيارة الصغيره التي اصطدمت بهم بلونها الانثوي الغريب .. فعقد حاجبيه عندها متأملا جانبه ..فقاد ارشد مسافه الى الأمام بناءا على طلب قيس ثم التوقف بعدها .. فقد انحرفت السيارة الصغيرة بشكل ارتدادي بعد الاصطدام..
ترجل قيس مسرعا متمتما بشيء ما يخص النساء و قيادتهن خاصة و ان لون السيارة و حجمها اثبت له انها لفتاة.. فلفت نظره رأسا مائل على المقود فأسرع نحو باب السائق يدعو الله ان لا يكون مقفل.. يتبعه ارشد حائرا يدور حول السيارة الصغيره يرى اضرارها و يسمع صوت قيس امرا
- ارشد تعال ساعدني.. فيقترب ارشد مسرعا من قيس يراه منحنيا على فتاة محجبه يبدو انها فقدت وعيها من الصدمه.. يقيس قيس نبضها فيراه منتظما و انفاسها طبيعيه وقبل ان يتحدث مع ارشد سمع انينها وهي تحاول تلمس ساقها .. فيتتبع قيس كفها متحيرا بكيفية إخراجها.. فهي تكاد تكون ملتصقه بالمقود.. تمتد يده وهو منحني عليها يراقب وجهها الجانبي المتغضن وجعا و الما و قد جرح جبينها فيشعر ان ملامحها مألوفه له...ثم يشيح عنها مستغفرا بعقدة حاجب كاظما لغيضا استشرى في نفسه... فالوقت ضيق ولا مجال للتأخيى...

ينحني بهدوء متلمسا مقبضا ما اسفل كرسي القيادة ثم يسحبه ببطىء حذر ليعود الكرسي الى الخلف بمسافة معقوله.. فيتنهد ارتياحا وقبل ان يحدث ارشد.. يسمعها تتأوه و تفتح عينيها ببطء شديد .. ليبقى ينظر اليها عاقدا لحاجبيه مستغربا وقد رفع عينيه بعفوية يتأمل وجهها يود الاطمئنان الا انه يتعرف عليها فورا...فيكسو وجهه البرود التام و يشيح عنها يولي الكرسي اهتمامه وقد تعرف عليها...فتاة الجامعة... بينما تنظر هي اليه بتيه و حيرة اتضحت على معالمها.. تفكر ان ملامحه القريبه ليست غريبة.. ... ينظر اليها مرة اخرى فيرى اشتعال نظرتها الان وقد تعرفت هي الاخرى عليه فتهمس له بخفوت حاد
- انته... وقبل ان تكمل لومها همس لها وهو يستقيم واقفا يفسح لها المجال للخروج من السيارة ان استطاعت
- انتي الي صدمتينا .. اني لا قربت ولا صدمت... طالعه من شارع فرعي غير تأمنين دربج؟؟ ..فتصمت بحنق تعض باطن شفتها السفلى... وهي تشعر بدوار يهدد يقظتها...فتغمض عينيها مجددا و يعود هو بصمت يتأملها

بعد وقت

جدال حاد دار بينهما رغم وجعها الشديد.. قبل ان ترضخ له للركوب معه و العودة إلى اهلها.. فلا حل آخر سوى هذا .. فقد رفضت الذهاب الى المشفى ظنا منها انها بخير .. فلا توجد رضوض ظاهرة وقد تهاونت بالامر و كل همها العودة ... لكن الان .. كلما مر الوقت.. كلما شعرت بأوجاع غريبة تنتشر في جسدها.. فظهرها متشنجا تماما.. و ساقها تشعر بأن لهيبا من النار يستغر فيها.... تلم عبائتها و تلعن حظها العاثر تكتم بكائها.. وهي تراه امامها متكىء على المسند الموجود بينه و بين السائق.. تظهر لها ساعته الانيقه و مسبحته بلونها الغريب...فتشعر بغربتها..ماذا تفعل هنا؟ كيف وثقت به و استقلت معه سيارته الخاصة.. تغمض عينيها حانقه فقد كانت هناك حلولا اخرى .. الا انها تشعر انها ليست بوعيها و ادراكها ... تمتد يدها تدلك ساقها بتوتر وقد بدأ شعورا مزعجا بخدر و نبض مؤلم يزعجها ... فتهدأ من روعها بحديث نفس انها ستكون قريبا بين اهلها و ستنتهي معاناتها..تعاني من صدمة لا اكثر فلا زال قلبها يخفق هلعا..

بعد وقت
شوارع بغداد الرئيسية مكتظه في مثل هذا الوقت... وهاتفه لا يتوقف عن الرنين حتى شعرت حلا بصداع و دوار اضافة الى العذاب الذي تشعر به ....
الم رهيب ينتشر الان في ساقها الايسر.. تكتم بالكاد تأوهها.. تعض أطراف اصابعها و وقد بدأت يالتحرك بلوعة في كرسيها الخلفي الوثير.. تنظر اليهما امامها... و تشعر بالعجز.. تبكي وجعا و الما تكتمه فتصله شهقاتها... يلتفت اليها بحاجب معقود و نظرات متحاشية.. فتهمس له بأرتعاش واضح غلب مكابرتها و غرورها
- احتاج مستشفى... ما اگدر اكثر... قالتها و انهارت ببكاء عميق... فرفع نظره اليها بحيرة... وجهها محمر متعرق و قد سال كحلها .. و بصوت امر قال للسائق و عيناه لا تفارقها...
- ارشد.. غير وارجع للمستشفى... يرى وجعها فيسب و يشتم عنادها في داخله... ترفض ان تقول اسمها او اي معلومات عنها... اخبرته فقط "بأمر" ان يوصلها لدارها..الواقع على جهة بغداد الأخرى .. هاتفها لا يعمل رغم محاولاتها اليائسه... و بطبيعة الحال لا تحفظ أرقام الهواتف.. غباء نعتت به نفسها كثيرا... لكنها فعليا لا تتذكر اي رقم.. عقلها متوقف تماما...تحتاج الان الى مسكن فقط ثم حضن والدها ... ويصلها صوته المستفز بين نوبات بكائها... يتحدث بصوت هادىء مقتضب.... يخبر احدا ما... انه سيتأخر.... لقد قالها للمره التي لا تعرف عددها...فتشعر بالقلق متذكرة والدتها و وعودها ..و يعود النبض المؤلم يشتت فكرها.... يتعاظم المها و احساسها بغربتها... تريد ابيها و اخوتها... تسب نفسها مجددا... لماذا رضيت ان تعود معه؟ لما لم تطلب منه ايصالها مره اخرى لبيت فراقد صديقتها؟ تشعر ان تفكيرها غير متزن مشوش و غائب..

تعود و تبكي.. تشهق الما..تشعر انها ستموت من شدة الوجع... فقدمها اليسرى تؤلمها الان جدا وقد خلعت حذائها الاسود الانيق ذو الكعب العالي فيتضح لها تورم واضح جدا في كاحلها الأبيض و يكاد خلخالها الذهبي ان يتقطع لشدة الانتفاخ.. فتتحير ماذا تفعل وهي لا تستطيع رفع قدمها ولا الانحناء لخلعة .. تشعر بألم قاتل في ظهرها ... يلتفت الى ارشد بحدة و يأمره بالتوقف و ان يترجل من السيارة و يبتعد لدقائق.. وفور ابتعاد ارشد التفت إليها بغضب هذه المرة فصوتها يرن في اذنه بشكل متعب
- يابنت الناس تونين و تتأوهين شبيج ما باقي شي و نوصل للمستشفى...
تهمس له ببكاء
- رجلي... اعتقد عندي كسر لو فسخ بالكاحل
فيترجل عندها من السيارة بغضب شاتما بثورة رجل عراقي قد وصل إلى أقصاه..... فتح بابها بعصبية وهو يقول
- لسانج شطولة قبل شوية ما حجيتي و گلتي رجلي.. كم مره سألتج و انتي ترجعين الكلمة بعشرة.. صعبه عليج تگولين متوجعه؟ مو عرضت عليج نروح للمستشفى؟
فتشعر ولاول مره بالهضم و الهوان... يزداد بكائها وهي تريد امها الان
- رجعني لبيت اهلي ... قالتها ببكاء شديد... ليرد عليها بنزق غاضب لسوء وضعها الظاهر الان بشكلا جليّ
- نلعب احنه؟ ساعه مستشفى ساعه بيت اهلي...بعدين انطيني رقم اتصل هسه بيهم انطيهم علم...انطيني اسم اهلج..عشيرتج...اخوانج..خلي اشوف حل تره جزعتيني يابنت الناس ثم يصمت مستغفرا مشيحا وهو يرى حيرتها و بكائها المتزايد.... لا تود افزاع احد لكن يبدو أن الامر اكبر مما تظن.. تحتاجهم حولها.. الان ... تهمس له باسم والدها بعد تردد تلحقه بعشيرتها وبعض المعلومات حتى يصل لرقم هاتفه .. فتسكن نظرته...و يعقد حاجبيه مستغربا..ثم ينظر اليها متساءلا بصوتا عميق هادىء
- انتي بنت ابو علي ال***** صايغ الذهب؟ فتومىء برأسها باكيه وكفها يمتد يدلك ساقها الأيسر الموجوع..فيهز رأسه بعجزا تام يراقبها لوقت... ثم يخرج هاتفه ونظراته لا تزاح عنها.... يتصل برقم جاسر وفور رد الاخير عليه حتى قال له بهدوء مراقبا الباكية امامه
- ابو علي ال ***** وصل؟ يصمت لحظه ثم يقول.. -انطي التلفون لابنه مهاب.. فتعقد حلا حاجبيها وهي تتحاشى النظر اليه .. هل يعرف اهلها؟ ترفع رأسها وهي تراه يبتعد عنها يتحدث برسميات معتادة سريعة .. فتتقدم بجسدها تتابع خطواته..وتراه يلتفت نحوها مرة اخرى مقتربا ينظر اليها بنظرات ازعجتها.. فتعض على شفتيها تكتم الوجع تنظر اليه حانقه وهي تراه مقتربا منها مرة اخرى يمدها بالهاتف فتتلقفه منه... وفور سماعها لصوت مهاب المفزوع حتى انهارت ببكاء مرير هامسه بأسمه....

بعد دقائق
يعود و يأخذ الهاتف منها.. مناديا ارشد ..و يغلق بابها متحاشيا الكلام و ابنظر وقد عاد للجلوس بصمت مطبق و ملامح جامدة بجانب ارشد.. الذي عاد مسرعا و تحرك من مكانه متوجها الى مستشفى اهلي قريب فيبدو ان الوضع يزداد سوء. يصلها صوت قيس هادئا بعد لحظات من سيرهم
- اخذج أقرب مستشفى عمي و اخوانج بالطريق بس الوقت ازدحام يعني فد ساعه ساعتين ياله يوصلون.. فلا تجيبه .. بل تصمت تكتم أوجاعها التي بدأت تزداد اكثر... تشعر بألم يتعاظم في كاحلها الأيسر و يشتد عليه خلخالها المتين يكاد يسلب انفاسها .... دقائق قليلة حتى وصلوا لاحدى المستشفيات الخاصه...
فيترجل قيس اولا امام باب الدخول المزدحم على ما يبدو بسبب حادث ما.. فأحتدت ملامحه اكثر فهذا ليس الوقت المناسب.... لقد انتهت فعليا بسبب البكاء و الوجع... عقد حاجبية وهو يأمر ارشد بأن يصف السيارة في المصاف الخارجية بعد ان ينزلهما...
ثم فتح بابها فرفعت انظار متعبه جدا و متألمة اليه بأنتظار..
مد يده لها دون النظر فأمسكت بمعصمه من فوق ثوبه..تخشى تلامسهما الا انه لا حل آخر فزم شفتيه شفتيه لفعلها و شدت هي على معصمه بقوة تحاول النزول ببطء و هدوء فحالها تعسا جدا... تكتم صرخات الم و وجع حتى وقفت بجانبه.. تصل الى اسفل اكتافه بعد ان خلعت حذائها..تشد دون ان تشعر على كم ثوبه مستنده

بينما اهتم هو بغلق الباب خلفها.. يراقب عباءة كتفها المفتوحه لكثرة حركتها..و بنظرات رجل خبيرة علم انها ترتدي ثوبا قصيرا تحتها.. فقد لاحت له ساقيها عند نزولها.. تكتم انفاسها وهو يسألها
- تمشين لو تنتظريني اجيب كرسي.. لو ننتظر ارشد سوه؟؟ الحادث ماخذ كادر الإسعاف كله.. يتحدث ناظرا نحو باب الدخول للطواريء
- امشي.. امشي.. قالتها تمسك به بقوة..تريد ان ترتاح حقا.. وفور رفعها لقدمها تود السير ببطء مستندة عليه....حتى شعرت بصعقة من اسفل ظهرها.. شهقت لها كاتمة شفتيها بزنده دون ان تشعر... تتشنج برعب.. فعقد هو حاحبيه ينزل ببصره لها فيراها متشنجه تماما وقد شهقت بوجع فيقول لها بحيرة
- شبيج ؟؟شصار؟ اني ساندج.. خطوات بسيطة بس للباب .. فيأتيه صوتها غائبا
- ما اگدر امشي.. ما اگدر .. الم بظهري قالتها بهلع
فنزل بنظره اليها محتارا...ثم يرفع رأسه يبحث عن حلاً.. الخطوات تبدو بعيدة و هناك درجات بسيطة امامهما.. ثم عاد اليها متأملا..يشعر بشدها على زنده بوجع و قد مالت في وقوفها ثم يعود و يتأمل عباءتها النفتوحة التي ان رفعها ستكشف ستر جزء من ساقها و تشتعل اعصابه وهو يرى قدميها العاريتين...فيقول بصوت حاد هامس
- اشتعلت عشيرتج على هالعباية .... اذا اريد اشيلج رجلج كلها تطلع.. ..لمي نفسج ..امرها بزجرا خافت مستنكرا خروجها بلباسها هذا... فبكت و هي تهمس له
- لا تسب..
فهز رأسه عجزا منها و من وضعه ...يسمع همسها المبحوح و يشعر بها تتمايل وهو لا يعلم مدى اصابتها.. هل اشتكت من ظهرها؟. فقرر بسرعة خلع غترته الملتفه على رأسه.. فتحها بحجمها كله.. وقال لها..
- لزمي.. غطي نفسج بيها.. وفور ان امسكت بها وغطت بطنها و ساقيها حتى حملها بخفة حذره. شهقت لها... و لم تشعر بعدها بشيء..سوى دوارا اصابها غيّب وعيها...و شعر هو بها تتهاوى بين يديه.. فأحتواها بقوة يقربها من صدره بحميّة.. يسير مسرعا الى داخل المستشفى دون انتظار..

بعد وقت
بين شد و جذب.. رفض تماما ان يراها طبيب. يريد طبيبه.. والكادر الطبي النسوي الان مشغول جدا بسبب حادث تصادم لسيارتين بحفل زفاف ما وقد وعدوه انهم سيعودون لها لعمل الأشعة.. وقف يتأكد انها مستوره تماما بعد ان غطاها بغطاء خفيف من المستشفى... تتمسك بغترته بقوة.. وقد اعطوها مسكن قوي حتى يجهز قسم الأشعة...وهاهو يقف يتأملها يتلمس بجيبة خلخالها الذي خلعه بنفسه فور ان وضعها على سرير الطوارىء ورأى احتقان كاحلها المتورم.... يغض بصره عن فتنة خلقت فطريا بها.. يرفع مجددا انظاره لوجهها فيراه شاحبا متعبا رغم اغماضها.. الا انها جميلة.. فاتنه بأهداب طويله سوداء مبلله بدموعها.. و انف منمنم قد احمر طرفه المرفوع قليلا بسبب بكائها...
كبرت كثيرا عن آخر مره رأها بها قبل اعوام... ابعد نظره عنها هازا رأسه رفضا للذكرى.....

ابتعد و هو يخرج هاتفه يتصل بجاسر مجددا فيلفت نظره بقايا كحل و احمر شفاه التصقت بثوبه ... آثار حمله لها.. فقد خبأ وجهها في صدره عند حملها...

بعد ساعات

يقف مع جاسر جانبا وقد وقف معهم ناصر... يتحدثون سويا فيرفع قيس انظاره و تلتقي نظراته بها.. يتأملها بهدوء شديد... تتوسط اخوتها تسير ببطء مهيب يسندها والدها لصدره مقبلا جبينها كل حين بحنان بالغ.... نظراتها متعبه لكنها مرتاحه وقد سال كحلها و ترك ظلال خفيفه اسفل عينيها الريمية بلونها الرمادي الغريب.. يتذكر منامه القديم.. غزاله البري.. فيشبهه بها تماما.. تدفن وجهها باسمه في صدر والدها و يبدو أن اخوتها يقولون لها شيئا ما يضحكها وقد توقفوا على مقربه من مكانهم.. ينزل ببصره حيث غترته التي تحتضنها و يتذكر حالها قبل ساعه عندما اضطروا لوضع الجبيرة و بكائها المتوجع... يفهم الان دلالها.. فأخوتها و والدها يكادون يحملونها على اكتافهم خوفا و حرصا..... يتذكر وصول والدها و هلعه عليها..فيرق قلبه كثيرا لمدللة ابيها.... تلتقي للحظه نظراته بها.. فيراها تشيح عنه بخجل شديد و قد توردت ملامحها و عاد اللون إلى وجهها.. فايقن انها تذكرت ماقامت به في قمة المها... دخلت في حضنه باكيه.. تشهق ببكاء.. وجعها


يتبع..
بعد ايام.. بغداد الحبيبة

تتمدد على سريرها الواسع و تحيط بها بنات عميها.. غفران و ود اضافة الي ايمان التي صادف وجودها في بغداد لاكمال بعض الأوراق الحكومية ..

تستمع حلا الى احاديثهن باسمه وقد رفعت قدمها الى الاعلى قليلا.. يصلها كلام غفران
- عمي سوه فجران دم و الظاهر يا حلا اقري على السياقه السلام اكيد ماكو سيارة بعد الان .. فتضحك حلا بتعب وهي تهز رأسها من شماتة الجميع خاصة اخوتها و اولهم خالد الذي لايكف عن مزاحه السمج كلما رأها... تكمل غفران وهي ترسم ابتسامه ماكرة على شفتيها
- بس سمعت كلام من بابا عن الي صدمتي... جاي يمكم اليوم عمي عازمه على عشى فتتغير نظرات حلا وهي تنظر الى كفيها بصمت.. فترفع ود حاجبيها و ابتسامه ما ترتسم على شفتيها وهي ترى ملامح حلا الهادئه الغارقه في تفكير ما.. كأنها ليست بحلا التي يعرفونها.. تتساءل ايمان وهي تغمز بمكر
- هو طلع عرف مو؟ تجيبها غفران وهي تنظر لحلا الصامته.. تشعر بتغيرها و سكينتها
- اي عيني طلع عرف و صارلنا كم يوم مخبوصين بي.. ما تشوفين ساعه هو يجي ساعه احنه نعزمه.. فترفع حلا نظراتها بهدوء وهي تقول
- ليش تبالغين ..هو اجى مرة علمود يعتذر من بابا رغم الحق عليه اني ... تصمت وقتا ثم تكمل جيته يطمن مجاملة عليّه لا أكثر ولا أقل ...و بابا اكيد عزمه على عشى.... فتوضح غفران بخبث تكتم ابتسامتها
- اي البيت گايم گاعد علموده فتلتفت ايمان قائله بمزاج رائق
- الولد ما مقصر الظاهر.. فتقول غفران بتقرير
- بابا ما بطل مدح بيه و بأهله يگول الهم وگفات ما تنسي خاصة ويه عمي راضي الله يرحمه...

تبقى ملامح حلا على هدوئها و هي تفكر به.. يقشعر جسدها لتذكرها رائحته الغريبة..و خجلا يعتريها لتشبثها الطفولي به وقت وضع الجبيرة.. تدلك جبينها بتوتر وهي تتمنى ان تمحي تلك الدقائق من عقلها و تزيل تأثيرها عن قلبها... لحضوره وقعا مؤثر تعترف به رغم انه لا يلائم ذائقتها.. مختلف برجولة خانقه.. تتذكر همسه الشاتم وهو يرى عُري قدميها بلون اظافرها الاحمر القاتم.. مُتخلف.. عديم الذوق..تتنهد وهي تبعد افكارها عنه... تتأمل ود الصامته تسألها بترقب تغييرا للموضوع

- صدگ والدتج بداية الأسبوع الجاي هنا؟ ترفع ود نظراتها بحيرة ما وهي تقول
- اي.. عمي احمد گال.. على اساس تجي يمكم و اني اجي لهنا ... تومىء حلا بتفهم متعاطف و تتدخل غفران بتساؤل
- حجيتي وياها ود؟
- لاء.. قالتها ود بنبرة قاطعه
- زين عقدكم يعني الأسبوع الجاي لو؟ تتساءل غفران وهي ترى انغلاق ملامح ود كأنها لا تريد الحديث عن الامر.. تصمت ود وقتا تحاول ترتيب كلماتها..
- بلغت عمي احمد العقد ما اريده هسه ياسر مشغول بشغله فتقاطعها حلا قائله بهدوء متفهم
- ياسر يريد الأسبوع الجاي و مرتب اموره على هالاساس ود.. ارجع و اگولج تردين نصيحتي لازم تشوفي و تگعدين وياه ليش هالتهرب منه و انتي وافقتي؟ تقول ود وهي تشتت انظارها قائله
- اتفاقي و شرطي ويه عمي.. فتعود حلا بذات هدوئها و تفهمها
- بس ياسر ما وافق على كل شروطج لذلك اگولج گعدي و تفاهمي لا تتهربين منه.. تمد حلا يديها ترفع وجه ود اليها قائله بتركيز
- ياسر مشتريج ود.. لا تتوقعين يضيمج.. فتكتم ود ابتسامه ساخرة.. هل تخبرها انها تخافه اكثر من والدها؟فهو مبهم بالنسبة لها... اقلها مشاعرها نحو والدها باردة.. بل تكاد تكون معدومة... اما ياسر... فبراعم الإعجاب لا تزال حيه.. لكنها لا تنفعه.. متأكدة انه تحت سطح التفهم و الوعي الذي يمتلكهما ياسر .. هناك رجلا شرقي... احساسها عالي ان ياسر يعلم اشيائا... هل تنكر الملفات التي وضعها في حاسوبها كي يراقبها؟ والتي تركتها في بادىء الامر تماشيا حتى لا تثير ريبته.. و تفكر... و تعود تفكر كعادتها في الاونه الاخيرة.. مالذي يريده منها؟ لماذا يصر عليها؟ وهو الشاب الذي تتمناه افضل العائلات لبناتها.. لما يصمم على الارتباط بها؟ حبا؟؟ لا تعتقد.. فهو بالكاد ينظر نحوها.. حتى و ان نظر... تعلم بثقه ان لا شيء يميزها.. تميل الى البشاعه.. هذا ما تشعره و غرسه بها والدها.. يريدها طلبا لسترها؟ فهذا ما يرعبها و يتعب فكرها... ان يتزوجها سترا فتعيش معه سقم الشك و مرض الغيرة الزائدة عن حدها...
تتنهد وهي تحاول مجددا بناء سدا منيع يحول بين الجميع و بين افكارها.. عقبات يجب ان تتخطاها بهدوء بعيدا عن كل استفزاز... ايام و ستلتقي بوالدتها.. ايام فقط...وبعدها ستبدء بداية اخرى

بعد وقت.. مجلس الرجال

يجلس قيس بأريحية و قد انتهو توا من وجبة عشاءا فاخرة دعاه اليها احمد... يتناول ( استكان الشاي)متشكرا وهو يستمع الى احمد الجالس على مقربة منه..
- يعني الحلول معدومة دكتور؟ زين فرضا ما رجع الولد .. اهله شنو ذنبهم.. يصمت قيس لوقت ثم يميل يضع كأس شايه امامه و يرفع انظاره لاحمد قائلا بهدوء.
-والله ياعمي الشغلة مو سهلة.. الشيخ مشعان و اني ما مقصرين... المهلة شهر حتى الولد يرجع بالبنية .. فيتدخل ناصر بأستفاهم
- اي؟ و يقتلون البنية يعني هذا هو الصلح؟ يصمت ناصر متعجبا ..و يهز احمد رأسه تأسفا.. يكمل قيس بهدوء
- عمي البنية اعتبرت بالعرف العشائري منهوبة.. يعني مالها حلول ثانية.. الولد غلط.. المفروض يدخل على اي شيخ بيها و يعقد عليها و يعوفها أمانة هناك حد ما نشوف حل.. الله يهدي اخذها و شرد...هسه كل حل ماكو الا نحاول نمد المهلة حتى تهدى النفوس.. و يقنعون اهل البنية بالفصل و الشغلة هم مو سهلة ..
يستغفر احمد وهو يمسح وجهه... يعود بظهره مفكرا يكمل قيس
- المهلة شهر.. قبل ما تنتهي نمشي لأهل البنية مرة ثانية.. البلا مو بالابو لان تبرى من بنته و انتهى.. البلا من اخوانها و ولد عمها و انه يا عمي خوفي تصير الشغلة بيها دم و ناس مالهم ذنب يرحون بيها.. اهل الولد ما قاصرين و يوصلني حجي هواي ما مقبول...
يومىء احمد بتفهم تام فالامر مرهون الان بالحكمة و تصرف العقل.. خوفه فقط من طيش الشباب ففتيل الفتنه واضح... يحتاج فقط إلى الاشتعال.. يقول صالح بعدم اهتمام وهو يتناول شايه
- جابت العار لأهلها تستاهل الذبح على هالعملة.. فيصمت قيس و ينظر احمد لصالح بهدوء ... يعلم رأي صالح بمثل هذه الأمور.. فيعود و يلتفت لقيس وهو يربت على فخذه
- عموما وليدي خليك ويانا الروحه الجاية و اذا يوصلك علم عن مكان البنية و رجلها تريث بوية و انه الي عليّه اشوف اهل الولد و أشد عليهم.. فيومىء قيس بأحترام و ثقل رجولي قائلا
- اكيد ان شاء الله عمي لا يظل بالك .. فيبتسم احمد وهو يتأمل قيس باسما
- الله يحفظك وليدي والف رحمة على روح والدك الطيب.. صدگ من خلف..ما مات

بعد وقت

يقف خارجا يودعهم بمصافحه وقد رافقه الجميع حتى مكان سيارته مودعين بأحترام و محبة... و يتفقون على دعوة قريبه دعاهم اليها قيس لزيارة مضيفهم...

و في الاعلى

يقفن امام النافذة بتخفي يتابعن رحيلة بأهتمام و فضول فتقول حلا ببرود وهي تتصفح هاتفها
- اتمنى مهاب لو ياسر يرفعون رأسهم و يشوفون شنو دا تسون.. لو يرفع عمي صالح رأسه و ينتبه ... فتتمتم غفران بشيء ما لايمان و ود المتابعات معها بفضول ضيف عمها الراحل بينما تتركز نظرات ود على ياسر.. يرتدي ثوبا ابيض كبقية اخوته... تعود و تنظر نحو الضيف فلا تتبين ملامحه بشكل دقيق بسبب بعد المسافة.. الا ان ايمان تقول بأبتسامه مستمتعه
- مهيوب والله ..اني ظنيته اكبر على حسب وصفج و كلامج.. مبين شاب بعده فيصلها صوت حلا
- شايب مو شاب.. فتغرق ايمان بالضحك وهي تلتفت لحلا الواجمه نوعا ما تقول لها بمكر
- شايب و علگتي برگبته و حار بيج .. هذا بس الي انتي گلتي.. الله يعلم شسويتي بي بعد.. تعلمينا بيج.. ترفع حلا عاقدة حاجبيها لايمان فتغمز الاخيرة لها بمكر وهي تلتفت مرة أخرى فتبتلع ريقها فور ابصارها... فارس.. فيفتر فضولها تماما.. بل تترك الستارة وهي تبتعد .. تعود لتجلس قرب حلا الصامته على غير عادتها..
يلفت انتباه ايمان حركات اصابع حلا السريعة على شاشة هاتفها الذكي..تخرج من احدى تطبيقات التواصل الاجتماعي... فتخطف ايمان هاتف حلا وهي تمعن النظر ثم تهتف باسمه
- لا يا ....و تصمت قبل ان تكمل وهي تنظر امامها بأهتمام...صورة لرجل وسيم عبر حساب شخصي على احدى المنصات الاجتماعية المعروفة... تهمس وهي تعقد حاجبيها بتفكير
- هذا هو؟ فتشيح حلا عنها بعدم اهتمام وهي ترى تقدم غفران و ود وهن يتابعن بفضول ايمان التي عادت تقول بأستنكار
- و تگولين شايب .. ولج هذا يدوخ.. فتهز حلا رأسها رفضا وهي تحاول سحب هاتفها فتقول لها ايمان
- انتظري خلي نشوف.. و تبدء برحلة البحث عبر الحساب العام .. تقول بعد وقت بتساؤل
-هاي الصورة بجامعة ال **** الي رمموها حديثا الظاهر بالكادر التدريسي؟ تجيبها حلا بخفوت بعد صمت
- اعتقد دكتور بمجال الإنشاءات الهندسية .. فتهز غفران رأسها اعجابا و تقول ود وهي تتابع بفضول الصور
- خيّال! فتنظر حلا الى صورة ما.. يمتطي صهوة جواد اسود بثوبا عربي و نظارات شمسية تحجب عينيه.. فتزم شفتيها ... تعلم ان حسابه لا يحتوي سوى ثلاث صور شخصية له.. و باقي الصور تخص مدينته على ما يبدو وبعض حفلات التكريم الجامعية..
يلفت نظر حلا مقطع صغير .... لشعلة نار مشتعله في البر على ما يبدو و ابيات شعريه متحركه تقرأها ايمان بأهتمام

- اعانقها و النفس بعد مشوقة اليها
وهل بعد العناق تداني
كأن فؤادي ليس يشفي غليله
سوى ان يرى الروحين .. تمتزجان

تلفت ايمان لحلا هامسه بتساؤل
- هذا متزوج لا؟ فتسرع غفران بالاجابه وهي ترى المزيد من المقاطع
- لا و ماما و خالة راغدة عرفوه... يتذكروه من جان صغير.. ثم يلفت انتباههن مقطع اخر مشابه للأول تقريبا عدى انها تبدو جلسة عربية .. وقد ثبتت الكاميرا على "دلة" القهوة و ابيات شعريه اخرى متحركة لكن هذه المره بلهجة عراقية

- تعال بحلم... أحسبها إلك جيّه واگولن جيت
يا مفتاح فضة ولا رهم غيرك عليّ مفتاح
أجرت لك مخدتي وانطر الشبّاج اليجيبك
وانت عرس الليل والقدّاح
عمر واتعده التلاثين... لا يفلان
عمر واتعدّه واتعديت
ولا نوبة عذر ودّيت
وانه والمسج والنوم... واغمّض عود اجيسك يا ترف تاخذني زخة لوم
واگلك: ليش وازيت العمر يفلان

فتسحب حلا هاتفها بحزم ..هذه المره وهي تقول
- كافي.. فترفع ايمان حاجبيها بأبتسامه و هي تنظر لغفران و ود المراقبات وضع حلا الواجم فتعود ايمان و تقول بخبث
- اي والله كافي .. ثم تردف بخفوت ضاحك...الله عليج كم مرة دخلتي صفحته؟ و شنو شفتي بعد.. فترفع حلا نظرات محذرة الى ايمان فتكمل الاخيرة باسمة وهي تغمز لغفران و ود الضاحكات الان
- سمعت سيارتج رجعها مثل ما جانت .. فتكمل ود باسمه
- و جابها لحد باب البيت و هو الممنون.. فتعض حلا على شفتيها غيضا وهي تعلم بمزاحهن.. الا انه مزاح لا يروقها ابدا.. تسترخي غفران اكثر في جلوسها بجانب ايمان وهي تقول ضاحكه ببشاشه
- هممممم ...حجتلج على ....و قبل ان تكمل غفران انتفضت حلا بوجه محتقن احراجا وهي تحذر غفران
- اموتج والله اذا حجيتي.. كافي سدوا الموضوع.. اصلا طلعوا أريد اخذ مسكن و انام.. تقرصها ايمان بخفه باسمه بشغب
- يعني ظامه شي عليه مو.. طالما بيها هممم و وجه احمر... ثم تلفت لغفران تسألها بشقاوة
- احضر نفسي يعني لعرس هالنحسه قالتها وهي تشير برأسها نحو حلا المحمره .. فترد حلا دون تردد
- اي مو ما بقى بس الشياب ارضى بيهم.. فتقول ود متنهدة وهي ترتب الوسادة اسفل كاحل حلا
- والله حيرتينا وياج... يجي الي بالعشرين تگولين ما اريد طفل.. يجي الي بالثلاثين تگولين ما اريد شايب.. انتي شتردين حبيبتي حددي ..
- اريد تطلعون من غرفتي حتى ارتاح لان انتن الثلاثه ازعاج المفروض ما تجتمعن سوه.. فتضربها ايمان على فخذها مازحه تقول بألفه لطيفة
-ولج شكلج مو راحة و الموضوع بي النون و اخواتها..بس ماشي نسد الموضوع بس علمود تعبانه..فتهز حلا رأسها من تعب فعليّ تشعر به... و مشاعر مضطربه تموج داخلها..بلا هواده

بعد وقت

تزدحم غرفتها بدخول عمها صالح و والدها .. فهي ملزمه بفراشها بعد نصيحة الطبيب لها خاصة و انها تعرضت لرضوض في أماكن متفرقه من جسدها... وعمها صالح كان غائبا كعادته .. لذلك صمم على الصعود اليها بنفسه للاطمئنان عليها... تصميما ازعج ود و الم قلبها... تراه يغدق حنانا على غفران و حلا.. وهي المقصاة تماما من لفتات ابوته و حنانه.. تقف ود الصامته وقد اغتمت ملامحها الشاحبة و دمعة ما تخنقها بقوة و أحكام كعادتها... لا شيء يميزها .... فكل ما بها شاحب ..باهت..حسب ما ترى

ترى انحناء والدها وهو يقبل رأس حلا.. يخبرها بصوت دافىء
- الحمد لله على سلامتج عمي.. يابه من الاول معارض السياقة وهسه اتمنى ابيّج( ابيكِ) ياخذ بكلامي ... عندج اربع زلم بالبيت .. شلج ياعمي بطلابة السيارة.. فتبتسم حلا بمجاراة وهي تقبل كف عمها صالح
- هو هم هيجي عمي لا تخاف..سيارتي تصادرت الحمد لله فيضحك صالح و احمد الذي وقف بجانب ود يحتضنها بابوه و حنان بالغ و يقول بمودة
- يابه طالما موجود ابو ندى اريد ناخذ الرخصة .. ناخذ هالحلوة منك تختار ذهبها ... فيلتفت صالح دون اهتمام ينظر لود المنكسه ابصارها تحجب نواظرها بأتقان بنظارتها الطبية...فيقول ببرود
- ما يحتاج هالشكليات ابو علي .. ما يحتاج تختار شي.. انته وياسر الخير و البركة.. فيلمها احمد لصدره... يستشعر تشنجها.. يقول بحنان
- لا .. ست البنات براحتها تطلب و تتشرط.. تختار الي يعجبها و تجهز نفسها حسب الأصول.. شنو الي بنفسها تسوي و تشتري..
ينهض صالح وهو يعود و يقبل رأس حلا قائلا بلامبالاة
- براحتكم البنية الك احمد وان اني اشوفها كلها شكليات مالها معنى.. حتى المشيه والخطوبة ماتحتاج.. ياسر يكمل اموره وياخذها... فتبتلع ود ريقها و رفضا داخلها يتعاظم و يتعاظم.. عروسا مهداة؟ أضحية يقدمها والدها... كأنها شاه تُساق... و تحتكم غصتها حتى كتمت انفاسها.. و أوقدت نيران وجدها..و كرهها..

تتحرك خارجه بعد وقت من غرفة حلا.... تغض النظر عن حلا و عمها احمد... تتبع والدها صالح الذي امرها ببرود ان تتبعه... ترى بطرف عينها في طريقها للخروج عمها احمد وقد مال يقبل خد حلا بمحبة.. يخبرها ان تنتظره.. فله معها حديث مهم.. ترى عاطفة عمها لحلا ..فتغبطها.. تتمنى حضنا خاصا بها.. هل تبالغ ان قالت إنها لم تجرب طعم الاحتضان قبلا؟ ان تشعر بالانتماء و الاحتواء... ان ترتوي حنانا و عطفا سابغا يُختص بها وحدها! تنكس رأسها بخذلان وهي تشعر بنفسها طفلة...جائعة..للحنان

وفور خروجها من غرفة حلا.. يصادفها ياسر.. بهيئته التي ازدادت ضخامة عن آخر مرة رأته بها...ازداد وسامه عرف بها.... فتتذكر مرام و استقتالها المخزي..و مرة أخرى.. لا تلومها ابدا... ياسر كثيرا عليها .. كثير.. شبيه عمها احمد خلقا... عيناه الرمادية تشع ذكاء و فطنه... تخشاها كثيرا...بل لطالما شعرت انه بنظرة منه يتسرب إلى اعماق اعماقها الذلوله.. المنكسرة... تكشف نقاط ضعفها.. و مكامن رغبتها الشاذة..... اسدلت انظارها عنه و أسرعت تمر خطفا من جانبه.. تدعيّ العجاله.. و تتحاشى إلقاء السلام حتى..و تتلافى التقاء النواظر... الا ان اسماعها اصطادت منه همسا.. لم تحاول التوقف للاستفهام.... بل فرت من امامه تحمد الله في سرها ان خالد برفقته ...معه تشعر بالاضطراب تشعر انه يعلم مجون نفسها.... فتخجل منه...و تنفر لكشفه مرارا سترها

بعد وقت

يعود احمد و يدخل غرفة حلا باسما.. وهو يعلم انها تنتظره.. ربما بفضول..
يدخل الغرفه بعد طرق بابها... فيرى حلا على ذات وضعها الا ان ملامحها مسترخية تماما.. بل مشربة بحمرة لذيذة... تقرأ احدى الروايات على ما يبدو.. رفعت وجها باسما اليه بدلال ومدت ذراعيها اليه تدعوه لعناق لا يكف احمد عن احاطتها به دوما... ريحانته... قرة عينه و سرور ناظريه..
يجلس متنهدا بجانبها وهو يلمها لصدره الدافىء يقبل جبينها الوضاء... فتقول له بخفوت
- راحوا... فيقبل جبينها مره اخرى وهو يقول
- راحوا.. يصمت وقتا ثم يردف
- عمج صالح گوه وافق تجي يمنا ود بعد كم يوم علمود امها.. يهز رأسه وهو يتحسر
- الله يحسن عاقبته على سوالفه هذي... ام ممنوع تشوف بتها؟ وين صايرة هذي ... و المصيبة احنه وياه .. مشاركين بذنب هالطفلة.. فتعتدل حلا بجلوسها و هي تمسك بكف والدها تقبله بود هامس
- بابا ليش تفكر هالشكل... انته ماقصرت و ياما حاولت و ردت بس لا تنسى ام ود هم عدها حياتها الخاصة و الدليل صارلها شگد تريد تجي.. و زوجها و اولادها منعوها.. اتمنى بس ياسر يخلي كل هاي الامور بعينه ولا يظلمها لود و يجور عليها.. فينفث احمد انفاسا متعبة من الهم و التفكير... يقول بحيرة
- اخوج موضوع ثاني .. مصمم يعقد الأسبوع الجاي.. و الزواج ورى العقد بسرعه.. اني ما صدگت ود توافق بشروط و اخوج مصمم يعاند و ما افتهم سبب اصراره.. تهمس حلا له باسمه
- تنحل .. لا تشغل بالك.. خلي تجي امها لود بس و تتسهل الأمور أن شاء الله حبيبي... فيلتفت احمد اليها يتأملها لبرهه.. فتعقد حلا حاجبيها بشك مازح
- احمد نظراتك مو مريحة... فيقهقه احمد وهو يجذب رأسها لصدره فتضحك حلا متنهده وهي تمرغ انفها برائحة والدها العذبة .. تسمع صوته رائقا
- سامعه المثل الي يگول اخطب لبنتك ولا تخطب لابنك؟ فتبتعد حلا مستغربة وهي تقول
- اي؟
- ردت اسوي هالشي اليوم! قالها باسما مراقبا ملامح ابنته العاقدة لحاجبيها بأستفهام باسم ... تسأله غير مصدقة وهي تهمس متسائله
- شتسوي بابا؟؟؟
- اخطبلج ابن الحلال.. فتفح حلا فاهها وهي تراقب ملامح والدها الجادة.. يكمل احمد
- نسب ينشرى بالذهب و الماس.. رجال و النعم منه.. كلمته ميزان .. اخلاق و يعرف حدود الله و شرعه... ما يعيبه شي و الكامل الله.. تهمس حلا بعد جهدا جهيد و قد فهمت من يقصد
- ضيفك؟ فيبتسم احمد بسرور وهو يرى نظرات حلا المستغربة
- اي.. ليش تستغربين.. مثله يتدور دواره بهلوكت.. علم و جاه ...رجولة و رزانه. فتقول حلا بأضافه
- و شايب.. الله يعلم شسوى ما سوى بشبابه لذلك باقي عازب لحد هسه... فيبتسم احمد و يتلمس بلسانه أسنانه ناصعه البياض يسألها بترقب عارف..
- شمدريج؟ فتغص حلا بريقها و يحتقن وجهها خجلا.. قضت ليلة تتابع حسابه الشخصي و كل اشعاره الغزلية المعيبة.. قليل الادب و فاقد الحياء.. ترفع حاحبها بشر وهي تتذكر احدى الأبيات التي
تحدثت عن الشم و التقبيل بعد الوصال.. عديم الحياء.. تتنحنح وهي تجيب والدها المراقب
- سمعت من ماما.. فيميل رأس احمد متابعا لتشتت انظارها.. و ارتباك حركات اصابعها... ابنته.. تربية يده.. يقول لها ببسمه حانية
- تدرين خطبج من كم سنة؟ فترفع حلا انظارها مستغربة.. فيكمل احمد
- جنتي توج داخلة ال ١٤ و شافج بمكان.. وراها بيومين رادو يمشون مشية علينا يخطبوج.. بوقتها اعتذرت منهم لان بعدج صغيرة.. بيومها ولاول مره نختلف اني و امج.. لان جانت خايفه انطيج خاصة من صارت بيها عشاير و زلم دخلت.. بوقتها عرفت انه توه انفصل عن بنت عمه.. فهزت حلا رأسها وهي تهمس
- فوگاها منفصل.. فيكمل احمد و البسمه لا تغادره
- مو عيب ولا حرام .. بس بوقتها رديته لان انتي جنتي صغيرة
- زين سويت بابا... و هسه وقبل ان تكمل اضاف احمد بهدوء لطيف
- هسه تمنيت يرجع يطلبج.. حيل معجب بشخصيته..مثقف و فاهم .. ابن مجالس و ديوان.. نسيب يتمناه كل اب.. فتهمس حلا وهي تدخل احضانه بدلال معتاد
- عفيه عليك احمد.. تتخلى عن بنيتك و ترخصها..فيلمّها احمد لصدره
-مو عيب من ادور على الذهب وين.. وهذا معدنه أصيل ... اريدلج الزين... وهذا كل الزين بي .. فتهز حلا رأسها برفض باسم و يتنهد احمد يدعو الله بقلب والد ان يرزق جوهرته زوجا صالحا يصونها.. تكون له السكن..و يكون لها السند و المأوى

************
ذات الوقت.. احدى بساتين بغداد المثمرة

جلسه عربية غنية بما لذ وطاب.. وقد تجمع مجموعة من الأصدقاء بينهم جاسر و حارث و بعض أصدقاء العمل و شركاء التجارة.. يتحدثون بمواضيع شتى .. بينما يجلس هو بصمت وقد اتكىء على "مركى " جلسته العربية امامه شعلة نار مشتعلة..ودِلآل قهوة مائلة ازكمت الانوف برائحتها العبقة.. تعبث اصابعه بمسبحته العقيق برتابه و فكره سارح منشغل.. بصدره نارا يشعرها متقده... رغبة عارمة تجددت و ايقظت في النفس شوقا كان دفينا... وتاقت العين للتمعن في حُسنها مرة أخرى... يرى صلابته معها تتهاوى.. كيف لا وهي من سكنت منذ زمن في قلبه مكانا قصيا... يغرق اكثر في افكاره و عقدة حاجبيه تزداد عمقا وهو يفكر في الموانع و الفوارق... يريدها حليلة.. فهل يتقدم مره اخرى؟ رجلا مثله لم يعد يتقبل الرفض و يرى بينه و بينها رفضا قاطعا... يتذكر جموحها فيزداد خافقه اضطرابا... ويعود.. يلجم هوى النفس بسياط عقله الراجح .. و بعد نظره الثاقب.. فليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. تلك الحسناء ليست له... مدللة ابيها .. بل تكاد تذوب ترافة و فتنة هتكت استار صلابة نفسه و ترفعها.. يهز رأسه شاتما باسما و هو يبعدها عن فكره... و يحاول ان ينسى ما شعره منها عندما دخلت بارتعاشا متوجعا ..حضنه.. فأحيت مرة أخرى نبضه الخافق

كل هذا و حارث يراقبه باسما بأستغرب فيلكز جاسر بجانبه و الذي يتصفح هاتفه منشغلا هو الاخر بشيء ما
- شبي اخيّك... مو على بعضه .. فيرفع جاسر نظرات مهتمه نحو قيس.. ثم يلتفت لحارث قائلا
- يجوز علمود شغلة بيت ****** لان متعسرة و مالها حل غير الفصلية و الدم... فيهز حارث رأسه بتفهم وهو يتأمل قيس مره اخرى..

و يبدأ مجلسهم ينفض برسميات معتادة حتى تحول لمجلس خاص ....به رفقاء السمر و السهر ... وكان حارث قد تحول للجلوس بجانب قيس.. يتكىء معه على ذات المسند وقد امسك بيده فنجال قهوته المره يتلذذ بها... يقول بخفوت لقيس
- رضيعتك ( اختك) شوكت ناوية تحن علينا و ترجع؟؟ يصمت قيس متمهلا وانظاره تتبع قهوته المره التي يدور بها بتمهل في فنجاله ثم يقول بهدوء
- شوكت ما يعجبك مر...مريتك ( زوجتك) ما مانعيك عنها .. يصمت حارث وهو يتيقن الان ان الامر لم يخرج الى ثالث وان الكلام بقي بينه وبين سارة.. يعلم انها متكتمه تماما.. لا تبوح بأي مشكلة صغيرة كانت او كبيرة.. و كم يعشق هذا الأمر بها... يعود و يسأل بألحاح
- اجي باجر اخذها؟ فيرفع قيس نظرات عميقه يتأمل بها ابن عمه.. يعلم ان هناك خلاف ما بين سارة و بينه... و يعلم ان اخته وصلت لاقصاها فلاذت ببيت ابيها و بقيت فيه لأيام.. لكنه لا يجبرها البوح ولا يتدخل الا ان طلبت هي..وقتها سيكون له حديثا اخر.. حتى اخيه الشيخ مشعان استغرب وجودها.. فسارة لا تفارق حارث الا عند سفرة.. لكن قيس طمأنه انها مشتاقه فقط لوالدتهم وان الامور بينها و بين حارث على ما يرام..فهو فعليا لم يصله شيئا مغاير
يجيب حارث وهو يرتشف قهوته
- باجر عشاك يمنا.. تاخذ حليلتك و تتوكل.. فيومىء حارث برضى ... ويلتفت قيس بمتابعة و استمتاع للمنازلات الشعرية التي بدأت الان بين بعض رفاقه.. يتابع باسما مايقال و فكره يرتحل..من جديد.. لصبوحة الوجه.. بهدبا كحيل..وعينين ريمية

****************

ذات الوقت ...احدى مدن الشمال

جلسه طرب.. براقصات تتمايل اجسادهن بفحش بليغ يثير في النفس السوية غثيانا مقيت... كؤوس محرمه تدار بعربدة.. و يجلس هو كعادته في مكانه مسترخيا بجانبه احد رفقاء السوء يحدثه بصوت خفيض
- الشغلة مالها حل .. و الشيخ مشعان داخل بالموضوع بثقله لان ولد عم البنية ما ساكتين... يردون دمها... فيقول حامد بلامبالاة
- تستاهل... يكتلوها و يشربون دمها و الولد وياها و المفروض الشيخ يفصلهم بعشر نسوان .. فيبتلع رفيق السوء ريقه واجما ... ينظر لحامد بشك.. متناقض بل يشك انه مريض نفسي... يتكلم عن الحق و الشرف وهو بعيد كل البعد عن الأخلاق الحميدة.. و المواثيق العتيقه... رجلا لا حدود لمجونه و سطوته... قلبه اسود ك لون قميصه الذي يرتديه الان .. يعود حامد و يتساءل
- و دكتورنا الغالي؟
- سوه حادث سيارة قبل كم يوم... فيلتفت حامد اليه بأهتمام
- تعوّق؟ صار شي بلي صدمه.. فيجيبه رفيقة بنفي
- الاثنين مابيهم شي.. اخيّك بسبع أرواح.. بس... فينظر له حامد بعمق
- بس؟
- الي صدمها بنت ابو علي ال****** .... فيسترخي حامد في مكانه سارحا وهو يقول
- اها
يكمل رفيقه بث معلوماته
- ماصار عليها شي عدى كسر او تمزق اربطه و رضوض بسيطة ... بس الظاهر الدكتور كلف نفسه هواي. قالها بخبث ماكر .. فيلتفت حامد اليه مستفهما
- نفسها الي خطبها قبل سنين و ردوه... قالها رفيقه باسما بشماته مكملا .. الظاهر بعده على الحب الاولي..الله يسمعنا اخباره الطيية..
فتشتعل نظرات حامد وهو يشعل سيجارة مشبوهه ما يضعها في فمه.. يشعلها و هو يشعر ان جوفه قد اشتعل بأحتراق بشع.. لا ينطفىء
يهمس وهو يمط شفتيه بحقد
- هيّن.. و يصير كل الخير..اخيّ ولازم افرحله... شكو بيها خلي يتزوج الي يريدها عاد هاي شلعت گلبه من رفضوه قبل كم سنه.. خلي يتزوج و يستقر ..يوم سعيد و مبارك قالها ساخرا ثم يلتفت بتساؤل
- عاد تسوى التعب؟
- گمر و ما اكذب عليك ... تهد الحيل هد قالها بصوت منفر...مشتهي بفجور... فيعود حامد ليهز رأسه بخبث و يده تعبث بشعيرات شاربه
- يستاهل عزيز الگوم و هيبتنا... بس هو بعده على هواه ؟.. يضحك رفيقة وهو يقول بتأكيد
- مالحب الا للحبيب الأولي.. و اخيّك ما استقر بيوم.. يبدل نسوانه بمزاجه.. فيصمت حامد وقتا ... يتذكر قيس و "نهوته" على "دلال".. فتتوجر جمرة غيضه اكثر.. يقول بخفوت يرتشف من كأسه
- نسعاله ( نسعى له) ليش لا... حلاة الحبيب من يجتمع بحبيبه ....

قبل اعوام ليست بالقليلة... بيت الشيخ فاضل.. عند ظهيرة صيفية

ضحكات خافته و احاديث فتيات عذبه منخفضة الوقع... تكسر صمت الظهيرة الرتيب في داخل منزل الشيخ .... و كما جرت العادة... تخرج الفتيات لغسل الأطباق في الحديقه الداخلية التابعة للمطبخ.. وهذه المرة تم رص الأطباق المتسخة و القدور الكبيرة في الحديقة الخلفية المتطرفة عوضا عن الامامية... فالوقت وقت قيلولة و قد ذهب معظم اهل الدار لاخذ قيلولة الظهيرة...

والدها مسافر مع اخوتها و قيس الى الشمال... وقد طلبت من والدتها بألحاح الحضور و تناول الغداء في منزل عمها الشيخ حتى ترى سارة التي ثقل حملها و باتت زيارتها لبيت ابيها متباعدة...

تمسك بيدها خرطوم الماء وهي ترفع ثوبها الابيض القطني بنقشة ازهار بنفسجية ناعمه.. فتبرز ساقيها بلونها الصافي.. و رسمها المترف البادي... تصميم فستانها البسيط أظهر قدا ناعما وليدا ببكارة ظاهرة لا لبس فيها..قصته فرنسية خصرت جسدها النحيل بجذعها الطويل. يغلق بأزرار متوسطة الحجم من الاعلى الى الاسفل .... كل شيء فيها بريء صافي... عذب رقيق.. حتى جديلتها الفرنسية الطويلة المتمايله على خصرها الدقيق...

تدندن بلحن ما منتظره ..وهي ترش الأطباق المتسخة بالماء البارد.... تنتظر بقية بنات العائلة و بعض الصديقات.... و الغاية لم تكن ابدا الأطباق... انما للعبث بالماء و التمتع به في هذا الجو الحار بعد الانتهاء من تنظيف الأطباق...

تميل لكي تسحب احدى القدور فتشعر بأحد ما يسحب الخرطوم منها بقوة
تشهق وهي ترفع رأسها فترى حامد امامها... لصيقا بها... يكاد يبتلعها و نظراته ساخنه شهوانيه تنظر بلهفه لا يخفيها الى مفاتنها.. تلتفت بذعر فترى نفسها بعيدة عن باب المطبخ ..تهتف اليه مرتعبه
- حامد
- عيونه و روحه.. فتلطم خدها بذعر وهي تحاول الفرار منه.. الا انه يحكم قبضته عليها يهمس لها بصوت شبق
- خليني اشوفج بس و قبل ان تفلت منه يوجه الخرطوم على جسدها اليافع.... فتشهق برعب من برودة الماء .. و تشع عينية برغبة عارمة وهو يرى مفاتنها التي كشفها بلل القماش القطني....و شهقتها تثير كل مجونه..فتتابع هي بذهول نظراته و ترى انكشاف سترها..
تلطم خدها باكية وهي تتوسل اليه و تستر ما ظنت انه ظهر منها تحاول ان تفلت من قبضته
- حامد الله يخليك روح.. لا تفضحني البنات شوية و يطلعن.. فيقربها منه بفجاجه يود تقبيل طرف شفتيها حيث تسكن حبة خال يحفظ مكانها يهمس لها بذهن مغيب
- نتفاهم بس..و مال عليها يقربها اكثر و قد ايقظت فيه شهوة عارمة اتضحت بجلاء .....

تلطمه تحاول الإبتعاد.. فيسحبها اليه بجنون و شفتيه تصل نحرها الابلج ويده تمتد الى اولى ازرار ثوبها تفتحها فلاحت له مفاتنها رغم رفسها و عضها له... الا ان جسده أقوى منها.. وقبل ان تصل شفتيه تعمقا...شعرت به يُسحب منها بقوة و صوت جاسر الغاضب يهتف به
- يا خسيس.. يا نذل.. قالها وهو يلكم حامد على وجهه ليرد حامد بسرعة اللكمة و يبدء بينهما صراع بالايدي ولولت له دلال بخفوت وهي تضرب فمها باكية.. تسمع صوت جاسر يقول لها بغضب
- ولي منا.. دخلي جوه شعدج وحدج بهالظهرية.. وقبل ان تستوعب تركض وهي تلتفت للخلف ترى حامد يبتعد عن جاسر و بجنون غير مفهوم للوهلة الأولى يفتح ازرار قميصه الذي يرتديه و يفتح حزام بنطاله الجلدي و يستمر كأنه ينوي خلع بنطاله فيفهم جاسر بذهول مقصده وهو يرى ذهول دلال التي بدأت تتعثر في خطاها نحو الداخل... عيونها باكية مذعورة تلملم ثوبها تحاول غلق ما يظهر منها... وقبل ان تصل باب الدخول للمطبخ رأت والدتها و بعض الفتيات اللاتي شهدن الامر و هرعن لمناداة والدتها و زوجتي الشيخ فاضل.. نرجس..و مهين... يقف الجميع امامها بذهول للمنظر و تقف هي وحيدة تدفع عنها اتهاما تعلم ان الألسن ستنشغل به الان

توقفت الدقائق بل توقف كل شيء من حول دلال.. ترى نظرات الاستفهام و التساؤل و نظرات والدتها المرتعبه وهي ترى عري صدرها الواضح و تعود لتنظر لحامد الذي يصارع الان جاسر بقساوة مرعبة فترى امرا لا تفسير اخر له.. وقبل ان تتقدم دلال نحو والدتها... تتهاوى ارضا فاقده لوعيها

بعد وقت

صراخ يعم المجلس الداخلي و قد قٌيّد كلا من حامد و جاسر بقيدا وثيق.. يعود حامد وهو يقول بجنون امام ابيه الشيخ فاضل و حارث الذي كان متواجدا للصدفة
- اخذتها من زمان و عندي علاقة وياها فيجن جاسر وهو يقول
- انجب يا نجس.. هذي عرضك كافي تتهمها باطل و تدنس شرفها...اني جنت حاضر...فيتجاهله حامد وهو يقول
- زوجونياها... جيبو الشيخ هسه يزوجنا و ما تشوفون خلقتنا بعد.. فيركله حارث وهو يهمس
- اگطع سود الله وجهكم .. فوگ شينكم و سواد وجهكم حسكم عالي جايب القاصي و الداني على طيحان حظكم..
يقاطعهم صوت الشيخ فاضل يوجه كلامه لحامد
- قربت منها؟
- اي و مو مرة قالها حامد بثبات..
- جذاب ...جذاب بوية لا تصدگه شفت كلشي.. دلال مالها ذنب قالها جاسر بوحشية منتفضا لذكرها
- يجوز انته هم مقربلها طالما تدافع عنها فينال لكمة من حارث كسرت بعض أسنانه ... ويسيل الدم من فم حامد بشكل بشع مقزز... الا انه يضحك قائلا بهوس
- فكوني اخذها و اشرد بيها بلا زواج هنا.. نتزوج ببغداد.... فيعود الشيخ فاضل وهو يسأل بروية ضاغطا على اعصابه
- اخذتها حامد؟ للمره الاخيره أسألك
- كم مرة.. مو مرة ... فيلتفت الشيخ نحو حارث
- اربط الاثنين يم البير القديم.. جوه الشمس و محد ما يقرب يمهم... و الخبر لا يوصل لاحد حتى عمك ابو دلال و اخوانها ... خليهم براحتهم ما بقى شي على رجعتهم من الشمال ...يوم... لو يومين همه هنا..

بعد وقت
يدخل مشعان مجلس ابيه الداخلي وكان قد استدعاه على وجه السرعة من المدينة... جلس الشيخ فاضل كظيم الوجه... منهك و متعب... فيتقدم مشعان من ابيه وهو يقبل رأسة هامسا
- مساك الله بالخير و العافية بوية .. عسى ما شر گاعد هنا و تارك مجلسك؟
- تطلع للصوب الشمالي يم البير القديم ...تشوفلي ناقصين الغيرة و الدين شمسوين.. خاصة حامد افهم منه عدل فيعقد مشعان حاجبية حيرة لوجوم والده و صوته البارد المتعب... فينتفض منفذا لأمر والده وهو يستغفر في نفسه فطالما حامد متواجدا في الموضوع.. اذن الامر كائد جدا

بعد يومين

تنتفض ببكاء مرير وهي جالسه في ركنا قصي في الغرفة التي خصصت لها.... وقد بقيت في بيت عمها الشيخ فاضل حتى عاد ابيها و اخوتها... سوأل يكرره عليها من يدخل اليها في الأيام السابقة.. هل لمسها حامد.. هل اخذها؟ فأم حامد ادعت ان هناك علاقة تربط دلال مع ابنها.. و انهما اتفقا على الزواج.. و انهما يلتقيان دوما عندما تأتي دلال الى هنا.. لكنها لم تعلم ان دلال سلمت نفسها لولدها...

تلطم دلال خدها مره اخرى للذكرى... لا تنكر ان حامد طالما ارعبها بنظراته الملتمعه.. لكنها ام تتخيل ان تصل الامور الى هنا...تعود وتبكي تلم نفسها... لا تملك سوى البكاء و التوسل... تخبرهم جميعا ببرائتها الا ان حامد مصمم انها كاذبه و مصمم بشكل غريب على الزواج منها سترا للموضوع الذي لا يزال طيّ الكتمان حدوده منزل الشيخ فاضل

تتذكر والدها الذي دخل عندها بعد عودته من السفر... وقد نالت منه صفعة رمتها ارضا فور وقوفه امامها... تزحف اليه تقول ببكاء
- بويه والله بريئه مالي ذنب ... فيهمس لها
- ولج حافظ علامات بجسمج و منطي إشارات... تاهمج ويه اخوه جاسر هم..ينحني اليها يسحبها من شعرها وهو يسأل
- من تجين هنا وين تنامين؟ احجي تفزع وهي تسمع سوأله و صرخته
- والله بويه انام يم سارة و البنات...والله بنفس مكانهن من تجي سارة لهنا... اسأل سارة
-سود الله وجهج...سود الله وجهج فتبكي دلال وهي تسمع ابيها.... تنحني تقبل قدمية
- يابه والله مالي ذنب ... ليش تصدگون كلامة ..ليش .. تعود و تبكي بهيستريا ..فيستغفر والدها وهو يمسح وجهه... يعلم ان ابنته بريئة.. و يعلم ان حامد النذل كاذب.. يقول لها بخفوت متعب
- لو مصدگين كلامه جان انتي ميته هسه... اخوتج متخبلين و ذوله ناقصين الغيرة كلما فكينا گيدهم يدمون بعض...مربوطين بره و حامد ينبح يريدج ...تبكي دلال اكثر وهي تعلم عظم الامر.. تهمس له بتوسل
- تنطيني لهلنذل يابه؟ فيصمت والدها متعبا وقد منع عنها دخول اي احد حتى والدتها

بعد وقت ..خارج غرفة دلال.. مجلس النساء الداخلي

تربت سارة الحامل على ظهر والدة دلال الباكية.. وهي ترمق "ام حامد " بحنق
- مطوليها وهي گصيرة... الاثنين يردون بعض... زوجوهم و فضوها.. الولد رايدها و كلنا ندري بعد عليش هالهوسة هاي... سترو على البنية لا تطلع حامل ... فتتدخل نرجس وهي تنظر لمهين التي شهقت لكلام ضرتها الماجن
- اتقي الله ام حامد و انتبهي لكلامج لان اذا يطلع صدگ تطير رگاب و اولهم رگبة وليدج.. الظلم ظلمات لا تظلمين بختج بهالكلام الي كلنا ندري بي جذب.. دلال بنيتنا ما يطلع منها العيب
فترفع ام حامد عينيها بشزر ترمق نرجس باستهانة وهي تقول
- انتو الي شفتوا و حلفتوا على القرآن يم الشيخ و احنه معلينا بالظنون... علينا بالشوف شنو شفتوا... وحامد وليدي حلف على القرآن و گال ماخذها ..بعد عليش هالكلام الزايد ... هاي فوگ ما وليدي يريد يستر عليها...فتهمس سارة وهي تشيح بوجهها
- ياخذج ربي و نرتاح من شرج... حتى حامد عميتي عليه بحقدج... فترد نرجس ببرود
- نظمية كسري الشر و اسكتي الشغلة بيد الزلم و لو مصدگين بحامد ثقي و اعتقدي جان وليدج هسه مذبوح .... لمي الموضوع خلينا نشوف وين تصفى فتصمت والدة حامد وهي تزم شفتيها بحقد

مجلس الرجال

يقول بصوت ثابت واضح..
- شيخنا سوي الي گلت عليه...بس هاي گدامك و گدام ولدك مشعان و قيس ... بنيتي محرمه عليه ليوم الدين... ما انطيها لهلاثنين لو يجوني زحوف... و ينهض واقفا بتعب يتكىء على كف حارث بعد ان حلف يمينا مغلظه على اولاده بعدم التواجد و التدخل... فالامر واضح له تماما و يعلم ان اولاده لن يخرجوا ابدا عن طوعه...

غرفة دلال...

تبكي وهي تنتفض و تتوسل بوالدتها الباكية هي الاخرى..
- يمه منو ذني؟ شيردن مني؟ فتهمس لها والدتها بحنان
- يمه نامي خلي يكشفن.. گلبي خلص لا تموتيني والله ما بيه بعد... فترفض دلال وهي ترى امرأتين غريبتين امامها ... تحاول التستر عنهن الا انها تعجز... يطرحنها على السرير خلفها و تمتد ايديهن لمكان عفتها فتنتفض ببكاء و تصرخ رفضا... ترى امامها خالتها مهين فترفع كفها لها مستنجده تقول لها
- خالة والله مالي ذنب.. والله جذب.. فتنحني مهين اليها... تلمها باكية لصدرها تخبأ وجهها... وقد تفطر قلبها..... تهمس لها مصبرة وهي ترى بعينها نظرات والدة دلال المتابعة لكشف القابلات على ابنتها .. و تشعر بتشنج دلال الرافض وهي ترفس بأقدامها حتى غابت عن وعيها...

و ظهرت برائة دلال ناصعة.. باكر لم يمسها احد... عادت بعدها الى منزل ابيها منهكه موشومه بذكرى مريرة تعيسة الا انها كانت الخلاص لها...

اما حامد و جاسر فقد جلدهما الشيخ بيده لأيام.. وحقدا تنامى و تعاظم بينهما ... حامد مهووس بدلال.. يعلم انه الان لن ينالها ابدا.. و يعلم ذات الوقت ان جاسر كذلك لن ينالها... فخفف هذا عنه الكثير ... بل اراحه بشكل غريب رغم هوسة بدلال و حسنها...

طرده والده الشيخ بعدها.. اخبره ان لا مكان له هنا بعد الان...حلف زورا... و بهت ابنة عمه..عرضه... بهتانا عظيما ... تحرش فيها في داره وقد تناسى حرمة الدار...

و تقبل حامد الامر ببرود... المهم ان دلال حرّمت على جاسر ايضا.. بل ان الاقصاء و الطرد قد ناله ايضا رغم وجود قيس الصامت...

قيس...الذي حجز دلال ابنة عمه لنفسه... لاحقا

*********

بعد ايام... بغداد الحبيبة... قرابة الفجر.. احدى مستشفيات العاصمة الخاصة

يقف بذهول وقد تلقى الخبر الصادم توا... يشعر بذراع والدته يلتف حوله بمؤازرة وهي تستغفر محوقله .. يلتفت اليها عاقدا حاجبيه فيصله صوتها ولا يفهمه.. تخبره بمؤازرة باكية ان زوجته رحلت شهيدة وسط مخاضها.. انها الان عند ربها.. و يستمع بذهول لنواح والدة زوجته و اخواتها فيشعر بتهاون ساقيه فيسقط ارضا .. تميل والدته معه باكية تحتضن وجهه في صدرها وترى امامها انهيار والدة حنان فتغمض عينيها وجعا و كمدا...

ذات الوقت..

نيران مشتعلة يسمع حسيسها.. مرعبة في توهجها.. احرقت المنزل من الداخل و امتدت السنتها الى الخارج عبر النوافذ المهشمه.... وقد وقف الجميع خارجا بعجز محوقل مستجير من النار .. فسيارات الإطفاء لم تصل بعد و همهمات متسائله تعلو عمن بقي عالقا في الداخل..

وهناك ..في الداخل ... حيث تلّهبت النيران الحارقه برعب... تجلس في بكاء مرير أقصى الممر المغلق وقد حجزت هناك .... تلوح لها النهاية ... و هي تشعر بغياب وعيها اثر الاختناق.. وقد تسلخ جلدها اثر وهج الاحتراق....
قبل الفاجعة الاولى بأيام..

بغداد الحبيبه....

توتر يملأ جو الصالة الداخلية في منزل احمد.. راغدة تجلس باسمة تتأمل والدة ود امامها.. سيدة لطيفة تقاربها عمرا... ترتدي حجابا انيقا مع قميص طويل و بنطال عريض مستور... وجهها شاحب بتعب تمسك بيدها كأس الماء البارد ترتشف منه بهدوء تام و نظراتها المترقبه ترحل كل حين لباب الدخول حتى تعاطف قلب راغدة الرقيق معها... تعود و تهمس بلهفة تكاد تخفيها

- تأخروا مو؟؟ فتضحك راغدة برقة وهي تقول

- لا يابه ما تأخروا بس انتي تحسين هيجي لان گلبج يفور.. فتتنهد نجلاء وهي تضع كأس الماء امامها على الطاولة الزجاجية الصغيرة... تقول بهدوء وهي تخفي نظراتها الدامعه

- مو حقي ام علي؟ بنيتي ما شايفتها بس بالصور.. والله العظيم من خابرني ابو علي ما صدگت ولوما مرضي و المراجعات جان ما انتظرت بس سبحان الله اجت بالوقت الي اني فقدت بي الامل.... گلت الله ياخذ امانته و بنيتي ما تكحلت عيني بشوفتها...و تصمت وقد تحشرج صوتها ببحة بكاء فتنهض راغدة تقترب منها .. تربت على كتفها بمواساة.. فأحساس الام لديها يعلم و يدرك حجم الالم الذي تعاني منه الجالسة امامها.. تهمس لها بود باسم

- هسه تجي بنيتج و تشوفيها.. عروسة ابني و ان شاء الله تزفيها بيدج عمري انتي.....هدي نفسج ... تصمت نجلاء وهي تكفكف دموعا سالت دون انتظام.. تعود و تستغفر وتحمد الله و تلتفت بلهفة تحاول السيطرة عليها.. تمسك بكف راغدة راجية

- الله عليج ام علي بنيتي موافقه تتزوج؟ بعدها صغيرة ليش هالشكل مستعجلين على زواجها ليش ما مكملة دراستها؟ فتتفهم راغدة تعطشها و لهفتها.. ام لم ترى ابنتها.. لا تعلم عنها شيئا.. تجيبها بخفوت باسم

- ود الله يرضى عليها موافقه و ان شاء الله تحضرين عقدها و الزواج مو هسه.. و اكيد اول ما تتزوج راح تكمل.. هذا شرطها و ابني ياسر الله يحفظة ما ممانع ابد.. تصمت راغدة وقتا وهي ترى شحوبا مرضيا اثار حيرتها في ملامح نجلاء.. فتربت على كتف نجلاء النحيل وهي تسأل بأهتمام

- انتي تمام نجلاء.؟؟ فتومىء نجلاء بابتسامه واهنه وهي ترتشف المزيد من الماء.. تقول بخفوت

- الدوى الي اخذه قوي شوية و ما انتظرت حتى يخف مفعوله او ارتاح... هاي جيتي من المطار.. زوجي وصلني و سلم على ابو علي و طلع.. وقبل ان تكمل.. وصلتها اصوات ما من الردهه الخارجيه.. وقفت فورا على اثرها مترقبه.. خافتتة الانفاس تنتظر بفارغ الصبر دخول ابنتها ود..

قبل وقت..

تراقب ساعة هاتفها الذكي كل مدة.. عمها احمد اخبرها انه سيأتي عصرا لاخذها فوالدتها ستصل عند المغرب.. وهناك عشاء سيقام من اجل التعارف في بيت عمها احمد...والدها صالح غادر ظهرا غاضبا و شاتما لها و لامها.... ولشدة قهرها كانت مرام موجودة..شاهدة على كل كلامه.. تتنهد ود وهي تراقب من النافذة علها تلمح سيارة عمها احمد فقد تأخر على ما يبدو.. ورغم ان المسافه الفاصلة بينهم و بين بيت عمها احمد لا تتعدى الشارع الواحد.. الا انه الح كثيرا عليها موصيا ان لا تغادر او تبرح مكانها قبل ان يأتي بنفسه لاخذها.. تلافيا للمشاكل مع والدها..

تسدل الستارة مبتعدة عن النافذة..و تجلس بهدوء تنظر امامها بتفكير عميق... فتقع عينيها على جهازها المحمول.. وينكمش قلبها و تتغير ملامحها امتعاضا..و وجلا خفيا...تتذكر تلك اللية قبل اسابيع فيعلو وجيب قلبها.. وتشعر بحرارة ما تجتاحها....و للحظة.. تمنت ان يخيب حدسها لشدة عارها.. تتذكر الصياد و اختارقه لها.. فتبتلع بوجل ريقها

تعقد حاجبيها و تحاول ان تتذكر كيف تعرفت عليه..متى؟؟ فتعود بذاكرتها لقبل عامين تحديدا

كانت احدى لياليها المظلمه وقد قادها فضولها.. الفضول الذي يكون احيانا اولى خطوات الخطيئة... ليلتها دخلت احدى غرف الدردشة.. و كانت تعلم ان دخولها لهذا العالم محفوفا بالذنوب.. المعاصي.. و الكثير من الاخطار.. لكنها لم تهتم.. فضولها قاتل.. و رغبتها الغير مفهومة لها..عالية.. تود ان تدخل هذا العالم المبهم.. ترى فقط... لا تريد شيئا اخر... ليلتها ظهر لها مربع غريب فور دخولها الغرفه... يخبرها ان ما تقوم به امرا خاطىء.. غير مقبول دينيا او عرفيا...فهذه الغرف لا تقود سوى للرذيلة..... الكتابة كانت بلغة واضحة صريحة.. فصيحة.. الا ان ود لم تهتم.. اغلقت المربع فور قرائتها المحتوى الغريب.. و اثار فضولها ما تراه من كاميرات مفتوحه امامها... وقبل ان تدرك... كانت تستقبل اولى رسائلها من الصياد...

- هل نتعرف؟ كانت هذه اولى كتابته لها... مختصرة.. صريحة ... مباشرة ... و فصحى.. ترددت وقتها وهي تكتب اليه.. و قد دقت اجراس الانذار لديها.. لكنها مطمئنه فالحمايه في جهازها عاليه... تجاهلت الرساله في بادىء الامر... لكنها ....فضولا....بحثت بعينيها بتركيز عنه.. عن الصياد... فرأت صورة شخصية مبهمه لرجل عاري الصدر... مقنع... كانت متيقنة انها ليست صورته الخاصة الحقيقية... عاد مره اخرى يكتب لها
- هل نتعرف؟ ام تودين الخروج لغرفة خاصة؟ بقيت لفترة تنظر لكتابته ولا تعلم لما شعرت وقتها بالاستفزاز... تجاهلته مره اخرى وهي تبتلع ريقها فما تراه امامها غريب.. شاذ.. منفر للنفس السوية... علاقات مجردة .. تميل للحيوانيه.. لا أصول فيها ..جنوح مجرد متفرد للمعصية... يعود الصياد و يكتب لها
- يجب ان يكون هناك شريك خاص بكِ... الم تقرأي شروط الدخول و المشاركة... فعقدت ود حاجبيها وهي تفكر ... عاد و كتب لها بأغراء
- لا بأس ببعض المتعه حتى و ان كان لديك شريك ... و انا شريك مرضي جدا مختلف عن الجميع هنا... فسخرت ود من كتابته... لكنه ذات الوقت استحوذ على اهتمامها... عاد يكتب مستعرضا
- بضغطة زر واحده استطيع إغلاق هذه الدردشه و تحطيم قواعد بياناتها.. و أعدك.... ستمر اشهر قبل إعادة فتحها من جديد... فلم تتمالك ود نفسها وهي تكتب له
- انت مخترق؟ فيتوقف لفترة عن الكتابة حتى ظنت انه خرج .. الا انه عاد و كتب
- انا صاحب مزاج .. و انتِ استحققتي اهتمامي ... أود التعرف و.... امتاعك ... لا أحد يعرفكِ هنا... ستكون مغامرة خاصة لكِ انتِ وحدك.. الامر مغري ... فكري فأنا سأحقق الرغبات ... يبدو لي انكِ بحاجه الى شريك مثلي... يقودك بأحتراف...
دلكت ود جبينها و رغبة ملحة باتت تعتريها.. و فضولا قاتل بات يقودها.. هل تجرب؟ من يعرفها هنا؟ من يراها؟ لما لا تتعرف و بضغطة زر ان لم يعجبها الامر..خرجت؟ و زين لها شيطانها سوء فعلها.. و اغرتها نفسها الإمارة بالسوء بأحتياجها.. فقادتها نفسها للردى.. و تحكمت بها مرة اخرى...شهوتها...

و كانت هذه بدايتها مع الصياد.. قوي الكلمة.....تشعر انه نوعا ما يسيطر عليها.. فأول امر قام به.. إخرجها من الغرفة الى غرفة خاصة اخرى.. و عندما سألته لما.. اجابها ببساطه.. انه لا يحب الشريك.. يحب ان تكون له وحده.. فحتى عينيها ملك له لا يجب ان تشاهد غيره... و هو سيغنيها عن الجميع.. بعلاقة عابرة ملتهبه تعتمد على ما تقدمه له.. و تعترف ود انه آثار فضولها.. آثار غرورا انثويا حتى و ان كان مزيفا فيها؟ لما اختارها هي تحديدا؟
و بدأت معه عالما اخر... تقضي معه كل ليلة... تارة يكون فجاً يخجلها... و تارة يكون بعيدا فيسحرها.. صريح لا يخجل حتى سألها مره
- هل انتي باكر؟ يومها توقفت طويلا امام كلمته ... ماهو معنى البكارة تحديدا؟ ان تكون عذراء باكر في كل شيء؟ هي ليست كذلك... هي متسخة... عينيها امتلئت حراما و يدها ارتكبت فحشا... فأي بكاره يقصد؟ هي مدنسة... مدنسة حتى ثملت نفسها من تشّرب الذنب و المعصية....تعكّر لون صفائها الفطري الابيض... فأصبحت نفسها ماجنه ..تؤمن ان لا احد سيرضيها .. لا احد سيفهمها.. حتى و ان تزوجت.. فمالذي ستعطية لشريكها؟ يحجبها عن فقدان العذرية غشاء رقيق لا تعلم ان كان موجودا اصلا؟ .. ليلتها خرجت من المحادثه دون كلام... اغلقت شاشتها وهي تبكي نفسها الغير سوية.. تبكي احتياجا للحنان ... للحب... جعل منها ضعيفة... سهلة القياد نحو المتع الدنيئه..
لكنها كمدمنة عادت اليه مره اخرى بعد ليالي... تواجد في الغرفة فور دخولها.. فهو يعرف للغرابة اوقات تواجدها... وشعرت به قد تغير.. و ان هناك احرفا غاضبة تسقط منه سهوا... و كان جريئا وهو يطلب منها فتح الكاميرا فهو يريد التمتع بجدية الليلة.. لكنها رفضت.. و عقدت نية الخروج... فيأخذها لغرفة خاصة بهما فورا
- هربتي مني؟
- لا.. لم أفعل
- بلى... خرجتي تلك الليلة دون اذنا مني..
- من انت لتقرر
- انا من**** و كتب لفظا خارجا ازعجها و استمر بأمر
- افتحي الكاميرا
- عندما اسمع صوتك اولا وارى صورتك .. قالتها بتحدي
- سيخيفك ما سترينه.. و فسرت هي بغباء قوله.. فأبتلعت ريقها بأرتعاش
عاد و كتب لها بأغواء
- اريد ان ارى
- لا
- هل انتِ منيعة معي فقط؟
تصمت.... ولا تعلم انها تثير بصمتها جنونه.. فهو على الجانب الاخر يشتعل... يتمنى ان تكون امامه.. ان لا تفصلها البلدان عنه.. كان سيربيها من جديد.. يعود و يكتب وهو يهدىء نفسه.. يختبرها حتى يعلم أين وصل جنونها
- ارسلي صورا.. ثم كتب الفاظا خارجه اقشعرت لها... و خرجت مره اخرى... و اغلقت جهازها... و ارتعاشه ما تغرق بها.. ماباله؟ تحول الى وحشا غادر؟ و تقرر ترك غرفة الدردشة.... و التعود على الاستغناء عنه رغم ادمانها السقيم عليه... بات متعه اخرى تجرفها رغما عنها اليه.. يداعب ذكائها بمهارة... يضحكها احيانا بفجاجته المعتادة.. لكنها لم تتجاوز معه.. و على الجانب الاخر يعود و يحترق ايضا... يغلق جهازه وهو يشتمها و يحقد على عمه... كيف يتركونها دون رقيب؟ كيف تأخذ كامل مساحة الحرية في غرفتها دون متابعة؟ يعود و يفكر انها اقلها لا تزال تحتفظ بغشاء واهي لعفتها... الح كثيرا على صورها او حتى سماع صوتها لكنها ترفض بمهارة.. ترواغ بأحتراف...

احدى الليالي قادها فضولها مرة أخرى.. أخرجت جهازها المحمول و بحثت جيدا.. فوجدت محاولات اختراق عديدة من حساب محددا برقم ip يتغير لكنها تعلم بخبرتها انه تغيير مزيف.. وانه رقم واحد لا غير...أوقاته محدده و مصدره دولة اجنبية... عقدت حينها حاجبيها وهي تفكر.. انها ذات البلد التي سافر اليها ابن عمها ياسر من اجل دراسته... صدفة حيرتها... و زرعت فيها اولى بذور الشك....

وغاصت مرة أخرى في متعتها الدنيئه المتفردة... فلا شريك يستهويها... تمارس احيانا كثيرة مهاراتها بالاختراقات وباتت بجرأة تضع توقيع الصياد على نجاحاتها... و طالت اختراقاتها عدة مراكز امنية.. عدة صحف اجنبية.. تخترق ماتشاء بمجرد اكتشافها ان هناك نقاط ضعف في جدران الحماية... و شملت اختراقاتها مواقع اباحية..مواقع دردشة و غرف خاصه.. كانت جامحه في عالمها... تجد نفسها فيه... في ذلك العالم هي سيدة نفسها... لا شيء يردعها.. فهي رغم كل شيء تنال جرعاتها من المتعه.. و نسيت امر الغرفة.. نسيت الصياد و محاولاته معها... كانت تظن انه شخصية من العالم الافتراضي... لا وجود لها على ارض واقعها... لم تكن تعلم انه متمكن تماما من كل حركاتها... انه يعلم ما تقوم به لذلك حذرها بشكل مباشر عندما اخذ جهازها... لكنها لم تنتبه.... لم تربط الاحداث ببعضها.. كانت تظن.. انه مثل البقية ينظر اليها بنظرة دونية.. يظنها بشعة غبية.. لاخوف منها.. كانت تظن انه لم يفطن لامر الاختراقات حتى و ان اعلنها..ربما لظنها انه لا يهتم لامرها.. اراد نصحها فقط لا اكثر... لذلك استمرت في التردي في ذلك المستنقع البشع..

و جاءت تلك اللية قبل اسابيع... عندما استعرت بها نيران اللهفه و الرغبة التي باتت لا تتحكم بها....كلما ازدادت رغبتها للعاطفة... ازداد جموحها....فخبتّ في طاعة نفسها الامارة بالسوء و اوغلت.. و تكلّبت عليها الشهوة فهان عليها القبيح بوضاعته... يومها اخترقها الصياد فور دخولها للغرفة الماجنه بعربدة... بل كان اختراقه مدويا وهو يعرض صورتها امامها.. معلوماتها الشخصية الكاملة... عنوانها... رقم هاتف والدها و اعمامها... ليلتها ذعرت... فزعت وهي ترى كتابته الملغومه مرحبا بها.. بأسمها.. ود

و بدأت تفيق من غبائها المنقطع النظير... تتذكر مواقف مخزية مع ياسر... نظراته المبهمه لها....و اصراره عليها.. اصراره المخيف لها.. و بدات تفهم رغم شكوكها... ان ياسر يعرف اسرارها المخزية بطريقة او بأخرى.. انه الصياد الذي اكتشف بمهارة أماكن تواجدها... غبية كيف لم تفهم.. و رغم كل تأكدها....لا يزال الشك يراودها.. بسبب اصراره الشديد عليها...رغم كل تشوهها..

تتنهد وهي تطقطق اصابعها تنفض عنها سهوة افكارها... تتحضر للخلاص.. فهذا ما ترجوه و تتمناه..
تنهض ترتب حجاب رأسها للمره التي لا تذكر عددها.. قلقة من لقاء والدتها.. تشعر انها خطوة كبيرة يجب عليها تخطيها.. ياسر مصمم على عقد قرانهم نهاية الاسبوع..وهي يجب عليها المراوغه بذكاء حتى ينتهي الامر بسلام..

بعد وقت

تخرج الى عمها مسرعه.. تتجاوز السلام على مرام و والدتها.. فهن كالعادة ضيوف خالتها على الغداء او العشاء.. تحاشت الالتقاء بهن.. فهي تعاني توترا يكفيها... لا تريد ان تزيده بتعليقات مرام السمجه الغثه... تخرج مسرعه لسيارة عمها المنتظرة.. فوالدها غائب بتعمد هذه المرة.. تلقي السلام على عمها احمد الباسم.. فيقول لها بموده موصيا بعد وقت من جلوسها

- بنيتي امج تعبانه.. مريضه شوية... انتبهي عليها بنيتي و تذكري هي مالها ذنب... ابوج هو الي منعها عنج... لا تعقين بيها بنيتي ما اوصيج... فتومىء ود بتوتر شديد.. تفرك كفيها وقد لاحظ احمد شدة توترها.. فتنهد بصبر وهو يمد كفه يضعه فوق كفها يقول باسما

- اذا تردين تروحين وياها تباتين ماكو مانع... اني احجي ويه ابوج.. المهم ما اريدج تأذين امج حبيبتي لان البيها مكفيها... تبتلع ود ريقها وهي تستشعر امر ما يخبأه عمها عنها..و تصمت...تتحاشى السوأل.. فالذي يهمها الان امرا واحدا....لا غير

بعد وقت

تعود نجلاء و تحتضنها ببكاء مرير... تقول بخفوت

- شو باوعيلي يوم.. خلي عيوني تمتلي شوف منج..... ليش ماما لابسه نظارات ماكله نص وجهج.. شو خليني اشوفج بنيتي... فتتحاشى ود النظر اليها.... تشعر بالتشنج... النفور... و الغرابة من حضن والدتها الدافىء... تبتلع غصتها مرارا... صراع قاتل تشعره في داخلها...حرب شعواء تقام في سرها.... تشعر باصابع والدتها تتلمس ذقنها ببكاء واضح

- حلفتج بالله ماما خليني اشوفج... لو تدرين شگد اندعيت.... شگد حاولت اشوفج... ابوج الله يغفرله گلبه حجر... الحجر يحن و هو لا... فتخرج ود صوتا ساخرا.. و تهز برأسها رفضا.. فهذي الاسطوانه تسمعها منذ قدمها الى هنا لرؤيتها... فتسقط دموع ود رغما عنها.. تبعدها بقسوة عن خدها.. تعود و تسمع صوت والدتها الهامس بشجن باكي

- ما تصدگين مو؟ حقج و ما الومج.. فتلتفت عليها ود بحرقة... تنفث وجعها دون تهمل... يجتاحها الالم كزلزال مدمر... يخرج كل سواداها و خباياها

- شنو الي اصدگه؟؟ عفتيني سنين .... سنين مكتفيه بس تجين للباب تسألين عني رفع عتب و ترحين...خلعت نظارتها الطبية وقد تغير صوتها الان تبكي بحرقه عاتبه... تغيرت لها ملامح والدتها و شحبت... تسترسل بألم و لم تشعر بياسر الذي دخل الصالة الداخلية وقد اغلق الباب خلفه... يستمع لود بهدوء بارد..وقد تكتف و اتكأ على باب الصاله منصتا بأهتمام

- مافكرتي الرجال الي اخذتي و كله عقد شنو راح يسوي بيه؟ ما فكرتي شلون راح يربيني وهو كارهني؟ دفني و اني بالحياة ... انتي سافرتي و تزوجتي و استقريتي بره.. صار عندج اولاد و شفتي حياتج.. و ابويه ماخذ راحته... سفر و ونسه... و اني حجر العثرة بينكم.. قالتها وهي تنقر على صدرها تسحب انفاسها بغصة جارحة موجعة و دموعها امطارا غزيرة لا تتوقف ابدا

- كل واحد منكم ارتاح و شاف حياته.. واني دفعت الثمن.. اني بس الي دفعت الثمن كله... قالتها ببكاء مرير.. وقد عادت والدتها للبكاء تمد يدها تود احتضان ود.. الا ان ود تدفعها عنها.. لا تريد شيئا منها سوى امرا واحد..باحت به بدون تحكم وعدم انتباه لياسر المنصت بانتباه.... فهو الوحيد الحاضر في الغرفه

-رضيت اشوفج حتى تخلصيني.. هاي اذا تگدرين طبعا... اريد اسافر وياج... كلمة وحده اريد اسمعها.. تگدرين؟ لو لا.. فتعقد نجلاء حاجبيها بعدم فهم تسأل ود وهي تمسح دموعها

- تسافرين ويايه؟ تردين ماما؟ و زواجج؟ و ياسر؟

- ما اريده.. اني مجبورة عليه... تردين تثبتين نفسج انتي ام صدگ... تساعديني.. قالتها ود بجرأه واضحه بلا تردد.. فتصمت والدتها وقتا تتأملها.. ترى نظراتها المصممة الواثقه من عدم رفضها.. او ربما من رفضها؟ تهمس والدتها بخفوت متسائل

- يعني ترديني احجي ويه عمج و ابوج؟ فتهز وز راسها بقلة صبر.. تقول بحسم

- لا.... اهرب وياج... فتتسع نظرات والدتها المتعبه ذهولا... لا تفهم... كانت تعتقد أن ود راغبة.. و ان الزواج سيتم برضاها وقبل ان تجيبها سمعت صوت ياسر الهادىء وهو يتقدم في الصالة فتنتبه له ود و تتشنج تماما
- حتى اكسرها لرجليج قبل ما تعتبين باب البيت.. فتنتفض ود بغضب حارق.. تفقد زمام اعصابها لاول مره .. فتكون مشتعلة كبركان اذهل ياسر... تقول له بصوت حاد
- شدخلك هنا؟ شي بيني وبين امي ... منو سمحلك تدخل بيني و بينها؟ فيجلس ياسر ببرود وهو يتأملها بنظرة شاملة لا تفهمها
- انتبهي لصوتج لا يعلى و خليني محترمج.. هالخبال الي حجيتي ما اريد احد يسمعه ثم يلتفت لوالدة ود ممتعقة الملامح
- عذريها خالة الظاهر فرحتها بيج نستها الأصول و التربية... صوتها عالي و كلامها ما موزون. فتحقد عليه ود بنظرتها.. لقد طلبت ان تنفرد بوالدتها.. لم تعلم ان ياسر الفضولي سيكون معها... تسمع صوت والدتها الضعيف
- يوم فهموني لان ما دا افتهم... ياسر خالة انته مو گتلي الامور تمام بينكم؟ مو گتلي ود مقتنعه تماما و بينكم تعارف... فتهتف ود وهي تلتفت الى ياسر بحده ذاهله
- كذاب ثم تعود و تلتفت لوالدتها بحرقة
- وانتي صدگتي؟ اذا اريده ليش اذكرج؟ تتوقعين احتاجج وانتي من كم محاولة استسلمتي و عفتيني هنا... لمرة ابو؟ ثم تشير لياسر بأصبعها تهتف بوجع تأن له روحها
- هذا يريدني شفقة.. يريدني شفقة مو اكثر.. بفضلكم صار اليسوى و الما يسوى يشفق عليه.. وقبل ان تكمل شعرت بياسر يحتجزها في مكانها ... يميل عليها يهتف بحدة قاتلة
- الي انتي بي من ايدج.. ثم انحنى مقتربا اكثر حتى هيمن عليها مبتلعا ... يضيف همسا يصل اسماعها هي فقط...
-و من سواد وجهج لا تخليني ااذيج ود... سدي الموضوع لا اخليهم يزفوج الي باجر.. فتدفعه بحدة تبعده عنها وقد ارتعشت حناياها لقربة الواثق الثابت ... تنظر نحو والدتها التي امسكت رأسها تنكس انظارها. وقد غشاها تعب غريب ارهقت له ملامحها. .. تقول لها بحدة قاسية
- عندج فرصة وحيدة تنقذيني بيها.. هالانسان ما اريده... انتي مو امي؟؟ شوفيلي حل... فتسمع صوت ياسر هازئا وهو يقول
- عوفي والدتج والتفتي الي... الحل يمي ود..وقبل ان ترد عليه... تهاوت والدتها مغشيا عليها
***********

ذات الوقت مكانا آخر

يقود سيارته وقد جلست بجانبه مسترخية و يمسك بيدها بيدها.. زوجا و زوجه يلفتان الانظار بتلك الهالة الجميلة الشفافه التي تحيط بهما... يخاف عليها من النسمه... نقية جميلة بجمال مليح خاص سحره منذ اول مره التقى بها في كليته.. مهذبة... محافظة.. سهلة المعشر ودود ... لا ترفض له طلبا.. تحوم حوله دوما تريد رضاه... تركت فكرة العمل فور رفضه لها.. فإهم شيئا لديها.. رضاه

ومع ذلك.. الجميل لا يكتمل... علم منذ وقت... عند بداية حملها انها تعاني من مشاكل قلبية.. عيب خلقي ولدت به تم اكتشافه مؤخرا بسبب الخفقان السريع الذي تعاني منه .. لا ينسى ذعره يومها وهم يقودونها الى غرف الفحص الخاصة .. بعد ان داهمتها موجة اختناق متعبة .. يومها قضيا يوما كاملا في المستشفى و خرجا بعدها بخبر ان قلبها لن يتحمل الاجهاد.. انها تعاني من مرض ما لذلك كان من المقترحات ان تجهض حملها طالما كان في بدايته..

وقتها خلافات عصيبة مرا بها... ترفض الإجهاض.. وهو يطالب به.. يتوسلها ... لكنها بعناد و تصميم ترفضه .. تخبره انها مؤمنه وان لن يقع عليها الا ماشاء الله ان يقع... سترتاح... لن تجهد نفسها .. و ستتابع حالتها ساعه بساعه مع الأطباء .. المهم عندها ان ترزق بطفلها بسلام

تمر ايام حملها.. و فارس يحيطها بعناية... حتى عمله في احدى شركات نفط الجنوب كان قد اجله و طلب اجازة مفتوحة حتى يتفرغ لها... يحبها.. بل يعشقها... يعتني عناية خاصة بها.. يشرف بنفسه على جميع أمورها...

والليلة خرج بها يدور في شوارع بغداد لتسليتها... فقد مرت بوعكه صحية اخرى قبل ايام ...صمم على ان تكون طريحة الفراش بها لا تتحرك الا الى الحمام .. تهمس له الان راجية
- حبيبي محتاجه امشي.. والله روحي طلعت انته من جهه و اهلي من جهة.. تقولها حنان بدلال هامس رقيق... فيسحب فارس كفها يقبلها وهو ينتبه لقيادته
- غير نخاف عليج ياعيني... اريد هالحمل يخلص على خير و سلامه و انتي شايفه وضعج الصحي صاعد نازل... تصمت وهي تشعر بالحزن يراودها... يقتل احيانا فرحتها.... تناقشا طويلا حول امرا ما فور وضعها بسلامة... سيسافران معا .. سيضعون لها شريحة حديثه تساعد القلب و تغطي مكان الخلل.. لكن رغم ذلك... حملها من جديد لن يكون امرا محمودا... تتنهد وهي تستغفر فيلتفت فارس لها عاقدا لحاجبيه يتأملها
- محتاجه سوگ؟ لو بس مشي فتقول بتجهم وهي تلتفت نحو نافذتها
- سوگ.. باقي كم شغلة اريدها... يصمت وهو يستشعر ضيقها فيقول بتعاطف
- نروح لمول ***** شرط حنان محل واحد و نتعشى و نرجع... فتلتفت اليه باسمه بشجن... تعلم انه لا يهون عليه زعلها

بعد وقت

يجلسان متقابلين... فرحة بمشترياتها الاخيرة لطفلتها... فقد علمت انها بنتا... و اختارت اسم رغد لها... تسترخي اكثر في مقعدها وهي تستشعر حالة خفقان اوجعتها.. فتقول وهي تدلك مكان نبض خافقها باسمة
- فك النونه شوية... الي يشوفك يگول جابرته يجي... فيتجاوز عن كلامها وهو يسألها بأهتمام
- تعبتي مو.. فتضحك برقة تقول له
- دخيل الله كافي لا نبدي بهذا الموشح فارس.. خلصنا الحمد لله ايام و اجيب بحول الله و قوته.. تذكر الفترة الفاتت الانتكاسات قليلة و اني جنت مرتاحه تماما .هسه احتاج اطلع ... النفسية ترى هواي تلعب دور ... فيبتسم فارس وهو يتقدم بجسده اليها... يحتوي كفها باسما
- والله اعدهن يوم يوم.. لو تدرين شنو ناذر... فتهمس له برقه دامعة العين
- تحبني فارس؟
- روحي بيج و الدنيا كلها تصير سودا بعيني من دونج.. فتمد يدها تضغط على كفه المستريح
- وانته عالمي كله.. كل دنيتي فارس ... الله يتمم علينا فرحتنا برغد حبيبتي.. شگد مشتاقه اشوفها... اشيلها بيدي.. فيرفع فارس كفها يقبله وهو يهمس
- ان شاء الله هانت ما بقى شي.. فتسأله هامسه
- فارس... هم حبيت قبلي؟ فيضحك فارس مقهقها وهو ينظر اليها
- كم مرة سألتي هالسوأل؟
- لان ما اصدگ الإجابة.. قالتها بعفوية
- ولج ..قالها عاتبا بابتسامه ... فترفع كتفيها باسمه وهي تعبث بالشوكه في طبق السلطة الخاص بها... تسمع صوته
- حياتي قبلج عبارة عن دراسة و عمل ويه والدي احيانا.... ومن دخلت الكلية تعلقت بيج انتي و باقي القصة الي كررتها مية مره يمج
- و المراهقه؟ تساءلت ضاحكة.. فيعلم الى اين تريد أن تصل
- عوفج من كلام امي... لان شقى.. فتنظر لها باسمه بنصف عين
- خالة ما تكذب..گالت رسائل و هدايا جانت تجيك... فيضحك وهو يتذكر صاحبتها في سره .. يقول باسما
- مراهقة جانت متأثره بيه
- جيرانكم؟ فيهز رأسه بعجز من الحاحها
فتعود و تصمم برغبة غريبة عليها
- ليش ما ترضى تحجي ؟ خالة تگول جنت كل يومين ترجع بهدية
- جنت اذبهن( اتخلص منهن) فتكمل مقررة
- المهم جان يوصلك شي منها مستمر... يجوز حتى رسائل... فيصمت فارس.. يتذكر صاحبة الرسائل بجديلتها السوداء وقدها المكتنز .. فيعود وهو يضع حدا لفضول حنان
- تزوجت الله يستر عليها.. كانت فترة مراهقه و تأثرت هي بيه دون ما تحس و هذا شي طبيعي... فتصمت حنان تتأمله باسمه . تقول بعد فترة
- انته مراوغ فيضحك فارس بعمق ثم يتنهد بابتسامه قائلا
- ياهالموضوع الي يثير فضولج ولا تملين منه.. فتهز رأسها وقد التمعت عينيها
- خلينا نرجع .. فيبتسم فارس وهو يراقب ملامحها المسترخية.. يعلم غايتها.. تلح عليه للقرب وهو مبتعدا تماما.. يخاف من نفسها عليها..

بعد وقت
تهمس له وهي تضع رأسها على صدره بتذمر
- انته ظالم.. الله راح يحاسبك .. فيضحك بخفة متحشرجه
- اخاف عليج.. الطبيب كان صريح حنان . هانت حبيبتي.. فترتفع تهمس له شيئا باغواء.. و يبتسم هو و يده تتلمس بطنها الناعم.. يردها بثبات
- لا .. شكرا.. فتعض كتفه و يغرق هو بالضحك.. يسحبها اليه بمودة و عشق.. يقبل جبينها يدعو الله و يكثر الدعاء..ورغم كل تصنعه.. الا ان هناك خوفا ما.. يعصر قلبه..
**********
بعد ايام.. احدى الدول الاوربية

تتابع معه كتابة التقرير الذي يكتبه منذ وقت و تضيف معه ملاحظاتها بين حينا و اخر
- الم تنتهي بعد؟ يتنهد بتعب وهو يدلك عينية .. يجيبها بصوت مرهق
- النظام الجديد الخاص بالمستشفى مزعج جدا.. فتومىء بتفهم وهي تبتعد عنه.. تجلس امامه تسأله
- متى ستسافر؟ يعقد حاجبية قليلا وقد تعكرت ملامحه الوسيمة
- لا أعلم... حقا لا أعلم... عقد العمل الذي حصلت عليه لازلت متردد بخصوصه... المستشفيات هناك مختلفة تماما.. وانا دقيق جدا في عملي " هيلينا" أخشى لن لا يناسبني المكان.
- قم بالزيارة اولا قبل اتخاذ القرار.. قالتها بهدوء مراقب
- هذا ما انويه حقا ..لكن انتي ترين ضغط العمل المتعب هنا.. فتوميء بموافقه تامه لكنها تقول مع ذلك بشغب
- أتراك هارب من الزواج الذي كبلت به اجبارا... فيرفع نظرة متغطرسه اليها ثم يعود و ينظر لشاشة جهازه.. يصلها صوته باردا
- الامر منتهي بالنسبة لي .. احتاج فقط للوقت كي تفهم جدتي ان الامر لا يستهويني.. فتضحك هيلينا برقه وهي ترتشف قهوتها
- جدتك التي تضرب بالعصى؟ فيضحك فرات يهز رأسه موافقا
- اتمنى ان أراها.. فيرفع فرات رأسه لها باسما بدعوة صريحة
- تعالي معي... أعلم أنك متلهفه لزيارة العراق... تومىء بموافقة وهي تقول
- مبهورة بها.. والدي يحدثني دوما عن بغداد و البصرة... سكن العراق لاعوام في مطلع السبعينات... لذلك تراه يرحب بك دوما.. قالتها غامزه. فيضحك فرات وهو يعترف ان والد هيلينا يكن له معزه خاصه..
تعود و تسأل بفضول
- هل مدينتك صغيرة.. يبعد فرات جهازه المحمول الخاص بالمستشفى وهو يراقب الوقت قائلا
- صغيرة و بعيدة عن العاصمة... و جدتي ترفض الانتقال للعاصمة .. وانا لذلك في حيرة من أمري
- وخطيبتك؟ تسأله بشقاوة.. فيجيبها فرات ببرود ولا مبالاة
- لا خطيبة لدي.. و ان فكرت في الأمر جديا..ستكونين انتي هيلينا.. العراقية او العربية بشكل عام... لا تستهويني
تضحك هيلينا وهي تنظر اليه تهز رأسها .. تهمس له بعد وقت
- معقد... مالذي ينفرك من الامر؟ الشرقية حسب وصف والدي نبع صافي للحنان وانت ياعزيزي رجلا تحتاج الى الكثير من الحنان و العطف .. مررت بسنين جفاف انا كنت الشاهده عليها.. صمت فرات وهو يتذكر السنوات الاخيرة من حياة والده.. قضاها معه يلازمه وقد انهك والده المرض.. وقد تخلت والدته بكل بساطة عنه.. بزعم انها لا تتحمل الطاقه السلبيه التي باتت تشعرها بسبب مرض والده... يعود من ذكرياته على صوتها و سوألها
- هل رأيتها؟ فيعقد فرات حاجبيه لوهله وقد فقد تركيزه
- من؟
- ابنة عمك.. خطيبتك..
- ليست خطيبتي.. يكرر بنزق فتلح هي بابتسامه
- ابنة عمك..
- رأيتها مرتين فقط.. يقولها متذكرا
- فقط؟ لقد ذهبت عدة مرات للعراق!
- لا تخرج.. اعتقد انها تعاني من اكتئاب حاد ولا ألومها.. العصى من جانب... و الوحده من جانب اخر.. تبتسم هيلينا مره اخرى وهي تراقب ملامح فرات المتجهمه.. زميلها في العمل في احدى مستشفيات العاصمة الكبرى.. مسلم من أب عراقي و ام اجنبية... تعرفت عليه منذ اولى سنوات المراهقه .. وتأثرت كثيرا به و بشخصيته التي صمم والده ان تكون مزيجا بين الشرقية الغيوره الابيه وبين الغربيه المتحرره في جوانب اخرى.. تتذكر والده الذي كان يصمم على دروس الفروسية و المبارزه.. و كم اشتكى فرات من الامر لها مرارا... و كانت هي مسحوره بيئته الشرقية الاخرى.. تزوره مرارا في منزله.. تدرس معه.. فقد التحقا لذات الثانوية... علاقتهما كانت بريئة خالية من اي عواطف مشبوبه.... فهي ايضا تنتمي لعائلة مسيحية ملتزمة.. والدها جراح معروف.. وهو الذي زرع شغف الطب فيها وفي فرات.. بل حتى عملهما الان بتخصص القلب في كبرى مستشفيات العاصمة كان بفضله..
تعود و تتأمل فرات الذي تشعره قد كبر أعواما منذ وفاة والده.. وقد حمل عبأ جدته لأبيه على كاهله دون شكوى .. يثيره فقط امر "خطبته" المزعومة لابنة عمه .. تعود و تسأله باسمه بتفهم
- انا اعتقد انك بحاجه لجلسة مصارحة مع جدتك و الامر لا يتم عبر الهاتف فرات... انت تحتاج للقائها... فيقول فرات وهو يرتشف قهوته التي جلبتها له قبل ان تدخل مكتبه
- أعلم... وهذه نيتي لذلك أنا اتهرب من ذكرها...
- جميلة؟ فيرفع انظارا مستفهمه لها فتوضح هيلينا بأبتسامة
- ابنة عمك.. جميلة؟ يصمت وقتا يحاول تذكرها.. يقول بعد وقت
- شديدة البياض حد المرض.. لمحتها مرة عند زيارتي الأولى قبل وفاة والدي بأعوام.. وقتها سألتها ان كانت مريضه فمنظرها غريب و مرعب جدا..
- سمج و صفيق.. فضحك فرات يهز رأسه مبررا
- حقا لم أعني ذلك.. لم أرى مسبقا فتاة بلونها وقتها... بياضها شاحب وشعرها لونه غريب وقتها كانت تعجن الخبز.ترتظي ثوبا اسود تلطخ بذرات الطحين البيضاء.. ظننتها جنية وقتها.. حتى اني تعوذت من الشيطان فور رؤيتها.. فوضعت هيلينا كفها مرتعبه وهي تسأل
- كم كان عمرها؟
- همممم اعتقد في حدود الثالثه عشر او الرابعة عشر... لا اذكر..
- ثم ماذا؟
تنهد وهو يعض شفتيه يشعر بفداحة الامر الآن
- سألتها ان كانت الخادمة التي استخدمها والدي لخدمة جدتي و ابنة عمي... كانت صامته ترمقني فقط بنظرات ملتمعة لازلت اذكرها.. فتقول هيلينا بتأنيب ساخر
- لا ألومك لتذكرك..فتأنيب الظمير مؤلم.. ينظر اليها بنظرة باردة وهو يبرر
- لم أكن أعلم انها ابنة عمي... شكلها غريب.. كانت انعزاليه حتى انها اختبأت عن والدي..
- مؤكد ستختفي منك طالما أنك اتحفتها برأيك!
- رأي كنت محقا به.. اعتقد انها مصابة بمرض ما.. بياضها شاحب ربما لأنها لا تخرج ابدا... او تعاني من نقص حاد لشيء ما
- و المره الثانية؟ سألت بتحقيق فضولي
- لا اتذكرها جيدا.. كانت بعد وفاة والدي رحمة الله.. كانت متشحه بالسواد مره اخرى .. تتجنب النظر .. لكن للحق.. هي تملأ فراغ جدتي... لها معزة خاصة جدا.. لذلك جدتي مصممة على موضوع الخطبة و انا أراه بعيد
- لما؟ سألته بفضول ثم أضافت قائلة
- الذي فهمته منك انها وصية والدك قبل وفاته و قد خطبها بنفسه من جدتك... تنهد فرات وهو يمسح وجهه بتعب.. يتقدم بجلوسه وهو يرتب اوراقه.. يشعر بتعب منهك فهو لم يرتح منذ اربع و عشرين ساعه..
- الامر تم قبل وفاته و السبب ضغط جدتي الذي اتفهمه جيدا .. لكن لا زواج بالاجبار .. انا اريد امرأه تنافسني ذكاءا.. تحاورني بثقافة.. تعرف حقوقها جيدا... لا ربة منزل مهمتها فقط ارضائي و تربية ابنائي... اغلب الشرقيات خاصة القرويات خاضعات تحكمهن أعراف و عادات.. وهذا ما امقته.. لا اريد امرأه تسلمني زمام امرها بطاعة و سهولة تكون لوحا جامدا في فراشي.. تنفذ اوامري فقط.. رفع رأسه لها مركزا متقد النظرة
- فهمتني! ابنة عمي سأجد لامرها حلا.. فهي لا تروقني
- مغرور.. لو كنت مكانها لما وافقت عليك مطلقا قالتها بجدية
- وهي كذلك.. وهذا افضل لي ولها.. واقعا انها نقطة أعجبتني بها.. ان ترفض بتصميم هذا يعني انها تمتلك اقلها قرارها.. فتمط هيلينا شفتيها تقول بتساؤل
- و يروقك الامر؟
- لما لا؟ انا اكره الشفاه التي دوما تقول بلى..كما يقول الشاعر المعروف.. فتضحك هيلينا تهز برأسها اعجابا.. فرات شاب يستحق الإعجاب.. ماهر جدا في عمله.. شخصيته جادة مرحه.. و حياته الخاصة متزنه جدا.. قريبة منه.. تكاد تكون خطيبة.. الا انه لا يتجاوز معها.. والدها يتأمل خطوبة ما قريبة.. و هي ترى فكرة الاستقرار في العراق بعيدة.. بل شبه مستحيلة بالنسبة لها...

*******
مكان آخر... بلد عربي ... احدى البنايات الشاهقه الحديثه

يجلس مسترخيا في كرسيه وقد شمر عن ساعدية يتابع احدى العقود الحديثه.. بجانبه يقف مساعده يشير اليه ببعض النقاط التي يجب ان تُدرس جديا.. اصبعه السبابه يداعب شفتيه الحاده بتفكير عميق.. يشير لبعض النقاط ايضا بأستفهام وصوت عميق.. فيسرع مساعدة بخبره شرح الامور و تفكيك تعقيدها القانوني له.. بنظرات حادة يرفع عينية تجاه باب مكتبه الذي فتح بقوة... وقد وقفت امامه طليقته غزل.. و خلفها سكرتيرة الخاص ناهرا لها مانعا.. فتنظر الى سيف متجاوزه صوت السكرتير المرتفع خلفها يطلبها التقيد بقواعد الادب و الخروج.. فيهمس سيف بهدوء لمساعدة الخاص
- اتصل بالأمن.. فتنتفض غزل وهي ترى تحرك مساعد سيف نحو جهاز الاستدعاء الموجود على المكتب .. فتفهم بذكاء ما همس به طليقها.. تتقدم مسرعه نحوه تقول بصوت مرتعش واضح
- الله عليك اسمعني.. انطيني فرصة.. احلفك بروح ابنك و ابني .. اسمعني بس ...و اوعدك ما تشوف وجهي بعد.. اني بمصيبة مايدري بيها بس الله... فيصمت سيف يراقبها بأستحقار... و تتوقف يد مساعده منتظرا اشارة منه.. يتأملها سيف وقتا.. يراقب رعشة كفها و احمرار عينيها دلالة ادمانها القاتل المدمر فيزداد حقده و كرهه لها.. يقول بصوت هادىء لمساعدة
- خمس دقايق اذا ما طلعت... تطلب الأمن.. فيومىء مساعده و يخرج مسرعا يسحب السكرتير معه مغلقا الباب خلفه..

صمتا يعم غرفة المكتب.. يتأملها سيف بهدوء عميق غامض.. يراقب حركات يدها المتوتره.. ابتلاعها لريقها وهي تنظر حولها بتوهان كأنها تعلم ان ما ستقوله...مرفوض تماما... يقول بصوت عميق
- راحت دقيقة.. بقى اربع دقايق و يكون الأمن هنا.. و صدگيني اتمنى اشوف شلون تنهانين على ايدهم..فتقاطعة وهي تقترب بهمس
- اهون عليك؟ فتلتمع عينيه بحقد بغيض... كتم انفاسه... سحب نفسا عميقا ونفثه مصبرا لنفسه....معها يجب ان يكون متحكما فهناك تعهد وقع عليه قبل فترة...
- شتردين؟ احجي
- اريد فلوس.. يضحك سيف بسخرية وهو يهز رأسه هازئا.. يستقيم في جلوسه يقول بسخرية
- طلعي غزل.. احترمي نفسج شوية و اطلعي.... فتقترب من مكان جلوسه بلهفه.. تقول له بصوت متضرع راجي
- الله يخليك سيف...اوعدك ما تشوفني بعد.. اريد ***** فيرفع سيف حاجبية باسما بسخرية فور سماعه الرقم... ثم يمط شفتيه هازئا دون النظر اليها.. فتكمل هي مسرعة
- دين... اعتبره دين.... ارجعه الك بس تمر هالمصيبة على خير
يصمت وهو يراقب ساعة هاتفه الحديث... فتعود و ترجوه
- سيف الشغلة مو شقى... مطلوبه المبلغ يقاطعها هامسا دون ان ينظر اليها
- تسممتي بيهن؟ تسقط يدها بقنوط.. و تعض شفتيها بتوتر ... تدور عيناها دون هواده... فيفهم الإجابة... يلامس لسانه أسنانه ببطىء... يبذل جهدا رهيبا للتحكم بنفسه... يود قتلها... يود قتلها... رغبة القتل مرعبة في نفسه...
- شگد صلفه... و عندج عين تجيني؟... ماكفاج ذاك اليوم من جيتي و ردتي فلوس ... حلفتي و انطيتي و عود بعد ما اشوف خلقتج..وهسه واگفه بكل صلافه تردين بعد؟ علمود السم الي تاخذي؟
يسحب نفسا عميقا يتحاشى النظر اليها
- طلعي
- الله يخليك سيف.. يموتوني قالتها برجاء باكي...
- لا تخافين... الي مثلج تبقى بالوحل... لا تنظف ولا تموت.. اجابها بكره شديد
تقترب منه تهمس له بضعف
- بغلاة تيم.. بمعزته عندك..
- طلعي غزل.. لغلاته ومعزته بس... انتي واگفه على رجليج هسه..والا لو عليه انتي من زمان جوه التراب.. روحي للي يتونسون وياج طلبي منهم.. لو شبعوا منج؟
تجن وهي ترمي اوراقه ارضا.. تضرب جهازه المحمول وهو يراقبها ببرود على ذات وضعه
- ابليك والله.. اخليك ترجع تعفن بالسجن... يومىء برأسه وهو يشيح عنها متجاهلا.. فتستمر بصراخها وقد جنت اكثر وهي ترى رجال الأمن يسحبونها خارجا...

الماضي ...قبل اعوام عدة

تجلس بجانب والدها منكسة الرأس... باكية وقد احمرت ملامح وجهها البريئة... تمسح انفها كل حين بالمحارم الورقية ...بعد نقاش حاد متبادل.. عمها احمد يجلس امامها و بجانبه عمها صالح المتجهم دائما.. وهو....سيف.. يجلس بأنكسار تشاهده لاول مره.. فعلمت انها نهاية وضع هو بجداره النقطة فيها.... متغير الملامح... زاده الهم اعواما .. خفقات قلبها مؤلمه ...موجعة..وهي تتأمله خفية عن والدها المتجهم الغاضب..
منكسر.. ترى في نظراته التي يرفعها لها كل حين..رجاءا حارا..و طلبا يصلها بوضوح..للصفح..للغفران..

تسمع صوت والدها مجددا قوي.. حاد
- سيف غفران ما تبقى على ذمتك القذرة لحظة بعد.. كل عذر ما اسمعلك وهاي عمامك گاعدين.. كل مره مالك يمي... فيشعر بتشبث غفران الباكي بكمه... ترجوه دون كلام.. الترفق... الا ان ناصر الغاضب يسحب كمه بقوة وهو يقول ملتفتا عليها
- كرامة ما عندج اذا تبقين على ذمته ثانية وحده...ولج بعدج ما دخلتي بيته جاب مره على راسج؟ ياريت هم بت اصل.. او حسب و نسب... بت شوارع گضى وياها ليلة و تورط.. فيسمع صوت احمد الناهر
- ناصر ماله داعي هالكلام.. اصلا غفران مكانها مو هنا... خليها تروح يم امها...
- لا.. خلي تبقى و تشوف قذارة الي تحبه.... خلي اشوف مصيبة ابوها... الي ربى و تعب و تمنى.... يعود و يلتفت لغفران بحرقه افجعت قلب سيف خوفا عليه
-ولج جايب بت ليل.. بت ليل .. قذرة مثله.. مافاد بي التعب ولا بينت بي الرباة.... رس اعوج لازم ياخذ منه...
يأتيه صوت صالح مهدئا
- ناصر خلي الكلام بينا... طلع البنية خلي نفتهم السالفة شنو
- ما تتحرك قبل ما يرضى يطلگ... اني من شفت وضعه المخربط رفضت ياخذ بنيتي.. بس امها و انتو قنعتوني... سيف ماصان الأمانة.. و شگد حجينا و حذرنا تالي طاح الفأس بالرأس.. بنيتي تسوى راسه.. جايب وحده الله يعلم شنو... فوگاها حامل... حامل قالها مكررا بغضب نافر... يهز احمد رأسه اسفا وهي ينظر لسيف الذي بقي محافظا على نظراته لغفران... يراقب وقع الكلمات عليها... و يشعر بالخسارة... بالهزيمة... فقدها... يرى الان بوضوح حجم خسارته و مقدارها ..خسرهم جميعا
يسمع سوأل عمه احمد
- الي ببطنها ابن حلال سيف؟ فيعض سيف باطن شفتيه بقسوة وهو يرى تشنجها الباكي.. يعود و يسأله احمد بخفوت راجي
- احجي عمي؟ گلي مو ابن حرام ... مو ابن زنا ... فتشهق غفران وهي تكمم فمها و فز قلبه لها.. تمنى ان يدفنها في صدره فقال بحرقة
- خلي تطلع.. فيقول ناصر ببرود متعب مرهق
- تبقى... اريدها تسمع بأذنها ... احجي سيف.. ابن زنا؟ فوگ طيحان حظك جايب ابن زنا..
- مرتي.. مرتي على سنة الله و رسوله قالها بحرقه وهو ينظر بتردد لها
- كفو.. كفو قالها ناصر بأحتراق متعب.. يفتح ازرار قميصه وقد تغيرت ملامحه وجعا... كان يتوسم به خيرا.. كان يظنه عصى شيبه... من سيمسك بكفه و يأمنه على ابنته...خابت آماله....اي خذلان.. واي صفعات بدأت منذ مراهقته المتعبة جدا ..جناها منه..
يهمس بتعب وهو يقف.. يسحب غفران المنهارة بقوة..
- ترديه روحي وياه و خلقتج ما اشوفها.. عايف دراسته و ضيع فلوس ابوه على النسوان و السهر و العربدة... شكو سالفه طايح حظها سواها وهاي جاب وحده ***** على راسج.. شنو الي تترجين منه بعد؟ فهميني.. فتهز غفران رأسها بوجع وهي تدخل في أحضان ناصر الذي فهم اجابتها فيلتفت لاحمد الواجم و صالح الغاضب
- اليوم ترحون لشيخ و تطلگوها... اني و الشاهد الله سويت الي عليه... ردت اصلحه... من اجى قبل سنه وراد غفران رغم كل قذارته وافقت و گلت يعقل... يجي يوم و يعقل.. بس خيب ظني.. خيب ظني و وجعي جبير مايحمله ولا يفهمه احد... عشت عمري ازرع بي و اگول باجر عگبه يثمر... ما جنت ادري الزرع الزرعته كله سوس.. معطوب.. ما منه رجى ....

الحاضر ... بعد ساعات

يجلس بصمت امام قبرا صغير.. يتلمسه بألم .. يمسح على قطعة الرخام السوداء التي نحتت عليها صورة لطفل صغير ضاحك... يبتلع ريقة وهو يشعر بضيق نفسه... واختلاج جوارحه.... يعود اصبعه و يرسم ملامح الوجه الضاحك.. فتلتمع عيناه و تثقل انفاسه .. وينكس رأسه بوجع وقلة حيله.. فقد هده الوجع و ذكرى منظر فلذة كبدة لا تفارقه....

يتبع...
بداية الوجع...

بغداد الحبيبة...

خيبة أمل تشعر بها... و نيران الخسارة تلتهب وسط ضلوعها... أملا سعت اليه... قبسا من نور توسمت به خيرا... تريد الخروج من هنا... ان تبدأ حياة اخرى.... ان تداوي نفسها العليلة... ترضي نفسها الشقية... فلم تعد سوى بالخيبة من رحلة أحلامها التي على ما يبدو كانت زهرية اكثر من اللازم...

تنهض بكسل من سريرها تسحب هاتفها فترى اتصال فائت من عمها احمد... و اتصالين من ياسر الذي حفظت رقمه جيدا.. مالذي يريده منها؟ تشعر انه يحاصرها... يضيق الخناق عليها ... وهي لا تزداد الا نفورا... تراه الان وجها اخر لابيها.. تعقد حاجبيها حيرة وهي ترى رقم امها... و تصمت وقتا وهي تنظر امامها... وقد غامت نظرتها... تتذكر والدتها بوجهها الحنون.. دافيء.. نقي...مريح للنفس...فتبتلع ريقها وهي تغمض عينيها بألم... اي حظا تملك؟ اي مرارة ستتذوقها اكثر؟ والدتها مريضة.. بمرض خطير ربما يقضي على حياتها ... تتعالج منه ... تصارع من اجل الحياة... فهل هذا نصيبها؟ وقت احتياجها لأمها...تغادرها...

تدفن ود وجهها مرة أخرى بوسادتها... تبكي بحزن صافي خالص... وهي تتذكر والدتها.. التي سقطت مغشيا عليها بعد الجدال الحاد الذي دار بينها و بين ياسر... وقتها أصيبت ود بالهلع... الذعر.. وهي تبصر والدتها مغشيا عليها.. لتعلم بعد وقت قصير من زوج والدتها انها مريضة... تعاني من مرض خطير.. بالكاد سمح لها الأطباء بالمغادرة... فحتى إيام تواجدها هنا.. معدودة... يخافون عليها من اي عدوى..فقد انتهت توا من جلسات علاجية مكثفه... و ستجرى التحاليل لها بعد مدة كي يرون مدى نفع العلاج و شفائها...

معلومات هائله عرفتها من زوج والدتها... خلوق و طيب... هرع فورا بلهفه فور اتصالهم به... يخبرونه عن فقدان والدتها لوعيها... وقتها شعرت باليتم الحقيقي لاول مرة... شعرت بالحزن الشديد يجتاح فؤادها... والدتها امامها تصارع المرض.. وهي بلؤم و انانية لم تنتبه لها... لم تنتبه لتحذيرات عمها احمد...

تنهض بعد وقت بقنوط متعب.. تدخل حمام غرفتها.. و تستعد للخروج.. ترفع هاتفها تتصل بعمها احمد
- السلام عليكم عمي.. مشغول ؟ فيجيبها احمد على الطرف الآخر باسم بهدوء
- وعليكم السلام و الرحمه...فارغ حبيبتي و حتى لو مشغول افرغ نفسي.. كم ود عندي
فتهمس له بأحترام بالغ
- الله يعزك عمي.. و يرفع قدرك.. تصمت وقتا ثم تهمس بتردد
- عمي ممكن تمرني
- تدللين بنيتي... تجين يمنا؟ لو تريدين نطلع اني وياج؟ تصمت وقتا .. ثم تقول بحذر
- اريد اروح .... لأمي... فيصمت احمد وقتا... يعلم ان ود في صراع التقبل... انها اوجعت والدتها كثيرا بعتابها و كلاما آخر... لكن لا بأس... لقد أخرجت قيحها و انتهى الامر ..
يشجعها بقوله... باسما
- ونعم الرأي عمي... امج الها حق عليج... لو مهما تشوفين تقصيرها....تبقى امج... الجنة تحت اقدامها... حضري نفسج امر عليج... خلي عشاج وياها ... فتعض ود شفتيها و هي تهمس بخفوت
- و بابا ؟
-اني أبلغه كالعادة وهو هم ما يگول شي لا تشيلين هم.. بس عمي ما اوصيج... من هسه.. اذا ناوية تحرگين گلب امج.. بلاها الروحة... لا تأذيها ترى تكسر الخاطر.. فترد ود بخفوت
- لا عمي.. لا.. اريد اطمن عليها و اشوفها...
- الله يرضى عليج بنيتي و يكتبلج الخير.. قالها احمد متنهدا و هو يستبشر في سره خيرا.. ود نقيه.. ذات احساسا عالي... متيقن انها نادمة جدا لسوء معاملتها لوالدتها

تغلق من عمها بعد وقت.. و تنزل بهدوء الى الاسفل ... فترى انشغال خالتها سعاد ... مع احدى الخادمات المستأجرات... يقمن بترتيب الصالة الخارجية و تعديلها اضافه الى " صواني" الحلوى العربية الفاخرة و التي وضعت بطريقة جميلة.. فتعقد ود حاجبيها بحيرة وهي تتجاوزهن متجهه نحو المطبخ.. فالوقت وقت غداء تقريبا وهي كالعادة استيقظت متأخره

تدخل بعد وقت سعاد محمره من جراء العمل... تمسح حبات عرق على جبينها وهي تستغفر تتمتم بصوت خافت
- اني ويني و وين هالسوالف... حيل ما بقى بيه.. فتسألها ود وهي ترتشف شايها سريع التحضير
- خير خالة.. اساعدج بشي؟ فتنظر سعاد لها لوقت ثم تقول بهدوء وهي تشيح عنها
- لا تشربين جاي على معدة فارغه كم مرة افهمج؟ تسحن روحج سحن ... انتظري الغده .. ربع ساعه و نتغده .. فتصمت ود وهي تعيد كأس شايها.. تضعه امامها... تحترم سعاد.. و تكاد احيانا تشعر بنظرات الشفقه تخصها بها.. تهز رأسها رفضا لتفكيرها و تعود و تسأل
- تحتاجين مساعده؟ عندج خطار العصر؟ تنظر سعاد اليها لوقت ثم تجيبها بهدوء
- أليوم يجون ناس يخطبون مرام .... مرام رادت يجون يمنا هنا و البيت مثل ما انتي شايفة صارلي هواي ما مسوية بي جمعة.. اريدج ويايه .. فتقاطعها ود بهدوء وهي تخفي انظارها..خطوبة مرام!
- رايحة يم امي.. فتتوقف سعاد عن الاسترسال بالكلام... وتعلق حروفها تفاجأً... تصمت وقتا ثم تسأل ود بفضول تحاول اخفائه
- شلونها؟
- زينة.. تريد تحضر عقدي ... لا تعلم لما قالت هكذا.. ربما رغبة منها كي تعرف مرام ان أمورها هي الاخرى في طريقها الصحيح.. وان لا خلافات تذكر...
- يعني راح تعقدون قريب؟ تساءلت سعاد.. فهي بعيدة تماما عم اخبار ود و خطوبتها
- ان شاء الله قالتها ود بتمويه... و افكارها تتشوش لوهلة... تتذكر ياسر و كلامه المبطن وتتذكر رغم كل شيء خجلها منه ... فتشعر ان أمورها تزداد تعقيدا.. خاصة مع وجود امها المريضة الان...

تسمع صوت سعاد متسائلا
- وين گاعده امج؟
- بفندق.. قالتها ود وهي تتلمس كأس شايها ... فتنهض سعاد نيتها سكب الطعام تسأل بفضول
- تباتين هناك؟
- لا.. ارجع... قالتها ود بهدوء.. وكم تمنت بعد ساعات.. لو انها لم ترجع...

بعد وقت..عصرا

تخرج مسرعة كعادتها في الاونة الاخيرة عند تواجد مرام شبه الدائم و والدتها .. لا تود الحديث معهن او حتى إلقاء السلام... علاقه متعبه... لما تقيم لها من الاساس وزنا؟

تجلس مع عمها احمد تراقب الطريق و تراه ساهما بهم.. فتسأله
- شكلك مهموم عمي؟ فيتنهد احمد وهو يلتفت اليها باسما بمودة.. لكنه فضل السكوت.. فأثار ريبة ود... و تساءلت في نفسها.. هل اخبره ياسر بشيء؟ هل اخبره عن رفضها و نيتها بالمغادرة هربا؟ هل اخبره سبب فقدان والدتها لوعيها؟ تشيح عنه.. تنظر من النافذة... لصخب الحياة في الخارج.. يصلها صوته هادىء عميق
- الإنسان ما يعرف رب العالمين شنو كاتبله.. ما يعرف الخير و الشر المضموم اله.. لو يعرف..كان استكثر من الخير.. اية صريحة موجودة بكتاب الله.. و احيانا الإنسان يكره شي كره العمى ..ينفر و يرفض... رغم كل الصالح و الزين بهلشي.. بس يرفضه لجهله... وأحيانا يركض ورى شي و ينشلع گلبه و تالي يطلع شر عليه.. مابي اي نفع و ما يستاهل التعب ولا الجهد الي انبذل .. الي اريد اگوله بنيتي انطي لياسر فرصة.. انطي مجال يتعرف عليج و انتي تعرفي عليه...حقج و حقه و ابدا مو عيب... وغلاتج عمي و معزتج عندي.. لو ادري بي مايناسبج مقدار شعره... كان ما وافقت يتقدملج... كان من يمي نهيته و رفضته... ياسر ابني صحيح... بس انتي عزيزة گلبي.. اريدلج الزين بويه... انطي مجال لياسر يتعرف عليج.. خلي يفهمج و يحتويج.. و صدگي و ثقي و اعتقدي... يوم الي تجين تشتكين منه اني أجبره يعوفج.. ريحي بالي الله يرضى عليج.. و ريحي بال هالمسكينة الي اجت بلهفة وهي ممنوعه من السفر علمودج.. حال الضيم حالها من البارحه..

تبتلع ود ريقها وهي تشعر بالعجز.. ماذا تقول.. ماذا تشرح.. من يفهمها؟ ياسر تشعره كأبيها... اناني.... لئيم..يريد ان يلجم جنوحها... بالضرب.. بالتعنيف.. بأي طريقة اخرى... الا الاحتواء

يوصلها احمد وهو لا يكف عن توصيتها... وهاهي تقف امام باب جناح والدتها مترددة.. حتى فتح على مصراعية لها... فيظهر لها زوج والدتها باسما ببشاشه
- يا اهلا و ياسهلا بودنا كله... تفضلي بابا فوتي ... ماما عينها على الباب تحسبلج الدقايق و الثواني.. ثم يلتفت للخلف مناديا
- اجت ود حبيبتي... خليج بمكانج لا تتحركين ثم يلتفت لود بطبيعيه كأنه يعرفها منذ اعوام
- تعبانه شوية توها اخذت مسكن ... لذلك بابا إذا تشوفيها تغفى لا تخافين... مفعول الدوه... فد ساعه او ثنين يقل تأثيره.. فتومىء ود بموافقة وهي تتبعه... تتوغل في جناح والدتها الانيق... تسير خلفه تحاول السيطرة على توترها و دقات قلبها.. حتى لاحت لها والدتها... تجلس بحجابها على سرير واسع..ناحلة الجسد.. وقد استشعرت ود برودة خفيفة مصدرها جهاز التكييف... تقترب ود من والدتها بحذر حتى وقفت بمحاذاتها... محتاره.. هل تنحني لها تقبلها ام تكتفي بسلام لفظي بارد...وقبل ان تحسم امرها شعرت بوالدتها تجذبها اليها... تحضنها و تشمها بعمق باكي مرتعش هيض مشاعر ود الدفينه ...فتسمع صوت زوج امها يقول بحنان بالغ
- ها!!! شتفقنا ؟ مو گلنا زعل و بجي ماكو نجلاء.. فتشعر ود بالعطف...ولا تقاوم رغبتها. تميل هي الاخرى تقبل رأس والدتها وتشد يدها حولها بعطف بالغ...

بعد وقت

تجلس بجانبها ضاحكه بوجه مرتاح وهي تشير لاخيها الاصغر ذو السبعة اعوام.. والذي كان قبل وقت يرفض النوم ببكاء... طفل جميل به ملامح والدتها المتعبه بجانبها.. وكان زوج امها قد خرج للقاء بعض الأصدقاء تاركا مجالا لكليهما في الكلام و رسم حدود العتاب...

تتنهد نجلاء وهي تسترخي بظهرها على وسائدها..بعد ان اغلقت من اولادها... تراقب وجه ود الجانبي.. تقول لها
- نزعي ماما... عمج ما يرجع الا اتصل بي اني... خليني اشوفج.. فتخلع ود حجابها على استحياء و تبتسم نجلاء بمحبة عذبة وهي تفتح شعر ود... ينسدل ناعما بلونه الجميل فتعبث به يد نجلاء وهي تقول
- لو تدرين هاللحظات شگد جنت اتمناها... احلم بيها و اتخيلها..ما تحسين بكلامي الا لمن تصيرين ام.. كل واحد من عدكم عنده مكان بگلبي.. مزروع بروحي.. ابوج ياود ماخلى للتفاهم مكان .. عنيد والي براسه يسوي.. حرمني منج و سفري بره العراق صار حجه اله.. يعلم الله حاولت.. خوالج حاولوا وياه و حتى عمامج.. اني ما ردت شي... بس فترات متباعدة اشوفج بيها... تتأمل ود الصامته الغارقة بافكارها... تعلم انها منصته لها.. تمسك بذقنها تدير وجهها اليها
- احجيلي ماما.. احجيلي كولشي... لا تگولين امي مريضة.. مابيها تساعدني.. طالما النفس بعده بيه ماما افديج بروحي.. انتي بنيتي.. حسرة گلبي... اني الحمد و ان شاء الله ربي ياخذ بيدي.. اريد افتهم كم شغلة و انتي تعينيني... علاقتج ويه ابوج مو شي؟.. فتبتسم ود بسخرية تهز رأسها وهي تتحاشى النظر حتى لا يظهر المها.. فتستنتج نجلاء سوء العلاقه .. تعقد حاحبيها تتنهد بقنوط مستغفره... تصمت وقتا وهي تراقب ملامح ود التي تقاوم بشدة بكاءا حادا.. تعود و تسأل
- ياسر شنو موقعه..تبتلع ود ريقها فتكمل نجلاء بتساؤل
- ليش احس اكو بينكم شي محد يعرفه؟ بينكم علاقه ماما؟ فتهز ود رأسها رفضا تعود نجلاء و تسأل..
- معجبه بي؟اكو تجاذب بينكم؟؟ تردي لو انتي مجبورة؟ فهميني و خليني بالصورة.. ريحيني الله يرضى عليج... فتعض ود شفتيها..هناك شيء ما يمنعها عن البوح.. عمها احمد.. وكلامه اليها عندما أتى بها إلى هنا.. تصمت نجلاء بتفكير.. تختار ما تود قوله.. تهمس بهدوء متروي
- شوفي لعد ماما.. الكلام هذا خلي بيني و بينج... افهمي و ادركي زين... لان كلام مهم و سبحان الله بوقتها كأن اني كان عندي كل الأمل تكونين يمي... تسحب نجلاء نفسا عميقا و تنفثه بهدوء وهي تعود و تقول
- اول ما وصلت البلد الي اني بي و قدمنا لجوء.. ذكرت بأقوالي اني عندي بنية بقت بالعراق.. بوقتها قدمت اوراقج و معلوماتج.. طلبت تثبيت وجودج.. و لو تسأليني بذاك الوقت و تگولين ليش سويتي هالشكل.. اجابتي راح تكون ما ادري... فعلا ما ادري...اول ما سلمنا نفسنا.. ثبتت عندي طفلة مفقودة... تعود نجلاء للصمت و هي تراقب ود التي استحوذت على ما يبدو على اهتمامها.. تكمل بصوت هادىء
- تردين تجين يمي..هسه الامر أسهل ما يكون.. اني مريضة مرض مميت حسب وجهة نظر الأطباء .. و نظام عدنا بالبلد الي اني بي.. اي رغبة اريدها يحققوها الي.. من باجر اگدر اتصل بالاخصائية النفسية مالتي و تكتب رغبتي تجين يمي لان وضعي الصحي ما يسمح اتنقل علمود اشوفج... وخلال اسبوع او اسبوعين أقصى حد تجين يمي.. بس ....فترفع ود انظارها تنظر بعمق لوالدتها تنتظر ما يلي كلمة " بس" فتكمل نجلاء بتمهل
- بس ما تجين دون رخصة ابوج بنيتي...فتعقد ود حاحبيها رفضا..
فتكرر نجلاء بتأكيد
- ما تجين دون علمهم ورخصتهم.... كلشي يتم بطريقة صحيحة.. ابوج بالضغط يرضى و انتي هسه جبيرة مو مثل قبل طفلة.. ياسر اذا موافقه عليه هواي راح يساعدنا و اني توسمت بي خير.. طيب و الكلام وياه مريح.. اذا عقد عليج ابوج ماله دخل بعد... اگدر أقنعه تجين يمي فترة وحسب ما عرفت من مرة عمج راغدة ياسر درس بره و بعده يروح و يجي.. اخذج يمي فترة ترتاحين و يجوز تبدين تدرسين اذا كنتي شاطرة والج واهس بالدراسة... فتقول ود بخفوت
- ياسر وجه ثاني لبابا لا يغرج.. فتمتد يد نجلاء تبعد شعر ابنتها تضعه خلف اذنها برقه
- ما أعتقد.. هو الي جابنه من المطار عمج ( زوج امها) هواي مدح بي البارحة.... و مع ذلك القرار الج ماما.. فكري بكلامي زين ..والي يريحج بلغيني بي.. حتى لو ما تردين ابن عمج اني وياج ..لا تخافين.... تسحب ود تحتضنها و تقبل جبينها.. ثم تكمل بخفوت ...
-باجر ان شاء الله انطي علم للسفارة و الاخصائية و اوراقج موجودة و مثبته عدهم .. يعني اسبوعين شهر أقصى حد اجيبج يمي ماما إذا مو اقل.. تبتلع ود ريقها وهي ترى ما تقوله والدتها..بعيد المنال.. متأكده ان والدها لن يفرط بها... لن يخرجها من سجنه الذي احكم قفله عليها..و ياسر بديل مشابه ... لكنها فضلت الصمت.. معركتها ستقودها بنفسها... كانت تمني نفسها بالذهاب مع والدتها.. لكن الآن الوضع مختلف... مهما يكن ... هي لا تستطيع تحميل والدتها امرا فوق طاقتها... عاشت وحدها و ستبقى كذلك على ما يبدو...

ومضى الوقت مع والدتها سريعا.. تحدثها عن كل شيء... عن اخوالها... عن اخوتها الكبار... عن زوجاتهم... عن الحياة في الغرب.. و كانت ود منصته بأهتمام.. ترى نفسها مقصية... و تعذر والدتها كثيرا... والدها مُتعِب جدا.. عنيد.. قاسي وهي لم تظن انه سيحرمها تماما من ابنتها...

ساعات مرت لم تشعر بها ود... تبتسم عندما تبتسم والدتها.. تحزن ملامحها عندما ترى شحوبها... و والدتها رغم كل المها.. قوية.. مؤمنه.. ناصحة و عقلانيه.. اتصال ما جائها.. فألتفت الى ود تخبرها
- ماما عمج جوه.. لازم ترجعين.. ليش ما تخلين عمج ابو علي يتصل بأبوج و تنامين يمي؟؟؟ خليج ماما والله گلبي مفرفح عليج... فتهمس لها ود وهي تقف ترتب حجابها و تنحني تقبل خد والدتها و رأسها
- باجر اجيج من الصبح ماما و ابقى النهار كله وياج ... خليني ارجع ما اريد بابا يزعل و يحرمني منج... فتومىء نجلاء بحنان دامع وهي تربت على كف ود .. تقول بحنان بالغ
- الله يرضى عليج ماما و يحفظج.. فتنحني ود مرة أخرى.. تقبل كفي والدتها هذه المرة.. و تعود لتدفن نفسها بين احضانها.. تشد جسد والدتها الهزيل.. اليها

بعد وقت

تجلس متجهمة تماما.. تحاول كتم انفاسها... فعطره مركز... قوي.... كنظراته التي رمقها بها عندما طلب منه الصعود الى سيارته...
كانت قد تفاجأت عند وصولها للسيارة برفقة زوج امها ان ياسر من سيعود بها.. وقبل اي ردة فعل تقوم بها.. رأت ياسر يترجل بهدوء .. يلقي التحية بمودة على زوج امها و بادله الاخير التحايا كأنه يعرفه منذ زمن.. كانت تحبس انفاسها وهي تقف بجانبه... تعقد حاجبيها بتفكير انه هو من سيوصلها... رأته وهو يفتح الباب الامامي لها وهو يكمل الحديث بأعتياديه حسدته عليها... صوته عميق هادىء.. بنبرة رزينه.. انيق جدا وهذا ما يلفت دوما انتباهها.. ولم تجد اي حجة تمانع بها.. هي في حكم خطيبته.. ابنة عمه.. وهو شاب في عرف اهلها لا يبادر للخطأ او العيب... يملك زمام نفسه و يعرف حدوده جيدا..
ركبت وقتها بجانبه.. تعض على نواجذها كتما لغضب استعر في دواخلها.. و خفقان قلبها الذي علا وجيبة كأنه في سباق... لاهث..خافق حتى كاد يخرج من صدرها.. حتى ركب بجانبها و ابتسامة مجاملة ترتسم على شفتيه.. يملأ مكانه حتى شعرته لصيقا بها لضخامته الرياضية..يقود بأنسيابية مريحة لسواها.. وقد التصقت بركنها تود لو كان بيدها القرار لكنهم على ما يبدو يودون التقريب بينهما...

تعود الان و تتنفس ببطىء.. كأنه سيحاسبها على انفاسها.. يصلها صوته العميق جدا وقد آثار قشعريرة ما في جلدها
- ود ...ثم صمت وقتا وقد رفعت هي حاحبيها ترقبا وهي تكاد تخرج من نافذتها التي تنظر منها لعتمة الليل خارجا.. اكمل بعد صمت وقد شعر بتجمدها و اختلاف وتيرة انفاسها كأنها استغربت ندائه
-وافقي لان مو من مصلحتج ترفضين... لا تعذبين نفسج اكثر لان اني مستحيل اتخلى عنج... خلي الامور تمشي بطبيعية .. من دون كلام و ضغط زايد مني... عمي لحد الان يتصرف بشكل حضاري بس اذا يسمع او يدري بتفكيرج حتى لوالدتج يأذيها.. وهي الله يحفظها و يگومها بسلامة ما عايزه.... تبتلع ود غصتها وهي تغمض عينيها بوجع.. ماذا؟ هل ستكون والدتها نقطة ضعفها؟ بهذة السرعة؟ وتشعر لذهولها بأشتياق عارم يقودها نحو والدتها.. اشتاقت مره اخرى لرائحتها ... فتغمض ود بوجع عينيها... وجع باتت تشعره جليّ الوقع كأنها تدرك أين مكانه في قلبها... تود لو تطلب منه العودة الآن.. فهي وجدت الامان في حضن والدتها المريضة... وتعود بوسوسة قاسية تسأل نفسها... هل ستغادرها امها بعد ان شمت رائحتها؟؟التي تشعر الان انها تحتاجها بحرقة .... و لحيرتها شعرت بياسر كأنه قرء احتياجها.. و كأن عقله تلقف رسائلها...اكمل بهدوء عميق ارعش اركانها المتناقضه
- وافقي و كل فترة اوديج يم والدتج... تسوين كلشي تردي بس برضاية و ويايه.. فرصة تدرين كلش زين انتي تحتاجيها.. هاي اذا تردين طبعا تطلعين من الي انتي بي.. و يصمت.. تاركا المجال لمعارك افكارها المضطربة..

- ليش؟ تسائلت بعد وقت لم يكن بالقصير.. و كان صوتها اجشا خشنا لفوضى حواسها.. تحتاج ان تعرف... ان تسمع حتى وان نطق قسوة و حقيقة بشعه..تخاف منها
- انتي ادرى.. اكتفى بهذا قولا.. تاركا المجال لها و لعقلها يصور ما يشاء من أسباب.. اولها...سترها

هزت رأسها وهي تدلك عيونها.. ترقب اقترابهم من منزلهم المشع بأنواره.. عاد صوته واضحا قوي
- راح ننزل.. اخذ رخصة نطلع باجر اني وياج و الوالدة تختارين الذهب... المحلات كلها گدامج وبعدها نكمل الي تحتاجي.. تگدرين تاخذين راحتج انتي و خالة( والدتها) ويجوز امي هم تكون موجودة.. خلي الامور تمشي طبيعي ود لان اولتج و اخرتج الي.. قبلتي او رفضتي... الخيوط كلها بيدي...

ومجددا لا يسمع ردا منها.. تولي النافذة كامل اهتمامها.. يلتفت اليها.. فيشفق قلبه عليها لوهلة.. يراها طفلة صغيرة تتخبط... يود بشدة.... احتضانها
قبلها بوقت قصير

تجلس بجانب والدتها و خالتها التي لا تزال بحجاب رأسها فقد خرج خطيبها و اهله قبل وقت قصير... باسمه..مشرقة .. مرتدية حجابا انيقا بلون كريمي ابرز جمال تفاصيل وجهها المزين برقه شديدة.. جميلة.. بل حسناء مبهرة...نالت استحسان اهل خطيبها.... مهندس من عائله معروفه.. يسكن في الخارج منذ سنوات عديدة.. وقد عاد قبل فترة يود اكمال نصف دينه... فرشحتها احدى القريبات له...ولم تمانع مرام... بل رأت انها فرصة يجب ان تنتهزها... ورسمت لنفسها احلاما و صورا كانت هي البطلة المتفردة فيها... ستسافر الى الخارج.... تسكن معه بلده الثاني... وكم يسعدها هذا الامر و يرضيها... شكله مقبول..و عائلته نوعا ما بسيطه... لكن لا بأس... ما يميزه و جلب حتى موافقتها السريعه .. هو كونه من الخارج... ستغادر العراق...وترتاح...تنفض عنها عبأ اهلها و تعيش حياتها كما تشاء..... واستعذبت بحالمية التمني المبالغ به..وترّفعت سريعا باسقف الامنيات حتى اجزمت تحققها ببديهيه...

يصلها صوت زوج خالتها... الذي وصل توا ...موجها الحديث لوالدتها... وقد جلس مقابلا لها مسترخيا على كرسية المتفرد في الصالة الداخلية

- المهم بنتج موافقه ميعاد و الولد اذا سألتو عليه و تگولين زين..بعد هاي هيه.. لويش التأخير.. خير البر عاجله.. ثم يلتفت لمرام الباسمه بحالمية وردية

- ذهبج هدية من عندي عمي والي تحتاجي طلبي لا تستحين... فتهمس مرام بخجل

-ما تقصر عمو..عاشت ايدك... فيومىء صالح برضى وهو ينظر لجهاز هاتفه يراقب الوقت... فهو يعلم ان ود مع ياسر وانه سيوصلها .. ولم يمانع عندما طلب احمد منه ذلك...

ولم تمر سوى بضع دقائق حتى رأى ود تدخل المنزل ...تسير منكسة الرأس وخلفها مباشرة يسير ياسر..يحتوي ظهرها بنظرة ساهمة حتى توقفت وهو خلفها..

تلقي السلام بصوت خافت... و قد اضطربت خطوتها ..و شعرت فورا بغربتها..في منزلها.. و وحشة غريبة اثقلت انفاسها... تريد غرفتها..حيث عالمها الخاص الامن...فشعرت بياسر يتخطى وقوفها متجها نحو والدها الذي وقف احتراما ....يلقي عليه التحايا المعتادة و يلقي بسلاما فاتر لميعاد و مرام .. التي اضرمت نيران الغيرة و الحسد مره اخرى في نفسها...فور رؤيتها هيبة ياسر و طولة الفارع برجولة فخمة تمنتها في خطيبها.. ترمق باستفزاز ود التي وقفت عند باب الصالة تابى الدخول على ما يبدو... وهي تسمع صوت ياسر معتذرا عن الجلوس ايضا يقول لعمه باحترام

- اعذرني عمي عندي شغلة ضرورية بس حبيت اوصل ود بنفسي... و حيل اتشكر منك على هالفرصة..ثم التفت لود باسما ..يرى وجهها المتصلب و يكمل و عينيه لا تزاح عنها

- باجر بتسهيل الله .. نطلع نتمم امورنا و العقد نهاية الاسبوع ان شاء الله..شنو تأمر ود اني حاضر.. و التجهيزات ان شاء الله تكون مثل ما تحب.. فيقول صالح دون مبالاة وكأن الامر متوقع كتحصيل حاصل

- يابه عليش نهاية الاسبوع؟.. باجر لو عگبه عقدو.. بعدين هي شتحتاج؟ الي تريده جيبه انته... فترفع ود دون ان تشعر نظراتها لوالدها.. وقد اكتستها خيبة الامل.. ومراره قاسية اجتاحتها... فيقرأ ياسر الامر بوضوح جلي.. يزم شفتيه غضبا يتحكم به جيدا..و يلتفت ببرود باسم نحو عمه مره اخرى.. يقول ببطىء و وضوح

- تدلل ود عمي... هي الي تأمر و اني عليه التنفيذ.. فيهز صالح كتفية بعدم اهتمام... و تبتلع ود غصة بكاء قاسية.. بينما شعت عينا مرام بحقد وهي ترمق ود الصامته... ثم تسمع صوت ياسر مجددا يستأذن هذه المره للخروج فيرافقه صالح و تتبعهم ود تأدبا وقد تنحت جانبا تفسح لهم مجالا للخروج... تسمع اصواتهم المتداخله و ترحل بسوأل مرير يضج في نفسها.. لماذا؟

خرج ياسر و اغلق صالح باب المنزل وقد التفت نحو ود التي وقفت على مقربة منه...تنوي الصعود لغرفتها... يقول لها بصوت جاف

- لا تطلبين ولا تتشرطين..شنو يگول عليه ياسر توافقين عليه.. والله ود اذا تماطلتي اهينج گدامه.. حمدي ربج و شكري...قبل بيج.... يتجاوزها والدها وهو يرتطم بكتفها فتسأله دون شعور

- ليش تكرهني بابا؟ فيتوقف صالح على بعد خطوات منها.. و يعود و يلتفت عليها وقد احتدت ملامحه غضبا..

-شگلتي؟

تبتلع ود ريقها وهي تلتفت اليه... تقول وهي تتحاشى النظر..وقد خفت صوتها...و ارتعشت انفاسها

- اني مو بيدي اجيت بنية..

- انجبي( اخرسي) قاطعها بحدة.. لكنها بعقل مغيب اكملت ودموعها تنساب غزيرة

- اني مالي ذنب بابا.. ليش تكرهني.. ليش عمري ما حسيت انته ابويه و تعزني؟ اني احتاج اعرف حتى الگيلك بنفسي عذر... اني ادور.. والله العظيم دوم ادور على شي يشفعلك.. شي يفهمني انته ليش تكرهني.. ليش عمري ما حسيت وياك بالحنان ولا بالابوه..... اسمك بس ورى اسمي بأوراقي.... غير ما حسيت ولا شفت...بابا فهمني بس ليش.. شنو ذنبي الي أجرمته دون قصدي؟قالتها بببكاء مؤلم.. تنظر اليه بنظرات غائمه تماما.. فترى اشتعال عينية حقدا فتكمل بحديث نفس طالما راودها..تتساءل

- اني بنتك؟ من صلبك؟ لو ...وقبل ان تكمل نالت اول صفعة منه.. لكنها اكملت دون اهتمام.. تحتاج ان تعرف

- اذا مو بنتك ليش خليتني يمك؟ ليش حرمتني من امي؟ ليش خليتني اعيش بيتم وامي عايشه؟؟ فيسحبها من حجاب رأسها يقول بجنون

- انتي تخبلتي؟؟ شنو هالحجي؟ لكن ود كانت مغيبة تماما في عالمها... تشعر ان ما تمر به من خيبات كثيرا عليها... تكمل وهي تود اخراج قيحها كله... دون توقف

- اليوم شميت ريحة امي... و حقدت عليك بابا.. حقدت عليك... كررتها ببكاء كأنها ترفض ذلك الاحساس.. فتشعر بهز والدها لها قائلا

- حيوانه هذا جزاتي؟ فترفع انظارها اليه ببلادة وهي تقول

- جزاة شنو بالضبط؟؟ وكلتني؟ شربتني؟ اويتني بهذا البيت؟ على ذني اجازيك بابا؟ سألته عاقدة حاجبيها بتساؤل مرير .. تستأنف بمراره وهو ينظر اليها مستغربا جرأتها الليلة..

- على حقوق انته مجبر عليها لان جبتني لهذي الدنيا.. بابا.. اني وحدي بكلشي... وحدي.. شلون تريد اجازيك؟ تحن على الكل.. واني لا... ليش بابا؟. تصمت باكية ترمقه بأستفهام ثم تكمل بأقرار

- اني مو بنتك.. مو من صلبك.. رغم ان امي شريفة.. امي الي شفتها اليوم زين.. شفت عفتها و تدينها.... امي زين سوت من عافتني.. لان اني جزء مشوه منك.. تهز كتفيها تضرب بحده صدرها و تغرق ببكاء حاد وهي تكرر.. اني جزء مشوه..منك.. فينهال صالح عليها صفعا حتى ادمى انفها و فمها.. تشعر ود انها اخرجت المارد منه... و منها.. تبكي بعويل.. و يشتمها هو و يسبها بقوة و يده لا تكف عن ضربهاو ركلها.. يقول لها بتجريح

- سويتج ادميه... و تاج راسج خليته يخطبج و يرضى بعيوبج كلها... ترى لا عبالج ياسر راضي بيج.. مابيج شي ينحب.. جامدة.. ميته.. كل حياة مابيج.. فتقول له بهستيريا وهي تفقد زمامها.. يغيب عقلها لشدة وجعها و كثرة تجريحه لها.. جسدها تعود على الضرب فلم يعد يهمها.. انها روحها من تأن الان بوجع مميت.. تشعر انها تخرج كل طاقتها.. كل سلبيتها التي اختزنتها بحرص طوال سنينها

- و شاذة و غير سوية.. اني موزينة.. و كل مرة ادعي عليك.. اني ادعي عليك قالتها بتأكيد ...فلا يفهم صالح كلامها.. يشعر بذراع سعاد تدفعه عن ود .. يسمع صوتها مترجيا

- البنية راح تموت بين ايدك خاف الله شجاك صالح... الا ان صالح ينهال بالصفعات غير مبالي و صوت ود يصله.. تدعو عليه.. تخبره انه من يجب ان يمرض.. لا والدتها.. تخبره بجنون عن رائحة والدتها التي شمتها اليوم.. عن حقدها المتعاظم عليه وقتها.. فكان لا يزداد الا جنونا وقد سحب حجابها فتجرح عنقها كله...

يتركها بعد حينا لاهثا.... و تدفعه سعاد بغضب وهي تنحني لود التي سقطت بتعب ارضا.. وقد تبعثر شعرها وغطى ملامح وجهها الدامية.. تمد يدها فترفضها ود.. تزحف حتى تبتعد قليلا ثم تنهض مترنحه.. فتواجهها مرام وقد غامت نظرتها لاول مرة بأسف... تحاول ان تقترب من ود تساعدها الا ان ود رغم ترنحها.. تضرب يدها هي الاخرى... جادت بنفسها تسوي جسدها المنهك الى الاعلى.... حيث غرفتها

بعد وقت

عارية تماما بشعر مبلل..يتقاطر منه الماء.... تجلس في احدى اركان غرفتها الشبه مظلمة. .... تستمع لصوت خالتها سعاد وهي ترجوها ان تفتح الباب... الا انها غائبه في عالمها.. دموعها تسيل بهدوء رتيب.. جامدة لا حياة فيها.. ويعود الصمت يلف المكان.. فالوقت قد تأخر و خالتها سعاد على ما يبدو يأست من فتحها للباب لها ..

تبقى ود جالسه في مكانها.. تنظر امامها و بهدوء شديد غريب... تبدأ بعادتها السيئة... بمجون اكثر و سادية اعمق .. تنتقم من نفسها المتوجعه علها تخنقها... تسرف في خطيئتها و تدخل بموجة غريبة غير مفهومة ينتفض لها جسدها مرارا ولا تتوقف ابدا.. كأنها تلسع روحها.. تهبط بأنتقام من والدها و من نفسها الغير سوية الى الحضيض اكثر.... ترتفع تأثرا عن الارض غائبة الرشد.. اجابت هاتف الرغبة العارمة المرضية.. دون ردع.. ولم تقمع طوالع الشهوة التي احكمت اغلالها حولها دون اتزان.. ترتعش و ترتعش.. حتى سقطت مغشيا عليها

**************************

ذات الوقت.. مدينة شمالية

يجلسون حوله في جلسة سمر كالعادة.. لكنه اختار هذه المره احدى البساتين المثمره الوارفه.... بجلسة عربية مؤنسه وقد صدح صوت ام كلثوم بأحدى اغانيها الشهيرة... تلفحهم نسمات عليلة مشبعة برائحة الزرع الاخضر ... تدار عليهم على غير العادة فناجيل القهوة..

يسحب نفسا عميقا من ارجيلته.. و ينفث الدخان و هو يقول

- بت عمكم منهوبة.. لا يقنعوكم بفصل و فلوس.. فيجبه من يجالسه وهو يرتشف قهوته

- الشغلة مو بيدنا.. عمي راضي و ما يريد فتنه.... فينتفض حامد يصطنع الغضب و الحمية

- فتنة شنو؟ بنيتنا و اخذوها خطف.. ما يغسل العار الا الدم هذا عرفنا.. معليكم بعمكم.. رجال جبير و حقه يخاف.. انتو شباب باجر عگبه يعيروكم .. و اني اعيد و اكرر.. جاهز وياكم بالسلاح و العتاد ولا يهمكم شي

- بس الشيخ مشعان و الدكتور.. يقاطعهم حامد ببرود وهو يرتشف قهوته

- شبيهم؟

- يردون صلح.. اجابه احدهم

فيصمت حامد وهو يعود و يرتشف من قهوته.. يقول بعد وقت بخبث هادىء

- شمايردون براحتهم.. انتو الحق وياكم.. الي ايده بالماي مو مثل الي ايده بالنار.. اخذو بثاركم و الحق وياكم

يصمت الجميع من حوله .. فيحك حامد طرف ذقنه وهو يرى عدم تقبلهم. يقول محفزا

- الشيخ و الدكتور يدورون مصلحتهم و راحة بالهم.. و اني گتلكم اني بظهركم ليش خايفين..

يجيبة احدهم

- نطيناهم مهلة

فيسحب حامد انفاسا متتابعه من ارجيلته.. و ينفث الدخان ببطىء متسلي

- شگد باقي و تخلص؟

- سبوعين ... اجابه احدهم

فيهز حامد رأسه ساخرا وهو يقول

- و هم راح يطلبون مهلة بعد..و الولد ماراح يرجع بالبنية.. و انتو الظاهر راضين

ينتفض احدهم فجذب انتباه حامد

- لا والله ما راضين.. بس خاطر الشيوخ غالي...والا لو علينا نحرگ الاخضر و اليابس.. كسرو عينا.. شلون نرضى؟ فيبتسم حامد وهو يقول بهدوء يحفزهم و يشحن نفوسهم

- و الحق حق... ما ينزعل منه... انتو ولد عمها.... الحق وياكم محد مايفرض شي عليكم و انتو ما تردوه.. لا تنطون مهلة بعد.. لو الولد و البنية مكسورة الرگبه وياه.. لو الدم و الثار من عشيرته.. وانه وياكم اول الناس.. فلوس ما نريد.. نريد غسل العار.. و عمكم المفروض تگدرون عليه و مايعصى رجال جبير عليكم..

فيصمت الجميع.. فلا قول بعد قوله.. وقد اغرقهم بافضاله منذ فترة... يغدق عليهم دون حساب.. فأشترى بالنقود ولائهم وطاعتهم..

**************

قبل ساعات... احدى المدن الغربية

جو شاعري جميل وشاشة كبيرة حديثة تعرض احدى افلام الاكشن التي يهواها حارث.... مسترخي تمام في جلوسه وقد مد قدميه امامه... يلم اليه سارة وقد اتكأت على صدره تتابع بشغف احداث الفلم الحديث... تشعر بيده تعبث بشعرها الذي صففته بعناية اليوم فبات ناعما املس.. تشعر به يلمها بحنان فتسترخي اكثر.. تسمع صوته هامسا

- وكليني عنب.. فتبتسم وهي ترفع حاجبيها.. تكره تدللة احيانا.. الا في اوقاتهم الخاصة.. تشعر انها متعة خاصة تأسره و تنفتنها.. فتبتعد عن احضانه الدافئه.. تقطف حبات عنب اخضر يحبها... تكسر احداها و تضع طرفها على شفتيه.. فيبدء هو بحميمة خاصة بأمتصاصها وعينه مثبته على الشاشه... حتى يلتقمها بعضه نالت من اصابعها.. فتضحك سارة بخفوت ماكر... و تعود لحبة جديدة اخرى.. تفعل بها كالسابق

و كان صلحهما مدوي.. بعد اياما من الزعل.. اعتذر مرارا عن كلامه معها.. و طلبها رجاءا ان تتفهم رغبته بالذرية منها... يريد العزوة لمحمد ولده.. يريد اولادا وهو سيجتهد بالدعاء.. سيبذل كثيرا من العطاء وهو مؤمن ان الله عز وجل لن يخيب رجائه..

تسمع صوته مبحوحا متسائلا

- امورج تمام هسه؟ فتصمت وقتا.. تبتلع ريقها.. ثم تقول بتكذيب

- الحمد لله... كلشي تمام..

- الحمد لله.. قالها بتأمل لملامح وجهها الجميلة ثم يعود و يسألها وهو يرى نظراتها مسدلة... تتحاشى النظر

- گالت شي الدكتورة؟ فتهز ساره راسها مسرعه وهي تقول ناظرة اليه

- لا بس الحمل راح ياخذ وقت لان لازم اتعالج من الاضطرابات... فيومىء متمعنا اكثر في معانيها.. ثوبها بلونه الاسود يفتنه... يجذبها اليه بقوة.. فتعود و تبتسم وهي تسمع همسه الحار و المديح المؤنس المنتظر
- هواي حليانه.. الضعف حيل موالمج.. فتحيط عنقه بدلال وهي تهمس

- غير انته ما تقبل اسوي عملية.. والا جان فعلا شفت غير وحده.. فيهمس بحرارة شغوفة تطرب اسماعها

- والله العظيم بس تولدين احجزلج بيدي باحسن مستشفى تجميلي.. سوي الي تردي..

فتعض ساره شفتيها و تقترب منه هذه المره بكامل عشقها.. تسكت صوت ضميرها...كذبت.. وهذه اول مره لها..
تغدق عليه بحرارة انثى لعوب استغرب لها.. لم يكن يعلم انها كذبت.. وانها بدأت تتحول لسارة... اخرى .. ربما لم يعرفها

***************************

قرب الفجر..بغداد الحبيبة

لا تزال غائبه عن الوعي او ربما اخذتها غفوة من شدة تعبها... ترى احلام ماجنه صاخبة كعادتها... و ترى قطا اسود ينقض على عنقها يعضها... فتفز مرعوبة وهي تشم رائحة غريبة.. تسعل بشدة وهي تبحث عن قابس النور اعلى رأسها حيث رقدت... فتراه لا يعمل... تحتار وهي تسعل بشدة وقد احترق صدرها.... تنهض بألم شديد فضرب والدها قد نال من قوتها... تبحث بيدها عن هاتفها الذي رمته على سريرها فور دخولها غرفتها امس... فتراه هو الاخر مغلق لا حياة فيه..

تزعجها الرائحه التي باتت تزداد قوة و حدة... فتسحب ثوبا قطنيا قصيرا تضعه على راسها و تسرع تتلمس الباب تفتح قفله فيسقط المفتاح منها .. تنحني ارضا وهي تسعل تبحث بيدها عن المفتاح ... تتلمس و تتلمس حتى عثرت عليه في الظلمه و تعود مسرعه تضعه في قفل الباب و تفتحه.. فتلفحها رائحة الدخان الكثيفه بموجه اثارت ذعرها... ترتد الى الخلف شاهقة... تحاول كتم انفاسها...وهي تخرج مهرولة.. تنادي خالتها سعاد التي تقع غرفتها في بداية الممر الا انها لا تستطيع الوصول لها فالنيران مستعره و الدخان كثيف جدا يكاد يخنقها... تضع كفها على انفها.. و تسرع نحو غرفة خالتها منادية وهي ترى انتشار النيران حولها .. تخاف ان تكون خالتها سعاد محتجزه... الا انه يبدو لها انها وحيدة.. لا احد معها..... و يبدأ احساسا بالدوار يشملها و تهاونا في ساقيها يضعفها.. تحاول جهدها اخذ النفس الا انها لا تستطيع.. تشعر بالحرارة تلسعها.. تحرق وجهها .. تشعر بأنسلاخ جلدها من شدة الحر و الوهج هي تبصر النيران مسرعه تتقد حولها... فتزحف الى الخلف بوهن شديد.. تبكي بصمت... و تتذكر انها لازالت على "جنابتها".. فتشهق وهي تبكي نفسها.. ترى نيران مشتعلة بلهب لاسع ... يسمع حسيسها.. مرعبة في توهجها..

اما في الخارج فكان المنظر مرعبا... النيران احرقت المنزل من الداخل و امتدت السنتها الى الخارج عبر نوافذ الطابق السفلي المهشمه.... و قد وقف الجميع خارجا في الحديقه الواسعه.. يشهدون احتراق المنزل كاملا... يحوقلون بعجز مستجير من نار جهنم .. و سيارات الإطفاء لم تصل بعد ..

همهمات متسائله تعلو عمن بقي عالقا في الداخل.. فتبكي سعاد لاطمه وقد خرجت بثوب نومها مكشوفة الرأس.. وقد تلقفها الجيران مساعدين وهم يسترونها بغطاء خفيف.. تصرخ بهستيريا

- بنتي جوه الله يخليكم بنتي بقت جوه بابها مقفول .. وتعود وتلطم وجهها باكية تسرع نحو شباك غرفة ود تقف اسفله فتراه مفتوح و دخان كثيف يخرج منه فتلطم وجهها مره اخرى وهي تنادي بصوت مبحوح

- ود... ود

وهناك ..في الداخل ... حيث تلّهبت النيران الحارقه برعب... جلست في بكاء مرير أقصى الممر المغلق وقد حجزت هناك .... تلوح لها النهاية ... و هي تشعر بغياب وعيها اثر الاختناق.. وقد تسلخ جلدها اثر وهج الاحتراق....

بعد وقت

تقف سيارة ياسر و بجانبه خالد وتقف خلفهما مباشرة سيارة مهاب.... وقد امتلا الشارع بسيارات الاطفاء.. فترجل الاخوة مسرعين نحو منزل عمهم صالح بعد ان تلقوا الخبر من الجيران المقربين.. يرفع ياسر هاتفه الذي يرتج بأتصالات والده المكرره.. فارس مع زوجته في المستشفى و حالتها خطيرة وقد ذهب والديه قبل ساعتين للبقاء معه...

يفكر ياسر وهو يرمق سيارات الاطفاء تطفىء لهب النيران المستعرة.. فيرفض المكالمه وهو يهرول مسرعا يتبع مهاب و خالد.. وقد توقف الاثنان عند سعاد اللاطمة وقد افترشت الارض بعويل تقول بهستيريا لا تتوقف

- ود.. ود فوگ دخيل الله لحگوها.. قافلة الباب.. دگيت عليها كم مره ماكو تعود و تنظر بغياب ذهن نحو المنزل الذي يحاول رجال الاطفاء اخماد حريقه .. فتعود و تضرب فخذها وهي تولول

- راحت بنيتي.. وقبل اي قول اخر التفت كلا من خالد و مهاب نحو ياسر.... يرونه يتجاوز الجميع يدخل مسرعا منزل عمه ...

يتبع...
الماضي... قبل عدة اعوام

تتشبث في عنقه ترفض النزول.. تخبىء وجهها باكية بدلال يفطر قلبه فيهمس لها
- غفراني لازم اروح.. ولج مواعد ولد المنطقه و تأخرت حيل عليهم... الا انها لا تستمع لما يقول بل تتشبث اكثر باكية وهي تجيبة انها تريد أن تذهب معه.. فيعقد حاجبيه محتجا بانزعاج
- وين تجين؟ حتى تشبعين كرصات و عضات.. و اظل اتعارك و اصيح و من وراج تخرب الطلعه.. فيسمع صوت امه شهناز و هي تمر من جانبهما تحمل بيدها صحيفة صغيرة ملئت بخضار ورقية تحتاج الى التنظيف تجهزها لوجبة العشاء.. تجلس في الصالة الداخلية وهي ترى بطرف عينيها سيف الواقف يحمل بيده غفران ذات الثلاثة اعوام و قد التصقت الاخيرة به كعادتها و لفت بقوة ساقيها حول خصره... فتقول شهناز بهدوء
- ماما هي وين تفتهم الحجي من ورى دلالك؟.. نزلها و روح اذا مستعجل حتى ترجع قبل ابوك .. لا تتحجج رحت متأخر و ترجعلي متأخر و تطلع حس ابوك... فينظر سيف بحيرة نحو غفران التي شدت من ذراعيها حوله رافضه النزول قائلا بخفوت
- يوم تبقى تبجي و تشلع گلبي ولا تگوليلي اخذها وياك لان تصير من حضن لحضن.... لو اتعارك و تطلع الروحه من خشمي لو الها ابجيها.... .. فتقول شهناز برجاء تخفيه بمهارة فسيف شخصيته صعبة حاليا بسبب فترة المراهقه التي يمر بها
- ابقى لعد لا تروح.. هسه تبقى تبجي منا لمن ترجع و تتنحس و اني اريد اسوي عشى ابوك.. من الصبح ما شفته من ورى شغله.. فتزداد عقدة حاجبي سيف و يطرق برأسه نحو غفران يقول بتساؤل
- واللعبة؟ متواعدين من فترة و اليوم جاي فريق ثاني من غير حي ؟ فتجيبه شهناز وهي تتمنى بقاءه... ناصر اشتكى من بعض اصدقائه الذين يحيطون به ولا يستحسن علاقة سيف بهم
- قابل هي لعبة بطولة يا ماما.. و اذا تروح هسه شوكت ترجع؟ باجر دوام عندك كم مرة اتفقنا هاي اللعبات خلوها يوم عطلة حتى براحتكم؟ فينحني سيف يقبل خد غفران المحمر الظاهر له و يشم بجنون عنقها الابيض كالجين يهمس لوالدته بارتياح
- شكلها سكتت.. فتجيبة والدته بثقه
- هسه بس تنزلها ترجع تبجي و تدوخني .... شوفها عدها حرارة صارلها كم يوم متنحسه
فيضع سيف شفتيه يقبل جبين غفران كعادته عندما يود ان يتأكد من حرارتها .. يقول لشنهاز و هو يقترب منها جالسا
-عدها حرارة شوية.. ثم يطرق بوجهه نحو غفران التي تراقب شهناز .. وتمد يدها الصغيرة الممتلئه تود مساعدة والدتها.. فيمسك سيف بيدها يقبلها مرارا ثم يهمس لشنهاز
- ما يحتاج اروح.. اعوضها غير مره .... فتخفي شهناز ارتياحها وهي تقول
-زين تسوي ماما... شوفتكم عندي بالدنيا.. ثم تصمت وقتا وهي ترى هدوئه الباسم وهو يلاعب غفران الجميلة كدمية .. فتقول له بنبرة حنونه دافئه
- ماما ابوك كم مرة رادك وياه بالسوگ.. ليش ما تروح ماما من تخلص دوامك؟ هاي ولد عمك كلهم نفس الشكل محاوطين ابوهم الله يحفظهم و يبارك بيهم.. باجر عگبه هالشغل يصير الك.. غير تتعلم و تعرف الشاردة و الواردة يا يوم.. فيزم سيف شفتيه رفضا وهو يقول
- دا اروح مرتين بالأسبوع.. شغل ابويه ما احبه ولا احب ال سوگ ... فتقاطعة شهناز بأمل
- ماما لا تروح للسوگ الجبير.. روح للمحل الثاني ذاك مكانه احلى و منطقته ارتب .. هسه يوم بس اوگف بي.. ابوك خطية ما يلحگ بين السفر و بين المحلات..اقلها من يكون موجود روح حتى رزقنا لا يصير بيد الغرب من يسافر ابوك تبقى انته تتابع .. تصمت وقتا وهي تتامله.. يحتضن غفران سارحا فيها ... تكمل قائله علها تقنعه
- ولد عمك بعمرك جانوا ما يفارگون ابوهم.. من المدرسة للبيت للشغل العصر و يرجعون ويه ابوهم و هاي صلوات كبروا متعلمين الصنعه.. فيقاطعها متنهدا متململا
- يوم اني مو مثلهم لا تقارنين ...فترد متيقنة
- ما اقارن و ادري انته مو مثلهم..كل واحد طبعه شكل والعاقل ماما يختار الزين و النافع... يومك خلي مثمر الله يرضى عليك.. انته تگضي كله بره ويه أصدقائك كل يوم شغلة جديدة مره طوبه ( كرة قدم ) مره جمعات شبابيه والله اخاف عليك يا امي عمرك هذا أخطر عمر لان تشوف الدنيا غير الي نشوفها... يزم سيف شفتيه برفض لما تقوله شهناز .. فهو عنيد معتز جدا بشخصيته... تعود شهناز و تكمل وهي تنظر اليه بحنان

- ابوك ما راضي على بعض اصدقائك.. عدهم عنف و تاركين المدرسة و ابوك خايف عليك لذلك ماما اريدك تخفف طلعات وياهم.. ريح باله ماما الله يرضى عليك.. فيقاطعها سيف وهو يواجهها بالنظرة

- يوم بابا ما راضي على الكل.. فتقول شهناز بتأكيد

- يخاف عليك.. ليش ما تدري بأبوك ماما شلون يداريك؟.. بابا يحبك.. يخاف عليك من الهوى.. فيعقد سيف حاجبية بأحتجاج ...و تتنهد شهناز بتعب.. سيف فترة مراهقته متعبه.. قليلا ما يرافق اولاد عمه احمد.. و يكتفي باصدقاء حوله يعرفهم من المدرسة خاصة و انه طلب بالحاح نقله الى مدرسة اخرى غير المدرسة التي يرتادها اولاد عمه.... ولم يكن بيد ناصر سوى الاصغاء له.. و تغير المدرسة رغم رفضه و عدم تفهمه لطلب سيف...

بعد وقت

تقترب منه وهي تراه ساهما ينظر امامه... يرتشف شاية بهدوء شديد و نظراته منصبه على شاشة التلفاز التي توقن انه لا يعلم ماذا تعرض تحديدا... فهو غارق تماما في افكاره ... تجلس قربه وهي تمسد زنده باسمه ...

- بيمن سرحان حبيبي؟ شايل هموم الدنيا على راسك... فيبقى على صمته لوقت ثم يتحسر وهو يضع كاس الشاي الصغير امامه... فتعقد شهناز حاجبيها باستغراب.... يهمس لها متسائلا وهو ينظر اليها

- ناموا؟ فتومىء شهناز موافقة وهي تراقب ملامح وجهه المغلقه.. و انعقاد حاجبيه كأن هناك امرا معقد ما يشغله.... فتضيف

- سيف گال يقره شويه و ينام.. و غفران انطيتها مسكن و خافض حرارة و نامت لان حيل نحسه اليوم حتى ما خلت سيف يطلع... صمت ناصر وعاد ينظر امامه بهدوء... فعادت شهناز تسأله بمودة

- شبيك حبيبي؟ صاير شي وياك؟ شغلك مو شي؟ اذا تعبان اخذلك كم يوم راحه... العمر يخلص و الشغل ما يخلص... يصمت ناصر وقتا ثم يلتفت اليها بنظره لم تستطع تفسيرها... كأنه يخشى عليها.. يقول ببطىء

- سحر جايه تاخذ سيف... فتعقد شهناز حاجبيها وهي تنظر اليه بعدم فهم... تكرر خلفه بذهول

- سحر جايه تاخذ سيف؟ ابني؟

***************

قبل الفاجعة الثانية بثلاثة اسابيع....

الحاضر... بغداد الحبيبه... احدى المستشفيات الخاصه

تصلها اصواتهم المرتفعه خارج غرفتها الخاصه...نقاش حاد و صوت بكاء و عويل يصلها .. وهي لا تملك سوى الصمت. . البكاء بصمت.. ذعرا تشعر به يخنق انفاسها المتحشرجه..كل شيء بها يؤلمها.. صدرها تشعر به يضيق و يضيق.. فتعود و تتنفس بعمق عبر منفذي الاوكسجين المثبتين في انفها.. تهدىء من روع نفسها بنفسها.. تتذكر تلك المشاهد االمرعبه فتغمض عينيها المنتفخه.. تلسعها ملوحة دمعها.. تعود و تصغي لاصواتهم العالية فيتعاظم شعورها بغربتها و وحشتها بين جدران هذه الغرفة البيضاء الموحشة رغم حداثتها.... ممدة هنا.. ملفوفه بعناية باربطة بيضاء غطت معظم جسدها. و مراهم كثيره غطت جلدها المسلوخ حتى لا يتشوه.. مضادات حيويه تحقن بها كل حين منعا للاتهاب .. و امورا اخرى تعاني منها تركت بقصد التفكير فيها.. . الما ووجع جسدي تشعر به ينهشها دون رحمه.. و رغبه.. رغبه قاتله للاستحمام تراودها كلما رد اليها وعيها و ذاكرتها....

المها الجسدي لا يسكن الا بمسكنات قوية... كل شيئا بها .. مضمد.. محجوب عما حولها. خوفا من التشوهات ... و مجددا تشعر بحاجزا عالي ينشأ بينها و بين الجميع..ورجفة جديدة ما تأخذها و هي تتذكر فعلها.. ماذا لو ماتت قبل توبتها؟؟ هل كانت النيران عقابها؟؟ فيرجف قلبها هذه المره بخفقان سريع وهي تتذكر حسيس النار.. سعيرها.. تتذكر خوفها و وعودها؟ وعودا اطلقتها ببكاء فور شعورها بقرب احتراقها.. تتذكر تلك اللحظات فتغمض عينيها.. تشعر بالخوف.. الذعر.. تحتاج لمن يسكن خوفها.. ترفع يدها فتراها ملفوفة ككل شيء فيها.. خوفا من تشوهها و التهاب بعض حروقها.. اخبروها رأفة و اشفاقا بها ان وجهها سيكون سليما ..كل شيء بمرور الوقت سيكون سليما.... لكن هم يحتاجون الى قص الجلد المتسلخ الذي انتفخ بشكل بشع .. لذلك خضعت لعملية جراحية مطوله.. رقدت فيها بين يدي جراحيين تجميلين في احدى مستشفيات بغداد الخاصه وقد طلبوا ان يضمودها بعد دهن بشرتها المتسلخه بمراهم عديدة خوفا من اثر الحروق .. لا تتحدث... بل لا تستطيع التحدث... . شفتيها متورمه دامية بعض الشيء بأحتقان مؤلم اخبروها انه سيزول بمرور الوقت فما تعاني منه كانت اصابات متفاوته بين التسلخات كالتي اصابت وجهها و بين حروق سطحية توزعت في بقية جسدها.. بسبب وهج النار المستعرة .. التي لم تمسها بشكل مباشر.. اخبروها ان نجاتها بحد ذاتها اعجاز.. و ان عمرا اخر كتب لها.. بينها و بين الموت كان خيطا رفيعا جدا.. اشبه بالشعره.. لكنه قضاء الله و قدره.... رحمته و عطفه... شاءت ان ينقذوها رجال الاطفاء.. و ياسر الذي علمت انه هرع اليها بشجاعه امتنت لها والدتها كثيرا.. و تعود دموعها.. تسيل ببكاء صامت.. ممتن.. شاكر.. تحمد الله في سرها... فتتجدد رغبتها الشديدة للاستحمام وهي تشعر انها رغم الطاف الله عز وجل بها.. لا تزال على نجاستها...

تعود و تغمض عينيها بغية النوم... تحاول جهدها... وهي تدرك جيدا ان هناك ود جديدة خلف هذه الاربطة البيضاء... ود مشوهه.. لكنها و بسادية معتادة.. استعذبت هذا التشوه.. بل شعرته ثمنا لخطيئتها و اسرافها على نفسها الامارة بالسوء.. تكتم بقوة شهقة بكاء.... و تبذل مجددا جهدا للاسترخاء... فكل مايدور هو حديث نفس.. لا يفهمه و يسمعه.. غيرها

في الخارج

تقف نجلاء كاللبوة رغم وهنها و تعبها.... تهمس لصالح الجالس منكس الرأس بكره..

- بنيتي اذا صار بيها شي صالح ابقى عمري كله ادعي عليك... بنيتي شنو شافت من حياتها من وراك؟ دافنها وهي بالحياة و هسه الله يعلم شنو راح يصير بيها.... فيهمس صالح بخفوت

- مابيها شي .. مو سمعتي الدكاترة باذنج عليش هالهوسة.... فتحترق نجلاء تماما ويسحبها زوجها اليه يهدىء من روعها الا انها تنتفض بقوة وهي تقول لصالح

- ود تجي يمي صالح... بعد ما الها مكان يمك... فيرفع صالح رأسه اليها ينظر ساخرا

- اي مو ربيتها لهذا العمر حتي تجين انتي تاخذيها على الجاهز!

فتقترب منه نجلاء بصوت حاقد مبحوح

- شربيت منها؟ فهمني؟ البنية على هالمرتين الي شفتها بيهن متدمرة دمار... كل ثقه ما عدها بنفسها... اغلب وقتها ساكته وهسه كمل عليها الحرگ.. انته ما تخاف الله؟ ترى ورانا موت... اتقي الله و خافه هذا كله الله يحاسبك عليه بعدين .. يصمت صالح و هو يتذكر منظر ود فيعصره قلبه الما.... يشيح عن نجلاء وهو يرى اقتراب ياسر منهم.. ملامحه مغلقه متجلده تماما.. قد عاد توا من دفن زوجة اخية حنان.... ينهض صالح مواسيا فور اقترابه.. فيسلم ياسر عليه بهدوء و يلتفت لوالدة ود التي وقفت تنظر اليه بشحوب متعب قائلة

- البقاء بحياتك يوم و عظم الله اجرك... الله يرحمها برحمته الواسعه... فيومىء ياسر بصمت وهو يشعر بتربيت زوج نجلاء على ظهره ايضا...مواسيا يبادله التعازي الرسميه بمودة و عمه صامتا ... يسألهم وهو يركز انظاره في عمه....

- شلونها ود؟

-نايمه جوه او تمثل النوم.. الله يعينها على الوجع .. تجيبه نجلاء و تجهش ببكاء مرير.. فيقول لها ياسر بتفهم

- خالة اذكري الرحمن... الحمد لله هي بخير و سمعتي انتي بنفسج الدكاترة شنو گالوا.. بقائها حية بحد ذاته معجزه والنار ما متقربة منها.. حتى اختناقها متوسط... التماس الكهربائي جاي من الاستقبال الداخلي.. الحمد لله دفع ماكان اعظم.. فتومىء نجلاء بموافقه وهي تمسح عينيها و انفها تكرر الحمد ... تسمع صوت ياسر يحدث عمه بصوتا خافت هادىء

- ابوية يخلص العزا و يمر لهنا ان شاء الله

- اني رايحله... قالها صالح مقاطعا.. فيكمل ياسر

- خالتي سعاد وصلتها يم اختها مثل ما طلبت.. فيسال صالح مهتما متجاوزا عن ذكر زوجته سعاد...

- شلونه اخوك؟ فيتنهد ياسر وهو ينظر لكفيه.. يتذكر حال اخيه الغائب عنهم تماما.. ذاهل و غير مصدق..

- ان شاء الله يكون بخير.. الموت علينا حق... هم السابقون و نحن اللاحقون.. المهم عاقبتنا تكون خير عمي ....قالها ياسر و هو ينظر بعمق لعمه... فيرى عمه يزم شفتيه وقد تغيرت نظرته.. يشييح عنه وقد وصلته الرسالة..

بعد وقت

يجلسون خارج غرفة ود.. تتحدث نجلاء بصوت خافت متهدج و يستمع اليها ياسر بملامح منغلقه تماما... وقد عقد ذراعية على صدره مسترخيا في جلوسه

- اتصلت بالسفارة هنا... و اتصلت بطبيبتي النفسيه و اوراق ود بديت بيها... اسبوع و تطلع الموافقه بسبب وضع ود و وضعي... بس تستقر حالة ود ما ابقى هنا لحظه.. اسافر بيها لتركيا.. هم اطمئن عليها و هم اطلع من جحيم عمك.. يبقى ياسر على صمته ..ثم يسألها بتأني بعد وقت

- وعمي؟ خليتي بحساباتج خاله؟

- عمك ماله شور بعد... بنيتي و شفت حالها وياه...والله العظيم لو اعرف موتي هنا.. ما اتخلي عن ود... عفتها سنين و هسه رجعت.. بنتي ماخذتها ماخذتها... ما اخليها ثانيه وحده يم صالح.. فيهز ياسر راسه رفضا لما تقول وهو يعتدل بجلوسه يقول

- خاله فتقاطعه نجلاء بقوة.. و يزم ياسر شفتيه بصبر.. يقدر لهفتها و لوعتها

- اسمعني يوم... انته خطيبها... رغم ان ود ود جانت رافضه زواجكم... بس اني اساعدك تعقد عليها... يعني تطلع منا وهي زوجتك.. هاي طبعا اذا بعدك تريدها... و يبقى القرار الك حتى لو بعدين تغير رايك... زواجك منها راح يسهل طلعتها وديا منا... لان عمك ماراح يرفض اذا انته موجود بالصورة.... اما اذا انته ما حاب ترتبط بيها... فأكيد اعذرك و من حقك .. بس يبقى الطريق القانوني المنفذ الثاني بالنسبة الي... و ود لاتنسى بلغت سن الرشد ... يعني ماكو شي يمنعني... بس اني اعرف الاصول وما اريد ود تعاديكم و تقطع صلتها بأبوها... مهما كان هذا ابوها .. يجي يوم و يندم و يعرف قيمة بناته... قالتها باقرار و وضوح

يصمت ياسر قليلا وهو يرى اصرار نجلاء... ولا ينكر انه في داخل نفسه.. يعطيها كل الحق في اي تصرف تقوم به..ود لطالما كانت تعاني من قسوة عمه.. تعنيفه الزائد عن حده.. و حتى يكون منصفا.. قسوة عمه لفتت نظره لود.. والده احمد مرن جدا.. يتحول لرجل اخر مع اختهم حلا.. و عمه ناصر كذلك.. الا عمه صالح.. كان و لازال قاسي الكلمة.. جدا.... يشعر دوما ان ود تستفزه و تخرج به اسوء ما فيه..

يعود للواقع وهو يقول بروية و اقناع

- خالة.. ود ما اتخلى عنها... خطيبتي و بنت عمي... رايدها على سنة الله و رسوله و هسه تمسكت بيها اكثر.. البارحه اتفقنا الحمد لله و هسه ما تغير شي ولا راح يتغير.... اني رايدها خاله... فيرى ترددها لوقت و يرى نظرتها فيفهم ليكمل باقناع

- حتى لو راح تعاني من شي... اني وياها... و اساسا اني رايد نطلع لتركيا اول ما نرفع الشاش( الضماد) اخاف تبقى اثار.. نعالجها رأسا.. بس الي اطلبه منج خاله تنطيني مجال.. الوضع عدنا هسه شوفة عينج.. الحادث الي صار.. و وفاة زوجة اخوية .. غير كثير امور . انطيني مجال و خليج يم ود... لان ود الى الان ما داركه الصدمه.. و هسه صدگيني احساس الخوف و الذعر عدها ستوه بده.. فتوافقه نجلاء وهي تضع كفها على فمها تبكي فيحتضنها زوجها قائلا

- كلامك موزون وليدي و النعم منك.. ابن اصل و يعلم الله ينشد الظهر بيك ..واني نفس رايك.. خلي يمرن هاليومين على خير و احنه باقين هنا ابني.... خليك يم اهلك.. الله يساعدكم و يصبركم...

فيتنهد ياسر وهو ينظر نحو باب غرفة ود... يسرح متذكرا حمله لها... غائبه عن وعيها... كيف اسرع بها خارجا وهو يكتم انفاسه... تعينه مصابيح رجال الاطفاء القوية يستدل بها طريق خروجه..ولا ينكر ان هناك حروقا طفيفه اصابت قدمه و ظاهر كفه.. الا انها حروقا تكاد لا تذكر.. يتحرك نحو الباب وهو يقول

- اريد ادخل خاله... ممكن تدخلين ويايه؟ فتنهض نجلاء وهي تقول بخفوت حزين

- اكيد خالة.. تعال هي نايمه.. انطوها مسكن قبل ما تجي.. .. و يدخل ياسر.. يشعر بالضيق وهو يراها قطعة بيضاء هامده.. لاحياة فيها... فيهز راسه مقتربا.. حتى اشرف عليها بطوله الفارع.. يراقب عينيها محمرة الاجفان.. فيرق قلبه و تضطرب انفاسه للذكرى.. ماذا لو قضت نحبها في الحريق؟ ماكان حالها وهي ترى النيران من حولها؟ يبتلع ريقه و يبتعد.. يقرر قرارات ما... يتخذها بسرعه و تأكيد... يخاف ان تكون هذه الصدمه ذات رد فعل عكسي.. فتعود ود و ترفضه باصرار هذه المره.. و هو بات يشعر.. انه يريدها

ذات الوقت.. مكانا اخر

بكاء يخنقها.. ولا تمتلك زمام نفسها.. فتمطر عيونها بدموعا سخية وعبرة ما تحكم الوثاق على صوتها... تمنعها من الكلام.

تستمع لوالدتها تحدثها عبر الهاتف باكية

- الله يساعد امها و خواتها.. والله ما مصدگين برمشة عين راحت الله يرحمها برحمته و تحتسب شهيدة ان شاء الله .. گلبها ما تحمل رغم الطبيبه گالت الامور كلها جانت تمام بالبداية .. على ساعه كلشي انتهى... تهمس لها حلا بصوت مبحوح

- ليش ما اخذتيني وياج ماما.. اقلها اروح يم رغد... الطفله منو يمها.. تبتلع راغدة ريقها وهي تقول بصوت متعب

- وين اخذج يوم.. انتي شايفه رجلج شلونها... الدور احير بيج .. و ابوج وصى ما تتحركين خطوة وحده... ثالث ايام العزا و من تخف الناس اخذج.. كلها تعرف انتي مسوية حادثه و صعب تتحركين.. تصمت وقتا فتسمع حلا ضوضاء ما بجانب والدتها.. ثم تكمل بعدها راغدة بتنهد

- الناس هواي بين معارفنا و معارف اهل حنان... رغد حبيبتي غفران و مهاب يمها... فارس اصلا مو بالدنيا.. ابوج يگول بغير عالم.. و منا شغلة بيت عمج صالح... ياسر كل وقته يم عمج و يم ود حبيبتي .. منتظره يخلص عزا الرجال و تهدء الامور و يوديني ابوج اطمئن عليها... الله يحفظنا و يستر علينا... فتعود حلا تقول بنبرة باكية

- اذا رحتي صوريها الي.. فتحيلي مكالمة فيديو يوم... اريد اشوفها...فتقول راغده مؤكده

- ان شاء الله يوم .. ان شاء الله.. الله يعدي هالايام على خير...

و تغلق راغدة .. تترك حلا باكية .. وهي ترى ان كل ما يمرون به مؤلما... موت حنان... و احتراق ود... امرين لا تكاد تصدقهما.... وهي لا تعلم... ان هناك وجعا اكبر و اعمق تخبئه لها الايام المقبله....

************

بعد ايام....... بغداد الحبيبه
في حديقة المنزل الواسعه...تجتمع شهناز و راغدة على كأس شاي... يشربونه عصرا كالعاده.... الا انهن هذه المره جلسن واجمات... وقد ارتسم الحزن على ملامحهن... تهمس شهناز متنهده

- الايام هاي غريبة عليّه حيل... كلما امر من يم بيت صالح جسمي يقشعر راغدة... و اتذكر حال ود اتأذى حيل... هالطفله شنو شافت من حياتها... يگولون حتى شرب الماي ما ترضى تشربه .. و كلما انهارت تطلب تغسل .. ناصر يگول صاروا يحقونها منوم لان يعتقدون عدها صدمة متأخره و يمكن خايفة من التشوه لذلك تنهار كل مره و تريد تغسل المراهم و تشوف نفسها بالمراية..... و امها المسكينه الله يعينها عايفه كولشي و باقيه يمها ليل نهار... فتهز راغده رأسها متحسره و هي تقول

- ود دخلتنا بحاله بس الله يدري بيها... احمد الليل ما ينامه و سمعت شاف الها مستشفى بره.. تصمت وقتا ثم تهز رأسها تقول بحزن وقد تفطر قلبها وجعا

- و وليدي فارس حال الضيم حاله.. ويانه و مو ويانه... تصدگين مايرضى احد يهتم ببنته غيره؟... صاير عنده وسواس.. كم مره سوالها فحوصات.. خايف يكون عدها شي وراثي.. طفله صغيره بيده و هو مو بوعيه.. والله شعر راسي شاب على هالكم يوم شهناز.. و گلبي حيل منقبض.. تصدگين يجي المغرب احس روحي ملتاعه.. اتصل باحمد اگوله تعال.. عوفوا الشغل و رجعوا و خطيه يجيني مفزوع.. كل ظنه بيه شي.. بس اني ما ادري شبيه شهناز.. گلبي حيل ضايق.. حيل..

تربت شهناز على كف راغدة وهي تقول بمؤازره ودودة

- انتي مؤمنه راغده و الدنيا دار ابتلاء مو راحه.... اذا على ود ان شاء الله ترجع احلى من قبل و نفرح بزواجهم هي و ياسر و فارس الله يعوضه ان شاء الله و يرحم حنان برحمته الواسعه.. خلي ايمانج قوي حبيبتي.. ليش الي مرينا بي هين؟ شفنا الموت لو نسيتي.. فتغمض راغده عينيها الدامعه وهي تهمس

- شلون انسى.. روحي راحت ويه اولادي.. و بقيت سنين ما مصدگه راحوا من ايدي.. سنين والله يشهد عيني على الباب اگول هسه يجوني... هسه اسمع خبر منهم.. يجوز احمد جان مشتبه.. يجوز شبه على الي دفنهم و گال ذوله علي و جعفر... اوف شهناز... اوف تنهدت راغدة متحسره.. وهي تمسح دموعها تحاول التصبر .. تبتلع ريقها وهي تكمل بوجع
- الله يفرحني بالباقين و يخفف عن وليدي فارس.. بلكت يقتنع يجي يمي هنا ولو هو رافض الفكره تماما و احمد يگولي لا تلحين عليه... خلي براحته وهاي بنته مستحيل يأذيها.. و خلال كلامها تبصر حلا وقد دخلت من باب المنزل الجانبي و خلفها غفران يتبعهم مهاب.. فتقول بخفوت شجي

- الحمد لله اليوم أخذوا حلا تشوف ود.. خطية حيل متأذيه عليها.. ثم تفرغ راغدة مكانا بجانبها وهي ترفع كفها لحلا.. بينما تتابع شهناز غفران الباسمه بخجل و مهاب الذي يهمس لها بأمرا ما يبدو مضحكا.. تسمع صوت راغدة محدثه حلا التي اقتربت من مكان جلوسهن
- تعالي يوم تعالي .. گعدي هنا حتى تمدين رجلج و ترتاحين فتجلس حلا حيث أشارت والدتها.. واجمه تهمس بضيق
- شوكت ارتاح يوم من هالجبيره .. مليت والله.. فتجيبها راغدة وهي تتابع ايضا تقارب غفران و مهاب... وتدعو الله في سرها ان يكمل فرحتهما
- هانت يوم.. اسبوع و نشيلها بس علمود الاربطه مال الكاحل يوم.. ثم تسألها بأهتمام
- شلونها ود؟
- مو ود الي نعرفها يوم.. قالتها حلا بهم وهي تخفف حجاب رأسها الاسود.. ثم تضيف شارحه
- نفسيا وضعها سيىء الدور خايفين يشيلون الضمادات و تروح تأذي نفسها بالغسل ... ان شاء الله يومين و يشيلون الشاش حسب ما فهمت من عمي.. فتسأل شهناز متسائله
- صالح موجود؟
- موجود اكيد.. و خالة نجلاء موجوده اليوم متصله السفارة بيها يردون اوراق ود الرسمية .. و عمي معارض... فتعقد راغدة حاحبيها و تستغفر شهناز بصوت مسموع وهي تدعو بالهداية لصالح... فيكمل مهاب بهدوء متدخلا
- الحل يم ود.. عمي اشترط يعقد ياسر عليها اول قبل أي خطوة بره العراق..... ان شاء الله يعقدون هالايام حتى تسافر لان متعلقه بأمها تعلق غريب.. مثل الطفلة.. فتقول شهناز وهي تسكب له الشاي و تناوله له
- و ياسر؟
- عشتي خاله.. يقولها بمودة ثم يجيبها وهو يضع شايه امامه
- ياسر موافق و مستعد منتظرين بس ود تهدأ شوية.. فتومىء راغدة بتفهم وهي تنظر لغفران الهادئه فتسأل باسمه بحنان
- و انتو ماما؟ ما عدكم اعتراض زواجكم تأجل كم شهر فيجيبها مهاب بثقه وهو ينظر لغفران
- اكيد لا يوم و احتمال هم ما نسوي زواج كبير هاي رغبة غفران... و اني حاضر... شنو يعجبها بكيفها.. بس مو هسه احتراما للمرحومه و لاخوية .. فتقول راغدة وهي تتنهد
- الله يرضى عليكم ماما و يهنيكم .. انتظروا فترة والله يقدم البي خير..
******************

بعد يومين ...احدى البنايات الحديثه وسط العاصمة الحبيبه

يتحدث عبر سماعة البلوتوث المركبه خلف اذنه وهو ينحني على احدى المشاريع الهندسية التي تنفذها شركته الخاصة.. يقول بروية وهو يعقد حاجبيه يخط بقلمه ارقام معينة مدروسه

- يا ابو صفوان الموضوع انتهينا منه و هاي ثاني مره تدخل وساطه و تعرف زين الشغلة يمي ما بيها واسطات... الولد اوراقه ما كاملة شلون تريدني اتوسط و اخلي رأسا طالب ماجستير؟ ناس تشيب راسها حتى تحصل شهادة عاليه و انته تريد بجرة قلم يصير مهندس؟ وين صايره هاي؟ يصمت وقتا وهو ينصت لمحدثه عبر الهاتف.. فيزم شفتيه امتعاضا وهو يستقيم في وقوفه يرمي قلمه بعد اغلاقه...يقول مكررا

- طلبك للمره الثانيه مرفوض... اعتذر ابو صفوان و اتمنى ما ترجعلي بنفس الوساطات مره ثانيه... يصمت قليلا ليكمل بحزم وهو يهز رأسه.. ياهلا بيك.. ثم تمتد يده يسحب السماعه من اذنه وهو يشتم حامد.. يدخل في وساطات غير قانونيه و يزج بأسمه معه احيانا.. يهز رأسه تعبا وهو يقف يضع يديه في جيبي بنطاله الرسمي الرمادي امام الواجهة الزجاجيه ينظر امامه بتفكير.. يصله صوت جاسر من خلفه وقد وقف عاقدا لذراعية
- حامد؟
- لا تجيبلي طاري هالدوني.. شوكت اخلص من شره و لدغه ما ادري.. يقولها قيس بهم وهو لا يزال يولي جاسر ظهره.. فيهز جاسر رأسه وهو يقول
- دا يجتمع ب بستان ال***** داير مدايره ولد ال **** و سهراتهم كل ليلة مالها حد... و الي وصلني نيتهم ما تبشر بخير قيس. اعتقد لازم تسرعون بالصلح لان كل تأخير ما محمود... ذاك اليوم ولد العم حارگين محصول بيت ***** و الناس مالهم ذنب... ذنبهم بس همه من نفس عشيرة الولد.. ولوما ستر الله و الناس الطيبة العاقلة الي هدأت الوضع ..والا جان صارت علوم... يصمت جاسر وهو يتأمل وقع الكلام على اخيه الاكبر.. فيستدير قيس اليه ويسير متمهلا نحو مكتبه الانيق.. يجلس على طرفه وهو يسحب هاتفه الذكي ينظر الى تاريخا مت
- الشيخ مشعان ناوي على جاهه جبيرة و گعدة حگ دخلت بيها شيوخ ثانيه... بينا وبين عشيرة ال**** ثارات ماتت من زمان وهسه بعض ضعاف النفس احيوها من جديد... وهذا ال **** چملها علينا.. نهب البنية.. ضيع حقها وحقه و حق اهله... غبي و اثول..... فيبتسم جاسر وهو يجلس امام قيس مسترخيا .. يقول بمكر
- عاشگ... الله لا يضوگك ناره.. فينظر اليه قيس هازئا لوهلة ثم يهز رأسه وهو يضع هاتفه جانبا يقول بابتسامه
- و منو گال ما ضگنا ولا شفنا؟ بس الله شافوه بالعقل مو بالعين... هاويها للبنية؟ ماكو خلاف.. الگلب و هواه مو بيدنا.. بس يصير رجال و يتجلد و يصبر.. يمشي شيوخ و عشاير مره و ثنين و عشره.. مو ينهزم بيها و يخلي اهله وراه بنص النار؟
- يعني انته مشيت شيوخ للعشگتها.. يصمت قيس يعض باطن شفتيه السفلى يتأمل جاسر بعمق... فينهض من مكانه و يجلس امام اخيه الاصغر... يقول بهدوء
- منو گال ما مشيت و تعنيت.. بس من البداية ما ناسبتني.. صغيرة و بيئتها مختلفه.. جانت حيل راح تعبني و اني بوقتها جنت توني طالع من تجربة بت عمنا.. فيقاطعه جاسر باسما

- و اقتنعت و رضيت؟ والله گلب عندك... فيضحك قيس وهو يخفض عينيه المشتعله.. يتذكرها اخر مره.. شذى عطرها لا يزال عالقا في ذاكرته الحسية... و ملمسها..لين ..لين كالوردة

- اذا مكتوبتلي.. تجيني.. ما انزل نفسي لوحده حتى لو روحي بيها.... هوى گلبي لا يقودني ..ولا يذلني... فيضحك جاسر بقوة وهو يهز راسه .. متعجبا من غرور اخيه الشديد رغم تعدد علاقاته... الا ان ذائقته غريبة تلفت دوما نظره.... فهو ( جاسر) مخلص تماما لمن احتلت قلبه.. لا يرى دونها من النساء... يشعر انه ملكا لها بكل مافيه.. كما هو متيقن انها ملكا له رغم رفض عمه( والدها) المستمر له..يسعى اليها دون كلل او ملل... يؤمن بشدة ان العاشق مخلص تماما.. وان القلب تملكه واحده فقط... لا اكثر... اما قيس فقد عرف بمزاجيته و تغير اهوائه لكنه مع ذلك يعلم ان هناك واحده فقط من جذبته اليها و اراد الارتباط بها فعليا...وقد رفض وقتها اي صلح مع ابنة عمه... حتى ظن الجميع ان التي يحبها هي السبب... حتى طليقته...

يعود لواقعه و قيس يسأله بهدوء وهو يرتب اوراقه و يستدعي سكرتيرة الخاص

- شسويت على الي طلبته منك؟

- جاهز.. بس بقى الاثاث تحب افرشه اني؟ لو .... فيقول قيس وهو يرفع انظاره نحو سكرتيرة القادم

- هي تفرشه... ايام و ننزل لل**** تختار هيه براحتها

فيعود جاسر و يصمت وهي يستمع الى اوامر قيس بخصوص احد المشاريع الانشائيه المهمه التي يلتزمها في العاصمه و احدى مدن الجنوب الكبرى.. يلتفت اايه قيس متسائلا

- جاهز تنزل؟

- اكيد.. لذلك اني هنا... اضبط كم شغلة متوقفه.. و انزل ان شاء الله.. باجرالصبح اكون بمكتبنا هناك و اشوف الامور العالقه لا يظل بالك.. فيصرف قيس سكرتيرة بعد ان زوده بمجموعة من الاوراق الموقع عليها.. يلتفت لجاسر يقول له

- حاول تخلص خلال المهلة جاسر.. اريدك ترجع هنا يمي.. الشيخ يريدنا وياه بعد اسبوعين... يخرج جاسر هاتفه يسجل بعض التواريخ وهو يقول متنهدا
- ان شاء الله خير و التيسير من رب العالمين.. لا تهم.. ثم ينهض واقفا مستأذنا فينهض معه قيس قائلا
- نطلع سوه... نتغدى و بعدين توكل ..

بعد ساعات

يدخل منزله وهو يبحث عنها بعينيه... فلا يرى لها اثرا... يتجه نحو الاعلى بتعب.. فيدخل غرفتهما و يتوقف عند عتبة الباب متأملا.. الانارة خفيفة وقد اسدلت الستائر السميكه بلونها الغامق... فحجبت ضياء العصر ... يعقد حاجبيه وهو يستمع الى اغنية هادئه تنتشر في ارجاء الغرفة المعطره.. و يبصرها تخرج من حمام الغرفة عارية القدمين ترتدي مأزرا قصير بلون بنفسجي غامق ابرز لون بشرتها بشكل مذهل.. شعرها رفعته بمشبك و يبدو انها قصته حديثا فقد انفلت خصلات رفيعة رقيقه من كعكة شعرها الأنيقة.. يتوغل اكثر في الغرفة وهو يبتسم لحركاتها.. تحمل عدة مناشف بيضاء بيدها و تدندن مع الاغنية.. يراها تدور حول نفسها برقصات رشيقة فتدور عيناه حولها... باسما مستمتع... تشهق وهي تراه امامها فتضرب كتفه برقه هامسه
- فد يوم تجيب اجلي قيس .. فيضحك يخبرها وهو يلمها اليه يتنشق عطرها..
- يعني ابد ما حسيتي بيه؟ ولا لمحتيني؟ دقايق صارلي واگف.. فتهز رأسها وهي تميل عليه بدلال تعبث بأزرار قميصه الابيض... قائله
- مشغولة بالترتيب و تجهيز حمامك.. فيرفع رأسه ينظر حوله و يسألها بابتسامه
- مجهزة الغرفه مو بس الحمام؟ فتهمس له بعشق خالص
- صارلك إيام مشغول.. ادللك غير وقبل ان تضيف كان قد رفعها اليه محتويا..

بعد وقت

تتوسد صدره سارحه و هو يقاوم اغفاءه.. فالوقت يقترب من المغرب.... همس لها مقاطعا افكارها
- نمتي؟
فترتفع اليه وهي تنظر الى وجهه المسترخي.. تقبل أنفه الحاد و تعود لشفتيه فلا تكتفي... تهمس له
- لا ..
فيقول لها بأسترخاء
- بيتي ب ***** جاهز.. ايام و تنتقلين يمي.. فترفع لجين حاجبيها ثم تسأله
- وهذا؟
فيفتح قيس عينيه ينظر اليها ثم يستقيم جالسا
- هذا بيتج وصار بأسمج بس اني احتاج تكونين قريبة عليه أكثر.. فتشعر لجين بسعادة ما تغمرها.. و احساسا دافىء ينتشر في دواخلها لقوله انه يحتاجها قربه... لكن تبقى غصة تكسر دوما فرحتها به.. لما لا يعلن زواجه منها؟ تعلم يقينا انه رجل يحب النساء.. وانه معها نوعا ما مستقر... وتعلم ايضا.. بل توطن نفسها دوما ان هناك من ستأتي و تشاركها به.. قيس الى الان لم يرزق بذرية.. وهي مخفيه ( حاليا) عن اهله ... زوجه مؤقته حتى حين.. هكذا كان اتفاقهما منذ البداية..لذلك تعلم انها "ربما" لن تكون ام أبنائه..

تراه يتحرك خارجا من سريرهما يتجه بخطوات متكاسلة نحو حمام غرفتهم فتعود و تستلقي لوقت.. في الاونة الاخيرة شعرت به مشغولا...بعيدا عنها بفكره.. حاولت مرارا جذبه اليها فهي بارعه في تدليله.. تفهم ان هناك أعباء كثيرة على كاهله.. تعود و تعقد حاجبيها تتذكره قبل عدة ايام.. كان لاول مره يرفضها..بل تذكر انه خرج ولم يعد الا بعد يومين وقد عاد لطبيعته معها.. حارا شغوفا يدخلها بموجه هادره لا تهدأ...

تنهض وهي تتبعه.. تؤمن ان قيس يستحق كامل اهتمامها... رجلا يحمل الصفات الحميدة التي تجعلها عاشقه متيمة .. لتؤجل كل شيء آخر لوقته... الان هو معها.. لها وحدها.. لما تزعج نفسها بأفكار.. ربما لا تحدث ابدا
**************
ذات الوقت ...مستشفى خاصة

تبعد فمها بعناد عن ملعقة الطعام... فتهمس نجلاء لها بمحبه و تفهم
- يوم... لخاطري اكلي... مايقبلون نطلع اذا هذا حالج.. فدوة رحتلج ماما ليش تأذيني.. وجهج هذا شحلاته... صافي وكل حرگ مابي بس احمرار و كم مرة گالو يروح.. مراهم و كريمات يوم و كلشي يرجع طبيعي.. حروق ايدج دزينا صورهن لمستشفى بتركيا علمودج و جاوبونا الحالة ما تستدعي.. فترة و ترجعين احلى من قبل.. والله يوم تعبتيني.. اليوم مرتين دخلتي للحمام ولوما ستر الله جان الله يعلم شسويتي بنفسج.. ماي حار ردتي تحرگين نفسج ردود ( مره اخرى) رحمي حالي ود... فتعقد ود حاحبيها و تشعر فورا بألم مزعج.. وجهها مشدود للغايه.. حرقه مزعجه تنتابها كل حين.. يدها لا تزال ملفوفه... الا بقية جسمها قد فك رباطه منذ الأمس.. حروقا بسيطة متفرقه تكاد تكون مخفيه الا انها تشعر ان روحها من تسلخت... لا جلدها الرقيق.... ترى الجميع حولها.. تشعر بهم... لكنها ترفض بشدة و جودهم... تريد والدتها و فقط.. و والدتها لا تقصر.. لبوة.. تدافع عنها بشراسه تبكي لها ود احيانا.... في بادىء الامر كان وجود والدتها يؤلمها... يؤلمها كثيرا.. خاصة عند انتصاف الليل.. تراقب والدتها بنظرات مستترة... تراها رغم مرضها و تعبها معها خلال النهار.. الا انها تنهض للتهجد ليلا.. عندما تنام العيون.. وتتغافل النفوس... ترى والدتها تفترش ركنا قصيا ... تؤدي به صلاة ليلها.. تتهجد.. تتعبد دون كلل.. تقرء بصوت خفيضا شجي بعض السور الكريمة... و تقرء بصوتا محزنا بعض الأدعية فتبكي ود معها... تبكي كثيرا وهي تتذكر خيبتها... كيف ظلمت نفسها... و كيف لرحما طاهر كرحم والدتها.. انجب انسانة مثلها.. ملئتها ذنوبها حتى اعتادتها.. بل .. ادمنتها.. عادة سرية قبيحه ابعدتها عن ربها.. و عيونا شبعت من الحرام حتى تهتكت استار عفتها... اي مبررا تجد لنفسها؟ هل يكفي الحريق كفارة لجميع ذنوبها؟ تحتقر نفسها... بل تكرهها... تكره رغبتها... تكره حرارتها وكل شيئا يطالب بالحب..بها...

ليلا.. على سريرها ذاك.. كشفت لها سوئتها... كشف لها عظم بلائها.. جمعت جميع الذنوب... حتى حدود الزنا.... و كلما تذكرت... لطمت خدها المحترق... و رغبة عارمة بالغسل من ذنوبها تعتريها.. تعود و تسمع والدتها وهي تمسح على شعرها
- ماما.. احجيلي شنو الي يرضيج؟ انتي مو ردتي تجين يمي؟ اوراقج طلعت تقريبا... بس باقي وثيقة السفر تاخذ عشر ايام.... انتي بيدج اذا هالعشرة ايام تصير بره العراق... تصمت نجلاء وهي تتأمل وجه ود المحمر ... فتعود و تكمل برقه شديدة
-ها يوم.. شگلتي؟
تصمت ود فترة... ثم ترفع انظارا ساكنه.. باردة.. لا حياة فيها
- اني موافقه على ياسر.. بس بشرط ..فتستقيم والدتها في جلستها.. و تعقد حاجبيها بأستغراب طفيف ثم تسأل ود بهدوء مماثل
- اسمعج ماما..
- شرطي بيني و بين ياسر.. ينكتب بالعقد ... مارضى بي خلص.. اني بلغت السن القانوني.. نمشي بأوراقنا ماما بشكل رسمي و عادي...
تتأملها نجلاء... فترى تصميما اخافها... تسأل بأستفهام
- شنو الشرط ماما؟ اگدر اعرف.. فتهز ود رأسها رفضا
- لا ماما... اسمحيلي... شي خاص ... قبل ياسر كان بها... ما قبل براحته.. عن هالشرط ما اتنازل... فتقول والدتها لها بأتفاق
- هسه اتصل بياسر أبلغه..
- خلي يجي باجر... و وياه الشيخ... قبل بشرطي رأسا يعقد.. فتهز نجلاء رأسها بحيرة... ترى ود تعود و تستلقي مره اخرى مكانها ... تغمض عينيها بهدوء شديد...

اليوم التالي.. صباحا.. المستشفى الخاص

- شرطج مرفوض و غير مقبول شرعا.. فتهز ود كتفيها بعدم اهتمام .. تتحاشى النظر الى ياسر الذي جلس امامها على كرسي وقد عقد ذراعية متأملا لها.. تلف وجهها بوشاحا ابيض... و قد خف قليلا الاحمرار الذي انتشر في بشرتها... يعود صوت ياسر مؤكدا
- شرعا ما يصير عقد الزواج هذا... راح يكون باطل انتي شنو على منو تضحكين؟ فتعود و تقول له بهدوء بارد
- عندك الشرط الثاني.. اختار بيناتهم...
- انتي تخبلتي؟؟ صار لعقلج شي؟ شنو نمتي و گعدتي و طلعتي بهلشروط التعبانه.. لا الأول ولا الثاني... الاول شرعا ما يجوز و الثاني هم جزء منه ما يجوز و الجزء الثاني اني مالي رغبه بي

فتعود ود ببرود شديد.. تقول له وهي تسند ظهرها على سريرها الطبي
- براحتك... اني بهذي الحالة ماعليه كل عتب بعد..
فتحتد نظرات ياسر ... تحترق بشدة... ينهض واقفا بعد وقت قضاه في تأملها...ينحني عليها هامسا بشيء ما... فتتصلب تماما ...تراه يغادرها بتكاسل فتحتقن عيونها و تسيل دموعها..... كرها له..

******************

مساءا ..مكانا آخر.. احدى البساتين

مكيدة ما تحاك.. ومال حرام يبذل من اجل اراقة الدماء.. سلاح يجمع ونفوسا تشحذ بحقد.. و الهدف ثأر لا أصول له ولا تسنه سنن او أعراف... ضحيته رجال... ليس كمثلهم...رجال
الماضي... احدى مدن الغربية

تجلس بملامح مكفهرة شديدة الوجوم وهي تطهر ظهر ابنها حامد.. تعود و تتمتم بحقد بليغ
- الله ياخذك جاسر.. الله يفجع امك بيك مثل ما اني نفجعت بوليدي .. تصمت وقتا وهي تعض شفتيها ترى اثر السوط الدامي على ظهر حامد فتكمل...
- وابوك شماله( ماذا به) ماصدگ و طاح بيك هبد؟ كأن عدو مو ابو .. شصار يعني؟ على حورها دلال خاتون؟تتعارك علمودها.. فيهمس حامد بقوة
- اريدها... اريدها يمه
- ازوجك شيختها انته بس اقنع.. تقول له مقنعه وهي تشتم والد دلال في سرها..
- اريدها هي دون النسوان..... يعود حامد مؤكدا.. فتضرب والدته فخذها بحقد وهي تقول
- كله من ورى ابن مهين لا بارك الله بي.. ابن الفصلية مخلي رأسه براسك و هم رايدها... وابوك مثل العادة وياه.... شلون مو وياه وهو ابن مهين... عزيزة الگلب... الله يعلم شمسويتله و شساحرتله.. صاير محبس بايديها وهاي تاليتها.... ضحكوا عليك بهالفلم .. باجر عگبه تنسيّ القصة و ياخذها ابن الفصلية.... فيقاطعها حامد بجنون
- والله اذبحه... اذبحه و اشرب من دمه .. ابوي گال لا اني ولا هو و عمي هم قبله گال هالكلام.. فتسخر والدته وهي تبعد الاناء والخرقه الدامية
- نشوف.. فيلتفت حامد عليها بنظرات مشتعلة
- شقصدج يمه
- قصدي ابوك بس حجي .. كبر و خرّف.. الحل والربط بيد الفصلية و ابنها.. لذلك يمه انسى دلال.. ازوجك اربع شيخات اذا تريد... طب للعربان و تخيّر ... اشغل نفسك بالاهم يمه اسمع مني... فيسحب حامد قميصه يرتديه وهو يكتم توجعا مرعبا.. فقد صلبه ابيه لثلاث ايام متواصلة..
- دلال الي غصبا عن الكل والي يمد ايده عليها اكسرها والله والي خلقني... وعمي خلي يفكر بس تفكير ينطيها... موته يصير على أيدي .. و مدلل ابوي انه أعلمه(جاسر) .. بسيطه
فتتنهد والدته وهي تساعده تسأله بحذر
- شسويت على الي وصيتك عليه؟ يصمت حامد ولا يجيب.. فتعود والدته تلح عليه بالسوأل
- شسويت؟
- ما سويت شي.. فتضرب والدته صدرها وهي تقول
- حاير بطيحان الحظ و عايف حقك و رزقك؟ صكوك ما عرفت تجيبهن يحظي؟
ينهض حامد وهو يقول
- اجيبهن لا تخافين فتنهض والدته مولوله
- شماخاف؟ ابوك رجله مدندله بالگبر..المرض متعبه.. يصرف على دواه و على الاستاذ قيس قالتها بتفخيم الصوت استهزائا و اكملت... الا يريده يكمل بره و هذا ابن الفصلية هم على طريق اخوه كاتل روحه على العلم... و انته خليك خير مابيك .... حاير بالمره و عايف رزقك و حلالك.... ولك كلشي ما تحصل ..

يتحرك حامد للمجلس الداخلي صامتا متجهما فتتبعه والدته كعادتها.. تملأ رأسه افكارا و تشحن قلبه حقدا و غل.. تعود و تقول
- الفلوس فلوسي ولك حقي الي اخذه ابوك مني غصب.. ورث ابوي... كله راح يروح ببطن اخوتك وانته خليك حاير بسوالفك.. ابوك الشيخه يريدها لمشعان و قيس ايده اليمين الما تعصاه... و جاسر ويه قيس.. يميل وين ما مال.. و انته ياحظي بره الحسبه... عفت دراستك و گلت اشتغل وحدي .. فيقاطعها حامد ببرود وهو يسكب لنفسه شايا بعد ان جلس متألما منتصب الظهر
- و اشتغلت و شغلي يكسب ذهب يمه
- حتى لو... اخذ حقك من هسه... ابوك ما تحصل منه شي..... يشوفك دوم بعين الصغيرة .. يكرهك و يكرهني..... ثم تصمت تتأمله متسائله
- بيت شقلاوة( مدينة في الشمال) شصار عليه؟
- بعته
- و الگاع؟
- حولت أوراقها... اجابها حامد ببرود وهو يرتشف شايه.. فتربت والدته على فخذه مشجعة وقد سكنت نارها قليلا
- عفيه بوليدي .... عفية .. محد عنده حق يمك.. كلها فلوسك اخوانك ما عايزين كافي ابوك يصرف على علامهم...

ذات الوقت مكانا آخر... مجلس الشيخ

يجلس مع والده بجلسه خاصة... وقد خلا المجلس الداخلي الا منهما.. يرى تعب والده و اجهاده خاصة بعد حادثة ابنة عمة دلال التي زادت من عمر والده أعواما..... يقول لوالده برحمه
- بوية ارتاح و خلي الكلام بعدين.. فيقاطعه والده بحزم واهن وهو يطرق برأسه ينظر نحو مسبحته التي امسكها بيده مسبحا..
- احجي.. فيتنهد قيس عجزا ثم يقول
- بايع البيت.. فيهز والده رأسه بتصبر فيكمل قيس
- و مسجل گاعين بأسمه... مغير بالعقود و السندات..
- الفلوس وين تروح؟ تسائل والده وهو لا يزال مطرقا برأسه
يصمت قيس يعض شفتيه غضبا وهو يتذكر ما رأى و سمع الا انه يسيطر تماما على اعصابه فلا تظهر اي ردة فعل لوالده
- يشتغل بيهن...
- الله لا يربحه..قالها والده وهو يتمتم ثم رفع رأسه لقيس ينظر اليه بتمعن
- غيره؟ لا تغطيله ورب البيت ما ارضى عليك.. يصمت قيس وقتا وهو مرخي اهدابه... ثم يتحدث بهدوء عميق
- عنده شغل مشبوه.. مو كل شغله نظيف..
- لا بارك الله بي.. لا بارك الله بي.. عاف العلم و راح لسوالف رديّه تسوّد الوجه.. هالولد ابتلاء ابتليت بي.. لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.. ثم تسائل مستفهما بعد حين
- هاي غير سوالف النسوان اكيد؟
فيهز قيس رأسه مجيبا
- غيرهن بويه.. فيحوقل والده مجددا وهو يضرب كفا بكف قائلا
- و يريد ياخذ بت عمه.. على سواد وجهه و شين افعاله.. يريد ياخذ هالمسكينة.. عار و نذل ولوما مخافة الله جان دفنته بگاعه على سوالفه المكسرة .. هالولد فرع اعوج .. شما اعدل بي يبقى مايل و اعوج... يبقى قيس صامتا وهو يرى تأثر والده.. و يعلم بكامل الاقتناع ان والده لم يقصر مع حامد رغم جميع أفعاله المشينه.. اغراه كثيرا من اجل إكمال تعليمه.. و اراد مرارا تزويجه الا ان حامد يرفض.. ناقما على والده وعليهم جميعا منذ ان هجر الشيخ والدته و أقصاها بمنزل منفرد بسبب كثرة المشاكل... يسمع صوت والده يحدثه مجددا
- خلي الامور هاي بيني و بينك..ماريد مخلوق يعرف بيهن ... يومىء قيس بموافقه صامته فيتأمله الشيخ فاضل وقتا ثم يسأله
- شصار على موضوع بت عمك؟ الله ما يهديك و ترجعها.. فيرفع قيس انظاره لوالده يقول بثقه
- لا بويه.. ما تلزمني.. المره المتصون سر رجلها مالها مكان عندي و بت عمي حذرتها كم مره.. بس شسوي عقول نسوان.. لا تعرف عيب ولا مستحى.. الله يوفقها و يستر عليها.. فيهز الشيخ فاضل رأسه وهو يرتب عبائته.. ثم ينهض واقفا يتجه لداخل المنزل...

بعد وقت

يدخل جناحه مرهقا.. قد اسود وجهه من التعب.. فيرى امامه مهين باسمه بحزن تستقبله بلهفه وهي تساعده بخلع عبائته عنه.. تقبل كتفه بمودة و احترام شديد تهمس له

- گوه حيلك..

- ويگويج.. ثم يتجاوزها نحو مهجعه.. يود الاستلقاء.. مصيبته بحامد كبيرة وهو رجل عرف بالصلاح و التقوى.. يشعر بأن سواد حامد يطاله و سيطال ابنائه من بعده.. كيف يتصرف معه؟ هل كانت والدته رحمها الله محقه عندما اخبرته انه ساهم في شخصية حامد الحاليه؟ انه لم يحتوي بذرة الشر التي نمت في حامد منذ الصغر؟ لا يزال يذكره طفلا يحب اثارة الفتنه.. ينقل الكلام و يكذب احيانا.. به خبث لا يفهمه الشيخ.. هل نظمية هي السبب؟ ام غيابه بسبب مشاغله و كثرة اعبائه من ساهمت بشخصية حامد المتفردة دون ابنائه؟ يستغفر الشيخ فاضل ربه كثيرا وهو يستلقي بهدوء.. فيرى مهين تهرع مسرعه.. ترفع قدمه عن الارض و تعينه في الاستلقاء وهي تهمس بقلق

- شيخنا صاير شي؟ وجهك تعبان ما يتفسر.. ينظر الى مهين لوهله وهو يتذكر دفع حامد لها متعمدا عندما ثبت حملها اخيرا بعد اعوام عديدة من المعاناة من اسقاطات متكررة.. يومها كانت مهين قد دخلت توا شهرها الرابع... وقتها قدم الشيخ فاضل الاضاحي ابتهالا الى الله عز وجل وشكرا لنعمته عليهم... و كان كلما مر شهر على حملها.. فداها بذبحا جديد... وقد منعها من الحركه بل امر ان ترقد السرير ... لكنها يومها اضطرت الخروج من سريرها فرحه بنجاح جاسر بتفوق من المرحله المتوسطه..وقتها وصله الخبر وهي في مجلسه ان حامد الذي كان يقوم بزيارة جدته صفيه رحمها الله .. من دفع مهين من على درجات السلم الاخيرة.. و اسقطت مهين.. و انتهت باضرار جسيمة فرص حملها..

ذلك اليوم لا ينساه الشيخ ابدا.. فوالدته رحمها الله من وقفت امامه تستحلفه ان لا يعاقب حامد.. ان يغفر زلته.. مراهق لا يعلم عواقب تصرفه..لايقصد الاذيه .... الا ان الشيخ فاضل يومها ادرك ان لابنه نزعة اجرام مرعبه اخافته.. ورغم كل تعنيف الشيخ اللفظي الا ان حامد بقى على جسارة نظرته و صلافتها.. كأنه لم يقدم على امرا عظيم.. ازهاق روح جنين بريئه..

و تكررت احداث عنفه.. تارة يضرب الفلاحين لديهم دون سبب.. و تارة يتشاجر مع جاسر بشكل عنيف متعب له.. ولم يكن يفهم سبب العداء المتعاظم.. فالشيخ عادل... عادل مع الجميع.. حتى نظمية كان يواظب على زيارتها.. يرعى امورها بنفسه.. و يغدق على حامد.. يحقق له جميع رغباته.. وقتها انصت الشيخ لكلام والدته رحمها الله.. عندما اخبرته ان يعتمد على حامد في بعض اعماله.. ان يعطيه بعض الشأن بين اخوته.. عسى ولعل ان ينصلح حاله.. الا ان العكس كان هو الصحيح.. بدأ حامد بسرقة مبالغ بدأت صغيرة لا تكتشف.. ثم ازدادت بمرور الوقت.. وخابت مجددا امال الشيخ فاضل.. و يأس من اصلاح حامد.. رغم الحاح والدته الحاجه صفيه وقتها و تصميمها على المحاوله معه دون كلل.. فقد شعر الشيخ انه استثمر مع حامد جميع الحلول و الفرص.. حتى انه رغب بتزويجه ظنا منه ان الامر فيه صلاح لنفس حامد المريضه.. يومها و لنكبة الشيخ.. اختار حامد ابنة عمه دلال.. رغم ان حامد يعلم يقينا ان جاسر يريدها له.. بل يعلم ان جاسر جاء والده الشيخ مرارا يطلب منه ان يتقدم لابنة عمه رغم حداثه سنه.. وكان الشيخ فاضل يعده دوما انها له.. عليه فقط ان يهتم بدراسته..

يتنهد الشيخ فاضل وهو يغمض عينيه.. يرخي رأسه على وسادته وهو يقول لمهين بخفوت

- تعبان شوية.. لا توعيني ( توقظيني).. فلا يسمع منها قولا.. يفتح عينيه يبصرها بشبه اغماضه.. يراها متردده تفرك كفيها.. يسألها و هو يعلم

- اكو شي؟ فترفع عينين دامعة له.. فيرق قلبه بقوة لها.. كريمة.. صبورة... لا يكاد يسمع لها صوتا

- جاسر وليدي؟ فيسحبها اليه يدفن وجهها في صدره يشعر بنشيجها فيقول برأفه

- لا يظل بالج اخذه قيس يمه.. فتهمس له همسا مكتوما

- تربية ايدك و عصاك الماتعصاك شيخنا.. وليدي صبر و يريدها لبت عمه وانته من زمان تدري.. گلبه انشلع عمت عيني و تالي عمه يحلف يمين ما ينطي.. وليدي شحال گلبه هسه

يتنهد الشيخ فاضل معتدلا بجلسته يجلسها بجانبه.. لصيقة به يهمس لها بخفوت

- سبع و ما ينخاف عليه...وجان لازم اسوي هيجي لان هو موجود بالموضوع و معروف للكل يريدها هو هم.. واني لو عندي بنية و صار وياها نفس الي صار ويه دلال جان شلتها و زوجتها من ساعتها.. و ولا انطيها لولد عمها... صبري مهين.. صبري .. فتقول مهين بصوت رقيق متحسر

- و وليدي شيصبره؟ شيخنا اخاف ابو دلال يسويها و يزوجها.. والله وليدي يتخبل و يطير عقله! تدري بي روحه بدلال.. فيربت الشيخ فاضل على كتفها وهو يعود للاستلقاء

- لا تخافين.. صارت .. قيس يحجزها لنفسه.. منا لمن نشوف حل.. حامد متعبني مهين.. متعبني و محيرني هالولد.. شعره بيني و بينه و اخاف حتى هالشعره تنگطع.. فتصمت مهين وهي ترى مدى تعب الشيخ.. لا تريد الحديث اكثر.. طالما جاسر في حماية قيس... فلن تهتم.. ولن تقيم الامر من ارضه.. تعلم و تشعر بلوعة الشيخ.. فمهما يكن.. حامد ولد من اولاده.. جزء منه.. رغم كل عقوقه.. تعلم بأن الله عز وجل ينصفها و ينتصر لها..

الحاضر.. المدينة الغربية

يخرج من حمامه.. يلف منشفته على وركيه فيبرز جذعه العضلي رغم نحوله.. طويل القامه وسيم بجاذبيه مفرطه.. عيناه متقده دوما.. حاده و مرسومه بشكل ساحر... وهناك اثر ما شق حاجبه الايمن.. اثر عراك بينه و بين اخيه حامد..فزاد من نظراته التي يخفيها بجدارة.. شقاوة لا مثيل لها... لحيته دوما خفيفه.. و شاربه المشذب يلفت النظر لشفتين حادتين تبتسم تهكما احيانا كثيره... فهو من النوع الهادىء.. المتزن جدا.. يقيم وزنا للحرف قبل الكلمة..... يتجه بكسل نحو خزانته... يرتدي ملابسه و يخرج حقيبة سفره و بعض الاوراق المهمه التي نسيها هنا قبل نزوله لبغداد...

فيشعر بباب غرفته يفتح.. و تدخل والدته تحمل بيدها عدة اغطية بيضاء رمقها جاسر بنظره باسمه شغوفه.. فوالدته تطرز القطع من اجل زفافه.. ملاءات ومفارش حريريه .. لا تتعب من تطريزها و جمعها.. و يبدو انها انتهت من وجبه جديده تود تخزينها في خزانته الكبيرة...

تشهق والدته وهي تتسمر بباب الغرفه تنظر اليه باستغراب ثم تقترب منه متسائله

- هاي شجابك يمه؟ مو على اساس نازل ل****... فيبتسم جاسر بمحبه صافيه وهو يقترب من والدته.. يقبل رأسها وهو يقول

- نسيت اوراق مهمه... گلت امر اخذهن و اطلع منا ان شاء الله.. جيت لگيتج ماكو.. قالها وهو يكمل وضع اغراضه في حقيبته .. فيلتفت لوالدته يرى ارتباكها و صمتها وهي تنظر خلفها.. و يستمع لصوت ما رقيق يصله دون وضوح.. فيشعر بانتعاش غريب.. و تلتمع عينيه بفرح غامر.. يخطو مسرعا نحو والدته يمسك يدها متوسلا

- حلفتج بالله... حلفتج بروح الغالي شيخج.. لا تحجين.. بس اشوفها يمه.. بس اشوفها .. فتصمت والدته وهي تعود تنظر خلفها تهمس له بأشفاق

- يمه تدري بيها ما ترضى فيتجاوزها جاسر محموما... يتجه نحو الصوت.. وقد عرفها.. دلاله.. كيف لا يعرف صوتها الرقيق الناعم.. وفور خروجه للصاله ابصرها امامه... تحمل بيدها عدة صحائف لسكب الطعام.. قائله بتفكير دون ان ترفع نظرها

- اظن ذني كافيات... فيقول لها بحميمه وعيناه تلتهمها يتقدم منها ببطىء متلهف... يتشرب منها كل التفاته و حركه.. و عيناه لا تحيد عنها..

- اخذي بعد .. البيت و صاحب البيت گدامج....بس لخاطر الله رفعيلي وجهج.. خليني اشوفج ...فتفزع دلال وهي ترى جاسر امامها.. يتقدم باحتواء صاخب... فتلتفت حولها بقلق كامل ثم تضع الصحائف على الطاوله امامها تنوي الفرار.. فيعود جاسر يقول لها بخفوت شجي باسم وهو يرى تخبطها حيرة و خجل

- وين..وين ..فلا ترد عليه انما تزداد حدة انفاسها وهي تخفض انظارها عنه تبحث عن مهرب منه وقد احاطها فاتحا ذراعيه يسد عليها طريق هروبها ... فتشعر دلال بالذعر رغم المسافه الفاصلة بينهما.... شعرته قربا حميميا افزعها و ضجت له فرائصها .. فهمست برجاء باكي وهي ترى تمايله معها اينما مالت

- الله يخليك جاسر... فيتأوه جاسر مقاطعا يضع يده على قلبه الخافق بجنون وهو يهمس بصوت اجش خافت وقد التعمت عينيه بخطوره منتشيه

- ولج لا تگولين اسمي .. هالشفايف.. وقبل ان يكمل ضربت دلال خدها المشتعل برقه اذابت فؤاده وهي تهمس

- عزه عزه اني شجابني لهنا... شجابني..... و ترى تقربه و لا تزال بينهما خطوات.. فتعطيه ظهرها وهي ترتب حجابها تحمد الله انها لم تستغني عنه.. فبيت جاسر هو جزء حديث تم بنائه منذ عدة اعوام يتصل بشكل داخلي عبر باب يفصل بينهم و بين بيت الشيخ ..

تسمع صوت خالتها مهين فتلتفت مسرعه .. تمر من جانب جاسر كاتمه لانفاسها تتحاشى النظر اليه وهي تستمع لوجيب قلبها الخافق و انفاسها التي ضاقت لدرجه اخافتها.. حتى احتمت بظهر خالتها مهين التي قالت بحزم

- انطي درب يمه البنية راح يغمى عليها ... فيلتفت جاسر الى والدته باسما بعشق صافي يبحث عن دلال فيراها محمره.. مختنقه تختفي خلف والدته.. بل ملتصقه بها.. فيهمس دون وعي

- ماي عيني هاي و شريان گلبي...ريت الاذى بيه ولا بيها ... فتقول والدته بنبرة عاتبه وهي تشعر بتصلب دلال خلفها

- عفيه عليك يمه... دسويلها درب... . لا تأذيها خليها تمر.. فيتنهد جاسر وهو يمسح وجهه .. يسترق نظره اخيرة لها فيراها على وشك البكاء.. يشيح عنها يوليها ظهره و يبتعد عن باب الخروج من الصاله.. يهمس بشجن

- خلي تمر يمه.. خلي تمر.. فتسرع دلال مغادره تكتم بقوة شهقة بكاء.. قلبها متفطر.. تريده و تريد رضى والدها.... فأي معادلة صعبة لا تجد لها حلا...

بينما بقي جاسر واقفا وقد اغمض عينيه لحظة مرورها السريع... يعلم انها تعهدت لوالدها ان لا تاتي لبيت الشيخ وحدها... بل ان لا تخرج او تجتمع هنا ابدا...خوفا من لقاء جاسر و اشتعال نار القيل و القال من جديد ... فحامد منع منذ زمنا طويل من دخول منزل الشيخ.. منذ حادث دلال و بهتانها.. بل ان الشيخ طرده بعد فتره من الحادثه من العشيرة باكملها...

بعد وقت.. مجلس النساء في بيت الشيخ

تجلس مسترخية في مكانها... تنصت اليهن بفكر سارح احيانا.. تتأمل خالتها مهين الجالسه بوقار بجانب خالتها نرجس يستمعن باشفاق لشكوى احدى النساء اللاتي يحضرن لمجلس النساء احيانا طلبا للعون و المساعدة... تعود و تنظر لخالتها مهين.. تتأملها فترى فيها... حبيب قلبها جاسر.. تتنهد وهي تسدل اهدابها تخفي لوعتها و اشتياقها... يشبه والدته كثيرا.. الا انه بجمال رجولي آخاذ.. تشعر ان تأثيره لا يزال يسبي قلبها..كأنها تلك المراهقه التي كانت تتوارى دوما تراقبه.. تتنهد مرة أخرى ودعوة و أمل يداعب قلبها المتوله ان يجمع الله بينهما برضاه و رضى والدها.. تعيش على هذا الامل... بل تصبر قلبها و تمنيه فهذه دعوتها...

تعود و تنتبه لاحاديث صبا و سارة بجانبها.. ..
- امجاد بعدها هنا؟ ماراحت؟ تساءلت صبا وهي تتأمل امجاد الجالسة بجانب ام حامد التي لم تترك حلية ذهبيه الا و ارتدتها.... فتجيبها سارة وهي تتأمل جلوس امجاد مع زوجة ابيها
- الظاهر باقية حد ما تخلص العطلة مالت بناتها.. سمعت راح تستقر يم اخوها ب****.. فتومىء صبا ونظره مستغربة ما ترتسم في عينيها... تعود و تسأل سارة وهي تشير برأسها

- شعجب خالتج ام حامد جايه...فترفع دلال رأسها تتأمل ام حامد من جديد.. و تشعر بالنفور الشديد تجاهها.. تتذكر نظراتها الحارقه المستهينه بها قبل قليل.. فيزداد نفور دلال .. كره متبادل تشعره في محله.. لكنها الاعراف من تجمعهم الان تحت سقفا واحد..فأم حامد اوضحت بصلافة ان لاعلاقه لها بطرد حامد من العشيرة.. هي زوجة الشيخ و ابنة عمه.. و اعرافهم لا تنطبق عليها.. لذلك لا تتهاون عن الحضور لمجلس النساء بين حينا و اخر.. اثباتا لوجودها.. ولا تنكر دلال ان لها حاشية تشابهها تجالسها .. كامجاد التي ترافقها الان كظلها

- تجي بين مجلس و الثاني ... اثبات وجود لا اكثر تقولها سارة بعدم اهتمام وهي تنظر لوالدتها و خالتها مهين... ثم تردف قائله
- امجاد يجوز جابتها...

فتبتسم دلال وهي تسمع سوأل صبا المتكرر كلما رأت امجاد او جاء ذكرها....

- الله عليج سارة احجيلي ليش طلگ ... كلما اشوفها يصير الفضول مليون... ليش نحيسه انتي ما ترضين تحجين؟

فتقول دلال وهي تتناول قطعة حلوى عربية تأكلها ببطىء متلذذ..

- والله توقعت ترجعين تسألين هالسوأل... فضولج مصيبة صبا.. فتلكزها صبا برقه وهي تقول بحنق مفتعل

- انتي سكتي بله وخليج بسرحانج ...تتنهدين و توزعين ابتسامات و نعيد عليج الشغلة كم مرة ياله تستقبلين و تتفاعلين... سكتي دلال لا استلمج.... قالتها محذره بمزاح فتضحك دلال محمرة و هي تهز رأسها عجزا عن الرد.. وتسمع صوت سارة يقول بصوت رائق وهي تتناول فنجان قهوتها

- طلعت اسرار اخوية..

- ول.. ثم تصمت فتره تحاول فهم الامر ثم تقول مستدركه بفضول اشتد

- شنو نوع الاسرار؟ وضحي رجاء.. فتبتسم سارة وهي ترفع حاجبها مستمتعه لردة فعل صبا الفضولية

- تصير غيبة.. عوفي الشغلة صبا.. فترمق صبا امجاد الضاحكه الان لحديث ما من ام حامد و تعود بأنظارها لسارة الباسمه .. تصر بفضول قاتل

- هسه غير افتهم اسرار شنو؟ يعني اسرار شغل؟ فتغرق سارة بالضحك وهي تقول مشيرة برأسها موافقه

- اي.. اسرار شغل.. الشغل الخاص الي المفروض ما ينحجي بره الغرفه... فتبهت صبا و تعض دلال شفتيها حرجا وقد فهمت الامر فترفع صبا اصبعها تشير بأتجاه ما

- اسرار ال... مالت الدكتور .. فتومىء سارة و هي تشرب قهوتها.. فتقول صبا بذهول خافت

- عزه .. و الدكتور عرف؟

- غير طلگها علمود هالشغله لان كم مره امي حذرتها.. وهي كل مره تتفاخر بالشغلة بلا خجل او مستحى حد ما وصلت امي الموضوع اله توصي يعلمها.. هو هم ما قصر.... طلگ من دون ما يتردد لحظة وحده.. امجاد جانت حيل دلوعة و شايفه نفسها قالتها سارة وهي تتذكر تلك الفترة .. فتهمس صبا وهي تعود و تنظر نحو امجاد

- بس حتى لو.. احس ردة فعله قوية.. يعني يجوز ما جانت فاهمه المفروض ينطيها فرصة.. فتهز سارة كتفيها وهي تقول

- قيس ما عنده شقى بهذي السوالف... و الموضوع صراحه مقزز.. حيل استغرب على الي تكون منفتحه بهذي المواضيع حتى لو مجالس خاصة.. فتهز صبا رأسها موافقه فتقول دلال مضيفه

- اتذكر وقتها هواي حاولت ترجع.. حتى عمي الله يرحمه راد يردها

- صحيح .. بس قيس رفض تماما.. و بوقتها سمعت .. سمعت والله اعلم انه بعد فترة من طلاقه تقدم على بنية ثانية .. بغدادية من طرف عشيرتنا الثاني... بس اهلها رفضوا علمود صغيره و حضريه ما قبلو تجي لهنا.. اتذكر بوقتها ابويه الشيخ الله يرحمه عرفهم و حيل رحب بالنسب.. بس الموضوع ما تم

- اها .. قالتها صبا متفاجأه .. ثم اكملت باسمه وهي تغمز.. اخييج ما يضيع وقت عيني باردة عليه... فتكمل سارة مسهبه وهي ترتشف قهوتها

- ذيج الفترة امجاد من عرفت انهبلت... و شگد رادت تعرف البنية منو و شنو اسمها.. بوقتها قيس سد الموضوع رأسا من اول رفض و سمعت من امي انها صغيرة حيل رغم ابوي الله يرحمه رجع طلبها بس الظاهر رفضو حتى احنه ما عرفنا منو هي لان قيس رفض تماما نحجي بموضوعها .. بس احساسي قيس جان حيل رايدها

فتقول دلال بحماس شديد

- الله.. يعني حبها؟ زين البنية تزوجت هسه؟ فتبتسم سارة وهي تهز رأسها قائلة

- علمي علمج... فتعود صبا وهي تسترخي بعد ان امسكت بفنجان قهوتها هي الاخرى تستلذ به رغم برودته

- ولا توقعتها من الدكتور...فتلتفت اليها سارة عاقدة حاجبيها و تقول دلال مستغربة

- شنو قصدج؟ فتهز صبا كتفيها باسمة بمكرقائلة

- حب وحده و انرفض و يجوز بقت حسره بگلبه.. لذلك ما مستقر لحد هسه رسمي... فتنظر اليها سارة بتفكير و تهز دلال رأسها بعد فترة بأقتناع

***************

بعد ايام .. بغداد الحبيبة

تحمل بحنان بالغ ابنة أخيها فارس .. وقد ارضعتها والدتها قبل قليل بعد معاناة معها... فهي تنام كثيرا ... ولا تستيقظ بسهولة حتى فزع والدها فارس بوسواسه المعتاد حديثا و ذهب بها للطبيبه مره اخرى.. تقول حلا باسمة وهي تتأمل رغد بانبهار و قد وضعت هاتفها امامها بمكالمة مرئيه

- تجنن ايمان... اوي حبيبتي كأنها بزونه ( قطه) .. فتقول ايمان باسمه
- خليني اشوفها... قربي الكاميرا عليها لو دزي صورتها.... فتمتد يد حلا ترفع هاتفها وهي تقربه من رغد الصغيرة فتنبهر ايمان بها وهي تهمس بحنان
- حبيبتي ماشاء الله تبارك الرحمن.. الله يحفظها و تتربى بعز ابوها و جدها.. تجنن حبيبتي.. بس كأنو ناعمه كولش؟
تتنهد حلا وهي تعيد هاتفها امامها ة تحتضن رغد تقبل خدها
- اي حبيبتي نزل وزنها اول اسبوع ولو تشوفين فارس تخبل من عرف.. الحليب ما والمها صار عدها حساسية منه.. توها ياله استقرت على النوع الي جابه فارس.. و من جابه بطلت ترضع تريد بس تنام... البارحه ما تحمل رجع اخذها للطبيبه الي راح تسد العيادة من وراه... تصمت حلا وهي تتأمل مجددا رغد النائمه بعمق.. ثم تكمل وهي تنظر لايمان الصامته
- صاير بي وسواس خطية و يخاف عليها بشكل مو طبيعي.. فتومىء ايمان بتفهم حزين و تكمل حلا
- تالي امي تدخلت و بقوة.. صارلها كم يوم ترتب جناح كامل الهم و حلفت يمين عليه ما يرجع بعد لبيته و يبقى يمنه هنا حتى نساعده... فتسأل ايمان بهدوء
- و قبل؟ فتشير حلا برأسها و هي تتنهد
- بعد تهديدات من امي و اقناع من أبويه... و تردين الصدگ امي كلامها صحيح... يعني ما معقوله يعوف شغله و يگابل بنته و يگعد ...
- الله يساعده تهمس ايمان وهي تسدل اهدابها و تبتلع ريقها... يعتصر الحزن قلبها له و لطفلته التي ولدت يتيمه فتعود و تقول دون شعور
- والله الى الان ما مصدگه حنان توفت الله يرحمها... كأن امس من شفتها بحفلة تخرجج حلا... سبحان الله الموت شگد قريب منا... الله يرحمها و يسكنها الجنة.... حتى ود گلبي حيل مأذيني عليها.. فتهمس حلا وهي تضع رغد بشكل أفقي بجانبها بعد ان رتبت جيدا مكانها
- اوف ايمان والله اعصابنا كلنا تعبانه حيل.. الحمد لله على كل حال.. ود الحمد لله دا تتحسن بس نفسيتها صفر.. حيل حيل متغيره.. الله يساعدها و يشافيها من كل وجعها.. و فارس الحمد لله احسن بس يبقى ساكت .. متعب حيل حيل.. و مأذي امي وياه... عصبي و مزاجي ...حنان جانت طيبة و هادئه و ما ألوم فارس على الي يعيشه حاليا....حنان كانت ودوده و طيبه حيل.... ابد ماكانت تخالفه براي ...فارس عنده نوع من العصبيه والتسلط.. وعرفت الله يرحمها شلون تكسبه و تداريه... الله يرحمها .. تصمت حلا وقتا.. وهي تبتلع ريقها تفكر بوضعهم جميعا.. فتره غريبة .. عصيبة.. يمرون بها .... تعود و تهمس باسمه بشجن

- انتي ايمان طمنيني عنج مو على اساس تجون لبغداد؟

تصمت ايمان وهي تتشاغل بالنظر لشيء ما بكفها قائله بلامبالاة
- ماصارت...
- يعني خلصتي شغلج هنا لو شنو؟ اذا تحتاجين شي حبيبتي گولي مهاب عنده عرف هواي بالدوائر هنا... فتصمت ايمان تزم شفتيها ثم تقول بهدوء
- عندي مشاكل هنا ويه عمي علمود البستان.. فتتنهد حلا بضيق وهي تسحب هاتفها تحمله
- ياهلبستان الي ما تخلص سالفته.. يابه بيعي و فضيها عليمن مأذيه روحج.. فتنتفض ايمان تنظر بقوة لحلا عبر الشاشه وهي تقول

- لا والله ما ابيع و صارت الشغله عناد هسه.... عمي لاعب بكيفه حتى بيت بغداد الي باعه ما سلمنا غير ربع فلوسه.. و كل يوم طالع لامي بسالفه جديدة حد ما بقى بس هالبستان من ورث ابويه... حقي ما اتنازل عنه.. قالتها بتصميم غريب ملفت

- والحل؟ تبقين كل يوم عركه علمود شي انتي ما تعرفين ساسه من راسه.! ايمان حيري بدراستج و عوفي وقبل ان تكمل قاطعتها ايمان بعبرة مختنقه

- حلا الله يخليج.. غيري هذا الموضوع.. فتصمت حلا تماما وهي ترى اختناق ايمان.. بل انها ابعدت الهاتف عنها لثواني.. احترمت فيها حلا رغبتها في الابتعاد قليلا و تقبلتها... بل انها تعاطفت بشدة معها و تمنت لو كانت بجانب ايمان تخفف عنها.. تعلم اتها تعاني و تقاوم امورا كبيرة منذ وفاة والدها.. تعود ايمان و تظهر لها عبر شاشة هاتفها.. باسمه بحزن وهي تقول

- عابتلج خربتي المود كله.... حتى اتصالج صاير كئيب مثلج .. من وقت ما سويتي الحادث صرتي كئيبه .. ثم تعقد حاجبيها بشقاوة و هي تسأل حلا تغير موجة الحزن التي تشعرها كلتاهما

- المزيون شنو اخباره؟ فتصطنع حلا عدم الفهم وهي تسأل عاقدة حاجبيه

- يامزيون؟؟ فتجيبها ايمان باسمه بنصف عين

- علينا؟؟ الي حفظتي حساباته حفظ؟ ابو الدلة و الفنجان و بيت الشعر؟ فتعض حلا شفتيها تصطنع التفكير و التذكر ثم تقول بصوت رائق

- قصدج الشايب؟؟ فتغرق ايمان بالضحك... و تهز حلا رأسها تخفي ابتسامتها

- اي هو الشايب.. شلونه؟ هم اجاكم بعد؟ فتهز حلا كتفيها تصطنع اللامبالاة وهي تقول

- اجى كم مرة.. الظاهر عنده شغل ويه بابا و عمامي... فتهز ايمان رأسها بتفهم ماكر و تعود لتسأل

- يجي وحده؟ فتجيبها حلا بطبيعيه وهي تتذكره

- اي وحده.. اغلب جياته على العشى ما يطول.. ساعه ساعتين و يطلع... و مره اجى على بابا الظاهر رايحين لنفس المكان جانو... فتضحك ايمان بشقاوة وهي تهمس

- وانتي شمدريج؟ فتعقد حلا حاجبيها بعدم فهم وهي تنظر لايمان

- شلون يعني؟

فتقول ايمان موضحه بابتسامه

- شلون عرفتي رايح جاي و موصل عمو؟؟ فتنظر حلا لايمان بعمق حانق.. ثم تسترخي بمكانها تماما و تخفي نظراتها تقول بهدوء

- ادري بي من يجي لان اشوفه من شباك غرفتي.. سيارته صوتها يختلف... ارتاحيتي؟ فتغرق ايمان بضحكه مستمتعه تماما

- هذا الشايب تتعنيله للشباك و توگفين تتأملي لو اني غلطانه؟؟ ولج حلا يابت راغدة بس لا الي ببالي صحيح؟؟ تعض حلا شفتيها تكتم حنقها وهي تقول

- مو صوجج.. صوجي اني گاعدة احجيلج بعدين اني اشوفه فضول لا اكثر.. فتهز ايمان رأسها موافقه وهي تقول ضاحكه

- هو بداية الخيط.. الفضول .. فتهز حلا رأسها بيأس لكنها مع ذلك تبتسم لايمان.. لقلبها الطيب... رغم جنونها احيانا.. الا ان حس الدعابه الذي تمتلكه يريح النفس كثيرا.. فتقول لها حلا بمودة

- احب اسمع ضحكتج ايمان.. فتتنهد ايمان باسمه تصمت لوقت ثم تقول بهدوء باسم تفهم مواساة حلا المبطنه

- حياتي مخربطه حلا..لذلك تشوفيني احاول شگد ما اگدر احافظ عليها مرتبه و متزنه.... تصمت وقتا ثم تكمل ببطىء متردد

-قدمت على وظيفه و راح اباشر ببداية الشهر... فتشهق حلا متفاعله

- توج تحجين؟ فتبتسم ايمان ثم تعود و تسمع صوت حلا المتسائل

- و الماجستير ايمان؟ تتنهد ايمان ثم تقول بهدوء

- يجوز اكتفيت من الدراسة حلا.. الحياة هنا تختلف عن بغداد.. وعمي حيل مضيق عليه... ايراد البستان يوم عن يوم يقل و كلما اسأله يگولي الموسم مو شي رغم اني اعرف الكلام مو صحيح هو يسوي هيجي حتى ابيع و اخلص...ما ابقى اني انتظر يتعطف عليه كل راس شهر حلا.. ولو الحمد لله الخير موجود.. بس مهما كان الحياة غالية و اني لازم افكر للابعد... تصمت ايمان مفكره بوضعها الراهن.. بعمها الذي لا تفهم شخصيته... فهو امام الناس الرجل الفاضل.. حسن الخلق.. المراعي لحرمات الله عز وجل.. و معها تراه انسان اخر.. مليء بالتناقضات المنفره.. تسمع صوت حلا متسائلا

- تندمتي ايمان لان تركتي ضيغم؟؟ فتجيبها ايمان بثقه تامه

- بالعكس.. وكلما تمر ايام اتأكد قراري كان صحيح.. ضيغم يحب زوجته..ولا لحظة التفتلي و شافني زوجة... و حتى مصاب فقده لابنه حسب ماسمعت قوى علاقته بزوجته اكثر وهذا هو المفروض.... اليحب وقت الحزن لازم يكون ظهر و سند للي يحبه حلا.. وضيغم رجال و النعم منه.. يجوز اني لو حبيته كان دافعت اكثر عن زواجنا... و تمسكت بي... لان رغم قسوته و صلابته.. رجال تعتمدين عليه.... ما تخافين وانتي بجانبه وهذا اعز و الذ شعور...قراري كان صحيح و ما نادمه عليه ابد.. الله يسعده ويه زوجته و يعوضهم خير .. فتهمس حلا لها بمودة باسمه

- ويعوضج انتي هم كل الخير فتعود ايمان و تضحك قائله

- يعوضني بشايب مزيون گولي امين... فترمقها حلا بنظره ما.. تغرق من اجلها ايمان بالضحك اكثر

بعد وقت

تقف مستعدة وهي تهمس لياسر الذي كان يسندها بخطواتها ..

- ما مصدگه راح اخلص و ارجع امشي براحتي... احس شايله جبل گوه اتحرك.. فيلمها ياسر اليه اكثر وهو ينزل درجات منزلهم معها ببطىء.. وجهتهم المستشفى حيث سترفع الجبيرة.. تشعر بياسر صامت.. واجم غارقا بأفكاره فتسأله بحذر

- توديني يم ود بعدين؟ فتشعر بتصلبة التام ثم يهز رأسه بهزه خفيفه وهو يقول بهدوء

- مو مشكله.. بس ما نطول لان عندي شغل حلا.. فتومىء حلا برضى موافقه.. ثم تعود و تسأل بفضول وهي تراه يقودها نحو باب الخروج

- شوكت تطلع من المستشفى؟ فيجيبها ياسر بهدوء بارد وهو يشتعل في داخله حرفيا لذكرها
- يجوز باجر.. وضعها تحسن شوية الحمد لله... تصمت حلا وهي تراه يفتح باب سيارته لها... يجلسها في المقعد الأمامي فتراقب ملامحه وترى بوضوح تباعده.. تعلم ان أموره عالقه مع ود.. فالاحداث الاخيرة ساهمت في تأخير ارتباطه وهو على ما يبدو منزعج لذلك..
يجلس بعد وقت صامتا يقود بهدوء فتلتفت اليه حلا باسمه بتساؤل
- ليش احسك ضايج ياسر؟ بابا مو وعدك قبل ما تسافر ود راح تكون زوجتك؟ فيومىء ياسر بموافقه وهو يقول
- و حجزت تذكرتي و تذكرتها .. وعقدنا ان شاء الله خلال هليومين ...فتلتفت حلا متفاجأه
- صدگ ياسر؟ يعني اتفقتوا؟ فيهز ياسر كتفه بعدم اهتمام يقول بهدوء و هو ينظر اليها
- متفقين من زمان بس تدرين بود تقدم خطوة و ترجع عشرة.. فتبتسم حلا وهي تنظر اليه تستغرب اصراره و تصميمه حتى بعد تعرض ود لحادث الاحتراق.. تسأله ترجو صراحته
- تحبها ياسر؟ تصميمك غريب و يثير الإعجاب... فيبتسم ياسر ابتسامة مشتعله وهو يلتفت الى نافذته يتذكر لقائهما الاخير و يزداد حنقا.. ود لو انها كانت حلالا له وقتها...
و تفسر حلا صمته وابتسامته إجابة صريحة لا تحتاح الى تفسير بشرح لغوي واضح... ولم تكن تعلم انها كانت حربا باردة بدأت بين الاثنين... ياسر المصمم و ود الرافضه التي باتت ترى الارتباط فرصه فقط للخروج من العراق مع والدتها... فهذا شرط وضعه والدها ايضا

يعود ياسر و يغرق بتفاصيل لقائه الاخير بود.. ملامح وجهها لا تبرح باله .. محمرا مشدودا.. ملتمعا بفعل المراهم.. و كل هذا لم يلتفت له.. الذي لفت انتباهه فقط هي تلك النظرة التي رمقته بها.. نظره جديدة لم يرها سابقا... حتى قوة كلامها كان امرا غريبا جديدا عليه.. رغم انها كانت تتحاشى التقاء النظرات... الا ان قوة غريبة كانت تشع منها... تذكر شروطها.. شرطها الأول فابتسم ساخرا وهو يلتفت مجددا نحو نافذته.. يسحب نفسا عميقا مهدئا و ينفثه ببطىء ... يحاول ان يرتب افكاره.. فمعها باتت خطط اخرى.. تثيره

ذات الوقت.. غرفة ود في المستشفى

تجلس وحدها فقد غادرتها والدتها كي تغيير ملابسها و تعود اليها بعدها.... وقد تبادلت مع غفران التي جاءت بصحبة مهاب و والدتها شهناز قبل وقت.. والدها لم تره منذ الامس.. بعد ان اخبرها ببرود ان خروجها من المشفى بات وشيكا.. وان كانت تنوي المغادرة مع والدتها فعليها ان توافق على ياسر و تنهي امر عقد القران الذي اخذ وقتا اطول من المفترض..... وهي.. ود... لم تجادل اكثر.. فهي تقدر و بشدة تعب والدتها الان.. تراها امامها تذوي رغم مقاومتها.. تحيطها بالعناية و الاهتمام لدرجة تبكي لها ود كثيرا.. رغم مرضها و تعبها.. رغم اتصالات السفارة و اطبائها.. كانت تحيط ود بكامل الامومة و الحنان.. خاصة عندما تضع يدها على صدر ود تقرأ عليها بعض الايات الكريمة عندما تصاب ود بالاكتئاب و تدخل في نوبة بكاء غير مفهومة لوالدتها..

تعود ود و تسترخي وهي لا تتخلى عن حجاب رأسها الابيض.. تفكر و تفكر.. بل تجهد عقلها بالتفكير.. تزن امورها.. و تشعر مجددا ان الخلاص لها سيكون مع والدتها.. لاشيء يبقيها هنا.. تشعر ان هناك ود جديدة ولدت من مخاض تجربة الحريق المؤذي لها.. لم تطلب منذ ادراكها لما تعانيه ان تنظر لنفسها.. تستكشف مدى تشوه حروقها و مدى عمقها.... بل ان الامر كله لا يهمها.. لايهمها وهم يخبرونها انها لا تعاني من حروق ظاهره.. ربما بعض الحروق البسيطة في ظاهر كفها.. فخذها.. لا اكثر.. لا يهمها ابدا.. فهي تعلم .. بل تدرك جيدا.. ان الحرق.. واثاره.. وجدت بل حفرت حفرا الان في داخلها.... رات الموت بعينها.. رأت العذاب بعينها.. و يقشعر بدنها الان ككل مره للذكرى .. و تغمض عينيها لوهلة.. وبهدوء و بطىء شديد تصحبه سكينه غريبة.. تبدأ بألاستغفار .. وحديث نفسا.. يقودها

تتذكر اخر حديث مع ياسر.. هنا.. بين جدران هذه الغرفه منذ ايام.. فتغيم عيناها.. واحساسا مختلفا ككل مره عندما تتذكره يداهمها.. ترى به الماضي الذي تبذذل جهدها كي تنساه.. فينقسم احساسها بين كره و رغبة لتغير مسار افكاره عنها.. اثبات امرا له و لنفسها بعدها..

قبل ايام

صوتها ثابتا و واضحا وهي تقول له

- نعقد بطلاق مشروط..
- عفوا؟ تساءل ياسر عاقدا لحاجبيه وقد التمعت عيناه الرمادية بعدم فهم.. فأجابته ود شارحه
- تعقد عليّه و اول ما استقر يم ماما تطلگني..
وقتها صمت قليلا يراقبها.. يراقب كفها الملفوف مجددا والذي علم من والدتها انهم فور فك ضماداتها أسرعت للحمام تغسل الأجزاء الظاهرة بالماء نفورا من أمرا فسره الجميع انها ردة فعل طبيعيه بعد الحرق و السلخ..

يقول لها ساخرا متسائلا
- أعقد عليج و اول ما توصلين افسخ؟ تتوقعين اسويها ود؟ فتصمت تتجاهل سوأله فيكمل دون اهتمام
- شرط مرفوض و ما يجوز شرعا.. لان نيه الطلاق مبيته.. و يستمتع كثيرا وهو يرى عضها لباطن شفتيها بقوة.. تسارع انفاسها احتداما لصراعا ما ذاتي يود لو يكشف اسراره.. مجنونه ان ظنت انه سيتخلى عنها.. خاصة الان... وهو يظن ان الصدمة هذه قد قضت على بقية ثقتها بنفسها...
يسمع صوتها مره اخرى محتدا قليلا رغم خفوته..
- ما اريدك ياسر و انته هم ما تريدني ليش تورط نفسك ويايه.. خليني اروح ويه امي لا توگف بطريقي.. فيقاطعها بهدوء جاد
- ما تخطين بره العراق الا وانتي على ذمتي و علاجج اني اتكفله مو خالتي.. ود... قبل الحادث اتفقنا و ما تغير شي فتقاطعه بجدية
- اني تغيرت.. فيلتفت اليها يرمقها بتفحص.. يريد ان يفهم ما تعني لكنه مع ذلك قال بوضوح
- شفت مستشفى ب*** ويذكر دولة اجنبية ما .. حرگ الي ببعض الاماكن ربما يحتاج ترميم خاصه بالفخذ.. فتلم ود دون شعور ساقيها و يشتد جذعها... هل قرأ تقريرها الطبي؟ بأي حق و اي صفة؟؟ تهمس له بنفور
- امي موجودة تتكفل بكل شي مشكور.. فلا يجيبها ينوي المغادرة وقد أطال المكوث عندها.. فتعود ود بأصرار
- ياسر لا تحرج نفسك و تحرجني.. تريد نرتبط توافق على شروطي
-يا شروط.. انتي من كل عقلج؟؟شرطج الاول مرفوض و غير مقبول شرعا.. فتهز ود كتفيها بعدم اهتمام .. تتحاشى النظر .. يعود صوت ياسر مؤكدا

- شرعا ما يصير عقد الزواج هذا... راح يكون باطل انتي شنو على منو تضحكين؟ فتعود و تقول له بهدوء بارد
- عندك الشرط الثاني.. اختار بيناتهم...
- انتي تخبلتي؟؟ صار لعقلج شي؟ شنو نمتي و گعدتي و طلعتي بهلشروط التعبانه.. لا الأول ولا الثاني... الاول شرعا ما يجوز و الثاني هم جزء منه ما يجوز.. شلون يعني ما اقرب منج؟ غير مرتي؟ لو متأثره بالافلام ود؟ زواجنا اني جاد بي تمام الجديه... زوجة بشرع الله و دينه لذلك الجزء الثاني من الشرط هم مرفوض.... اني مالي رغبة اتزوج وحد ثانيه.... انتي كافيه ان شاء الله

قالها وهو ينظر اليها بجديه وقحه اثارت غيظها ...

فتعود ود ببرود شديد.. تقول له وهي تسند ظهرها على سريرها الطبي
- براحتك... اني بهذي الحالة ماعليه كل عتب بعد..
فتحتد نظرات ياسر ... تحترق بشدة... ينهض واقفا بعد وقت قضاه في تأملها...ينحني عليها هامسا بشيء ما... فتتصلب تماما ...تراه يغادرها بتكاسل فتحتقن عينيها و تسيل دموعها..... كرها له وقتها ..

والان تعود و تفكر مجددا بقوله لها همسا ان القرار بيدها..خيرها بين القبول و بين فضح بعض امورها لوالدتها.. و تتذكر والدتها.. بكل نقائها و صفائها.. وذلك النور الجميل الذي تبصره دوما بها يحيطها.. هل عقد قرانها به هي العقبه الوحيده حتى تكون مع جنتها..؟ اي ثمنا بخسا هذا؟

فتسحب هاتفها بهدوء شديد تتصل بعمها احمد.. ولاول مره.. تتصل بعدها بوالدها تبلغه بنفسها قرارها.. تخبره انها موافقه.. وتريد ان يعقد قرانها باسرع وقت.. فهي لا تريد تعطيل والدتها اكثر..

**************************

عصرا.. احدى المقاهي الانيقة.. قسم عائلي....بغداد الحبيبة

تجلس امامه بهدوء باسمه.. تتأمل المكان حولها وهي تقول

- دائما ذوقك راقي مهاب.. هالمقهى جديد؟

يبتسم مهاب باناقه وهو يتقدم بجلسته ينظر حوله و يعلم ما تقصد

- جديد.. وحبيت نجي سوى اني وياج.. فكرتهم حلوه.. مكتبه بنص المقهي و الكتب على فكرة اصدارات حديثه تتغير كل فترة.. تومىء غفران برأسها وهي تنظر حولها باسمه ثم تعود و تنظر نحو مهاب الذي كان سارحا بكوب قهوته الذي وضع امامه منذ فتره.. تهمس له وهي تشعر انها بدأت تتقلبه كشريك.. تشعر ان الحواجز بينهما ترفع دون قصد.. مهاب شخصية جميلة تستحق

- مهاب ممكن اسألك سوأل.. بس ما اريد تفهمني غلط؟ يبتسم مهاب وهو يداعب باصبعه حافة كوبه وهو ينظر لغفران.. جميلة.. ورقيقه.. كالنسمة.. يخفض بصره وهو يقول

- ليش افهمج غلط؟ سألي براحتج

-ليش ما تزوجت لحد الان.. وانته عبرت نص الثلاثين .. ولو ما مبين عليك.. الي يشوفك يفكر انته نهاية العشرينات.. فيضحك مهاب وهو ينظر اليها بعمق..

- شكرا على المجاملة.. فتسرع غفران وهي تضع كفها على كفه لاول مره وهي تبادر بالقول

- لا والله.. لا تعتبرها مجاملة .. شكلك حلو و اشب و اني احب هالشي.. تبقى نظرات مهاب مركزه على كفها الناعم شديد الترافه..فيقول لها مجيبا متنهدا

- ما تزوجت لان حبيت وحده قبل... حبيتها من جنا سويه بالكلية.. رفع انظاره لغفران فرأى سحبها لكفها وهي تنظر اليه باهتمام.. فأكمل باسما

- تعلقت بيها حيل وهي هم.. وبقينا حد ما تخرجنا على علاقه.. بس الاحداث السياسيه ماكانت مستقره بوقتها.. سافرت.. رغم اني تقدمتلها.. و مو مره... اكثر من مره ... انتي بوقتها جنتي لاهيه بعالم ثاني قالها ضاحكا وهو تعلم ما كان يقصد.. و بمن كانت مشغوله.. فتسدل انظارها وهي تبتلع غصة مؤلمه لطالما تشعرها كلما جاء ذكره ولو مرورا.. يعود مهاب و يكمل وهو يتأملها

- يمكن المغريات كانت اقوى من حبها الي.. بس الاكيد ما جانت قسمتي ... عرفت بعدين انها استقرت ببلد اجنبي.. و تزوجت ورى ما وصلت هناك بفترة.. يصمت وقتا مفكرا ثم ينظر مره اخرى يتأمل غفران قائلا

- احيانا غفران.. الانسان من كثر مايحب شخص و يتعلق بي.. يفكر ان الحياة ماراح تستمر بدونه ان ابتعد عنه او فقده... لكن هالشي مو صحيح.. الحياه ما توگف عند احد.... نتأذى.. نتألم اكيد.. بس حياتنا تستمر و بأيدنا نصنع سعادة جديدة.. بأيدنا نخلق عالم جديد نعيشه.. عمرها الدنيا ما وگفت عند نقطة محدده الا اذا احنه ردنا هالشي و رفضنا نتخطى.. الحياة حلوة.. تستحق نعيشها..

تبلل غفران شفتيها وهي ترفع بحذر نظراتها نحو مهاب.. تراه باسما يراقبها.. يعلم انها فهمت رسالته.. تهمس له وهي تتحاشى شيئا ما في داخلها.. ترفض امرا ما يرهقها..

- يعني انته تخطيت تجربتك؟ يمكن انته هم ما حبيتها صدگ؟

- تخطيت و الدليل انتي گدامي غفران... لو عندي ذرة مشاعر ماكان هالوجه الجميل الحسن گاعد گدامي.. صحيح ما ارتبطت وراها.. يمكن لان انشغلت بتكوين نفسي بعيدا عن والدي و ادركت حقيقة ان اختيار الشريك امر مو سهل.. لا ن هذي حياة و عمر.. لازم نختار الشريك الصح الي يكمل ويانه.. مو الي يترك على نص الطريق... هسه اني وياج.. رغم كلشي اتمنى نبدي حياتنا صح.. اجابها باسما متمعنا فيها.. تصمت وهي تعض شفتيها.. تشعر بسهاما تصوب نحوها.. مهاب لا يستحق .. تعود و تسمع صوته جادا.. باسما رغم الموضوع الشائك

- لذلك يابنت عمي.. اريدج تكونين صادقة ويايه.. طالما فتحنا هذا الموضوع.. و طالما ثنينه نريد نبدأ من جديد.. انتي عندج رغبه يتم هالزواج؟ لو بعدج واگفه عند نقطة معينة ما گادره تتخطيها؟ فرصتج تصارحيني لان گدامنا حياة.. حياة اتمنى تنبني صح.. صارحيني اني جدا منفتح.. بس من تصيرين بيتي راح تكونين مرتي.. جزء مني.. جزء كامل يمثل نصفي الي يكملني... مستودع سري.. سندي.. راحتي و سكني... لذلك صارحيني.. واني متقبل كولشي منج.. لان افهم.. اني الي افهمج غفران.. من تصيرين ببيتي.. مرتي.. ماراح ارضى بالتقصير.. ولا راح ارضى بأي عذر.. احجليلي و اني وياج بكل قرار

وتصمت غفران.. وخفقات قلبها تدوي دويا متعبا مرهقا لها .. وحرارة ما تنتشر في وجهها.. تبتلع بالكاد ريقها وهي تشعر بصخبا و تخبط افكار يغرقها.. مهاب محق.... بيدها امرها.. لا بيد غيرها.. هل تنفض عنها عباءة الضعف و تنتفض لمشاعرها.. هل تخبرهم انها لاتزال على العشق ورغبة الوصال لذاك الغائب... هل تخبرهم انها تريده.. ان فراقه يشقيها.. جنون فقدان رائحته يتعبها و يضنيها.. ام تصمت.. تتشجع و تجمد قلبها و مشاعرها و تخطو نحو هذا النبيل الجالس امامها.. هذا الفارس الوسيم.. رجلا قل نظيره بين الرجال.. تسلمه قلبها المعطوب.. ينعشها و يحيها.. تعلم انه قادر.. يحتويها بدفء كما تحتويها الان نظرته الباسمه.. و يمتد صمتها.. و يحترم هو قرارها.. يحترم ذاك الصراع الذي يتقارع الان ببسالة و اشتداد في داخلها.. يعلم انه حشرها في زواية ما.. ضيقه بالكاد تتنفس منها.. لكنه مجبر.. هو لا يريد بقايا انثى.. يعلم انه بنفسه من تقدم لها.. انه بنفسه من رضى ان يمد يده لها.. لكنه يريدها ان تتخطى.. سيف.. بقسوته.. بجموحه و تمرده... لا يناسبها ابدا.. كانت ستكون العنصر الاضعف دوما في علاقتها معه.. لذلك اقترب مهاب بعدها مقتنعا بها.. ويعترف انه منحها فترة خطوبة كافية حتى تقرر.. بل انه صمم على ترك حرية الرفض او القبول لها.. فربما هناك اخر غيرهما هو و سيف من ينال ثقتها.. لكنها.. و ليقينه وافقت.. فعمه.. والدها.. لم يكف عن التلميح له من اجل خطبتها.. فكيف لا يظمن مهاب موافقتها

يعود مهاب ويعطف قلبه عليها.. يراها بين رحى والدها..و سيف.. تعتصر بين رغباتهما.. والده خائفا عليها.. و سيف لا يقل عنه خوفا.. يظنونها الاضعف في المعادلة.. لذلك قررا عنها..... دون علمها .... وهاهو الان.. يخبرها انه معها.. بأي قرار تتخذه.. هي صاحبة القرار لا غيرها...فأي قرار... سيختار قلبها.. و عقلها

****************************

بعد يومين... مطار بغداد الدولي

ملامحها ساكنه وهي تخطو بجانب والدتها.. ودعت توا والدها... انحنت لاول مره على يده تقبلها.. وسكون تام مريح يشملها.. لم تميز ماقال.. ولم تبصر عينيها وجوده.. كانت مغيبة.. تتنقل بين ايديهم مودعة.. حتى سعاد خالتها جاءت تودعها.. تحتضنها بحنان شعرته لاول مره.. صادق.. تقبلها و توصيها بنفسها خيرا... و عمها احمد الذي احتضنها موصيا بصوته الدافىء.. يخبرها انه سينتظرها.. ان لا تقطع به في الاتصال.. يريدها ان تعود عروسا لابنه... يزفهما بيديه هنا.... يهمس لها وهي تتذكر الان بوضوح همسه.. يريد حفيدا منها.. رغبة خصها بها وحدها.. وقتها رجفة ما اخذتها.... بل عصرت قلبها و روعتها...وتعلقت به باكية حتى شعرت به يحتضنها بمحبه لم تشعرها ابدا مع والدها.. و تتسائل الان وهي ترى ياسر يسير امامها مع زوج والدتها.. مهيبا.. وسيما... كعمها.. نسخته الشبابيه.. . لما قال عمها احمد ذلك؟؟ لماذا خصها هي دون غيرها بهذه الامنية.. غفران ايضا عروس مهاب.. و فارس قد جاء توا بأول حفيده.. لماذا قسى عليها عمها بطلبه هذا... هل قرأ رفضها لياسر عند عقد قرانهما؟ هل قرأ شرودها و ابتعادها عنه وهو يقبل راسها محتضنا خصرها..

كان عقد قرانا هادئا غريب صممت ان يكون قبل ساعات من سفرها... في بيت عمها احمد...

تجمعا خالي من مظاهر الفرح... بسبب حزنهم على حنان زوجة فارس و بسبب وضعها ..وجهها المشدود المحمر قليلا بحرقة مزعجه.. خالي من اي زينة .. و ثوبها بسيط متسع باكمام طويله يخفي احمرار و تحسس بشرتها .. لونه ابيض.... وقد صممت على حجاب الرأس ..رفضت خلعه رغم محاولات حلا و غفران.. الا انها رفضت تماما اي ملامح عرائسيه.. اكتفت فقط بحماما طويل نالته مع والدتها.. التي صممت على الدخول معها تساعدها.. وقتها لم تشعر ود بالخجل وهي تتعرى امام والدتها الباكية وهي ترى اثارا محمره كثيرة توزعت بشكل مركز على ذراعيها.. رقبتها و ساقيها.. كانت متلهفه للماء بشكل غريب مهووس... حتى استحلفتها والدتها باكية ان تكف فكثرة الماء تضرها.. جلدها متحسس جاف يحتاج الى ترطيب مكثف والماء هو العدو الاول في مثل حالتها.. حتى حرارة الماء يجب ان تكون معتدلة بل تميل للبروده.. لكن ود كانت مغيبة.. تقف اسفل الماء تبكي هالاخرى... تسمع همسات والدتها المسبحه... تقرأ عليها بصوت مسموع بعض الايات.... علها تسكن من روع ود الباكية... تمسح على رأس ود بمحبه و عطف وهي تظن ان ود باكية بسبب تشوهات جسدها... الا ان ود كان بكائها لسبب اخر... كانت تبكي توبتها... تعد الله انها ستفي بوعدها و عهدها الذي اخذته على نفسها... وكلما تذكرت لحظات الموت يزداد شهيقها... حتى سحبتها والدتها تحتضنها وهي تقبل جبينها .. تعدها و تقسم لها انها ستعود اجمل و احلى... ان كل جروحها و حروقها ستشفى... انها ستكون معها خطوة بخطوة ولن تتركها ابدا... كان اول ما فعلته فور خروجها... صلاة اطالت فيها سجودها... صلاة شعرت انها تقوم بها طائعه... مستشعره لكل لذة فيها... كانت والدتها حولها... تضع الوسائد اسفل ركبتيها منعا لاحتكاك الجلد في الارض الصلبه...خوفا من تجرحها... فكل شيء في ود رقيق هش... بشرة طفلا وليد... يخشى عليها من اي احتكاك حتى لا تتألم... وقتها اطالت كثيرا في صلاتها.. و خشوعا لذيذا تشعره... عالم جديد تسبح به.. والغريب.. الذي تتوجه له كل حواسها... هي الطمأنينه التي باتت تشعرها... الهدوء الشديد الذي يعتريها...

لحظة وقوفها امام المرآه... كانت اشد اللحظات تميزا و غرابه لها... رأت ود اخرى بالكاد تعرفت عليها... هل تبالغ ان قالت انها شعرت ان ود القديمة ماتت؟؟ احترقت؟؟؟ وان ودا اخرى وقفت امامها! بسكون مهيب غريب... ترى خالتها راغدة تدور حولها ترتب ثوبها... و حلا وغفران معها.. يعاملها الجميع برقه شديدة... يخافون عليها كأنها بلورة قابله للكسر.. حتى نطقت بموافقتها و قبولها بياسر زوجا لها.. وقتها كانت تلك اصعب لحظاتها و اغربها بالنسبة لها.... شعرت انها دخلت بقدميها عالمه المبهم .. خائفه و تعترف.. الا ان هناك شيئا ما بارد يسكن من روعها.. يخبرها ان القادم سيكون جميل..جميل.. و ياسر لم يقصر.. يده احاطت بخفه خصرها.. وشفتيه قبلت برقه خاطفه جبينها... تشعر بدفىء ذراعه وهي تحيطها فتبعد نفسها عن محيطه باصرار... تسمع همسه يسالها ان كانت بخير فتومىء فقط برأسها.. تتحاشى النظر اليه وهي تعلم انه مبهر.. بوسامته و طاقة ما ينشرها بصوته العميق الهادىء الذي يصطنع الاهتمام بها.... وتعلم انها فور اقتران اسمها بأسمه.. بدأت مرحلة اخرى جديدة من حياتها.. مرحلة تؤجل التفكير فيها.. لا تريد الان سوى الاستقرار مع والدتها و سيأتي كل شيء بعدها في حينه.. و ربما تكون خطواتها القادمه مع ياسر.. او من دونه.. حقيقه واحده ادركتها ود وقتها.. انها الان ود اخرى.. ولدت من جديد .... تحاول جهدها ان تنسى...

********************

بعد اسبوع... بغداد الحبيبة.. مساء

تجلس راغدة تحتسي شايها و بجانبها احمد.. تقول له بحنان بالغ وهي تتأمل انشغاله بهاتفه يتابع امرا ما ارسل اليه قبل دقائق

- حبيبي ما ترتاح شوية.. طول الوقت لو بره بالشغل لو بالمجلس لو يمي و تكون مشغول.. فيتنهد احمد وهو يضع هاتفه جانبا.. يخلع نظارة القراءة الطبيه وهو يمسح عينيه المتعبه قائلا

- هالطلابة مالت البنية و الولد شاغلتننا كلنا.. صاير غلط بين الشباب اول البارحه متلازمين و صاير رمي و هوسة يم بيت ابو الولد.. المهلة ماباقي عليها شي و تنتهي و اني ما مرتاح..

- والشيخ مشعان؟ تسائلت راغدة وهي تعقد حاجبيها بأهتمام..

يأخذ احمد كأس شايه يرتشف منه بهدوء وهو يقول سارحا بعض الشيء

- الشيخ ما مقصر ولا الدكتور بس الموضوع الظاهر مو سهل.. طلع ابن عمها خاطبها و متخبل.. اني ما شفته بس سمعت كلام.. جاي كم مره مسلح وهاد على بيت ابو الولد.. فتسأل راغدة بحنق منزعج

- ادري القانون وين شنو هالجهل .. بعدين الولد اخذها للبنية.... اهله و عشيرته شعليهم.. هو بهذا الوقت الشباب يتعتبون؟ يجيبها احمد مهدئا

- مجتمعنا عشائري راغدة و هاي الامور مو سهله و القانون اخر شي مع الاسف.. المده كم يوم و تنتهي.. و العشيرتين بيناتهم اكثر من هالحادثه... خايف بس لا يتهور البعض و تروح ناس بالرجلين...

- مو اكو شي اسمه فصل ؟؟ فصلوهم بالي يرضيهم و خلي السالفه تنفض.. فيبتسم احمد وهو يجذب راغدة اليه يقول لها بحنان

- اكو فصل ياعيني بس غير يقتنعون اهل البنية... خلي هاي الامور لا تشغلين بالج بيها... فارس شلونه ويه بنته؟ تتحسر راغدة وهي تبتلع ريقها تنظر لعيني احمد بحزن

- يحاول ينسى وقته اغلبه ويه بنته.. ياخذها و يروح يم اهل حنان الله يرحمها ويجعل مثواها الجنه.. والله بكل صلاة اذكرها و اسأل الله ان يغفرلها و يهون على وليدي فقدها.. فيومىء احمد وهو ينظر امامه بحزن و تكمل راغدة

- ياسر الحمد لله كل يوم يتصل بيه يطمني على وضعه و وضع ود... الف الحمد لله حيل متحسنه و متغيره حبيبتي.. بس احمد احسها هواي تبتعد عن ياسر.. حتى من يتصلون سوية... ماتقرب منه هواي و حتى ما تحب من يشاقيها... فيبتسم احمد وهو ينظر اليها مره اخرى

-لا تخافين عليهم.. راح يلگون بعضهم ...و ياسر ابد ما اخاف على ود منه... فرصة سفرها لامها احسن شي.. و اني وصيت ياسر ينطيها وقتها براحتها ولا يستعجل الزواج.. خلي ترتاح ويه امها.. فتتنهد راغدة.. وحزنا ما شفاف يملا روحها... و انقباضة قلب تلازمها منذ فترة لا تعرف لها تفسيرا او حلا..

************************

بعد اسبوع اخر.. احدى الدول الاوربيه.. عصرا

تجلس مع والدتها في حديقة المنزل الصغيرة وقد افلت شمس العصر و اقترب الوقت من الغروب... باسمه.. منشرحة الاسارير.. وقد وصلت منذ يومين الى هنا.. حروقها تشافت عدى حرق تم ترميمه في احدى افخاذها.. عانت منه قليلا... وجهها صافي ملتمع.. وقد استعادت شيئا من توازنها.. فالحياة هنا بسيطه و مريحة جدا.. روتينية .. واضحة و تكاد تكون ثابته.. والدتها استردت عافيتها ايضا.. بل ارتياحا جميلا بات يرتسم على وجهها وقد غادرها تعبها و شحوبها.. فبرز جمالها الهادىء المليح...

ترتشف ود كوب قهوتها الفرنسية التي ادمنتها مع والدتها وهي تتحدث عن احدى ذكريات المدرسة عندما رأت زوج والدتها يدخل المنزل و يعبر الحديقة متجها نحوهم... فعقدت ود حاجبيها وهي تنظر اليه تبحث بعينيها عن ياسر.. فترى وجوم زوج والدتها.. بل اسوداد وجهه و هو يجلس بجانب والدتها ملقيا السلام بخفوت.. فتبادر نجلاء بسوأله بعد رد السلام..

- وين ياسر مو على اساس يجي وياك؟ فيرد عليها زوجها بعد فترة صمت وهو ينظر بحذر نحو ود

- ياسر سافر توها اقلعت طيارته... فتعقد نجلاء حاجبيها و تلتفت الى ود التي استغربت الامر هي الاخرى... خلافهم قبل ساعات لم تكن تظنه ابدا انه سينتهي بسفره بهذه السرعه.. كانت حاده و جاده الا انها لم تظن ابدا انه سيتركها دون اخبارها بسفره..تنظر لعمها زوج والدتها.. فترى هناك شيئا ما في ملامح وجهه يحاول جهده ان يخفيه الا انه يفشل فيقول بهمس لود

- بنيتي.. اكو شي صار بالعراق و ياسر نزل.. ما حصل حجز الا بطيران غير مباشر .. يصمت مجددا وهو يرى ملامح ود التي فزعت تماما ... فيكمل باسف شديد لكن لا مفر.. فهي يجب ان تعلم .....

- مهاب و خالد انطوج عمرهم و عمج احمد حالته حرجه ....

يتبع...
تعليقات